يعملون بجد ويكتشفون ذواتهم بخدمة الآخرين
المتطوعون روح مخيم الأمل
تحقيق: دارين شبير
يعتبر مخيم الأمل عيداً تحتفل به مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية كل عام، وتشارك الوفود القادمة من دول الخليج وبقية الدول العربية أبناءها الفرحة، التي تكتمل بروح العطاء التي تظهر في العمل التطوعي، لتلغي جميع العوائق وتذيب كل الفوارق، ولتكون لهذه الأيادي البيضاء أعظم الأثر في إنجاح المخيم على تتابع سنواته . وفي هذا العام أكمل المخيم مسيرته للسنة الثانية والعشرين بمشاركة 140 متطوعاً من الإمارات ودول مختلفة، تجمعهم روح العطاء والرغبة الحقيقية في تقديم كل ما يستطيعون لرسم البسمة على شفاه الأشخاص من ذوي الإعاقة . التقينا بعضهم للتعرف إلى أدوارهم، كما التقينا المسئولين في المخيم الذي اختتم يوم الجمعة الماضي ليتحدثوا عن دور التطوع في إنجاحه .
حضر عمر نجيب السيد، خريج طب بيطري من مصر، ليشارك كمتطوع في مخيم الأمل، وقال: تعرفت إلى المخيم من خلال مشاركات والدتي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، ونقلت لي تجربتها من خلال تلك المشاركات، فحرصت على المشاركة هذا العام .
وذكر أن التطوع في المخيم تجربة مميزة وفرصة نادرة، فقال: حاولت من خلالها أن أقدم ما بوسعي لإسعاد جميع المشاركين في المخيم، فللتطوع أهمية كبرى، يظهر أثرها على المخيم الذي يظهر بأفضل صورة بفضل جهود المتطوعين .
وأضاف: قمنا بجهود كبيرة ومهمة كالتنظيم والتنسيق، ومساعدة الجميع، وساعدتني مشاركتي هذه على اكتساب علاقات طيبة من خلال احتكاكي بأشخاص ينتمون لعدة دول، كما زادت ثقتي بنفسي وسعادتي الداخلية، فحين أكون بين إخوتي المعاقين اشعر بسعادة بالغة، وسمحت لي مشاركتي هذه بالتعرف إلى كيفية التعامل مع ذوي الإعاقات المختلفة، والتعامل مع عدد من المتطوعين من قطر والبحرين وعمان وغيرها، وأشكر القائمين على المخيم لإتاحة الفرصة لي للمشاركة كمتطوع، إذ اكتشفت في نفسي جوانب لم أكن لأكتشفها من دون وجودي في المخيم .
وللسنة الحادية عشرة على التوالي شاركت مريم الأشقر، ناشطة في مجال حقوق الإعاقة من قطر، في مخيم الأمل، وتقول: جذبني المخيم بكل ما فيه، وأجبرني على أن أتواجد فيه كل عام، وأشعر بسعادة بالغة في التطوع فيه والعمل مع أبنائه ومشاركتهم فرحة المخيم .
وتحدثت عن أهمية دور التطوع في إنجاح المخيم فقالت: دور المتطوع مهم جداً، فمن ناحية التنظيم والتنسيق ببذل كل جهوده ليظهر المخيم بأفضل صورة،
وتعلمت من خلال تعاملي مع المعاقين في مخيم الأمل انه من الضروري على المتطوع أن يفهم الشخص المعاق ليستطيع التعامل معه، فكل ما يريده هو الحب والحنان والمشاركة، واستفدت كثيراً من التعرف إلى أشخاص مختصين في مجال الإعاقة والتربية الخاصة .
وللسنة الرابعة على التوالي شارك الإماراتي سلطان محمد علي كمتطوع في المخيم، وعبر عن سعادته بالمشاركة هذا العام في قسم البرامج والأنشطة بتنظيم الفعاليات والأنشطة والألعاب الترفيهية والتعليمية للمشاركين .
وذكر أنه استطاع تكوين صداقات مع أعضاء الوفود المختلفة كقطر والبحرين وعمان والسعودية ومصر .
ولم يمنع عمل الإماراتية زينب أحمد، موظفة في حكومة الشارقة، من أن تشارك متطوعة في مخيم الأمل، فهي السنة الخامسة التي تشارك فيها في أنشطته .
وتقول: العمل التطوعي تمكن مني لدرجة كبيرة، وأصبحت أحرص على أن أتواجد كل عام فيه لأشارك الناس والأشخاص من ذوي الإعاقة فرحتهم، فهدفي ورغبتي رسم الابتسامة على شفاههم . وتحدثت عن دور التطوع في إنجاح مخيم الأمل فقالت: دور المتطوعين مهم، فالمتطوعون هم الجنود الذين يعملون بجد ويقومون بالتنسيق والتنظيم بين اللجان ليظهر المخيم بأفضل صورة .
وعما استفادته من التطوع قالت: تعرفت إلى أشخاص من عدة دول، وهذا يساعدنا على تبادل الخبرات، وتعلمت من هؤلاء درساً مهماً هو قطع مسافات طويلة من اجل العمل التطوعي، وهذا يعني أن لا عوائق تقف في وجه طموح وحب الإنسان وشغفه، ومهما كان البعد والمسافات إلا أن الرغبة في تحقيق شيء ما تخلق العزيمة في نفس الإنسان، وتعلمت أيضاً التنظيم والتنسيق والتعامل مع اللجان الأخرى وتوزيع الأدوار والتواصل مع الآخرين بمختلف الطرق والوسائل، وأهمية إدارة الوقت وأصوله . وذكرت أن عدد المتطوعين يزداد عاماً بعد آخر .
هي المرة الأولى التي تشارك فيها ميرة بن هدة، موظفة في الشؤون الإدارية والمالية بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، كمتطوعة في المخيم،
وتقول: شعرت برغبة كبيرة في التطوع من خلال ما سمعته من المتطوعين الذين تغنوا بهذا المخيم، وبالنسبة لي كانت لي مشاركات عدة في مجال التطوع، وأحببت أن أتطوع من أجل المعاقين الذين يستحقون منا كل حب وعناية واهتمام . وعن التطوع تقول: مهمة سامية وأهدافها نبيلة،
وتحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد، وفي التطوع لذة لا يشعر بها إلا المتطوع، فهو إحساس نابع من القلب يزود صاحبه بالطاقة والقدرة على التحمل، وهو ما لا توفره الوظيفة، بالإضافة للسعادة التي يشعر بها المتطوع .
وعما استفادته تقول: تعرفت إلى وفود من مختلف الدول والثقافات، كما اكتسبت مهارة جديدة من خلال عملي في لجنة العلاقات العامة والتواصل بطريقة حرفية مع الآخرين .
“كل من في المخيم متطوع”، هكذا بدأ عيسى البدواوي، موظف في دبي ومتطوع للسنة الثانية، حديثه، وأكد أن كل العاملين والمشاركين متطوعون، فجميعهم يقوم بأدوار مهمة، وقال: يحتاج هذا المخيم إلى جهود جبارة لينجح، وهذا يعني أن جميع من شارك فيه بذل جهداً مضاعفاً .
وعن المكسب الحقيقي الذي حصل عليه قال: الرضا النفسي، وهو مكسب كبير . وأكد أنه طور خبرات كثيرة لديه، من خلال احتكاكه بالآخرين .
ذكرت هيفاء راشد النقبي، موظفة جوازات في خور فكان، أن للتطوع دوراً مهماً في إنجاح مخيم الأمل وقالت: هو عطاء ينبع من داخل الإنسان، ويظهر أثره على المتطوع والآخرين، فالمتطوع ينمي مهاراته وقدراته ويكتسب مهارات جديدة ومختلفة، كما أن الآخرين يسعدهم هذا العمل الذي يشعرهم بأنهم محببون ومتميزون ويستحقون العطاء .
وعن الإضافة التي حصلت عليها من مشاركتها في المخيم قالت: تعرفت إلى أشخاص من وفود مختلفة من الدول العربية، وتواصلت مع الأطفال من مختلف الإعاقات، وشعرت بأهمية العمل الذي أقوم به .
أمل الخميس، عضو اللجنة العليا للمخيم، كمتطوعة في المخيم منذ 16 عاماً، وعن التطوع تقول: عمل نبيل لا يشعر بأهميته إلا من جربه، وللتطوع في مخيم الأمل طعم مختلف، فروح المخيم تزيد من متعة العمل التطوعي، ونشعر بقيم عدة تزيد من عطائنا ورغبتنا الحقيقية في مساعدة الآخرين .
وذكرت أن المتطوعين لهم دور كبير في وصول المخيم لما هو عليه من تميز .
وتؤكد أن طلبات التطوع في ازدياد من عام إلى آخر، وتقول: تصلنا طلبات سنوية من الدول العربية، ونحرص على أن نقبل الكثير منها .
وذكرت أن التحضيرات للمخيم تبدأ قبل شهور من انطلاقه، وذلك من خلال تنسيق وترتيب البرنامج الذي تشارك فيه عدة لجان باختصاصات مختلفة، كلجان أمن المخيم والبرامج والأنشطة والثقافة والإعلام والعلاقات العامة والإقامة والإعاشة والإعداد والمتابعة، وتتوزع الأدوار بينها .
جميلة القاسمي: تجربة نتمنى انتشارها
أكدت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي، رئيسة اللجنة العليا لإدارة مخيم الأمل ومدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، أن المخيم قائم على جهود المتطوعين .
وقالت: كل موظف في المدينة نعتبره متطوعاً، لأن الجهد مضاعف بمعدل ثلاث مرات من الجهد الذي يبذله الموظف العادي في مهماته اليومية، وتعجبني روح الحماسة والعطاء التي يعمل المتطوعون بها، ولولاها لما قام المخيم وحقق هذا النجاح، فهم من يقومون بمهمة التنظيم والإدارة والتنفيذ والتنسيق .
وذكرت الشيخة جميلة القاسمي أن للمخيم ثلاث ركائز أساسية تتمثل في المشاركين والمتطوعين الذين يعتبرون قوى بشرية، والداعمين الذين يساهمون مادياً في إنجاح المخيم . وقالت: في ما يخص المتطوعين نحرص على أن يكونوا من أعمار مختلفة، ونركز لدى أصحاب الأعمار الصغيرة ما بين 10 إلى 12 سنة على أن ننمي روح التطوع فيهم، حتى يكبروا وتكبر معهم هذه الروح والرغبة في العمل التطوعي، أما المتطوعون الكبار فهم قدوة حقيقية، فمنهم من أكمل 25 عاماً في مجال التطوع معنا، ونحرص على أن نحجز في المخيم أماكن للمتطوعين السابقين، ونوجد أماكن للجدد، ونفكر كل عام مع زيادة طلبات التطوع في كيفية استيعاب هذه المشاركات والأعداد حتى لا نحرم أحداً من هذه الفرصة .
وعن رسالتها وكلمتها للمتطوعين تقول: أشكرهم على تعاونهم وأدعو الله أن يكثر من أمثالهم، ونحن لا نبنيهم لخدمة المدينة فحسب، بل لينتشر عطاؤهم في كل أنحاء الإمارات، ومن المهم أن تتوالى تجربتهم في العمل التطوعي في أماكن أخرى، فالنجاح الحقيقي يتمثل في تعميم هذه التجربة في كل مكان .
وأنهت الشيخة جميلة القاسمي حديثها بالقول: كل متطوع يبحث عن شيء ما في داخله، ووجد الكثيرون هذا الشيء من خلال عملهم التطوعي، وهو ما يجعلهم يحرصون على التطوع عاماً بعد آخر .
http://www.alkhaleej.ae/portal/09ea9...c9e5b22a0.aspx