النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    عضو جديد الصورة الرمزية اسلامي هو حياتي
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    الدولة
    الامارات
    المشاركات
    10

    افتراضي لو سمحتوا تقرير عن اهمية الدين الاسلامي واللغة العربية في التضامن العربي

    اللي عنده لا يبخل و الله محتاجه هالتقرير ضروووورررري

  2. #2
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Sep 2012
    المشاركات
    24

    افتراضي

    اللغة العربية هي عماد الدِّين ، فالدين باللغة العربية قرآنا وسنة ، ولا يمكن فهم الدِّين والتلذذ بجمال القرآن والبيان الحسن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بفهم لغة العرب التي بها نزل القرآن الكريم .
    لذا إذا تحدثنا عن حقيقة الارتباط الوثيق بين اللغة العربية والإسلام فإن الواقع التاريخي للغة العربية وللدين الإسلامي- خلال أربعة عشر قرناً - يثبت حقيقة التلازم والارتباط بين انتشار كل منهما وازدهاره بمساعدة الآخر .
    هذا إلى جانب حقيقة أخرى واضحة وثابتة هي : إن في كل من الدين الإسلامي واللغة العربية من القوة الذاتية والاستعداد الأصيل ما يكفل له الغلبة والانتصار والدوام .
    فاللغة العربية - ذاتها - لغة حية أدت رسالتها في الحياة خير أداء ، وعبرت في عصورها الأولى عن حاجات المجتمعات التي تتخذها لغة لها تعبر بها عن مطالبها وآلامها وعلومها وآدابها وفنونها ، وما زالت مستعدة للتعبير عن الحياة وما جد فيها ، ومستعدة أن تتسع أكثر من ذي قبل لكل جديد مبتكر ومخترع حديث .
    واللغة العربية أيضا - من أغنى لغات البشر ثروة لفظية تستوعب حاجات الأمة الحسية والمعنوية
    والعرب منذ أواخر العصر الجاهلي مهتمون بلغتهم معتزون بتراثها الأدبي ، وقد قيل:«الشعر ديوان العرب» ، ولكن اهتمامهم واعتزازهم بها ازداد مع ظهور الإسلام لأن الله عز وجل اختارها لغة لدينه قرآنا وسنة وعبادة وتشريعاً وتكلم بها تشريفا لها وهي باقية ما بقي الإسلام والقرآن ، ثم تضاعف الاهتمام والاعتزاز باللغة العربية وحفظ التراث اللغوي وتنقيته من الدخيل الأعجمي أثناء الفتوحات الإسلامية وبعدها . وعلى الرغم من أن الاستعمار الغربي كان يعمل لهدم اللغة العربية بحسبانها لسان الدين الإسلامي الذي ما يزال يحاول هدمه بالدعوة إلى استخدام اللهجات العامة والمحلية ، إلا أن هذه الدعوات والمحاولات الاستعمارية قد باءت بالخيبة والفشل والخسران المبين .
    وإن كان وللأسف ثمت دعوات لإحياء لهجة كل بلد وتدوينها وتدريسها ؟!
    وعن حقيقة التلازم القوي بين انتشار الإسلام بالعربية وانتشار العربية بالإسلام، يقول الأزهري الإمام اللغوي المشهور ، في مقدمة كتابه «تهذيب اللغة» (1/3) : «الحمد لله ، على ما أسبغ علينا من نعمه الظاهرة والباطنة ، وهدانا إليه مِن تدبُّر تنزيله ، والتفكر في آياته ، والإيمان بمحكمه ومتشابه ، والبحث عن معانيه، والفحص عن اللغة العربية التي بها نزل الكتاب ، والاهتداء بما شرع فيه ودعا الخلق إليه ، وأوضح الصراط المستقيم به ، وهداهم إلى ما فضلنا به على كثير من أهل هذا العصر في معرفة لغات العرب التي بها نزل القرآن ، وورَدَت سنَّة المصطفى النبي المرتضى عليه السلام» .
    والقرآن نفسه ، قبل كلام الأزهري وأمثاله من علماء اللغة ، يؤكد حقيقة هذا الباعث الأساسي للاهتمام باللغة العربية والاعتزاز بتراثها العلمي والأدبي . فقد منَّ الله تبارك وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى العرب الذين بُعِثَ فيهم ومنهم بقوله عز وجل : ﴿ إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقِلون ﴾ ، وقال سبحانه وتعالى : ﴿ لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذِكرُكُمْ أفلا تعقِلون ﴾ [الأنبياء] .
