النتائج 1 إلى 7 من 7
  1. #1
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    المشاركات
    7

    افتراضي النظام الفيدرالي

    ،،،،،،،،،،،،،،،،
    التعديل الأخير تم بواسطة amooni94 ; 07-12-2013 الساعة 04:42 PM

  2. #2
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    المشاركات
    7

    افتراضي

    مقدمة:

    يعتبر الارتقاء بمفهوم المواطنة، إحدى الآليات المهمة في تعزيز الهوية الوطنية وحمايتها، وترسيخ الوحدة الوطنية داخل الدولة. إذ يقع على النظام السياسي كشكل ومؤسسات وأفراد وظيفة تعزيز المواطنة والهوية، حيث تستند مشروعية النظام السياسي في الأساس إلى مدى توافقه مع القيم المجتمعية من جهة، وإحساس المواطنين بانتمائهم لهذا النظام، عبر تعبيره عن مصالحهم وحماية حقوقهم، وتوفير العدالة والرفاه الاجتماعيين.

  3. #3
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    المشاركات
    7

    افتراضي

    خاتمة:

    إن عملية تجاوز الهياكل المركزية السياسية التقليدية في بناء الدول، نحو إنشاء كيانات فدرالية، لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا بتضافر عوامل ثلاث:

    وعي مجتمعي بالهوية الفدرالية وأهميتها، ودفع باتجاه تحقيقها، باعتبارها الممثل الحقيقي عن مصالح المجتمع.
    تسطير مواساة فعلية بين الأقاليم الفدرالية في الحقوق والواجبات، فهي الكفيلة بتعزيز الانتماء الفدرالي لكافة الشرائح المجتمعية.
    الارتقاء بمستوى فعالية المؤسسات الفدرالية، وخاصة لناحية تمثيلها لشرائح المجتمع، أو لناحية العمل باتجاه بلوغ مستوى الرفاه والعدالة الاجتماعية التي يطمح إليها المجتمع.


    وإن كانت دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً ناجحاً لإدارة المجتمعات في كيان فدرالي، رغم تناسق طبيعة سكانها عرقياً ودينياً، فمن باب أولى البحث في هذا الشكل الفدرالي، في دول عربية تعيش أزمات هوية تكاد تفتتها، نتيجة تنوعها الإثني.



    وحيث أن العراق استوحى تلك التجربة، إلاّ أن افتقار المؤسسات الحكومية إلى الفعالية المطلوبة على المستوى الفدرالي، وعدم ترسخ الفكرة ذاتها بين الفئات المجتمعية، ودفع بعضها نحو الاستقلال، وتدهور مؤشرات الاستقرار السياسي والتنمية والمساواة، أعاق تطوير تلك التجربة التي لم تنبثق عن وعي كلي بضرورتها، وخاصة لحظة الإنشاء، كما أن الإنشاء أتى فرضاً عبر القوة الأمريكية، كما وتؤدي الولاءات الفرعية الداخلية والخارجية دوراً سلبياً في بناء الهوية الفدرالية العراقية. خاصة عبر الصراع الهوياتي على المستوى العرقي (العربي-الكردي) وعلى المستوى الديني (السني-الشيعي).



    لذا فإن الدفع الداخلي باتجاه توسيع المشاركة السياسية، وابتعاد الدولة عن المجال الخاص، عبر إتاحة الفرصة للمجتمعات المحلية في إدارة ذاتها، وترسيخ مبدأ المساواة داخل المجتمع بين كافة المكونات، ضرورة تفرض على الدول العربية وخاصة في ظل اضطرابات الربيع العربي، والعجز عن الانتقال سريعاً إلى حالة الاستقرار السياسي والأمني في كثير من الدول، وانعكاس ذلك على الانتماء الوطني والولاء للدولة.

  4. #4
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    المشاركات
    7

    افتراضي

    - المواطنة والهوية في ظل الاتحاد:

    إن إعادة بناء الهوية بوعي المكان والزمان في إطار التراكم التاريخي والحقائق القائمة، تعتبر أحد الشروط التي لا يمكن الاستغناء عنها من أجل الظهور على مسرح التاريخ، والمساهمة في التراكم البشري. كما أن الذهنية الاستراتيجية التي لا تستند إلى نية لإثبات وجودها لا يمكنها التخلص من السلبية التي تعيشها. ولذلك فإن المجتمعات التي تمتلك الذهنية الاستراتيجية الثابتة، والتي تنتج مفاهيم وأدوات ومجالات جديدة حسب الظروف المتغيرة والمحيطة بهذه الذهنية، تستطيع أن تفرض ثقلها في مقاييس القوى الدولية. وبالمقابل، فإن المجتمعات التي تنسلخ عن الوعي بهويتها من خلال انكسار راديكالي في ذهنيتها الاستراتيجية، ستجازف في قوة وجودها التاريخي. في حين أن المجتمعات التي تتعامل بذهنية جامدة برفضها للمجتمعات الأخرى، فإنها ستنسلخ عن الوعي البشري المشترك ويتم رفضها (1).



    وقد أسس الاتحاد الإماراتي هوية جمعية واعية، ترسخ المواطنة الجديدة وتعليها على الهويات الفرعية، مع المحافظة عليها. إذ ساوى دستور الدولة بين كافة مواطني الإمارات الأعضاء، باعتبارهم مواطني دولة واحدة، وعليه نشأت حقوق المواطنة تحفظ الهويات التقليدية في الدولة. ومن ذلك تم منح كل إمارة صوتاً واحداً في المجلس الاتحادي الأعلى.



    ولمفهوم المواطنة أبعاد متعددة تتكاملوتترابط في تناسق تام:

    بعد قانوني يتطلب تنظيم العلاقة بين الحكام والمحكومين استناداً إلىعقد اجتماعي يوازن بين مصالح الفرد والمجتمع.
    بعد اقتصادي اجتماعي يستهدف إشباع الحاجيات المادية الأساسية للبشرويحرص على توفير الحد الأدنى اللازم منها ليحفظ كرامتهم وإنسانيتهم.
    بعد ثقافي حضاري يعنى بالجوانب الروحية والنفسية والمعنوية للأفرادوالجماعات على أساس احترام خصوصية الهوية الثقافية والحضارية ويرفض محاولاتالاستيعاب والتهميش والتنميط.


    وقد أتى هذا الاتحاد بفوائد جمة على مستوى الهوية الوطنية الجامعة، من أهمها:

    توحيد الجهود السياسية في مواجهة التهديدات الخارجية وخاصة الإيرانية، والمنبثقة تحديداً منذ احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث.
    إحداث تكامل اقتصادي نفطي - تجاري - زراعي، تبعه تنمية صناعية، أنشأ بنية تحتية قادرة على ولوج الاقتصاد العالمي والمنافسة فيه، مما انعكس على مستوى معيشة المواطنين كافة، والرقي بهم إلى مستوى عالمي.
    بناء سياسة خارجية واحدة، تحفظ للدولة كينونتها، وتدافع عن مصالح أعضائها.
    المحافظة على الأعضاء داخل الدولة من الانقسامات والتباينات التي قد تنشأ فيما بينها.
    حماية الأعراف والتقاليد المحلية والقبلية والأسرية، التي تتميز بها الإمارات الأعضاء في الاتحاد، عبر منحها حق تسيير شؤونها، وهو ما يمنح الشعور بالحماية والمساواة ما بينها من جهة، وبالتوازن في إدارة البلاد من جهة أخرى.
    منح الأعضاء حرية الولوج الحداثي بما يتفق مع مرتكزاتها الاجتماعية.


    وقد أدت السياسة الفدرالية في دولة الإمارات، إلى ترسيخ مفهومين أساسيين في المجتمع الإماراتي: الانفتاح والسلام. وهو ما انعكس لاحقاً على سياساتها تجاه محيطها وتجاه العالم، باعتبارهما ركيزتي الاستقرار والتنمية، وخاصة في ظل الطموحات التي صاغها قادة الإمارات للنهوض ببلادهم لحظة إنشاء الاتحاد، التي شكلت تحدياً كبيراً حينها. وهو ما جعلها قبلة للنشاط الاقتصادي عالمياً، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، كنتيجة أساسية للبناء الفكري المجتمعي القادر على الانفتاح الهوياتي.



    تمتلك الدولة سجلاً حافلاً وراسخاً من التعايش والتسامح الديني والثقافي بين سكانها. حيث يقيم حالياً على أرضها أكثر من 200 جنسية، وفّرت لهم الدولة قانوناً يحمي معتقداتهم ويحترم أعرافهم وتقاليدهم ويوفر لهم حرية ممارسة شعائرهم في جو يتسم بالعدالة والشفافية التي لا تسمح للتعصب الديني أو المذهبي أو العرقي أن ينمو فيها. كما أن الجهود التي تبذلها الدولة من خلال الفنون والثقافة والسياسات التعليمية، ساهمت في إيجاد مستوى أعمق من التفاهم والتسامح وأدت إلى رفع مستوى الوعي والاحتفال بالتراث العالمي، فضلاً عن تراثها الخاص. وتجسد دولة الإمارات العربية المتحدة مثالاً حياً للتفاعل الإيجابي والبنّاء بين الثقافات المختلفة واللغات والأجناس والأعراق والمعتقدات، وهو ما يؤدي إلى تناغم وتعايش سلمي في هذا المجتمع المتنوع (2).



    لقد تطورت الدولة مع نشوء جيل جديد مشبع بالولاء للاتحاد، مما أضعف روح الإقليمية والولاء للإمارة على حساب الاتحاد، ويعد هذا مؤشراً جيداً يوحي بأن الأجيال القادمة ستكون أكثر قدرة على دمج الدولة إذا ما توفرت الظروف الموضوعية لذلك. فبعد قرار المجلس الأعلى للاتحاد عام 1996 بتحويل الدستور المؤقت إلى دستور دائم، فإنه بذلك قد حسم نهائياً الوضع السياسي في الإمارات في تبني الصيغة الاتحادية، كما جاء ليحول دون طموحات الانفصال، وبالمقابل أنهى هذا القرار أي طموح لقيام دولة مركزية تتجاوز المحاصصة بين الإمارات(3).




    فالمواطنة مفهوم يرتكز على ثلاثة عناصر أساسية:

    مدنية: والتي تشمل كافة الحقوق والحريات العامة لأفراد المجتمع.
    سياسية: وهي قدرة أفراد المجتمع على المشاركة السياسية في إدارة بلادهم دون أدنى تمييز فيما بين المكونات الاجتماعية.
    اجتماعية: من خلال العمل على تكريس وتوسيع قاعدة الحق في الرفاه والأمن.


    وتتنوع أشكال الأنظمة السياسية في الدول المعاصرة، ما بين دول مركزية تخضع لقيادة سياسية أحادية الشكل، وهرمية في البناء، وبين أشكال فدرالية أثبتت جدارتها بالمقارنة مع الشكل الأول في احترام الخصوصيات المجتمعية وتوسيع المشاركة السياسية. ويتوزع هذان الشكلان على أنماط متعددة من برلمانية ورئاسية وملكية مطلقة ومختلطة في إدارة الحكم.



    وتسعى هذه الدراسة لتناول شكل نظام الحكم في دولة الإمارات العربية المتحدة، ودارسة أشكال توزيع السلطة الفدرالية فيها، وأثر ذلك على تعزيز مستوى المواطنة وانعكاسه على الهوية الوطنية الناشئة بعد الاتحاد، سواء على المستوى الدستوري أو التطبيقي.



    أولاً- شكل النظام السياسي في دولة الإمارات العربية المتحدة:

    يعتبر شكل النظام السياسي الاتحادي في دولة الإمارات، أحد الأشكال الوحدوية في العالم العربي، وأكثرها استمرارية، ضمن أشكال عدة اتخذت أطر الدولة المركزية المتشددة أو الكونفدرالية، لم يكتب لكثير منها الدوام إلا لسنوات محدودة، أو أنها استمرت ضمن صراعات داخلية انعكست على بنية الدولة وطبيعة العلاقات المجتمعية فيها.



    فالوحدة بين التشكيلات الاجتماعية والكيانات البشرية، لا يمكن أن تنجز بالفرض والقوة، وأية وحدة تنجز بهذا السبيل فإن مآلها الأخير هو الفشل والتشظي والهروب من كل الأشكال الوحدوية، والارتماء في أحضان المشروعات الذاتية الضيقة، كوسيلة من وسائل الدفاع عن الذات، لتقليل بعض أخطار الوحدة التي فرضت بالقوة والقسر. فالتجارب الإنسانية جميعها، تقف بقوة ضد كل المشروعات الوحدوية التي تبنى بالقسر والعسف والإرهاب، لأن مردوداتها السلبية والعكسية خطيرة وآثارها البعيدة تزيد من عوامل التفتت والاحتماء بالمشروعات الضيقة، التي تزيد الناس انغلاقاً وتعصباً عن أخلاق الوحدة وثقافة العيش المشترك.



    فالنواة الحقيقية لتحقيق مشروع الوحدة الوطنية، هي تعميق جميع القيم والمبادئ الإنسانية والحضارية، وفسح المجال لجميع المؤسسات والأطر، التي تأخذ على عاتقها نشر قيم احترام التعدد والتنوع، ونسبية الحقيقة والتسامح. لأنه في مثل هذه الأجواء تتبلور قيم الوحدة الحقيقية وسبلها الحضارية. وبدون هذا العمل سيبقى شعار الوحدة الوطنية شعاراً أجوفاً، يثير خوف الآخرين، ويزيد من هواجسهم الأمنية والسياسية.



    فالوحدة الوطنية من المشروعات التي تتطلب بنية تحتية قوية، وينبغي أن يشارك كل مواطن بجهد في سبيل توفير تلك البنية، كما لا يمكن إنجاز أي مستوى من مستويات الوحدة بدون قاعدة أخلاقية وقيمة (4).



    لذا يمكن اعتبار نموذج الاتحاد الإماراتي، من أنجح النماذج الدولية الاتحادية، لناحية توفير التوافق العقدي بين المكونات المتحدة لناحية، وترسيخ مفهوم المساواة بين تلك المكونات من ناحية أخرى. فقد انبثق مفهوم الاتحاد الإماراتي قبيل الجلاء البريطاني عن منطقة الخليج العربي بعدة سنوات، ومنذ عام 1966، بداية على يد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم إمارة أبو ظبي حينها، كآلية لإنشاء كيان سياسي قادر على الاستمرار، في مواجهة تحديات داخلية وتهديدات خارجية، يشمل الإمارات السبع المتحدة حالياً وطامحاً لانضمام قطر والبحرين في ذلك الوقت.



    إذ أكّد الشيخ زايد، فور تسلّمه سدّة الحكم في السادس من أغسطس عام 1966 حاكماً على إمارة أبو ظبي، مدى أهمية الاتحاد، وقال معلّقاً: "نستطيع بالتعاون وبنوع من الاتحاد، اتباع نموذج الدول الأخرى النامية". ورغم إدراكه التام بأنّ الاتحاد كان مجرّد مفهوم حديث في المنطقة، إلاّ أنّ اعتقاده بإمكانيّة تنفيذه على أسس الروابط المشتركة التي تربط بين مختلف الإمارات، بالإضافة إلى تاريخ وتراث أبنائها الذين عاشوه معاً لعدة قرون كان ثابتا،ً لذا عمل الشيخ زايد على ترجمة مبادئه وأفكاره عن الاتحاد والتعاون والمساندة المتبادلة إلى أفعال، وذلك بتخصيص جزء كبير من دخل إمارته من النفط لصندوق تطوير الإمارات المتصالحة قبل بداية دولة الإمارات العربية المتحدة كدولة اتحادية. وأطلق التوقّع الكبير لإنهاء العلاقة الخاصة القائمة بين بريطانيا والإمارات المتصالحة لفترة 150 عاماً الإشارة إلى نوع ما من الترابط الذي يتسمّ بالطابع الرسمي الأكثر قوّةً مما كان مقدّماً من قبل مجلس الإمارات المتصالحة، ونتيجةً لهذه القوى الجديدة العاملة اتّخذ كلّ من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حاكم إمارة أبو ظبي، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم إمارة دبي، الخطوة الأولى نحو إنشاء الاتحاد (5).
    التعديل الأخير تم بواسطة amooni94 ; 07-12-2013 الساعة 04:46 PM

  5. #5
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    المشاركات
    7

    افتراضي

    موضوع الفيدرالية من الموضوعات الشيقة في دراسة العلوم السياسية، نظراً لكثرة الكتابات النظرية بشأنه، وكذلك بفعل تنوع تطبيقاته عبر العالم، حيث لا يوجد نظامان فيدراليان متماثلان. ومن المتوقع أن يزيد عدد الدول التي تأخذ بالنظام الفيدرالي في العالم؛ لأنه يمثل حلاً مناسباً ومرناً للإبقاء على كيانات كثير من الدول التعددية، وتحقيق التوازن بين مكوناتها، ومراعاة خصوصيتها.


    ويكتسب الموضوع أهمية إضافية بالنسبة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب اعتمادها المبكر على هذا النمط من أنماط الحكم، وكونها التجربة الوحدوية الناجحة الوحيدة في العالم العربي. ومازالت فوائد الفيدرالية ماثلة في تماسك الوحدات السياسية المكونة لهذه الدولة بما يعزز من مكانة الدولة وازدهارها، بينما تقوم الدولة بدعم هذه الوحدات بما يحفظ استقرارها ويعزز رفاهية مواطنيها.


    يهدف هذا الكتاب أن يكون مرجعاً حول الفيدرالية في الإمارات، حيث يصف ظروف نشأتها، ومكونات النظام السياسي الإماراتي، ويبين مراحلها المختلفة من التأسيس إلى الرسوخ إلى النضج الفيدرالي. ويوضح جوانب النجاح والانعكاسات الإيجابية لهذا التطور، والعوامل التي من شأنها أن تعزز هذا النظام في المستقبل. وهو يسعى لفتح باب النقاش حول كثير من هذه الموضوعات.


    كما يهدف لوضع مرجع تعريفي حول نظام الإمارات الفيدرالي، كما يطرح رؤية حول تطوير العمل الفيدرالي في الإمارات من خلال استشراف المستقبل. ويقدم الفصل الأول عرضاً نظرياً لموضوع الفيدرالية، ثم يعرض الفصل الثاني واقع الفيدرالية في دولة الإمارات، وأخيراً، يهتم الفصل الثالث باستشراف مستقبل الفيدرالية الإماراتية.


    الفصل الأول: نظرية الفيدرالية

    تعني الفيدرالية وجود مستويين من مستويات الحكم في الدولة، هما: الحكم المركزي على المستوى الاتحادي للدولة، والحكم المحلي على مستوى الوحدات السياسية المكونة للدولة. ويقوم النظام الفيدرالي على أساس الفصل بين ما هو من صلاحيات ومسؤوليات الحكومة الفيدرالية المركزية، وبين ما هو من صلاحيات الحكومات المحلية على مستوى الوحدات السياسية المكونة للاتحاد، وما هو من الصلاحيات المشتركة بين الحكومتين الاتحادية والمحلية.
    وبالنظر إلى واقع الفيدرالية اليوم، نجد أن هناك 24 دولة تتبع النظام الفيدرالي، وثمة دولتان في مرحلة التحول نحو الفيدرالية، هما العراق والسودان. وهناك دول تفكر في الفيدرالية كسريلانكا. ويعيش نحو 40% من سكان العالم في دول تتبع النظام الفيدرالي، وهو ما يشير إلى أن النظام الفيدرالي له قبول عالمي.


    والملاحظ أن الدول الفيدرالية تختلف في ممارستها للفيدرالية، ومدى ميلها إلى تعزيز سلطات الحكومة الاتحادية في مواجهة الوحدات المكونة للاتحاد أو العكس، إذ لا توجد معادلة محددة لتحديد الصلاحيات التي يجب أن تتمتع بها الحكومة الاتحادية والصلاحيات التي يجب أن تتمتع بها الوحدات السياسية في النظام الفيدرالي. لكن في الغالب نستطيع القول بأن الوحدات السياسية في الدول الفيدرالية تتمتع عادة بالشؤون التي لها صلة مباشرة بحياة المواطن، كالأمور المتعلقة بقوانين وتشريعات الملكية والمواصلات الداخلية والأعمال التجارية والتعليم وقوانين الجريمة وتشريعات العمل الداخلية. أما الحكومة الاتحادية فهي عادة ما تتولى شؤون الدفاع والخارجية والهجرة والنقد، وذلك على اعتبار أن إدارة مثل هذه الشؤون بحاجة إلى حكومة مركزية واحدة.


    ويمكننا بشكل عام القول بأن هناك ثلاثة أنماط في عملية توزيع الصلاحيات، وهي:

    1. تحديد قائمة بالصلاحيات التشريعية الممنوحة للحكومة الاتحادية، وترك كل ما لم يحدد على أنه من الصلاحيات التشريعية للوحدات السياسية.
    2. تحديد قائمة بالصلاحيات التشريعية الممنوحة للوحدات السياسية، وترك كل ما لم يحدد على أنه من صلاحيات الحكومة الاتحادية.
    3. تحديد قائمة بالصلاحيات التشريعية الممنوحة للحكومة الاتحادية، وقائمة بالصلاحيات التشريعية الممنوحة للوحدات السياسية.

    وعادة ما تنشأ الدول الفيدرالية من خلال المجيء معاً، أي قيام دول مستقلة بالانضمام معاً في نظام فيدرالي تتنازل من خلاله عن بعض من سلطاتها لحكومة اتحادية في المركز (كالإمارات)، أو البقاء معاً بتحول دولة مركزية موحدة إلى النظام الفيدرالي للتغلب على الانقسامات الداخلية وتفادي خطر التفكك (كالعراق).
    ويمكن أن نجمل مزايا النظام الفيدرالي فيما يأتي:

    1. خلق التوازن بين المستويين المركزي والمحلي، وخلق نظام رقابي يتيح لكل طرف متابعة ما يفعله الطرف الآخر.
    2. المحافظة على وحدة المجتمعات المنقسمة داخلياً، والحيلولة دون الدخول في حروب فيما بينها من أجل الانقسام.
    3. تحقيق الأمن والاستقرار للوحدات السياسية المكونة للدولة الفيدرالية، حيث تُبعد عنها شبح التهديدات الخارجية.
    4. تشجيع الازدهار الاقتصادي، إذ ترفع الفيدرالية الحواجز التجارية والاقتصادية التي يمكن أن تقف عائقاً في وجه الوحدات السياسية المكونة للدولة.

    أما سلبيات النظام الفيدرالي، حسب رأي البعض، فأهمها:

    1. تشجيع اللامركزية، والابتعاد عن الاهتمام بالمصلحة العامة للدولة لصالح مصالح الوحدات السياسية المكونة للدولة الفيدرالية.
    2. صعوبة تنفيذ المشروعات الكبرى التي تريد الحكومة المركزية القيام بها في الدولة الاتحادية، باعتبار أنها قد تلقى معارضة من الحكومات المحلية.
    3. إن رعايا الوحدات السياسية المكونة للدولة الفيدرالية قد يعاملون معاملة مختلفة نظراً لاستقلالية هذه الوحدات في إدارة شؤونها الداخلية.
    الفصل الثاني: الفيدرالية الإماراتية

    ظهرت دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، عندما حصلت على استقلالها من بريطانيا، وتكونت كدولة اتحادية من ست إمارات في البداية، هي: أبوظبي، ودبي، والشارقة، وعجمان، وأم القيوين، والفجيرة، ثم لحقت بها إمارة رأس الخيمة لتصبح دولة الإمارات دولة اتحادية مكونة من سبع إمارات.


    ولقد ساعدت مجموعة من العوامل على إقامة الفيدرالية في دولة الإمارات، أبرزها: تعدد الإمارات التي كانت تسمى في السابق الإمارات المتصالحة، ووجود تهديد خارجي برز بشكل خاص بعد انسحاب بريطانيا من المنطقة، وأخيراً قلة الإمكانات البشرية والطبيعية لكل إمارة.

    ولم تكن عملية السير نحو الاندماج الفيدرالي في الإمارات بالعملية السلسة على الإطلاق، وإنما سارت عملية الاندماج الفيدرالي وتطبيق مبادئ الفيدرالية في الممارسة الإماراتية بعدة خطوات؛ نذكر منها:

    1. التدخل العسكري الاتحادي في أثناء المحاولة الانقلابية التي تمت في إمارة الشارقة في يناير 1972، وإعادة الاستقرار إلى الإمارة. وفي العام نفسه كان للمشاركة الاتحادية دور مهم في وضع حد لنزاع عسكري حدودي بين إمارتي الشارقة والفجيرة، وإعادة الاستقرار، وأكدت قدرة الدولة الاتحادية على فرض سلطتها على المحليات، وتعزيز دور الفيدرالية في دولة الإمـارات.


    2. تخلي إمارة أبوظبي عن استقلالها الحكومي والإداري في ديسمبر 1973 وانخراطها في العمل الفيدرالي من خلال إلغاء وزاراتها القائمة وتغييرها إلى دوائر محلية. كما أن إمارة أبوظبي اتخذت في عام 1975 إجراءين مهمين ساعدا على تعزيز العمل الاندماجي الفيدرالي: الأول هو إلغاء العمل بعلم الإمارة واستبدال علم دولة الإمارات العربية المتحدة به، والثاني هو قرار أبوظبي تخصيص نسبة 50% من إيراداتها العامة لدعم الميزانية السنوية للاتحاد، وتوفير الإمكانات المالية اللازمة لتنفيذ مشروعات التنمية.


    3. إنشاء مجلس نقد الإمارات في مايو 1973، وإصدار عملة موحدة للاتحاد هي الدرهم الإماراتي، لتحل محل العملات التي كانت متداولة في الإمارات قبل ذلك، كالدينار البحريني والريال السعودي والريال القطري. ولقد أُنيط عمل مجلس النقد بالمصرف المركزي الذي أُنشئ عام 1980 كسلطة نقدية بديلة.


    4. بدء المشروعات الخدمية الاتحادية في المجالات المختلفة؛ كالصحة، والتعليم، والإسكان، والمواصلات، وحصولها على نصيب الأسد في الميزانيات الاتحادية المتعاقبة منذ فترة السبعينيات. ولقد تم الاتفاق بين الإمارات الأعضاء في عام 1976 على تخصيص 50% من موارد كل إمارة السنوية من إنتاج النفط ليذهب إلى المساهمة في الميزانية الاتحادية. وبما أن إمارة أبوظبي تمثل الثقل الأساسي في إنتاج النفط في الدولة، فإن ذلك ألقى العبء الأكبر على إمارة أبوظبي.


    5. اتخاذ قرار توحيد القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة واحدة في مايو 1976. وتم في عام 1978 إعادة تنظيم القوات المسلحة من جديد من خلال دمج القوات البرية والجوية والبحرية دمجاً كاملاً، وإلغاء قيادات المناطق العسكرية وتحويلها إلى ألوية تتبع قيادة مشتركة. وفي فترة التسعينيات تم تحقيق الاندماج الكامل للقوات المسلحة.


    6. التوصل منذ عام 1979 إلى صيغة تولي حاكم دبي رئاسة الوزراء إلى جانب منصبه كنائب لرئيس الاتحاد، وقد جعل ذلك إمارة دبي أكثر انخراطاً في العمل الاتحادي وفي السعي نحو تطوير الخدمات الاتحادية.

    7. تحويل مسؤولية المتابعة والإشراف على الاتفاقيات التي كانت تعقدها إمارات الدولة الاتحادية مع الدول الأخرى المجاورة إلى الحكومة الاتحادية وفقاً لقرار صادر من المجلس الأعلى للاتحاد في 11 مايو 1992؛ وتشكيل لجنة دائمة للحدود لتتولى مهمة القيام بالاتصالات والمفاوضات بكل ما يتعلق بحدود الدولة البرية والبحرية مع الدول المجاورة.


    8. تحويل الدستور الإماراتي من شكله المؤقت إلى دستور دائم وتحديد إمارة أبوظبي على أنها العاصمة الدائمة للاتحاد في مايو 1996.

    التوجهات الفيدرالية في الإمـارات

    تكشف متابعة مسيرة التجربة الفيدرالية في الإمارات عن مجموعة من التوجهات الفكرية الأساسية التي برزت على الساحة الوطنية، وهي: أولاً، التوجه المركزي الذي يؤمن بفكرة تقوية المركز الفيدرالي على حساب المحليات، مع إعطاء الرئيس صلاحيات أكبر مما منحه الدستور الإماراتي الحالي. وثانياً، التوجه المحلي الذي يرى ضرورة تعزيز السلطات الممنوحة للمحليات وتقويتها مقابل السلطات الاتحادية. وثالثاً، التوجه الوسط الذي يحاول الموازنة بين التوجهين السابقين، وأخيراً، التوجه المحافظ الذي يرى أن التوافق الذي تم بين الحكام وأسس الدولة الاتحادية الإماراتية في بداية السبعينيات لابد أن يبقى كما هو من دون تغييرات جوهرية. وبصرف النظر عن التغير في مواقف أصحاب هذه التيارات أو تغير قوتها النسبية فجميعها ضمن الإطار الفيدرالي ولا تهدده.
    السلـطات الفيدرالية في الإمارات

    تتمتع دولة الإمارات بوجود سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية على المستوى الاتحادي، لكن مبدأ الفصل بين هذه السلطات مفقود، ولا يشير إليه دستور الدولة، ولا يدعو إلى ضرورة الالتزام به. وأبرز السلطات الاتحادية هي المجلس الأعلى للاتحاد، ورئيس الاتحاد ونائبه، ومجلس الوزراء، والمجلس الوزاري للخدمات، والهيئات والمؤسسات الاتحادية العامة. ويمارس رئيس الاتحاد صلاحيات تنفيذية، وصلاحيات تشريعية بالمشاركة مع المجلس الأعلى للاتحاد. أما السلطة القضائية الاتحادية فهي مستقلة حسب نص الدستور الإماراتي. وهي تتكون من المحكمة الاتحادية العليا، والمحاكم الاتحادية الابتدائية، ومحاكم الاستئناف.
    وعلى المستوى المحلي توجد لكل إمارة سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية، ولكن تلك السلطات لا تتمتع بوجود فصل بينهما، وبخاصة السلطتان التنفيذية والتشريعية، حيث إن الحاكم في كل إمارة هو صاحب القوة التشريعية والتنفيذية في إمارته. وكل إمارة لها الحرية في التنظيم الذاتي لسلطاتها. فالحاكم يمارس سلطته التشريعية والتنفيذية من خلال وجود دوائر حكومية تساعده على أداء تلك المهمات، فيما يوجد أيضاً في كل إمارة قضاء محلي ينظر في القضايا التي لا يختص بها القضاء الاتحادي. ففي كل إمارة هناك محاكم شرعية، ومحاكم مدنية للشؤون التي لا تنظمها أحكام الشريعة الإسلامية، كتعاملات البنوك والتأمين.
    المجلس الوطني الاتحادي

    المجلس الوطني الاتحادي هو أحد أجهزة الحكومة الاتحادية. إلا أنه لا يعتبر مجلساً تشريعياً أو رقابياً، وإنما هو جهة استشارية.

    ويتكون المجلس الوطني الاتحادي من أربعين عضواً موزعين بأسلوب الحصص لكل إمارة من إمارات الاتحاد، وهي حصص ثابتة لم تتغير منذ نشأة الدولة الاتحادية. فلكل من إمارتي أبوظبي ودبي ثمانية أعضاء لكل إمارة، ولكل من الشارقة ورأس الخيمة ستة أعضاء لكل إمارة، في حين خُصص لكل من عجمان وأم القيوين والفجيرة أربعة أعضاء لكل إمارة.
    وكانت مدة عضوية المجلس سنتين قابلة للتجديد من دون تحديد عدد مرات التجديد. لكن هذه المدة أصبحت 4 سنوات قابلة للتجديد، بناء على تعديلات أجريت في اجتماع المجلس الأعلى في 2 ديسمبر 2008.

    ولقد مرت عملية اختيار الأعضاء في المجلس الوطني بمرحلتين اثنتين، المرحلة الأولى استمرت منذ نشأة الاتحاد وحتى عام 2006، إذ جرت العادة في تلك الفترة على اتباع أسلوب التعيين من قبل حاكم كل إمارة. أما المرحلة الثانية منذ عام 2006 وحتى اليوم، فيتم فيها انتخاب نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي - أي 20 عضواً - من قبل هيئة انتخابية من مواطني كل إمارة، وتعيين النصف الآخر من قبل حكام الإمارات. وقد أجريت الانتخابات لأول مرة في تاريخ الدولة لانتخاب نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي الجدد، في ديسمبر 2006.
    هذه الانتخابات كانت مهمة، وساهمت في خلق ثقافة انتخابية في الدولة لدى شرائح المجتمع المختلفة، وكانت ناجحة من الناحية الإجرائية، وتم فيها إعطاء المرأة حق المشاركة السياسية بالتصويت والترشح في العملية الانتخابية، إضافة إلى تعيين ثماني نساء في عضوية المجلس الوطني.

    ومع ذلك فقد شاب العملية الانتخابية جوانب قصور من الناحية الموضوعية، حيث إن عملية اختيار أعضاء الهيئة الانتخابية اقتصرت على أشخاص تقوم حكومة كل إمارة بانتقائهم. واقتصر حق التصويت والترشح على 6689 شخصاً أي أقل من 1% فقط من سكان الإمارات المواطنين؛ كما أن تخصيص مبلغ مليوني درهم كحد أعلى للحملة الانتخابية لكل مرشح أدخل العملية الانتخابية في بوتقة لعبة المال ودوره في إنجاح مرشح دون غيره. أما البرامج الانتخابية التي حملها المرشحون فكانت متشابهة وغير مسؤولة، حيث ركز الجميع في برامجهم الانتخابية على إيجاد حلول لقضايا هي أكبر بكثير من قدرة المجلس الوطني على علاجها. ورفعوا شعارات كبيرة، وهم يعلمون أنه من الصعب تنفيذها في ظل مجلس وطني لا صلاحيات تشريعية له.
    الفصل الثالث: مستقبل الفيدرالية الإماراتية

    لقد نجحت الإمارات في ترسيخ نفسها كدولة اتحادية برغم كل الظروف، ويتطلب الحديث عن المستقبل الانتقال من مرحلة الرسوخ الاتحادي التي تعيشها اليوم إلى مرحلة النضج الاتحادي التي تكتمل من خلالها المؤسسات الاتحادية، بحيث تكون الدولة الاتحادية في الإمارات أكثر حداثة مما كانت عليه في السابق. ويمكن تحقيق ذلك الهدف من خلال العمل على أربعة محاور أساسية، هي:
    أولاً: تفعيل دور المجلس الأعلى للاتحاد

    إن تفعيل المجلس الأعلى للاتحاد لا يكون من خلال تقوية الصلاحيات الممنوحة له، فهو يتمتع بسلطات وصلاحيات قوية بالفعل باعتباره أعلى سلطة في الاتحاد، ولكنه بحاجة إلى أن يمارس وظائفه بشكل دستوري وطبيعي، وهذا لا يمكن أن يتحقق بشكل فعال من دون الالتزام بعقد اجتماعاته العادية التي حددها له الدستور.
    بالإضافة إلى ذلك، فإن المجلس الأعلى للاتحاد بحاجة إلى وجود جهة اتحادية تتولى مسؤولية تنسيق العمل بين أعضائه وإيجاد التواصل الفعال فيما بينهم، ليكونوا أكثر قرباً من بعضهم، وأكثر تفاعلاً مع عمل دولة الاتحاد.

    ثانياً: معالجة القضايا الاتحادية الملحَّة

    إن دخول مرحلة النضج والتمكين الاتحادي يتطلب مواجهة القضايا العديدة العالقة التي برزت في الأساس نتيجة لسعي الإمارات الأعضاء نحو تحقيق مزيد من التنمية على المستوى المحلي بطريقة قد تكون غير متناسقة مع الإمارات الأخرى؛ كقضية الخلل في التركيبة السكانية، وتحديات الهوية الوطنية، وتنامي النزعة المحلية مقابل النزعة الاتحادية. ولعل المطلوب هو عمل وطني متكامل لمواجهة تلك القضايا وجعلها في نطاق السيطرة؛ فليس المطلوب مثلاً حلولاً لخلل التركيبة السكانية من شأنها إلحاق الأذى بقطار التنمية في الإمارات، وإنما المطلوب أن تتماشى التنمية بوتيرة لا تلحق الضرر بالتركيبة السكانية والهوية في الدولة الاتحادية. كما أنه ليس المطلوب التركيز على الاتحادي وإهمال المحلي، وإنما المطلوب التوازن بينهما بحيث لا يطغى طرف على الآخر، والالتزام بما حدده الدستور.
    ثالثاً: تنظيم المساهمة في الميزانية الاتحادية

    قد تكون مسألة عدم مساهمة بعض الإمارات في ميزانية الدولة الاتحادية في السابق أمراً مفهوماً باعتبار أن تلك الإمارات كانت فقيرة اقتصادياً، ولكن اليوم ومع دخول الاستثمارات المحلية والأجنبية إلى كل الإمارات، فإن تلك الإمارات أصبحت تتمتع بمردود مادي لا بأس به، الأمر الذي يفرض عليها المساهمة ولو بنسبة بسيطة في ميزانية الاتحاد. والهدف الأساسي من ذلك هو خلق شعور بأهمية الاتحاد للجميع وأنه ملك للجميع؛ لذلك فلابد من وضع قانون اتحادي ينظم مساهمات الإمارات في الميزانية الاتحادية تنفيذاً للمادة 127 من الدستور.
    رابعاً: تطوير دور المجلس الوطني الاتحادي

    إن ديباجة دستور دولة الإمارات تحدثت عن أن مهمة الدولة هي السير بشعب الإمارات «نحو حكم ديمقراطي نيابي متكامل الأركان». ولذا، فإن الوصول إلى هذا الهدف يتطلب تفعيل العمل النيابي في دولة الإمارات من خلال العمل على تطوير المجلس الوطني الاتحادي.


    ويبدو أن هناك درجة من القناعة بتطوير المجلس الوطني متوافرة لدى القيادة العليا في الدولة الاتحادية، لكن الملاحظ هو الاعتماد على فكرة التدرج في إحداث التطوير، والابتعاد عن أسلوب التطوير الجذري. ورغم أهمية هذا التدرج فلابد من أن تتوافر خطة استراتيجية تحدَّد من خلالها الأهداف والوسائل والزمن التسلسلي لتحقيق تلك الأهداف.

    وربما تتمثل الخطة الأنسب لتحقيق هدف المشاركة السياسية في المرحلة المقبلة في اتباع ثلاث خطوات هي:

    1. إعطاء المجلس الوطني بعضاً من الصلاحيات التشريعية المحدودة؛ كمراقبة واعتماد الموازنة الاتحادية، والمصادقة على الاتفاقيات والمعاهدات الخارجية، والمصادقة على تقديم المساعدات المالية للخارج.
    2. إعطاء جميع المواطنين المستوفين الشروط حق التصويت والترشح عن إماراتهم، بحيث تكون كل إمارة دائرة انتخابية، وبهذا نكون قد انتقلنا من مرحلة الهيئات الانتخابية إلى مرحلة الانتخابات المباشرة.
    3. منح المجلس صلاحيات تشريعية أوسع مما أعطي في الخطوة الأولى، بحيث تشمل مشاركته المجلس الأعلى للاتحاد في المصادقة على بعض القوانين والقرارات الاتحادية، وصلاحيات متابعة أعمال الوزارات والمؤسسات الحكومية الاتحادية.
    إن تطوير المجلس الوطني الاتحادي وتمكين العمل النيابي في دولة الإمارات ستكون لهما إيجابيات كثيرة؛ منها: أولاً، تحسين صورة الإمارات لدى الجهات الدولية فيما يتعلق باحترام حقوق مواطنيها السياسية؛ ثانياً، إعطاء قوة أكبر للعمل الاتحادي، وإيجاد حلول ناجعة للقضايا الاتحادية العالقة. ثالثاً، رفع العتب السياسي عن الحكومة في بعض القضايا العالمية وتوفير مناعة ضد الضغوط الخارجية (6).

  6. #6
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    المشاركات
    7

    افتراضي

    المصادر والمراجع
    (1) أحمد داود أوغلو، العمق الاستراتيجي .. موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية، ترجمة: محمد ثلجي و طارق عبد الجليل (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، الطبعة الثانية، 2011)، ص 51.
    (2) للمزيد انظر: ديوان ولي العهد، www.cpc.gov.ae.
    (3) عبد الخالق عبد الله، "تطور النظام الاتحادي في الإمارات"، المستقبل العربي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 311، 2005)، ص 23
    (4) محمد محفوظ، الإصلاح السياسي والوحدة الوطنية (بيروت: المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 2004)، ص 100-103.
    (5) للمزيد انظر: موقع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الرئيسية
    (6) كتاب «الفيدرالية في الإمارات النظرية ـــ والواقع ـــ والمستقبل» للدكتور محمد بن هويدن،

  7. #7
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    المشاركات
    7

    افتراضي

    المصادر والمراجع
    (1) أحمد داود أوغلو، العمق الاستراتيجي .. موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية، ترجمة: محمد ثلجي و طارق عبد الجليل (الدوحة: مركز الجزيرة للدراسات، الطبعة الثانية، 2011)، ص 51.
    (2) للمزيد انظر: ديوان ولي العهد، www.cpc.gov.ae.
    (3) عبد الخالق عبد الله، "تطور النظام الاتحادي في الإمارات"، المستقبل العربي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 311، 2005)، ص 23
    (4) محمد محفوظ، الإصلاح السياسي والوحدة الوطنية (بيروت: المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 2004)، ص 100-103.
    (5) للمزيد انظر: موقع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الرئيسية
    (6) كتاب «الفيدرالية في الإمارات النظرية ـــ والواقع ـــ والمستقبل» للدكتور محمد بن هويدن،

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •