المقدمة:

ولد إبراهيم ناجي بنأحمد ناجي بن إبراهيم القصبجي إبراهيم ناجي في حي شبرا بالقاهرة في الحادي والثلاثينمن شهر ديسمبر عام 1898، لأسرة القصبجي المعروفة بتجارة الخيوط المذهبة، عمل والدهفي شركة البرق (التلغراف)، وهي شركة إنجليزية، يوم كانت مصر تحت الهيمنة البريطانية،فأجاد اللغة الإنجليزية، وتمكن من الفرنسية والإيطالية، وكان شغوفاً بالمطالعة، وامتلكفي بيته مكتبة حافلة بأمهات الكتب، فنشأ ابنه إبراهيم على حب المطالعة، وشجعه أبوهعلى القراءة، وكان يهدي إليه الكتب، فأتقن العربية والفرنسية والإنجليزية والألمانية،وأمه هي السيدة بهية بنت مصطفى سعودي التي ينتهي نسبها إلى الحسين عليه السلام، وتمتبصلة قربى من جهة الأخوال إلى الشيخ عبدالله الشرقاوي ولما حاز ناجي شهادة الدراسةالثانوية سنة 1917 انتسب إلى كلية الطب، وتخرج فيها سنة 1923، وافتتح عيادة بميدانالعتبة بالقاهرة، وكان يعامل مرضاه معاملة طيبة، وفي كثير من الحالات لا يأخذ منهمأجرة، بل يدفع لهم ثمن الدواء، ثم شغل عدة مناصب في وزارات مختلفة، فقد نقل إلى سوهاجثم المنيا ثم المنصورة، واستقر فيها من عام 1927 إلى عام 1931، حيث رجع نهائياً إلىالقاهرة، وكان آخر منصب تسلمه هو رئيس القسم الصحي في وزارة الأوقاف.

