ازدادت في السنوات المتأخرة العواصف التربية ونتج عن هذا ظهور أعراض تهيج الجهازين التنفسي العلوي والسفلي لدى الكثير وازدحمت غرف الإسعاف في المستشفيات بالمراجعين بسبب زيادة أعراض أمراض الصدر المزمنة والحساسية.
وخلال العواصف الترابية يتشبع الهواء بذرات الغبار التي تتعرض لها جميع الكائنات بصورة مباشرة سواء عنطريق الاستنشاق أو التلامس المباشر. وبالرغم من ازدياد وتكرار حدوث العواصف الترابية على مستوى العالم إلا أن هذا الموضوع لم يدرس علميا وبشكل كبير فيالسابق ولكن في السنوات الأخيرة ظهر عدد من الأبحاث التي تناولت هذا الجانب وذلكبسبب زيادة العواصف الترابية في العالم كله بسبب التصحر والجفاف لدرجة أن العواصفالترابية من الصحراء الكبرى تعبر المحيط الأطلسي وتصل إلى السواحل الشرقية الأمريكية. وتنتج أعراض الجها التنفسي عند استنشاق ذرات الغبار وهذا يعتمد كثيرا على حجم الذرات المستنشقة حيث أن الذرات الأصغر يكون تأثيرها أكبر على الجهاز التنفسي لأنها يمكن أن تتخطى أجهزة الفرز والتصفية الطبيعية في الجهاز التنفسي في الأنف وتصل إلى عمق الجهاز التنفسي والقصبات الهوائبة الداخلية والحويصلات. وتقسم ذرات الهواء حسب حجمها وتقاس بالميكرون والميكرون يعادل 1/مليون منالمتر.

واهتمت أكثر الأبحاث بالجزيئات التي يقل حجمها عن 2.5ميكرون (2.5(PM لأن الهواءيمكن أن يحملها لمسافات بعيدة جدا تصل لآلاف الكيلومترات كما أن احتمال وصولها إلىالرئة في حال الاستنشاق يكون أكثر من الجزيئات الكبيرة التي تعلق في العادة فيالجهاز التنفسي العلوي. ويزداد تركيز الجزيئات الصغيرة (2.5PM) خلال عواصف الغباربنسبة قد تصل إلى 200%. وحتى يتخيل القارىء المقاسات التي نتحدث عنها فإني أود ذكرمثال هنا وهو أن محيط شعرة الإنسان يقدر بحوالي 50ميكرون.
الأبحاث الحديثة أظهرت أن الغبار ليس فقط مزعجا للإنسان ولكنه قد يكون مصدراكبيرا للآثار الصحية السيئة والمجال ما زال مفتوحا للكثير من الأبحاث. فقد حددتمنظمة الصحة العالمية أن العواصف الترابية التي حدثت في مناطق الصحراء في أفريقياعام 1996 تسببت في انتشار وبائي لالتهاب السحايا أصاب 250الف شخص بالمرض ونتج عنهوفاة 25الف شخص. وسبب انتشار المرض المعدي هو حمل ذرات الغبار للبكتيريا المسببةلالتهاب السحايا لمسافات طويلة وحين يستنشق الإنسان هذه البكتيريا بكميات كافية فإناحتمالية إصابته بالمرض تزداد. فقد استطاع الباحثون عزل البكتيريا المسببة لالتهابالسحايا من ذرات الغبار. الأخطر، أن ذرات الغبار الصغيرة (2.5PM ) والتي يمكن أنينقلها الهواء لآلاف الكيلومترات تستطيع حمل البكتيريا إلى مسافات بعيدة جدا.

كما أظهرت الأبحاث أن ذرات الغبار تستطيع حمل بقايا الخلايا والفطريات كذلك. وأظهرت الأبحاث الحديثة أن ذرات الغبار تستطيع نقل أنواع خطيرة من البكتيريا أكثرمن 40% منها يتم نقله بواسطة ذرات الغبار الصغيرة التي يمكن أن تصل إلى داخل رئةالإنسان عند استنشاقها. ونظريا، يمكن ان يؤدي ذلك إلى إصابة الإنسان بالالتهاباتالرئوية الحادة ولكن لا بد من توثيق هذه العلاقة بإجراء أبحاث أكثر لدراسة العلاقةبين الالتهابات الرئوية والعواصف الرملية. كما أظهرت الأبحاث التي أجريت في الصينوتايوان أن زيارة غرف الإسعاف والمستشفيات بسبب أمراض الرئة والأنف والقلب والتهابالعينين الرمدي ارتفعت بنسب كبيرة خلال العواصف الترابية. وحين تم دراسة تاثير هذهالجزيئات (2.5PM ) على خلايا الرئة في فئران التجارب وجد الباحثون تأثيرات غير صحيةعلى عدد من الخلايا مثل الخلايا البلعمية النخروبية (Alveolar macrophages) كماأظهرت النتائج الأولية لأبحاث أخرى أن تعريض خلايا الرئة والقلب والكبد لجزيئاتالغبار الصغيرة (2.5 (PM بتركيز عال قد يزيد من أكسدة الخلايا.

أضف إلى ما سبق أن ذرات الغبار وما تحمله من مواد عضوية وغير عضوية بتركيز عالتؤدي إلى تهيج الجهاز التنفسي العلوي والسفلي مما قد يزيد من أعراض التنفس لدىالمرضى المصابين بأمراض الصدر المزمنة كما أن الاعراض قد تظهر عند الأصحاء وتظهراعراض التحسس في الأبحاث بعد يومين من التعرض للغبار. ونلاحظ عند حدوث العواصف الترابيةزيادة اعراض الحساسية لدى مرضى الحساسية المزمنين "الربو" كما أن بعض الأشخاصيصابون بحساسية موسمية تحدث في وقت العواصف الترابية من كل عام. لذلك ننصح المرضى المصابينبالحساسية خلال العواصف الرملية بتجنب البقاء في الأماكن المفتوحة المعرضة للأغبرة،والانتظام على علاج الحساسية الموصوف لهم من الطبيب والتواصل مع الطبيب خلال هذهالفترة لتعديل جرعة العلاج اذا تطلب الأمر. أما بالنسبة لتأثير المطر على الجهازالتنفسي فقد درس بصورة أكبر، فقد وثِق علميا ازدياد حالات الربو في عدد من المدن فيالدول الغربية بصورة كبيرة. فهناك تغيرات جوية وتغيرات في مستوى حبوب اللقاح فيالجو وتغيرات في مستوى ملوثات الجو. مما سبق يمكن لنا أن نخلص إلى أن العواصفالرملية والغبار الشديد قد يسببان آثارا صحية سيئة على اكثر من جهاز في الجسم لذلكوجب تقليل التعرض لذرات الغبار بقدر الإمكان كما يجب البحث عن طرق تقلل من حودث هذهالعواصف.