إخواني في الله أوصي نفسي قبلكم بما يحتويه الموضوع


******
قال ابن القيم رحمه الله : فالأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها ، وإنما تتفاضل بتفاضلها في القلوب ، فتكون صورة العملين واحدة ، وبينهما من التفاضل كما بين السماء والأرض .
قال : ومن تأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة ، ويقابلها تسعة وتسعين سجلاً كل سجل منها مدَّ البصر تثقل البطاقة وتطيش السجلات فلا يُعذَّب صاحبها ..



ومعلوم أنَّ كل موحد له هذه البطاقة وكثير منهم يدخل النار بذنوبه لقلة إخلاصه في توحيده لربِّه تبارك وتعالى .


قد ترى أنَّ العمل بسيط ، لكن خالط من العمل الإخلاص الشيء الكثير .


عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لقد رأيت رجلاً يتقلَّب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين ) رواه مسلم ..قال شيخ الإسلام رحمه الله معلقاً على هذا الحديث ـ حديث البغي التي سقت الكلب ـ ، وحديث الرجل الذي أماط الأذى عن الطريق .. قال رحمه الله : فهذه سقت الكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغفر الله لها ، وإلا فليست كل بغي سقت كلباً يُغفر لها .


فالأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإجلال ..


إنه سرُّ الإخلاص الذي أودعه الله قلوب عباده الصادقين..الإخلاص الذي يجعل للأعمال قيمة عند الله تبارك وتعالى ، فلا إنفاق، ولا استشهاد ، ولا قراءة قرآن ... إلا بالإخلاص لله ربِّ العالمين كان من دعاء المطرِّف بن عبد الله : اللهم إني أستغفرك مما زعمت أني أريد به وجهك ، فخالط قلبي منه ما قد علمت . وهذا خالد بن معدان رحمه الله إذا عظمت حلقته من الطلاب ، قام خوف الشهرة والرياء.


*************


إني لأعجب من هؤلاء! أهم أكمل إيماناً وأقوى إخلاصاً من هؤلاء السلف ، بحيث أنَّ السلف يخفون أعمالهم لضعف إيمانهم وهؤلاء يظهرونها لكمال الإيمان ..؟؟


عجباً ثم عجباً ...


***********
::وصية:::


إذا أردت أن يحبك الله ، وأن تنال رضاه فما عليك إلا بصدقات مخفية لا تعلم شمالك ما أنفقت يمينك فضلاً أن يعلمه الناس .


وما عليك إلا بركعات إمامُها الخشوع ، وقائدها الإخلاص تركعها في ظلمات الليل بحيث لا يراك إلا الله ، ولا يعلم بك أحد ..اتقوا الله عباد الله ..


ومن تقواه إخلاص العبودية لله ربِّ العالمين..


اعلموا أنَّ الإخلاص ينافيه عدة أمور. من حبِّ الدنيا ، والشهرة ، والشرف ، والرياء ،والسمعة ، والعُجب .


والرياء : هو إظهار العبادة لقصد رؤية الناس فيحمدوا صاحبها...فهو يقصد التعظيم والرغبة أوالرهبة فيمن يرائيه.


وأما السمعة : فهي العمل لأجل إسماع الناس.


وأما العُجب : فهو قرين الرياء ، والعُجب : أن يُعجب الإنسان بعبادته ، ويرى نفسه بعين الإعجاب ..


وكل هذه من مهلكات الأعمال


بعض الامثلة يقع فيها الكثير من الناس فما ذكره أبو حامد الغزالي حيث قال أثناء ذكره للرياء الخفي ، قال : وأخفى من ذلك أن يختفي العامل بطاعته بحيث لا يريد الإطلاع ، ولا يُسرُّ بظهور طاعته . ولكنه مع ذلك إذا رأى الناس أحب أن يبدأوه بالسلام ، وأن يقابلوه بالبشاشة والتوقير، وأن يثنوا عليه ، وأن ينشطوا في قضاء جوائجه ، وأن يسامحوه في البيع والشراء ، وأن يوسعوا له في المكان .. فإن قصَّر فيه مقصِّر ثقل ذلك على قلبه ، ووجد لذلك استبعاداً في نفسه كأنه يتقاضى الاحترام على الطاعة التي يفعلها ..كأنه يتقاضى الاحترام على الطاعة التي يعملها.. أخفاها عن الناس ولكنه أراد ثوابها توقيراً واحتراماً من الناس.حُكي أنَّ أبا حامدٍ الغزالي بلغه أنه من أخلص لله أربعين يوماً تفجَّرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ..قال : فأخلصت أربعين يوماً فلم يتفجَّر شيء .. فأخلصت أربعين يوماً فلم يتفجَّر شيء ، فذكرت ذلك لبعض العارفين فقال لي : إنما أخلصت للحكمة ولم تخلص لله تبارك وتعالى .. إنما أخلصت لتتفجَّر الحكمة بين يديك وعلى لسانك ولم تخلص لله ربّ العالمين.اللهم اجعل عملنا في رضاك خالصاً لوجهك الكريم