    فنزول القرآن الكريم بالعربية دليل أهميتها وأفضليتها وباعث نهضتها ، وصاحب الفضل الأكبر والأثر الأظهر في نشرها وخلودها . ويكفي تدليلا على ذلك اختيار الله لها لسانا لدينه العام والأخير ، وهو الإسلام ومنه بذلك على العرب خاصة والمسلمين عامة . [ «اللغة العربية : لسان وكيان» ، «مجلة البحوث» (1/91) ] .
    وقد جاء عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال : «لسانُ العَرَب أوسعُ الألسنة مذهباً ، وأكثرها ألفاظاً ، والعلم بها عند العرب كالعلم بالسنن عند أهل الفقه» [ رواه الأزهري في «تهذيب اللغة» (1/4-5)] .
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : «فإن نفس اللغة العربية مِن الدِّين ، ومعرفتها فرضٌ واجِبٌ ، فإنَّ فَهْمَ الكتاب والسنة فرضٌ ، ولا يفهم إلا باللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب » . [«اقتضاء الصراط المستقيم» (1/469) ] .
    ويقول الأزهري في مقدمته (1/5) : «إن تعلم العربية التي يُتوصَّل بها إلى تعلم ما به تجري الصلاة من تنزيل وذكر ، فرضٌ على عامَّةِ المسلمين . وأن على الخاصة التي تقوم بكفاية العامة فيما يحتاجون إليه لدينهم الاجتهاد في تعلم لسان العرب ولغاتها التي بها تمام التوصُّل إلى معرفة ما في الكتاب والسنن والآثار ، وأقاويل المفسِّرين من الصحابة والتابعين ، من الألفاظ الغربية والمخاطبات العربية ، فإن من جهل سِعة لسان العرب وكثرة ألفاظها ، وافتِنانها في مذاهبها ، جهل جُمَل علم الكتاب» .
    ومما يبين الاهتمام باللغة العربية- لغة القرآن- كراهة السَّلف للرطانة وهي التشبه بالأعاجم في كلامهم ولغتهم ، ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الماتع «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/461-462) : «وأما الرطانة ، وتسمية شهورهم بالأسماء العجمية ، فقال أبو محمد الكرماني - المسمى بحرب -: «باب تسمية الشهور بالفارسية : قلت لأحمد فإن للفرس أياماً وشهوراً ، يسمونها بأسماء لا تعرف ؟ فكره ذلك أشد الكراهة .
    وروى فيه عن مجاهد حديثاً أنه كَرِهَ أن يقال : آذرماه ، وذي ماه . قلت : فإن كان اسم رجل أسميه به ؟ فكرهه ...، وكان ابن المبارك يكره الأسماء الفارسية ..
    فما قاله أحمد من كراهة هذه الأسماء له وجهان :
    أحدهما : إذا لم يعرف معنى الاسم ، جاز أن يكون معنى محرماً ، فلا ينطق المسلم بما لا يعرف معناه ، ولهذا كرهت الرُّقى العجمية ، كالعبرانية ، أو السريانية ، أو غيرها ؛ خوفاً أن يكون فيها معان لا تجوز .
    وهذا المعنى هو الذي اعتبره إسحاق ، لكن إن علم أن المعنى مكروه فلا ريب في كراهته وإن جهل معناه فأحمد كرهه ، وكلام إسحاق يحتمل أنه لم يكرهه .
    الوجه الثاني : كراهته أن يتعوَّد الرجل النطق بغير العربية فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله ، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون ، ولهذا كان كثير من الفقهاء أو أكثرهم يكرهون في الأدعية ، التي في الصلاة والذكر ، أن يدعى الله ، أو يذكر بغير العربية» .
    وقال رحمه الله مبيناً أثر اللغة وتعلمها : «واعتياد اللغة يؤثر في العقل ، والخُلُق ، والدِّين تأثيراً قوياً بيناً ، ويؤثر أيضاً في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق .
    وأيضاً فإن نفس اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرض واجب ..، ثم منها ما هو واجب على الأعيان ، ومنها ما هو واجب على الكفاية ، وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن ثور ، عن عمر بن زيد : كتب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما : «أما بعد . فتفقهوا في السُّنة ، وتفقهوا في العربية ، وأعربوا القرآن ، فإنه عربي ، وتمعددوا فإنكم معدّيّون» [رواه ابن أبي شيبة في «المُصَنَّف» (15/433 رقم 30534)].
    وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال : «تعلموا العربية فإنها من دينكم ، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم» . [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/165 رقم 26164)] .
    وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه مِن فِقهِ العربية وفقه الشريعة ، يجمع ما يحتاج إليه ؛ لأن الدين فيه أقوال وأعمال ، ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله ، وفقه السنة هو فقه أعماله» . [«اقتضاء الصراط المستقيم» (1/469-470)] .
    إنَّ تعلم العربية وتعليمها ليس من فضول العلوم أو مُلَحِهِ ، بل هو من أسسه وواجباته ، فكما نجتهد في حفظ القرآن وتحفيظه لأبنائنا ليبقى هذا الكتاب غضاً طرياً فكذلك تعلم العربية . فعن أُبَي بن كعب رضي الله عنه قال : «تعلَّموا العربية كما تعلَّمون حفظ القرآن» . [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (15/433 رقم 30535)] .
    إن العربية هي الحصن الحصين دون تغريب المجتمع ورميه في أحضان الغرب ؛ لأن الرطانة بلسان الغرب هي أول درجات التبعية لهم ، ولذلك وُجِدَ في كلام السلف رحمهم الله الكثير من التحذير من الرطانة بلسان العجم ؛ لأن ذلك مُشعر بالتبعية لهم ، واستبدال للأعلى بالأدنى وقد نهينا عن ذلك .
    كما جاء عن عمر بن الخطاب الفاروق الملهم رضي الله عنه أنه قال : «ما تَكَلَّم الرجلُ الفَارِسِيَّةَ إلا خَبُثَ ، ولا خَبُث إلاَّ نَقَصَتْ مُروءته» . [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/402 رقم 26805)].
    وقال التابعي الجليل عطاء رحمه الله : «لا تعلَّمُوا رطانة الأعاجم» [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/403 رقم 26806)] .
    وروى داود بن أبي هند عن محمد بن سعد بن أبي وقاص أنه سمِعَ قوماً يتكلَّمون بالفارسية ، فقال : «ما بالُ المجوسية بعد الحنيفية» ؟! [ رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/403 رقم 26807)] .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : «وأمَّا اعتياد الخِطَاب بغير اللُّغة العربية التي هي شعار الإسلام ، ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمِصرِ وأهلهِ ، أو لأهل الدار ، للرجل مع صاحبه ، أو لأهل السوق أو للأمراء ، أو لأهل الديوان ، أو لأهل الفقه ، فلا ريب أن هذا مكروه ، فإنه من التشبه بالأعاجم ، وهو مكروه كما تقدَّم ، ولهذا كان المسلمون المتقدِّمون لمَّا سكنوا أرض الشام ومصر ، ولغة أهلهما رومية ، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية ، وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية ، عوَّدوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار : مسلمهم وكافرهم ، وهكذا كانت خراسان قديماً .
    ثمَّ إنهم تساهلوا في أمر اللغة ، واعتادوا الخطاب بالفارسية ، حتى غلبت عليهم ، وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ، ولا ريب أنَّ هذا مكروه ، غنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية ، حتى يتقنها الصغار في المكاتب وفي الدور فيظهر شعار الإسلام وأهله» . [«الاقتضاء» (1/468-469)] .
    ومن الخطر المحدق بنا إقحام لغة أُخْرى إلى جانب اللغة الأم في تدريس الصغار ، لا سيما وقد قرر مجمع اللغة العربية بالقاهرة أن تدريس لغة أخرى مع العربية إلى ما قبل تسع سنوات يؤثر تأثيراً بالغاً على اللغة العربية ، كما هو مشاهد الآن ، فأكثر الطلاب يحسن اللغة الأجنبية ولكنه جاهل في لغته العربية التي نزل بها القرآن . بل تستمع إلى مسؤول كبير يقرأ من ورقة كُتِبت له وهو خريج جامعات كبيرة دنيوياً فلا يُحسِن منها إلا القليل وتتأمل في كلامه فتجد اللحن الفاحش والخطأ الواضح .
    لا بد من إبعاد كل لغة تؤثر على لغتنا ، لأن العربية عزنا وفخرنا وديننا .

  3. #3
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    Sep 2012
    المشاركات
    24

    Taqrer2

    اللغة العربية هي عماد الدِّين ، فالدين باللغة العربية قرآنا وسنة ، ولا يمكن فهم الدِّين والتلذذ بجمال القرآن والبيان الحسن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بفهم لغة العرب التي بها نزل القرآن الكريم .
    لذا إذا تحدثنا عن حقيقة الارتباط الوثيق بين اللغة العربية والإسلام فإن الواقع التاريخي للغة العربية وللدين الإسلامي- خلال أربعة عشر قرناً - يثبت حقيقة التلازم والارتباط بين انتشار كل منهما وازدهاره بمساعدة الآخر .
    هذا إلى جانب حقيقة أخرى واضحة وثابتة هي : إن في كل من الدين الإسلامي واللغة العربية من القوة الذاتية والاستعداد الأصيل ما يكفل له الغلبة والانتصار والدوام .
    فاللغة العربية - ذاتها - لغة حية أدت رسالتها في الحياة خير أداء ، وعبرت في عصورها الأولى عن حاجات المجتمعات التي تتخذها لغة لها تعبر بها عن مطالبها وآلامها وعلومها وآدابها وفنونها ، وما زالت مستعدة للتعبير عن الحياة وما جد فيها ، ومستعدة أن تتسع أكثر من ذي قبل لكل جديد مبتكر ومخترع حديث .
    واللغة العربية أيضا - من أغنى لغات البشر ثروة لفظية تستوعب حاجات الأمة الحسية والمعنوية
    والعرب منذ أواخر العصر الجاهلي مهتمون بلغتهم معتزون بتراثها الأدبي ، وقد قيل:«الشعر ديوان العرب» ، ولكن اهتمامهم واعتزازهم بها ازداد مع ظهور الإسلام لأن الله عز وجل اختارها لغة لدينه قرآنا وسنة وعبادة وتشريعاً وتكلم بها تشريفا لها وهي باقية ما بقي الإسلام والقرآن ، ثم تضاعف الاهتمام والاعتزاز باللغة العربية وحفظ التراث اللغوي وتنقيته من الدخيل الأعجمي أثناء الفتوحات الإسلامية وبعدها . وعلى الرغم من أن الاستعمار الغربي كان يعمل لهدم اللغة العربية بحسبانها لسان الدين الإسلامي الذي ما يزال يحاول هدمه بالدعوة إلى استخدام اللهجات العامة والمحلية ، إلا أن هذه الدعوات والمحاولات الاستعمارية قد باءت بالخيبة والفشل والخسران المبين .
    وإن كان وللأسف ثمت دعوات لإحياء لهجة كل بلد وتدوينها وتدريسها ؟!
    وعن حقيقة التلازم القوي بين انتشار الإسلام بالعربية وانتشار العربية بالإسلام، يقول الأزهري الإمام اللغوي المشهور ، في مقدمة كتابه «تهذيب اللغة» (1/3) : «الحمد لله ، على ما أسبغ علينا من نعمه الظاهرة والباطنة ، وهدانا إليه مِن تدبُّر تنزيله ، والتفكر في آياته ، والإيمان بمحكمه ومتشابه ، والبحث عن معانيه، والفحص عن اللغة العربية التي بها نزل الكتاب ، والاهتداء بما شرع فيه ودعا الخلق إليه ، وأوضح الصراط المستقيم به ، وهداهم إلى ما فضلنا به على كثير من أهل هذا العصر في معرفة لغات العرب التي بها نزل القرآن ، وورَدَت سنَّة المصطفى النبي المرتضى عليه السلام» .
    والقرآن نفسه ، قبل كلام الأزهري وأمثاله من علماء اللغة ، يؤكد حقيقة هذا الباعث الأساسي للاهتمام باللغة العربية والاعتزاز بتراثها العلمي والأدبي . فقد منَّ الله تبارك وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى العرب الذين بُعِثَ فيهم ومنهم بقوله عز وجل : ﴿ إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقِلون ﴾ ، وقال سبحانه وتعالى : ﴿ لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذِكرُكُمْ أفلا تعقِلون ﴾ [الأنبياء] .
