صفحة 4 من 6 الأولىالأولى ... 23456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 56
  1. #31
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    36

    افتراضي

    مفهوم الخدمة الاجتماعية التنموية:
    الخدمة الاجتماعية التنموية هي ذلك النوع من الممارسة المهنية التي تتعامل مباشرة مع تحديات
    التنمية وتساهم في رفع مستوي معيشة المواطنين باطراد بحيث يمكن ان يؤدي ذلك النشاط المهني
    الي زيادة متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي مقوما بما يحصل عليه من سلع وخدمات

    اهداف الخدمة الاجتماعية التنموية:
    يعتبر الهدف العام للخدمة الاجتماعية التنموية المساهمة في رفع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي
    ويمكن ان يقسم هذا الهدف العام الي مجموعة من الاهداف النوعية مثل:
    1_المساهمة في خلق رائ عام مستعد لتحمل مسئوليات التنمية الشاملة.
    2_تحديد المعوقات الاجتماعية للتنمية الاقتصادية والمساهمة في التغلب عليها.
    3_تحديد مقومات التنمية الاجتماعية وتحديد اتجاهاتها.
    4_الاشتراك في اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسة الاجتماعية ووضع خطط التنمية الاجتماعية.
    5_استثارة الجماهير في التاثير علي السياسة الاجتماعية والتخطيط الاجتماعي وفي تنفيذ وتقويم الخطط
    6_المساهمة في ضمان عدالة توزيع الناتج القومي تحقيقا لعدالة الاجتماعية.
    7_المساهمة في تقليل الفاقد الاجتماعي والاقتصادي قدر الامكان حفاظا علي الموارد ومنعا لتبديدها.

    اتجاهات في الخدمة الاجتماعية التنموية:
    هناك مجموعة من المقترحات لزيادة فاعلية الخدمة الاجتماعية التنموية مثل:
    1*الاهتمام بالبحث العلمي واجراء التجارب لتقديم مشروعات وبرامج الرعاية الاجتماعية علي اساس
    سليم وللتعرف علي المشاكل التي تواجه تلك المشروعات حتي ترسم سياسة اجتماعية سليمة لتوفير
    برامج الرعاية الاجتماعية.
    2*قيام الاهالي ببذل الجهود لتوفير خدمات الرعاية الاجتماعية اللازمة لهم علي ان تكون الدولة هي
    الممولة لهذة المشروعات.
    3*استخدام طرق الخدمة الاجتماعية والاساليب الفنية والتي تساعد علي ايجاد تكيف متبادل بين الناس
    وبيئاتهم علي اساس المبادئ الانسانية والنظم الاجتماعية التي يقبلها المجتمع.
    4*الربط بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية كي لا يسبق الجانب المادي الجانب الاجتماعي
    5*العمل علي توسيع نطاق الخدمات الاجتماعية كلما ازداد الانتاج مع مراعاة اعطاء اولوية للخدمات
    التي تؤدي مباشرة الي زيادة الانتاج ورفع معدلاته.
    6*التركيز علي الخدمات التي تهم المجتمع ككل فالخدمات التي تهم الجماعات ثم الخدمات الفردية.
    7*تحديد مستوي الخدمة في حدود مواردنا وامكانياتنا علي ان نعمل علي تحسين مستواها مع الزيادة
    في الموارد والامكانيات.
    8*العناية باشراك المواطنين في كافة عمليات الرعاية الاجتماعية كي يزداد تحمسهم للمشروعات التي تخدمهم
    9*تعديل وظيفة وزارة الشئون الاجتماعية بحيث تتجه نحو تخطيط برامج الرعاية الاجتماعية والاشراف علي تنفيذها ورفع مستوي ادائها.
    وآلسموحه على آلقصور ..

  2. #32
    عضو جديد الصورة الرمزية همس الغلا
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    38

    افتراضي

    مشكورين على الموضوع بصراحه تعبتكم وياي بس بغيت المقدمه
    وخاتمه اسمحولي

  3. #33
    عضو متألق
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    الدولة
    UAE وافتخر والله
    المشاركات
    921

    افتراضي

    تفضلي اختي هذي المقدمه وقريها زين ما زين وبعدين حطي عنوان البحث


    الحمد لله الذي جعل لنا من العلم نورا نهدي به و بعد...
    نتقدم ببحثنا هذا الى زملائنا التلاميذ و الى كل من يجمعنا بهم رباط العلم من مستمعين و قراء و مدرسين فهذا البحث يشمل .....الذي نامل ان يعجبكم
    و اذا نحن نضع بين ايديكم هذا البحث الذي نرجو ان يكون في المستوى و نامل اننا على الاقل لم نقصر و لم نهمل تبيان جواهر عناصر البحث لاننا محضو رين بعاملين اثنين يصعب التوفيق في كثير من الاحيان بينهما و هما الوقت الموزع بين مختلف المواد الذي يتشكل منها المنهاج الدراسي و كذلك الاحاطه النسبيه بموضوع البحث الذي هو مبتغانا و كذلك نرجو من الاساتذه ان يكونوا لاقسامهم النظرة الكامله و الشامله لمختلف الدروس مع تفادي النظرة التجزيئيه
    نرجو من الاساتذه الكرام و كذلك اخواننا التلاميذ ان لا تبخلوا علينا بملاحظاتكم و اقتراحاتكم البناءة لنصوب اخطاءنا و نتفادى زلاتنا و نتلافى العيوب التي يمكن اننا ولا شك وقعنا فيها
    و الله نسال ان يديم نعمته علينا و ان يحفظ وطننا من كل كيد و من كل شر و ان يهدينا سواء السبيل
    و نسال الله عز و جل ان يوفقنا و يجعل النجاح حليفنا ....
    من اعداد اعظاء لجنه البحث



    خاتمة

    وفي خاتمة هذا البحث أذكر نفسي وغيري بقوله سبحانه وتعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [ الكهف: 110 ]. ألا فلنعمل الصالحات ونجتنب الفواحش والموبقات ليرضى عنا رب الأرض والسماوات.

    فقد رأينا كيف تكون عاقبة البعد عن الله وارتياد الطرق المعوجة المشبوهة، والعتو عن أمر الله سبحانه، وسوء الخاتمة والعذاب الأليم لمن كان هذا شأنه.

    وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا [ الطلاق: 8 - 9 ].

    فمن رجى رحمة ربه فإليه يعود، فباب رحمته مفتوح غير موصود، وليكن سعيه من بعد حميدا، وفعله رشيدا، وقوله سديدا.

    فإذا كان هذا حالنا رفع الله عنا الذل والضنى، والوبا والخنا، وصب علينا البركات صبا، ولم يجعل عيشنا كدا، وكان لنا نصيرا وسندا.

    وبعد.. فهذا جهد المقل وبضاعته المزجاة، قصدت به وجه الإله، ثم النصح لمن كانت الفاحشة بلواه، والتنبيه لمن عافاه مولاه.

    سائلا مولاي وخالقي أن يسدد قصدي، وينفعني به ومن بعدي، والباب مفتوح والصدر مشروح، لمن أراد أن يصحح خطأ، أو يقدم خيرا، وأفضلهم عندي من أهدى إلي عيبي.

    ولقد ختمت بذا الختام مقالتي




    وعلى الإله توكلي وثنائي

    إن كان توفيق فمن رب الورى




    والعجز للشيطان والأهواء

    في حينها أدعو الذي بدعائه




    يمحو الخطا ويزيد في النعماء

    سبحانك اللهم ثم بحمدكا




    أستغفرك وأتوب من أخطائي

    أبو محمد جمال بن عبد الرحمن إسماعيل مكة المكرمة: ص. ب: 2035 شعبان 417 اه القاهرة: 2989845 منيا القمح - شرقية: 663674 \ xxx
    التعديل الأخير تم بواسطة |[خواآاطر]| ; 30-01-2010 الساعة 12:49 PM

  4. #34
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    3

    افتراضي

    مصر كنانه الله فى أرضه وهى همزه الوصل بين الماضى والحاضر وهى بحق أم الدنيا ، يؤكد ذلك تاريخ الحضاره المصريه ، فمصر كانت أول دوله تظهر فى العالم كوحده سياسيه مركزيه منذ استطاع الإنسان المصرى أن يحيا حياه مستقره على ضفاف وادى النيل ومن هنا إرتبط تاريخ الحضاره الانسانيه بتاريخ الحضاره المصريه .

    فلقد وحدت مصر أقاليمها فى بدايه الألف الثالث قبل الميلاد حيث شهدت أرض مصر أعظم وأرقى حضاره عرفها العالم القديم وهى الحضاره الفرعونيه ، تلك الحضاره التى لا زالت آثارها ومعالمها باقيه إلى يومنا هذا تشهد بعظمه المصريين القدماء عبر التاريخ وعرف الانسان المصرى القديم عناصر القوى الشامله، حيث سعى للاهتمام بالنواحى الاقتصاديه فى مجالات الزراعه والصناعه والتجاره وشق قنوات الري .

    واذا كان المؤرخ اليونانى ( هيرودت ) قد قال إن مصر هبه النيل فإن هذا القول يعبر عن نصف الحقيقه لأن الحضاره المصريه القديمه نشأت نتيجه التفاعل المبدع بين الانسان المصرى القديم وبيئته الطبيعيه ، وذلك تأكيدا لقول المؤرخ المصرى الحديث شفيق غربال إن مصر هبه المصريين
    ولقد ظلت مصر فى أوقات قوتها ولحظات ضعفها محافظه على شخصيتها القوميه الفريده التى تكونت من مقوماتها الذاتيه وتفاعلها الحضارى مع غيرها من الحضارات بدءا من حضارات ما قبل التاريخ والحضاره الفرعونيه واليونانيه والرومانيه والقبطيه الى الاسلاميه حيث كانت مصر البوتقه التى إنصهرت فيها كل هذه الحضارات مع إحتفاظها بذاتيتها وخصوصيتها عبر كل العصور فى نسيج متجانس للوجدان المصرى من خلال وحدة التاريخ والمشاعر واللغه
    لقد شهدت ارض مصر اعظم و ارقى حضارة عرفها العالم و هى الحضارة الفرعونية و التى مازالت معالمها و اثارها باقية الى يومنا هذا تشهد بعظمة المصريين القدماء عبر التاريخ ، و قد قدمت هذة الحضارة منذ استطاع الانسان المصرى ان يحيا حياة مستقرة على ضفاف وادى النيل بعد سنوات من التنقل و الترحال و نجح فى اقامة دولة موحدة قوية و تبرز هذه الوحده جهود المصريين القدماء فى تحقيق التقدم و المحافظة على بلادهم .

    مصر فى عصرها الفرعونى

    فنون الحضارة الفرعونية

    بدأت الحضاره في مصر منذ عصور ما قبل التاريخ بنحو مائه ألف سنه ، واعتبر المصريون القدماء منذ أواخر العصر الحجرى القديم 10 آلاف عام قبل الميلاد بأنهم أمه قائمه بذاتها وأطلقوا على أنفسهم أهل مصر أو ناس الأرض


    وكانت بدايه الدوله فى مصر حين توحدت مقاطعاتها فى مملكتين مملكة الشمال في الوجه البحرى عاصمتها بوتو فى غرب الدلتا وشعارها البردى وتعبد الإله حور ورمزها الثعبان ، أما مملكه الجنوب فكانت عاصمتها نخن أو الكاب الحاليه وشعارها اللوتس وتعبد الإله ست وقد قامت عده محاولات في عصر ماقبل التاريخ لتوحيد مملكتى الشمال والجنوب ولكنها لم تثمر ، حتى تربع على مملكه الجنوب سنه 3200 ق م الملك مينا نارمر الذى يعد عهده فاتحه العصر التاريخى وبدايه عصر الأسرات التى بلغ عددها 30 أسره
    عصر الدوله القديمه 2980 ق م 2475 ق م

    تطورت الحضاره المصريه وتبلورت مبادىء الحكومه المركزيه ، وسمى الملك مينا بألقاب ملك الأرضين و صاحب التاجين وكانت هذه الوحده عاملا هاما فى نهضه مصر فى شتى نواحى الحياه ، حيث توصل المصريون الى الكتابه الهيروغليفيه أى النقش المقدس، واهتم الملوك بتأمين حدود البلاد ونشطت حركه التجاره بين مصر والسودان و استقبلت مصر عصرا مجيدافى تاريخها عرف بإسم عصر بناة الاهرام ، وشهدت هذه الدوله بناء أول هرم ، هرم سقاره ، ومع تطور الزراعه والصناعه والتجاره استخدم المصريون أول إسطول نهرى


    عصر الدوله الوسطى 2160 ق م و 1580 ق م
    إهتم ملوك الدوله الوسطى بالمشروعات الأكثر نفعا للشعب ، فاهتموا بمشروعات الرى والزراعه والتجاره ، وحفرت قناه بين النيل والبحر الاحمر ، وبدأ تشغيل المناجم والمحاجر ، فتقدمت الفنون والعماره ولكن نهايه حكم هذه الدوله شهد غزو الهكسوس واحتلالهم لمصر حوالى عام 1657 ق م ، وظلوا يحكمون البلاد نحو 150 عاما
    عصر الدوله الحديثة 1580 ق م الى 1150 ق م
    بعد أن تم للملك أحمس الأول القضاء على الهكسوس وطردهم خارج حدود مصر الشرقيه عاد الأمن والاستقرار الى ربوع البلاد ، وبدأت مصر عهدا جديدا هو عهد الدوله الحديثه ، وأدركت مصر أهميه القوه العسكريه لحمايه البلاد فتم إنشاء جيش قوى، مهد لتكوين امبراطوريه عظيمه امتدت من نهر الفرات شرقا إلى الشلال الرابع على نهر النيل جنوبا
    وشهد هذا العصر أيضا ثوره إخناتون الدينيه حيث دعا إلي عباده إله واحد ورمز له بقرص الشمس وأنشأ عاصمه جديده للبلاد اسماها أخيتاتون وتعرضت مصر منذ حكم الاسره 21 وحتى 28 لإحتلال كل من الاشوريين عام 670 ق م ، ثم الفرس حتى انتهى حكم الفراعنه مع الاسر الـ 30 ودخول الاسكندر الأكبر مصر

    فنون الحضارة الفرعونية

    إستحدث المصريون نظام الحكم والسلطات المختلفه الموجوده لإداره شئون البلاد ونشأ منصب الوزير لمساعده الفرعون فى اداره شئون البلاد بجانب كبار الموظفين لمعاونة الوزير فى ادارة الادارات العامه وعرفت مصر كذلك نظام الادارة المحليه تأثرت حضارة مصر الفرعونيه بالدين تأثرا كبيرا وقد توصل المصريون القدماء الى بعض الافكار الدينيه التى تدرجت من تعدد الآلهه الى التوصل الى فكره وجود إله واحد التى نادى بها امنحوتب الرابع اخناتون الذى احتل مكانا بارزا لفكره الفلسفى وثورته الدينيه برع المصريون فى فن العماره وآثارهم الخالده خير شاهد على ذلك ، ففى الدوله القديمه شيدت المصاطب والاهرام وهى تمثل العمائر الجنائزيه ، وأول هرم بنى فى مصر هو هرم زوسر ثم هرم ميدوم ، الا ان اشهرها جميعا أهرام الجيزه الثلاثه وتمثال أبو الهول التى شيدت فى عهد الاسره الرابعة وبلغ عدد الاهرام التى بنيت لتكون مثوى للفراعنه 97 هرما بدأ إنتشار المعابد الجنائزيه فى عصر الدوله الوسطى
    واهتم ملوك الأسره الــ 12 بمنطقه الفيوم وأعمال الرى فيها ، وأشهر معابد أنشأها ملوك هذه الأسره معبد اللابرانت أو قصر التيه كما سماه الاغريق والذى شيده الملك أمنمحات الثالث فى هواره ، كما شيد القلاع والحصون والاسوار على حدود مصر الشرقيه
    يعد عصر الدوله الحديثه أزهى فتره شهدتها فنون العماره حيث نقشت الصور على الجدران وعرفت الحرف والفنون الدقيقه على جدران المعابد الضخمه واهمها الكرنك والأقصر وأبو سمبل ، وقد أقيمت المسلات الفرعونيه أمام مداخل المعابد وهى منحوته من الجرانيت وتعتبر معابد آمون بالكرنك والاقصر والرمسيوم وحتشبسوت بالدير البحرى والمعابد المنحوته فى الصخر مثل أبو سمبل الكبير وأبو سمبل الصغيرمن أجمل أمثله عمائر عصر الامبراطوريه المصريه القديمه تؤكد آثار المصريين القدماء براعتهم فى الكتابه والأدب ويظهر ذلك فيما تركه المصريون من اثار ،


    ولن ينس التاريخ فضل المصريين على الانسانيه فى اختراع الكتابه التى سماها الاغريق بالخط الهيروغليفى وكان عدد حروفها 24 حرفا واهتموا بالكتابه على أوراق البردى والجدران وبرعوا بصفه خاصه فى الأدب الدينى ، ومن أقدم أمثله الادب الدينى نصوص الاهرام وكذلك كتاب الموتى وهو عباره عن كتابات دينيه على أوراق البردى ويتم وضعها مع الميت لتقيه مخاطر ما بعد الموت و قد اهتم قدماء المصرين بالكتابة و التعليم و فى وصية احد الحكماء لابنة كتب يقول وسع صدرك للكتابة و احبها حبك لامك فليس فى الحياة ما هو اثمن منها

    كما برع الاديب المصرى القديم فى كتابه القصص : و قد كان القصص المصرى الشعبى القديم متطورا الى درجة ان بعض الانماط القصصية التى عرفت و انتشرت فى جميع انحاء العالم كان مصدرها القصص المصرى


    وأحب المصرى الموسيقى والغناء وأقبل المصريون على الموسيقى واستخدموها فى تربية النشئ وفى الاحتفالات العامه والخاصه وخاصه فى الجيش ، وكذلك إستخدموها فى الصلوات ودفن الموتى وإختلفت الملابس فى مصر الفرعونيه من طبقه الى اخرى ، وكانت تصنع من الكتان الناعم او من الأقمشه الحريريه المستورده من بلاد سوريا القديمه، وكانت الملابس تتنوع باختلاف المناسبات كما عرف المصريون التزين بالحلى وتميزت مصنوعاتهم بالدقه الفنيه العاليه وجمال التشكيل ، واستمدت العناصر الزخرفيه من الطبيعه مثل نبات البردى والنخيل وزهره اللوتس والاحجار الكريمه ، واستخدموا التمائم التى إعتقدوا أنها تحميهم من قوى الشر وحرصت المرأه بصفه خاصه على الاهتمام بزينتها واستخدمت الكحل والاساور والعقود والخواتم والقلائد و الحنه

    يمكن تتبع تاريخ مصر الفرعونية من تقسيمات المؤرخين القدامى أو المحدثين فقد قسم المؤرخ المصرى القديم مانيتون تاريخ مصر الفرعونية إلى ثلاثين أسرة حكمت مصر على التوالى واختلفت مواطن حضارتها بين أهناسيا وطيبة ومنف وأ ون أما المؤرخون المحدثون فقد قسموا تاريخ مصر الفرعونية إلى ثلاثة أقسام رئيسية هى الدولة القديمة والدولة الوسطى والدولة الحديثة
    فى العصر الحجرى القديم - ما قبل الدولة القديمة - وقد ساد عصر مطير غمر منطقة الصحارى ووادى النيل فعاش المصريون فوق الهضاب فى أكواخ على صيد الحيوان واستخدموا الادوات الحجرية وبعض الأوانى الفخارية البدائية
    وفى العصر الحجرى الحديث انتهى العصر المطير وجفت الهضاب وأصبحت أرض وادى النيل صالحة للحياة فهبط الانسان إلى الوادى وارتبط المصريون بالنيل منذ ذلك الحين وتعلم المصريون من النيل الكثير وتفاعلوا معه بعد أن أصبح مصدرحياتهم فكان عليهم تقويم النهر والتحكم فيه فأقاموا على واديه أخلد حضارة عرفتها البشرية وأصبحت مصر بحضارتها هبة النيل والمصريين معا
    ونتيجه للتنظيم الاجتماعى الذى عرفه المصريون تطور مجتمعهم من القبيلة والجماعه إلى المجتمع المحلى والإقليمى حتى ظهرت الدولة الموحدة
    وتعلم المصريون من النيل القياس والحساب فاستخدموا القدم والذراع كوحدات للقياس بل والارقام العشرية فى حساباتهم ومن بردى النيل اخترع المصريون الورق وابتكروا الكتابة
    ومن غرين النيل صنع المصريون الفخار والطوب والأوانى وعرفوا موسم الزراعة فقسموا الزمن إلى سنة وشهور وأيام
    وتطورت الحرف المختلفة المتصلة بالحياة الزراعية لإشباع الحاجات الاساسية للانسان ومن ثم ظهرت القبائل والاقاليم والمقاطعات..ثم تشكلت فى مصر مملكتان تمثلان وجهى مصر البحرى والقبلى وقامت عدة محاولات لتوحيدهما حتى نجح الملك مينا حوالى عام 3200ق .م فى توحيد الشمال والجنوب مؤسسا بذلك أول دولة فى التاريخ تظهر كوحدة سياسية لها عاصمة وبها حكومة مركزية وجهاز إدارى من جيش وشرطة وتعليم وقضاء
    فى عصر الدولة القديمة 2980ق.م - 2475ق.م
    تطورت الحضارة المصرية فتبلورت مبادئ الحكم المركزية والادارة واستقرت خصائص الطابع المصرى فى فنون النحت والنقش وأساليب العمارة وشهد عصر هذه الدولة بناء أول هرم ( هرم سقارة ) وبداية عصر بناة الاهرامات ومع تطور الزراعة والصناعه استخدم المصريون أول اسطول نهرى لتجارة منتجاتهم
    وفى عصر الدولة الوسطى 2160ق.م - 1580ق.م
    ساد البلاد الأمن والرخاء وازدهرت الزراعة وتطورت المصنوعات اليدوية وأنتج الفنانون المصريون والمهندسون تراثا رائعا انتشر فى الأقصر والفيوم وعين شمس
    وفى عصر الدولة الحديثة 1580ق.م - 1150ق.م
    شهد عصر هذه الدولة مجد مصر الحربى فى عصورها القديمة وامتدت امبراطورية مصر من نهر الفرات شرقا إلى الشلال الرابع على نهر النيل جنوبا
    وفى عصر هذه الدولة الامبراطورية تمتعت مصر برخاء وثروة ومجد منقطع النظير وغدت عاصمتها طيبة مركزا للحضارة الانسانية وعاصمة للعالم تتدفق عليهاخيرات افريقيا وآسيا وجزر البحر المتوسط ويفد اليها كل عام رسل البلاد التى تحت سلطانهايحملون قدر استطاعتهم من ذهب وفضة وبدت طيبة فى عهد الملك تحتمس الثالث فى ابهى صورها وازدانت بالمعابد والهياكل والمسلات والتماثيل.. وعرف المصريون خلال حكم الملك -اخناتون- التوحيد الدينى عندما دعا هذا الملك إلى عبادة اله واحد ورمز له بقرص الشمس وانشأ للبلاد عاصمة جديدة سماها اخيتاتون ومع انشغاله بنشر مذهبه الدينى الجديد سادت فترة ضعف فى البلاد وكثر عدد الوافدين اليها من الاجناس الاخرى وخاصة الآسيوين والليبيين واستطاع قائد ليبى يدعى شيشنق عام 945ق .م ان يقضى على حكم الاسرة الـ21 ويحكم البلاد ثم حكمها من بعده ملوك من النوبة ( 722ق.م - 661ق.م ) ثم احتل الاشوريون مصر عام 670ق.م وطردهم منها الملك بسماتيك مؤسس الاسرة الـ26 التى انتهى حكمها باحتلال الفرس لمصر ثم طردوا منها خلال حكم الاسرة الـ28 ولكن عادوا مرة اخرى لاحتلال البلاد عام242 ق.م وظلوا فيهاحتى نهايةحكم الفراعنة الذى انتهى مع الاسرة الـ30 ودخول الاسكندر الاكبر لمصر



    فنون الحضارة الفرعونية العمارة

    فى الدولة القديمة كانت اهم المنشآت التى شيدت المصاطب والاهرامات وهى تمثل العمائر الجنائزية واول هرم بنى فى مصر هرم زوسر ثم هرم ميدوم وتعد اهرامات الجيزة الثلاثة التى اقيمت فى عهد الاسرة الرابعة أشهر الاهرامات واهمها فى مصر الفرعونية كذلك تمثال ابو الهول الذى تتجلى فيه قدرة الفنان المصرى على الابداع .. وتبلغ الاهرامات التى بنيت لتكون مثوى للفراعنه 97هرما
    وفى عصر الدولة الوسطى بدأ انتشار المعابد الجنائزية واهتم ملوك الاسرة الـ12 بمنطقة الفيوم واعمال الرى فيها وأشهر معابد انشأها ملوك هذه الاسرة معبد اللابرانت أو قصر التيه كماسماه الاغريق وقد شيده الملك امنمحات الثالث فى هواره
    كما شيدت القلاع والحصون والاسوار على حدود مصر الشرقية
    ويعتبر عصر الدولة الحديثة أعظم فترة عرفتها أساليب العمارة والصور الجدارية والحرف والفنون الدقيقة التى تظهر على حوائط بعض المعابد الضخمة المتنوعة التصميمات كالكرنك والأقصر وأبو سمبل
    ويعد عهد تحتمس الأول نقطة تحول فى بناء الهرم ليكون مقبرة فى باطن الجبل فى البر الغربى بالأقصر تتسم بالغنى والجمال فى أثاثها الجنائزى ويظهر ذلك فى مقبرة الملك توت عنخ آمون
    وقد عمد فنانو هذه الدولة - للحفاظ على نقوش الحوائط - إلى استخدام الحفر الغائر والبارز بروزا بسيطا حتى لا تتعرض للضياع أو التشويه وآخر ما اكتشف من مقابر وادى الملوك مقبرة أبناء رمسيس الثانى التى تعد من أكبرها مساحة وتحتوى على 15مومياء
    أما المسلات الفرعونية فقد كانت تقام فى ازدواج أمام مدخل المعابد وهى منحوتة من الجرانيت ومن أجمل أمثله عمائر عصر الامبراطورية المصرية القديمة معابد آمون وخوفو بالكرنك والاقصر والرمسيوم وحتشبسوت بالدير البحرى والمعابد المنحوتة فى الصخر مثل أبو سمبل الكبير وأبو سمبل الصغير


    الأدب

    نشأ الشعب المصري ميالا إلى الفنون ومبدعا فيها ويظهر ذلك واضحا فيما تركه المصريون من تماثيل ومسلات ونقوش وتوابيت وحلى واثاث وأدوات مرمرية
    ولن ينسى التاريخ فضل المصريين على الإنسانية في اختراع الكتابة التي سماها الاغريق بالخط الهيروغليفي وتتكون الأبجدية الهيروغليفية من 24حرفا واستخدم المصريون القدماء المداد الأسود أو الأحمر فى الكتابة على أوراق البردى
    وقد اهتم القدماء فى مصر بالكتابة والتعليم وفى وصية أحد الحكماء المصريين القدماء لابنه كتب يقول وسع صدرك للكتابة وأحبها حبك لأمك فليس فى الحياة ماهو أثمن منها
    وبرع المصريون فى الأدب الدينى الذى تناول العقائد الدينية ونظرياتهم عن الحياة الاخرى وأسرار الكون والاساطير المختلفة للآلهة والصلوات والأناشيد ومن أقدم أمثله الأدب الدينى نصوص الأهرام التى سجلت على جدران بعض الأهرامات لتكون عونا للميت فى الحياة الاخرى .. أما كتاب الموتى فهو عبارة عن كتابات دينية تدون على أوراق البردى يتم وضعها مع الموتى لتقيهم من المخاطر بعد الموت وقد اهتم الأديب المصرى القديم بالظواهر الطبيعية التى رفعها إلى درجة التقديس فنسخ من حولها الأساطير الخالدة وخاصة حول الشمس والنيل فالشمس هى نور الاله الذى لايخبو عن أرض مصر وهى سر الدفء والحياة والنيل هو واهب الخير لارض مصر وهو الطريق الى الحياة الخالدة
    كما برع الأديب المصرى القديم فى كتابة القصص وحرص على ان تكون الكلمة أداة توصيل للحكمة وآداب السلوك وظل المصريون حريصين على رواية تراثهم من الحكم والامثال وعلى ترديدها باعيادهم واحتفالاتهم وتقاليدهم


    الموسيقى

    اشتهر المصريون فى العصر الفرعونى بحبهم للموسيقى والاقبال عليها واستخدامها فى تربية النشء وفى الاحتفالات الخاصة والعامة خاصة فى الجيش كذلك استخدموها فى الصلاة ودفن الموتى
    عرف القدماء التجمل بالحلى التى تميزت بالدقة الفنية العالية وجمال التشكيل واستمدت العناصر الزخرفية من الطبيعه مثل نبات البردى والنخيل وزهر اللوتس كما استخدموا الاحجار الكريمة فى الزينة والحلى


    المقدمة:


    بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن سار على خطاهم وهديهم إلى يوم الدين..........

    أم بعد:
    سوف أتحدث في هذا التقرير عن مصر القديمة , مصر في عصر الفراعنة, أهم الفنون المصرية منها (العمارة/الأدب/الموسيقى) وغيرها...........




























    الخاتمة:

    الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على رسول الله معلم الخير ....

    أما بعد:
    لقد تعلمت في هذا التقرير العديد من المعلومات التي لم تمر أو اسمعها من قبل .......
    فلقد استنتجت أن تاريخ الحضارة الإنسانية مرتبط بالحضارة المصرية القديمة وأن هذه الحضارة نشأت نتيجة التفاعل بين الإنسان المصري القديم وبيئته الطبيعية واستنتجت أن هذه الحضارة تفاعلت مع عدت حضارة مثل(الرومانية/اليونانية/القبطية........) إذا يدل ذلك على وجود تبادل حضاري بين الحضارات منذ الأزل ...

    ولقد انقسمت الحضارة المصرية القديمة إلى قسمين شمالي وجنوبي ..

    ولقد استنتجت أن هذه الحضارة (الفرعونية) اشتهرت بعدت فنون منها:
    ((فن العمارة حيثوا شيدت الأهرامات والمصاطب),الأدب,الموسيقى,...)

    واستنتجت أيضا أن الفضل يعود على المصريين القدماء في اختراع الكتابة مما جعلني استنتج أكثر أن هذه الحضارة رغم أنها كانت قديمة كانت تسعى لتحقيق حياة أفضل ومجتمع متطور ....

    أخيرا أرجو من هذا التقرير أن ينال إعجابكم وتقديركم و شكرا.........


























    منطقة رأس الخيمة
    وزارة التربية والتعليم
    مدرسة الغيل للتعليم الثانوي






    تقرير بعنوان:











    عمل الطالب:حمد عبدالله محمد راشد
    الصف: الحادي عشر أدبي /2
    المادة:الاجتماع
    بإشراف المعلم: نبيه








    الفهرس




    المقدمة
    1


    مصر في عصرها الفرعوني
    وفنون الحضارة الفرعونية
    2


    فنون الحضارة الفرعونية
    3

    الأسرة في مصر القديمة
    4


    فنون الحضارة الفرعونية في
    العمارة/الادب/المسيقى
    5

    الخاتمة
    6


    المصادر والمراجع
    7
    التعديل الأخير تم بواسطة راعي الحلال ; 15-02-2009 الساعة 08:28 PM

  5. #35
    عضو جديد الصورة الرمزية مواضب
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    الدولة
    الامارات العربية المتحدة
    المشاركات
    42

    افتراضي

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد:
    فإن مشكلة إنحراف الشباب من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمع، والتي ينبغي أن نسخّر كل الإمكانات لمواجهتها والقضاء عليها؛ لما لها من نتائج سلبية على المجتمع بل على الأمة بأسرها. وبلا مقدمات فقد أحببنا أن نسهم بهذه الكلمات اليسيرة في بيان أسباب ومظاهر إنحراف الشباب.

    أولا: أسباب انحراف الشباب


    1 - ضعف الوازع الديني.

    2 - ضعف التربية والرعاية من قبل الوالدين.

    3 - أصدقاء السوء وشِلل الإجرام والفساد.

    4 - تهميش دور الشباب وإحساس الشاب بالغربة وسط أهله.

    5 - الترف الزائد.

    6 - الفراغ القاتل.

    7 - حبّ الشهرة والثراء السريع.

    8 - سن الشباب الداعي إلى المراهقة والمغامرة.

    9 - وفور الشهوة وطغيان الغريزة مع صعوبة الزواج.

    10 - الإستعداد النفسي للانحراف.

    11 - ضغوط المجتمع وعدم وجود بيئة صالحة.

    12 - طول الأمل ونسيان أن أغلب من يموت من الشباب.

    13 - الغفلة عن العقاب في الدنيا والآخرة.

    14 - الفتنة بأهل الغرب وحضارتهم.

    15 - محبة أهل الفساد من المشهورين.

    16 - القنوات الفضائية وما تقدمه من دورس مجانية في الجنس والجريمة بأنواعها.

    17 - الغزو الفكري المدمر.

    18 - وسائل الإعلام بشتى أنواعها.

    19 - البطالة والإستنكاف من الأعمال الدنيا.

    20 - تقصير كثير من المعلمين في المدارس.

    21 - تقصير بعض الدعاة ورجال الحسبة.

    22 - السفر إلى بلاد الخلاعة والمجون.

    23 - تشجيع المجتمع لبعض أنواع الانحراف والمنحرفين.

    24 - سوء خلق بعض المتدينين وغلظتهم.

    25 - قسوة الوالد على أبنائه.

    26 - التدليل الزائد من قبل الوالدين، والوالدة بالأخصّ.

    27 - وجود الخادمات بصورة غير لائقة في البيت.

    28 - تبرج النساء وتهتكهن في الشوارع والأسواق.

    29 - إختلاط الرجال بالنساء في الأماكن العامة وبعض دوائر العمل.

    30 - سيطرة النظرة المادية البحتة والتخلي عن القيم والأخلاق.

    31 - الجهل.


    ثانياً: مظاهرانحراف الشباب

    1 - التهاون بالشعائر التعبدية وأولها الصلاة.

    2 - التميع وعدم الجدية.

    3 - إهدار الأوقات وعدم تقدير قيمة الزمن.

    4 - الإسراف والتبذير.

    5 - الكبر والغرور.

    6 - ارتكاب الفواحش كالزنا واللواط.

    7 - عقوق الوالدين.

    8 - التدخين.

    9 - تعاطي المسكرات والمخدرات.

    10 - تقليد أهل الفساد من المشهورين.

    11 - المعاكسات الهاتفية.

    12 - التشبه بأهل الكفر في ملابسهم وكلامهم ومشيتهم وحركاتهم ورقصهم وقصات شعرهم ومجونهم.

    13 - حب الراحة وعدم الصبر على العمل الجاد المثمر.

    14 - الكبر والغرور والتعالي على الآخرين.

    15 - سوء الخلق وعدم إنزال الناس منازلهم
    .
    .
    .
    .

  6. #36
    عضو جديد الصورة الرمزية ~ عيناوية ~
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    42

    افتراضي

    :: المقدمة ::
    بسم الله الرحمن الرحيم
    يشير الضبط الاجتماعي Social Control، في معناه العام، إلى العمليات والإجراءات، المقصودة وغير المقصودة، التي يتخذها مجتمع ما، أو جزء من هذا المجتمع، لمراقبة سلوك الأفراد فيه، والاستيثاق من أنهم يتصرفون وفقاً للمعايير والقِيم أو النظُم، التي رسمت لهم. ويرتبط الضبط الاجتماعي، في المجتمع الحديث، بالرأي العام، وبالحكومة، من طريق القانون. أمّا في المجتمعات التقليدية، فتسهم الأنماط الاجتماعية، كالعادات الشعبية، والعُرف، بدور كبير في الضبط الاجتماعي.

















    :: الموضوع ::
    وعلى هذا، فقد ذهب كلٌّ من أوجبرن ونيمكوف Ogburn and Nimkoff، إلى أن دارسي علم الاجتماع، يستخدمون اصطلاح الضبط الاجتماعي بطريقة عامة جداً في وصف كلّ الوسائل، التي تستخدمها الجماعة في تحقيق النظام الاجتماعي. ويترتب على هذا الاستخدام، أن العادات الشعبية، وتقسيم العمل، مثلاً، يمكن تصنيفهما من وسائل الضبط الاجتماعي، ماداما يساعدان على استمرار الجماعة وتكاملها. فالضبط، في نظرهما، هو العمليات والوسائل، التي تستخدمها الجماعة في تضييق نطاق الانحرافات عن المعايير الاجتماعية.
    إن كلّ عرف اجتماعي، وكلّ مظهر من مظاهر السلوك العام، هو إلى درجة ما، وسيلة للضبط الاجتماعي؛ بل إن أبسط قواعد السلوك، أو أبسط مظاهر التقاليد أو آداب السلوك العام، هي أدوات ووسائل للضبط الاجتماعي
    1. أهمية الضبط الاجتماعي، وتطور الاهتمام به
    لقد نال موضوع الضبط الاجتماعي عناية كثير من علماء الاجتماع، منذ أن قرر ابن خلدون، أن الضبط الاجتماعي أساس للحياة الاجتماعية، وضمان لأمنها، واستمرار لبقائها. فهو يقول إن الاجتماع الإنساني ضروري، إذ إن الإنسان مدني بطبعه، أيْ لا بدّ له من الاجتماع، الذي هو المدنية. ثم إن هذا الاجتماع، إذا حصل للبشر؛ ومن ثَم، عمران العالم بهم، فلا بدّ من وازع، يدفع بعضهم عن بعض؛ لما في طباعهم الحيوانية من العدوان، والظلم. ويقول، في موضع آخر، إنه لا بدّ للبشر من الحكم الوازع، أيْ الحكم بشرع مفروض من عند الله، يأتي به واحد من البشر؛ وإنه لا بدّ أن يكون متميزاً عنهم بما يودع الله فيه من خواصّ هدايته، ليقع التسليم له،
    والقبول منه؛ حتى يكون الحكم فيهم وعليهم من غير إنكار، ولا تزييف.
    ومن العلماء، الذين أسهموا في دراسة عملية الضبط الاجتماعي والاجتماع القانوني، مونتسكيو Montesquieu، في كتابه "روح القوانين"، حيث أشار إلى أن لكلّ مجتمع قانونه، الذي يلائم بيئته، الطبيعية والاجتماعية؛ أيْ أنه أكد العلاقة بين القانون، والضبط، والظواهر الاجتماعية، والنظُم. وتنبثق من هذه العلاقة روح عامة، تؤثر في السلوك الاجتماعي، وتضبط التصرفات، وتؤثر في المؤسسات والمنظمات، الاجتماعية والقانونية. وقد ازداد الاهتمام بموضوع الضبط الاجتماعي، على يد عالم الاجتماع الأمريكي، إدوارد روس Edward Ross، الذي أكد أهمية الضبط الاجتماعي في الحياة الاجتماعية، وحفظ كيان المجتمع. ثم تطورت دراسة الضبط، في الفترة الأخيرة، بازدياد الأبحاث، التي أجريت على الجماعات وعمليات التفاعل الاجتماعي؛ وما تمخضت به من إبراز لموضوعات جديدة في علم الاجتماع، كمستويات الفعل الاجتماعي، والمعايير الاجتماعية، والقِيم والقواعد العامة للسلوك. لذا، رأى علماء الاجتماع، أن الضبط الاجتماعي، أصبح، في الواقع، مرادفاً للتنظيم الاجتماعي Social Organization، على أساس أن التنظيم الاجتماعي، يشير إلى القيود والأنماط كافة، التي يتولد منها الانضباط والنظام الاجتماعي؛ وإن كان الضبط الاجتماعي يقتصر، في أكثر أشكاله شيوعاً، على التأثير الناجم عن الأجهزة الرسمية. كما اهتم علماء الاجتماع بربط الضبط الاجتماعي ربطاً وثيقاً بالثقافة. وجعلوا من العسير دراسة الضبط الاجتماعي بعيداً عن علم اجتماع الثقافة. مثال ذلك، أن جورفيتش Gorfetch، يرى أن الضبط هو مجموع الأنماط الثقافية، التي يعتمد عليها المجتمع عامة في ضبط التوتر والصراع. فالضبط، إذاً، وسيلة اجتماعية أو ثقافية، تفرض قيوداً منظمة على السلوك الفردي أو الجماعي، لجعله مسايراً لقِيم المجتمع وتقاليده.
    2. أشكال الضبط الاجتماعي
    لما كان الضبط الاجتماعي هو القوة، التي بها يمتثل الأفراد ، نُظُم المجتمع الذي يعيشون فيه؛ فإن وسائل الضبط وأشكاله تختلف من مجتمع إلى آخر، بل في المجتمع الواحد نفسه، باختلاف الزمان والمكان. فالضبط في المجتمعات الشرقية المحافظة، يخالف عن الضبط في تلك الغربية المتحررة. ومن الممكن أن تختلف وسائل الضبط وأشكاله، داخل المجتمع الواحد؛ فهو في صعيد مصر، يكون، عادة، أكثر صرامة وشدة منه في الوجه البحري. كما أن وسائل الضبط في العصور الماضية، هي غيرها في هذه الحديثة، من حيث درجة الشدة والصرامة. وعلى هذا، يرى علماء الاجتماع، أن للضبط شكلَين رئيسيَّين، هما:
    أ. الضبط القهري Coercive Control
    وينشأ هذا الشكل من الضبط بناءً على فاعلية القانون والحكومة والقرارات واللوائح التنظيمية، سواء داخل المجتمع أو الجماعات؛ ويصاحب، عادة، بالقوة أو الخوف من استخدامها. فأنماط السلوك الرادعة، في حالات الجريمة، إنما هي نوع من الضبط القهري، الذي يمارسه المجتمع، لمنع الجريمة، وردع الآخرين عن اقتراف السلوك، الذي ينافي القِيم والمعايير الاجتماعية.
    ب. الضبط المقنِع Persuasive Control
    عماده التفاعلات الاجتماعية والوسائل الاجتماعية المختلفة، التي تقنع المرء بالتزام قيم المجتمع وقوانينه؛ وذلك بناءً على الانتماء إلى الجماعة، وعمليات التطبيع الاجتماعي منذ الصغر، وتعوُّد قِيم الطاعة، ومسايرة المعايير الاجتماعية السائدة داخل المجتمع. وعادة ما يكون الجزاء الاجتماعي على هذا النوع من الضبط الاجتماعي جزاءً معنوياً، بمعنى أن الخروج على قِيم المجتمع، يقابله بنوه بالنبذ والاستهجان، أو البعد عن غير الملتزمين.
    كما قد يكون الضبط الاجتماعي مباشراً، كما هو الحال في القوانين المكتوبة؛ أو غير مباشر، كما يتمثل في التوقعات العامة والعادات والتقاليد غير المكتوبة.

    3. وسائل الضبط الاجتماعي
    من أهم وسائل الضبط الاجتماعي، وأكثرها انتشاراً في المجتمعات الإنسانية، على اختلاف نوعياتها، وتفاوت شدة تلك الوسائل:
    أ. العُرف Mors
    العُرف هو أهم أساليب الضبط الاجتماعي الراسخة في المجتمع، لكونه أهم الطرائق والأساليب، التي توجدها الحياة الاجتماعية، تدريجاً، فينمو مع الزمن، ويزداد ثبوتاً وتأصلاً. ويخضع له أفراد المجتمع أجمعون؛ لأنه يستمد قوّته من فكر الجماعة وعقائدها؛ فضلاً عن تأصله تأصل رغباتها وظروف الحياة المعيشية؛ وإلا لما استقر زمناً طويلاً في المجتمع. والأعراف غالباً ما تستخدم في حالة الجمع، لأنها طرائق عمل الأشياء، التي تحمل في طياتها عامل الجبر والإلزام؛ لأنها تحقق رفاهية الجماعة. واستطراداً، فهي تأخذ طابع المحرمات Taboos، التي تمنع فعل أشياء معينة أو ممارسة معينة. ولذلك، تدين أعرافنا وأد البنات، وأكل لحوم البشر، وزواج المرأة برجلَين في وقت واحد. وقد ذكر سابير Sapir، أن اصطلاح العرف، يطلق على تلك العادات، التي يكتنفها الشعور بالصواب أو الخطأ في أساليب السلوك المختلفة. وعُرف أيّ جماعة هو أخلاقياتها غير المصوغة، وغير المقننة، كما تبدو في السلوك العملي.
    بناء على ذلك، يعنى العُرف المعتقدات الفكرية السائدة، التي غرست، نفسياً، لدى أفراد المجتمع. يمارسونه حتى يصبح أمراً مقدساً، على الرغم من انتفاء قيمته، أحياناً (هذا ما جرى عليه العُرف) (وده في عرفنا كده). وهو أقوى من العادات والتقاليد على التأثير في سلوك الناس.
    ب. العادات والتقاليد
    العادات ظاهرة اجتماعية، تشير إلى كلّ ما يفعله الناس، وتعودوا فعله بالتكرار. وهي ضرورة اجتماعية، إذ تصدر عن غريزة اجتماعية، وليس عن حكومة أو سلطة تشريعية وتنفيذية؛ فهي تلقائية لأن أعضاء المجتمع الواحد، يتعارفون فيما بينهم على ما ينبغي أن يفعلوه؛ وذلك برضاء جميعهم. والعادة قد تكون أحدية، مثل: عادات الإنسان اليومية، في المأكل والملبس، وعادات النوم والاستذكار وغيرها. أمّا العادة الجمعية، فهي التي يتفق عليها أبناء الجماعة، وتنتشر بينهم، مثل عادات المصريين في الأعياد والمواسم الدينية. أمّا التقاليد، فهي خاصية، تتصف بالتوارث من جيل إلى جيل، وتنبع الرغبة في التمسك بها من أنها ميراث من الأسلاف والآباء نافع ومفيد.
    بيد أن ثمة اختلافاً بين العادات والتقاليد، يتمثل في أن العادات الاجتماعية أنماط سلوكية، ألِفها الناس وارتضوها، على مر الزمن؛ ويسيرون على هديها، ويتصرفون بمقتضاها، من دون تفكير فيها. وهى تختلف من مجتمع إلى آخر، وفقاً لظروفه والخواصّ التي تميزه. وهي لا تنشأ من مبادرة أمرئ واحد إلى عمل معين، مرة واحدة؛ بل إن السلوك لكي يصبح عادة اجتماعية، يجب أن يتكرر وينتشر، فيصبح نمطاً للسلوك في مجتمع معين. أمّا التقاليد، فهي أنماط سلوكية، ألِفها الناس، ويشعرون نحوها بقدر كبير من التقديس، ولا يفكرون في العدول عنها أو تغييرها.

    ج. عملية التنشئة الاجتماعية
    هي العملية التي تطبع الإنسان، منذ مراحل الطفولة المبكرة، وتعِده للحياة الاجتماعية المقبلة، التي سيتعامل فيها مع آخرين من غير أسْرته. فالتنشئة الاجتماعية، تعلم الطفل قِيم المجتمع ومعاييره الأساسية، التي سيشارك فيها غيره حينما ينضج. ولقد أثبتت الدراسات، أن الطفل يتأثر بالوراثة من والدَيه، التي لا تنتهي بالمولد؛ وإنما بالتقليد والمحاكاة، يبدأ ببناء شخصيته، بعد أن انعكس أمامه كلّ ما حوله من مؤثرات اجتماعية. ومن ثَمّ، كانت أهمية التنشئة في تكوين العادات وتهذيبها. وفي هذا المجال، يبين جولد سميث Gold Smith أهمية دور المدرسة في تنشئة الطفل وتربيته؛ إذ يتعلم فيها احترام نفسه واحترام الآخرين، كما يتعلم ضبط نفسه. وفي المدرسة، يجد النمط المثالي التالي لنمط والدَيه، متمثلاً في المدرس، فيطيعه، فيغرس فيه المدرس عادة الطاعة والاحترام وبذور الحكمة. وهكذا، تصبح التربية أداة أخلاقية في يد المجتمع، لضبط أبنائه.
    د. القانون Low
    القانون هو أعلى أنواع الضبط الاجتماعي دقة وتنظيماً. وهو يتميز عن بقية الضوابط الأخرى بكونه أكثرها موضوعية وتحديداً، كما ينطوي على عدالة في المعاملة، لا تفرق بين أبناء المجتمع؛ فالثواب والعقاب صنوَان في القانون، وهدف الجزاء والعقاب هو الردع، أو منع وقوع جريمة أو ارتكاب الخطأ. كما أن هناك فائدة أخرى للقانون، إذ يتضح أنه سياج على الحريات الأحدية. ومن ناحية أخرى، فإنه يحدد العقوبات وفقاً للخطر الذي يمثله الخارجون عليه، وطبقاً لمدى جذب الجريمة للمجرم.
    :: الخاتمة ::
    باختصار، إن القانون، بصفته ضابطاً اجتماعياً، ينطوي على جميع الآليات التي تؤهله لمنع الانحراف، وعقاب المنحرف؛ نظراً إلى قوّته الإلزامية، ونصوصه الواضحة، والمحددة، التي توقع الجزاء على من يخالفه.












    :: المصادر والمراجع ::
    1. أحمد زكي بدوي، "معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية"، مكتبة لبنان، بيروت، 1986.
    2. روبرت ماكيفر، وشالزبيج، "المجتمع"، ترجمة على أحمد عيسى، مكتبة النهضة العربية، القاهرة، 1961.
    3. عاطف غيث، "المشاكل الاجتماعية والسلوك الانحرافي"، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1984.
    4. عبدالرحمن بن خلدون، "مقدمة أبن خلدون"، تحقيق وشرح على عبد الواحد وافى، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الثالثة، د.ت، الجزء الأول.
    5. عبدالهادي والى، "التنمية الاجتماعية، مدخل لدراسة المفهومات الأساسية"، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1983.
    6. غريب سيد أحمد وآخرون، "المدخل إلى علم الاجتماع"، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1996.
    7. فوزية دياب، "القيم والعادات الاجتماعية (مع بحث ميداني لبعض العادات الاجتماعية)"، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 1966.
    8. محمد عاطف غيث، "قاموس علم الاجتماع"، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1995.
    9. ميشيل مان، "موسوعة العلوم الاجتماعية"، ترجمة عادل الهواري، وسعد مصلوح، مكتبة الفلاح، العين، 1994.
    10. نبيل السمالوطي، "نظرية علم الاجتماع في دراسة الثقافة، دراسة نظرية وتطبيقية"، دار المعارف، القاهرة، 1984.
    11. Lengermann , P., Definitions of Sociology (A historical Approach), E. Merrill publishing CO., 1974,.
    12. Young , K, & Mack , R., Sociology and Social life , American Book Company N.Y., 1963

    منقووووووووووووووووووول...

  7. #37
    عضو نشيط الصورة الرمزية خـــــلــودي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    الشارقة
    المشاركات
    173

    افتراضي

    هذا عشان جمال عيونج

    :: المقدمة ::
    بسم الله الرحمن الرحيم
    يشير الضبط الاجتماعي Social Control، في معناه العام، إلى العمليات والإجراءات، المقصودة وغير المقصودة، التي يتخذها مجتمع ما، أو جزء من هذا المجتمع، لمراقبة سلوك الأفراد فيه، والاستيثاق من أنهم يتصرفون وفقاً للمعايير والقِيم أو النظُم، التي رسمت لهم. ويرتبط الضبط الاجتماعي، في المجتمع الحديث، بالرأي العام، وبالحكومة، من طريق القانون. أمّا في المجتمعات التقليدية، فتسهم الأنماط الاجتماعية، كالعادات الشعبية، والعُرف، بدور كبير في الضبط الاجتماعي.

















    :: الموضوع ::
    وعلى هذا، فقد ذهب كلٌّ من أوجبرن ونيمكوف Ogburn and Nimkoff، إلى أن دارسي علم الاجتماع، يستخدمون اصطلاح الضبط الاجتماعي بطريقة عامة جداً في وصف كلّ الوسائل، التي تستخدمها الجماعة في تحقيق النظام الاجتماعي. ويترتب على هذا الاستخدام، أن العادات الشعبية، وتقسيم العمل، مثلاً، يمكن تصنيفهما من وسائل الضبط الاجتماعي، ماداما يساعدان على استمرار الجماعة وتكاملها. فالضبط، في نظرهما، هو العمليات والوسائل، التي تستخدمها الجماعة في تضييق نطاق الانحرافات عن المعايير الاجتماعية.
    إن كلّ عرف اجتماعي، وكلّ مظهر من مظاهر السلوك العام، هو إلى درجة ما، وسيلة للضبط الاجتماعي؛ بل إن أبسط قواعد السلوك، أو أبسط مظاهر التقاليد أو آداب السلوك العام، هي أدوات ووسائل للضبط الاجتماعي
    1. أهمية الضبط الاجتماعي، وتطور الاهتمام به
    لقد نال موضوع الضبط الاجتماعي عناية كثير من علماء الاجتماع، منذ أن قرر ابن خلدون، أن الضبط الاجتماعي أساس للحياة الاجتماعية، وضمان لأمنها، واستمرار لبقائها. فهو يقول إن الاجتماع الإنساني ضروري، إذ إن الإنسان مدني بطبعه، أيْ لا بدّ له من الاجتماع، الذي هو المدنية. ثم إن هذا الاجتماع، إذا حصل للبشر؛ ومن ثَم، عمران العالم بهم، فلا بدّ من وازع، يدفع بعضهم عن بعض؛ لما في طباعهم الحيوانية من العدوان، والظلم. ويقول، في موضع آخر، إنه لا بدّ للبشر من الحكم الوازع، أيْ الحكم بشرع مفروض من عند الله، يأتي به واحد من البشر؛ وإنه لا بدّ أن يكون متميزاً عنهم بما يودع الله فيه من خواصّ هدايته، ليقع التسليم له،
    والقبول منه؛ حتى يكون الحكم فيهم وعليهم من غير إنكار، ولا تزييف.
    ومن العلماء، الذين أسهموا في دراسة عملية الضبط الاجتماعي والاجتماع القانوني، مونتسكيو Montesquieu، في كتابه "روح القوانين"، حيث أشار إلى أن لكلّ مجتمع قانونه، الذي يلائم بيئته، الطبيعية والاجتماعية؛ أيْ أنه أكد العلاقة بين القانون، والضبط، والظواهر الاجتماعية، والنظُم. وتنبثق من هذه العلاقة روح عامة، تؤثر في السلوك الاجتماعي، وتضبط التصرفات، وتؤثر في المؤسسات والمنظمات، الاجتماعية والقانونية. وقد ازداد الاهتمام بموضوع الضبط الاجتماعي، على يد عالم الاجتماع الأمريكي، إدوارد روس Edward Ross، الذي أكد أهمية الضبط الاجتماعي في الحياة الاجتماعية، وحفظ كيان المجتمع. ثم تطورت دراسة الضبط، في الفترة الأخيرة، بازدياد الأبحاث، التي أجريت على الجماعات وعمليات التفاعل الاجتماعي؛ وما تمخضت به من إبراز لموضوعات جديدة في علم الاجتماع، كمستويات الفعل الاجتماعي، والمعايير الاجتماعية، والقِيم والقواعد العامة للسلوك. لذا، رأى علماء الاجتماع، أن الضبط الاجتماعي، أصبح، في الواقع، مرادفاً للتنظيم الاجتماعي Social Organization، على أساس أن التنظيم الاجتماعي، يشير إلى القيود والأنماط كافة، التي يتولد منها الانضباط والنظام الاجتماعي؛ وإن كان الضبط الاجتماعي يقتصر، في أكثر أشكاله شيوعاً، على التأثير الناجم عن الأجهزة الرسمية. كما اهتم علماء الاجتماع بربط الضبط الاجتماعي ربطاً وثيقاً بالثقافة. وجعلوا من العسير دراسة الضبط الاجتماعي بعيداً عن علم اجتماع الثقافة. مثال ذلك، أن جورفيتش Gorfetch، يرى أن الضبط هو مجموع الأنماط الثقافية، التي يعتمد عليها المجتمع عامة في ضبط التوتر والصراع. فالضبط، إذاً، وسيلة اجتماعية أو ثقافية، تفرض قيوداً منظمة على السلوك الفردي أو الجماعي، لجعله مسايراً لقِيم المجتمع وتقاليده.
    2. أشكال الضبط الاجتماعي
    لما كان الضبط الاجتماعي هو القوة، التي بها يمتثل الأفراد ، نُظُم المجتمع الذي يعيشون فيه؛ فإن وسائل الضبط وأشكاله تختلف من مجتمع إلى آخر، بل في المجتمع الواحد نفسه، باختلاف الزمان والمكان. فالضبط في المجتمعات الشرقية المحافظة، يخالف عن الضبط في تلك الغربية المتحررة. ومن الممكن أن تختلف وسائل الضبط وأشكاله، داخل المجتمع الواحد؛ فهو في صعيد مصر، يكون، عادة، أكثر صرامة وشدة منه في الوجه البحري. كما أن وسائل الضبط في العصور الماضية، هي غيرها في هذه الحديثة، من حيث درجة الشدة والصرامة. وعلى هذا، يرى علماء الاجتماع، أن للضبط شكلَين رئيسيَّين، هما:
    أ. الضبط القهري Coercive Control
    وينشأ هذا الشكل من الضبط بناءً على فاعلية القانون والحكومة والقرارات واللوائح التنظيمية، سواء داخل المجتمع أو الجماعات؛ ويصاحب، عادة، بالقوة أو الخوف من استخدامها. فأنماط السلوك الرادعة، في حالات الجريمة، إنما هي نوع من الضبط القهري، الذي يمارسه المجتمع، لمنع الجريمة، وردع الآخرين عن اقتراف السلوك، الذي ينافي القِيم والمعايير الاجتماعية.
    ب. الضبط المقنِع Persuasive Control
    عماده التفاعلات الاجتماعية والوسائل الاجتماعية المختلفة، التي تقنع المرء بالتزام قيم المجتمع وقوانينه؛ وذلك بناءً على الانتماء إلى الجماعة، وعمليات التطبيع الاجتماعي منذ الصغر، وتعوُّد قِيم الطاعة، ومسايرة المعايير الاجتماعية السائدة داخل المجتمع. وعادة ما يكون الجزاء الاجتماعي على هذا النوع من الضبط الاجتماعي جزاءً معنوياً، بمعنى أن الخروج على قِيم المجتمع، يقابله بنوه بالنبذ والاستهجان، أو البعد عن غير الملتزمين.
    كما قد يكون الضبط الاجتماعي مباشراً، كما هو الحال في القوانين المكتوبة؛ أو غير مباشر، كما يتمثل في التوقعات العامة والعادات والتقاليد غير المكتوبة.

    3. وسائل الضبط الاجتماعي
    من أهم وسائل الضبط الاجتماعي، وأكثرها انتشاراً في المجتمعات الإنسانية، على اختلاف نوعياتها، وتفاوت شدة تلك الوسائل:
    أ. العُرف Mors
    العُرف هو أهم أساليب الضبط الاجتماعي الراسخة في المجتمع، لكونه أهم الطرائق والأساليب، التي توجدها الحياة الاجتماعية، تدريجاً، فينمو مع الزمن، ويزداد ثبوتاً وتأصلاً. ويخضع له أفراد المجتمع أجمعون؛ لأنه يستمد قوّته من فكر الجماعة وعقائدها؛ فضلاً عن تأصله تأصل رغباتها وظروف الحياة المعيشية؛ وإلا لما استقر زمناً طويلاً في المجتمع. والأعراف غالباً ما تستخدم في حالة الجمع، لأنها طرائق عمل الأشياء، التي تحمل في طياتها عامل الجبر والإلزام؛ لأنها تحقق رفاهية الجماعة. واستطراداً، فهي تأخذ طابع المحرمات Taboos، التي تمنع فعل أشياء معينة أو ممارسة معينة. ولذلك، تدين أعرافنا وأد البنات، وأكل لحوم البشر، وزواج المرأة برجلَين في وقت واحد. وقد ذكر سابير Sapir، أن اصطلاح العرف، يطلق على تلك العادات، التي يكتنفها الشعور بالصواب أو الخطأ في أساليب السلوك المختلفة. وعُرف أيّ جماعة هو أخلاقياتها غير المصوغة، وغير المقننة، كما تبدو في السلوك العملي.
    بناء على ذلك، يعنى العُرف المعتقدات الفكرية السائدة، التي غرست، نفسياً، لدى أفراد المجتمع. يمارسونه حتى يصبح أمراً مقدساً، على الرغم من انتفاء قيمته، أحياناً (هذا ما جرى عليه العُرف) (وده في عرفنا كده). وهو أقوى من العادات والتقاليد على التأثير في سلوك الناس.
    ب. العادات والتقاليد
    العادات ظاهرة اجتماعية، تشير إلى كلّ ما يفعله الناس، وتعودوا فعله بالتكرار. وهي ضرورة اجتماعية، إذ تصدر عن غريزة اجتماعية، وليس عن حكومة أو سلطة تشريعية وتنفيذية؛ فهي تلقائية لأن أعضاء المجتمع الواحد، يتعارفون فيما بينهم على ما ينبغي أن يفعلوه؛ وذلك برضاء جميعهم. والعادة قد تكون أحدية، مثل: عادات الإنسان اليومية، في المأكل والملبس، وعادات النوم والاستذكار وغيرها. أمّا العادة الجمعية، فهي التي يتفق عليها أبناء الجماعة، وتنتشر بينهم، مثل عادات المصريين في الأعياد والمواسم الدينية. أمّا التقاليد، فهي خاصية، تتصف بالتوارث من جيل إلى جيل، وتنبع الرغبة في التمسك بها من أنها ميراث من الأسلاف والآباء نافع ومفيد.
    بيد أن ثمة اختلافاً بين العادات والتقاليد، يتمثل في أن العادات الاجتماعية أنماط سلوكية، ألِفها الناس وارتضوها، على مر الزمن؛ ويسيرون على هديها، ويتصرفون بمقتضاها، من دون تفكير فيها. وهى تختلف من مجتمع إلى آخر، وفقاً لظروفه والخواصّ التي تميزه. وهي لا تنشأ من مبادرة أمرئ واحد إلى عمل معين، مرة واحدة؛ بل إن السلوك لكي يصبح عادة اجتماعية، يجب أن يتكرر وينتشر، فيصبح نمطاً للسلوك في مجتمع معين. أمّا التقاليد، فهي أنماط سلوكية، ألِفها الناس، ويشعرون نحوها بقدر كبير من التقديس، ولا يفكرون في العدول عنها أو تغييرها.

    ج. عملية التنشئة الاجتماعية
    هي العملية التي تطبع الإنسان، منذ مراحل الطفولة المبكرة، وتعِده للحياة الاجتماعية المقبلة، التي سيتعامل فيها مع آخرين من غير أسْرته. فالتنشئة الاجتماعية، تعلم الطفل قِيم المجتمع ومعاييره الأساسية، التي سيشارك فيها غيره حينما ينضج. ولقد أثبتت الدراسات، أن الطفل يتأثر بالوراثة من والدَيه، التي لا تنتهي بالمولد؛ وإنما بالتقليد والمحاكاة، يبدأ ببناء شخصيته، بعد أن انعكس أمامه كلّ ما حوله من مؤثرات اجتماعية. ومن ثَمّ، كانت أهمية التنشئة في تكوين العادات وتهذيبها. وفي هذا المجال، يبين جولد سميث Gold Smith أهمية دور المدرسة في تنشئة الطفل وتربيته؛ إذ يتعلم فيها احترام نفسه واحترام الآخرين، كما يتعلم ضبط نفسه. وفي المدرسة، يجد النمط المثالي التالي لنمط والدَيه، متمثلاً في المدرس، فيطيعه، فيغرس فيه المدرس عادة الطاعة والاحترام وبذور الحكمة. وهكذا، تصبح التربية أداة أخلاقية في يد المجتمع، لضبط أبنائه.
    د. القانون Low
    القانون هو أعلى أنواع الضبط الاجتماعي دقة وتنظيماً. وهو يتميز عن بقية الضوابط الأخرى بكونه أكثرها موضوعية وتحديداً، كما ينطوي على عدالة في المعاملة، لا تفرق بين أبناء المجتمع؛ فالثواب والعقاب صنوَان في القانون، وهدف الجزاء والعقاب هو الردع، أو منع وقوع جريمة أو ارتكاب الخطأ. كما أن هناك فائدة أخرى للقانون، إذ يتضح أنه سياج على الحريات الأحدية. ومن ناحية أخرى، فإنه يحدد العقوبات وفقاً للخطر الذي يمثله الخارجون عليه، وطبقاً لمدى جذب الجريمة للمجرم.
    :: الخاتمة ::
    باختصار، إن القانون، بصفته ضابطاً اجتماعياً، ينطوي على جميع الآليات التي تؤهله لمنع الانحراف، وعقاب المنحرف؛ نظراً إلى قوّته الإلزامية، ونصوصه الواضحة، والمحددة، التي توقع الجزاء على من يخالفه.












    :: المصادر والمراجع ::
    1. أحمد زكي بدوي، "معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية"، مكتبة لبنان، بيروت، 1986.
    2. روبرت ماكيفر، وشالزبيج، "المجتمع"، ترجمة على أحمد عيسى، مكتبة النهضة العربية، القاهرة، 1961.
    3. عاطف غيث، "المشاكل الاجتماعية والسلوك الانحرافي"، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1984.
    4. عبدالرحمن بن خلدون، "مقدمة أبن خلدون"، تحقيق وشرح على عبد الواحد وافى، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الثالثة، د.ت، الجزء الأول.
    5. عبدالهادي والى، "التنمية الاجتماعية، مدخل لدراسة المفهومات الأساسية"، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1983.
    6. غريب سيد أحمد وآخرون، "المدخل إلى علم الاجتماع"، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1996.
    7. فوزية دياب، "القيم والعادات الاجتماعية (مع بحث ميداني لبعض العادات الاجتماعية)"، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 1966.
    8. محمد عاطف غيث، "قاموس علم الاجتماع"، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1995.
    9. ميشيل مان، "موسوعة العلوم الاجتماعية"، ترجمة عادل الهواري، وسعد مصلوح، مكتبة الفلاح، العين، 1994.
    10. نبيل السمالوطي، "نظرية علم الاجتماع في دراسة الثقافة، دراسة نظرية وتطبيقية"، دار المعارف، القاهرة، 1984.

  8. #38
    عضو متألق
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    الدولة
    UAE وافتخر والله
    المشاركات
    921

    افتراضي

    تفضلي اختي هذي بعض المعلومات وان شاء الله تفيدج
    كارثة..أسمها البطالة

    إنها حقا كارثة تستوجب الوقوف .. ولفت الانتباه .. فالواقع يؤكد أن معدلات البطالة فى تزايد مستمر ، الجميع يحاول البحث عن طريق للخروج من الأزمة ولكن الواضح أنه يزداد ابتعادا!!

    فى السطور التالية نحاول الاقتراب من جذور المشكلة بشكل موضوعى بعيدأ عن المزايدات وإلقاء الاتهامات فى محاولة للوقوف على تفاصيل وأبعاد القضية فى محاولة لإيجاد الطريق الصحيح

    البطالة ، بوجه عام، هى تعبير عن قصور فى تحقيق الغايات من العمل فى المجتمعات البشرية، وحيث الغايات من العمل متعددة، تتعدد مفاهيم البطالة فيقصد بالبطالة السافرة وجود أفراد قادرين على العمل وراغبين فيه، ولكنهم لا يجدون عملاً ، وللأسف يقتصر الاهتمام بالبطالة، فى حالات كثيرة، على البطالة السافرة فقط.

    لكن مفهوم البطالة، أو نقص التشغيل، يمتد إلى الحالات التى يمارس فيها فرد عملاً ولكن لوقت أقل من وقت العمل المعتاد، أو المرغوب. وتسمى هذه الظاهرة البطالة الجزئية الظاهرة أو نقص التشغيل الظاهر. ويمكن اعتبار نقص التشغيل الظاهر تنويعة على صنف البطالة السافرة.

    ويحدث فى بعض المجتمعات أن يعانى بعض من أفرادها، فى الوقت نفسه، من زيادة فى التشغيل، بمعنى عملهم وقتاً أطول من معيار معتاد لكى يتمكنوا من الوفاء باحتياجاتهم، وهو وجه آخر من أوجه اختلال التشغيل فى المجتمع.

    كذلك يمكن أن يعانى الأشخاص المشتغلون، ولو كل الوقت المعتاد، من نقص التشغيل المستتر أو البطالة المقنعة، عندما تكون إنتاجيتهم، أو كسبهم، أو استغلال مهاراتهم وقدراتهم، متدنية حسب معيار ما، وهذه أخبث أنواع البطالة، خاصة فى المجتمعات النامية. حيث نقص التشغيل المستتر هو الوجه الآخر لتدنى الإنتاجية الاجتماعية للعمل المبذول؛ أو لقصور الدخل من العمل عن الوفاء بالحاجات الأساسية، ومن ثم انخفاض مستوى الرفاه الاجتماعى الكلى، أى الإفقار؛ أو لإهدار الطاقات البشرية والاستثمار فى التعليم نتيجة لقلة التوافق بين نظم التعليم واحتياجات سوق العمل؛ أو لتحمل شروط عمل غير آدمية مثل وقت عمل بالغ الطول أو بيئة عمل مضرة؛ وكلها قسمات جوهرية للتخلف. ومن أسفٍ، أن نقص التشغيل المستتر لا يلقى العناية الواجبة فى مناقشة البطالة. ويعود هذا، أساساً، إلى الصعوبات الكبيرة التى تحيط بهذه الظاهرة، فى الفهم والقياس والتشخيص والعلاج.

    وتزداد أهمية التفرقة بين ألوان البطالة فى البلدان النامية التى لا يلتحق بالقطاع الحديث من النشاط الاقتصادى فيها إلا قلة من العاملين. حتى هذه القلة لا تتمتع بمزايا العمل، أو التعويض عن البطالة، المعتادة فى الاقتصادات الرأسمالية الناضجة (لهذا لا يستقيم، كما يقال أحياناً، أن معدل البطالة فى مصر يقل عن أوروبا مثلاً).

    يتأثر تقدير حجم البطالة في مصر بالمشاكل المفاهيمية والعجز الإحصائي بالشكل الذي ظهر فيما سبق ، حيث إن أول ما يواجهنا من عقبات عند التصدي لقضية البطالة هو قلة البيانات وعدم دقتها بشكل يقود إلى تصور إجراءات التصحيح والعلاج.

    ويمكننا تتبع تطور حجم مشكلة البطالة في مصر من خلال بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حول تقدير حجم البطالة حيث نجد أنه في عام 1960 كان معدل البطالة 2.5 % من إجمالي حجم القوى العاملة، وفي تعداد 1976 يقفز الرقم إلى 7.7 % ثم إلى 14.7 % من تعداد 1986، ولكنه وصل في 1996 8.8 %.

    على أنه من المهم هنا أن تشير إلى أن تلك الأرقام تتعلق فقط بالبطالة السافرة فهي لا تشمل البطالة المقنعة الإنتاجية كما لا تشمل البطالة الموسمية أي هؤلاء الذي يعملون في موسم معين ثم يتعطلون باقي العام كما لا تشمل أولئك الذين يعملون في حرف وقطاعات هامشية لا استقرار فيها تتسم بضعف الدخل للدرجة التي لا توفر الحياة اللائقة.

    أما بالنسبة لرقم ومعدل البطالة الحقيقية في الوقت الراهن فهناك اختلاف فيها، فبيانات الحكومة متمثلة في الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تشير إلى أن عدد العاطلين في مصر قد بلغ نحو 1.78 مليون عاطل في بداية عام 2002 بما يعني أن معدل البطالة قد بلغ نحو 9.1 % وبالمقابل تشير بيانات البنك المركزي المصري في نشرته الإحصائية والشهرية الصادرة في أبريل 2002، إلى أن عدد العاطلين في مصر ثابت عند 1.5 مليون عاطل من العام المالي 69/97 وحتى العام المالي 2000/2001 حيث بلغ 7.6 % من إجمالي قوة العمل البالغ نحو 19.5 مليون نسمه.

    وهذه البيانات بدورها تختلف عن البيانات التي أوردها صندوق النقد الدولي في تقريره لعام 2001، ولكنها جاءت معتمدة على بيانات عام 1995، وهو العام الذي تتوقف عنده بيانات صندوق النقد الدولي لعدم وجود بيانات يمكن للصندوق أن يأخذ بها للأعوام التالية لعام 1995.

    كما يمكن الوصول إلى تقدير رقم أخر لحجم البطالة يختلف عن الأرقام السابقة، ويستمد من بيانات حكومية موثقة وذلك من خلال البيانات التي أعلنتها اللجنة العليا للتشغيل برئاسة رئيس الوزراء عند تطبيقها لنظام للتعامل المتقدمين لشغل عدد 170 ألف وظيفة حكومية تم الإعلان عنها عام 2001 فقد بلغ عدد عن يسحب استمارة تشغيل نحو 7 مليون شخص أما من قام بتقديم طلب فعلي لشغل الوظيفة فقد بلغ نحو 4.40 مليون.

    وقد أشارت اللجنة الوزارية العليا للتشغيل إلى أن 53.5 % من بين 4.4 مليون تقدموا لشغل الوظائف الحكومية لا تنطبق عليهم الشروط وهذا يعني أن 46.5 % منهم أي نحو 2.05 مليون تنطبق عليهم الشروط وأولها أن يكون عاطلاً عن العمل.

    يضاف إلى ذلك أنه لو تأملنا من اعتبرت الحكومة أن الشروط لا تنطبق عليهم سنجد أنهم لا زالوا داخل دائرة من يعتبر عاطل، ولكنهم خرجوا من دائرة المنافسة على 170 ألف فرصة عمل بسبب شروط أخرى للتشغيل، حيث أن 10 % من عدد المتقدمين أي نحو 440 ألف لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم بلا مؤهلات كما أنها اعتبرت أن 6.5 % من المتقدمين أي نحو 286 ألفاً لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم من خريجي ما قبل 1984.

    كما أنها اعتبرت أن 10% من المتقدمين أي 440 ألفاً لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم يعملون في أعمال غير دائمة وغير مؤمن عليهم. كما أعلنت اللجنة أن شروط التشغيل لا تنطبق على نحو 15 % من المتقدمين أي نحو 660 ألفاً باعتبارهم من النساء، ممن هن من خريجات النظام التعليمي اللاتي تزوجن ويعشن حياة مستقرة وكأن زواج المرأة واستقرارها يخرجها من قوة العمل، رغم أنهن في سن العمل ويرغبن في العمل وقادرات عليه.

    وبناء على البيانات السابقة فإن عدد العاطلين وفقاً لهذا المصدر الحكومي يصبح 3.436 مليون عاطل (أي أكثر من ضعف الرقم الرسمي المعلن للبطالة) وهو عبارة عن 2.05 اعتبرت الحكومة أنهم تنطبق عليهم شروط التشغيل الحكومي ونحو 660 ألف امرأة مؤهلة وقادرة وطلبت العمل وهي في سن النشاط الاقتصادي، ونحو 440 ألف عاطل من غير المؤهلين ونحو 286 ألفاً من العاطلين من خريجي النظام التعليمي قبل عام 1984 أو بعد عام 200.

    وبذلك تتضح حقيقة حجم مشكلة البطالة حيث يتوقع أن حجم البطالة الحقيقي لا يقل بأي حال من الأحوال عن 17 % : 20 % من حجم قوة العمل ومما يفاقم من خطورة هذا المعدل المرتفع لنسبة البطالة إلى قوة العمل ما تتسم به كتلة العاطلين في مصر من سمات خاصة هي:

    1. أن الشطر الأعظم من كتلة البطالة يتمثل في بطالة الشباب الذين يدخلون سوق العمل لأول مرة فبناء على بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإنه في عام 1992 كان عدد العاطلين من الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 15، 40 عاماً قد بلغ نحو 1.47 مليون عاطل بما شكل نحو 99% من عدد العاطلين كما تركزت البطالة في الفئة الأكثر شباباً ممن تتراوح أعمارهم بين 15، و30 عاماً، حيث بلغ عدد العاطلين منهم عام 99 نحو 1.31 مليون عاطل بما شكل نحو 88 % من عدد العاطلين في ذلك العام.

    2. أن البطالة في مصر هي بطالة متعلمة فالغالبية العظمى من العاطلين من خريجي الجامعات ومدارس ثانوية، ويلاحظ أن نسبة المتعلمين في كتلة المتعطلين أخذه في الازدياد وهو ما يعني إهدار طاقات وموارد استثمارية تم استثمارها في العملية التعليمية دون أن ينتج عنها عائد، يتمثل في تشغيل هذه الطاقة البشرية لتصبح منتجة.

    فقد كانت تشكل نحو 76 % من جملة المتعطلين في عام 1986 أما في عام 2001 فإنه وفقاً للبيانات المستخدمة من بيانات اللجنة العليا للتشغيل فإن العدد الإجمالي للمتعطلين بلغ 3.438 مليون عاطل منهم نحو 3 ملايين متعلم مما يعني أن المتعلمين يشكلون نحو 87.3 من عدد المتعطلين.

    3. ارتفاع نسبة البطالة بين النساء ففي عام 1988 كانت نسبة البطالة بين النساء في الحضر 22.1 % مقابل 8.4% بالنسبة للبطالة بين الرجال أما في الريف فكانت النسبة أكبر من ذلك حيث بلغت 26.3 % بينما سجلت معدلات البطالة في صفوف الرجال في الريف انخفاضاً عن مثيله في الحضر، فقد بلغ نحو 6.6 %، أما إذا عدنا للبيانات التي أعلنتها اللجنة العليا للتوظيف في المذكرة آنفاً فإننا سوف نجد أن هناك 660 ألف إمرأة متعلمة وفي سن العمل وراغبة في فيه تعاني من البطالة ولا شك أن هذا الرقم عرضة لأن يرتفع بشكل كبير إذا ما أضفنا إليه إجمالي عدد النساء ممن هم في سن العمل وراغبات في العمل ولكنهم لم يتقدمن لشغل الوظائف المعلن عنها لكونهن غير متعلمين، أو لكونهن من خريجي النظام التعليمي قبل 1984 أو بعد عام 2000، وهي على أي حال من العاطلات.

    4. اتجاه معدلات البطالة للارتفاع في الحضر بعد أن كانت في فترات سابقة ترتفع بنسبة أكبر في الريف، حيث تشير بيانات تقرير التنمية البشرية 1995 إلى أن معدلات البطالة في الحضر كانت 12.5 % مقابل 9.2 % في الريف، وربما يمكن تفسير ذلك بتزايد معدلات هجرة الأيدي العاملة العاطلة من الريف إلى المدن سعياً وراء فرصة عمل وخصوصاً في القطاعات الهامشية التي تزدهر في المدن، كما يمكن إيجاد تفسير لهذه الزيادة في كون الجزء الأكبر من البطالة هي بطالة متعلمة وهي عادة موجودة بنسبة أكبر في الحضر إلى جانب قدرة قطاع الزراعة وخاصة الزراعة العائلية على استيعاب عمالة إضافية حتى وإن كانت زائدة عن حاجة العمل مما يقلل من نسبة البطالة الظاهرة في الريف مقابل زيادة نسبة البطالة المقنعة.

    أسباب مشكلة البطالة:

    ترجع أسباب مشكلة البطالة في الجزء الأكبر منها إلى أسباب هيكلية تعود إلى طبيعة نمو الاقتصاد المصري كاقتصاد نامي يعاني من اختلالات هيكلية داخلية وخارجية تتمثل في الاختلال في ميزان المدفوعات والاختلال في الموازنة العامة للدولة، إلى جانب وجود فجوة كبيرة بين كل من الادخار والاستثمار وبالتالي الإنتاج والاستهلاك.

    ولاشك أن البحث في أسباب مشكلة البطالة لابد من ربطه بنمط عملية التنمية السائدة فقد شهد الاقتصاد المصري تقلب في أكثر من نمط من أنماط التنمية فمن نمط اقتصاد الحر الرأسمالي قبل ثورة يوليو 52، إلى نمط الاقتصاد الاشتراكي الموجه مع ما صاحبه من التزام الدولة باستيعاب الجزء الأكبر من العمالة في دولار العمل الحكومي بشقيه الإنتاجي والخدمي، حيث أدي ذلك إلى خفض معدلات البطالة في تلك الفترة فرغم ما مر به الاقتصاد المصري في الفترة من 1968 إلى 1973 من صعوبات نتيجة لتوجيه وتعبئة الجزء الأكبر من موارده لصالح الاتفاق العسكري إلى جانب ما صاحبه ذلك من تدهور معدل الاستثمار المحلي إلا أن معدلات البطالة في تلك الفترة كانت تدور حول معدلات منخفضة إذا ما قورنت بالوقت الراهن (2.2 % من حجم قوة العمل) الأمر الذي قد يرجع إلى استيعاب القوات المسلحة لجزء كبير من قوة العمل مع زيادة سنوات الخدمة العسكرية.

    ومع بداية تحول الاقتصاد المصري من نمط التنمية المعتمد على الاقتصاد الاشتراكي الموجه إلى تنفيذ ما سمي بسياسات الانفتاح الاقتصادي في النصف الثاني من السبعينيات اتجهت معدلات البطالة نحو الارتفاع النسبي إلا أن هذا الارتفاع ظل في الحدود المقبولة فقد تراوح معدل البطالة بين 2.3 % و5.6 % طوال هذه الفترة حيث مكن زيادة حجم الإنفاق الحكومي في ذلك الوقت ممن إعادة الإعمار وزيادة موارد مصر من النقد الأجنبي سواء كان ذلك من البترول أو تحويلات العاملين بالخارج أو حصيلة السياحة إضافة إلى القروض الضخمة التي حصلت عليها مصر آنذاك، كما ساهم استيعاب أسواق العمالة بالخليج العربي لأعداد كبيرة من العمال والفنيين المصريين في تأجيل انفجار مشكلة البطالة إلى عقدي الثمانينيات والتسعينيات حيث شهدت فترة الثمانينات العديد من العوامل التي أدت إلى تفاقم مشكلة البطالة.

    إذ ساهمت مجموعة من العوامل الخارجية في إضعاف معدلات الاستثمار وبالتالي زيادة حجم البطالة من هذه العوامل انخفاض الحصيلة من بيع البترول المصري نتيجة لانخفاض أسعارها إلى جانب قلة حجم الصادرات المصرية الأخرى. يضاف إلى ذلك تفاقم مشكلة ديون مصر الخارجية وزيادة أعباء خدمة الدين مع ما صاحب ذلك من قيود على قدرة مصر على الاقتراض.

    كل هذه عوامل وأسباب ساهمت في تفاقم مشكلة البطالة بدءاً من عام 1991 لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي حيث اتخذت مشكلة البطالة أبعاداًً جديدة فما هو أثر تطبيقه برنامج الإصلاح الاقتصادي على مشكلة البطالة.

    ويترتب على الاعتراف بتنوع صنوف البطالة تفهّم أن للبطالة أو نقص التشغيل، فى سياق الاقتصاد الكلى للبلدان النامية، آثاراً وخيمة على الرفاه البشرى. فانتشار البطالة يحرم المتعطلين من الكسب، مصدر العيش الأساسى لسواد الناس فى هذه البلدان. واستشراء البطالة المستترة) يضغط على الأجور، وهى متدنية أصلاً، ويُقلل من قدرتها على اللحاق بمتصاعد الغلاء. وحيث يشتد وقع البطالة على القطاعات الأضعف من المجتمع، الفقراء والنساء، تُساعد البطالة على زيادة التشرذم الاجتماعى.

    وفى منظور إمكان التنمية لابد وأن يؤدى اشتداد نقص التشغيل إلى تفاقم قصور الإنتاج عن إشباع الحاجات الإنسانية، معمقاً بذلك الاعتماد على العالم الخارجى، فى الوفاء بهذه الحاجات، ومُزيداً من اللجوء إلى القروض والمعونات، لتمويل شراء هذه الحاجات، مما يُعيد إنتاج التبعية لمراكز الاقتصاد العالمى، فقط على درك أدنى من العجز، وغياب القدرة على التنافس فى المعترك الاقتصادى الدولى. وتكون المحصلة هى استفحال مشكلة التخلف فى حلقة شريرة يتعين العمل على كسرها.

    مفهوم "التشغيل الكامل"

    التشغيل الكامل هو نقيض البطالة، بالمفهوم الواسع. ولذلك فإن هدف مكافحة البطالة فى بلد نام كمصر يتعين أن يكون بناء البنية الاقتصادية والمؤسسية الهادفة لتحقيق التشغيل الكامل.

    وعلى وجه التحديد، يعنى التشغيل الكامل، توافر "عمل جيد" لكل من يطلب عملاً. عمل منتج، يوظف الفرد فيه قدرته وإمكاناته، ويحقق فيه ذاته، وتتوافر له فيه فرص النمو والتطور، تحت ظروف تتسق والكرامة الإنسانية، ويكسب منه ما يكفى لتفادى الفقر والمهانة.

    فى هذا المنظور، يتضح أن البطالة صنو للفقر، حينما يعرف الفقر حسب تعريف برنامج الأمم المتحدة الإنمائى- بمعنى قصور القدرة الإنسانية عن الوفاء بأحقيات البشر فى حياة كريمة، والذى يرى فى الضعف الاجتماعى أو قلة الحيلة مسبب أساسى للفقر. حيث تعد القدرة على العمل رأس المال الوحيد، أو الأهم، للغالبية الساحقة من الفقراء. ورغم أن أفقر الفقراء لا يطيقون ترف البطالة السافرة، حيث يتعين عليهم التعلق بعمل ما من أجل البقاء، فإن مستوى الرفاه الناتج عن نوع الأعمال التى يقومون بها، أو ظروف العمل، تكون من التدنى بحيث لا يمكن وصفها بأنها أعمال "جيدة"، وتندرج، من ثم، تحت صنف أو آخر من صنوف البطالة.

    وبناء على ذلك، يصبح خلق فرص العمل المنتجة، والمكسبة، فى المجتمعات التى ينتشر فيها الفقر وتتفاقم البطالة وتضعف شبكات الحماية الاجتماعية، أهم سبل مكافحة الفقر، والتخلف بوجه عام.

    أزمة البيانات

    للأسف، يزداد قيد فقر البيانات عن التشغيل والبطالة بوجه خاص، إحكاماً فى مصر. ففى محاولة سابقة لتقدير موقف البطالة فى مصر، فى منتصف التسعينيات، كانت قاعدة البيانات المتاحة تشمل، بالإضافة إلى بيانات تعداد السكان، بيانات مسح قوة العمل بالعينة. أما الآن فتقتصر مصادر البيانات المتاحة على تعداد السكان الذى يجرى مرة كل عشر سنوات (تعود آخر بيانات متاحة من مسح قوة العمل بالعينة إلى عام 1995[1]). وبالمقارنة بالتعداد، يتسم مسح قوة العمل بالعينة بثلاث ميزات، الأولى أنه يجرى على دورية أقصر كثيراً من التعداد- مرة كل سنة منذ عام 1957 وكان يجرى لعدة سنوات مرة كل ثلاثة شهور، كما يجب عند الرغبة فى متابعة ظاهرة مهمة تتغير بسرعة. والميزة الثانية هى تخصص المسح فى أمور التشغيل والبطالة، مما يعنى توافر بعض الخصائص التفصيلية التى لا يتطرق إليها التعداد- مثل مدة التعطل. أما الميزة الثالثة للمسح، فتتمثل فى أن مسوح العينة يمكن، خاصة فى ظروف بلد كمصر، أن ينتج عنها بيانات أدق من عمليات الحصر الكامل الضخمة – وهناك فعلاً مؤشرات على قلة دقة التعداد الأخير (انظر مثلاً فى نسبة النوع المترتبة على بيانات التعداد).

    وعلى هذا، تقتصر قاعدة البيانات الرسمية المتاحة لنا الآن لتقييم موقف البطالة فى مصر على نتائج تعداد السكان وبقايا مسح قوة العمل بالعينة.

    وعلى الرغم من قيمته، فإن مسح قوة العمل بالعينة كان يعانى من نقائص متعددة يهمنا منها هنا أنه كان يميل للتقليل من مدى مساهمة النساء والأطفال وكبار السن فى النشاط الاقتصادى، ويقلل من تقدير مستوى البطالة السافرة (خاصة بسبب استبعاد ما يسمى البطالة اليائسة من البطالة- نتيجة لاشتراط البحث "الجاد" عن عمل خلال الفترة المرجعية للمسح). وقد قدرنا (1995) أن تصحيح آثار هذه العيوب يؤدى لزيادة معدل البطالة بما يوازى 2-4 نقطة مئوية فى مطلع التسعينيات.

    والجدير بالذكر أن التعداد يعانى من النقائص نفسها المذكورة أعلاه. بمعنى أنه يُتوقع أيضاً أن يقلل التعداد من مستوى البطالة السافرة. وإضافة، كما أشرنا قبلاً، يُنتظر أن يعانى التعداد من مستوى أعلى من قلة الكفاءة، ومن ثم، أخطاء القياس، بالمقارنة بمسح صغير الحجم نسبياً. إلا أنه، بفرض تساوى مستوى الكفاءة، فإن التعداد يتوقع أن يؤدى، لسبب فنى (الفترة المرجعية للتعداد أقصر)، لمعدل بطالة أعلى من مسح قوة العمل بالعينة، ويظهر هذا الفارق فى شكل (1) فى غالبية الفترة الزمنية التى توافر فيها المصدران.

    وزيادة على كل ما سبق، وبالتعارض مع التوصيات الدولية، وبالتنافى مع واقع سوق العمل المصرى، فإن تعداد 1996 ينهى تقليداً قديماً فى التعدادات المصرية، بقصر قياس المشاركة فى النشاط الاقتصادى والبطالة على الأفراد البالغين من العمر خمسة عشر عاماً فأكثر. فحتى تعداد 1986، كان الحد الأدنى لسن العمل ست سنوات (يلاحظ أنه، حكماً ببيانات تعداد 1986، يؤدى رفع الحد الأدنى لسن العمل إلى رفع معدل البطالة السافرة).

    وحالة البيانات عن صنوف البطالة غير السافرة حتى أسوأ مما سبق وصفه. ويصل فقر البيانات أشده فى حالة البطالة المستترة، فبيانات الكسب والإنتاجية غاية فى الضعف.

    ولا ريب فى أنه يصعب القول بجدية وجود أولوية مرتفعة لمواجهة البطالة فى الوقت الذى تتردى فيه قاعدة البيانات عن الموضوع.

    وفقاً للتعداد الأخير: البطالة (السافرة) انخفضت، لغير ما سبب ظاهر!

    فى حدود البيانات الرسمية المتاحة إذاً، يتعين أن تقتصر دراسة البطالة السافرة فى مصر على النتائج "النهائية" لتعداد 1996، التى نشرت مؤخراً. وقبل نشرها، طلب من الجميع عدم اعتبار مقاييس البطالة المستقاة من المسوح بالعينة، وكانت آخر بيانات من هذا النوع متاحة هى تلك الناتجة عن مسح قوة العمل بالعينة عن عام 1995، وأن على الجميع انتظار نتائج تعداد السكان. ولكن النتائج "الأولية" للتعداد نشرت دون أن تتضمن أية بيانات عن البطالة، الأمر الذى تم تصحيحه فى النتائج "النهائية" بنشر جداول عن الحالة العملية للأفراد البالغين من العمر 15 عاماً فأكثر.

    فى هذا المدى العمرى المختصر، يبدو أن البطالة السافرة قد انخفضت بدرجة واضحة بين التعدادين الأخيرين (1986 و 1996) من أكثر من 12% إلى أقل من 9% (الرقم الأخير أعلى قليلاً من ذلك الذى كان قد أعلنه رئيس الوزراء السابق (8.2%) قبل نشر النتائج "النهائية" بعدة شهور، مفتخراً بأنه أقل من معدل البطالة فى الاتحاد الأوروبى.

    بل إن بيانات التعداد تقول بأن حتى عدد المتعطلين قد انخفض فى الفترة ما بين التعدادين (من 1.57 مليون إلى 1.54 مليون).

    ويصعب تصديق مقاييس البطالة هذه فى ضوء الاتجاه العام للبطالة الموثق من مسح قوة العمل بالعينة ومؤشرات الأداء الاقتصادى العام فى الفترة بين التعدادين الأخيرين (1986-1996).

    فكما يتبين من شكل (1)، كانت معدلات البطالة السافرة من مسح قوة العمل بالعينة فى تصاعد مطرد حتى عام 1995 حتى قاربت 11% فى منتصف التسعينيات (ولنتذكر أن معدل البطالة من التعداد ينتظر أن يكون أعلى من مسح قوة العمل بالعينة). ويمكن، من شكل (1)، ملاحظة أن القيمة الاتجاهية لمعدل البطالة من التعدادات تمتد إلى مدى معدل البطالة المصحح لمسح قوة العمل بالعينة فى منتصف التسعينيات، حول 14-15%[2]. هذا على حين يكسر معدل البطالة المنشور من تعداد 1996، بحدة، النمط التاريخى لمعدلات التعدادات، دون تعضيد من مؤشرات الأداء الاقتصادى العام.

    فعلى سبيل المثال كان متوسط معدل نمو الناتج الإجمالى للفرد فى الفترة (1986-1996) بطيئاً- فى الواقع سالباً لبضع سنوات- حتى أنه كان أقل كثيراً من متوسط معدل النمو فى الفترة ما بين التعدادين السابقة (1976-1986) التى كان معدل البطالة فيها فى صعود مطرد، وفقاً لكلا التعداد ومسح قوة العمل بالعينة، شكل الغلاف. ويلاحظ أن اعتماد معدل البطالة المصحح لمسح قوة العمل بالعينة، يقلل من مصداقية المعدل الناتج من تعداد 1996 كثيراً.

    وبالإضافة إلى النمط العام لنمو الناتج الإجمالى للفرد، تتوافر مؤشرات على أن النمو فى الناتج يتركز، باطراد، فى أنشطة الخدمات الهامشية قليلة الإنتاجية.

    وهناك أيضاً مؤشرات على أن نمو الناتج المسجل فى فترة ما بين التعدادين الأخيرين قد رافقه زيادة فى الفقر وتفاقم سوء توزيع الدخل والثروة، ومن ثم، القوة فى المجتمع.

    فى منظور الرفاه الإنسانى، يمثل ترافق البطالة على نطاق واسع، وانتشار الفقر، مع اختلال توزيع الدخل والثروة المحاور الرئيسية لمشكلة التشغيل فى مصر.

    وفوق كل ما سبق فإن نمو الناتج فى مصر شديد الكثافة الرأسمالية، التى ما فتئت ترتفع. فقد كانت نسبة رأس المال للناتج فى تزايد منذ مطلع السبعينيات وقفزت لمستويات بالغة الارتفاع فى التسعينيات.

    وليست تشكيلة خصائص الأداء الاقتصادى الموصوفة أعلاه متوافقة مع خلق فرص عمل على نطاق واسع.

    وفى واقع الأمر، ينتهى تحليل لبيانات مسح قوة العمل بالعينة فى الفترة (1990-1995)، أى خمس من السنوات العشر ما بين التعدادين الأخيرين، إلى أن عدد فرص العمل التى أضيفت إلى الاقتصاد كله فى هذه الفترة تتعدى 700 ألف بقليل. ويستدل من هذا التحليل على أنه "بالمقارنة برصيد البطالة السافرة، وحجم الإضافات الجديدة لسوق العمل، فلابد أن البطالة كانت فى ازدياد". بعبارة أخرى، يعنى قبول مستوى البطالة من تعداد 1996 بقاء رصيد المتعطلين على مستوى عام 1986 تقريباً، أى أنه قد تم خلق أكثر من أربعة ملايين فرصة عمل فى الفترة ما بين التعدادين لتشغيل كل الداخلين الجدد فى سوق العمل فى السنوات العشر- أى ما يوازى ثلاثة أضعاف معدل خلق فرص العمل المقدر الموثق للنصف الأول من التسعينيات.

    والمؤكد أن حجم الاستثمار، ونمو الناتج الإجمالى، اللازمين لخلق فرص العمل المطلوبة لصحة بيانات تعداد 1996، على مستوى الكثافة الرأسمالية لخلق فرص العمل، ومرونة العمالة للناتج، المشاهدة فى التسعينيات، يتعدى قدرة الاقتصاد المصرى بمراحل.

    ويدل التوزيع القطاعى لخلق فرص العمل فى النصف الأول من التسعينيات، إضافة، على أن الآمال المعقودة على القطاع الخاص الكبير فى خلق فرص عمل على نطاق واسع غير مبررة (يقدر أن أكثر القطاعات المؤسسية خلقاً لفرص العمل كانت هى الحكومة والقطاع غير المنظم، ببنما يقدر أن القطاع الخاص الكبير قد خسر فرص عمل فى النصف الأول من التسعينيات).

    ويتعين ملاحظة أن تحدى خلق فرص العمل سيزداد قوة فى المستقبل حيث يُنتظر أن يزيد عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل بمعدل 2-3% سنوياً.

    وتجدر الإشارة، نهاية، إلى أن انتشار البطالة السافرة، فى سياق تأزم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، يضفى على البطالة طابعاً قاتماً، من حيث أنها تصيب أساساً الشباب، وكثرة منهم من خريجى النظام التعليمى، والفئات الاجتماعية الأضعف فى أوضاع تتسم بانخفاض مستوى الرفاه الإنسانى وضعف شبكات الحماية الاجتماعية، بما فى ذلك تعويضات البطالة، وتفاقم سوء توزيع الدخل والثروة.

    أما عن الجوانب الأخرى للبطالة، فتوجد مؤشرات عامة على تردى الكسب الحقيقى (باستبعاد أثر التضخم) وعلى نمو الناتج للعامل، كمؤشر إجمالى على الإنتاجية، ببطىء منذ عام 1980 (حسب بيانات البنك الدولى، بمتوسط 3-4% فى السنة فقط).

    الخصائص الأساسية للبطالة السافرة

    نكتفى هنا بالإشارة إلى بعض خصائص أساسية للبطالة السافرة تتمخض عنها مقارنة خصائص المتعطلين من التعدادين الأخيرين فى الفئة العمرية (15 عاماً فأكثر).

    يستمد من تعداد 1996 أن كل المتعطلين تقريباً (95%) قد أصبحوا من الباحثين عن عمل لأول مرة، صعوداً من 77% فقط فى عام 1986.

    وحسب بيانات التعداد، فإن معدل البطالة السافرة كان فى 1996 أعلى قليلاً فى الريف عن الحضر، على حين كانت غالبية المتعطلين من قاطنى الريف. وبينما كان حوالى ثلث المتعطلين من الإناث، فقد كان معدل البطالة بينهن أعلى كثيراً من الذكور.

    وفيما يتصل بالتوزيع الجغرافى للبطالة، فقد ظهرت أقل معدلات البطالة فى تعداد 1996 فى محافظات الحدود، خفيفة السكان، وفى إقليم القاهرة الكبرى بينما سُجلت أعلى المعدلات فى محافظات الدلتا وأقصى جنوب البلاد.

    ومن الملحوظات المهمة أن معدلات البطالة حسب العمر قد اختلفت بين تعدادي 1986

    و 1996 بحيث انخفضت معدلات البطالة قبل بلوغ 30 عاماً، وارتفعت فى الثلاثينيات من العمر. وحيث كان كل المتعطلين تقريباً من الباحثين عن عمل لأول مرة، يمكن تفسير هذا الاختلاف بزيادة طول مدة التعطل فيما بين التعدادين (وهى معلومة كانت متاحة مباشرة من مسح قوة العمل بالعينة فى السابق) بمعنى أن رصيد المتعطلين قد أصبح فى عام 1996 يتكون من دفعات أقدم من المتعطلين الذين مازالوا يبحثون عن عمل لأول مرة.

    ورغم انخفاض معدلات البطالة لخريجى النظام التعليمى بين تعدادي 1986 و 1996، فمازالت معدلات البطالة الأعلى من نصيب هؤلاء، على المستويين المتوسط والعالى.

    موقف الحكومة

    لقد تم الإعلان، مرة أخرى، عن أن مكافحة البطالة ستلقى أولوية على جدول أعمال الحكومة وتجدر التذكرة بأن إعلانات مماثلة، سابقة، قد شهدت مشكلة البطالة، خاصة فى منظور التشغيل الكامل، تستفحل.

    غير أن الأخبار الواردة من مجلس الوزراء توحى بمحاولة أخذ أولوية مكافحة البطالة جدياً، هذه المرة. وكخطوة أولى فى هذا الاتجاه، أعلنت الحكومة أنها ستخلق 150 ألف فرصة عمل فى الوزارات: فى التعليم والصحة والأوقاف. وإذا قبلنا عدد المتعطلين من تعداد 1996، فإن "حل" مشكلة البطالة، على هذا النحو، لن يستغرق أكثر من عشر سنوات. هذا إن أمكن تكرار المواءمة المالية التى اقتضاها الإعلان عن هذه الشريحة الأولى من الوظائف الحكومية الجديدة.

    ولكن، حتى بصرف النظر عن قضايا البطالة المستترة فى الخدمة الحكومية، وهى من جوانب البطالة الأخطر كما أوضحنا أعلاه، يبقى التساؤل عن ما إذا كانت هذه الوظائف الحكومية الجديدة ستعتبر "أعمالاً جيدة" بما يكفى لترغيب الباحثين عن عمل فى الالتحاق بها (فى العام الماضى عينت وزارة التربية والتعليم 50 ألفاً من الخريجين فى وظائف تعليمية، ولكن يتكرر أن أكثر من نصف المعينين لم يقبلوا الالتحاق بالوظائف).

    غير أن الحكومة قد صعّدت حملة مكافحة البطالة بالإعلان عن مبادرة أخرى تتضمن إضافة حوالى نصف مليون فرصة عمل إضافية إلى المائة والخمسين ألفاً التى سبق الإعلان عنها.

    من هذه الشريحة الجديدة، أعطيت مسؤولية خلق 200 ألف فرصة عمل، فى القطاع الخاص، لمكاتب التشغيل التابعة لوزارة العمل- وهى مسؤولية كانت دائماً من صميم اختصاص هذه المكاتب، وليس واضحاً ما هو الجديد الذى سيمكن مكاتب التشغيل من الوفاء بهذه المهمة الآن.

    كذلك أوكلت مهمة خلق 200 ألف فرصة عمل أخرى للصندوق الاجتماعى للتنمية، باستخدام "تمويل متاح فعلاً يبلغ 1.2 مليار جنيه" (الأمر الذى قد يعنى، لأول وهلة، افتراض متوسط تكلفة لفرصة العمل يوازى ستة آلاف جنيه مصرى، وهى ليست إلا جزءاً يسيراً من تكلفة خلق فرصة العمل فى عموم الاقتصاد المصرى، كما سبقت الإشارة). وبالإضافة، فإن برنامج "شروق" للتنمية الريفية، متواضع التأثير، خصص له أن يخلق 33 ألف فرصة عمل. على أن يخلق باقى فرص العمل المعلن عنها من خلال عدد من المبادرات الأخرى (تشمل التدريب على تقانات الاتصال والمعلومات، ومشاتل الأشجار، وجمع القمامة وإصحاح البيئة).

    وبالمقارنة بشريحة المائة والخمسين ألفاً من فرص العمل فى الحكومة، فإن النصف مليون فرصة عمل الجديدة تبدو أقل قابلية للتحقق، ويبقى مثاراً بشأنها أيضاً مسائل مستوى البطالة المستترة (خاصة بُعدي الإنتاجية والكسب) المترتبة عليها، ومن ثم، مدى تحقيقها لمنفعة الاقتصاد المصرى ككل، ومن سيقبل على فرص العمل التى سيتم خلقها فعلاً من المتعطلين؟

    حزمة سياسات متكاملة لمكافحة البطالة

    من السهولة بمكان انتقاد موقف الحكومة فى مصر، وإنجازها، فى مكافحة البطالة، فسجل الإنجاز، على الأقل حتى الآن، غير مشجع. وعلى الرغم من فقر البيانات، تدل المؤشرات المتاحة على أن المشكلة تستفحل.

    ولكن، من ناحية أخرى، يجب أن يكون جلياً للجميع أن مشكلة البطالة فى مصر ضخمة، وعميقة الجذور فى النسيج الاقتصادى والاجتماعى للبلد بحيث تستعصى على "الحلول السريعة" ذات الطابع "الفنى". بعبارة أخرى، لن يمكن التوصل لحل ناجع لمشكلة البطالة فى مصر، خاصة فى منظور التشغيل الكامل، إلا من خلال برنامج استراتيجى، متعدد الأبعاد، ومحكمها، طويل الأجل تقوم عليه دولة (وليس مجرد حكومة) فعالة. ولعل هذا هو حال جميع المشكلات الكبرى التى تواجهها مصر الآن، وكلها متفاعلة كما سيظهر من حزمة السياسات المقترحة، فلم يعد رتق الفتوق أو الحلول الجزئية المتناثرة بكاف لتحقيق أثر ملموس على المشكلات الكبار. ولذلك قد يدهش البعض أن تنتهى هذه الورقة الموجزة بحزمة من السياسات المقترحة تتعدى بكثير حدود التفكير "الفنى" فى حلول مشكلة مثل البطالة فى مصر.

    بداية، يقوم علاج مختلف صنوف البطالة على إيجاد فرص عمل كافية، يوظف فيها العاملون قدراتهم لأقصى حد، بما يحقق كفاءة إنتاجية عالية، ومتزايدة، من ناحية، ويوفر كسباً مرتفعاً، ومتنامياً، يكفل إشباع الحاجات الأساسية للناس فى المجتمع، وارتقاء مستوى الرفاه البشرى مع الزمن، من ناحية أخرى.

    ويعنى هذا الهدف المركب خلق فرص عمل أفضل من المتاح حالياً، على جانبي الإنتاجية والكسب على حد سواء، وأكثر بكثير من المطلوب لمجرد مواجهة البطالة السافرة، بحيث يمكن للمشتغلين فعلاً فى أى نقطة زمنية الانتقال لأعمال أعلى إنتاجية وأوفر كسباً.

    ومن جانب آخر يتعين الارتقاء بنوعية رأس المال البشرى، من خلال الاستثمار المكثف فى التعليم والتدريب المستمرين وفى الرعاية الصحية، مع إيلاء عناية خاصة للمستضعفين، الفقراء والنساء، حتى يتأهل الأفراد فى سوق العمل لفرص العمل الأفضل. وهذه مهمة تاريخية ليس لها إلا الدولة، وعلى حد وفائها بهذه المهمة سيتحدد مدى خدمتها لغاية التقدم.

    وحيث لا يُتوقع أن يتمكن رأس المال الكبير، من خلق فرص العمل الكافية لمواجهة تحدى البطالة، نظراً لتركيزه على الأنشطة الاقتصادية كثيفة رأس المال وخفيفة العمالة، فيتعين توفير البنية المؤسسية المواتية لقيام المشروعات الصغيرة بدور مهم فى خلق فرص العمل، مع تخليق تضافر فعال بين المشروعات الصغيرة وقطاع الأعمال الحديث. ويطلب تحقيق ذلك الهدف، تمكين عموم الناس، خاصة الفقراء، من الأصول الإنتاجية بالإضافة إلى رأس المال البشرى. ويأتى على رأس القائمة الائتمان، بشروط ميسرة، والأرض والماء فى المناطق الريفية حيث يعيش كثرة الفقراء. كذلك يتعين أن توفر البيئة القانونية والإدارية لتسهيل قيام المشروعات الصغيرة ورعايتها، حيث تتسم هذه المشروعات بالضعف وارتفاع احتمال الفشل. ويمثل ذلك التوجه، إن قام، تحولاً جذرياً فى بيئة الاستثمار الحالية التى توفر الحوافز، كل الحوافز، لرأس المال الكبير، بينما تترك المستثمر الصغير، قليل الحيلة بالتعريف، يرزح تحت ثقل أقسى العوائق التمويلية والإدارية والتسويقية. وعلى وجه الخصوص، تعمل السياسات الحالية على زيادة تركيز حيازة الأرض الزراعية بما ينذر باستشراء الفقر فى الريف.

    وقد تتطلب مكافحة البطالة، خاصة فى البداية، توفير فرص عمل من خلال الإنفاق الحكومى على مشروعات البنية الأساسية، مما يحقق غرضاً مزدوجاً: تشغيل مكسب للفقراء وتحسين البنية الأساسية، وهى بحاجة لتطوير ضخم.

    ويتضح من التوجهات الموصى بها ضخامة العبء الملقى على الدولة، ولن يقوم به طرف آخر، مما يثير مفارقة قوية بين الحد من دور الدولة فى سياق إعادة الهيكلة الرأسمالية، فى إطار سياسات التكيف الهيكلى، من ناحية، وبين مهام الدولة فى حفز التنمية، المولدة لفرص العمل الكافية لمكافحة فعالة للفقر، من ناحية أخرى.

    وفى النهاية، فإن بلوغ التوجهات الاستراتيجية السابقة غاياتها فى مكافحة البطالة يتطلب تغييرات مؤسسية بعيدة المدى فى البنية الاقتصادية والسياسة تشمل زيادة كفاءة سوق العمل فى سياق تدعيم تنافسية الأسواق عامة وضبط نشاطها، فى إطار من سيادة القانون التامة واستقلال للقضاء غير منقوص، وإصلاح الخدمة الحكومية، وإقامة نظم فعالة للأمان الاجتماعى، وإصلاح نظم الحكم لتصبح معبرة عن الناس بشفافية ومسؤولة أمامهم بفعالية، ولتمكن من تقوية مؤسسات المجتمع المدنى الجماهيرية بحق، حتى يصبح لعموم الناس، وللفقراء خاصة، صوت مسموع فى الشأن العام.

    مكافحة البطالة إذاً، كما ألمحنا سابقاً، ليست شأناً قطاعياً، بل هم مجتمعى شامل. والواقع أن هذا هو حال كل القضايا المهمة فى مصر حالياً. فقد صار الحل الجذرى الشامل حتمياً، إن أُريد حل ناجع على الإطلاق.

    وبديهى أن مكافحة البطالة تقتضى رفع وتيرة النمو الاقتصادى. ويطلب ذلك، بدايةً، زيادة معدلات الادخار والاستثمار. فالادخار المحلى ضعيف بداية، فى مجتمعات مازالت غالبية سكانها عاجزة عن الوفاء بحاجاتها الأساسية على مستوى مقبول، على حين ينعم مترفوها، وهم قلة قليلة، بأنماط استهلاك بذخية دونما مسؤولية اجتماعية. ومكون الاستثمار الأجنبى لا يتوافر، حتى الآن، بالقدر الكافى ليكمل الاستثمار المحلى إلى المستوى الكفيل، تلقائياً، بخلق فرص العمل الكافية، ناهيك عن المحاذير القوية المحيطة بكم كبير من الاستثمارات الأجنبية، فى مجتمعات ذات بنى سياسية هشة وتابعة.

    وإن كان مستوى النمو الاقتصادى محدد مهم لإمكان خلق فرص العمل المطلوبة لمكافحة البطالة، فإن محتوى النمو هو المحدد الأهم فى منظور إشباع الحاجات الأساسية، وعلى رأسها العمل المنتج المحقق للذات.

    ويتصل بهذا مسألة نمط التقانة، خاصة من وجهة نظر كثافة العمل. فالتشغيل المنتج غاية مجتمعية تبز مجرد النمو الاقتصادى، مقاساً فى إطار الحسابات القومية، القاصر عن استيعاب مضمون الرفاه الإنسانى. وهنا تجب الإشارة إلى فساد القول بأن كثافة العمل تعنى، حتماً، تخلف التقانة أو ضعف الإنتاجية. هذا تحيز غربى نابع من التبعية التقانية. ولكن، إن قامت قدرة ذاتية فى التقانة، فسيمكن إبداع حلول تقانية متطورة تلائم الظروف المحلية، ومن بينها كثافة العمل المناسبة. غير أن اعتماد تقانات كثيفة العمل فى فترة معينة لا يعنى، بالطبع، إهمال التقانات المتطورة. بل يتعين المزاوجة الخلاقة بين هذين النمطين من التقانة. هذا من جانب.

    ومن جانب آخر، فإن توجيه العمل المتاح إلى نشاطات اقتصادية كثيفة العمل فى ظروف بطالة واسعة النطاق، جلها من الشباب، وجانب كبير منها من المؤهلين تعليمياً، وإن كان فى تخصصات غير متوائمة مع احتياجات سوق العمل وعلى مستوى نوعية منخفض، وفى مناخ اجتماعى يحقر العمل اليدوى، كل ذلك يقتضى تحوير نسق الحوافز المادية والمعنوية فى المجتمع لتوجيه المتعطلين نحو فرص العمل المنتج التى تحتل حالياً مكانة اجتماعية متدنية، مما يساعد على رفع قيمة العمل عامة، والعمل اليدوى خاصة. وقد يقتضى الأمر إنشاء نظام فعّال للتدريب التعويضى لتأهيل المتعطلين لفرص العمل التى لا تتناسب متطلباتها مع قدراتهم الراهنة. إلا أن التدريب التعويضى لا يجب أن يصبح سمة هيكلية دائمة. بل ينبغى أن يخطط نظام التعليم والتدريب وفق احتياجات العمالة المتوقعة مستقبلاً فى ضوء استراتيجية التشغيل المتبناة.

    هذا عن البطالة السافرة، ونقص التشغيل الظاهر، فماذا عن نقص التشغيل المستتر؟

    نقص التشغيل المستتر هو أكثر مشاكل البطالة تعقيداً. وهو فى الوقت نفسه أوفر هذه المشاكل خطورة، خاصة شقه المتصل بتدنى الإنتاجية، فى بلدان تعانى من ضعف طاقاتها الإنتاجية. ولا نغالى إن قلنا أن رفع الإنتاجية يمثل المحور الأساسى لعملية التنمية. ويقوم الحد من نقص التشغيل المستتر على زيادة توظيف قدرات المشتغلين، ورفع الإنتاجية، وزيادة قدرة الكسب على الوفاء بالحاجات.

    وترجع قلة توظيف قدرات المشتغلين إلى عدم تواءم العمل الذى يقوم به الفرد مع قدراته. ويعود ذلك، فى الأساس، إلى الاختلال بين نظام التعليم والتدريب من جانب واحتياجات العمالة من جانب آخر. ولذلك، فإن الحل النهائى لهذه المشكلة يقوم على إعادة الاتساق بين نظام التعليم والتدريب والاحتياجات المستقبلية من العمالة، عن طريق تخطيط سليم للقوى العاملة فى المجتمع.

    أما فى الأجل القصير، فينبغى اعتماد وسيلتين. تتمثل الأولى فى إعادة التوازن بين القدرات واحتياجات العمل عن طريق نقل عاملين من مجالات عملهم الحالية إلى مجالات عمل يتمكنون فيها من توظيف قدراتهم بشكل أفضل. والثانية هى التدريب التعويضى لتمكين المشتغلين من القيام بأعمالهم الراهنة على وجه أحسن، إن لم يمكن إيجاد فرص العمل المناسبة لهم مباشرة. ويلاحظ أن التقدم فى مجال رفع مستوى توظيف القدرات يصب مباشرة فى رفع الإنتاجية.

    ويشكل رفع إنتاجية العمل، بصورة مطردة، التحدى الرئيسى للبلدان المتخلفة، ويطلب جهداً مجتمعياً متكاملاً فى مجالات عديدة، بدءاً من نظام التعليم والتدريب، مروراً بهيكل وطبيعة التشغيل، وانتهاء بنسق الحوافز المجتمعى.

    ففى مجال التعليم والتدريب، لابد من القضاء على الأمية، على مستوى مرتفع من القدرات، ونشر التعليم الأساسى، وترقية نوعية التعليم فى جميع مراحله، والاقتصار على الأعداد المطلوبة للوفاء بحاجة النشاط الاجتماعى المستقبلى من العمالة فقط فى مراحل التعليم بعد الأساسى، والتركيز على التعليم الفنى، المتوسط والعالى اللازمان، واعتماد نظم الامتياز فى مراحل التعليم كافة لتشجيع التميز والإبداع. ولا نغالى إن قلنا أن تحدى ترقية نوعية التعليم هو التحدى الأكبر بعد إصلاح نظم الحكم والإدارة.

    وفى مجال التشغيل، يتعين إقامة آليات كفء للمواءمة بين فرص العمل المتاحة وطالبى العمل. ومن الجوهرى إنهاء التوظف الآمن بغض النظر عن الإنتاج ومستوى الإنتاجية، وإرساء التعيين والترقى والاستمرار فى العمل على أساس الجدارة والإنتاجية، طبقاً لنظم تقييم موضوعية ومعلنة، خاصةً فى الحكومة. ولابد من تحديد العائد المادى والأدبى للعمل على أساس الجهد اللازم للتأهل له، والأعباء التى ينطوى عليها القيام به، ومدى الحاجة المجتمعية له، وقدرة العاملين على الوفاء بحاجاتهم الاجتماعية.

    ويمكن رفع كسب الأغلبية إلى مستوى يقارب الوفاء بحاجاتهم الأساسية أو تمكينهم من الوفاء بحاجاتهم على مستوى أكثر قبولاً عن طريق عديد من الوسائل، مثل تصحيح النظام الضريبى كى يصبح أوفر عدالة، وتبنى الدولة مسؤولية إشباع الحاجات الأساسية على وجه مرض. والمؤكد أن رفع الإنتاجية سيجعل من مسألة ضمان وفاء الكسب بالحاجات أكثر يسراً.

    لكن ينبغى أن يكون واضحاً أن كل هذه الوسائل لن تحقق الغرض منها بدون تعديل جوهرى فى نسق الحوافز المجتمعى. فلن يمكن إرساء قاعدة الجدارة فى العمل ما دامت الوساطة والمحسوبية متفشيتين فى المجتمع. ولن يتأتى توجيه الأفراد إلى الأعمال التى يحتاجها المجتمع إذا ما كانت هناك فرص، ولو محدودة، للتراكم المالى السريع فى غياب أنظمة ضريبة عادلة وفى مجتمع يعين مكانة الفرد الاجتماعية، والسياسية، على أساس ممتلكاته المادية.

    ونختتم بملاحظة أن الوسائل التى تطرقنا إليها فى علاج صنوف البطالة، خاصة نقص التشغيل المستتر، تتضافر لتكوّن حزمة مترابطة من السياسات تمتد فى الواقع إلى نواح عديدة ومتشابكة من نسق الاقتصاد السياسى، ومن بينها التعليم، راقى النوعية، مما يؤكد على شرط التشكيلة الاجتماعية المواتية للفعل التنموى عامة. ولعل فى غياب هذه التشكيلة السبب الجوهرى لتفاقم مشكلات التشغيل، ولصعوبة حلها فى السياق الاجتماعى السياسى الراهن.

  9. #39
    عضو متألق
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    الدولة
    UAE وافتخر والله
    المشاركات
    921

    افتراضي

    http://www.egyptiangreens.com/docs/g...&categoryid=36 وها المراجع والسموحه ع القصور والله ولي التوفيق والنجاح
    التعديل الأخير تم بواسطة الحن الشجي ; 24-02-2009 الساعة 03:01 PM

  10. #40
    عضو مجلس الشرف
    تاريخ التسجيل
    Aug 2006
    المشاركات
    10,232

    افتراضي


    السلام عليكم

    الحراك الإجتماعي

    أتمنى أن يكون مفيدا

    ..

صفحة 4 من 6 الأولىالأولى ... 23456 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •