حينما سقط المطر .........ـ

أمست المدينة هادئة إلا من بعض أتربة ورياح خفيفة معتادة في مثل هذا الوقت من السنة ، و بعد أن لوح النهار بكلتا يديه مغادرا كعادته اليومية ، آمرا الجميع بالسكون إلا من يخالف طبيعة الكون ، ويقلب نهاره ليلا ، وليله نهارا تمردا ومخالفا لنواميس الكون دون سبب ، وآذنا لليل الدامس بالتسلل دون إذن رغما عنه وعنا ، وعلى عكس الجميع
أشعر بقوة الليل في إزاحة النهار أكثر من قوة النهار في إزاحة الليل ! ،
ربما بسب غموض الليل وما يحمله من أسرار ومجهول ؛ وخرجت من البيت على وقع زخات مطرية رعدية قوية من المطر ، لم يعتد سمعي على وقعها ، ولم تعتد عيني على رؤية برقها من قبل ، والذي لامس الأرض محدثا صوتا مخيفا حقا ، أفزع كل من سمعه ، وأرعد كل من رآه دون استثناء ، وطغى على الفرحة ببشائر الخير ، لا أدري هل هو شعوري أنا فقط أم شعوري غيري ؟
والرياح كادت أن تخلخل البيت التليد من أركانه ، وتخلعه من أوتاده خلخا يفوق خلع طبيب الأسنان الماهر لخلع درس العقل !،
وراودت الأشجار عن حياتها مراودة لا خيار فيها ، واقتلاعها من جذورها ،
ورأيت صراعا عجيبا من أجل البقاء ، وتخيلت تشبث الأشجار بكل جذورها المتشعبة في الأرض تمسك بتلابيبها ، وتتوسل إليها وتقول لها لا تتركيني ، لا تفلتينني ، أنا في أمس الحاجة إليك ، - سبحان الله الذي يسمع ويرى ويقدر ويقدر -

وتوشك شجرة بيتنا العملاقة على الاستسلام ، والانطراح أرضا محدثة كارثة طبيعية ومادية ومعنوية ، ولكن طبيعة البقاء تعطيها بعض أمل على البقاء مهما عظم البلاء ، وهذا الذي يجب أن نتعلمه من ذلك ،
وأجبرت الرياح حركة السير في الشوارع على التحول والتغير والتلون والتوقف ، وعدم الالتزام بإشارات المرور رغم وجود شرطي المرور ، وحقيقة شعرت بغبطة أثناء المرور والإشارة حمراء ، وهذه أول مرة أخالف الإشارة الحمراء مخالفة شرعية ، دون تأنيب ضمير أو خوف على حياتي أو دفع غرامة ، والكل في حال استنفار .......

وأمسى الشارع الرائع المنظم بحيرة مائية دون شواطئ !ـ

ما أكرم السماء بهذا الماء !ـ
وما أسعد الأرض بهذا الماء !ـ
وما أشقى عمال النظافة بهذا الماء !ـ
وما أغفلنا عن شكر الله بهذا الماء !ـ

لوحة طبيعية لا يستطيع دافنشي أو مايكل أنجلو أو محمود مختار أو سيد مصطفى التعبير عنها أبدا ......

صنع الله ، بديع السموات والأرض .

اللهم اجعلها سقيا رحمة يارب بالعالمين

من مكان الحدث

سيد مصطفى
10-11-2010م