    فنزول القرآن الكريم بالعربية دليل أهميتها وأفضليتها وباعث نهضتها ، وصاحب الفضل الأكبر والأثر الأظهر في نشرها وخلودها . ويكفي تدليلا على ذلك اختيار الله لها لسانا لدينه العام والأخير ، وهو الإسلام ومنه بذلك على العرب خاصة والمسلمين عامة . [ «اللغة العربية : لسان وكيان» ، «مجلة البحوث» (1/91) ] .
    وقد جاء عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال : «لسانُ العَرَب أوسعُ الألسنة مذهباً ، وأكثرها ألفاظاً ، والعلم بها عند العرب كالعلم بالسنن عند أهل الفقه» [ رواه الأزهري في «تهذيب اللغة» (1/4-5)] .
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : «فإن نفس اللغة العربية مِن الدِّين ، ومعرفتها فرضٌ واجِبٌ ، فإنَّ فَهْمَ الكتاب والسنة فرضٌ ، ولا يفهم إلا باللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب » . [«اقتضاء الصراط المستقيم» (1/469) ] .
    ويقول الأزهري في مقدمته (1/5) : «إن تعلم العربية التي يُتوصَّل بها إلى تعلم ما به تجري الصلاة من تنزيل وذكر ، فرضٌ على عامَّةِ المسلمين . وأن على الخاصة التي تقوم بكفاية العامة فيما يحتاجون إليه لدينهم الاجتهاد في تعلم لسان العرب ولغاتها التي بها تمام التوصُّل إلى معرفة ما في الكتاب والسنن والآثار ، وأقاويل المفسِّرين من الصحابة والتابعين ، من الألفاظ الغربية والمخاطبات العربية ، فإن من جهل سِعة لسان العرب وكثرة ألفاظها ، وافتِنانها في مذاهبها ، جهل جُمَل علم الكتاب» .
    ومما يبين الاهتمام باللغة العربية- لغة القرآن- كراهة السَّلف للرطانة وهي التشبه بالأعاجم في كلامهم ولغتهم ، ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الماتع «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/461-462) : «وأما الرطانة ، وتسمية شهورهم بالأسماء العجمية ، فقال أبو محمد الكرماني - المسمى بحرب -: «باب تسمية الشهور بالفارسية : قلت لأحمد فإن للفرس أياماً وشهوراً ، يسمونها بأسماء لا تعرف ؟ فكره ذلك أشد الكراهة .
    وروى فيه عن مجاهد حديثاً أنه كَرِهَ أن يقال : آذرماه ، وذي ماه . قلت : فإن كان اسم رجل أسميه به ؟ فكرهه ...، وكان ابن المبارك يكره الأسماء الفارسية ..
    فما قاله أحمد من كراهة هذه الأسماء له وجهان :
    أحدهما : إذا لم يعرف معنى الاسم ، جاز أن يكون معنى محرماً ، فلا ينطق المسلم بما لا يعرف معناه ، ولهذا كرهت الرُّقى العجمية ، كالعبرانية ، أو السريانية ، أو غيرها ؛ خوفاً أن يكون فيها معان لا تجوز .
    وهذا المعنى هو الذي اعتبره إسحاق ، لكن إن علم أن المعنى مكروه فلا ريب في كراهته وإن جهل معناه فأحمد كرهه ، وكلام إسحاق يحتمل أنه لم يكرهه .
    الوجه الثاني : كراهته أن يتعوَّد الرجل النطق بغير العربية فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله ، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون ، ولهذا كان كثير من الفقهاء أو أكثرهم يكرهون في الأدعية ، التي في الصلاة والذكر ، أن يدعى الله ، أو يذكر بغير العربية» .
    وقال رحمه الله مبيناً أثر اللغة وتعلمها : «واعتياد اللغة يؤثر في العقل ، والخُلُق ، والدِّين تأثيراً قوياً بيناً ، ويؤثر أيضاً في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق .
    وأيضاً فإن نفس اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرض واجب ..، ثم منها ما هو واجب على الأعيان ، ومنها ما هو واجب على الكفاية ، وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن ثور ، عن عمر بن زيد : كتب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما : «أما بعد . فتفقهوا في السُّنة ، وتفقهوا في العربية ، وأعربوا القرآن ، فإنه عربي ، وتمعددوا فإنكم معدّيّون» [رواه ابن أبي شيبة في «المُصَنَّف» (15/433 رقم 30534)].
    وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال : «تعلموا العربية فإنها من دينكم ، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم» . [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/165 رقم 26164)] .
    وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه مِن فِقهِ العربية وفقه الشريعة ، يجمع ما يحتاج إليه ؛ لأن الدين فيه أقوال وأعمال ، ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله ، وفقه السنة هو فقه أعماله» . [«اقتضاء الصراط المستقيم» (1/469-470)] .
    إنَّ تعلم العربية وتعليمها ليس من فضول العلوم أو مُلَحِهِ ، بل هو من أسسه وواجباته ، فكما نجتهد في حفظ القرآن وتحفيظه لأبنائنا ليبقى هذا الكتاب غضاً طرياً فكذلك تعلم العربية . فعن أُبَي بن كعب رضي الله عنه قال : «تعلَّموا العربية كما تعلَّمون حفظ القرآن» . [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (15/433 رقم 30535)] .
    إن العربية هي الحصن الحصين دون تغريب المجتمع ورميه في أحضان الغرب ؛ لأن الرطانة بلسان الغرب هي أول درجات التبعية لهم ، ولذلك وُجِدَ في كلام السلف رحمهم الله الكثير من التحذير من الرطانة بلسان العجم ؛ لأن ذلك مُشعر بالتبعية لهم ، واستبدال للأعلى بالأدنى وقد نهينا عن ذلك .
    كما جاء عن عمر بن الخطاب الفاروق الملهم رضي الله عنه أنه قال : «ما تَكَلَّم الرجلُ الفَارِسِيَّةَ إلا خَبُثَ ، ولا خَبُث إلاَّ نَقَصَتْ مُروءته» . [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/402 رقم 26805)].
    وقال التابعي الجليل عطاء رحمه الله : «لا تعلَّمُوا رطانة الأعاجم» [رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/403 رقم 26806)] .
    وروى داود بن أبي هند عن محمد بن سعد بن أبي وقاص أنه سمِعَ قوماً يتكلَّمون بالفارسية ، فقال : «ما بالُ المجوسية بعد الحنيفية» ؟! [ رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (13/403 رقم 26807)] .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : «وأمَّا اعتياد الخِطَاب بغير اللُّغة العربية التي هي شعار الإسلام ، ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمِصرِ وأهلهِ ، أو لأهل الدار ، للرجل مع صاحبه ، أو لأهل السوق أو للأمراء ، أو لأهل الديوان ، أو لأهل الفقه ، فلا ريب أن هذا مكروه ، فإنه من التشبه بالأعاجم ، وهو مكروه كما تقدَّم ، ولهذا كان المسلمون المتقدِّمون لمَّا سكنوا أرض الشام ومصر ، ولغة أهلهما رومية ، وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية ، وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية ، عوَّدوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار : مسلمهم وكافرهم ، وهكذا كانت خراسان قديماً .
    ثمَّ إنهم تساهلوا في أمر اللغة ، واعتادوا الخطاب بالفارسية ، حتى غلبت عليهم ، وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ، ولا ريب أنَّ هذا مكروه ، غنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية ، حتى يتقنها الصغار في المكاتب وفي الدور فيظهر شعار الإسلام وأهله» . [«الاقتضاء» (1/468-469)] .
    ومن الخطر المحدق بنا إقحام لغة أُخْرى إلى جانب اللغة الأم في تدريس الصغار ، لا سيما وقد قرر مجمع اللغة العربية بالقاهرة أن تدريس لغة أخرى مع العربية إلى ما قبل تسع سنوات يؤثر تأثيراً بالغاً على اللغة العربية ، كما هو مشاهد الآن ، فأكثر الطلاب يحسن اللغة الأجنبية ولكنه جاهل في لغته العربية التي نزل بها القرآن . بل تستمع إلى مسؤول كبير يقرأ من ورقة كُتِبت له وهو خريج جامعات كبيرة دنيوياً فلا يُحسِن منها إلا القليل وتتأمل في كلامه فتجد اللحن الفاحش والخطأ الواضح .
    لا بد من إبعاد كل لغة تؤثر على لغتنا ، لأن العربية عزنا وفخرنا وديننا .

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •