صفحة 4 من 6 الأولىالأولى ... 23456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 56

العرض المتطور

  1. #1
    عضو متألق
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    الدولة
    UAE وافتخر والله
    المشاركات
    921

    افتراضي

    تفضلي اختي هذي بعض المعلومات وان شاء الله تفيدج
    كارثة..أسمها البطالة

    إنها حقا كارثة تستوجب الوقوف .. ولفت الانتباه .. فالواقع يؤكد أن معدلات البطالة فى تزايد مستمر ، الجميع يحاول البحث عن طريق للخروج من الأزمة ولكن الواضح أنه يزداد ابتعادا!!

    فى السطور التالية نحاول الاقتراب من جذور المشكلة بشكل موضوعى بعيدأ عن المزايدات وإلقاء الاتهامات فى محاولة للوقوف على تفاصيل وأبعاد القضية فى محاولة لإيجاد الطريق الصحيح

    البطالة ، بوجه عام، هى تعبير عن قصور فى تحقيق الغايات من العمل فى المجتمعات البشرية، وحيث الغايات من العمل متعددة، تتعدد مفاهيم البطالة فيقصد بالبطالة السافرة وجود أفراد قادرين على العمل وراغبين فيه، ولكنهم لا يجدون عملاً ، وللأسف يقتصر الاهتمام بالبطالة، فى حالات كثيرة، على البطالة السافرة فقط.

    لكن مفهوم البطالة، أو نقص التشغيل، يمتد إلى الحالات التى يمارس فيها فرد عملاً ولكن لوقت أقل من وقت العمل المعتاد، أو المرغوب. وتسمى هذه الظاهرة البطالة الجزئية الظاهرة أو نقص التشغيل الظاهر. ويمكن اعتبار نقص التشغيل الظاهر تنويعة على صنف البطالة السافرة.

    ويحدث فى بعض المجتمعات أن يعانى بعض من أفرادها، فى الوقت نفسه، من زيادة فى التشغيل، بمعنى عملهم وقتاً أطول من معيار معتاد لكى يتمكنوا من الوفاء باحتياجاتهم، وهو وجه آخر من أوجه اختلال التشغيل فى المجتمع.

    كذلك يمكن أن يعانى الأشخاص المشتغلون، ولو كل الوقت المعتاد، من نقص التشغيل المستتر أو البطالة المقنعة، عندما تكون إنتاجيتهم، أو كسبهم، أو استغلال مهاراتهم وقدراتهم، متدنية حسب معيار ما، وهذه أخبث أنواع البطالة، خاصة فى المجتمعات النامية. حيث نقص التشغيل المستتر هو الوجه الآخر لتدنى الإنتاجية الاجتماعية للعمل المبذول؛ أو لقصور الدخل من العمل عن الوفاء بالحاجات الأساسية، ومن ثم انخفاض مستوى الرفاه الاجتماعى الكلى، أى الإفقار؛ أو لإهدار الطاقات البشرية والاستثمار فى التعليم نتيجة لقلة التوافق بين نظم التعليم واحتياجات سوق العمل؛ أو لتحمل شروط عمل غير آدمية مثل وقت عمل بالغ الطول أو بيئة عمل مضرة؛ وكلها قسمات جوهرية للتخلف. ومن أسفٍ، أن نقص التشغيل المستتر لا يلقى العناية الواجبة فى مناقشة البطالة. ويعود هذا، أساساً، إلى الصعوبات الكبيرة التى تحيط بهذه الظاهرة، فى الفهم والقياس والتشخيص والعلاج.

    وتزداد أهمية التفرقة بين ألوان البطالة فى البلدان النامية التى لا يلتحق بالقطاع الحديث من النشاط الاقتصادى فيها إلا قلة من العاملين. حتى هذه القلة لا تتمتع بمزايا العمل، أو التعويض عن البطالة، المعتادة فى الاقتصادات الرأسمالية الناضجة (لهذا لا يستقيم، كما يقال أحياناً، أن معدل البطالة فى مصر يقل عن أوروبا مثلاً).

    يتأثر تقدير حجم البطالة في مصر بالمشاكل المفاهيمية والعجز الإحصائي بالشكل الذي ظهر فيما سبق ، حيث إن أول ما يواجهنا من عقبات عند التصدي لقضية البطالة هو قلة البيانات وعدم دقتها بشكل يقود إلى تصور إجراءات التصحيح والعلاج.

    ويمكننا تتبع تطور حجم مشكلة البطالة في مصر من خلال بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حول تقدير حجم البطالة حيث نجد أنه في عام 1960 كان معدل البطالة 2.5 % من إجمالي حجم القوى العاملة، وفي تعداد 1976 يقفز الرقم إلى 7.7 % ثم إلى 14.7 % من تعداد 1986، ولكنه وصل في 1996 8.8 %.

    على أنه من المهم هنا أن تشير إلى أن تلك الأرقام تتعلق فقط بالبطالة السافرة فهي لا تشمل البطالة المقنعة الإنتاجية كما لا تشمل البطالة الموسمية أي هؤلاء الذي يعملون في موسم معين ثم يتعطلون باقي العام كما لا تشمل أولئك الذين يعملون في حرف وقطاعات هامشية لا استقرار فيها تتسم بضعف الدخل للدرجة التي لا توفر الحياة اللائقة.

    أما بالنسبة لرقم ومعدل البطالة الحقيقية في الوقت الراهن فهناك اختلاف فيها، فبيانات الحكومة متمثلة في الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تشير إلى أن عدد العاطلين في مصر قد بلغ نحو 1.78 مليون عاطل في بداية عام 2002 بما يعني أن معدل البطالة قد بلغ نحو 9.1 % وبالمقابل تشير بيانات البنك المركزي المصري في نشرته الإحصائية والشهرية الصادرة في أبريل 2002، إلى أن عدد العاطلين في مصر ثابت عند 1.5 مليون عاطل من العام المالي 69/97 وحتى العام المالي 2000/2001 حيث بلغ 7.6 % من إجمالي قوة العمل البالغ نحو 19.5 مليون نسمه.

    وهذه البيانات بدورها تختلف عن البيانات التي أوردها صندوق النقد الدولي في تقريره لعام 2001، ولكنها جاءت معتمدة على بيانات عام 1995، وهو العام الذي تتوقف عنده بيانات صندوق النقد الدولي لعدم وجود بيانات يمكن للصندوق أن يأخذ بها للأعوام التالية لعام 1995.

    كما يمكن الوصول إلى تقدير رقم أخر لحجم البطالة يختلف عن الأرقام السابقة، ويستمد من بيانات حكومية موثقة وذلك من خلال البيانات التي أعلنتها اللجنة العليا للتشغيل برئاسة رئيس الوزراء عند تطبيقها لنظام للتعامل المتقدمين لشغل عدد 170 ألف وظيفة حكومية تم الإعلان عنها عام 2001 فقد بلغ عدد عن يسحب استمارة تشغيل نحو 7 مليون شخص أما من قام بتقديم طلب فعلي لشغل الوظيفة فقد بلغ نحو 4.40 مليون.

    وقد أشارت اللجنة الوزارية العليا للتشغيل إلى أن 53.5 % من بين 4.4 مليون تقدموا لشغل الوظائف الحكومية لا تنطبق عليهم الشروط وهذا يعني أن 46.5 % منهم أي نحو 2.05 مليون تنطبق عليهم الشروط وأولها أن يكون عاطلاً عن العمل.

    يضاف إلى ذلك أنه لو تأملنا من اعتبرت الحكومة أن الشروط لا تنطبق عليهم سنجد أنهم لا زالوا داخل دائرة من يعتبر عاطل، ولكنهم خرجوا من دائرة المنافسة على 170 ألف فرصة عمل بسبب شروط أخرى للتشغيل، حيث أن 10 % من عدد المتقدمين أي نحو 440 ألف لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم بلا مؤهلات كما أنها اعتبرت أن 6.5 % من المتقدمين أي نحو 286 ألفاً لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم من خريجي ما قبل 1984.

    كما أنها اعتبرت أن 10% من المتقدمين أي 440 ألفاً لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم يعملون في أعمال غير دائمة وغير مؤمن عليهم. كما أعلنت اللجنة أن شروط التشغيل لا تنطبق على نحو 15 % من المتقدمين أي نحو 660 ألفاً باعتبارهم من النساء، ممن هن من خريجات النظام التعليمي اللاتي تزوجن ويعشن حياة مستقرة وكأن زواج المرأة واستقرارها يخرجها من قوة العمل، رغم أنهن في سن العمل ويرغبن في العمل وقادرات عليه.

    وبناء على البيانات السابقة فإن عدد العاطلين وفقاً لهذا المصدر الحكومي يصبح 3.436 مليون عاطل (أي أكثر من ضعف الرقم الرسمي المعلن للبطالة) وهو عبارة عن 2.05 اعتبرت الحكومة أنهم تنطبق عليهم شروط التشغيل الحكومي ونحو 660 ألف امرأة مؤهلة وقادرة وطلبت العمل وهي في سن النشاط الاقتصادي، ونحو 440 ألف عاطل من غير المؤهلين ونحو 286 ألفاً من العاطلين من خريجي النظام التعليمي قبل عام 1984 أو بعد عام 200.

    وبذلك تتضح حقيقة حجم مشكلة البطالة حيث يتوقع أن حجم البطالة الحقيقي لا يقل بأي حال من الأحوال عن 17 % : 20 % من حجم قوة العمل ومما يفاقم من خطورة هذا المعدل المرتفع لنسبة البطالة إلى قوة العمل ما تتسم به كتلة العاطلين في مصر من سمات خاصة هي:

    1. أن الشطر الأعظم من كتلة البطالة يتمثل في بطالة الشباب الذين يدخلون سوق العمل لأول مرة فبناء على بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإنه في عام 1992 كان عدد العاطلين من الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 15، 40 عاماً قد بلغ نحو 1.47 مليون عاطل بما شكل نحو 99% من عدد العاطلين كما تركزت البطالة في الفئة الأكثر شباباً ممن تتراوح أعمارهم بين 15، و30 عاماً، حيث بلغ عدد العاطلين منهم عام 99 نحو 1.31 مليون عاطل بما شكل نحو 88 % من عدد العاطلين في ذلك العام.

    2. أن البطالة في مصر هي بطالة متعلمة فالغالبية العظمى من العاطلين من خريجي الجامعات ومدارس ثانوية، ويلاحظ أن نسبة المتعلمين في كتلة المتعطلين أخذه في الازدياد وهو ما يعني إهدار طاقات وموارد استثمارية تم استثمارها في العملية التعليمية دون أن ينتج عنها عائد، يتمثل في تشغيل هذه الطاقة البشرية لتصبح منتجة.

    فقد كانت تشكل نحو 76 % من جملة المتعطلين في عام 1986 أما في عام 2001 فإنه وفقاً للبيانات المستخدمة من بيانات اللجنة العليا للتشغيل فإن العدد الإجمالي للمتعطلين بلغ 3.438 مليون عاطل منهم نحو 3 ملايين متعلم مما يعني أن المتعلمين يشكلون نحو 87.3 من عدد المتعطلين.

    3. ارتفاع نسبة البطالة بين النساء ففي عام 1988 كانت نسبة البطالة بين النساء في الحضر 22.1 % مقابل 8.4% بالنسبة للبطالة بين الرجال أما في الريف فكانت النسبة أكبر من ذلك حيث بلغت 26.3 % بينما سجلت معدلات البطالة في صفوف الرجال في الريف انخفاضاً عن مثيله في الحضر، فقد بلغ نحو 6.6 %، أما إذا عدنا للبيانات التي أعلنتها اللجنة العليا للتوظيف في المذكرة آنفاً فإننا سوف نجد أن هناك 660 ألف إمرأة متعلمة وفي سن العمل وراغبة في فيه تعاني من البطالة ولا شك أن هذا الرقم عرضة لأن يرتفع بشكل كبير إذا ما أضفنا إليه إجمالي عدد النساء ممن هم في سن العمل وراغبات في العمل ولكنهم لم يتقدمن لشغل الوظائف المعلن عنها لكونهن غير متعلمين، أو لكونهن من خريجي النظام التعليمي قبل 1984 أو بعد عام 2000، وهي على أي حال من العاطلات.

    4. اتجاه معدلات البطالة للارتفاع في الحضر بعد أن كانت في فترات سابقة ترتفع بنسبة أكبر في الريف، حيث تشير بيانات تقرير التنمية البشرية 1995 إلى أن معدلات البطالة في الحضر كانت 12.5 % مقابل 9.2 % في الريف، وربما يمكن تفسير ذلك بتزايد معدلات هجرة الأيدي العاملة العاطلة من الريف إلى المدن سعياً وراء فرصة عمل وخصوصاً في القطاعات الهامشية التي تزدهر في المدن، كما يمكن إيجاد تفسير لهذه الزيادة في كون الجزء الأكبر من البطالة هي بطالة متعلمة وهي عادة موجودة بنسبة أكبر في الحضر إلى جانب قدرة قطاع الزراعة وخاصة الزراعة العائلية على استيعاب عمالة إضافية حتى وإن كانت زائدة عن حاجة العمل مما يقلل من نسبة البطالة الظاهرة في الريف مقابل زيادة نسبة البطالة المقنعة.

    أسباب مشكلة البطالة:

    ترجع أسباب مشكلة البطالة في الجزء الأكبر منها إلى أسباب هيكلية تعود إلى طبيعة نمو الاقتصاد المصري كاقتصاد نامي يعاني من اختلالات هيكلية داخلية وخارجية تتمثل في الاختلال في ميزان المدفوعات والاختلال في الموازنة العامة للدولة، إلى جانب وجود فجوة كبيرة بين كل من الادخار والاستثمار وبالتالي الإنتاج والاستهلاك.

    ولاشك أن البحث في أسباب مشكلة البطالة لابد من ربطه بنمط عملية التنمية السائدة فقد شهد الاقتصاد المصري تقلب في أكثر من نمط من أنماط التنمية فمن نمط اقتصاد الحر الرأسمالي قبل ثورة يوليو 52، إلى نمط الاقتصاد الاشتراكي الموجه مع ما صاحبه من التزام الدولة باستيعاب الجزء الأكبر من العمالة في دولار العمل الحكومي بشقيه الإنتاجي والخدمي، حيث أدي ذلك إلى خفض معدلات البطالة في تلك الفترة فرغم ما مر به الاقتصاد المصري في الفترة من 1968 إلى 1973 من صعوبات نتيجة لتوجيه وتعبئة الجزء الأكبر من موارده لصالح الاتفاق العسكري إلى جانب ما صاحبه ذلك من تدهور معدل الاستثمار المحلي إلا أن معدلات البطالة في تلك الفترة كانت تدور حول معدلات منخفضة إذا ما قورنت بالوقت الراهن (2.2 % من حجم قوة العمل) الأمر الذي قد يرجع إلى استيعاب القوات المسلحة لجزء كبير من قوة العمل مع زيادة سنوات الخدمة العسكرية.

    ومع بداية تحول الاقتصاد المصري من نمط التنمية المعتمد على الاقتصاد الاشتراكي الموجه إلى تنفيذ ما سمي بسياسات الانفتاح الاقتصادي في النصف الثاني من السبعينيات اتجهت معدلات البطالة نحو الارتفاع النسبي إلا أن هذا الارتفاع ظل في الحدود المقبولة فقد تراوح معدل البطالة بين 2.3 % و5.6 % طوال هذه الفترة حيث مكن زيادة حجم الإنفاق الحكومي في ذلك الوقت ممن إعادة الإعمار وزيادة موارد مصر من النقد الأجنبي سواء كان ذلك من البترول أو تحويلات العاملين بالخارج أو حصيلة السياحة إضافة إلى القروض الضخمة التي حصلت عليها مصر آنذاك، كما ساهم استيعاب أسواق العمالة بالخليج العربي لأعداد كبيرة من العمال والفنيين المصريين في تأجيل انفجار مشكلة البطالة إلى عقدي الثمانينيات والتسعينيات حيث شهدت فترة الثمانينات العديد من العوامل التي أدت إلى تفاقم مشكلة البطالة.

    إذ ساهمت مجموعة من العوامل الخارجية في إضعاف معدلات الاستثمار وبالتالي زيادة حجم البطالة من هذه العوامل انخفاض الحصيلة من بيع البترول المصري نتيجة لانخفاض أسعارها إلى جانب قلة حجم الصادرات المصرية الأخرى. يضاف إلى ذلك تفاقم مشكلة ديون مصر الخارجية وزيادة أعباء خدمة الدين مع ما صاحب ذلك من قيود على قدرة مصر على الاقتراض.

    كل هذه عوامل وأسباب ساهمت في تفاقم مشكلة البطالة بدءاً من عام 1991 لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي حيث اتخذت مشكلة البطالة أبعاداًً جديدة فما هو أثر تطبيقه برنامج الإصلاح الاقتصادي على مشكلة البطالة.

    ويترتب على الاعتراف بتنوع صنوف البطالة تفهّم أن للبطالة أو نقص التشغيل، فى سياق الاقتصاد الكلى للبلدان النامية، آثاراً وخيمة على الرفاه البشرى. فانتشار البطالة يحرم المتعطلين من الكسب، مصدر العيش الأساسى لسواد الناس فى هذه البلدان. واستشراء البطالة المستترة) يضغط على الأجور، وهى متدنية أصلاً، ويُقلل من قدرتها على اللحاق بمتصاعد الغلاء. وحيث يشتد وقع البطالة على القطاعات الأضعف من المجتمع، الفقراء والنساء، تُساعد البطالة على زيادة التشرذم الاجتماعى.

    وفى منظور إمكان التنمية لابد وأن يؤدى اشتداد نقص التشغيل إلى تفاقم قصور الإنتاج عن إشباع الحاجات الإنسانية، معمقاً بذلك الاعتماد على العالم الخارجى، فى الوفاء بهذه الحاجات، ومُزيداً من اللجوء إلى القروض والمعونات، لتمويل شراء هذه الحاجات، مما يُعيد إنتاج التبعية لمراكز الاقتصاد العالمى، فقط على درك أدنى من العجز، وغياب القدرة على التنافس فى المعترك الاقتصادى الدولى. وتكون المحصلة هى استفحال مشكلة التخلف فى حلقة شريرة يتعين العمل على كسرها.

    مفهوم "التشغيل الكامل"

    التشغيل الكامل هو نقيض البطالة، بالمفهوم الواسع. ولذلك فإن هدف مكافحة البطالة فى بلد نام كمصر يتعين أن يكون بناء البنية الاقتصادية والمؤسسية الهادفة لتحقيق التشغيل الكامل.

    وعلى وجه التحديد، يعنى التشغيل الكامل، توافر "عمل جيد" لكل من يطلب عملاً. عمل منتج، يوظف الفرد فيه قدرته وإمكاناته، ويحقق فيه ذاته، وتتوافر له فيه فرص النمو والتطور، تحت ظروف تتسق والكرامة الإنسانية، ويكسب منه ما يكفى لتفادى الفقر والمهانة.

    فى هذا المنظور، يتضح أن البطالة صنو للفقر، حينما يعرف الفقر حسب تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائى- بمعنى قصور القدرة الإنسانية عن الوفاء بأحقيات البشر فى حياة كريمة، والذى يرى فى الضعف الاجتماعى أو قلة الحيلة مسبب أساسى للفقر. حيث تعد القدرة على العمل رأس المال الوحيد، أو الأهم، للغالبية الساحقة من الفقراء. ورغم أن أفقر الفقراء لا يطيقون ترف البطالة السافرة، حيث يتعين عليهم التعلق بعمل ما من أجل البقاء، فإن مستوى الرفاه الناتج عن نوع الأعمال التى يقومون بها، أو ظروف العمل، تكون من التدنى بحيث لا يمكن وصفها بأنها أعمال "جيدة"، وتندرج، من ثم، تحت صنف أو آخر من صنوف البطالة.

    وبناء على ذلك، يصبح خلق فرص العمل المنتجة، والمكسبة، فى المجتمعات التى ينتشر فيها الفقر وتتفاقم البطالة وتضعف شبكات الحماية الاجتماعية، أهم سبل مكافحة الفقر، والتخلف بوجه عام.

    أزمة البيانات

    للأسف، يزداد قيد فقر البيانات عن التشغيل والبطالة بوجه خاص، إحكاماً فى مصر. ففى محاولة سابقة لتقدير موقف البطالة فى مصر، فى منتصف التسعينيات، كانت قاعدة البيانات المتاحة تشمل، بالإضافة إلى بيانات تعداد السكان، بيانات مسح قوة العمل بالعينة. أما الآن فتقتصر مصادر البيانات المتاحة على تعداد السكان الذى يجرى مرة كل عشر سنوات (تعود آخر بيانات متاحة من مسح قوة العمل بالعينة إلى عام 1995[1]). وبالمقارنة بالتعداد، يتسم مسح قوة العمل بالعينة بثلاث ميزات، الأولى أنه يجرى على دورية أقصر كثيراً من التعداد- مرة كل سنة منذ عام 1957 وكان يجرى لعدة سنوات مرة كل ثلاثة شهور، كما يجب عند الرغبة فى متابعة ظاهرة مهمة تتغير بسرعة. والميزة الثانية هى تخصص المسح فى أمور التشغيل والبطالة، مما يعنى توافر بعض الخصائص التفصيلية التى لا يتطرق إليها التعداد- مثل مدة التعطل. أما الميزة الثالثة للمسح، فتتمثل فى أن مسوح العينة يمكن، خاصة فى ظروف بلد كمصر، أن ينتج عنها بيانات أدق من عمليات الحصر الكامل الضخمة – وهناك فعلاً مؤشرات على قلة دقة التعداد الأخير (انظر مثلاً فى نسبة النوع المترتبة على بيانات التعداد).

    وعلى هذا، تقتصر قاعدة البيانات الرسمية المتاحة لنا الآن لتقييم موقف البطالة فى مصر على نتائج تعداد السكان وبقايا مسح قوة العمل بالعينة.

    وعلى الرغم من قيمته، فإن مسح قوة العمل بالعينة كان يعانى من نقائص متعددة يهمنا منها هنا أنه كان يميل للتقليل من مدى مساهمة النساء والأطفال وكبار السن فى النشاط الاقتصادى، ويقلل من تقدير مستوى البطالة السافرة (خاصة بسبب استبعاد ما يسمى البطالة اليائسة من البطالة- نتيجة لاشتراط البحث "الجاد" عن عمل خلال الفترة المرجعية للمسح). وقد قدرنا (1995) أن تصحيح آثار هذه العيوب يؤدى لزيادة معدل البطالة بما يوازى 2-4 نقطة مئوية فى مطلع التسعينيات.

    والجدير بالذكر أن التعداد يعانى من النقائص نفسها المذكورة أعلاه. بمعنى أنه يُتوقع أيضاً أن يقلل التعداد من مستوى البطالة السافرة. وإضافة، كما أشرنا قبلاً، يُنتظر أن يعانى التعداد من مستوى أعلى من قلة الكفاءة، ومن ثم، أخطاء القياس، بالمقارنة بمسح صغير الحجم نسبياً. إلا أنه، بفرض تساوى مستوى الكفاءة، فإن التعداد يتوقع أن يؤدى، لسبب فنى (الفترة المرجعية للتعداد أقصر)، لمعدل بطالة أعلى من مسح قوة العمل بالعينة، ويظهر هذا الفارق فى شكل (1) فى غالبية الفترة الزمنية التى توافر فيها المصدران.

    وزيادة على كل ما سبق، وبالتعارض مع التوصيات الدولية، وبالتنافى مع واقع سوق العمل المصرى، فإن تعداد 1996 ينهى تقليداً قديماً فى التعدادات المصرية، بقصر قياس المشاركة فى النشاط الاقتصادى والبطالة على الأفراد البالغين من العمر خمسة عشر عاماً فأكثر. فحتى تعداد 1986، كان الحد الأدنى لسن العمل ست سنوات (يلاحظ أنه، حكماً ببيانات تعداد 1986، يؤدى رفع الحد الأدنى لسن العمل إلى رفع معدل البطالة السافرة).

    وحالة البيانات عن صنوف البطالة غير السافرة حتى أسوأ مما سبق وصفه. ويصل فقر البيانات أشده فى حالة البطالة المستترة، فبيانات الكسب والإنتاجية غاية فى الضعف.

    ولا ريب فى أنه يصعب القول بجدية وجود أولوية مرتفعة لمواجهة البطالة فى الوقت الذى تتردى فيه قاعدة البيانات عن الموضوع.

    وفقاً للتعداد الأخير: البطالة (السافرة) انخفضت، لغير ما سبب ظاهر!

    فى حدود البيانات الرسمية المتاحة إذاً، يتعين أن تقتصر دراسة البطالة السافرة فى مصر على النتائج "النهائية" لتعداد 1996، التى نشرت مؤخراً. وقبل نشرها، طلب من الجميع عدم اعتبار مقاييس البطالة المستقاة من المسوح بالعينة، وكانت آخر بيانات من هذا النوع متاحة هى تلك الناتجة عن مسح قوة العمل بالعينة عن عام 1995، وأن على الجميع انتظار نتائج تعداد السكان. ولكن النتائج "الأولية" للتعداد نشرت دون أن تتضمن أية بيانات عن البطالة، الأمر الذى تم تصحيحه فى النتائج "النهائية" بنشر جداول عن الحالة العملية للأفراد البالغين من العمر 15 عاماً فأكثر.

    فى هذا المدى العمرى المختصر، يبدو أن البطالة السافرة قد انخفضت بدرجة واضحة بين التعدادين الأخيرين (1986 و 1996) من أكثر من 12% إلى أقل من 9% (الرقم الأخير أعلى قليلاً من ذلك الذى كان قد أعلنه رئيس الوزراء السابق (8.2%) قبل نشر النتائج "النهائية" بعدة شهور، مفتخراً بأنه أقل من معدل البطالة فى الاتحاد الأوروبى.

    بل إن بيانات التعداد تقول بأن حتى عدد المتعطلين قد انخفض فى الفترة ما بين التعدادين (من 1.57 مليون إلى 1.54 مليون).

    ويصعب تصديق مقاييس البطالة هذه فى ضوء الاتجاه العام للبطالة الموثق من مسح قوة العمل بالعينة ومؤشرات الأداء الاقتصادى العام فى الفترة بين التعدادين الأخيرين (1986-1996).

    فكما يتبين من شكل (1)، كانت معدلات البطالة السافرة من مسح قوة العمل بالعينة فى تصاعد مطرد حتى عام 1995 حتى قاربت 11% فى منتصف التسعينيات (ولنتذكر أن معدل البطالة من التعداد ينتظر أن يكون أعلى من مسح قوة العمل بالعينة). ويمكن، من شكل (1)، ملاحظة أن القيمة الاتجاهية لمعدل البطالة من التعدادات تمتد إلى مدى معدل البطالة المصحح لمسح قوة العمل بالعينة فى منتصف التسعينيات، حول 14-15%[2]. هذا على حين يكسر معدل البطالة المنشور من تعداد 1996، بحدة، النمط التاريخى لمعدلات التعدادات، دون تعضيد من مؤشرات الأداء الاقتصادى العام.

    فعلى سبيل المثال كان متوسط معدل نمو الناتج الإجمالى للفرد فى الفترة (1986-1996) بطيئاً- فى الواقع سالباً لبضع سنوات- حتى أنه كان أقل كثيراً من متوسط معدل النمو فى الفترة ما بين التعدادين السابقة (1976-1986) التى كان معدل البطالة فيها فى صعود مطرد، وفقاً لكلا التعداد ومسح قوة العمل بالعينة، شكل الغلاف. ويلاحظ أن اعتماد معدل البطالة المصحح لمسح قوة العمل بالعينة، يقلل من مصداقية المعدل الناتج من تعداد 1996 كثيراً.

    وبالإضافة إلى النمط العام لنمو الناتج الإجمالى للفرد، تتوافر مؤشرات على أن النمو فى الناتج يتركز، باطراد، فى أنشطة الخدمات الهامشية قليلة الإنتاجية.

    وهناك أيضاً مؤشرات على أن نمو الناتج المسجل فى فترة ما بين التعدادين الأخيرين قد رافقه زيادة فى الفقر وتفاقم سوء توزيع الدخل والثروة، ومن ثم، القوة فى المجتمع.

    فى منظور الرفاه الإنسانى، يمثل ترافق البطالة على نطاق واسع، وانتشار الفقر، مع اختلال توزيع الدخل والثروة المحاور الرئيسية لمشكلة التشغيل فى مصر.

    وفوق كل ما سبق فإن نمو الناتج فى مصر شديد الكثافة الرأسمالية، التى ما فتئت ترتفع. فقد كانت نسبة رأس المال للناتج فى تزايد منذ مطلع السبعينيات وقفزت لمستويات بالغة الارتفاع فى التسعينيات.

    وليست تشكيلة خصائص الأداء الاقتصادى الموصوفة أعلاه متوافقة مع خلق فرص عمل على نطاق واسع.

    وفى واقع الأمر، ينتهى تحليل لبيانات مسح قوة العمل بالعينة فى الفترة (1990-1995)، أى خمس من السنوات العشر ما بين التعدادين الأخيرين، إلى أن عدد فرص العمل التى أضيفت إلى الاقتصاد كله فى هذه الفترة تتعدى 700 ألف بقليل. ويستدل من هذا التحليل على أنه "بالمقارنة برصيد البطالة السافرة، وحجم الإضافات الجديدة لسوق العمل، فلابد أن البطالة كانت فى ازدياد". بعبارة أخرى، يعنى قبول مستوى البطالة من تعداد 1996 بقاء رصيد المتعطلين على مستوى عام 1986 تقريباً، أى أنه قد تم خلق أكثر من أربعة ملايين فرصة عمل فى الفترة ما بين التعدادين لتشغيل كل الداخلين الجدد فى سوق العمل فى السنوات العشر- أى ما يوازى ثلاثة أضعاف معدل خلق فرص العمل المقدر الموثق للنصف الأول من التسعينيات.

    والمؤكد أن حجم الاستثمار، ونمو الناتج الإجمالى، اللازمين لخلق فرص العمل المطلوبة لصحة بيانات تعداد 1996، على مستوى الكثافة الرأسمالية لخلق فرص العمل، ومرونة العمالة للناتج، المشاهدة فى التسعينيات، يتعدى قدرة الاقتصاد المصرى بمراحل.

    ويدل التوزيع القطاعى لخلق فرص العمل فى النصف الأول من التسعينيات، إضافة، على أن الآمال المعقودة على القطاع الخاص الكبير فى خلق فرص عمل على نطاق واسع غير مبررة (يقدر أن أكثر القطاعات المؤسسية خلقاً لفرص العمل كانت هى الحكومة والقطاع غير المنظم، ببنما يقدر أن القطاع الخاص الكبير قد خسر فرص عمل فى النصف الأول من التسعينيات).

    ويتعين ملاحظة أن تحدى خلق فرص العمل سيزداد قوة فى المستقبل حيث يُنتظر أن يزيد عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل بمعدل 2-3% سنوياً.

    وتجدر الإشارة، نهاية، إلى أن انتشار البطالة السافرة، فى سياق تأزم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، يضفى على البطالة طابعاً قاتماً، من حيث أنها تصيب أساساً الشباب، وكثرة منهم من خريجى النظام التعليمى، والفئات الاجتماعية الأضعف فى أوضاع تتسم بانخفاض مستوى الرفاه الإنسانى وضعف شبكات الحماية الاجتماعية، بما فى ذلك تعويضات البطالة، وتفاقم سوء توزيع الدخل والثروة.

    أما عن الجوانب الأخرى للبطالة، فتوجد مؤشرات عامة على تردى الكسب الحقيقى (باستبعاد أثر التضخم) وعلى نمو الناتج للعامل، كمؤشر إجمالى على الإنتاجية، ببطىء منذ عام 1980 (حسب بيانات البنك الدولى، بمتوسط 3-4% فى السنة فقط).

    الخصائص الأساسية للبطالة السافرة

    نكتفى هنا بالإشارة إلى بعض خصائص أساسية للبطالة السافرة تتمخض عنها مقارنة خصائص المتعطلين من التعدادين الأخيرين فى الفئة العمرية (15 عاماً فأكثر).

    يستمد من تعداد 1996 أن كل المتعطلين تقريباً (95%) قد أصبحوا من الباحثين عن عمل لأول مرة، صعوداً من 77% فقط فى عام 1986.

    وحسب بيانات التعداد، فإن معدل البطالة السافرة كان فى 1996 أعلى قليلاً فى الريف عن الحضر، على حين كانت غالبية المتعطلين من قاطنى الريف. وبينما كان حوالى ثلث المتعطلين من الإناث، فقد كان معدل البطالة بينهن أعلى كثيراً من الذكور.

    وفيما يتصل بالتوزيع الجغرافى للبطالة، فقد ظهرت أقل معدلات البطالة فى تعداد 1996 فى محافظات الحدود، خفيفة السكان، وفى إقليم القاهرة الكبرى بينما سُجلت أعلى المعدلات فى محافظات الدلتا وأقصى جنوب البلاد.

    ومن الملحوظات المهمة أن معدلات البطالة حسب العمر قد اختلفت بين تعدادي 1986

    و 1996 بحيث انخفضت معدلات البطالة قبل بلوغ 30 عاماً، وارتفعت فى الثلاثينيات من العمر. وحيث كان كل المتعطلين تقريباً من الباحثين عن عمل لأول مرة، يمكن تفسير هذا الاختلاف بزيادة طول مدة التعطل فيما بين التعدادين (وهى معلومة كانت متاحة مباشرة من مسح قوة العمل بالعينة فى السابق) بمعنى أن رصيد المتعطلين قد أصبح فى عام 1996 يتكون من دفعات أقدم من المتعطلين الذين مازالوا يبحثون عن عمل لأول مرة.

    ورغم انخفاض معدلات البطالة لخريجى النظام التعليمى بين تعدادي 1986 و 1996، فمازالت معدلات البطالة الأعلى من نصيب هؤلاء، على المستويين المتوسط والعالى.

    موقف الحكومة

    لقد تم الإعلان، مرة أخرى، عن أن مكافحة البطالة ستلقى أولوية على جدول أعمال الحكومة وتجدر التذكرة بأن إعلانات مماثلة، سابقة، قد شهدت مشكلة البطالة، خاصة فى منظور التشغيل الكامل، تستفحل.

    غير أن الأخبار الواردة من مجلس الوزراء توحى بمحاولة أخذ أولوية مكافحة البطالة جدياً، هذه المرة. وكخطوة أولى فى هذا الاتجاه، أعلنت الحكومة أنها ستخلق 150 ألف فرصة عمل فى الوزارات: فى التعليم والصحة والأوقاف. وإذا قبلنا عدد المتعطلين من تعداد 1996، فإن "حل" مشكلة البطالة، على هذا النحو، لن يستغرق أكثر من عشر سنوات. هذا إن أمكن تكرار المواءمة المالية التى اقتضاها الإعلان عن هذه الشريحة الأولى من الوظائف الحكومية الجديدة.

    ولكن، حتى بصرف النظر عن قضايا البطالة المستترة فى الخدمة الحكومية، وهى من جوانب البطالة الأخطر كما أوضحنا أعلاه، يبقى التساؤل عن ما إذا كانت هذه الوظائف الحكومية الجديدة ستعتبر "أعمالاً جيدة" بما يكفى لترغيب الباحثين عن عمل فى الالتحاق بها (فى العام الماضى عينت وزارة التربية والتعليم 50 ألفاً من الخريجين فى وظائف تعليمية، ولكن يتكرر أن أكثر من نصف المعينين لم يقبلوا الالتحاق بالوظائف).

    غير أن الحكومة قد صعّدت حملة مكافحة البطالة بالإعلان عن مبادرة أخرى تتضمن إضافة حوالى نصف مليون فرصة عمل إضافية إلى المائة والخمسين ألفاً التى سبق الإعلان عنها.

    من هذه الشريحة الجديدة، أعطيت مسؤولية خلق 200 ألف فرصة عمل، فى القطاع الخاص، لمكاتب التشغيل التابعة لوزارة العمل- وهى مسؤولية كانت دائماً من صميم اختصاص هذه المكاتب، وليس واضحاً ما هو الجديد الذى سيمكن مكاتب التشغيل من الوفاء بهذه المهمة الآن.

    كذلك أوكلت مهمة خلق 200 ألف فرصة عمل أخرى للصندوق الاجتماعى للتنمية، باستخدام "تمويل متاح فعلاً يبلغ 1.2 مليار جنيه" (الأمر الذى قد يعنى، لأول وهلة، افتراض متوسط تكلفة لفرصة العمل يوازى ستة آلاف جنيه مصرى، وهى ليست إلا جزءاً يسيراً من تكلفة خلق فرصة العمل فى عموم الاقتصاد المصرى، كما سبقت الإشارة). وبالإضافة، فإن برنامج "شروق" للتنمية الريفية، متواضع التأثير، خصص له أن يخلق 33 ألف فرصة عمل. على أن يخلق باقى فرص العمل المعلن عنها من خلال عدد من المبادرات الأخرى (تشمل التدريب على تقانات الاتصال والمعلومات، ومشاتل الأشجار، وجمع القمامة وإصحاح البيئة).

    وبالمقارنة بشريحة المائة والخمسين ألفاً من فرص العمل فى الحكومة، فإن النصف مليون فرصة عمل الجديدة تبدو أقل قابلية للتحقق، ويبقى مثاراً بشأنها أيضاً مسائل مستوى البطالة المستترة (خاصة بُعدي الإنتاجية والكسب) المترتبة عليها، ومن ثم، مدى تحقيقها لمنفعة الاقتصاد المصرى ككل، ومن سيقبل على فرص العمل التى سيتم خلقها فعلاً من المتعطلين؟

    حزمة سياسات متكاملة لمكافحة البطالة

    من السهولة بمكان انتقاد موقف الحكومة فى مصر، وإنجازها، فى مكافحة البطالة، فسجل الإنجاز، على الأقل حتى الآن، غير مشجع. وعلى الرغم من فقر البيانات، تدل المؤشرات المتاحة على أن المشكلة تستفحل.

    ولكن، من ناحية أخرى، يجب أن يكون جلياً للجميع أن مشكلة البطالة فى مصر ضخمة، وعميقة الجذور فى النسيج الاقتصادى والاجتماعى للبلد بحيث تستعصى على "الحلول السريعة" ذات الطابع "الفنى". بعبارة أخرى، لن يمكن التوصل لحل ناجع لمشكلة البطالة فى مصر، خاصة فى منظور التشغيل الكامل، إلا من خلال برنامج استراتيجى، متعدد الأبعاد، ومحكمها، طويل الأجل تقوم عليه دولة (وليس مجرد حكومة) فعالة. ولعل هذا هو حال جميع المشكلات الكبرى التى تواجهها مصر الآن، وكلها متفاعلة كما سيظهر من حزمة السياسات المقترحة، فلم يعد رتق الفتوق أو الحلول الجزئية المتناثرة بكاف لتحقيق أثر ملموس على المشكلات الكبار. ولذلك قد يدهش البعض أن تنتهى هذه الورقة الموجزة بحزمة من السياسات المقترحة تتعدى بكثير حدود التفكير "الفنى" فى حلول مشكلة مثل البطالة فى مصر.

    بداية، يقوم علاج مختلف صنوف البطالة على إيجاد فرص عمل كافية، يوظف فيها العاملون قدراتهم لأقصى حد، بما يحقق كفاءة إنتاجية عالية، ومتزايدة، من ناحية، ويوفر كسباً مرتفعاً، ومتنامياً، يكفل إشباع الحاجات الأساسية للناس فى المجتمع، وارتقاء مستوى الرفاه البشرى مع الزمن، من ناحية أخرى.

    ويعنى هذا الهدف المركب خلق فرص عمل أفضل من المتاح حالياً، على جانبي الإنتاجية والكسب على حد سواء، وأكثر بكثير من المطلوب لمجرد مواجهة البطالة السافرة، بحيث يمكن للمشتغلين فعلاً فى أى نقطة زمنية الانتقال لأعمال أعلى إنتاجية وأوفر كسباً.

    ومن جانب آخر يتعين الارتقاء بنوعية رأس المال البشرى، من خلال الاستثمار المكثف فى التعليم والتدريب المستمرين وفى الرعاية الصحية، مع إيلاء عناية خاصة للمستضعفين، الفقراء والنساء، حتى يتأهل الأفراد فى سوق العمل لفرص العمل الأفضل. وهذه مهمة تاريخية ليس لها إلا الدولة، وعلى حد وفائها بهذه المهمة سيتحدد مدى خدمتها لغاية التقدم.

    وحيث لا يُتوقع أن يتمكن رأس المال الكبير، من خلق فرص العمل الكافية لمواجهة تحدى البطالة، نظراً لتركيزه على الأنشطة الاقتصادية كثيفة رأس المال وخفيفة العمالة، فيتعين توفير البنية المؤسسية المواتية لقيام المشروعات الصغيرة بدور مهم فى خلق فرص العمل، مع تخليق تضافر فعال بين المشروعات الصغيرة وقطاع الأعمال الحديث. ويطلب تحقيق ذلك الهدف، تمكين عموم الناس، خاصة الفقراء، من الأصول الإنتاجية بالإضافة إلى رأس المال البشرى. ويأتى على رأس القائمة الائتمان، بشروط ميسرة، والأرض والماء فى المناطق الريفية حيث يعيش كثرة الفقراء. كذلك يتعين أن توفر البيئة القانونية والإدارية لتسهيل قيام المشروعات الصغيرة ورعايتها، حيث تتسم هذه المشروعات بالضعف وارتفاع احتمال الفشل. ويمثل ذلك التوجه، إن قام، تحولاً جذرياً فى بيئة الاستثمار الحالية التى توفر الحوافز، كل الحوافز، لرأس المال الكبير، بينما تترك المستثمر الصغير، قليل الحيلة بالتعريف، يرزح تحت ثقل أقسى العوائق التمويلية والإدارية والتسويقية. وعلى وجه الخصوص، تعمل السياسات الحالية على زيادة تركيز حيازة الأرض الزراعية بما ينذر باستشراء الفقر فى الريف.

    وقد تتطلب مكافحة البطالة، خاصة فى البداية، توفير فرص عمل من خلال الإنفاق الحكومى على مشروعات البنية الأساسية، مما يحقق غرضاً مزدوجاً: تشغيل مكسب للفقراء وتحسين البنية الأساسية، وهى بحاجة لتطوير ضخم.

    ويتضح من التوجهات الموصى بها ضخامة العبء الملقى على الدولة، ولن يقوم به طرف آخر، مما يثير مفارقة قوية بين الحد من دور الدولة فى سياق إعادة الهيكلة الرأسمالية، فى إطار سياسات التكيف الهيكلى، من ناحية، وبين مهام الدولة فى حفز التنمية، المولدة لفرص العمل الكافية لمكافحة فعالة للفقر، من ناحية أخرى.

    وفى النهاية، فإن بلوغ التوجهات الاستراتيجية السابقة غاياتها فى مكافحة البطالة يتطلب تغييرات مؤسسية بعيدة المدى فى البنية الاقتصادية والسياسة تشمل زيادة كفاءة سوق العمل فى سياق تدعيم تنافسية الأسواق عامة وضبط نشاطها، فى إطار من سيادة القانون التامة واستقلال للقضاء غير منقوص، وإصلاح الخدمة الحكومية، وإقامة نظم فعالة للأمان الاجتماعى، وإصلاح نظم الحكم لتصبح معبرة عن الناس بشفافية ومسؤولة أمامهم بفعالية، ولتمكن من تقوية مؤسسات المجتمع المدنى الجماهيرية بحق، حتى يصبح لعموم الناس، وللفقراء خاصة، صوت مسموع فى الشأن العام.

    مكافحة البطالة إذاً، كما ألمحنا سابقاً، ليست شأناً قطاعياً، بل هم مجتمعى شامل. والواقع أن هذا هو حال كل القضايا المهمة فى مصر حالياً. فقد صار الحل الجذرى الشامل حتمياً، إن أُريد حل ناجع على الإطلاق.

    وبديهى أن مكافحة البطالة تقتضى رفع وتيرة النمو الاقتصادى. ويطلب ذلك، بدايةً، زيادة معدلات الادخار والاستثمار. فالادخار المحلى ضعيف بداية، فى مجتمعات مازالت غالبية سكانها عاجزة عن الوفاء بحاجاتها الأساسية على مستوى مقبول، على حين ينعم مترفوها، وهم قلة قليلة، بأنماط استهلاك بذخية دونما مسؤولية اجتماعية. ومكون الاستثمار الأجنبى لا يتوافر، حتى الآن، بالقدر الكافى ليكمل الاستثمار المحلى إلى المستوى الكفيل، تلقائياً، بخلق فرص العمل الكافية، ناهيك عن المحاذير القوية المحيطة بكم كبير من الاستثمارات الأجنبية، فى مجتمعات ذات بنى سياسية هشة وتابعة.

    وإن كان مستوى النمو الاقتصادى محدد مهم لإمكان خلق فرص العمل المطلوبة لمكافحة البطالة، فإن محتوى النمو هو المحدد الأهم فى منظور إشباع الحاجات الأساسية، وعلى رأسها العمل المنتج المحقق للذات.

    ويتصل بهذا مسألة نمط التقانة، خاصة من وجهة نظر كثافة العمل. فالتشغيل المنتج غاية مجتمعية تبز مجرد النمو الاقتصادى، مقاساً فى إطار الحسابات القومية، القاصر عن استيعاب مضمون الرفاه الإنسانى. وهنا تجب الإشارة إلى فساد القول بأن كثافة العمل تعنى، حتماً، تخلف التقانة أو ضعف الإنتاجية. هذا تحيز غربى نابع من التبعية التقانية. ولكن، إن قامت قدرة ذاتية فى التقانة، فسيمكن إبداع حلول تقانية متطورة تلائم الظروف المحلية، ومن بينها كثافة العمل المناسبة. غير أن اعتماد تقانات كثيفة العمل فى فترة معينة لا يعنى، بالطبع، إهمال التقانات المتطورة. بل يتعين المزاوجة الخلاقة بين هذين النمطين من التقانة. هذا من جانب.

    ومن جانب آخر، فإن توجيه العمل المتاح إلى نشاطات اقتصادية كثيفة العمل فى ظروف بطالة واسعة النطاق، جلها من الشباب، وجانب كبير منها من المؤهلين تعليمياً، وإن كان فى تخصصات غير متوائمة مع احتياجات سوق العمل وعلى مستوى نوعية منخفض، وفى مناخ اجتماعى يحقر العمل اليدوى، كل ذلك يقتضى تحوير نسق الحوافز المادية والمعنوية فى المجتمع لتوجيه المتعطلين نحو فرص العمل المنتج التى تحتل حالياً مكانة اجتماعية متدنية، مما يساعد على رفع قيمة العمل عامة، والعمل اليدوى خاصة. وقد يقتضى الأمر إنشاء نظام فعّال للتدريب التعويضى لتأهيل المتعطلين لفرص العمل التى لا تتناسب متطلباتها مع قدراتهم الراهنة. إلا أن التدريب التعويضى لا يجب أن يصبح سمة هيكلية دائمة. بل ينبغى أن يخطط نظام التعليم والتدريب وفق احتياجات العمالة المتوقعة مستقبلاً فى ضوء استراتيجية التشغيل المتبناة.

    هذا عن البطالة السافرة، ونقص التشغيل الظاهر، فماذا عن نقص التشغيل المستتر؟

    نقص التشغيل المستتر هو أكثر مشاكل البطالة تعقيداً. وهو فى الوقت نفسه أوفر هذه المشاكل خطورة، خاصة شقه المتصل بتدنى الإنتاجية، فى بلدان تعانى من ضعف طاقاتها الإنتاجية. ولا نغالى إن قلنا أن رفع الإنتاجية يمثل المحور الأساسى لعملية التنمية. ويقوم الحد من نقص التشغيل المستتر على زيادة توظيف قدرات المشتغلين، ورفع الإنتاجية، وزيادة قدرة الكسب على الوفاء بالحاجات.

    وترجع قلة توظيف قدرات المشتغلين إلى عدم تواءم العمل الذى يقوم به الفرد مع قدراته. ويعود ذلك، فى الأساس، إلى الاختلال بين نظام التعليم والتدريب من جانب واحتياجات العمالة من جانب آخر. ولذلك، فإن الحل النهائى لهذه المشكلة يقوم على إعادة الاتساق بين نظام التعليم والتدريب والاحتياجات المستقبلية من العمالة، عن طريق تخطيط سليم للقوى العاملة فى المجتمع.

    أما فى الأجل القصير، فينبغى اعتماد وسيلتين. تتمثل الأولى فى إعادة التوازن بين القدرات واحتياجات العمل عن طريق نقل عاملين من مجالات عملهم الحالية إلى مجالات عمل يتمكنون فيها من توظيف قدراتهم بشكل أفضل. والثانية هى التدريب التعويضى لتمكين المشتغلين من القيام بأعمالهم الراهنة على وجه أحسن، إن لم يمكن إيجاد فرص العمل المناسبة لهم مباشرة. ويلاحظ أن التقدم فى مجال رفع مستوى توظيف القدرات يصب مباشرة فى رفع الإنتاجية.

    ويشكل رفع إنتاجية العمل، بصورة مطردة، التحدى الرئيسى للبلدان المتخلفة، ويطلب جهداً مجتمعياً متكاملاً فى مجالات عديدة، بدءاً من نظام التعليم والتدريب، مروراً بهيكل وطبيعة التشغيل، وانتهاء بنسق الحوافز المجتمعى.

    ففى مجال التعليم والتدريب، لابد من القضاء على الأمية، على مستوى مرتفع من القدرات، ونشر التعليم الأساسى، وترقية نوعية التعليم فى جميع مراحله، والاقتصار على الأعداد المطلوبة للوفاء بحاجة النشاط الاجتماعى المستقبلى من العمالة فقط فى مراحل التعليم بعد الأساسى، والتركيز على التعليم الفنى، المتوسط والعالى اللازمان، واعتماد نظم الامتياز فى مراحل التعليم كافة لتشجيع التميز والإبداع. ولا نغالى إن قلنا أن تحدى ترقية نوعية التعليم هو التحدى الأكبر بعد إصلاح نظم الحكم والإدارة.

    وفى مجال التشغيل، يتعين إقامة آليات كفء للمواءمة بين فرص العمل المتاحة وطالبى العمل. ومن الجوهرى إنهاء التوظف الآمن بغض النظر عن الإنتاج ومستوى الإنتاجية، وإرساء التعيين والترقى والاستمرار فى العمل على أساس الجدارة والإنتاجية، طبقاً لنظم تقييم موضوعية ومعلنة، خاصةً فى الحكومة. ولابد من تحديد العائد المادى والأدبى للعمل على أساس الجهد اللازم للتأهل له، والأعباء التى ينطوى عليها القيام به، ومدى الحاجة المجتمعية له، وقدرة العاملين على الوفاء بحاجاتهم الاجتماعية.

    ويمكن رفع كسب الأغلبية إلى مستوى يقارب الوفاء بحاجاتهم الأساسية أو تمكينهم من الوفاء بحاجاتهم على مستوى أكثر قبولاً عن طريق عديد من الوسائل، مثل تصحيح النظام الضريبى كى يصبح أوفر عدالة، وتبنى الدولة مسؤولية إشباع الحاجات الأساسية على وجه مرض. والمؤكد أن رفع الإنتاجية سيجعل من مسألة ضمان وفاء الكسب بالحاجات أكثر يسراً.

    لكن ينبغى أن يكون واضحاً أن كل هذه الوسائل لن تحقق الغرض منها بدون تعديل جوهرى فى نسق الحوافز المجتمعى. فلن يمكن إرساء قاعدة الجدارة فى العمل ما دامت الوساطة والمحسوبية متفشيتين فى المجتمع. ولن يتأتى توجيه الأفراد إلى الأعمال التى يحتاجها المجتمع إذا ما كانت هناك فرص، ولو محدودة، للتراكم المالى السريع فى غياب أنظمة ضريبة عادلة وفى مجتمع يعين مكانة الفرد الاجتماعية، والسياسية، على أساس ممتلكاته المادية.

    ونختتم بملاحظة أن الوسائل التى تطرقنا إليها فى علاج صنوف البطالة، خاصة نقص التشغيل المستتر، تتضافر لتكوّن حزمة مترابطة من السياسات تمتد فى الواقع إلى نواح عديدة ومتشابكة من نسق الاقتصاد السياسى، ومن بينها التعليم، راقى النوعية، مما يؤكد على شرط التشكيلة الاجتماعية المواتية للفعل التنموى عامة. ولعل فى غياب هذه التشكيلة السبب الجوهرى لتفاقم مشكلات التشغيل، ولصعوبة حلها فى السياق الاجتماعى السياسى الراهن.

  2. #2
    عضو متألق
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    الدولة
    UAE وافتخر والله
    المشاركات
    921

    افتراضي

    http://www.egyptiangreens.com/docs/g...&categoryid=36 وها المراجع والسموحه ع القصور والله ولي التوفيق والنجاح
    التعديل الأخير تم بواسطة الحن الشجي ; 24-02-2009 الساعة 03:01 PM

  3. #3
    عضو مجلس الشرف
    تاريخ التسجيل
    Aug 2006
    المشاركات
    10,232

    افتراضي


    السلام عليكم

    الحراك الإجتماعي

    أتمنى أن يكون مفيدا

    ..

  4. #4
    عضو جديد الصورة الرمزية ولد الشيوخ111
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    الامارات
    المشاركات
    27

    Taqrer2 بحث عن الاجاره

    **المقدمة:-

    الحمد لله الهادي إلى الصواب و أشهد أن لا إله إلا الله الكريم الوهاب و أشهد أن سيدنا محمد رسول الله آتاه الله الحكمة و فضل الخطاب , اللهم صلى وسام وبارك عليه وعلى آله و أصحابه و من أحيا سنته إلى يوم الدين , و نتطرق في بحثنا عن حكم الإجارة الذي يتكرر في حياته الناس في مختلف مصالحهم و تعاطهم اليومي و الشهري و السنوي ،فهو جدير للتعرف على أحكامه إذ ما من تعامل يجري بين الناس في مختلف الأمكنة و الأزمان إلا و هو محكوم بشريعة الإسلام وفق ضوابط شرعية ترعى المصالح و ترفع الضارة , و نصل في بحثنا على تعرف الإجارة و شروطها و أحكامها و مشروعيتها ,
    و البحث يصور الفقه في استدراج القلوب و اجتذابها و التلطف في نهل العلم الذي يفيد حياة الناس للابد لأن ثمرة العلم طب القلوب و الأرواح المتواصل به إلى حياة تدوم أبد الآباد , فاسأل الله سبحانه التوفيق للرشاد و السداد إنه كريم جواد .

    **الموضوع:-

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته إلى يوم الدين.
    الأجرة في عقد الإجارة من الأركان الأساسية حيث أنها تمثل المعقود عليه بالإضافة إلى العين المؤجرة، وهذا في الفقه الإسلامي عند الجمهور، أما القانون المدني فإنه يرى أن الأجرة والمنفعة أيضا هي محل العقد، فالقانون المدني الكويتي يتفق مع رأي الجمهور في أن المعقود عليه المحل "منفعة العين المؤجرة"،
    ويقابل المنفعة الأجرة، كما أن أركان العقد تعد من الأركان عند الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة.

    كذلك يعتبر النص على الأجرة في الاتفاق بين المتآجرين Tow Contracting Parties واجبا وليس من باب الاستحباب الشرعي، وإنما يأتي ضمن ما نصت عليه الآية الكريمة، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أٌحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد".

    ولا يكون الوفاء بالعقد إلا من خلال الكتابة أو الإشهاد أما الكلام الشفوي والعبارات المطاطية "اسكن ولن نختلف، وما تدفع فيه البركة"، فكل هذه الأمور تؤدي إلى النزاع، وقد جاء في الأثر عن أبي سعيد قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره وعن النجش، واللمس وإلقاء الحجر"،
    وبيع النجش هو الزيادة في السلعة أكثر من ثمنها الحقيقي، وهو أن يأتي الرجل يزيد فيها وليس في قصده أن يشتريها بل ليغر غيره، واللمس وإلقاء الحجر كلها من بيوع الجاهلية التي نهى عنها النبي – صلى الله عليه وسلم- لما فيها من الغرر والغش والخديعة، وقد جاءت الشريعة بالنهي عن كل ما يؤدي إلى الخلاف والنزاع، وعدم تعيين الأجرة قد يؤدي إلى ذلك.

    *كتابة العقود:

    وفي الحديث دليل لمن قال بتعيين قدر الأجرة، وهم العترة، الشافعي، أبو يوسف، محمد، وقال مالك، أجمد بن حنبل لا يجب للعرف والاستحسان، قال في البحر قلنا لا نسلم، بل الإجماع على خلافه، ويؤيد القول الأول القياس على ثمن المبيع، وهذا الذي ذهب إليه الحنفية حيث يرون إن الإجارة ركنها الإيجاب والقبول، وشرطها كون الأجرة والمنفعة معلومين لأن حالتهما تفضي إلى المنازعة "ابن عابدين 6/5" وهل تجوز الأجرة ببعض المعمول بعد العمل؟

    جاء عن أبي سعيد أيضا قال: "نهى عن عسب الفحل" وقفيز الطحان، وفسر قوم النهى عن قفيز الطحان بطحن الطعام بجزء منه مطحونا لما فيه من استحقاق طحن قدر الأجرة لكل واحد منهما على الآخر، وذلك متناقض، وقيل لا بأس به مع العلم والقدرة، وإنما النهي عن طحن الصبرة، وهو الكوم من الطعام، لا يعلم كيلها بقفيز منها وإن شرط حبا، لأن ما عداه مجهول، فهو كبيعها إلا قفيزا منها.

    وفي الحديث دليل على أنه لا يجوز أن تكون الأجرة ببعض المعمول بعد العمل، وإليه ذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي والليث والناصر.


    *الأجرةفي الفقه والقانون :-

    الأجرة هي المال الذي يلتزم المستأجر بإعطائه للمؤجر في مقابل الانتفاع بالمأجور، والأصل أنها تستحق باستيفاء المنفعة إو بإمكان استيفائها فإن زادت المنفعة أو اختلت سقطت الأجرة أو انقضت والأجرة في عقد الإيجار تقابل في الفقه الإسلامي الثمن في عقد البيع، فما يصلح بيعا في البيوعات يصلح أجرة في الإجارات، ومن ثم وجب أن تكون الأجرة مالا متقوما معلوما، ومع ذلك يجوز أن يكون بدلا في الإجارة الشيء الذي لم يصلح أن يكون ثمنا في البيع كمنفعة شيء معين فالمنفعة وإن كانت لا تصلح ثمنا إلا أنها يجوز أن تكون أجرة.

    *شروط الأجرة:

    أن تكون الأجرة معلومة: ذكرنا فيما سبق أن القانون يشترط معلومية الأجرة وقلنا أن هذا هو الذي عليه الفقه الإسلامي، وأشرنا إلى من خالف في ذلك وأنه خلاف ما هو المعتمد في المذاهب الفقهية، قال الإمام القدروي الحنفي – رحمه الله- ولا تصح الإجارة حتى تكون الأجرة معلومة ، وما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز أن يكون أجرة في الإجارة، والأثمان المطلقة لا يصح إلا أن تكون معروفة القدر والصفة، ومن أطلق الثمن في البيع على غالب نقد البلد،
    وقال صاحب الكواكب الدرية المالكي: ولا بد أن تكون الأجرة معلومة ذاتا برؤية أو وصف وأجلا إن أجل، فإذا تعاقد المتآجران على قيمة أو ثمن فلا بد من ذكره ومعرفته رفعا للإشكال والخلاف كمائة دينار ثمنا للشقة إذا استأجرت، أو كعشرة دنانير للسيارة في اليوم الواحد، والنص على العملة رفعا للتشابه بين الأسماء في العملات ،
    وهذا يحدث إشكالا في الدول التي تستخدم أكثر من عملة حيث يستخدم الدولار كعملة في التعامل ويوجد تعامل آخر من العملة في نفس الدولة كالدولار الكندي في كندا، فهنا وجب النص على اسم العملة إذا كانت تتداول في الدولة، أما في الكويت فعادة الناس ألا يستخدموا إلا الدينار الكويتي، فإذا قال مائة دينار انصرف إلى عملة البلد، وقال الخطيب الشربيني، الشافعي – رحمه الله- ويشترط في الأجرة كونها معلومة جنسا وقدا وصفة،

    إلا أن تكون معينة فيكفي رؤيتها فلا تصح إجارة دار أو دابة بعمارة أو علف للجهل في ذلك، فقد يتفق المؤجر والمستأجر على أن يقدم المؤجر بيتا للمستأجر في مقابل أن يوم المستأجر بإصلاح البيت وصيانته بدلا من الأجرة، ولا شك أن البدل في العقد أصبح مجهولا، فالصيانة قد تزيد وقد تنقص، ولا تعرف قيمتها مائة دينار أو مائتي دينار وهي من الأمور الشائكة التي قد ينتج عنها خلاف بين المؤجر والمستأجر، وكذلك الأمر حين يقدم المالك أو الشركة سيارة للمستأجر فتكون الأجرة صيانة السيارة، فالعقد هنا باطل لجهالة الأجرة حيث أن الصيانة قد تكلف خمسين دينارا أو أكثر أو أقل وكل ذلك مجهول لا يصح التعاقد عليه.


    فإن ذكر له معلوما وأذن له خارج العقد جاز ذلك، كأن يقول المؤجر للمستأجر أجرة البيت ثلاثمائة دينار، وما تقوم به من صيانة للبيت فيكون بحسابه يخصم بعد ذلك من الأجرة وكذلك في السيارة تحدد الأجرة سلفا ثم يطلب المالك من المستأجر أن يصرف جزءا محددا من الأجرة لمصاريف السيارة لتغيير ما تحتاجه السيارة من قطع غيار وغيرها من الأمور جاز ذلك والعقد صحيح.

    *الأجرة في الفقه والقانون:

    تأتي الأجرة في مقابل المنفعة من العين المؤجرة، كالبيت والأرض والفضاء أو الأرض الزراعية، وكذلك السيارة ووسائل النقل، والآثار أو الاحاديث الدالة على جواز أخذ الأجرة نقدا أو القيام بعمل أو الاتفاق على جزء من المحصول في مقابل العين المؤجرة أكدته السنة المطهرة، عن عبتة بن المنذر قال: كنا عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فقرأ "طس" حتى إذا بلغ قصة موسى – عليه السلام- قال إن موسى أجر نفسه ثماني سنين أو عشر على عفة فرجه وطعام بطنه"، وفي الحديث دليل لمن قال الاستئجار بالمنفعة، ومثلها الكسوة ،
    وكذلك في وقتنا المعاصر الترافع أمام المحاكم أو القيام بأعمال إدارية كبدل للإيجار، وقد يتفق الطرفان على جزء من المحصول للأرض الزراعية كالنصف أو الربع أو غيرهما، وهذا يحدث في كثير من البلدان الزراعية حيث يقدم المالك الأرض والآلات والمعدات والبذور (في بعض الأحيان) ويقوم المستأجر، أفرادا أو شركة، بزراعة الأرض واستئجارها.

    وكذلك قد يتفق المالك أو المؤجر مع المستأجر على إجارة أرض فيها معدات وأجهزة وآلات للتصنيع في مقابل أجرة دورية يدفعها المستأجر للمالك، فهذه جائزة ولا شيء فيها، فالقانون الكويتي أجاز الإجارة بالعمل وغيره من العقود، انظر المادة 564 من القانون المدني الكويتي، بالغا ما بلغ إذا كان فساد الإجارة بسبب كون البدل مجهولا مادة 462، وقد نقل المشروع قانون الإيجارات عن التقنين المصري، والذي يقرر أنه إذا لم يحدد المتعاقدان الأجرة ولا الأساس الذي يقوم عليه تقديرها، وكذلك إذا تعذر على أحدهما إثبات الأجرة التي اتفقا عليها فإن أجرة المثل وقت إبرام العقد تكون هي الواجبة ويحددها القاضي بمراعاة جميع العناصر اللازمة لذلك ويبقى عقد الإيجار صحيحا.

    وهذا البيان في حال تعذر إثبات الأجرة أو الاتفاق عليها، فإذا لم يستطيعا ذلك فإن الإيجار يكون باطلا لأن المتعاقدان قد تعذر عليهما الاتفاق على ركن من أركان العقد.
    الإجارة بيع منفعة لكنها تختلف عن البيع في أنها مؤقته المدة , وعقد البيع لا يقبل التأقيت , وإنما هو مؤبد , لأنه يترتب عليه انتقال ملكية العين المعقود عليها من المنقولات والعقارات وغيرها .

    قال ابن قدامة في المغني :
    الإجارة نوع من البيع , لأنها تمليك من كل واحد منهما لصاحبه , فهي بيع المنافع , والمنافع بمنزلة الأعيان , لأنه يصح تمليكها في حال الحياة وبعد الموت , وتضمن باليد والإتلاف , ويكون عوضها عينا ودينا .

    واختلف الفقهاء في صفة مشروعية الإجارة هل هي مشروعة على وفق القياس أو على خلافه .

    فقال جمهور الفقهاء : إنها شرعت على خلاف القياس
    وقال بعض فقهاء الحنابلة : إنها مشروعة على وفق القياس وقد نصر هذا الرأي ابن تيمية و تلميذه ابن القيم .

    *الإجارة مشروعة على خلاف القياس:

    استدل جمهور الفقهاء بأن الإجارة شرعت على خلاف القياس بقولهم :
    أن الإجارة بيع معدوم , وبيع المعدوم لا يجوز لذا لم تكن الإجارة جائزة في الأصل إلا أنه لما وردت الأدلة الشرعية بجوازها كان هذا الجواز استثناء على خلاف الأصل والقاعدة التي قامت الأدلة الشرعية عليها .

    أما أن الإجارة بيع فلأن البيع مبادلة مال بمال , والإجارة كذلك لأنها مبادلة منفعة بمال هو الأجرة وأما أن بيع المعدوم باطل فللأدلة الشرعية الكثيرة ومنها حديث لا تبع ما ليس عندك .

    *الإجارة مشروعة على وفق القياس:

    أجاب بعض الحنابلة على استدلال جمهور الفقهاء فقالوا بأن الإجارة شرعت على وفق القياس وهي ليست بيعا , لأن البيع الذي جاءت الأدلة على بطلانه إذا ورد على المعدوم هو الوارد على الأعيان التي يمكن أن توجد عند التعاقد , أما الإجارة فإنها ترد على منافع يتعذر وجودها عند التعاقد .
    وردوا على قياسهم الإجارة بالبيع بقولهم :
    إن أردتم بالبيع الذي قستم عليه الإجارة معناه المطلق الشامل لبيع العيان والمنافع فإننا نسلم لكم أن الإجارة نوع منه بهذا المعنى . غير أننا لا نوافقكم على أن البيع بهذا المعنى هو الذي ورد النهي عنه إذا كان محله معدوما لأن العقد على المنافع حال وجودها لا يتصور عقلا فكيف يشترطه الشارع , ولهذا كان النهي عن بيع المعدوم واردا على بيع الأعيان التي يمكن تأخير العقد عليها حتى توجد دون ضرر ولا شدة حاجة .

    أما المنافع فإنه يمتنع العقد عليها حال وجودها لأنها تكون معدومة عند العقد دائما فجاز العقد عليها ويكون هذا الجواز أصلا في ذاته وليس مستثنى من غيره .

    ويقول أصحاب هذا الرأي أن العلة في المنع ليست هي العدم ولا الوجود , لأنه قد ورد في السنة النهي عن بيع بعض الأشياء المعدومة كما نهى عن بيع بعض الأشياء الموجودة ولكن العلة في المنع هي الغرر , فالمعدوم الذي هو غرر نهى عنه للغرر لا للعدم .
    ولذا فالشيء الذي يكون له حال وجود وحال عدم كان في بيعه حال العدم مخاطرة وغرر , وأما ما ليس له إلا حال واحدة والغالب فيه السلامة فليس العقد عليه مخاطرة , وإن كان فيه مخاطرة يسيرة فالحاجة داعية إليه .

    **الخاتمة:-

    هذا و قد انتهينا بتوفيق الله مما أردنا جمعه في هذا البحث و الذي نرجو الله تعالى أن يكون قد جمع أهم النقاط التي تخص عقد الإجارة.
    هذا و قد تضمن البحث كما في جميع العقود تعريف عقد الإجارة و حكمه و أركانه و شروطه و أنواعه و مستحقاته .

    و صلى الله وسلم على سيدنا محمد و على آله وأصحابه أجمعين .
    و سبحانه اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك .

    **المصادر والمراجع:

    الكاتب المؤلف
    منهاج المسلم لأبي بكر جابر الجزائري
    فقه السنة السيد سابق
    الفقه الإسلام و أدلته الدكتور وهبه الزحيلي
    الموقع الالكتروني www.islamifn.net

  5. #5
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    uae
    المشاركات
    2

    افتراضي

    مرحبا أخويه . . انا عندي علم الاجتماع بس عن موضوع الاسره ووظائفها وبحطها لك ولو مابغيتها على الاقل اذا شفت انك ماحصلت شي تاخذه
    {الأســرة ووظـائـفـهــا}


    المقدمــة



    إن الأسرة إحدى العوامل الأساسية في بناء الكيان التربوي وإيجاد عملية التطبيع الاجتماعي، وتشكيل شخصية الطفل، وإكسابه العادات التي تبقى ملازمة له طول حياته، فهي البذرة الأولى في تكوين النمو الفردي وبناء الشخصية، فإن الطفل في أغلب أحواله مقلّد لأبويه في عاداتهم وسلوكهم فهي أوضح قصداً، وأدق تنظيماً، وأكثر إحكاماً من سائر العوامل التربوية ونعرض فيما يلي لأهميتها، وبعض وظائفها، وواجباتها وعمّا أثر عن الإسلام فيها، كما نعرض لما منيت به الأسرة في هذه العصور من الانحراف وعدم القيام بمسؤولياتها. (الأسرة: في علم الاجتماع رابطة اجتماعية تتكون من زوج زوجة وأطفالهما، وتشمل الجدود والأحفاد، وبعض الأقارب على أن يكونوا مشتركين في معيشة واحدة، جاء ذلك في علم الاجتماع: ص92. ويرى البعض أن الزواج الذي لا تصحبه ذرية لا يكون أسرة، جاء ذلك في الأسرة والمجتمع: ص15-16)




































    الموضوع:

    أهمية الأسرة
    وليس من شك أن الأسرة لها الأثر الذاتي والتكوين النفسي في تقويم السلوك الفردي، وبعث الحياة، والطمأنينة في نفس الطفل، فمنها يتعلم اللغة ويكتسب بعض القيم، والاتجاهات، وقد ساهمت الأسرة بطريق مباشر في بناء الحضارة الإنسانية، وإقامة العلاقات التعاونية بين الناس، ولها يرجع الفضل في تعلّم الإنسان لأصول الاجتماع، وقواعد الآداب والأخلاق، كما أنها السبب في حفظ كثير من الحِرف والصناعات التي توارثها الأبناء عن آبائهم..

    ومن الغريب أن الجمهورية التي نادى بها أفلاطون، والتي تمجّد الدولة، وتضعها في المنزلة الأولى قد تنكرت للأسرة، وأدت إلى الاعتقاد بأنها عقبة في سبيل الإخلاص والولاء للدولة، فليس المنزل - مع ما له من القيمة العظمى لدينا - سوى لعنة وشر في نظر أفلاطون، وإذا كان من بين أمثالنا أن بيت الرجل هو حصنه الأمين، فإن أفلاطون ينادي: اهدموا هذه الجدران القائمة فإنها لا تحتضن إلا إحساساً محدوداً بالحياة المنزلية. (آراء أفلاطون وأرسطو في فلسفة الأخلاق والسلوك: ص143)

    واجبات الأسرة
    إن الأسرة مسؤولة عن نشأة أطفالها نشأة سليمة متسمة بالاتزان، والبعد عن الانحراف، وعليها واجبات، ملزمة برعايتها، وهي:

    - أولاً: أن تشيع في البيت الاستقرار، والودّ والطمأنينة، وإن تُبعد عنه جميع ألوان العنف والكراهية، والبغض، فإن أغلب الأطفال المنحرفين والذين تعودوا على الإجرام في كبرهم، كان ناشئاً ذلك على الأكثر من عدم الاستقرار العائلي الذي منيت به الأسرة، يقول بعض المربين: ونحن لو عدنا إلى مجتمعنا الذي نعيش فيه فزرنا السجون، ودور البغاء ومستشفيات الأمراض العقلية، ثم دخلنا المدارس، وأحصينا الراسبين من الطلاب والمشاكسين منهم والمتطرفين في السياسة، والذاهبين بها إلى أبعد الحدود، ثم درسنا من نعرفهم من هؤلاء لوجدنا أن معظمهم حرموا من الاستقرار العائلي، ولم يجد معظمهم بيتاً هادئاً فيه أب يحدب عليهم، وأم تدرك معنى الشفقة، فلا تفرط في الدلال، ولا تفرط في القسوة، وفساد البيت أوجد هذه الحالة من الفوضى الاجتماعية، وأوجد هذا الجيل الجديد الحائر الذي لا يعرف هدفاً، ولا يعرف له مستقراً. (البيت والمدرسة: ص27-28)

    إن إشاعة الود والعطف بين الأبناء له أثره البالغ في تكوينهم تكويناً سليماً، فإذا لم يرع الآباء ذلك فإن أطفالهم يصابون بعقد نفسية تسبب لهم كثيراً من المشاكل في حياتهم ولا تثمر وسائل النصح والإرشاد التي يسدونها لأبنائهم ما لم تكن هناك مودة صادقة بين أفراد الأسرة، وقد ثبت في علم النفس أن أشد العقد خطورة، وأكثرها تمهيداً للاضطرابات الشخصية هي التي تكون في مرحلة الطفولة الباكرة خاصة من صلة الطفل بأبويه، كما أن تفاهم الأسرة وشيوع المودة فيما بينهما مما يساعد على نموه الفكري، وازدهار شخصيته. (الأمراض النفسية والعقلية: ص ب)

    يقول الدكتور (جلاس ثوم): ومهما تبلغ مسؤولية الوالدين في إرشاد الطفل، وتدريبه، وتوجيهه من أهمية فإنها لا ينبغي أن تطغى على موقف أساسي آخر ينبغي أن يتخذوه ذلك هو أن يخلقوا من البيت جواً من المحبة تسوده الرعاية، ويشيع فيه العطف والعدالة، فإذا عجز الآباء عن خلق هذا الجو الذي يضيء فيه سنن التكوين التي تقيم حياته، حرموه بذلك من عنصر لا يمكن تعويضه على أي وجه من الوجوه فيما بعد، فمع أن للدين والمجتمع والمدرسة أثرها في تدريب الطفل وتهذيبه إلا أن أحداً منها لا يعنى بتلك العواطف الرقيقة الرائعة التي لا يمكن أن تقوم إلا في الدار، ولا ينتشر عبيرها إلا بين أحضان الأسرة. (مشكلات الأطفال اليومية: ص48)

    إن السعادة العائلية تبعث الطمأنينة في نفس الطفل، وتساعده على تحمل المشاق، وصعوبات الحياة، يقول سلامة موسى: (إن السعادة العائلية للأطفال تبعث الطمأنينة، في نفوسهم بعد ذلك حتى إذا مات أبوهم بقيت هذه الطمأنينة، وقد وجد عند إجلاء الأطفال من لندن مدة الغارات في الحروب الأخيرة أن الذين سعدوا منهم بوسط عائلي حسن تحملوا الغربة أكثر مما تحمّلها الذين لم يسعدوا بمثل هذا الوسط، ذلك لأن الوسط العائلي الحسن بعث الطمأنينة في الأطفال، فواجهوا الغربة مطمئنين، ولكن الوسط العائلي القلق الذي نشأوا فيه يزداد بالغربة. وإذا أعطينا الطفل ـ مدة طفولته في العائلة ـ الحب والطمأنينة أعطى هو مثل ذلك. (عقلي وعقلك)


    - ثانياً: أن تشرف الأسرة على تربية أطفالها، وقد نصّ علماء الاجتماع على ضرورة ذلك وأكدوا أن الأسرة مسؤولة عن عمليات التنشئة الاجتماعية التي يتعلم الطفل من خلالها خبرات الثقافة، وقواعدها في صورة تؤهله فيما بعد لمزيد من الاكتساب، وتمكّنه من المشاركة التفاعلية مع غيره من أعضاء المجتمع. (علم الاجتماع: ص487)

    كما أكد علماء التربية على أهمية تعاهد الآباء لأبنائهم بالعطف والحنان، والحدب عليهم، والرأفة بهم حفظاً وصيانةً لهم من الكآبة والقلق، وقد ذكرت مؤسسة اليونسكو في هيئة الأمم المتحدة تقريراً مهماً عن المؤثرات التي تحدث للطفل من حرمانه من عطف أبيه وقد جاء فيه:

    (إن حرمان الطفل من أبيه ـ وقتياً كان أم دائمياً ـ يثير فيه كآبة وقلقاً مقرونين بشعور الإثم والضغينة، ومزاجاً عاتياً متمرداً، وخوراً في النفس، وفقداناً لحس العطف العائلي، فالأطفال المنكوبون بحرمانهم من آبائهم ينزعون إلى البحث في عالم الخيال عن شيء يستعيضون به عما فقدوه في عالم الحقيقة، وكثيراً ما يكوّنون في مخيّلتهم صورة الأب مغواراً أو الأم من الحور... وقد لوحظ في (معاهد الأطفال) أنه إذا كانت صحة الطفل البدنية، ونموه العضلي، وضبط دوافعه الإرادية تتفتح، وتزدهر بصورة متناسقة في تلك المعاهد، فإن انفصاله عن والديه قد يؤدي من جهة أخرى إلى ظهور بعض المعايب كصعوبة النطق، وتمكن العادات السيئة منه وصعوبة نمو حسه العاطفي). (أثر الأسرة والمجتمع في الأحداث الذين هم دون الثالثة عشر: ص37)

    إن أفضل طريق لحفظ الأبناء مصاحبتهم، ورقابتهم، ويرى المربون المحدثون (أن أفضل ميراث يتركه الأب لأطفاله هو بضع دقائق من وقته كل يوم). (مجلة المختار عدد أبريل لسنة 1956 تحت عنوان أقوال مأثورة)

    ويرى بعض علماء الاجتماع والباحثون في إجرام الأحداث (أن أفضل السبل للقضاء على انحراف الأحداث هو أن نلقط الآباء من الشوارع ليلاً). (مجلة الهلال عدد مايو لسنة 1957: ص18)

    وإذا قام الأب بواجبه من مراقبة أبنائه، ومصاحبتهم فإنه من دون شك يجد ابنه صورة جديدة منه فيها كل خصائصه، ومميزاته، وانطباعاته وعلى الآباء أن يتركوا مجالس اللهو ويعكفوا على مراقبة أبنائهم حتى لا يدب فيهم التسيب، والانحلال يقول شوقي:

    ليس اليتيم من انتهى أبواه من هـــــمّ الحــــــياة وخــــلّفاه ذليلا
    إن اليتــــيم هـــو الذي تلقى له أماً تخـــــلت أو أبــــــــاً مشغولا

    - ثالثاً: يرى بعض المربين أن من واجبات الآباء والأمهات تجاه أطفالهم هو تطبيق ما يلي:

    1ـ ينبغي أن يتفق الأب والأم على معايير السلوك، وإن يؤيد كل منهما الآخر فيما يتخذاه من قرارات نحو أولادهما.

    2ـ ينبغي أن يكون وجود الطفل مع الأب بعد عودته من عمله جزءاً من نظام حياته اليومي، فحتى صغار الأطفال يكونون في حاجة إلى الشعور بالانتماء، وهم يكسبون هذا الشعور من مساهمتهم في حياة الأسرة.

    3ـ ينبغي أن يعلم الأطفال أن الأب يحتاج إلى بعض الوقت يخلو منه إلى نفسه كي يقرأ أو يستريح، أو يمارس هوايته.

    4ـ تحتاج البنت إلى أب يجعلها تشعر بأنوثتها، وأنها من الخير أن تكون امرأة تتمتع بالفضيلة والعفاف والاستقامة.

    5ـ يحتاج الولد إلى أب ذي رجولة وقوة على أن يكون في الوقت نفسه عطوفاً، حسن الإدراك، فالأب المسرف في الصلابة والتزمت قد يدفع ابنه إلى الارتماء في أحضان أمه ناشداً الحماية وإلى تقليد أساليبها النسائية. (كيف تكون أباً ناجحاً، ص39، و67، 85)

    هذه بعض الأمور التي يجب رعايتها، والاهتمام بها فإن وفق الآباء إلى القيام بها تحققت التربية لصالحة التي تنتج أطفالاً يكونون في مستقبلهم ذخيرة للأمة وعزاءً لآبائهم.

    إن للطفل خصائصه الذاتية من الصفاء والبراءة، وسلامة العاطفة وبساطة الفكر فعلى الأبوين أن يفتحا عينيه على الفضائل وإن يغرسا في نفسه النزعات الخيّرة ليكن لهما قرة عين في حياتهما.

    وظائف الأسرة
    وللأسرة وظائف حيوية مسؤولة عن رعايتها، والقيام بها، وهذه بعضها:

    1ـ إنها تنتج الأطفال، وتمدّهم بالبيئة الصالحة لتحقق حاجاتهم البيولوجية والاجتماعية، وليست وظيفة الأسرة مقتصرة على إنتاج الأطفال فإن الاقتصار عليها يمحو الفوارق الطبيعية بين الإنسان والحيوان.
    2ـ إنها تعدّهم للمشاركة في حياة المجتمع، والتعرف على قيمة وعاداته.

    3ـ إنها تمدّهم بالوسائل التي تهيئ لهم تكوين ذواتهم داخل المجتمع.

    4ـ مسؤوليتها عن توفير الاستقرار والأمن والحماية والحنو على الأطفال مدة طفولتهم فإنها أقدر الهيئات في المجتمع على القيام بذلك لأنها تتلقى الطفل في حال صغره، ولا تستطيع أية مؤسسة عامة أن تسد مسد الأسرة في هذه الشؤون. (المجتمع الإنساني: ص59-60)

    5ـ على الأسرة يقع قسط كبير من واجب التربية الخلقية والوجدانية والدينية في جميع مراحل الطفولة.. ففي الأمم التي تحارب مدارسها الرسمية الدين بطريق مباشر أو غير مباشر كالشيوعية، وفي الأمم التي تسير معاهدها الدراسية على نظام الحياد في شؤون الدين والأخلاق كفرنسا وغيرها يقع عبء التعليم الديني على الأسرة... فبفضل الحياة في الأسرة تتكون لدى الفرد الروح الدينية وسائر العواطف الأسرية التي تؤهله للحياة في المجتمع والبيت. (الأسرة والمجتمع: ص20-21)

    إن فترة الطفولة تحتاج إلى مزيد من العناية والإمداد بجميع الوسائل التي تؤدي إلى نموه الجسمي والنفسي، وإن من أوهى الآراء القول بأن الوظيفة الوحيدة للأسرة إمدادها للأبناء بالمال اللازم لهم، فإن هذا القول قد تجاهل العوامل النفسية المختلفة التي لابدّ منها لتكوين الفرد الإنساني كالحنان والعطف، والأمن والطمأنينة فإنها لازمة لنمو الطفل النفسي، ويجب أن تتوفر له قبل كل شيء. (الأسرة التربوية الاجتماعية: ص69-71).




















    الخاتمة:





    لقد أكد علماء النفس والتربية أن للأسرة أكبر الأثر في تشكيل شخصية الطفل، وتتضح أهميتها إذا ما تذكرنا المبدأ البيولوجي الذي ينص على ازدياد القابلية للتشكيل أو ازدياد المطاوعة كلما كان الكائن صغيراً. بل يمكن تعميم هذا المبدأ على القدرات السيكولوجية في المستويات المتطورة المختلفة.

    إنا ما يواجهه الطفل من مؤثرات في سنّه المبكر يستند إلى الأسرة فإنها العامل الرئيسي لحياته، والمصدر الأول لخبراته، كما أنها المظهر الأصيل لاستقراره، وعلى هذا فاستقرار شخصية الطفل وارتقائه يعتمد كل الاعتماد على ما يسود للأسرة من علاقات مختلفة كماً ونوعاً... إن من اكتشافات علم التحليل أن قيم الأولاد الدينية والخلقية إنما تنمو في محيط العائلة









































    المراجع

    http://www.al-rasool.net/13/13d/pages/9.htm
    http://study4uae.com/vb

    تحيــآتي برشوه . ..
    التعديل الأخير تم بواسطة |[خواآاطر]| ; 30-01-2010 الساعة 01:13 PM

  6. #6
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    الدولة
    الإمارات العربية المتحدة
    المشاركات
    8

    افتراضي

    مقدمة

    إن النهضة الاجتماعية مكون أساسي وأصيل في مسيرة النهضة الشاملة، فهي محور العملية التنموية بكاملها وهي تتعامل مع الإنسان نفسه. فالإنسان هو أداة التنمية وصانعها، وهو إلى جانب ذلك هدفها وغايتها. وبقدر ما تتمكن التنمية، بمختلف أساليبها ووسائلها، من توفير الحياة الكريمة للفرد والمجتمع بقدر ما تكون تنمية ناجحة جديرة بأن يسعد القائمون عليها، ويفخروا بنتائجها الجيدة، ويعتزوا بآثارها الطيبة.
    ومن هذا المنطلق، فان الاهتمام بالجانب الاجتماعي قد اثمر ثمرا طيبا، حيث يتميز المجتمع العماني بالاستقرار والتماسك كما يتميز بالوحدة الاجتماعية والتآخي والمحبة. والمجتمع الخليجي يعيش في سلام وأمن اجتماعي، حيث تتمتع بأدنى معدلات للجريمة على المستوى الاقليمي والعالمي.
    ولم يكن نجاح وانجاز تلك النهضة مصادفة بل تمت نتيجة لانطلاقها من فكر القادة والرؤساء، الفكر الذي استند على المبادئ السامية التالية:
     الاهتمام بالإنسان والنظرة الإنسانية والخيرة والنبيلة.
     العدل والمساواة وتكافؤ الفرص.
     التآخي والتعاون والمحبة والمشاركة والسلام والامن الاجتماعي.
     الانطلاق من الواقع والعمل نحو تحسينه، والمعالجة السديدة والحكيمة لقضية الاصالة والمعاصرة.
     الاعتماد على الخطوات المدروسة والتدرج المنطقي لاحتياجات المجتمع نفسه.
    ولقد استطاعت الحكومة ان تحقق النهضة الاجتماعية من خلال جهود طويلة ومضنية ومتواصلة اعتمدت على الدراسة والتخطيط السليم والمتابعة والتنفيذ والتقييم. ولتحقيق النهضة الاجتماعية، قامت الحكومة بالتوظيف الأمثل لمنجزات النهضة الاقتصادية لصالح الفرد والمجتمع.
    ومن جانب آخر شجعت الحكومة الفرد المعافى والمتعلم على المساهمة في النهضة الثقافية و المحافظة على تراثه التليد.





    الرعاية الاجتماعية الشاملة

    سعت دولة الإمارات عبر جهد دؤوب العمل على تحقيق نقلة نوعية في العمل التخصصي المجسد لرؤية الدولة تجاه العمل الاجتماعي بأبعاده التنموية والإنسانية، إدراكاً لأهمية هذا الجانب وسعياً نحو تحقيق غايات التنمية الاجتماعية المستدامة.
    وعبر هذا المنهج تسارعت برامج النمو الاقتصادي والاجتماعي للمساعدة على تكوين إنسانية واجتماعية مساندة لتحسين نوعية الحياة وزيادة فعالية القطاع الاجتماعي واستثمار القدرات والطاقات البشرية والتوعية بالمشكلات الاجتماعية وانعكاساتها ودعم العمل التطوعي وتطوير برامجه وتوسيع قاعدة المشاركة الأهلية للنهوض بالخدمات التأهيلية وبرامج الرعاية المقدمة لمختلف شرائح المجتمع. وكان المحور الأساس في منهج الرؤية العمانية نحو العمل الاجتماعي في الأسرة عبر مجموعة من فئات المجتمع الثمان المحسوبة كحالات ضمان اجتماعي (الأرامل والأيتام والمطلقات والشيخوخة والبنات غير متزوجات والعجزة واسر السجناء والفئات الخاصة ) ممن لا يوجد معيل ملزم وقادر على الإنفاق عليهم وذلك من خلال معاشات شهرية تصرف لهم وفقا لأحكام قانون الضمان الاجتماعي الذي يتطور بتطور المتغيرات المختلفة في المجتمع وبما يحقق مزيدا من الرعاية لهذه الفئة من المجتمع.
    ومن جانب آخر يتم مساعدة أفراد اسر الضمان الاجتماعي ومن في حكمهم من أجل كسب مهارات للاعتماد على الذات في كسب العيش من خلال بعض المشروعات الحرفية والخدمية مثل مشروعات الغزل والنسيج والمواد الغذائية والسعفيات لتتحول هذه الأسر إلى اسر منتجة. ويضاف إلى ذلك مزايا أخرى تحصل عليها اسر الضمان الاجتماعي مثل تخصيص قطع أراضي سكنية وسكنية تجارية في مختلف محافظات ومناطق الدولة ومنحة العيدين ومنحة تأدية فريضة الحج والمساعدات المالية الطارئة والإعفاء من رسوم الخدمات العامة ومنح الدراسة الجامعية للأبناء على نفقة الدولة.
    وكانت الرؤية الإستراتيجية نحو مستقبل أفضل لهذه الفئات بمثابة الضوء الذي يوفر لها فرصة السير بالاعتماد على النفس سواء عبر المساعدة على فتح مشاريع صغيرة أو منح فرص تعليمية لأبناء هذه الفئة ، وسعت مشروعات موارد الرزق لتكون رافد الأسر الضمان الاجتماعي ومن في حكمهم للارتقاء بمستوى دخل الأسرة ونبذ الاتكالية والاعتماد على النفس، تمثل ذلك في برنامج سند الذي اعتمد صندوق سند لتنمية موارد الرزق لصالح الأسر المنتفعة بالضمان الاجتماعي الراغبة في فتح مشاريع تحقق لهم الاكتفاء الذاتي، وخلال السنوات الثلاثة الماضية نهضت مجموعة من المشاريع المنفذة حتى نهاية العام الماضي وزعت على مختلف مناطق الدولة، وكان للفتيات النصيب الأكبر من في تنفيذ تلك المشاريع وبذلك تتحول الأسر الضمانية إلى اسر منتجة ضمن هدف يحقق الاستقلالية وكرامة العيش لهذا الأسر.
    ومع إعطاء البعد التنموي قيمة خاصة في سياسات وزارة التنمية الاجتماعية فان البعد البشري أكد على أنه عامل مهم ومرتكز أساسي في التنمية المستديمة ، فكان حظ ذوي الاحتياجات الخاصة وافرا بمجموعة من أطر الاهتمامات، سوءا على طريق الرعاية الاجتماعية المباشرة أو فتح مجالات التعليم والتأهيل أمامهم ، ومضت الجهود عبر أكثر من محور، أولها الاكتشاف المبكر للإعاقة وثانيها فتح مؤسسات اجتماعية ترعى هذه الفئة المحتاجة إلى التأهيل والرعاية نتيجة عدم توفر أو ضعف إمكانيات توفير مقومات الرعاية السليمة لدي أسرهم، فتوفر لهم الأجهزة التعويضية والمعينات والمستلزمات الطبية وأيضا تقديم الدعم الفني المساند للمؤسسات الأهلية العاملة في مجال رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة ومن أبرز هذه المؤسسات مركز رعاية وتأهيل المعوقين بالشارقة والمفرق بأبوظبي وغيرها والتي تعمل على إعداد المعوقين من الجنسين الإعداد المهني المناسب حتى يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم وتجاوز المشاكل السلبية للإعاقة والاندماج في المجتمع بصورة طبيعية، إلى جانب دار رعاية الأطفال المعوقين التي تعتبر نموذجا للمؤسسات الاجتماعية التي تخدم فئة خاصة من الأطفال من سن (3-14) سنه ممن لديهم إعاقة حركية نتيجة الإصابة بأحد أنواع الشلل الدماغي.
    وتواصل الدور نحو تقديم فرص أفضل لذوي الاحتياجات الخاصة، مع تطور البرامج والاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال ، وتبنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية إستراتيجية التأهيل المرتكزة على المجتمع المحلي لرعاية المعاقين عبر برنامج ترتكز فلسفته على الاستعانة بالموارد الذاتية للمجتمع المحلي وتأهيل المعوقين في وسطهم الطبيعي بتكاتف جهود قطاعات المجتمع الثلاثة الحكومية والخاصة والأهلية. وتفاعلت الجهود الاعتنائية بالمعوقين بمشاركاتهم في فعاليات رياضية تجسد وتؤكد قدرتهم على صنع الانجازات.
    ويسير ركب العمل الاجتماعي بمجموعة برامج تعزز الاهتمام بروافد المجتمع والبنى الأساسية في عملية النهوض به وتنفيذ الوزارة العديد من البرامج التخصصية بقضايا الطفولة والتوعية الأسرية للعاملين والمتطوعين في هذا المجال بهدف تنمية قدراتهم بطرق تلبية الاحتياجات المتكاملة للأطفال . ويضاف إلى ذلك برامج الإرشاد الأسري.



    بيئــة جميلــة ونظيفــة :
    الاهتمام بالبيئة هو سمة مميزة لمسيرة التنمية في الدولة. وفي ظل التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده الإمارات، اتسع نطاق الاهتمام بالبيئة ليشكل جانباً من جوانب التنمية المستدامة وذلك خلال العناية بمفردات البيئة الإماراتية من ناحية، ومراعاة الالتزام بشروط السلامة البيئية في المشروعات التنموية عند انشاء تلك المشروعات من ناحية ثانية. وبالتالي تسير عمليات التطوير الاقتصادي في كل القطاعات دون التضحية بمفرادات البيئة أو زيادة معدلات التلوث وهو ما يوفر بيئة صحية للمواطن تنعكس ايجابياً عليه وعلى كل الموارد الاقتصادية الأخرى.

    المحميــات الطبيعيــة والحيــاة الفطريــة:
    يوفر الامتداد والموقع الجغرافي للإمارات بشواطئها الجميلة على الخليج واختلاف تضاريسها وتنوع المناخ فيها على امتداد العام وبين المناطق المختلفة ، يوفر ثراء بيئياً نادراً تتميز به دولتنا ويعد من أهم عناصر الجذب السياحي كذلك. وليس من المصادفة أن تتعدد وتتنوع المحميات الطبيعية في الإمارات وأن يتم إدراج بعضها ضمن قائمة الاتحاد الدولي للصون.
    ومع ازدياد النشاط في مجال السياحة البيئية واجتذاب المحميات الطبيعية لإعداد متزايدة من السائحين فإنه تم زيادة عدد أعداد وحدات مراقبة الحياة الفطرية للحفاظ على هذه المحميات بالتعاون مع الجهات الأخرى والمواطنين كذلك.

    التربية والتعليم
    حقق قطاع التعليم في دولة الإمارات خطوات متوازنة آخذا بمعايير التطوير مع الحفاظ على الأصالة التي ينطلق منها في سياق الخطط المتخذة لتوفير الثقافة والمعلومات. وجاءت الخطوات متناسقة مع حرص القيادة الرشيدة وتأكيدها الدائم على أن التعليم هو الهدف الأسمى الذي تسخر له كل الجهود لإفساح المجال لأبنائنا للتزود بالعلم ، ورأت وزارة التربية في هذا التوجيه نهجا ساميا فكان الدخول إلى العصر الحديث عبر تطبيق نظام التعليم الأساسي جنبا إلى جنب مع نشر التعليم وتجويده والاهتمام بمختلف شرائحه، وعبر هذه الرؤى والاهتمام فان مسيرة التعليم في السلطنة وازنت في خطواتها لعبور المراحل الفاصلة بين عصر الكتاتيب والتعليم تحت ظل الأشجار وصولا إلى عصر الجامعات ، وبات التعليم من حق الجميع مدعوما من قبل الدولة إيمانا بأن المجتمع المتعلم قادر على تحديد أولوياته وتطويرها أكثر من غيره.

    التعليم الإلكتروني:
    عملت وزارة التربية والتعليم على إدخال مفهوم التعليم الالكتروني ويعتمد على تقديم البرامج التدريبية والتعليمية عبر شبكة الإنترنت بأسلوب متزامن وغير متزامن وباعتماد مبدأ التعليم الذاتي أو التعليم بمساعدة معلم ، لذا يعتبر من أهم وسائل التعلم عن بعد، ويقدم بطريقتين:
    الأولى: نظام الفصول الافتراضية والذي يعتبر استخدام الفصول الافتراضية التفاعلية في التعليم الإلكتروني من الوسائل الرئيسة في تقديم المحاضرات على الانترنت.
    أما الطريقة الثانية: فهي تعتمد على تطبيق نظام التعليم الذاتي. وقد حققت وزارة التربية والتعليم إنجازا مهما مع فتح بوابة تعليمية على شبكة الانترنت ضمن أهداف الإمارات للدخول في منظومة الحكومة الالكترونية، وتتيح البوابة التعليمية الالكترونية التواصل بين أركان العملية التعليمية بمنتهى البساطة في توفير للجهد والمال والوقت، كما مكنت الوزارة من إمداد الوزارات الأخرى بالبيانات المطلوبة بطريقة إلكترونية دقيقة وبالمقابل استقبال البيانات، والسعي إلى الإبداع المهني من خلال توفير إدارة إلكترونية تساعد الموظف على توظيف قدراته للابتكار والإبداع والتطوير في مجال العمل.
    وتتكون البوابة التعليمية من أربع إستراتيجيات، وهي النظام الإداري ( ويهدف إلى توفير بيانات إدارية تنظيمية مع التقارير والإحصائيات المتنوعة والتي يستخدمها جمهور الوزارة كل حسب صلاحياته) والنظام التعليمي المساعد (ويهدف إلى تعزيز العملية التعليمية التعلمية عن طريق إضافة طرق تعليمية جديدة ومختلفة عن الطرق التقليدية، وتمتاز بالجاذبية والتفاعلية، هذا بالإضافة إلى توفير التعليم خارج نطاق الحجرة الصفية، كما سيعمل هذا النظام على إيجاد طرق للمتابعة المستمرة للتحصيل العلمي والسلوكي، وسيعزز من ممارسة الطالب للتقنيات)، والمحتوى التعليمي الثقافي (تحويل جميع المناهج والكتب الدراسية والعلمية والأدبية والتاريخية إلى صيغة إلكترونية جذابة، تمتاز بسهولة التعامل والبحث)، وتدريب المستخدمين (عن طريق مناهج متخصصة).


    أنشـطة الشبـاب الرياضيـة والثقافيـة :
    في إطار الرعاية المتكاملة التي توفرها الدولة للمواطن ، يحظى الشباب العماني باهتمام كبير ومتواصل من جانب القيادة الرشيدة حفظها الله، ومختلف الهيئات والمؤسسات الأخرى لإعداد ورعاية تطلعات وطموحات الشباب للقيام بدوره المنشود في كل مجالات التنمية والبناء، خاصة وان الشباب يشكلون النسبة الأكبر من المجتمع العماني الفتي. وقد أنشئت وزارة الشؤون الرياضية للقيام بالدور الأساسي لإعداد الشباب رياضياً وعلى نحو متكامل مع الهيئات الأخرى في مختلف المجالات وعلى امتداد هذه الأرض الطيبة.
    وبينما تم منح أراض سكنية وتجارية لكافة الأندية الرياضية، فإنه تم كذلك توفير حافلات حديثة لكل الأندية كمنحة، دعماً لأنشطة الأندية الرياضية وتشجيعاً لها. وقد تزامن ذلك أيضا مع توفير وتطوير المرافق والخدمات الرياضية في مختلف مناطق الدولة وهو ما كانت له آثاره الايجابية في الأداء الرياضي للعديد من الفرق والاتحادات الرياضية وما حققته من نتائج في العديد من الفعاليات الرياضية الخليجية والعربية والدولية، وبما يجعل الرياضة مجالا واسعاً لاستيعاب طاقات الشباب والتواصل أيضا مع الشعوب الشقيقة والصديقة. الخاصة وزيادة مساهمة القطاع الخاص في دعم الأنشطة الرياضية.

    الأنشــــــطة الرياضيــــــة :
    تمثـل الأنشطـة الريـاضية أحـد جناحـي الهيئـة العـامـة لأنشـطـة الشـبـاب الريـاضيـة والثقـافية اللـذين تنطلـق بهمـا للنهوض بالشباب والارتفاع بمستوى الخدمات والأنشطـة المتاحة له نوعياً وكمياً. وبينما تخصص الهيئة حوافز مالية وعينية كبيرة لتشجيع الأندية الرياضية على الإندماج لتطوير خدماتها المقدمة إلى الشباب وتحسين أوضاعها ، تقوم الهيئة بجهود كبيرة لتطوير وتجديد البنية الأساسية في مجال الأنشطة الرياضية لتستوعب الزيادة الكبيرة في تلك الأنشطة.
    وقد قدمت وزارة الشباب والرياضة وتنمية المجتمع مجموعة من المشاريع الشبابية الهادفة لاستثمار طاقات الشباب وصقل مواهبهم بأساليب مبتكرة ، بإقامة الفعاليات الرياضية بمشاركة كبيرة استقطبت ألاف المشاركين والمشاركات من كافة مناطق الدولة والجنسيات المختلفة، وطرح برنامج لعبات جماعية ككرة القدم، واليد، والطائرة والسلة، وأخرى فردية كالسباحة والتنس الأرضي والدراجات الهوائية والبولينج ورياضات أخرى تطرح لأول مرة منها كرة الماء والشراع والتجديف والقوارب والغوص وصيد السمك والسباحة الطويلة.
    وأتاح برنامج الرياضة مبدأ تكافؤ الفرص لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة ، فشارك عدد من ذوي الإعاقات السمعية والإعاقة الحركية في ممارسة الأنشطة البدنية كتنس الطاولة وكرة اليد وكرة القدم وكرة السلة وكرة الطائرة والعاب القوى ، وخصص البرنامج في الرماية والفروسية والسباحة والبولينج والرياضات التقليدية، بالإضافة لليوم الأولمبي بمشاركة واسعة من الرياضيين.
    هذا التفعيل للأداء الرياضي انعكس بدوره على النتائج التي حققتها الدولة وجاءت حصيلة المشاركات الرياضية في العام المنصرم شاهدة على مدى الاهتمام، وتعمل الوزارة حالياً على مجموعة من الخطط والاستراتيجيات للنهوض بالرياضة في الإمارات، وتطوير المشاركات في البطولات الخارجية إقليميا ودوليا.ً

    الأنشطـــة الثقافيـــة والعلميـــة :
    تتكامل الأنشطة الثقافية والعلمية الشبابية مع الأنشطة الرياضية من أجل بناء الشخصية المتكاملة للشباب وتنمية مهاراتهم واستيعاب طاقاتهم في أنشطة قادرة على التجاوب مع هواياتهم العديدة والمتنوعة. ومع توفير وتوسيع مشاركات الشباب في مختلف الفعاليات والأنشطة الثقافية والعلمية داخليا وخارجيا، فإن جهوداً طيبة وملموسة تبذلها المؤسسات العاملة في هذه المجالات.
    وفي هذا الإطار يقوم مسرح الشباب، ومرسم الشباب، وجمعيات الفنون التشكيلية، والنادي العلمي بتنظيم العروض المسرحية والفنية، والمسابقات العلمية والدورات التدريبية والمحاضرات العلمية لصقل قدرات الشباب وإكسابهم المزيد من المهارات وإتاحة الفرصة أمامهم للاحتكاك والتفاعل مع خبرات نظرائهم خليجياً وعربياً ودولياً. وقد حقق الشباب نتائج طيبة من تلك المشاركات، كما سجلت الأنشطة الثقافية والفنية والعلمية للشباب نشاطاً واسعاً ومتصلاً.

    الـكـشـافـة والـمـرشـدات :
    تمثل جهود الهيئة القومية للكشافة والمرشدات ، خاصة في مجال العناية بتثقيف الفتيان والفتيات والشباب من اعضائها ، وزيادة وعيهم بدورهم حيال المجتمع ، تمثل حلقة اساسية على صعيد الاعداد المتكامل والواعي للمواطن ليقوم بدوره المنشود في مراحل حياته المختلفة.
    وفي هذا الإطار تسعى هيئة الكشافة والمرشدات من خلال انشطتها المختلفة، والتي تستوعب عشرات الالآف من الاعضاء ينتظمون في أكثر من فرقة كشفية وإرشادية في مختلف انحاء الدولة إلى تنمية قيم المواطنة واحترام العمل اليدوي والخدمة العامة في نفوس اعضائها وتنمية مهاراتهم وايجابيتهم حيال المجتمع وليكونوا نماذج طيبة لاقرانهم.

    المجمعات الرياضية :
    تعتبر المجمعات الشبابية البيئة المناسبة لممارسة الشباب لهواياته وصقل موهبته، ومن هذا المنطلق حرصت الحكومة على إنشاء العديد من المجمعات الشبابية، توزعت على مختلف الإمارات والمناطق. وجاء إنشاء هذه المجمعات تجسيداً لما أكدت عليه القيادة الرشيدة في إبراز دورهم الحيوي في بناء الوطن وخدمة المجتمع من ناحية، وتشجيعهم على أداء دورهم، بروح من الجدية والتفاني في العطاء. ومن ناحية أخرى، توفير مزيد من العناية والاهتمام والدعم للأنشطة الشبابية في شتى مجالاتها من رياضية، وثقافية، وعلمية، وغيرها وبما يرفع اسم وعلم الدولة عالياً في المحافل الدولية.

    الخدمات الصحيـــة :
    شهد قطاع الصحة نقلة نوعية وكمية ضخمة بكل المعايير حيث استطاع توفير الخدمات والرعاية الصحية للمواطن والمقيم أينما كان على هذه الأرض الطيبة وعلى امتداد حياته أيضا وبمستوى كفاءة يضارع أفضل المستويات ويحظى بتقدير العديد من الهيئات الدولية المعنية بالصحة على المستوى الدولي.
    حيث يحقق النظام الصحي كفاءة الأداء وفاعلية التكاليف وعدالة التوزيع.
    وتعتمد منظومة الرعاية الصحية للمواطن على ثلاث مستويات متكاملة، الرعاية الأولية الفعالة والجيدة المستوى، وهذه تقدمها المراكز والمجمعات الصحية، ثم الرعاية الصحية الثانوية وتقدمها المستشفيات المرجعية الموجودة في كل مناطق الدولة ومستشفياتها التي تقدم الحلول للمشاكل الأكثر تعقيداً، وأخيراً المستوى الثالث وهو الرعاية الصحية التخصصية عالية التقنية والتي توفرها المستشفيات الكبيرة في الدولة.
    ويرتكز الاهتمام بالمستويين الثاني والثالث على إدراك التغير الذي يصاحب التقدم الصحي للمجتمع وتغير نوعية الأمراض المصاحبة للتقدم الاقتصادي والاجتماعي حيث تزداد الحاجة لمكافحة الأمراض غير المعدية التي تتطلب رعاية مستمرة ومتقدمة. ويقوم القطاع الخاص بتقديم خدمات صحية متزايدة ومتطورة بإشراف من وزارة الصحة.

    قطاع الكهرباء
    بالرغم من الزيادة الضخمة والمستمرة في حجم استهلاك الطاقة الكهربائية نتيجة للتطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد وتحديث نمط الحياة والتوسع العمراني, إلا أن حكومتنا الرشيدة تحرص على توصيل التيار الكهربائي إلى كل القرى والتجمعات السكانية المتفرقة والموجودة على الرقعة الواسعة لهذه الأرض الطيبة.
    ولا تحول دون التضاريس وعرة أو جبال عالية أو وديان منخفضة أو تكلفة مادية عالية. ومن ثم ارتفع حجم توزيع وإنتاج الكهرباء الآن مقارنة بما كان عليه في الماضي.
    ولا ننسى عملية الربط الكهربائي بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الشقيقة في إطار مشروع الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية . فإن قطاع الكهرباء في الإمارات قد طرأت عليه تغيرات تنظيمية في إطار عمليات تنظيم وتخصيص قطاع الكهرباء والمياه، وبينما تختص هيئة تنظيم الكهرباء بتنظيم قطاع الكهرباء والمياه في إطار القوانين الإتحادية فإنه تم إنشاء مجموعة شركات مملوكة من قبل الحكومة لإدارة قطاع الكهرباء وفقاً للأسس الجديدة. وتجدر الإشارة إلى أنه يجري تنفيذ العديد من مشروعات تدعيم محطات المحولات وخطوط نقل الكهرباء وإنشاء شبكات في عدد من مناطق الدولة لمواكبة الزيادة المستمرة في حجم الاستخدام المختلفة.

    قطـــــاع المـــــياه
    في الوقت الذي تشكل فيه ندرة المياه في الدولة مشكلة رئيسية، فإن الحفاظ على هذه المياه واكتشاف المزيد من المخزونات الجوفية الصالحة للاستخدام والحد من التلوث أو الملوحة التي قد تتعرض لها المياه الجوفية ، يشكل احد الأولويات التي تحظى بكثير من العناية من جانب الحكومة والمسئولين عن هذا الأمر، وذلك مع السير في استخدام الوسائل والمصادر الأخرى خاصة محطات تحليه المياه متعددة الأحجام ، والاستفادة القصوى من مياه الأمطار وزيادة الوعي بأهمية ترشيد الاستهلاك والسعي إلى إعادة استخدام بعض أنواع المياه في أغراض زراعية. وفي حين يتم تشييد عدد من محطات تحلية المياه في مناطق الدولة مع إضافة وحدات تحليه مياه، فإنه تم الانتهاء من عدد من مشروعات إمداد المياه التي تشمل على إنشاء محطة لتحلية المياه وحفر واختبار آبار وإنشاء محطة تعبئة ناقلات المياه وكذلك مشروع نقل المياه من منطقة إلى أخرى ضمن شبكة خطوط وخزانات خرسانية. وإلى جانب دراسة تنفيذ مشروع التحكم في فاقد المياه في الشبكات لتخفيضه إلى الحد الأدنى، فإن خطة التنمية تتضمن العديد من مشروعات المياه في مختلف مناطق الدولة منها على سبيل المثال ولا الحصر إمداد المياه إلى الجيوب التخطيطية ، وإنشاء محطة تحليه مياه متنقلة بطاقة إنتاجية تقدر بمليون جالون يومياً ، وكذلك مشروع تمديد شبكات توزيع المياه وتوسيع وإنشاء محطات تحليات المياه ، وكذلك مشروع إنشاء شبكات نقل المياه.
    جدير بالذكر انه تم إعداد خريطة مائية قادرة على توفير صورة متكاملة حول الوضع المائي في مختلف مناطق الدولة مما يسهل التعامل معها وتحديد أولويات المشروعات في كل منها وهو ما ترافق مع تدعيم أجهزة مراقبة عن بعد تعمل بواسطة الأقمار الصناعية لقياس الأمطار في عدد من المناطق الجبلية الوعرة لتوفير بيانات مستمرة حول المياه وهناك العديد من المحطات المتنوعة لقياس الأمطار والمياه في الأودية والسدود والافلاج والعيون وتحديد مستويات وملوحة المياه الجوفية وهي منتشرة في مختلف أنحاء البلاد.

    الإسكـــــــــــان:
    تشهد كل مناطق وإمارات الدولة حركة واسعة في مجال تشييد المساكن وتجديدها وهو ما يشكل جانباً من التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي يحقق على امتداد السنوات الماضية والارتفاع الملموس في مستوى معيشة المواطن. وبينما يعيش الكثير من الأسر في منازل تملكها فقد اتسع الامتداد العمراني في شكل ضواحي وتجمعات سكنية جيدة التخطيط والتشييد في العديد من المناطق والمدن والقرى وعلى نحو يحقق الاستقرار للمواطن ويحد من الهجرة الداخلية نحو المدن الأكبر.
    وبينما تسعى خطط التنمية العمرانية إلى تحقيق التوازن في التنمية بين مختلف إمارات ومناطق الدولة وإتباع معايير ومواصفات تخطيطية موحدة مع الاستفادة من قاعدة البيانات الجغرافية لتحويل الرسومات المساحية إلى رسوم رقمية، كما تم أيضا تخطيط مجموعة مخططات وجيوب تخطيطية وفرت من خلالها العديد من قطع الأراضي بمختلف الاستخدامات في مناطق الدولة المختلفة.
    وقد أسهم توفير هذا العدد الكبير من قطع الأراضي في إنهاء تكدس الطلبات وإنهاء فترات الانتظار حيث تم الانتهاء من جميع طلبات الأراضي المسجلة بمختلف الاستخدامات، ومعروف انه يتم توزيع الأراضي بمختلف استخداماتها وفق ضوابط محددة تحددها القوانين والإجراءات الصادرة في هذا الشأن.
    وإلى جانب التسهيلات العديدة التي توفرها الحكومة في مجال تملك الأراضي والحصول على القروض، فإنها تحرص على توفير المسكن الملائم لذوي الدخل المحدود واسر الضمان الاجتماعي لتحسين المستوي المعيشي لتلك الأسر وذلك من خلال عدة وسائل منها برامج المساكن الاجتماعية، مثل مشروع زايد للأسكان، والمساعدات، والقروض السكنية.

  7. #7
    عضو جديد الصورة الرمزية Lu Bu
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    الامارات
    المشاركات
    49

    Taqrer2 بحث عن التغير الاجتماعي

    *®»,ـ_ـ«§ عينيـ§ـــண»©§»حوووووووووووووو شباب اند بنات انا اليوم محضرلكوم بحث مرتب 100% .............ارجو الردود ^_^«§©»ண عينكـ§ـــ§»ـ_ـ,«®*



    الملفات المرفقة الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة |[خواآاطر]| ; 30-01-2010 الساعة 02:57 PM

  8. #8
    عضو جديد الصورة الرمزية شيخة الحمادي
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    59

    افتراضي

    المقدمــة :








    لقد انتشرت ظاهرة بالمجتمعات العربية والإسلامية واستفحلت إلى درجة خطيرة مما ترتب عليها نتائج وانعكاسات سلبية وخيمة على الأسر (الأزواج والأولاد) والمجتمع من جميع النواحي الاجتماعية والأمنية والنفسية.. وهذا ما يتطلب من جميع مكونات المجتمع التدخل وتضافر الجهود والتعاون من أجل إنقاذ الأسر من كل أشكال التصدع والتفكك والضياع وحفظ المجتمع من عدم الاستقرار والأمن والعنف والعدوان..
    وإن سبل وأساليب وقاية أسرنا وعلاجها من مثل هذه الأمراض والإشكاليات المستعصية كثيرة ومتعددة يمكن أن نورد بعض أهمها في السطور التالية:
    ضرورة تمسك الأسر بالقيم والتعاليم الإسلامية المستمدة من الكتاب والسنة مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا ، كتاب الله وسنتي

  9. #9
    عضو جديد الصورة الرمزية شيخة الحمادي
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    59

    افتراضي

    أهم أسباب التفكك الأسري:

    من الصعوبة بمكان حصر الأسباب المؤدية لمشكلة التفكك الأسري، أولاً: لكثرتها وثانياً: لتداخل أكثر من سبب في نشأتها في كثير من الأحيان. ولكن لا بأس من ذكر أهم الأسباب، من وجهة نظر الباحث:

    1- الأب الحاضر الغائب:

    وهذا السبب يتمثل في رب الأسرة الذي يقضى معظم وقته خارج المنزل . . وله صور متعددة من أهمها: رجل الأعمال الغارق في عمله، بحيث يصرف معظم الوقت في متابعة تجارته ليلاً ونهاراً، في لقاءات واجتماعات وسفريات وحفلات عامة وخاصة، وبهذا لا يجد وقتاً لأسرته، فتبدأ الزوجة بالتذمر والاستياء من هذا الغياب، وتشعر بأن الزوج الذي كانت تحلم بمشاركته لها أحداث الحياة اليومية يتبخر يوماً بعد يوم، خصوصاً إذا كانت الزوجة ليس لديها عمل خارج المنزل، وقد توفر لها خدم يقومون بكل مهام ربة البيت من تنظيف وطبخ ورعاية لكل صغيرة وكبيرة داخل المنزل وما في محيطه من حديقة وغيرها.

    ولذا سرعان ما تبدأ المشكلات في الظهور في هذا المنزل، فتبدأ بنقل معاناتها لأهلها وصديقاتها، وهؤلاء في الغالب يوفرون موقفاً داعماً للزوجة، ويؤكدون على حقوقها التي يجب ألا تتنازل عنها حفاظاً على شخصيتها ومكانتها في الأسرة، فينشب الخلاف والنزاع الذي يحل محل المودة والرحمة التي ربطت الزوج بزوجته في مفهوم الإسلام، وينتقل الأثر السيِّئ إلى الأولاد الذين يدفعهم هذا الخلاف إلى ترك المنزل ومشكلاته، ويندفعون إلى الشارع وما فيه من مخاطر وشرور، فيقعون صيداً سهلاً لأهل السوء الذين يأخذونهم إلى طريق الانحراف بشتى طرقه ومسالكه.

    والصورة الأخرى هي للزوج الذي ينشغل عن أسرته بأصدقائه وجلساته معهم، فهو ما أن يعود من عمله حتى يتناول وجبة الغداء ثم يرتاح قليلاً، ويمضي المساء كاملاً مع الأصدقاء، ويحرم الزوجة والأولاد من الجلوس معه أو الخروج معه خارج المنزل، ويوكل هذه المهمة إلى السائق ـ إن كان عنده سائق ـ أو يدفع الزوجة لاستخدام سيارة الأجرة لقضاء احتياجات المنزل والأسرة، ويكون نتاج هذا السلوك حدوث الشقاق والخلافات بينهما، مما قد يؤدي إلى الطلاق وتفكك الأسرة وانفراط عقدها. وبهذا يحرم الأولاد من القدوة الصالحة في شخصية الأب الذي كان من الواجب أن يقدمها لأولاده من خلال سلوكه الإيجابي وقيامه بأدواره على أحسن حال، ومن هنا يبحث الأولاد عن القدوة لهم دون تمحيص، فيكون القدوة أحياناً ممن ليسوا أهلاً للقدوة، كالممثلين والممثلات والفنانين والفنانات واللاعبين واللاعبات في غالبهم.

    وهذه السلوكيات نتاج طبيعي لبعد المسلمين عن تطبيق تعاليم الإسلام بشكل صحيح، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينشئ الفهم الصحيح لحقوق العلاقة الزوجية ومراعاة حق الزوجة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ))(1) وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله). وهكذا كان تطبيق الصحابة لهذا الفهم.

    ومن النماذج المشهورة المؤكدة على ذلك قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه مع صاحبه أبي الدرداء رضي الله عنه حيث جاء إلى بيته فوجد زوجته أم الدرداء بثياب غير حسنة، فسألها عن السبب فقالت: إن أبا الدرداء ليس له حاجة إلينا ـ أي أنه يقضي الليل في العبادة فلا يجد وقتاً لزوجته ـ فلما جاء أبو الدرداء ووجد سلمان فرح به، فلما تناولا العشاء وتسامرا ثم ذهب كل واحد لفراشه، نهض أبو الدرداء يريد أن يصلي فأمره سلمان أن يأوي إلى أهله فيرتاح عندهم، فلما مضى نصف الليل أيقظ سلمان أبا الدرداء فصليا ما شاء الله لهما، ثم ارتاحا حتى الصباح. وقال سلمان لأبي الدرداء: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حقه حقه، قال: صدقت.

    -2 الأم الحاضرة الغائبة:
    وما سبق عن ذكر الزوج يمكن أن نجد ما يقابله عند الزوجة المنصرفة عن مسؤولياتها الأسرية بشواغل مختلفة، نأخذ منها الأم المنشغلة بعملها عن أسرتها، فلا يجد الزوج من زوجته العناية بشؤونه واحتياجاته، فهو إن عاد من عمله لا يجد من يستقبله سوى الخادمة التي أعدت الطعام وهيأت المكان، بينما الزوجة تعود في نفس ميعاده، أو بعد وقت عودته، مُجْهدة متعبة تبحث عن الراحة، ولا وقت عندها للسؤال عن الزوج أو الأولاد وما يحتاجونه، فتنشأ الخلافات ويبدأ التصدع داخل هذه الأسرة.

    كما أن هناك صورة أخرى للأم المنشغلة عن مسؤولياتها الأسرية بكثرة لقاءات الصديقات، والخروج المستمر إلى الأسواق لحاجة ولغير حاجة، مما يحرم الزوج والأولاد من متابعة هذه الأم وعدم قيامها بواجباتها الزوجية بالشكل المطلوب منها، والنتيجة مشابهة لما ذكر سابقاً، حيث تتكاثر الخلافات وتسوء العلاقات وينتج التفكك الأسري.



    3-صراع الأدوار:

    ويقصد بصراع الأدوار التنافس بين الزوج والزوجة لأخذ كل منهما مكان الآخر، وإن كان من الزوجة أظهر وأوضح خصوصاً لدى كثير من الملتحقات بأعمال خارج المنزل، حيث تسعى إلى أن تكون هي ربان سفينة الأسرة، وهذا خلاف الفطرة التي قررها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (الرجال قوامون على النسآء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أمولهم ) (النساء:34). ويترتب على هذا حصول النزاعات المتكررة على كل صغيرة وكبيرة في أمور الحياة الزوجية، مما يمهد الطريق لحصول التفكك الأسري في هذه الأسرة.

    وتؤكد الدراسات النفسية الأثر السلبي لصراع الأدوار على استقرار الأسرة وقيامها بواجباتها نحو أفرادها بشكل صحيح وسليم.

    -4 ثورة الاتصالات الحديثة:

    تعتبر وسائل الاتصال الحديثة سبباً من أسباب التفكك الأسري في المجتمعات المعاصرة، على الرغم مما يمكن أن يكون لها من إيجابيات، أهمها: تسهيل كثير من أمور الحياة وقضاء بعض أوقات الفراغ، إلا أن سلبياتها كثيرة كذلك، حيث أفرط الأفراد في التعامل معها، فبدلاً من أن يُقضى معها جزء من وقت الفراغ، أخذت كثيراً من أوقات الأفراد، مما أخل بواجباتهم الأخرى نحو أسرهم فالتلفاز يأخذ من كثير من الأفراد كل الفترة المسائية بل ويمتد مع بعضهم إلى الصباح، مما يعيق قيامهم بمسؤولياتهم الأسرية . . يضاف إلى ذلك المحتوى الهزيل بل والضار الذي يقم في البرامج خصوصاً الفضائية منها، حيث أصبحت مرتعاً لكل من هب ودب دون رقيب أو رادع أو خلق أو نظام، فأصبحت الإثارة هي الهدف والغاية لجلب أكبر عدد ممكن من المشاهدين . . والضحية هي الأسرة التي تنشب بينها الخلافات نتيجة التعلق بما يعرض، أو عدم القيام بالواجبات المطلوب من الفرد القيام بها.

    والإنترنت أو شبكة المعلومات العالمية أحدث وسائل الاتصال التي دخلت على الأسرة في الفترة الأخيرة، وهي وإن كان لها إيجابيات عديدة، إلا أن سلبياتها طغت على إيجابياتها من خلال عدم حسن تعامل أفراد الأسرة مع هذه الخدمة، خصوصاً كثير من الأزواج والأبناء، حيث ظهر ما عرف بإدمان الإنترنت، حيث يقضي الكثير منهم جل وقته بعد العمل أو المدرسة أمام جهاز الحاسب مبحراً في عوالم هذه الشبكة. وفي السنوات الخمس الأخيرة قام عدد من الباحثين الأمريكيين
    بدراسات على مستخدمي الإنترنت كان من أبرز نتائجها تناقص التواصل الأسري بين أفراد الأسرة، تضاؤل شعور الفرد بالمساندة الاجتماعية من جانب المقربين له، وتناقص المؤشرات الدالة على التوافق النفسي والصحة النفسية؛ وهذا نتائج يتوقع أن ينتج عنها خلافات وتفكك داخل الأسر التي تعاني من إسراف بعض أفرادها في استخدام شبكة الإنترنت.


    5- الخدم:
    وهم فئة عاملة طرأت على المجتمعات العربية خصوصاً الخليجية منها بعد توفر الثروة البترولية وزيادة دخل الأسرة، مما أدى إلى استقدام أعداد كبيرة مما يسمى بالعمالة الناعمة (العاملين والعاملات في المنازل ) تولت أدوار عديدة كان الأم والأب يقومان بها في السابق، مثل الطبخ والنظافة وتربية الأولاد بكل جوانبها، سواء الذهاب بهم للمدارس أو متابعة تحصيلهم الدراسي أو العناية بما يحتاجونه من رعاية وعطف وسهر على صحتهم، وهذا ينتج علاقة نفسية حميمة بين الأطفال ومن يقدم لهم هذه الخدمات، ولعل أوضح شاهد على ذلك ما يرى في المطارات عند سفر الخادمات من تعلق الأطفال بملابسهن عند المغادرة وبكائهم المر لفراق هؤلاء الخادمات . . وقد دلت دراسات عديدة أجريت في المجتمع الخليجي على تزايد أعداد الخادمات، وأن من صفاتهن اختلاف الديانة (نصارى بوذيون، هندوسيون ) وفي المرتبة الرابعة جاءت الديانة الإسلامية، وكذلك انخفاض مستوى التعليم، بل وكثير منهن أميات ولا يتحدثن باللغة العربية، وأخيراً معظم الخادمات صغيرات السن (في العشرينيات ).

    وكان نتاج ذلك كثرة الخلافات بين الأزواج حول عمل الخدم، ثم المشكلات بين الخدم وأحد الزوجين التي تصل لحد ارتكاب عدد من الجرائم المختلفة من سرقة واعتداء، بل وصل الأمر لحد القتل من قبل كلا الطرفين؛ والمحصلة هي التفكك الأسري.

    6-الوضع الاقتصادي للأسرة:

    كثيراً ما يكون للوضع الاقتصادي للأسرة دور كبير في تصدعها في كلا الطرفين، الغنى والفقر، وإن كان الثاني هو الأكثر . . ففي حالة الغنى نجد بعض الأغنياء ينشغلون بالمال عن أسرهم، بل إن بعضهم يستعمل المال في قضاء شهواته المحرمة ويترك ما أحل الله له فيكون سبباً في وقوع أهله في الحرام والعياذ بالله. وفي حالة الفقر الذي لا يستطيع معه الأب توفير احتياجات أسرته مع كبرها وقلة تعليمه وإيمانه، فيعجز عن الاستجابة لمتطلباتها فيقع في الحرام للحصول على المال، أو يدفع بعض أفراد أسرته لمسالك السوء للحصول على مزيد من المال، فيكون النتاج تفكك تلك الأسرة . . ومن يقوم بزيارة لدور الأحداث سيجد هذه الصورة مكررة لعديد من أولياء أمور أولئك الأحداث داخل تلك الدور.

    -7 ضعف الإيمان:

    وهذا العامل كان يفترض أن يأتي في مقدمة العوامل جميعاً لأهميته وعدم تنبه كثير من الباحثين الاجتماعيين والنفسيين له. فإذا كان الإيمان ضعيفاً لدى الزوجين أو أحدهما فالنتاج الوقوع السهل المتكرر في الخطايا والآثام التي تسبب مشكلات لا حصر لها داخل الأسرة، ويفقد ضعيف الإيمان حاجزاً وقائياً لا مثيل له في مواجهته لمشكلات الحياة المعاصرة، حيث يقوم الإيمان القوي المبني على التوحيد الخالص لله عز وجل وملازمة الطاعات، على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بحفظ العبد، حفظاً له من عند الله، وتسديد خطاه نحو الخير والصواب في أمور دنياه وآخرته،

    ثانياً: من الآثار السيئة للتفكك الأسري:

    للتفكك الأسري آثار يصعب حصرها، ولكننا سنحاول عرض أهمها، فمن ذلك:

    1- آثار التفكك على الأفراد:

    أول ضحايا التفكك الأسري هم أفراد تلك الأسرة المتفككة، فالزوج والزوجة يواجهان مشكلات كثيرة تترتب على تفكك أسرتهما، فيصابان بالإحباط وخيبة الأمل وهبوط في عوامل التوافق والصحة النفسية، وقد ينتج عن ذلك الإصابة بأحد الأمراض النفسية، كالقلق المرضي أو الاكتئاب أو الهستريا أو الوساوس أو المخاوف المرضية. وقد ينتج عن ذلك عدم القدرة على تكوين أسرة مرة أخرى، فينعزل الزوج أو الزوجة عن الحياة الاجتماعية، ويعيش حياة منطوية على الذات، سلبية التعامل،، لا تشارك الآخرين نشاطات الحياة المختلفة. وهذه ولا شك نتائج تعطل أعضاء من أفراد المجتمع كان يتوقع منهم القيام بأدوار إيجابية في نهضة المجتمع ورعاية صغاره بصورة إيجابية بناءة.

    والآثار الأكثر خطورة هي تلك المترتبة على أولاد الأسرة المتفككة، خصوصاً إن كانوا صغار السن فأول المشكلات التي تواجههم فقدان المأوى الذي كان يجمع شمل الأسرة، وهنا سوف يحدث التشتت حيث يعيش الأولاد أو بعضهم مع أحد الوالدين والبعض الآخر مع الوالد الآخر، وغالباً ما يتزوج الأب بزوجة أخرى، والأم بزوج آخر، والنتيجة في الغالب مشكلات مع زوجة الأب وأولادها وزوج الأم وأولاده، مما قد يدفع أولاد الأسرة المتفككة إلى ذلك المنزل إلى أماكن أخرى قد لا تكون مناسبة للعيش في حياة مستقرة، كما يحدث في مساكن العزاب من الشباب . . وإذا كانت بنتاً فإنه ليس لها مجال لمغادرة المنزل، فقد يقع عليه حيف في المعاملة ولا تستطيع رفعه، فتصاب ببعض الأمراض النفسية نتيجة سوء المعاملة التي تتعرض لها في حياتها اليومية، وفي بعض الحالات تكون مثل تلك الفتاة عرضة للانحراف في مسالك السوء بحثاً عن مخرج من المشكلة التي تعيشها، فتكون مثل من استجار من الرمضاء بالنا

    -2 آثار التفكك على علاقات الزوجين بالآخرين:

    ينتج عن التفكك الأسري اضطرابات وتحلل في علاقات الزوجين بالآخرين، خصوصاً الأقارب، فإن كانت هناك علاقة قرابة بين أسرتي الزوجين فإنه غالباً وللأسف تتأثر سلبياً بما يحدث للزوجين فتحدث القطيعة بين الأسرتين، بل ويصبح هناك نوع من الشحناء والعداوة بين أفراد تلك الأسرتين، بحيث لا يطيق فرد رؤية فرد آخر من الأسرة الأخرى في أي مناسبة أو لقاء عام، وهذا سلوك خطر يفت في عضد الأمة المسلمة التي حث رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرادها على التعاضد والمحبة والتراحم فقال: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً )) (1)

    وقولـه صلى الله عليه وسلم : ((كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه ))(1) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ))(2).

    كما أن الأمر ينتقل لأسرة أخرى مستقرة، فإذا كانت هناك عائلتان بينهما علاقة زواج بين عدد من أفرادهما الذكور والإناث، فإنه عند حدوث تفكك لأسرة واحدة، فقد يلجأ بعض الآباء أو الأمهات إلى نقل أثر هذا التفكك إلى أسرة أخرى، من باب الانتقام أو للضغط على العائلة الأخرى بجميع أفرادها، وتحميلهم مشكلات فرد واحد منهم، وقد تكون النتيجة تفكك أسرة ثانية أو أكثر، فيزداد الطين بلة.

    وقد سجل لنا القرآن الكريم حادثة فيها الكثير من العبر والدروس، وهي حادثة الإفك على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ويهمنا هنا من القصة موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما أراد أن يقطع المساعدة المالية عن قريبه الذي شارك في إشاعة حادثة الإفك، فعندما سمع الله تعالى يقول: (ألا تحبون أن يغفر الله لكم ) (النور: 22)، قال بلى، فتراجع رضي الله عنه وأعاد المساعدة، قال عزوجل: (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم )

    وهذا تنبيه من الله تعالى إلى وجوب حرص المسلمين على الترابط والتحاب والبعد عما يجلب البغضاء والقطيعة بينهم.

    -3 آثار التفكك على نشر الانحراف:

    يؤدي التفكك الأسري في بعض الأحيان إلى تهيئة الظروف لانحراف أفراد الأسرة، خصوصاً الأولاد من البنين والبنات، فعندما تتفكك الأسرة ويتشتت شملها، ينتج عن ذلك شعور لدى أفرادها بعدم الأمان الاجتماعي، وضعف القدرة لدى الفرد على مواجهة المشكلات، وتحوله للبحث عن أيسر الطرق وأسرعها لتحقيق المراد، دون النظر لشرعية الوسيلة المستخدمة في الوصول للهدف، فيصبح المذهب الميكافيلي هو الموجه لسلوك الفرد. وفي هذا تغييب للضمير والالتزام بالمعايير والنظم الاجتماعية السائدة التي توجه سلوك الأفراد نحو الطرق المقبولة لتحقيق الأهداف بصورة مشروعة. والشاهد على ذلك هم الأحداث من الذكور والإناث في ((دور الملاحظة، الذين ينحرفون ويقعون في سلوك إجرامي نتيجة لتفكك أسرهم.

    والباحث من خلال إشرافه على الطلاب المتدربين في ((دار الملاحظة )) بمدينة الرياض على مدى يزيد على عشر سنين، وجد أن كثيراً من الأحداث يأتون من أسر متفككة، من خلال دراسات الحالة التي تجرى لهم في الدار.


    -4 آثار التفكك على قيم المجتمع وثقافته:

    يسبب التفكك الأسري اختلالاً في كثير من القيم التي يسعى المجتمع لترسيخها في أذهان وسلوكيات أفراده، مثل الترابط والتراحم والتعاون والمسامحة ومساعدة المحتاج والوقوف معه في حالات الشدة، وغيرها من القيم الإيجابية المهمة في تماسك المجتمع واستمراره.

    ويولد التفكك إحباطاً نفسياً قوي التأثير في كل فرد من أفراد الأسرة المتفككة، قد يجعل بعضهم يوجه اللوم إلى المجتمع الذي لم يساعد على تهيئة الظروف التي تقي من التفكك الأسري، فيحول اللوم لتلك القيم التي يدافع عنها المجتمع، ويسعى الفرد للخروج عليها وعدم الالتزام بها كنوع من السلوك المعبر عن عدم الرضى غير المعلن. كما قد يظهر الفرد نوعاً من السلوك الثقافي المنافي لما هو متعارف عليه في مجتمعه كرد فعل لعدم الرضى عن المجتمع وثقافته، فقد نجده يمجد الثقافة الوافدة على حساب ثقافة مجتمعه، وقد يصل به الأمر إلى عرض وتمجيد ثقافة عدوه ((الإسرائيلي ))، كما هو ملحوظ عند عدد من مثقفي عالمنا الإسلامي.

    وهنا يكون النتاج سيئاً بنشر ثقافة دخيلة على المجتمع، وتغييب ثقافة المجتمع الحقيقية المرتبطة بدينه الإسلامي العظيم، الذي جاء لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، ولإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخر كما قال الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله عنه.

    -5 آثار التفكك على التنمية:

    يجمع المهتمون بأمور تنمية المجتمعات على أن للتفكك الأسري أثراً معيقاً في سبيل تحقيق أهداف التنمية، لأن التنمية تعتمد على وجود أسرة قائمة بوظائفها بشكل سليم تحقق الغرض من وجودها، وتنتج أفراداً إيجابيين قادرين على تحمل المسؤولية الملقاة عليهم بالمساهمة في رقي المجتمع وتطوره في كافة المجالات، ولكن إذا حدث تفكك للأسرة تشتت أفرادها، وانشغل كل منهم بمشكلاته الشخصية عن مسؤولياته الاجتماعية، وبدلاً من أن يكون رافداً منتجاً في المجتمع يصبح فرداً محبطاً يحتاج إلى جهود تبذل لمساعدته لتجاوز تلك المشكلات التي تواجهه، وكان بالإمكان صرف تلك الجهود في نواحي أخرى هي بحاجة لتلك الجهود. وكما قال أحد الباحثين في موضوع التنمية: تظل إنتاجية المجتمع المحور الأول والمحصلة النهائية لما يعايشه المجتمع ويعيش فيه من مظاهر وسمات، وما يربط أفراده من روابط وصلات.

    الخاتمة:



    أيضا حالات أخرى تبين معاناتها من بعض الأعراض الهستيرية وهناك من افتقد إلى الحنان والعاطفة والحب داخل الأسرة وخارجها سواء في محيط الأصدقاء أو المدرسة أو الجامعة، وقد تؤدي الخلافات الأسرية وتردي الحالة الاجتماعية والثقافية إلى تدهور الحالة النفسية للأبناء، فضلا عن قتل الطموحات وافتقاد الأمل في المستقبل لارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وتردى وانخفاض الحالة الاقتصادية مع ارتفاع تكاليف الزواج، وهى عوامل قد تساعد على ظهور أعراض اكتئاب "مؤقتة" قد تزول بزوال وانفراج هذه العوامل واحدة تلو الأخرى.
    التوصيات:


    1-المحافظة على القيم والتقاليد الأصلية، والانفتاح على المجتمعات الأخرى في ضوء ذلك.


    2-عمل المحاضرات والندوات، التي تتولى التوعية الاجتماعية والثقافة والصحية للمرأة والرجل.


    3-اتمنى يكون بناء الاسرة صحيح وتربية الاولاد صحيحة.


    المراجع:


    1- عبدالمطلب امين القريضي، في الصحة النفسية ، دار الفكر العربي .


    2- كتاب الطب النفسي والحياة الجزء الثاني للمؤلف 1997.


    3- الوجيز – احكام الطلاق ومعا لجه التفكك الاسري

  10. #10
    عضو جديد الصورة الرمزية شيخة الحمادي
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    59

    افتراضي

    وانشالله يعجبكم انا سويته برووحي

صفحة 4 من 6 الأولىالأولى ... 23456 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •