النزعة الدرامية في الشعر الغنائي اصطلاح نقدي جديد لم يكن متداولاً في مفردات النقد العربي قبل منتصف الأربعينات من القرن الماضي، ذلك أن النزعة الغنائية هي السمة الأساسية التي كانت ملازمة للقصيدة العربية بما تعنيه من إظهار ذاتية الشاعر ومركزيّتها في البناء الفني بحيث إن الشاعر هنا هو في حصيلة الأمر حادي القصيدة.
ومع حاجة الشاعر العربي الحديث والمعاصر للتعبير عن واقعه الإنساني ووعيه الفني والجمالي الجديدين برزت أساليب تقنية جديدة تمنح الشاعر حرية تناول تجربته وواقعه تناولاً فنياً درامياً ينأى به عن الغنائية الصرف ليصبح نموذجه الفني في القصيدة مستقلاً عن ذاتيته. وهذا الأمر يقربه من الموضوعية. وهو ما دفع بعض النقاد إلى اعتبار هذا الأسلوب الدرامي تدخلاً قصصياً أو روائياً في النسيج الشعري.
ومن هؤلاء الدكتور /عز الدين إسماعيل/ في كتابه: /الشعر العربي المعاصر/ حيث ربط بين ظهور الشكل الدرامي وإنتاج القصيدة الطويلة، ورأى أن هذه القصائد تزداد بنيتها تعقيداً إلى درجة أن القصيدة صارت موقفاً فكرياً غاية في التعميم والشمول وأفرطت في الطول حتى قاربت منهج التأليف الموضوعي.
غير أن أنصار هذه التقنية يميّزون عادة بين خطّين أساسيين في النزعة الدرامية ومن هؤلاء /الدكتور خليل موسى/ في دراسته عن الشاعر العربي /بدر شاكر السيّاب/ حيث أشار إلى هذين الخطين؛ خط القصيدة الدرامية في بناء الشخصية الفنية بناء موضوعياً منفصلاً عن الشاعر كقصائد (حفّار القبور والمومس العمياء والمخبر) وخط قصيدة القناع وفيها يتخذ الشاعر الشخصية الدرامية قناعاً لذاتيته.
وما من شك في أننا لم نعد نتلقى في هذا النموذج الفني ذاتية الشاعر بقدر ما نتلقى موقفه الذاتي منها. واستناداً إلى ذلك فإننا سنقع في مغالطة نقدية وعلمية عندما نقرأ نموذج (المجنون) في قصيدة ما بوصفها تعبيراً عن ذاتية الشاعر في الوقت الذي تكون فيه تعبيراً فنياً وجمالياً عن موقف إنساني من ظاهرة محددة.
رد مع اقتباس
(تم) معلومات عن النزعة الدرامية
.gif "الصورة الرمزية الحر 1 الحر")
ضوابط المشاركة