النتائج 1 إلى 10 من 10
  1. #1
    عضو جديد الصورة الرمزية gold man
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    الدولة
    الامــــــــــــ عراقي في ـــــارات
    المشاركات
    28

    Post فضل الجهـــــــاد في سبيل الله ( موضوع يبكي الحجر )

    [SIZE="4"]
    من فضائل الجهاد في الكتاب والسنة

    الحمد لله الذي شرف المؤمنين بالجهاد,وكرم الصادقين بتاج الاستشهاد ,والصلاة والسلام على خير العباد واشرف من قاتل في ميادين الجهاد وبعد :

    الى الذين تعطرت الارض بطيب دمائهم,الى الذين تناثرت اجسادهم في ساحات الجهاد والى الذين باعوا الحياة رخيصة في سبيل الله ,الى الذين قدموا جماجمهم ليبنوا صرح الاسلام والى القابعين خلف قضبان الاسر في سجون اللئام والى المخلصين من المجاهدين في ارض الرباط ,وفي غزة الاباء,الى المجاهدين في ارض العراق والشيشان وافغانستان وكل ثغر يكمن فيه مجاهد اليهم جميعا اهدي هذا العمل

    منقول بتصرف يسير كتب الله الشهادة لكاتبه ومن نشره وعمل به

    الفصل الاول :فضائل الجهاد

    المبحث الاول: درجات المجاهدين في سبيل الله

    قال تعالى : "لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (96)"[1]

    "الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ"[2].

    عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفَعَلَ ثُمَّ قَالَ وَأُخْرَى يُرْفَعُ بِهَا الْعَبْدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ قَالَ وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"[3]

    عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ" أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ فَقَالَ رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللَّهَ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ"[4]

    والمجاهدون في سبيل الله اشراف الامة وخيرها واكرمها ,وهم ذروة سنام الامر وشبه الرسول الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن الجهد هو ذروة سنام الامر ,فسنام الجمل لا يتمكن منه الا القوي في جسمه او ماله ,وكذلك الجهاد لا احد يسير فيه الا من قوي ايمانه,ورسخ يقينه,وسنام الجمل من تمكن منه فانه قد تمكن من جميع اجزاء البعير,والجهاد من خطى فيه خطوة ,فلا بد انه قد مر بمعارك مع نفسه حتى نقاها من اوزاراها ,واثقال الدنيا,وحبال ابليس.

    المبحث الثاني : الجهاد افضل الاعمال

    "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"[5]

    وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما :"لسفرة في سبيل الله افضل من خمسين حجة"[6]

    وقال انس بن مالك رضي الله عنه:"غزوة في سبيل الله افضل من عشر حج لمن قد حج"[7]

    وما يدل على هذا في حياة الرسول انه حج مرة واحدة ,ولكنه جاهد في سبيل اله مرات وحتى لحق بربه ... فالجهاد كما ثبت هو افضل الاعمال على الاطلاق بعد الايمان بالله واليوم الاخر,وهو افضل من الحج وعمارة المسجد الحرام بدليل قوله عز وجل الآية ... فسبحان الله ما ابدعه من قياس,اذ كيف يستوي من قدم عنقه لتدق في سبيل مولاه ,مع من كان جالسا فارها ينفق دريهمات حتى وان كانت في بيت الله,كيف يستوي من ارخص دماه لحماية دعوته وفكرته مع غيره اينما كان ومهما فعل.

    والجهاد افضل من الصلاة والصيام مما يدل عليه ما رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم" ما يَعْدِلُ الْجِهَادَ في سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل قال لَا تستطيعوه قال فَأَعَادُوا عليه مَرَّتَيْنِ أو ثَلَاثًا كُلُّ ذلك يقول لَا تَسْتَطِيعُونَهُ وقال في الثَّالِثَةِ مَثَلُ الْمُجَاهِدِ في سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَفْتُرُ من صِيَامٍ ولا صَلَاةٍ حتى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ في سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى "[8]

    وذكر الغزو امام احمد بن حنبل ,فبكى وقال : ما من أعمال البر أفضل منه وقال عنه غيره ليس يعدل لقاء العدو شيء ومباشرة القتال بنفسه أفضل الأعمال ,والذين يقاتلون العدو هم الذين يدفعون عن الإسلام وعن حريمهم فأي عمل أفضل منه الناس آمنون وهم خائفون قد بذلوا مهج أنفسهم."[9]

    وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال" أَيُّ الناس أَفْضَلُ فقال رَجُلٌ يُجَاهِدُ في سَبِيلِ اللَّهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ قال ثُمَّ من قال مُؤْمِنٌ في شِعْبٍ من الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللَّهَ رَبَّهُ وَيَدَعُ الناس من شَرِّهِ"[10]

    وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"[11]

    فهل بعد هذا الكلام يتسائل متثاقل انا لا اريد ان اجاهد حتى اكثرمن طاعتي في هذه الدنيا ,قبل ان اموت , فأي عمل افضل من الجهاد لزيادة الانسان من طاعاته,وهذه ليست الا من مداخل اللعين ابليس يركب بها اوهام المتثاقلين ,من يستطيع ان يصوم فلا يفطر ويقوم حتى لا يرقد؟فالله تكفل لنا بما هو اعظم اجرا وأعلى قدرا انه الجهاد من اجل الله تعالى و الصحابة الكرام الذي نهلوا من النبع الطاهر مباشرة ,صلاتهم وقيامهم لا تعدل فضل الجهاد في سبيل الله,فكيف نحن اهل المعاصي والاثام ,ووالله ما لنا مخرج ولا منجى من هذه المعاصي الا الجهاد في سبيل الله ان المعاصي رجس لا يطهرها الا الصوارم في اعناق الكفار والصحابة فهموا هذا وادركوه جيدا,لذلك كانو يتسابقون على الجهاد,فلو كان أي عمل افضل من الجهاد لكانوا هم خير البشرية تمسكوا به على حساب الجهاد.

    تشبهوا ان لم تكونوا مثلهم * ان التشبه بالكرام فلاح

    وسبب تعظيم الجهاد,لانه وسيلة لغاية متناهية في عظمها بل لا شيء اعظم منها,وشرف الوسائل يكون من شرف غايتها ,ولما كانت غاية الجهاد رفع راية الله وحماية دينه كان له هذا الشرف وهذه العظمة.

    المبحث الثالث : في ان الجهاد في سبيل الله تجارة رابحة

    "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ[10]تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ[11]يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[12]وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ[13"[12]

    "(فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) سورة النساء الآيات ابتداء من 71 – 78 ,

    فارجع إليها في المصحف الكريم لترى كيف يحض الله المسلمين على الحذر , وممارسة القتال في جيوش او عصابات فرادى كما يقتضيه الحال , وكيف يوبخ القاعدين والجبناء والمخلفين والنفعيين , وكيف يستثير الهمم لحماية الضعفاء وتخليص المظلومين , وكيف يقرن القتال بالصلاة والصوم ويبين أن مثلهما من أركان الإسلام , وكيف يفند شبهات المترددين ويشجع الخائفين أكبر تشجيع على خوض المعامع ومقابلة الموت بصدر رحب وجنان جريء ,مبينا لهم أن الموت سيدركهم لا محالة وأنهم إن ماتوا مجاهدين فسيعوضون عن الحياة أعظم العوض ولا يظلمون فتيلا من نفقة أو تضحية ."[13]

    "اِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"[14]

    " إن الدخول في الإسلام صفقة بين متبايعين . . الله - سبحانه - فيها هو المشتري والمؤمن فيها هو البائع . فهي بيعة مع الله لا يبقى بعدها للمؤمن شيء في نفسه ولا في ماله يحتجزه دون الله - سبحانه - ودون الجهاد في سبيله لتكون كلمة الله العليا ، وليكون الدين كله لله . فقد باع المؤمن لله في تلك الصفقة نفسه وماله مقابل ثمن محدد معلوم ، هو الجنة : وهو ثمن لا تعدله السلعة ، ولكنه فضل الله ومَنَّه... والذين باعوا هذه البيعة ، وعقدوا هذه الصفقة هم صفوة مختارة ، ذات صفات مميزة ... منها ما يختص بذوات أنفسهم في تعاملها المباشر مع الله في الشعور والشعائر؛ ومنها ما يختص بتكاليف هذه البيعة في أعناقهم من العمل خارج ذواتهم لتحقيق دين الله في الأرض من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام على حدود الله في أنفسهم وفي سواهم"[15]

    "قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الله ابتاعَ من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنة (وعدًا عليه حقًّا) يقول: وعدهم الجنة جل ثناؤه، وعدًا عليه حقًّا أن يوفِّي لهم به، في كتبه المنزلة: التوراة والإنجيل والقرآن، إذا هم وَفَوا بما عاهدوا الله، فقاتلوا في سبيله ونصرةِ دينه أعداءَه، فقَتَلوا وقُتِلوا (ومن أوفى بعهده من الله)، يقول جل ثناؤه: ومن أحسن وفاءً بما ضمن وشرط من الله (فاستبشروا)، يقول ذلك للمؤمنين: فاستبشروا، أيها المؤمنون، الذين صَدَقوا الله فيما عاهدوا، ببيعكم أنفسكم وأموالكم بالذي بعتموها من ربكم به، فإن ذلك هو الفوز العظيم)، الآية"[16]

    وقال ابن كثير في تفسير هذه الاية"يخبر تعالى أنه عاوض عباده المؤمنين عن أنفسهم وأموالهم إذ بذلوها في سبيله بالجنة، وهذا من فضله وكرمه وإحسانه، فإنه قبل العوض عما يملكه بما تفضل به على عباده المطيعين له؛ ولهذا قال الحسن البصري وقتادة: بايعهم والله فأغلى ثمنهم.

    وقال شَمِر بن عطية: ما من مسلم إلا ولله، عز وجل، في عُنُقه بيعة، وفَّى بها أو مات عليها، ثم تلا هذه الآية.
    ولهذا يقال: من حمل في سبيل الله بايع الله، أي: قَبِل هذا العقد ووفى به.

    وقال محمد بن كعب القُرَظي وغيره: قال عبد الله بن رواحة، رضي الله عنه، لرسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني ليلة العقبةِ -: اشترط لربك ولنفسك ما شئت! فقال: "أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم". قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: "الجنة". قالوا: رَبِح البيعُ، لا نُقِيل ولا نستقيل، فنزلت: (1) { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ } الآية.

    وقوله: { يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ } أي: سواء قتلوا أو قُتلوا، أو اجتمع لهم هذا وهذا، فقد وجبت لهم الجنة؛ ولهذا جاء في الصحيحين: "وتكفل الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي، وتصديق برسلي، بأن توفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه، نائلا ما نال من أجر أو غنيمة".[17]

    المبحث الرابع : فضل الشهداء

    المطلب الاول : الشهداء احياء عن ربهم

    "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)"[18]

    قال شيخ المفسرين في هذه الاية"عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال سألنا عبد الله عن هذه الآيات ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون قال أرواح الشهداء عند الله في طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح في الجنة حيث شاءت قال فاطلع إليهم ربك اطلاعة فقال هل تشتهون من شيء فأزيدكموه قالوا ربنا ألسنا نسرح في الجنة في أيها شئنا ثم اطلع عليهم الثالثة فقال هل تشتهون من شيء فأزيدكموه قالوا تعيد أرواحنا في أجسادنا فنقاتل في سبيلك مرة أخرى فسكت عنهم" وقال سيد قطب رحمه الله فيها "ومع أننا نحن - في هذه الفانية - لا نعرف نوع الحياة التي يحياها الشهداء إلا ما يبلغنا من وصفها في الأحاديث الصحاح . . إلا أن هذا النص الصادق من العليم الخبير كفيل وحده بأن يغير مفاهيمنا للموت والحياة وما بينهما من انفصال والتئام . وكفيل وحده بأن يعلمنا أن الأمور في حقيقتها ليست كما هي في ظواهرها التي ندركها; وأننا حين ننشىء مفاهيمنا للحقائق المطلقة بالاستناد إلى الظواهر التي ندركها . لا ننتهي إلى إدراك حقيقي لها; وأنه أولى لنا أن ننتظر البيان في شأنها ممن يملك البيان سبحانه وتعالى ... فهؤلاء ناس منا يقتلون وتفارقهم الحياة التي نعرف ظواهرها ويفارقون الحياة كما تبدو لنا من ظاهرها . ولكن لأنهم : { قتلوا في سبيل الله } ; وتجردوا له من كل الأعراض والأغراض الجزئية الصغيرة; واتصلت أرواحهم بالله فجادوا بأرواحهم في سبيله . . لأنهم قتلوا كذلك فإن الله - سبحانه - يخبرنا في الخبر الصادق أنهم ليسوا أمواتاً . وينهانا أن نحسبهم كذلك ويؤكد لنا أنهم أحياء عنده وأنهم يرزقون . فيتلقون رزقه لهم استقبال الأحياء . . ويخبرنا كذلك بما لهم من خصائص الحياة الأخرى : { فرحين بما آتاهم الله من فضله } فهم يستقبلون رزق الله بالفرح; لأنهم يدركون أنه { من فضله } عليهم . فهو دليل رضاه وهم قد قتلوا في سبيل الله . فأي شيء يفرحهم إذن أكثر من رزقه الذي يتمثل فيه رضاه؟ ثم هم مشغولون بمن وراءهم من إخوانهم; وهم مستبشرون لهم; لما علموه من رضى الله عن المؤمنين المجاهدين : { ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون . يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين } إنهم لم ينفصلوا من إخوانهم { الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم } ولم تنقطع بهم صلاتهم . إنهم { أحياء } كذلك معهم مستبشرون بما لهم في الدنيا والآخرة . موضع استبشارهم لهم : { أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } . . وقد عرفوا هذا واستيقنوه من حياتهم { عند ربهم } ومن تلقيهم لما يفيضه عليهم من نعمة وفضل ومن يقينهم بأن هذا شأن الله مع المؤمنين الصادقين . وأنه لا يضيع أجر المؤمنين ... ما الذي يبقى من خصائص الحياة غير متحقق للشهداء - الذين قتلوا في سبيل الله؟ - وما الذي يفصلهم عن إخوانهم الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم؟ وما الذي يجعل هذه النقلة موضع حسرة وفقدان ووحشة في نفس الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم; وهي أولى أن تكون موضع غبطة ورضى وأنس عن هذه الرحلة إلى جوار الله مع هذا الاتصال بالأحياء والحياة! إنها تعديل كامل لمفهوم الموت - متى كان في سبيل الله - وللمشاعر المصاحبة له في نفوس المجاهدين أنفسهم وفي النفوس التي يخلفونها من ورائهم"[19]

    وقال تعالى" وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ"[20]

    "ان هنالك قتلى سيخرون شهداء في معركة الحق . شهداء في سبيل الله . قتلى أعزاء أحباء . قتلى كراماً أزكياء - فالذين يخرجون في سبيل الله ، والذين يضحون بأرواحهم في معركة الحق ، هم عادة أكرم القلوب وأزكى الأرواح وأطهر النفوس - هؤلاء الذين يقتلون في سبيل الله ليسوا أمواتاً . إنهم أحياء . فلا يجوز أن يقال عنهم : أموات . لا يجوز أن يعتبروا أمواتاً في الحس والشعور ، ولا أن يقال عنهم أموات بالشفة واللسان . إنهم أحياء بشهادة الله سبحانه . فهم لا بد أحياء ... وهؤلاء الذين يقتلون في سبيل الله فاعليتهم في نصرة الحق الذي قتلوا من أجله فاعلية مؤثرة ، والفكرة التي من أجلها قتلوا ترتوي بدمائهم وتمتد ، وتأثر الباقين وراءهم باستشهادهم يقوى ويمتد . فهم ما يزالون عنصراً فعالاً دافعاً مؤثراً في تكييف الحياة وتوجيهها ، وهذه هي صفة الحياة الأولى ... ثم هم بعد كونهم أحياء مكرمون عند الله ، مأجورون أكرم الأجر وأوفاه :

    في صحيح مسلم : « إن أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش ، فاطلع عليهم ربك إطلاعة . فقال : ماذا تبغون؟ فقالوا : يا ربنا . وأي شيء نبغي وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك؟ ثم عاد عليهم بمثل هذا . فلما رأوا أنهم لا يتركون من أن يسألوا قالوا : نريد أن تردنا إلى الدار الدنيا فنقاتل في سبيلك حتى نقتل فيك مرة أخرى - لما يرون من ثواب الشهادة - فيقول الرب جل جلاله : إني كتبت أنهم إليها لا يرجعون » ... وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا ، وله ما على الأرض من شيء . إلا الشهيد ، ويتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات ، لما يرى من الكرامة . » ( أخرجه مالك والشيخان ) .

    ولكن من هم هؤلاء الشهداء الأحياء؟ إنهم أولئك الذين يقتلون { في سبيل الله } . . في سبيل الله وحده ، دون شركة في شارة ولا هدف ولا غاية إلا الله . في سبيل هذا الحق الذي أنزله ."[21] فيا له من فضل ,ومن لم يرد المضي في الجهاد فان الموت لا محالة مدركه ,وان مات على فراشه ويالعظم ما قاله المتنبي:

    اذا لم يكن من الموت بد * فمن العجر ان تموت جبانا

    وقال يزيد بن الحكم بن ابي العاص

    وعش ملكا او مت كريما فان تمت * وسيفك مشهور بكفك تعذر

    وقال بهلول بن بشر احد شجعان العرب :

    من كان يكره ان يلقى منيته * فالموت اشهى الى نفسي من العسل

    فلا التقدم في الهيجاء يعجلني * ولا الحذار ينجيني من الاجل

    المطلب الثاني : الشهداء صفوة الله واصدق الناس

    " منَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا "

    "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)"[22]

    فالشهداء يوم القيامة مكانهم في الجنان مع النبيين والصديقين والصالحين ,وجعل الله لهم هذه الرتبة العظيمة لعظيم ما قدموه وارخصوه في سبيل الله ويقول العز بن عبد السلام "يشرف البذل بشرف المبذول ,وفضل ما بذله الانسان نفسه وماله,ولما كانت الانفس والامول مبذولة في الجهاد,جعل الله من بذل نفسه في اعلى رتب الطائعين واشرفها,لشرف ما بذله ,مع محو الكفر ,ومحق اهله,واعزاز الدين وصون دماء المسلمين."[23]

    "انْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ"[24]

    { ويتخذ منكم شهداء } "وهو تعبير عجيب عن معنى عميق - إن الشهداء لمختارون . يختارهم الله من بين المجاهدين ويتخذهم لنفسه - سبحانه - فما هي رزية إذن ولا خسارة أن يستشهد في سبيل الله من يستشهد . إنما هو اختيار وانتقاء وتكريم واختصاص . . إن هؤلاء هم الذين اختصهم الله ورزقهم الشهادة ليستخلصهم لنفسه - سبحانه - ويخصهم بقربه ... ثم هم شهداء يتخذهم الله ويستشهدهم على هذا الحق الذي بعث به للناس . يستشهدهم فيؤدون الشهادة . يؤدونها أداء لا شبهة فيه ولا مطعن عليه ولا جدال حوله . يؤدونها بجهادهم حتى الموت في سبيل إحقاق هذا الحق وتقريره في دنيا الناس . يطلب الله - سبحانه - منهم أداء هذه الشهادة ، على أن ما جاءهم من عنده الحق ; وعلى أنهم آمنوا به وتجردوا له وأعزوه حتى أرخصوا كل شيء دونه ; وعلى أن حياة الناس لا تصلح ولا تستقيم إلا بهذا الحق ; وعلى أنهم هم استيقنوا هذا فلم يألوا جهداً في كفاح الباطل وطرده من حياة الناس وإقرار هذا الحق في عالمهم وتحقيق منهج الله في حكم الناس . . يستشهدهم الله على هذا كله فيشهدون . وتكون شهادتهم هي هذا الجهاد حتى الموت . وهي شهادة لا تقبل الجدال والمحال!"[25]

    المطلب الثالث : الشهداء وجنان الخلد

    "وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)"[26]
    ""اِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"[27]

    "فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة . ومن يقاتل في سبيل الله ، فيقتل أو يَغلب ، فسوف نؤتيه أجراً عظيماً"[28]

    وتوالت الاحاديث في فضل الشهيد وما اعده الله له ونسوق منها

    عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ لَهَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهَا أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا وَلَا أَنَّ لَهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلَّا الشَّهِيدُ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ فَيُقْتَلَ فِي الدُّنْيَا لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ"[29]
    فيا غافل ,اذا كان هذا كلام اهل الجنة بعد ان عاينوها ,وتمتعوا بحورها وقصورها ,وتمتعوا برؤية باريها فيالله كيف نحن في دار الفتن والبلاء,في دار الفساد والبوار,لانتمنى تيك الدار وهذه الموتة المشرفة ,كلها موتة واحد لماذا لا تكون في سبيل الله ,؟فلا نتمناها ونسعى اليها!!

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَإِيمَانًا بِي وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ مِسْكٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ"[30]

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ,عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ"[31]

    " فيا ايها الفار من الجهاد الركان الى الدنيا سر معي في هذه الكلام ,واسمع كلام ابن النحاس "واعلم ان الفرار –ثكلتك امك-سفرة من اسفار الموت,وحرص على ما لا يخشى فيه الفوت,ورب حياة كان سببها التعرض للوفاة ,وربَّ موت كان سببه طول الحياة,وليس للمحارب حصن من الهلاك يلجأ اله غير تاجيله اجله,ومن اجتهد في سبيل الله على الموت وهبت له الحياة ,مع حسن عمله ."[32] وكان علي رضي الله يحض على القتال ,ويقول:ان لم تقتلوا تموتوا,والذي نفسي بيده لالف ضربة بالسيف اهون من موت على فراش![33] هؤلاء الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله,قد امنوا من عظيم الاهوال والكربات ,وسكنوا باجل المحال في اعلى الغرفات ,وكرعوا من النعيم اكوابا ,وادرعوا من النعيم اثوابا,ومتعوا بجنان الفردوس مستقرا ومآبا ,وتمتعوا بحور عين كواعب اترابا ...ارواحهم في جوف طير خضر تجول في الجنان ,تاكل وتشرب وتاوي الى قناديل معلقة في عرش الرحمن ,يتمنون الرجوع الى هذه الدار,ليقتلوا في سبيل الله مرات ومرات ,لما بهرهم من ثواب الله الجزيل!! فما اقبح العجز عن انتهاز هذه الفرص ,وما انجح الاحتراز بالجهاد عن مقاساة تلك الغصص!وليت شعري باي وجه يقدم على الله غدا من فر اليوم من اعدائه,وماطله بتسليم نفسه بعد عقد شرائه,ودعاه الى جنته ففر وزهد في لقائه ,وباي عذر يعتذر بين يديه من هو عن سبيله ناكب,وعما رغبه فيه من الفوز العظيم راغب!!
    اللهم اليك يا من بيده ازمَّة القلوب نرغب في نياتها,وعليك يا علام الغيوب نعتمد في تصحيح قصدها واخلاص نياتها!والى غناك نمد ايدي الفاقة,ان ترزقنا شهادة ترضاها,وان تنيل نفوسنا من ثبات الاقدام في سبيلك مناها,فالحراك والسكون اليك,والمعول في كل خير عليك.وانت على كل شي قدير"[34]

    الخاتمة وفيها اهم النتائج من هذا البحث :

    اولا: ان سبب خذلان الامة وضعفها,انما هو بتركها الجهاد وركونها الى الدنيا,واتباعها لشهواتها,ولو انهم اتبعوا درب الجهاد,وساروا على خطى من قبلهم لم حل بهم ما حل.

    ثانيا: ان سبب تعظيم الجهاد وتعظيم فضله واجره,لانه وسيلة لغاية متناهية في عظمها بل لا شيء اعظم منها,وشرف الوسائل يكون من شرف غايتها ,ولما كانت غاية الجهاد رفع راية الله وحماية دينه كان له هذا الشرف وهذه العظمة,ومما فضل الله به المجاهدين والجهاد امور منها

    1- ان المجاهدين في سبيل الله هم اكرم الناس ,وارفع الناس,واشرف الناس,واشجع الناس,وان الله رفعهم درجات ,وجعل مكانهم في الجنان مع الانبياء,لعظم ما فعلوه وكريم ما نسجوه.
    2- ان الجهاد في سبيل الله اعظم الاعمال-بعد الايمان بالله واليوم الاخر-ولا عمل في الاسلام هو افضل منه,وذلك ثبت في الصحيح من حديث المصطفى كما سبق.
    3- ان الجهاد انما هو تجارة رابحة,وصفقة مباركة بين الله وبين من اصطفاهم لينالو شرف الجهاد ,فيحصدوا نصر او شهادة ,وامرّهما احلى من العسل.
    4- ان الشهداء في سبيل الله لهم فضل على اموات المسلمين وحباهم الله بفضائل ساقها القران وحث عليها في مواضع كثيرة ,ومنها:
    أ-انهم احياء عند الله ,وانهم يتنعمون بما اعده الله لهم,وهم لا يفتنون في قبورهم ولا يعانون سكرات الموت,وانهم يستبشرون بمن خلفهم ,ويتمنون الرجوع الى الدنيا ليقتلوا مرة اخرى لما روا من ضل الموت في سبيل الله.
    ب-ان الشهداء هم صفوة الله من خلقه,وهم من اتخذهم الله ليحبيهم بكريم ما اعده لهم.
    ج-ان الله اعز وجل قد اعد للشهداء افضل الاجر واعظمه,فيكفيك انه اعد لهم درجات ما بين الدرجة واختها كما بين السماء والارض ,فما ظنكم.
    ونختم هنا بكلمة قالها الشهيد الامام حسن البنا وما اطيب ان نسمع كلام الجهاد والاستشهاد ,ممن سار في الجهاد وانتهى الى الاستشهاد,اسمع رحمك الله يقول الامام" أيهـا الإخـوة :
    إن الأمة التي تحسن صناعة الموت ، وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة ، يهب لها الله الحياة العزيزة في الدنيا والنعيم الخالد في الآخرة , وما الوهن الذي أذلنا ألا حب الدنيا وكراهية الموت ، فاعدوا أنفسكم لعمل عظيم واحرصوا على الموت توهب لكم الحياة .
    واعلموا أن الموت لابد منه وأنه لا يكون إلا مرة واحدة ، فان جعلتموها فى سبيل الله كان ذلك ربح الدنيا وثواب الآخرة، وما يصيبكم إلا ما كتب الله لكم ، و تدبروا جيداً قول الله تبارك وتعالى : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (آل عمران:154)
    فاعملوا للموتة الكريمة تظفروا بالسعادة الكاملة , رزقنا الله وإياكم وكرامة الاستشهاد فى سبيله .

    [1]النساء 95- 96. [2] التوبة 20-22.

    [3] مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، صحيح مسلم, دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ج 3ص1501. [4] المرجع السابق برقم ج3 ص1503.

    [5] التوبة 19. [6]ابن ابي شبة, ابو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي , المصنف في الأحاديث والآثار 5/304.

    [7] المرجع السابق :5/310-311. [8] مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، صحيح مسلم, دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ج3 ص14898.

    [9] ا بن قدامة ,عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ، دار النشر: دار الفكر - بيروت - 1405، الطبعة: الأولى ج9ص164.

    [10] مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، صحيح مسلم, دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ج3 ص1503..

    [11] المرجع السابق ج3 ص1499. [12] الصف 10-13.

    [13] البنا.حسن مجموعة رسائل الامام الشهيد حسن البنا ,مكتبة العلمية للتراث,الطبعة الاولى,ص257. [14] التوبة 111.

    [15] قطب,سيد ابراهيم(ت:1387هـ),في ظلال القران,دار الشروق الطبعة الشرعية السابعة عشرة1992مـ ج3 ص 1713-1714..

    [16] الطبري, محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي(ت:910هـ)، جامع البيان في تأويل القرآن دار النشر: دار الفكر - بيروت - 1405ج14ص498.

    [17]ابن كثير ,أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي . تفسير القرآن العظيم ج4,ص218. [18] ال عمران 169-171.

    [19] قطب,سيد ابراهيم(ت:1387هـ),في ظلال القران,دار الشروق الطبعة الشرعية السابعة عشرة1992مـ ج1ص518. [20] البقرة154.

    [21] قطب,سيد ابراهيم(ت:1387هـ),في ظلال القران,دار الشروق الطبعة الشرعية السابعة عشرة1992مـ ج1ص143-144.

    [22] النساء.70,69. [23] ابن عبد السلام ,عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي (ت:660هـ),احكام الجهاد وفضائله دار الفكر ط1,ص28.

    [24] ال عمران 140 [25] قطب,سيد ابراهيم(ت:1387هـ),في ظلال القران,دار الشروق الطبعة الشرعية السابعة عشرة1992مـ ج1ص481.

    [26] محمد 4-6. [27] التوبة 111. [28] النساء74.

    [29] مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، صحيح مسلم, دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ج3


    [30] المرجع السابق ج3ص1495 [31] المرجع السابق ج3 ص1496

    [32][32] ابن النحاس,احمد بن ابراهيم ابن النحاس الدمشقي الدمياطي (استشهد 814هـ),تهذيب كتاب مشارع الاشواق الى مصارع العشاق,دار العلوم للنشر والتوزيع هذبه صلاح عبد الفتاح الخالدي ص220..

    [33] المرجع السابق ص223.

    [34][34] ابن النحاس,احمد بن ابراهيم ابن النحاس الدمشقي الدمياطي (استشهد 814هـ),تهذيب كتاب مشارع الاشواق الى مصارع العشاق,دار العلوم للنشر والتوزيع هذبه صلاح عبد الفتاح الخالدي ص224.

    [35] البنا.حسن مجموعة رسائل الامام الشهيد حسن البنا ,مكتبة العلمية للتراث,الطبعة الاولى,ص274.


  2. #2
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    الدولة
    الإمارات
    المشاركات
    304

    افتراضي

    الموضوع جميل و يستحقـــ التقدير

    تذكر ان الدال على الخير كفاعلهــ

    جزيت الجنة إن شاء الله

    تحيـــ نرجس الإمارات ــــــات

  3. #3
    عضو جديد الصورة الرمزية gold man
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    الدولة
    الامــــــــــــ عراقي في ـــــارات
    المشاركات
    28

    افتراضي

    شكرا اختي على المرور العطر اسعدني تواجدج

  4. #4
    عضو نشيط الصورة الرمزية أميرة عالم الوهم
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    الدولة
    زايـــــ دار ـــــــد
    المشاركات
    236

    Exclamation

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نرـــــ الإمارات ــــــجس مشاهدة المشاركة
    الموضوع جميل و يستحقـــ التقدير

    تذكر ان الدال على الخير كفاعلهــ

    جزيت الجنة إن شاء الله

    تحيـــ نرجس الإمارات ــــــات
    أوافقكِ الراي

    تحياتي
    أميرة عالم الوهم

  5. #5
    عضو جديد الصورة الرمزية gold man
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    الدولة
    الامــــــــــــ عراقي في ـــــارات
    المشاركات
    28

    افتراضي

    شكرا للمرور العطر

  6. #6
    عضو جديد الصورة الرمزية الرجل الأخضر
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الامارات
    المشاركات
    13

    افتراضي

    مشكورة اختي تقبلي تحياتي

  7. #7
    عضو مميز الصورة الرمزية ناثرة المسك
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    إمارات ..* بلاد الفخر ..*
    المشاركات
    1,128

    افتراضي

    الجهاد ليس في القتال فقط إنما بالجوارح
    و شكرا على الموضوع

  8. #8
    عضو فعال الصورة الرمزية مانع القحطاني
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    الامارات
    المشاركات
    253

    افتراضي

    تسلم ع الموضوع

  9. #9
    مشرف الصف التاسع
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    الامارات
    المشاركات
    573

    افتراضي

    شكرا جزيلا على الموضوع المميز

    ننتضر المزيد اختي العزيزه


    موضوع راإع وقمة الروعه


    xموفقه اختي العزيزه x

  10. #10
    عضو مجلس الشرف الصورة الرمزية فراشة علم
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    نحـن عرب زآيد آذا تبغي العلم ، يآ جآهل التآريخ أقرا حروفه .. ~
    المشاركات
    1,869

    افتراضي

    أعجبني بحق ..

    بالفعل أثر فيني جميل هذا الطرح ..

    سلمت الأيادي ... موفقين أينما كنتم ..

    ,،,

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •