بسم الله الرحمن الرحيم
سوشيروا هوندا





لا تستسلم أبداً، إن وقعت أنهض و أجمع مفاخرك و كل ما وقع منك و بُعثر على الأرض و أعد ترتيب أوراقك و حاول مرة أخرى، هوندا فعلها مرة و اثنتين و ثلاثة، و في كل مرة يخذله شيئ و يوقفه يعود مرة أخرى و يسبح ضد التيار ليغير مسار التيار لصالحه، بالأمس يبحث عن عمل و اليوم هو رب العمل، سانشيروا هوندا، كافح و حارب العالم و الحروب و الكوارث الطبيعية من أجل حلمه.


كان سانشيروا هوندا مجرد طالب ياباني عادي يبني أماله على طموحات و أفكار، فكان يدرس و يخصص وقته فالعمل، فيذهب للمدرسة متشحم اليدين من عمله في مجال السيارات، فيعمل على تطوير مفهوم حلقة الصمام ليبيعها لشركة تويتا و لم يكن يعلم ما تخبأ الأيام له، فيضني نفسه في العمل و يبذل الغالي و النفيس ليثبت نفسه و ذاته حتى انتهى من أمله و أتت له الضربة الأولى، فرفضت شركة تويتا محركه بسبب عدم تناسب المقاسات، و لكن كان سانشيروا يسحب كل الضربات السلبية تلك و يحولها لوقود له.

عاد سانشيروا مرة أخرى و أستمر في عمله الدؤوب، حتى أنجز ما أراده في وقت آخر بعد سنتين من العمل المضني، و لكن هذه المرة نجح سانشيروا، و حقق حلمه بتعاقد شركة تويتا معه، و لعل هوندا الآن متعجب مما هو فيه بما إن هذه كانت أمآله مقارنة بما هو عليه اليوم، فبدأت شركة تويتا تلتفت إلى سانشيروا الشاب في مقتبل العمر، و بدأ سانشيروا بتحسين أوضاعه شيئاً فشيئاً حتى بدأ بتدشين مصنع خاص به لصناعة المحركات، و لكن شائت الأقدار أن ترفض الحكومة اليابانية طلب هوندا بحجة حاجتها للأسمنت بسبب دخولها فالحرب العالمية الأولى و لكن هوندا لم يستسلم و صنع فرصته بنفسه، فاستطاع بطريقة ما إيجاد حل لنفسه و صنع أسمنت يكفيهم لبناء المصنع، فانطلق هوندا مرة أخرى متخطياً كل الحواجز السلبية و بنى مصنعه بنجاح، و لكن الحرب تضع نفسها في مواجهة هوندا، لسوء حظ هوندا يحطم الجيش الأمريكي بقذائفه أجزاء رئيسية في مصنع هوندا، كالضربة فالقلب ! تقتل فورياً ! و لكن هوندا لم يمت، بل انتزع الخنجر الذي ضُرب بِه في قلبه و رماه بعيداً عن طريقه و بطريقة ما تماسك هوندا و أعاد مرة أخرى بناء مصنعه و ترميمه بمعاونة أصحابه.

و تتعاود الخناجر و ترمي نفسها على سوشيروا ! فتحطم الفتى مرة أخرى و يصمد في وجهها، فالجيش الأمريكي كالثور الهائج و هوندا و مصنعه هم الستارة الحمراء، فقذيفة أخرى تلحق الضرر بمصنع هوندا مجدداً ! و هوندا يقاوم مجدداً ! فيحمل هوندا كل ما خلفه الدمار و القذائف و آماله المحطمة بعيداً و يرميها في مكب النفايات إلا شيئ واحد، فقد أبقى هوندا علب البنزين الفارغة التي خلفتها المقاتلات الأمريكية و سماها بالهدايا من الرئيس الأمريكي ترومان، حيث وفرت له المواد الأولية التي تساعده في عملياته الصناعية و نظراً لعدم توفرها فاليابان في تلك الفترة فقد حول الفتى هوندا الحرب إلى وسيلة منفعة و تجاوز عقبات الحرب و الدمار التي خلفتها القذائف في مصنعه و وضعها تحت قدميه ليرتقي إلى الأعلى.

و في أثناء لحظاته السعيدة و ترقبه لإصدار الصمامات التي طلبتها تويتا و تسجيل إسمه بين عملاقة المجال بدأت الأرض بالإهتزاز ! هل تفكرون بما أفكر به يا سادة ؟ زلزال ! زلزال دك مصنع هوندا إلى اللانهائية، فاختفى مصنع هوندا تماماً و حطم و هُمِشَ، فباع هوندا مصنعه و باع معه فكرة الصمامات لصالح تويتا.

و لكنها لم تكن النهاية، فأمثال هوندا لا يستسلمون أبداً، فبعد أن أنتهت الحرب باتت اليابان بحاجة إلى الوقود، فلم يقدر هوندا حتى أن يحرك سيارته ليقضي حاجات منزله، و بذكائه و حنكته استطاع هوندا تركيب محرك لدرجاته الهوائية ! فصنع هوندا التاريخ بهذه الحركة الذكية، فباتت الطلبات تتهافت عليه من الجيران و الأقارب، دراجة تسير بطاقة محرك، لا داعي لأن تحرك قدمك و تتعب نفسك ! ياله من إختراع ذكي ! الكل يريد أن يكون مثل هوندا ! و هكذا بدأت حياة هوندا بالإزدهار من جديد و من شدة الطلبات عليه دشن هوندا مصنعه لصنع هذا النوع من المحركات، و شيئ فشيئ بدأ هوندا بتصدير دراجاته النارية إلى أوروبا و الولايات المتحدة لينال جائزة إمبراطور اليابان، بل و دفعه طموحه إلى الأعلى، فبدأ في سبعينيات القرن العشرين بتصنيع سيارات لاقت ترحيب كبير جداً و رواج رائع على الصعيد العالمي و أصبح ساشيروا هوندا اليوم صاحب شركة هوندا الشهيرة للسيارات، فأصبح العالم بأسره يعرف هوندا على إنه الرجل صاحب العلامة الشهيرة H على السيارات و أصبح أحد ركائز الإقتصاد فاليابان، مروراً بالقذائف و وصولاً للزلازل ثابر هوندا و كافح و وضع ثقته بنفسه و حول كل شيئ سلبي حوله إلى طاقة إيجابية ليتربع على قمة العالم اليوم.


الأمل، الكفاح، هوندا رسم بهما قصة نجاح، و قاوم الحرب العالمية و وصل اليوم لمناطق أبعد من العالمية، فقط ضع حلمك نصب عينيك، و كافح و كن ذو أمل و بكل تأكيد ستصل إلى ما تريده و أعلى.

#بقلمي / قصة حقيقية
http://abdullah-alameri.tumblr.com/