حكايته مع جماعة أبوللو:تفتحت موهبة إبراهيم ناجي الشعرية باكراً، فقد نظم الشعر وهو في الثانية عشرة من العمر،وشجعه والده عليه، وفتح له خزائن مكتبته، وأهداه ديوان شوقي ثم ديوان حافظ وديوان الشريفالرضي، ومن شعره في الصبا قصيدة قالها وهو في الثالثة عشرة من عمره، عنوانها"على البحر"، وفيها يقول
إني ذكرتك باكيا
والأفق مغبر الجبين
والشمس تبدو وهي
تغرب شبه دامعة العيون
والبحر مجنون العباب
يهيج ثائره جنوني
اهتم بالثقافة العربية القديمة فدرس العروض والقوافيوقرأ دواوين المتنبي وابن الرومي وأبي نواس وغيرهم من فحول الشعر العربي، كما نـهلمن الثقافة الغربية فقرأ قصائد شيلي وبيرون وآخرين من رومانسيي الشعر الغربي.
بدأ حياته الشعرية حوالي عام 1926 بترجمة بعض أشعارالفريد دي موسييه وتوماس مور شعراً وينشرها في السياسة الأسبوعية ، وانضم إلى جماعةأبوللو عام 1932م حيث الشعراء العرب الذين استطاعوا تغيير صورة القصيدة العربية لشكلأكثر تحرراً من القواعد الكلاسيكية ، وكان أيضا يكتب الدراسات النقدية كدراسته عن الشاعرالفرنسي بودلير. في شهر سبتمبر من عام 1932 صدر العدد الأول من مجلة جمعية أبولو، وكانرئيس تحريرها أحمد زكي أبو شادي، وقد اشترك إبراهيم ناجي مع أحمد زكي أبو شادي في إصدارالمجلة، وفي العدد الثاني من المجلة تم الإعلان عن تأسيس جمعية أبوللو الشعرية وفي10 أكتوبر من نفس العام اجتمع لفيف من الأدباء في كرمة ابن هانئ، وفيهم إبراهيم ناجي،وانتخب أحمد شوقي رئيساً للجمعية، ولكنه توفي بعد أربعة أيام، فخلفه نائبه مطران خليلمطران، وكان إبراهيم ناجي من الأعضاء المؤسسين، وبعد أقل من عام جرت انتخابات جديدةفي 22 سبتمبر عام 1933 وانتخب مطران رئيساً وأحمد محرم وإبراهيم ناجي وكيلين وأحمدزكي أبو شادي سكرتيراً.
هدفت هذه الجماعة إلى البعد عن الأغراض التقليديةللشعر والاتجاه للذاتية أي تعبير الشاعر عن مكنوناته بصورة اكثر عمقا كذلك الابتعادعن أدب المناسبات والتحرر من الصنعة والتكلف، وعلى صفحات المجلة نشر إبراهيم ناجي معظمما كتب من شعر وما ترجم، وكان من أشهر ما ترجمه قصيدة "البحيرة" للشاعر الفرنسيلامارتين وقصيدة "أغنية الريح الغربية" للشاعر الإنجليزي الرومنتيكي شيلي،وقد صدر من المجلة خمسة وعشرون عدداً من سبتمبر1932 إلى ديسمبر1934، ثم توقفت عن الصدور.اشتهر ناجي بشعره الوجداني ورأس رابطة الأدباء في مصر في الأربعينيات من القرن العشرينوعرف عنه تأثره بالشاعر مطران خليل مطران وأحمد شوقي.
وبعد صدور ديوانه الأول سافر في شهر يونيو مع أخيهإلى تولوز في فرنسا، ليساعد أخيه على الانتساب إلى إحدى الكليات هناك، ومنها سافر إلىلندن لحضور مؤتمر طبي، وفي لندن قرأ النقد الحاد الذي كتبه طه حسين عن ديوانه الأول،كما قرأ هجوم العقاد عليه، فشعر بخيبة كبيرة، وبينما كان يجتاز أحد الشوارع، صدمتهسيارة، فنقل إلى مستشفى سان جورج، ولبث فيه مدة، فقد دخل رأس عظمة الساق في فتحة الحوضفهشمته، وكان يعاني بالإضافة إلى ذلك من داء السكري، ورجع إلى مصر يائسا من الشعر والأصدقاء،وأخذ يكتب قصائد الهجاء في هذا وذاك، بل أخذ يترجم ويكتب القصص، فكتب قصة "مدينةالأحلام"، تحدث فيها عن حبه الطفولي الأول، ونشرها مع قصص أخرى مؤلفة ومترجمةفي كتاب يحمل العنوان نفسه، قال في مقدمته: "وداعاً أيها الشعر، وداعاً أيها الفن،وداعاً أيها الفكر". ثم نقل الشاعر إلى وزارة الأوقاف، حيث عيّن رئيس القسم الطبي،فاطمأنت نفسه، لما وجد فيها من تقدير وتكريم، وقد عاصر ثلاثة وزراء كانوا يقدرون الشعروالشاعر، وهم عبد الهادي الجندي وإبراهيم الدسوقي أباظة وعبد الحميد عبد الحق وفي هذهالمرحلة أخذ يمدح كل من له يد العون وكان من أبرز من مدحهم إبراهيم الدسوقي أباظة وزيرالأوقاف، وقد جمع كل ما قاله في مدحه من شعر تحت عنوان: "الإبراهيميات" وضمنهديوانه الثاني "ليالي القاهرة" لكنه أخرج من وظيفته عام 1952، ولم يكن يدخرشيئا فعاش في ضنك وتنكر له أقرب الناس إليه، بمن فيهم زوجته، وأخذ ينغمس في السهر،وفي هذه المرحلة تعرف إلى الممثلة زازا وأحبها ، ونظم فيها قصيدة مطولة باسمها مصوراًإياها بالربيع الذي حل على خريف حياته كان ناجي يهمل صحته، ولا يأخذ العلاج، وقد ألحعليه داء السكري، إلى أن وافاه الأجل في 25 مارس 1953 عن عمر ناهز الخامسة والخمسين،ودفن إلى جوار جده لأمه الشيخ عبد الله الشرقاوي، في مسجده بجوار الحسين صدرت عن الشاعرإبراهيم ناجي بعد رحيله عدة دراسات مهمة، منها: إبراهيم ناجي للشاعر صالح جودت ، وناجيللدكتورة نعمات أحمد فؤاد ، كما كتبت عنه العديد من الرسائل العلمية بالجامعات المصرية. الألم والفراق في شعر ناجي :
مما سبق فإن ناجي مر بظروف صعبة في حياته وتخلى عنهالأقارب والأحباب في أحيان كثيرة.. ولكن كانت أول تجربة تعمق نظرته البائسة للحياةهي محبته أيام الدراسة الثانوية لفتاة كانت زميلته وتعلقه بها حتى أنها حينما تزوجتبغيره تهدمت مشاعره وكتب أكثر قصائده شهرة عن نظرته لهذه التجربة مصوراً أن ما بقيمن الشاعر مجرد أطلال لروحه ولكنه عاد في نهاية القصيدة يستسلم للقدر ، وحملت القصيدةعنوان "الأطلال" وتقع في أكثر من مائة وثلاثين بيتاً في شكل مقاطع، يتألفكل مقطع من أربعة أبيات، أكثر المقاطع منظومة على الرمل، وقد غنت أم كلثوم مقاطع منهامع بعض التعديل في الألفاظ وضم مقاطع من قصيدة أخرى عنوانها "الوداع". يافؤادي لا تسل أين الهوى كان صرحاً من خيال فهوى وكان يشعر دوما بنوع من الفراق عن الأحبابوكتب يقول : سألتك يا صخرة الملتقى متى يجمع الدهر ما فرقا إذا نشر الغرب أثوابه وأطلقفي النفس ما أطلقا أريك مشيب الفؤاد الشهيد والشيب ما كلل المفرقا وبحسب الناقد أحمدزياد المحبك " يعبر إبراهيم ناجي في معظم شعره عن نزوع فردي رومانسي حزين، فشعرهذاتي، يكاد يكون خالصاً للحب والوجدان، بل للقهر والحرمان، فهو يعبر عن حب محروم، ويصدرعن رؤية متشائمة، ونظرة حزينة، وروح مكتئبة". في قصيدته أنوار المدينة يقول ضحكتلعيني المصابيح التي تعلو رؤوس النيل كالتيجان ورأيت أنوار المدينة بعدما طال المسيروكلت القدمان وحسبت أن طاب القرار لمتعب في ظل تحنان وركن آمان فإذا المدينة كالضبابتبخرت وتكشفت لي عن كذوب اماني قدر جرى لم يجر في الحسبان لا أنت ظالمة ولا انا جانيأما عضو الهيئة العلمية بجامعة الإمام صادق الإيرانية رقية رستم بور فتعلق على التشاؤمفي شعر ناجي بقولها: "عاش الشاعر في القرن العشرين وظل متشائما بكل مظاهر الحياةفهو يتشاءم بالدنيا وما فيها وبالحب والهوى حينا آخر ومرجع ذلك يبدو إلى أن الشاعرالرومانسي يجد سعادته في ظلال الحب باعتباره عاطفة يمكنها أن تضم الكون بأسره ولذافهو دائما أبدا حزينا يبحث عن عالم المثل الذي ينشده" . نستمع له حزينا يقول:إني امرؤ عشت زما ني حائرا معذبا أمشي بمصباحي وحي داً في الرياح متعب أمشي به وزيتهكاد به ان ينضبا عشت زماني لا أرى لخافقي متقلبا غير أنه وجد للشاعر العديد من الأبياتالمتفائلة نوعاً بالطبيعة على وجه الخصوص مثل قصيدته الربيع والتي يخاطبه فيها بقوله:مرحى ومرحى يا ربيع العام أشرق فدتك مشارق الأيام بعد الشتاء وبعد طول عبوسه أرنا بشاشةثغرك البسام وابعث لنا أرج النسيم معطراً متخطراً كخواطر الأحلام وغيرها قصيدة لإبنيهعماد وأميرة: يا ابنتي إني لأشعر أني ملأت مهجتي شموس منيرة أشرقت فرحتان عندي فهذيلعماد وهذه لأميرة أنتما فرقدان ، وهو جديد بالذي ناله وأنت جديرة اغنما كل ما يطيبوفوزا بالمسرات والأماني الوفيرة وافرحا بالذي يطيب ويرجى عيشة نضرة وعين قريرة الإنتاجالشعري وهجوم طه حسين والعقاد :
كان أوّل ما صدر لإبراهيم ناجي هو ديوان (وراء الغمام)الذي نشرته له جماعة أبولو عام 1934، ويغلب عليه الحزن والتعبير عن الحب المحروم، ويضمبعض القصائد المترجمة، وقُوبل هذا الديوان بهجومٍ قاسٍ من النقّاد, ولاسيّما طه حسينوعباس العقاد، فقد نقده طه حسين نقداً مرّاً في كتابه "حديث الأربعاء" واصفاًشعره بأنّه ذو جناحٍ ضعيفٍ لا يقدر على التحليق وفضل عليه الشاعر علي محمود طه الذيوصفه بأنه مهيأ ليكون جبّاراً في فنّه، أمّا العقاد فكان أكثر حدّة وعُنْفاً, فوصفشعر ناجي بالتصنع والمرض بل لم يكتف بهذا الوصف فاتّهم ناجي بسرقة شعر ولعلّ هذا النقدالقاسي الذي تعرّض له ناجي والذي كاد بسببه أن يهجر الشعر كان سبباً رئيسياً في قلّةالدواوين الشعريّة التي أصدرها في حياته, إذ لم يصدرْ له سوى ديوانٌ واحد بعد ذلك وهوديوان "ليالي القاهرة" الذي صدر عام 1943، ويقصد بليالي القاهرة ليالي الحربالعالمية الثانية، التي نشبت أواخر عام 1939 وهو يعبر فيها عن كراهيته للحرب التي حرمتهمن سهر الليالي ونشرت له دار المعارف بعد وفاته ديوانه الثالث: (الطائر الجريح) عام1957، وفي سنة 1960 أصدرت وزارة الثقافة المصريّة "ديوان ناجي" وهو ديوان"شامل" ضمّ دواوين ناجي الثلاثة بالإضافة إلى بعض القصائد المتناثرة التيلم تَرِد في أيٍّ من الدواوين السابقة. وقد قام بجمعه كلٌّ من الدكتور أحمد هيكل ،أستاذ الأدب العربي بكلية دار العلوم وقتها، والشاعرين; أحمد رامي وصالح جودت بالإضافةإلى شقيق الشاعر, محمد ناجي. ثم أصدرت دار العودة في بيروت عام 1986 ديوان إبراهيمناجي، وقد ضم دواوينه الثلاثة، وبرغم الإنتاج الشعري القليل للشاعر مقارنة بمعاصريه،إلا أنه لم يكتف بالشعر فقط، فقد كانت له نشاطات في الترجمة، حيث قام ناجي بترجمة بعضالأشعار عن الفرنسية لبودلير تحت عنوان (أزهار الشر)، وترجم عن الإنجليزية رواية (الجريمةوالعقاب) لديستوفسكي، وعن الإيطالية رواية (الموت في إجازة)، كما نشر دراسة عن شكسبير،وقام بإصدار مجلة حكيم البيت ، وألّف بعض الكتب الأدبية مثل مدينة الأحلام وعالم الأسرةوغيرهما. لقد كان ناجي دائما محل انتقاد من آراء تعيب عليه قلة روح الإيمان والاعتمادعلى الله للعيش مطمئن النفس بدلاً من الشعور بالملل من الحياة والأحياء، وقد تميز الشاعرفي رأي البعض بالنزعة الروحية الأشبه بالصوفية وتبرز في كثير من التعبيرات التي استخدمهامثل (جعلت النسيم زادا لروحي)(أسكر نفسي)(صحا القلب منها). أما الشاعر نفسه فقد هجاكثيراً أولئك الذين يكلفون القراء الاطلاع على أشعارهم الضعيفة ممن يصفهم بعدم الموهبةويقول في قصيدة له مخاطبا شاعر من ذاك النوع: أيها الحي وما ضر الورى لو كنت متا أوشعر ذاك لا بل حجر ينحت نحتا تلقم الناس وترميهم به فوقا وتحتا ناجي متهم بضعف الوطنيةعاب الكثير من النقاد على ابراهيم ناجي أنه كان منصب تركيزه على الشعر العاطفي الرومانسيوقصائد الهجر هي أغلب ما تركه للأجيال ، غير أن هناك رأي آخر يرى أن الشاعر من جهةلم تجمع كل قصائده فإنتاجه الحقيقي أكبر من الدواوين القليلة المجمعة ولم يكن يهتمبحفظ شعره الذي ألقاه في العديد من المناسبات والدليل على هذا كشف الأستاذ حسن توفيقللعديد من القصائد المجهولة للشاعر بإصدار الأعمال الشعرية الكاملة ، ومن جهة أخرىفهناك العديد من القصائد التي تبرهن على حبه لأمته العربية ، ومن الفريق الأول الدكتوروالأديب محمد مندور بقوله "قد أوشك معظم شعره أن يصبح قصيدة غرام متصلةٍ وإن تعدّدتأحداثها وتنوّعت أنغامها"، ومن الفريق الثاني الدكتور طه وادي الذي رأى بأن قصيدة"ليالي القاهرة" نوعٍ الغَزِل العجيب لحبٍّ آخر وحبيبةٍ أخرى, وأنّه غزلٌفي حبّ مصر, وحسرةٌ على ما أُصيبتْ به من عدم القدرة على قهر أعدائها، كذا الأستاذالناقد مصطفى يعقوب عبد النبي والذي برر الأمر بكثرة القصائد المجهولة لناجي. ومنهاقصيدة بعنوان "المجد الحي" ضمن كتاب "أدب العروبة" الذي أصدرتهجماعة أدباء العروبة وهي جماعة أدبية ترأسها الوزير الأديب إبراهيم الدسوقي أباظة ومنهايا أمّة نبتتْ فيها البطولاتُ لا مصر هانت ولا الأبطال ماتوا ويدل أيضا على ذلك قصيدتهالمنشورة ضمن "المجلّة الطبية المصرية" عام 1937 ضمن رصد وقائع المؤتمر الطبّيالتاسع الذي حضره عددٌ من الوفود الطبيّة العربيّة ومنهم إبراهيم ناجي قال فيها: ياشاعرَ الوادي وغرّيد الرّبى قُلْ للضيوفِ تحيّةً وسلاما مصرالعريقُ وفادُها حفَظْتُلكُم َهْداً على طُول المَدى وزِمَاما لستُمْ بها غُرَباءَ, أَنْتُمْ أَهْلُها أَنّىحَللَتُم تَنّزِلُون كِراما
ومنها أيضا: الشّرْقُ مَهْدٌ للنبوغِ ومَوْلدٌ للمجْدِفيه رَبَا وشَبّ غُلاما زَكَت النبوّة في حِمَاهُ ورعْرعتْ وتألّقت كالفرقديّنِ نِظَامامُوسى الذي شَقّ العُبابَ وفجّر الصخّر العنيدَ سواكباً تترامى عيسى الذي فدّى الوجودَوعلم الغفّران والإحسانَ والإكراما ومحمّدٌ يَكْفيكَ أنّ محمّداَ بيّن البريّةِ أَوْجَدَالإسلاما هذا هو الشّرْقُ العظيم لم يَزَلْ نوراً لمن رَام الهدى وإماما ومن قصيدةبعنوان مصر يفتتحها بقوله: أجل إن ذا يوم لمن يفتدي مصرا فمصر هي المحراب والجنة الكبرىأجل عن ماء النيل قد مر طعمه تناوشه الفتاك لم يدعو شبرا فهلا وقفتم دونها تمنحوهاأكفاً كماء المزن تمطر خيرا سلاما شباب النيل في كل موقف على الدهر يجني المجد أو يجلبالفخرا تعالوا فقد حانت أمور عظيمة فلا كان منا غافل يصم العصرا شباب نزلنا حومة المجدكلنا ومن يغتدي للنصر ينتزع النصرا أعلام الأدب العربي في شعر ناجي : أحب الشاعر إبراهيمناجي الكثير من الرفقاء من أعلام الأدب العربي ومنهم الأديب السوري الراحل سامي الكياليوالذي قال فيه يا أيها الضيف العزيز نعمت بالعيش الحسن صدر الشام حنا عليك ومصر لوتدري أحن قمنا لها كل بنا حية رسول مؤتمن والأرز الطود المعصب بالجلال المطمئن يا مؤنسالمصري في حلب وما ننسى المنن وفي رثاء الشاعر مطران خليل مطران قال يا نفس إن راحالخليل وعنده ورد الخليل فعجلي برحيلي هو مصرع للعبقرية روعت في عرشها والتاج والإكليلأما في الشاعر أحمد شوقي فرثاه يقول قل للذين بكوا على شوقي النادبين مصارع الشهب والهفتاه لمصر والشرق ولدولة الأشعار والأدب هذا طريق قد ألفناه نمشي وراء مشيع غال كممن حبيب قد بكيناه لم يمح من خلد ولا بال وفي الأستاذ إبراهيم دسوقي أباظة إذا أخذالبدر المنير مكانه وملك آفاق السما وتمكنا فذلك تكريم الربيع لروضه جلاها الأباظيونورافة الجنى وأنت الذي فك القيود جميعها عن الشعر تأبى أن يهان فيسجنا قالوا عنه :
لقبه الشعراء من أبناء جيله بشاعر الأطلال نسبة للملحمةالكبيرة المعنونة بهذا العنوان. الدكتورة نعمات أحمد فؤاد: "كان ناجي سريع الانفعالكثير الأوهام قلق الظنون طاغي الحس رفاف النفس هفاف المشاعر، وكلها عوامل تظهر أثرهافي صاحبها في كل ما يصدر عنه" . الأمير عبد الله الفيصل: " يعد ناجي من ابرزالشعراء الذين أقرأ لهم واحبهم " .
الناقد مصطفى يعقوب عبد النبي " على الرغم منأنّ جماعة "أبوللّو" والتي تعدّ من أبرز الظواهر الأدبية في تاريخ الأدبالعربي المعاصر, قد ضمّت عشرات الأسماء من الشعراء العرب, إلاّ أن إبراهيم ناجي يقففي مقدّمة تلك الأسماء
الناقد الشهير مصطفى عبد اللطيف السحرتي:" كانناجي ظاهرةً شعريّةً فريدةً, بهرت بيئتنا الأدبية في مطلع الثّلْث الثاني من هذا القرن,شاعريّةً مجدّدةً نفرت من القوالب القديمة; شاعريّة غنائيّة وجدانيّة مبدعة".
الدكتور محمد مندور في معرض تعليقه على قصيدة ناجيالشهيرة "العودة" حيث يقول: "هذه القصيدة التي أَحسبها من روائع النّغمفي الشّعر العربيّ الحديث, على الرغم من كونها تندرج تحت فن عربيّ قديم, وهو فن بكاءالديار. ومع ذلك امتازت بالجدة والجمال
الدكتور شوقي ضيف الرئيس السابق لمجمع اللغة العربية: " كلّ شعر ناجي رومانسيٌّ خالًصٌ, وأخرج الشعر من باب الرؤيةِ والخيال إلى بابالحقيقة والتجربة الواقعة".

قصيدة العودةالشاعر : د.إبراهيم ناجي
1. دار أحــلامـي وحـبــيلقــيــتـنــا في جمود مثلمـــا تلقى الجديــــد
2. أنكرتنـــا وهي كانتإن رأتنــــــا يضحك النـــور إلينا من بعيــــد
3. رفـــرف القلـب بجـنبــيكالذبيـح وأنا أهتـــــف : يا قلـــب اتئـــــد
4. فيجيب الدمـــع والماضيالجريح لم عدنــــا ؟ لــيت أنا لـم نعــــد!
5. لم عدنــــا ؟ أولــم نطــو الغــرام وفرغنـــا مــن حنيــــنوألــــــم
6. ورضــــينـا بــســكـــونوســـلام وانتهينـــــا لفـــــراغ كالعـــدم؟
7. أيها الوكـــر إذاطــار الألــــيــف لا يرى الآخرمعنىً للسمـــــــاء
8. ويرى الأيـــــامصفراً كالخريــف نائحــات كريــــاح الصــحــراء
9. آه ممـــــا صنــعالـــدهـــر بــنـــا أو هذا الطلل العابــــسأنــــت!
10. والخيال المطرقالــــرأس أنا ؟ شد ما بتنا على الضنــكوبــت
11. أين ناديــــــكوأيـــــن السمــــر أين أهلوك بساطا وندامـــــــــى
12. كلمــــا أرسلــــتعينـــي تنظـر وثب الدمع إلى عيني وغامـــــا
13. موطن الحسن ثوىفيــه الســـأم وسرت أنفاسه في جــــــــــــوه
14. وأنـــاخ الليـــلفيـــــه وجثــــــم وجرت أشباحه في بهــــــــــوه
15. والبلى! أبصرتهرأي العيــــــان ويداه تنسجان العنكبـــــــــــوت
16. صحت ! يا ويحك تبدوفي مكان كل شيء فيه حي لا يمـــــــوت
17. كل شيء من ســــروروجــــزن والليالي من بهيج وشجـــــــــي
18. وأنا أسمــــــــعأقــــدام الزمــــن وخطى الوحدة فوق الـــــــدرج
19. ركني الحاني ومغنـــــايالشفيق وظلال الخلد للعاني الطليــــــح
20. علم الله لقـــــدطــــال الطريــــق وأنا جئتك كيما أستريــــــــــــح
21. وعلى بابــــــكألقـــــي جعبتـــي كغريب آب من وادي المحـــــن
22. فيك كـــــف اللهعنــــي غربتـــي ورسا رحلي على أرض الوطن

- نبذة عنالشاعر :
ولد الشاعر إبراهيمناجي في حي شبرا بالقاهرة في اليوم الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر في عام 1898، وكانوالده مثقفاً مما أثر كثيراً في تنمية موهبته وصقل ثقافته، وقد تخرج الشاعر من مدرسةالطب في عام 1922، وعين حين تخرجه طبيباً في وزارة المواصلات ، ثم في وزارة الصحة ،ثم مراقباً عاماً للقسم الطبي في وزارة الأوقاف.
- وقد نهل من الثقافةالعربية القديمة فدرس العروض والقوافي وقرأ دواوين المتنبي وابن الرومي وأبي نواس وغيرهممن فحول الشعر العربي، كما نـهل من الثقافة الغربية فقرأ قصائد شيلي وبيرون وآخرينمن رومانسيي الشعر الغربي.
- بدأ حياته الشعريةحوالي عام 1926 عندما بدأ يترجم بعض أشعار الفريد دي موسييه وتوماس مور شعراً وينشرهافي السياسة الأسبوعية ، وانضم إلى جماعة أبولو عام 1932م التي أفرزت نخبة من الشعراءالمصريين والعرب استطاعوا تحرير القصيدة العربية الحديثة من الأغلال الكلاسيكية والخيالاتوالإيقاعات المتوارثة .
- وقد تأثر ناجي فيشعره بالاتجاه الرومانسي كما اشتهر بشعره الوجداني ، وكان وكيلاً لمدرسة أبوللو الشعريةورئيساً لرابطة الأدباء في مصر في الأربعينيات من القرن العشرين .
وقد قام ناجي بترجمةبعض الأشعار عن الفرنسية لبودلير تحت عنوان أزهار الشر، وترجم عن الإنكليزية روايةالجريمة والعقاب لديستوفسكي، وعن الإيطالية رواية الموت في إجازة، كما نشر دراسة عنشكسبير، وقام بإصدار مجلة حكيم البيت ، وألّف بعض الكتب الأدبية مثل مدينة الأحلاموعالم الأسرة وغيرهما.
- واجه نقداً عنيفاًعند صدور ديوانه الأول من العقاد وطه حسين معاً ، ويرجع هذا إلى ارتباطه بجماعة أبولووقد وصف طه حسين شعره بأنه شعر صالونات لا يحتمل أن يخرج إلى الخلاء فيأخذه البرد منجوانبه ، وقد أزعجه هذا النقد فسافر إلى لندن وهناك دهمته سيارة عابرة فنقل إلى مستشفىسان جورج وقد عاشت هذه المحنة في أعماقه فترة طويلة حتى توفي في الرابع والعشرين منشهر مارس في عام 1953.
- وقد صدرت عن الشاعرإبراهيم ناجي بعد رحيله عدة دراسات مهمة، منها: إبراهيم ناجي للشاعر صالح جودت ، وناجيللدكتورة نعمات أحمد فؤاد ، كما كتبت عنه العديد من الرسائل العلمية بالجامعات المصرية.
ومن أشهر قصائده قصيدةالأطلال التي تغنت بها أم كلثوم ولحنها الموسيقار الراحل رياض السنباطي .
ومن دواوينه الشعرية:
وراء الغمام (1934)، ليالي القاهرة (1944)، في معبد الليل (1948) ، الطائر الجريح (1953) ، وغيرها . كماصدرت أعماله الشعرية الكاملة في عام 1966 بعد وفاته عن المجلس الأعلى للثقافة.

معاني المفردات:
احلامي: امنياتي
اتئد:تمهل
الوكر:جمعها اوكار
الأليف:المحب
نائحات:باكيات بصوت عالي
آه:اسم فعل مضارع بمعنى (اتوجع)
الطلل:بقايا الديار
الضنك:الشقاء
ندامي:مفردها : نديم-وهو جليس الشراب
غاما:اختفى
ثوى: اقام فيه







اللغة والأساليب
يا قلب اتئد : اسلوب انشائي , الغرض منة الرجاء.
الجريح : توحي بالألم.
ليت لم نعد : اسلوبانشائي ,, غرضة التمني .
وثب : توحي بالسرعة في البكاء ..
ايها الوكر : اسلوب انشائي.


الصور الجمالية
يضحك القمر : تشخيص يوحي بالفرح
رفرف القلب : استعارةمكنية
نطو الغرام : استعارةمكنية
طار الاليف : استعارةمكنية
الايام صفرا : استعارةمكنية
الايام نائحات : استعارةمكنية
الطلل العابس : تشخيص
الخيال المطرق : تشخيص
وثب الدمع : تشخيص.











شرح الابيات
1- ان هذة الديار فيهاامنيات جميلة ممزوجة بالحب وقد استقبلتنا بهدوء ووحشة وهنأتنا بلقينا اول مرة .

2- لم تعرفنا هذة الدياررغم أنها في الماضي كانت تستقبلنا بالسعادة والفرح.

3- صار قلبي يقفز فرحاعندما شاهد الديار فرجوتة ان يتمهل

4- انهمر دمعي لما تذكرتالأيما الماضية الحزينة وتمنيت أني لم ارجع .

5- يسال الشاعر نفسة لماذارجع رغم أن الحب عندة قد انتهي وكذلك كل الآ لآ م التي يعاني منها

6- لقد قبلنا بهذا الجمودوالسكون للديار حيث وصلنا الى فراغ قاتل .

7- تفقد الديار قيمتهاعندما يهجرها المحبون والعشاق.

8- تصبح الأيام ذابلة شاحبةكأوراق الخريف وتنوح كانها رياح الصحراء

9- يتألم الشاعر لان الزمنجعلة غريب عن هذة الديار الحزينة .

10- انا وهم ذليل حزين أعيش مع هذا الوهم في شقاء وعذاب.

11- اين اهل الدار الذين كانوا ينشروون فيها الفرح والسعادة حيث الأيام السعيدة.

12- تنهمر الدموع في عيني عندما اتذكر هذة الايام الخواني ...

13- إن هذه الدار كانت مسكنا للجمال والفرح والسعادة أما اليوم فقد وجدتها مكاناسيطر الضجر والملل عليه ...

14- وأما الليل فقد جللها بظلمته ناشراً فيها الأشباح المخيفة المفزعة ...

15- أما الدمار والخراب فقد شاهدته بأم عيني في هذه الدار التي أصبحت موجشة يعشعشفيها العنكبوت ...

16- عندئذ قلت مخففاً حزني وألمي : رفقاً أيها الشاعر فأنت في مكان كل من فيهوما فيه قد تغير ...

17- إن كل شيء في هذه الدار قد تغير وتبدل فالفرح أصبح حزنا والابتهاج أصبح شجناً...

18- إن الأيام والوحدة والفراغ كل منهم قد ترك في هذه الدار آثاراً وعلامات...

19- أيها البيت الحنون يا من كنت ملعبا لنا أيام الطفولة لقد كنت جنة الخلد لنافيك نجد الراحة بعد التعب ...

20- لقد علم الله أن مشوار غربتي كانت طويلة فأتيتك بعد هذا الطريق الطويل كيأستريح ...





الخاتمة

1- مفهوم الشعر الوجداني: هو الشعر الذي يعبر فية الشاعر عن احاسيسة وعواطفةالذاتية .

2- التشخيص: هو إعطاء الجماد في الطبيعة صفات إنسانية حسية من خلال الإستعارةالمكنية مثل : (القمر يبكي -الارض تبكي .........)

3- حياة الشاعر : شاعر مصري من العصر الحديث , هو مجدد للشعر وهو طبيب اشهر دواوينة1- وراء الغمام ,, الطائر الحزين توفي سنة 1953.

4- مناسبة القصيدة : عاد الشاعر الىديارة فوجدها حزينة متغيرة فراح يتذكر ماضية الجميل..
















المراجع


http://forums.ksu.edu.sa/showthread.php
http://www.uaes.ae/vb/showthread.php





الفهرس

التسلسل
الموضوع
رقم الصفحة
1
المقدمة
1
2
قصيدة العودة
7
3
نبذة عن الشاعر
8
4
معاني المفردات
9
5
اللغة والأساليب
10
6
الصور الجمالية
10
7
شرح الأبيات
11
8
الخاتمة
13
9
المراجع
14