الدكتورة الأميرة ................. بقلم / سيد مصطفى

بعد وجبة غداء صحية بناء على وصفة طيبة ، عبارة عن طبق شوربة خضار وبازلاء وجزر، و قطع لحم دجاج صغيرة ( رأس عصفور ) وهذا مسمى الجزار الهندي المحترم النظيف الأنيق ، إضافة إلى طبق سلطة مكتمل الأصناف .
ـ وليتنا نتعلم من الهنود بعض صفاتهم وما أكثرها !،
ومنها الابتسامة الدائمة وهزة الرأس المريحة والإخلاص في العمل والالتزام والانضباط والتواضع ، وعدم التكلف والتزلف والفهلوة وعدم ادعاء الفهم في كل شيء ـ
ـ سبحان الله -
بعضنا ينتقي طعامه ويُمنع من أكله أو بعضه رغما عنه وهو يجده ويرمي معظمه في سلة المهملات ،
وبعضنا يُمنع من بعض طعامه أو كله رغما عنه فقط لأنه لا يجده حتى في سلة المهملات ! -
وبعد الطعام تناولت كوبا من الماء البارد ، فشعرت بماس كهربائي ناتج عن فعل فاعل ، ولكن الحمد لله ليس في شركة أو مصنع خسران ،
وتبع الماس صاعقة قوية ضربت منطقة الفم بالكامل ، حتى نسيت دعاء البرق والرعد من شدة الألم ، وصل أثرها إلى جميع أسناني الاثنتين والثلاثين والتي تخيلتها تنفرط واحدة تلو الأخرى أمامي ، وخشيت أن أكون دون أسنان وتخلعني زوجتي ، لأنني أعرف زوجا خُلع بسبب أسنانه ، وحقيقة لم أعد أسناني ، ولكن تلك معلومات مصدرها كتاب علوم الصف الخامس الابتدائي عام 1977م تقريبا
فهممت أن أذهب إلى طبيب الأسنان .....
ولي حكاية مع طب الأسنان ترجع إلى عامين أو يزيد
حيث شكت زوجتي الغالية الحبيبة والتي لم تخلعني بعد ، لأن أسناني ما زالت في فمي بالتمام والكمال والحمد لله ، اشتكت من ألم ألمّ بها في بعض أسنانها ، فأسرعتُ بكل همة ونشاط وذهبنا إلى المستشفى
وشهادة حق
المستشفى نظيفة ومنظمة ومبهرة ومجهزة بأحدث الأجهزة وألوانها منسقة ومريحة نفسيا
( خمس نجوم ونجمة )،
وقدمنا البطاقة الصحية الأنيقة ، فابتسم الموظف وقال :
هذه البطاقة الجميلة لا تشمل الأسنان !،
فقلت له : لا بأس ، نلغي البطاقة ، وبدأنا في فتح الملف الطبي ، وانتظرنا الدور الطويل ، وليتني أخذت كتابا كعادتي ، لأنني قلت الأذكار كلها وراجعت ما أحفظ من القرآن ، وراجعت مشوار حياتي وزواجي من زوجتي وولادة أولادي ومشواري العلمي والتربوي ، ولم يصلنا الدور بعد ! ،
حتى جاء الفرج ووصلنا الدور ، كل ذلك ومازالت أسنان زوجتي في فيها ، وقال الموظف المحترم بعد أن أخذ رسوم فتح الملف وهي ليست قليلة ، راجعنا بعد أسبوعين !
قلت له وأسنان زوجتي ؟
قال : هذا أقرب موعد يا سيدي !ـ
وقلت في نفسي فرصة ................... ، لا أحد يخبر زوجتي بنيتي .)
فنظرت إلى زوجتي الغالية ، وشعرت بألمها ، ولم نشرف حتى بمقابلة الطبيب ،
والعجيب في الأطباء والطب الحديث ، أن الطبيب يظل يكتب على الحاسوب بأصبع واحد فقط وباقي الأصابع التسع لا تتدخل مطلقا ، ولا أدري حتى الآن لماذا ؟
ويظل يكتب ويكتب ويسألك عدة أسئلة ولا يلمسك ثم يكتب العلاج ، وهذا حدث معي عدة مرات ، مع العلم أنني أستحم وأتطيب قبل ذهابي إلى الطبيب ، ومع ذلك لا يلمسني ! ،
برغم أن لون بشرتي مقبول ، وحتى شكلي فيه بعض جمال
( وهذه شهادة ابنتي فاطمة قرة عين أبيها )
تقول لي : شكل حلو يا بابا ، وأقول في نفسي ابنتي تجاملني ربما تريد شيئا !ـ
( من يشهد للعريس ؟ )
المهم ذهبنا إلى عيادة الدكتورة أميرة الخاصة
ودخلتُ مع زوجتي وبدأنا مشوار طويل مع الدكتورة أميرة وكلما انتهت من علاج ضرس أو سنة ، بدأت في التالي ..... وهكذا
حتى أوشكت على المرور على جميع الأضراس والقواطع والأنياب ، وخشيت أن تنتقل بعد زوجتي إلى أسناني أنا ، فتخلع أسناني وتخلعني زوجتي ! ـ
والحقيقة أنني ظننت بهذه الطبيبة سوءا ! أنها تريد منا الكثير من المال ، وخاصة أنني لن أتقاعس أمام زوجتي ، ولكن الحقيقة غير ذلك تماما أصرت الطبيبة أميرة على أخذ نصف أجرها ، بمعنى أنها قالت سأعالج مرة بمقابل ، والأخرى دون مقابل !، لأن الموضوع طويل
أيعقل هذا في هذا الزمان ؟
وبعد رفضي الشديد لذلك ، إلا أن الطبيبة أصرت وإلا لن تستمر في المعالجة
وهذه من النوادر التي قابلتني في حياتي ، أن تجد صاحب علم وخلق أدبي ومادي !ـ
ومن خلال الزيارات شبه اليومية للطبيبة أميرة ، دارت حوارات أثناء الفحص فوجدتها مثقفة جدا ، وتحب اللغة العربية , وحديثي معها كله باللغة العربية الجميلة ، حتى طلبتُ من زوجتي أن تتألم باللغة العربية ، وبالطبع تخلل الكلام قال الله وقال الرسول ، وأثناء انهماكي في الكلام توقفت فجأة ،
ونظرتْ إليّ الطبيبة أميرة
فرأت عيني شاخصة إلى صورة السيدة مريم عليها السلام
فقالت ستسكت عن الكلام لأنني مسيحية !؟
فصمت برهة ، وأكملت حديثي وراعيت في كلامي هذا الأمر بعد ذلك ، وانتهينا من علاج أسنان زوجتي ، وأتى بعدها عيد الأضحى المبارك ، فأخذت بضعة كيلوات من لحم الأضحية ، بالإضافة إلى كتاب ( لا تحزن ) كهدية إلى الطبيبة النادرة والراقية ، فقبلت الهدية ، وشكرتني
ولكنها
قالت :أنا قرأت الكتاب منذ طبعته الأولى !ـ أي قرأته قبلي !ـ
فهل يوجد تعايش أرقى من هذا التعايش الراقي بين كل الأديان ؟
نعم يوجد في بعض مكان
ولكن ليس كما يوجد في هذا المكان
على هذه الأرض الطيبة
أرض الإمارات العربية المتحدة
التي
تجمع كل الأديان
وكل الألوان
وكل الأعراق
وكل الأهواء
وكل الأحجام
وكل الأطوال
وكل الفئات
عيشي بلادي
عاش اتحاد إماراتنا
عاشت الإمارات
نموذجا يُحتذى به على مستوى العالم
من أراد
أن يرى العالم كله في مكان واحد
و تعايش واحد
يأتي إلى مكان واحد
دولة الإمارات العربية المتحدة
بقلم
سيد مصطفى
30-6-2011م