العلاج بالبلازما: حقيقته، فعاليته، وآثاره الجانبية المحتملة

تساقط الشعر… آلام المفاصل… تجاعيد الوجه وغيرها من المشاكل التي أعيت البشرية لسنوات، وتنافست الدراسات الطبية في محاولة إيجاد حل جذري لها دون الوصول إلى نتائج نهائية حتى الآن، ولكنّ العلم لا يملّ يذهلنا بطرق مبتكرة على الدوام في حل هذه المشكلات حيث تمكن من وضع حلول قد تكون مرضية إلى حد ما في طريق العلاج، كما هو الحال بعد أن توصل إلى العلاج بالبلازما الغنية بالصفيحات الدموية أو ما يطلق عليه (PRP (Platelet-rich plasma والذي أصبح ثورة علمية في طريق الشفاء.

بدايةً ما هي البلازما؟؟
البلازما هي عبارة عن سائل شفاف يميل لونه إلى الإصفرار يؤمن وسيلة تسمح لخلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية بالحركة والدوران عبر الجسم، حيث تشكل البلازما ما يعادل 55% من حجم الدم. وباعتبار أنّ الصفائح الدموية تلعب دوراً مهماً في ترميم وشفاء العديد من الأمراض التي يصاب بها الإنسان، يكون للبلازما التي تعمل على نقلها دور أساسي في عملية العلاج هذه.

آلية العلاج بالبلازما
تعتمد آلية العلاج غالباً على الحقن الممتلئة بسائل البلازما الغنيّ بالصفائح الدموية PRP حيث يؤخذ أنبوب أو أكثر من دم المريض، والذي يعالج عبر جهاز الطرد المركزي حيث يعمل على تركيز الصفيحات الدموية التي تلعب الدور الأساسي في عملية العلاج، وبعد ذلك يتم حقن هذا السائل المعالج في الأنسجة المصابة، إذ يختلف عدد الحقن المستخدمة وكمياتها من مريض لآخر، وتؤدي هذه العملية إلى إطلاق عوامل النمو التي تزيد من عدد الخلايا التعويضية المسؤولة عن عمليات الترميم والشفاء في جسم الإنسان، ويمكن استعماله في العلاج بطريقتين:
• يتم استخدامها غالباً في حقن الأنسجة الملتهبة أو المصابة مع كمية من المخدر الموضعي، إذ يجب التعامل معها بعناية شديدة، ومن الطبيعي أن يشعر المريض بأنّ الألم قد ازداد في المراحل الأولى بعد الحقن حيث يدوم هذا الألم لأسبوع أو أسبوعين قبل أن يشعر بتحسن ملموس.
• قد يُستخدم العلاج بالبلازما أيضاً بعد العمليات المجراة لبعض الإصابات، إذ أنّها تلعب دوراً مساعداً في ترميم الإصابة وعلاجها من خلال استخدام طرق خاصة لحقنها ضمن الأنسجة التي تمت خياطتها.
الحالات التي تساهم البلازما الغنية بالصفيحات الدموية PRP في علاجها

إلتهابات الأوتار المزمنة
وهي الحالة التي يعاني منها أغلب الرياضيين نتيجة ممارسة التمارين بشكل مستمر وقاسٍ في بعض الأحيان، ونتيجة لكون تدفق الدم ضعيف في هذه الأوتار إضافة إلى الحركة الدائمة، تصبح مسألة الشفاء أمراً صعباً وتحتاج إلى الكثير من الوقت، لذلك تساعد عملية حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية في زيادة كثافة هذه الصفيحات في منطقة الإصابة، مما يجعل طريق الشفاء أسرع نتيجة لتجدد الخلايا بكميات أكبر.
إصابات العضلات والأربطة
إذ يعتبر هذا النوع من الإصابات كالتهاب اللفافة الأخمصية والالتواءات وغيرها من الحالات المؤلمة التي تستغرق وقتاً ليس بقليل للشفاء، في حين يساعد العلاج بالبلازما في إسراع عملية الشفاء هذه من خلال قيامها بتركيز الصفيحات الدموية بنسبة تزيد عشرة أضعاف عن تلك الموجودة في الحالات الطبيعية.

إصابات المفاصل
عتقد الأطباء أنّ العلاج بالبلازما قد يلعب دوراً فعالاً في علاج مرض المفاصل التنكسي، إضافة إلى نتائجه الجيدة فيما يخص حالات هشاشة العظام وآلام مفاصل الركبة والورك، حيث أنّهم وجدوا فيها القدرة على المساعدة في زيادة تزييت المفاصل وتخفيف الالتهابات، علاوةً عن تمكين الغضاريف الجديدة من النمو في بعض الحالات.

علاج الأعصاب
وكذلك أثبت العلاج بالبلازما نفسه في مجال الأعصاب وتجديد الخلايا العصبية التالفة، مما جعل العديد من الجراحين يلجأون إليه في العمليات التي تعالج حالات مثل عرق النسا ومتلازمة النفق الرسغي وغيرها.

علاج الجروح غير الملتئمة
إنّ تركيز الصفيحات الدموية في منطقة الإصابة سيكون مجدياً للغاية في حالة الجروح التي لم تلتئم جيداً، حيث أنّها بلا شك تسرع في عملية تخثر الجرح وإلتئامه في نهاية المطاف.

آلام الظهر والعمود الفقري
وهي الحالات الأكثر شيوعاً وخاصة حالات انتفاخ الأقراص الظهرية وحالة المفصل العجزي الحرقفي وغيرها، حيث توصل العلم إلى نتائج تبين إمكانية قيام حقن البلازما في تخفيف الآلام الناتجة عن مثل هذه الحالات والتئام الأنسجة المصابة، الأمر الذي قد يجنب المريض عمليات جراحية محتملة.

علاج الشعر
الصلع هي المشكلة التي بات يعاني منها معظم سكان العالم والتي لم تحصد العلاجات التقليدية فيها نتائج مرضية، مما دفع الأطباء إلى إدخال آلية العلاج بالبلازما في هذا المجال كمتمم لعمليات زراعة الشعر من خلال التعويل على قدرتها في تحفيز نمو الشعر المزروع وتقوية الشعر الموجود سابقاً وزيادة سماكته، حيث أثبتت الدراسات أنّها قادرة على إظهار نتائج جيدة فيما يخص حالات الصلع الوراثي (نمط الصلع الذكوري)، إذ تحتاج الحالات المعقدة منها إلى جلسة علاجية شهرية لمدة لا تقل عن أربعة إلى ستة أشهر.

علاج الوجه
كما ويمكن الاستفادة من حقن البلازما في حالات معالجة التجاعيد والطيات الناتجة عن التقدم في السن، إضافة إلى قدرتها على معالجة ندبات حب الشباب وتنعيم الوجه لتصبح أحد أكثر العلاجات استخداماً للحصول على بشرة شابة دون الحاجة إلى حقن الوجه بمواد غريبة تعمل على شل العضلات كالبوتكس وغيرها.

الآثار الجانبية المحتملة للعلاج بالبلازما:
• قد يشتكي بعض الأشخاص الذين خضعوا إلى هذا النوع من العلاج من آلام شديدة في مكان الحقن وخاصة في الحالات المستخدمة لعلاج المفاصل والعضلات.
• قد يُبدي بعض المرضى رد فعل سلبي تجاه المصل المضاف حيث يصابون بصدمة تحسسية نتيجة العلاج وما يزال البحث قائماً لمعرفة السبب وراء حدوث مثل هذه الحالات التي تعتبر نادرة إلى حد ما.
• هناك إحتمال في حدوث جلطة دموية في منطقة الحقن، إذ تحدث الجلطات عادةً نتيجة حدوث تلف ما في بطانة الأوعية الدموية والذي قد تسببه إبرة البلازما الموجهة عبر الأمواج الصوتية.
• وواحدة من الأعراض الأخرى المرافقة لحقن إبرالبلازما هو حدوث بعض الكدمات في مكان الحقن والذي قد يعتبر أمراً طبيعياً عند بعض الأشخاص الذين تبدي أجسامهم عادةً مثل هذا النوع من ردات الفعل، ولكن في حال كانت الكدمات غامقة اللون ولم يكن الشخص معتاداً على حصول مثل هذه الحالات عليه إذاً مراجعة الطبيب في الحال.
• ومن الممكن أن ترافق حالات حقن البلازما في فروة الرأس بعض الأعراض كتورم منطقة الحقن وإستمرار النزف لفترة قصيرة وصداع في الرأس .
لا يمكن القول أنّ حقن البلازما هي ذلك العلاج السحري الذي سيشفي كل مرض، إذ تختلف نتائجها من مريض لآخر، كما أنّها وللأسف لم تنجح على كل الأمراض إلّا أنّها حققت نتائج مرضية على عدد جيد منها، ويبقى العلم يبحث فيها للحصول على نتائج أفضل قد تلعب دوراً مهماً في تخليص البشرية من العديد من المشاكل التي أعيتها لعقود كثيرة.