من الحسن البصري إلى كل ولد آدم


• يا ابن آدم


عملك عملك


فإنما هو لحمك و دمك


فانظر على أي حال تلقى عملك .





• إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها
:



صدق الحديث


ووفاء بالعهد


و صلة الرحم


و رحمة الضعفاء


وقلة المباهاة للناس


و حسن الخلق


وسعة الخلق فيما يقرب إلى الله





• يا ابن آدم


إنك ناظر إلى عملك غدا


يوزن خيره وشره


فلا تحقرن من الخير شيئا و إن
صغر



فإنك إذا رأيته سرك مكانه.


ولا تحقرن من الشر شيئا


فإنك إذا رأيته ساءك مكانه.


فإياك و محقرات الذنوب.





• رحم الله رجلا كسب طيبا


و أنفق قصدا


و قدم فضلا ليوم فقره و فاقته.





• هيهات .. هيهات


ذهبت الدنيا بحال بالها


وبقيت الأعمال قلائد في أعناقكم





• أنتم تسوقون الناس


والساعة تسوقكم


و قد أسرع بخياركم


فماذا تنتظرون ؟!!





• يا ابن آدم


بع دنياك بآخرتك ..


تربحهما جميعا


و لا تبيعن آخرتك بدنياك ..


فتخسرهما جميعا.





• يا ابن آدم


إنما أنت أيام !


كلما ذهب يوم ذهب بعضك


فكيف البقاء ؟!





• لقد أدركت أقواما ..


ما كانوا يفرحون بشئ من الدنيا أقبل



و لا يتأسفون على شئ منها أدبر


لهي كانت أهون في أعينهم من
التراب



فأين نحن منها الآن ؟!





• إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه



يقول : ما أردت بكلمتي ؟


يقول : ما أردت بأكلتي ؟


يقول : ما أردت بحديث نفسي ؟


فلا تراه إلا يعاتبها


• أما الفاجر :


نعوذ بالله من حال الفاجر.


فإنه يمضي قدما


و لا يعاتب نفسه ..


حتى يقع في حفرته


وعندها يقول :


يا ويلتى


يا ليتني ..


يا ليتني ..


و لات حين مندم !!!





• يا ابن آدم


إياك و الظلم


فإن الظلم ظلمات يوم القيامة


و ليأتين أناس يوم القيامة


بحسنات أمثال الجبال


فما يزال يؤخذ منهم


حتى يبقى الواحد منهم مفلساً


ثم يسحب إلى النار ؟





• يا ابن آدم


إذا رأيت الرجل ينافس في
الدنيا..



فنافسه في الآخرة





• يا ابن آدم


نزّه نفسك


فإنك لا تزال كريما على الناس


و لا يزال الناس يكرمونك ..


ما لم تتعاط ما في أيديهم


فإذا فعلت ذلك :


استخفّوا بك


و كرهوا حديثك


و أبغضوك





• أيها الناس:


أحبّوا هونا


و أبغضوا هونا


فقد أفرط أقوام في الحب..


حتى هلكوا


و أفرط أقوام في البغض ..


حتى هلكوا .





• أيها الناس


لو لم يكون لنا ذنوب إلا حب الدنيا



لخشينا على أنفسنا منها


إن الله عز وجل يقول :


{تريدون عرض الدنيا و الله يريد الآخرة }(
الأنفال : 67 )



فرحم الله امرءاً ..


أراد ما أراد الله عزّ و جلّ .





• أيها الناس


لقد كان الرجل إذا طلب العلم :


يرى ذلك في بصره


و تخشّعه


و لسانه


ويده


وصلاته


و صلته


وزهده


أما الآن .. !!


فقد أصبح العلم ( مصيدة )


و الكل يصيد أو يتصيد


إلا من رحم ربك


و قليل ما هم.





• توشك العيـن تغيـض و البحيرات
تجفّ.



بعضنا يصطاد بعضاً و الـشباك
تختلف.



ذا يجئ الأمر رأسـا ذا يدور أو
يلف.



و الصغير قد يعــف و الكبير لا
يعف.



و الإمام قد يســــــف والصغير لا
يسف.



و الثياب قد تصــــون و الثياب قد تشف
.



و البغي قد تـــــداري سمــها و
تلتـــحف.



و الشتات لا يزال .. يأتلف و يختلف
.



و الخطيب لا يزال .. بالعقول يستخف
.



و القلـــوب لا تزال.. للشمال تنحرف
.



و الصغير بات يدري.. كيف تؤكل الكتف
.



لا تخادع يا صـديقي بالحقيقة
اعتـــرف.





• لقد رأيت أقواما..


كانت الدنيا أهون عليهم من التراب


و رأيت أقواما ..


يمسي أحدهم و ما يجد إلا قوتا


فيقول :


لا أجعل هذا كله في بطني !


لأجعلن بعضه لله عز وجل !


فيتصدق ببعضه


وهو أحوج ممن يتصدق به عليه !





• يا قوم


إن الدنيا دار عمل


من صحبها بالنقص لها و الزهادة فيها


سعد بها و نفعته صحبتها .


ومن صحبها على الرغبة فيها و المحبة لها



شقي بها .


و لكن أين القلوب التي تفقه ؟


و العيون التي تبصر ؟


والآذان التي تسمع ؟





• أين منكم من سمع ؟!!


لم أسمع الله عزّ و جلّ..


فيما عهد إلى عباده


و أنزل عليهم في كتابه :


رغب في الدنيا أحدا من خلقه


و لا رضي له بالطمأنينة فيها


و لا الركون إليها


بل صرّف الآيات


و ضرب الأمثال :


بالعيب لها


و الترغيب في غيرها





• أفق يا مغرور


تنشط للقبيح


و تنام عن الحسن


و تتكاسل إذا جدّ الجد !!!





• القلب ينشط للقبيح .. وكم ينام عن الحسن



يا نفس ويحك ما الذي .. يرضيك في دنيا العفن
؟!



أولى بنا سفح الدموع .. و أن يــجلبــبنا الحـــزن



أولى بنا أن نرعــوي أولى بنا لبس (
الكفــــن)



أولى بنا قتل ( الهوى ) في الصدر أصبح كالوثن



فأمامنا سفر طويل .. بــــعده يأتــــي
الســــكن



إما إلى ( نار الجحيم ) .. أو الجنان : ( جنان عدن
)



أقسمت ما هذي الحياة.. بها المقام أو ( الوطـــن)



فلم التلوّن و الخداع ؟ لم الدخول على ( الفتن )
؟!



يكفي مصانعة الرعاع .. مع التقلـــب في المحن



تبا لهم مــن مــــعشر ألفوا معاقرة (
النــــتن)



بينا يدبّر للأمــــــين أخو الخيانة ( مؤتمن )
!



تبا لمن يتمـــــــلقون و ينطوون على ( دخن )



تبا لهم فنفـــــــــاقهم قد لطّخ ( الوجه
الحسن)



تبا لمن باع ( الجنان ) لأجـــــل ( خضراء
الدمن)





• أفيقوا يأهل الغفلة


فالقافلة قد تحركت


و عند الصباح ..


يحمد القوم السّرى


{أفأمن أهل القرى أن يأتيها بأسنا بياتاّ وهم
نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى



وهم يلعبون أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر
الله إلا القوم الخاسرون } ( الأعراف : 97-99)





• لا يزداد المؤمن صلاحا..


إلا ازداد خوفا


حتى يقول : لا أنجو !


أما الفاسق فيقول : الناس مثلي كثير



و سيغفر لي ، و لا بأس علي ، فرحمة الله
واسعة



والله غفور رحيم !


أكمل يا مغرور


ولا تقل : فويل للمصلين !


{قال عذابي أصيب به من أشاء و رحمتي وسعت كل
شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة و الذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون
الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة و الإنجيل يأمرهم
بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث و يضع عنهم
إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه و اتبعوا النور
الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون } ( الأعراف : 156-157)



واقرأ يا مغرور !


{ إن رحمة الله قريب من المحسنين } ( الأعراف
: 56 )



و اقرأ يا مغرور :


{ و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحاً ثم
اهتدى }( طه : 82 )



و اقرأ يا مغرور :


{ فاغفر للذين تابوا و اتبعوا سبيلك و قهم
عذاب الجحيم } ( غافر : 7 )



و لكن الفاسق المغرور


يخدع نفسه


فيؤجل العمل


و يتمنى على الله تعالى.





• تباً لطلاب الدنيا


وهي دنيا !!!


و الله لقد عبدت بنو إسرائيل
الأصنام



بعد عبادتهم للرحمن


و ذلك بحبهم للدنيا





• و الله ما صدّق عبد بالنار..


إلا ضاقت عليه الأرض بما رحبت


و إن المنافق المخدوع :


لو كانت النار خلف هذا الحائط


لم يصدق بها ..


حتى يتهجم عليها فيراها !





• القلوب .. القلوب


إن القلوب تموت و تحيا


فإذا ماتت :


فاحملوها على الفرائض


فإذا هي أحييت :


فأدبوها بالتطوع .





• المؤمن !!! ما المؤمن ؟


و الله ما المؤمن بالذي يعمل شهراً


أو شهرين


أو عاماً


أو عامين


لا و الله


ما جعل الله لمؤمن أجلا ..


.. ( دون الموت )





• الذنوب


و هل تتساوى الذنوب؟


إن الرجل ليذنب الذنب فما ينساه


وما يزال متخوفا منه أبدا


حتى يدخل الجنة





• الدنيا .. وهموم الدنيا


و التحسر على ما فات


يجعل الحسرة حسرات.





• إن المؤمن إذا طلب حاجة فتيسرت
..



قبلها بميسور الله عزّ و جلّ


و حمد الله تعالى عليها


و إن لم تتيسر .. تركها


و لم يتبعها نفسه





• ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير و ليس
ذلك لأحد إلا المؤمن إن أصابته سراء شكر: فكان خيرا له



و إن أصابته ضراء صبر : فكان خيرا له ) .





• نعمت الدار كانت ( الدنيا )
للمؤمن



و ذلك أنه عمل قليلاً


و أخذ زاده منها إلى ( الجنة ) .


و بئست الدار كانت للكافر و المنافق



ذلك أنه تمتع ( ليالي )


و كان زاده منها إلى ( النار ) .


{ فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة فقد فاز
وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور }( آل عمران : 185 )





• إن المؤمن قوّام على نفسه


يحاسب نفسه لله عزّ و جلّ


و إنما خفّ الحساب يوم الحساب ..


على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا


و إنما شق الحساب ..


على قوم أخذوها من غير محاسبة .





• يا قوم


تصبروا و تشددوا


فإنما هي ليالٍ تعد


و إنما أنتم ركب وقوف


يوشك أن يدعى أحدكم فيجيب


فيذهب به و لا يلتفت


فانقلبوا بصالح الأعمال .





• إن هذا الحق قد أجهد الناس


و حال بينهم وبين شهواتهم


و إنما صبر على الحق :


من عرف فضله و رجا عاقبته.





• أفق يا مغرور من غفلتك


و ابك على خطيئتك.


إذا خاف ( الخليل ) ..


و خاف ( موسى ) ..


كذا خاف ( المسيح ) ..


و خاف ( نوح ) ..


وخاف ( محمد) خير البرايا


فمالي لا أخاف و لا أنوح ؟!





• و يحك يا ابن آدم


هل لك بمحاربة الله طاقة ؟!


إنه من عصى ربه فقد حاربه !





• يا هذا


أدم الحزن على خير الآخرة


لعله يوصلك إليك .


وابك في ساعات الخلوة


لعل مولاك يطلع عليك فيرحم عبرتك


فتكون من الفائزين .





• يا هذا


رطّب لسانك بذكر الله


وندّ جفونك بالدموع ..


من خشية الله


فوالله ما هو إلا حلول القرار :


في الجنة أو النار


ليس هناك منزل ثالث


من أخطأته الرحمة


صار و الله إلى العذاب .





• السنة .. السنة


وطّنوا النفوس على حبها


وتعظيمها


و الحنين إليها


فقد جاء في الأثر :


لما اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم المنبر
..



حنّت الجذع ..


كما يحنّ الفصيل إلى أمه


و بكت بكاء الصبي !!


يا عباد الله !


الخشبة تحنّ إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم



شوقاً إليه !


فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه .





• و اعلم يا هذا


أن خطاك خطوتان :


خطوة لك


و خطوة عليك


فانظر أين تغدو ؟


و أين تروح ؟





• الموت .. الموت


{ كل نفس ذائقة الموت } ( آل عمران : 185 ) (
الأنبياء : 35 ) ( العنكبوت : 57 )



يحق لمن يعلم :


أن الموت مورده


و أن الساعة موعده


و القيام بين يدي الله تعالى مشهده


يحق له أن يطول حزنه .





• يا هذا


صاحب الدنيا بجسدك


وفارقها بقلبك


و ليزدك إعجاب أهلها بها ..


زهدا فيها


و حذرا منها


فإن الصالحين كانوا كذلك .





• { كل نفس ذائقة الموت }


فضح الموت الدنيا


فلم يترك لذي لب فرحا .





• و اعلم يا هذا


أن المؤمن في الدنيا كالغريب


لا يأنس في عزها


و لا يجزع من ذلها


للناس حال


و له حال .





• و احذر ( الهوى )


فشرُ داء خالط القلب : الهوى





• و احرص على العلم


و أفضل العلم :


الورع و التوكل





• و اعلم


أن العبد لا يزال بخير


ما إذا قال.. قال لله


و إذا عمل .. عمل لله





• واعلم


أن أحب العباد إلى الله ..


الذين يحببون ( الله ) إلى عباده


و يعملون في الأرض نصحا .





• و احذر الرشوة


فإنها إذا دخلت من الباب ..


خرجت الأمانة من النافذة





• و احذر الدنيا


فإنه قلّ من نجا منها


وليس العجب لمن هلك ..


كيف هلك ؟


و لكن العجب لمن نجا ..


كيف نجا ؟!


فإن تنج منها


تنج من ذي عظيمة


و إلا فإني لا أخالك ناجيا .


ورغم هذا


فالدنيا كلها :


أولها و آخرها


ما هي إلا كرجل نام نومة


فرأى في منامه بعض ما يحب


ثم انتبه !!!





• كيف نضحك ؟


و لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا


فقال :


لا أقبل منكم !!





• يا هذا


بع دنياك بآخرتك ..


تربحهما جميعا .


و لا تبع آخرتك بدنياك ..


فتخسرهما جميعا .





• يا هذا


كفى بالموت واعظا


و رب موعظة دامت ساعة


ثم تنقضي


و خير موعظة ما دام أثرها





• نراع إذا ( الجنائز ) قابلتنا


و يحزننا بكاء الباكيات


كروعة ثلة لمغار سبع


فلما غاب :


عادت راتعات !!





و السلام





-------------------


(1) من كتاب رسائل مبكية من كلام الشيخ الحسن البصري للمؤلف فتحي
بن فتحي الجندي