تحاول دراسات كثيرة, منذ خمسين سنة، فهم طبيعة الوظيفة الإدراكية عند الطفل, وكيفية تطويرها. بمعنى آخر, الطريقة التي يتعلم بها وينمي وينظم ما اكتسبه من معارف.

حازت مؤخرا مقدرات الصغار اليافعين على اهتمام الباحثين, وأذهلت من انكب على دراسة نتائجها.

أطفالنا باختصار شديد, يتمتعون بقدرات ومواهبه ونضج مبكر. ويهتمون بالحياة، أكثر مما كنا نعتقد حتى الآن.

بعد تلك الاكتشافات راح كل شخص ينظر إلى الأطفال من منظار جديد.

الفكرة الأساسية وراء ذلك كله, هي إثبات أن الطفل ليس فقط كفوء, بل أيضا بكل لعبة يمكن أن تحرك قدراته وتساعده على تطوير ما اكتسبه من معلومات.



كيف نساعده على تنمية مقدراته الفكرية
الغرض الأول من الألعاب التي نقترحها, فضلا عن اللهو الجماعي, مواكبة نمو ذكاء الطفل. فإن أداء أية وظيفة فكرية يصبح أكثر فعالية من التحفيز والممارسة.

لا نقصد التشديد على الوظائف الفكرية , ولا على تشجيع الولد ليسبق سنه . هذه الأفكار ليس دليلاً يعلمكم كيف تحولون ولدكم إلى نابغة صغير . لكن ذلك لا يعني أن عليكم اعتماد موقف سلبي ، في مواجهة نمو الطفل الفكري ، وانتظار أن يتقدم بنفسه بدون مساعدة . كلما ساهمتم بتنويع ردات فعل ذكائه التلقائية والطبيعية , كلما زادت إمكانياته وتعمقت رغبته باكتساب المزيد .

يجب أن نذهب في تعليمه إلى أبعد من الحقائق ، إلى كيفية الاكتساب والإبداع واللعب بنشاطه الفكري . إن ترسيخ أسس تركيبة فكر الطفل ، لا يمكن إلا أن يزيد قوة البناء الذي سيرتكز عليه في المستقبل .

التربية من هذا المنظار لا تهدف إلى صنع أطفال عباقرة ، بل إلى تربيتهم في جو دافئ ومشجع ، حيث تأخذ العملية الفكرية مكانها الطبيعي . هذه العملية متعددة الأوجه .

الذكاء برأينا ليس قيمة بسيطة , ذات وجه واحد يرثها البعض دون غيره . إنه مقدرة مركبة ومتنوعة , تتألف من عناصر عدة . يشعر كل الأطفال على حد سواء برغبة في التعلم والاكتشاف . إنه فضول فكري كبير , بل ميل إلى النمو والتقدم , وإحساس بالجهد عندما يقصد من بزوغ الهدف . تلك هي القواعد التي نرتكز عليها فيما نقترح أن تفعلوه مع أولادكم . تلك الميزات يجب أن تصان وتطور , ومن الأفضل أن يتم ذلك في جو ممتع . وهل من شيء يضاهي متعة اللعب معاً .



لكل ذكاؤه الخاص

ثمة قواسم مشتركة بين الأطفال في طور النمو , وهي مرتبطة بالنضوج الجسمي والنفسي . لكن إذا استطعنا أن نجزم أن الطفل سيجلس قبل أن يمشي , فلا أحد يمكنه أن يعلم متى سيحصل هذا أو ذاك . فكل طفل يختلف كثيراً عن الآخر , وما من طفل يشبه طفلك شبهاً تاماً .

تختلف وتيرة اكتساب المعلومات من طفل إلى آخر أيضاً . ومن هذا المنطلق نشأت صعوبة التوصل إلى الجميع . من الطبيعي جداً أن ينطق بعض الأطفال قبل آخرين . لكن هؤلاء بدورهم قد يتمكنون من العد إلى العشرة في سن أبكر .