صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 17 من 17
  1. #11
    عضو جديد الصورة الرمزية الطفل شقي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    الدولة
    دار الظبي
    المشاركات
    11

    افتراضي

    ارجوكم بسرعة اللي يعرف مخاطر السرقة الادبية يكتبها

  2. #12
    عضو فعال الصورة الرمزية galaxsy
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الدولة
    في بيتنا
    المشاركات
    352

    افتراضي

    دلائل الاعجاز

    ابرز النقاد العرب على الاطلاق هو الامام ابو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني وقد ذاعت شهرة عبد القاهر واستفاضت بسبب رقي منهجه النقدي , وتقدم فكرته البلاغية .وقد تناول السرقات بدراسته في كتابيه :دلائل الاعجاز , واسرار البلاغة .
    وكما عرضنا منهجه في الاسرار سأحاول عرض منهجه في كتابه الدلائل >: .(1)

    1- يتحدث عبد القاهر في هذا الكتاب عن فكرة الاخذ , ويتناولها من نواحيها المختلفة , من وجهة نظر منهجه البلاغي .وهو لذلك يهاجم النقاد الذين يأخذون بظواهر الكلم , حتى إنهم يرون خيال الشي فيحبونه الشيء.

    وذاك أنهم قد اعتمدوا في كل امرهم على النسق الذي يرونه في الألفاظ , وجعلوا لايحفلون بغيره ولايعولن الفصاحة والبلاغة على شيء سواه , حتى انتهوا الى أن زعموا أن من عمد إلى شعر فصيخ فقرأه , ونطق بألفاظه على النسق , الذي وضعه الشاعر عليه , كان قد أتى بمثل ما أتى به الشاعر في فصاحته وبلاغته . إلا أنهم زعموا أنه يكون في إتيانه به محتذيا لا مبتدئا ) . وعبد القاهر هنا يهاجم النقاد الذين بالغوا في السرقة والإحتذاء ,ونسوا في سبيل ذلك أن الإحتذاء عند أهل العلم بالشعر فيقول (أن يبتدئ الشاعر في معنى له وغرض وأسلوبا ( والأسلوب الضرب من النظم والطريقة فيه ) فيعمد شاعر آخر الى ذلك الأسلوب , فيجيئ به في شعره فيشبه بمن يقطع من أديمه نعلا على مثال نعل قد قطعها صاحبها , فيقال قد احتذى على مثاله ). وينكر عبد القاهر على النقاد وصمهم الشاعر بالسرقه مادام محتذيا , وذلك لأنه يفرق بين الإحتذاء والسرقة , كما يتبين من تفسيره العلمي السليم ,
    ويتناول عبد القاهر هذه الفكرة مرة أخرى فيقول ( فاما أن يجعل إنشاد الشعر وقراءته احتذاء فما لايعلمونه كيف . وإذا عمد عامد إلى بيت شعر فوضع مكان كل لفظه لفظة في معناه , كمثل أن يقول في قوله :

    دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

    **
    ذر المآثر لاتذهب لمطلبها واجلس فإنك أنت الآكل اللابس .

    لم يجعلوا ذلك احتذاء , ولم يؤهلوا صاحبه لأن يسموه محتذيا , ولكن ولكن يسمون هذا الصنيع سلخا , ويرذلونه ويسخفون المتعاطي له . فمن أين يجوز لنا أن نقول في صبى يقرأ قصيدة امرئ القيس إنه احتذاه في قوله 2)

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
    1- مرجع سابق مشكلة السرقات - – ص 138
    2- مرجع سابق – شرح دلائل الإعجاز - ص
    فقلت له لما تمطى بصلبه وأردف إعجازا وناء بكلكل ؟!
    2- ويقرر عبد القاهر بعد ذلك أن علة الخلط الذي وقع فيه النقاد , ترجع الى جهلهم (أن من شأن المعاني أن تختلف عليها الصور,وتحدث فيها خواص ومزايا من بعد أن لاتكون . فإنك ترى الشاعر قد عمد إلى معنى مبتذل ,فصنع فيه مايصنع الصانع الحاذق إذ هو أغرب في صنعة خاتم وعمل شنف ,وغيرها من أصناف الحلي فإن جهلهم بذلك من حالها هو الذي اغواهم واستهواهم وورطهم فيما تورطوا فيه من الجهالات ,وأدهم الى التعلق بالمحلات , وذلك أنهم لما جهلوا شأن الصورة وضعوا لأنفسهم أساسا , وبنوا على قاعدة فقالوا غنه ليس إلا اللفظ والمعنى ولا ثالث ) . (1)
    ولاشك أن عبد القاهر قد وصل إلى علة حقيقية في مشكلة السرقات , ولم يتنبه إليها النقاد من قبل .فليس الأمر مجرد لفظ ومعنى ةإنما هو صياغة وتصويرا أيضا . ولهذا كان المبدأ الذي أخذ به النقاد في السرقات وهو (إن من اخذ معنى عاريا فكساه لفظا من عنده ,كان أحق به ) ليس مبدئا صحيحا طبقا لنظرية عبد القاهر . وهو يرد على هذا المبدا عند النقاد فيقول ( الإستعارة عندكم مقصورة على مجرد اللفظ ,ولاترونالمستعير يصنع بالمعنى شيئا ,وترون أنه لايحدث فيه مزية على وجه من الوجوه , وإذا كان كذلك فمن أين – ليت شعري – يكون أحق به ؟!)(2)

    ويجمل عبد القاهر فكرته في حقيقة الأخذ طبقا لنظرية النظم التي نادى بها . فيقول : ( كما لا تكون الفضة والذهب خاتما أو سوارا أو غيرهما من أصناف الحلي بأنفسهما , ولكن بما يحدث . فيها النظم الذي حقيقته توخي معاني النح وأحكامه . فإذن ليس لمن يتصدى .لما ذكرنا من أن يعمد إلى بيت فيضع مكان كل لفظه في معناها إلا أن ,يترك عقله ويستخف ,ويعد معد الذي حكى أنه قال : إني قلت بيتا هو أشعر من بيت حسان ,قال حسان :

    يغشون حتى ماتهر كلابهم لايسألون عن السواد المقبل

    وقلت :

    يغشون حتى ماتهر كلابهم أبدا ولايسألون من ذا المقبل!
    فقيل : هو بيت حسان ولكنك قد أفسدته ! )(3)


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

    1- مرجع سابق – دلائل الإعجاز – ص
    2- المرجع السابق - ص
    3- المرجع السابق - ص




    وعلى أساس ما تقدم يجعل عبد القاهر المعنى المتداول بين الآخذ والمأخوذ منه ,قسمين :
    الأول : ( ترى فيه أحد الشاعرين قد أتى بالمعنى غفلا ساذجا ,وترى الآخر قد أخرجه من صورة تروق وتعجب . ويكون ذلك إما لأن متأخر قصر عن متقدم ,وإما لأن هدى متأخر لشيء لم يهتد إليه المتقدم ) .(1)
    الثاني : (ترى كل واحد من الشاعرين قد صنع في المعنى وصور , وهذا يدل على أن المعنى ينتقل من صورة ال صورة ) (2) . ويهتم عبد القاهر بهذا النوع اهتماما كبيرا – يظهر في إيراده كثيرا من الأمثلة التطبيقية – باعتبار أن النوع الأول ليس مجال دراسة البلاغيين لأنه أمر ظاهر للعيان , ولكن هذا القسم هو الميدان الذي يصول فيه البلاغي ليستخدم أدواته في الحكم على أي الصورتين أجمل من الأخرى ما دام المعنى واحدا , وعبد القاهر هنا لايهتم بالبحث عن سارق المعنى من الآخر ,ولكنه يحصر إهتمامه في فكرة تصوير المعنى باعتبار أن ( الشعر صناعة وضرب من التصوير ) كما سبق أن قرر الجاحظ ,واتبعه عبد القاهر في هذا المبدأ , ويعتبر عبد القاهر المعنى الواحد الذي يفرغه كل شاعر في صورة تختلف عن الأخرى وكالأشياء يجمعها جنس واحد ثم تفترق بخواص ومزايا وصفات ,كالخاتم والخاتم , والشنف والشنف , وسائر اصناف الحلي التي يجمعها جنس واحد وثم يكون بينهما الإختلاف الشديد في الصنعة والعمل .
    هذه هي المسائل الرئيسية التي ناقشها عبد القاهر لتوضيح فكرة الأخذ طبقا لنظرية النظم التي نادى بها , ووضع لها الأساس والقواعد الثابته . ولاشك أن عبد القاهر قد أوصل هذه الفكرة إلى غايتها التي كان يجب على النقاد الوصول اليها منذ زمن بعيد ليستقيم الكثير من أحكامهم المضطربة , التي اصدروها خلال بحثهم في انواع الأخذ الحسن والقبيح .











    1- مرجع سابق – دلائل الإعجاز - ص
    2- المرجع السابق - ص








    المبحث الرابع
    مواقف النقاد تجاه قضية السرقات:

    يمكن تصنيف مواقف النقاد العرب تجاه قضية (السرقات) في موقفين متباينين: التعقب المضني، والتسامح الكثير.
    ولعل أسباب البحث في هذه القضية عديدة، أولها: محاولة الناقد إثبات كفايته الشعرية، وحفظه الجم للموروث. ثم تطور الأمر فأصبح تعصباً للقديم على الجديد،حيث أشيع أن المعاني استنفدها الشعراء الأقدمون، وأنه لم يعد أمام الشاعر المحدث سوى أن يأخذ عنهم. وبهذا فهو مقصر في نظر أسياد التقليد والتراث.(1) كتاب النص الغائب تجليات التناص في الشعر العربي محمد عزام ص 85
    وبما أن الشاعر القديم لم يكن يسرق، (فالجاهلي مثلاً لم تصلنا مصادره التراثية) فإن تهمة السرق ينبغي أن تلصق بالشاعر المحدث الذي ليس عليه سوى أن يترسم خطى الأوائل. وهكذا جعل بعض النقاد المتعصبين قمم الشعر العربي الذين نفاخر بهم (أمثال أبي نواس وأبي تمام والبحتري والمتنبي… الخ) سراقاً! و"هذا يعني أن قضية (السرقة) ما كان من حقها أن توجد، لأنها استطاعت أن تتحول بالنقد في وجهة غير مثمرة أبداً"(2).
    والأدلة على تعصبهم كثيرة، فقد كان أبو عمرو بن العلاء مثلاً يرفض الاستشهاد بشعر المحدثين قائلاً: "لو أدرك هذا المحدث يوماً واحداً من الجاهلية ما قدمت عليه أحداً". وهذا تفضيل للعصر على العصر، وليس للشعر على الشعر. وهو موقف نقدي متعسف، ومن ذلك أيضاً أنه عرضت على ابن الأعرابي أرجوزة أبي تمام اللامية التي مطلعها:
    وعاذلٍ عذلتُهُ في عذلـهِ فظنَّ أني جاهلٌ من جهلهِ


    وقيل له: هذه لفلان من شعراء العرب، فاستحسنها، وقال: هذا هو الديباج الخسرواني. ثم استكتبها. فلما انتهى قيل له: هذه لأبي تمام، فقال: إن أثر الكلفة عليها ظاهرة، يا غلام خرّق خرّق.
    ومن ذلك أيضاً موقف الأصمعي، فقد أنشده إسحاق الموصلي قوله:
    هل إلى نظرةٍ إليكِ سبيلُ فيُروى الصدى ويشفى الغليلُ

    إنّ ما قلّ منكِ يكثر عندي وكثيرٌ مما تحبُّ القليلُ

    فقال الأصمعي: لمن تنشدني؟ قال: لبعض الأعراب: فقال الأصمعي: والله هذا هو الديباج الخسرواني. قال إسحاق: إنهما لليلتهما! فقال الأصمعي: لا جرم والله إن أثر الصنعة بيّن عليهما.(3)
    هذه أمثلة على تعصب بعض علماء العربية ونقاد الشعر على الشعراء، دون وجه حق، فقد كانوا ينتصرون للقديم، ويتعصبون له، دون أن ينظروا روعة المحدث وإبداعه. وبهذا ينبغي ألا تؤخذ أقوالهم على علاتها، لأن الإبداع لا يختص بزمن دون آخر، وليس من حق القدماء وحدهم.





    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1- مرجع سابق - النص الغائب تجليات التناص في الشعر العربي- محمد عزام ص 85
    2 - -– تاريخ النقد الأدبي عند العرب- إحسان عباس- دار الأمانة ومؤسسة الرسالة – بيروت 1971-ص41
    3- مرجع سابق - النص الغائب تجليات التناص في الشعر العربي- محمد عزام ص 86

    ولعل سبب إيثارهم الشعر القديم والتعصب له هو حاجتهم إلى الشاهد النحوي واللغوي، وقلة ثقتهم بما يأتي به المولدون، ثم صارت لجاجة. يقول الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء: جلست إليه ثماني حجج فما سمعته يحتج ببيت شعر إسلامي. وعندما سئل عن المحدثين أجاب: ما كان من حسن فقد سُبقوا إليه، وما كان من قبح فهو من عندهم!
    وهكذا انقسم العلماء في الشعر إلى فريقين: فريق يناصر الشعر القديم، وفريق يناصر الشعر المحدث. وطغى هذا الخصام على الحق، وأصبح النقاد ينظرون إلى العصر أكثر مما ينظرون إلى الشعر، ويغلبون الانطباعية الذاتية على الدقة الموضوعية، وقل منهم من نظر إلى الشعر ولم ينظر إلى الشاعر. نجد مصداق هذا لدى ناقد موضوعي كابن قتيبة الذي حاول أن ينزع رداء العصبية و "ألا ينظر إلى المتقدم من الشعراء بعين الجلالة لتقدمه، وإلى المتأخر بعين الاحتقار لتأخره، بل ينظر بعين العدل إلى الفريقين، ويعطي كلا حظه، فقد رأى من العلماء من يستجيد الشعر السخيف لتقدم قائله، ويضعه في متخيره، ويرذل الشعر الرصين، ولا عيب له عنده إلا أنه قيل في زمانه، أو أنه رأى قائله. ولم يقصر الله العلم والشعر والبلاغة على زمن دون زمن، ولا خصّ به قوماً دون قوم، بل جعل ذلك مشتركاً مقسوماً بين عباده في كل دهر، وجعل كل قديم حديثاً في عصره، فقد كان جرير والفرزدق والأخطل وأمثالهم يعدّون محدثين، ثم صار هؤلاء قدماء عندما بَعُدَ العهد منهم، وكذلك يكون من بعدهم لمن بعدنا"(1).
    ويؤكد هذا نقاد آخرون من مثل ابن الأثير في كتابه (المثل السائر)، والقاضي الجرجاني في كتابه (الوساطة) الذي يقول: "ولو أنصف أصحابنا هؤلاء لوجد يسيرهم أحق بالاستكثار، وصغيرهم أولى بالإكبار، لأن أحدهم يقف محصوراً بين لفظ قد ضيق مجاله، وحذف أكثره، وقل عدده، وحظر معظمه، ومعان قد أخذ عفوها، وسبق إلى جيدها. فأفكاره تنبعث في كل وجه، وخواطره تستفتح كل باب. فإن وافق بعض ما قيل، أو اجتاز منه بأبعد طرف قيل: سرق بيت فلان، وأغار على قول فلان، ولعل ذلك البيت لم يقرع سمعه، ولا مر بخلده، كأن الشوارد عندهم ممتنع، واتفاق الهاجس غير ممكن! وإن اخترع معنى بكراً أو افتتح طريقاً مبهماً، لم يرض عنه إلا بأعذب لفظ وأقربه إلى القلب، وألذه في السمع. فإن دعاه حب الإغراب وشهوة التنوع إلى تزيين شعره، وتحسين كلامه، فوشحه بشيء من البديع، وحلاّه ببعض الاستعارة، قيل: هذا ظاهر التكلف، بيّن التعسف. وإن قال ما سمحت به النفس، ورضي به الهاجس، قيل: لفظ فارغ وكلام غسيل"(3) وهذا أعدل كلام رأيته.
    هكذا يمكن تصنيف مواقف النقاد العرب في موقفين: ففريق حافظ على تسميتها (السرقات)، ورأى في السرق غضاضة تحط من قدر الشاعر، كي لا تصبح الأمور فوضى ينهب الشاعر ما يشاء من شعر غيره. وبهذا استطاع أن يصون الأعمال الأدبية من العبث والسرقة، حتى لقد بلغ من حرصهم على الشعر أن يقرنوا كل شعر براويه، وكل خبر أدبي بسلسلة طويلة من الرواة، كما كانوا يفعلون في توثيق الحديث النبوي الشريف. وكان من أثر هذه العناية أن وصفوا (الأخذ) من شعر غيره بأوصاف قاسية كالسرقة، والانتهاب، والغصب، والإغارة، والمسخ.. الخ.
    وأما الفريق الثاني فقد رأى في (الأخذ) جهداً فنياً مشروعاً يضاف إلى جهود التجديد والابتكار وقد اعترف بعض الشعراء على أنفسهم بالأخذ، ولو كان في ذلك عار ما فعلوا ولأنكروا، وكأنهم باعترافهم يجيزون لأنفسهم الأخذ من غيرهم، ويعتبرون الأخذ عملاً أدبياً مشروعاً، فحين قال أبو تمام في مديحه:
    وما سافرتُ في الآفاق إلاّ ومن جدواك راحلتي وزادي
    مقيمُ الظنّ عندك والأماني وإن قلقت ركابي في البلاد
    سأله ابن أبي داود عن هذا المعنى، أهو من المعاني التي اخترعها؟ فقال أبو تمام: أخذته من قول الحسن بن هانئ:
    وأن جرت الألفاظ يوماً بمدحة لغيرك إنساناً، فأنت الذي نعني


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
    1--ابن قتيبة – الشعر والشعراء ص1/7
    2- الجرجاني – الوساطة- 188

    وهذا يدل على أن الأخذ لم يكن عيباً كبيراً، وإنما بعض النقاد هم الذين أطلقوا عليه التسميات والمصطلحات الحادة من مثل: النهب، والسرقة، والغصب.. الخ، وكأنهم بذلك يضللون الآخرين بمثل هذه التسميات، ويخدعونهم عن الحقيقة، حين يصورون أنفسهم عالمين بالمعاني، وكيف تتوالد عن سالف إلى خالف، مثلهم في هذا مثل بعض المترجمين اليوم عن اللغات الأجنبية الذين يلتقطون فكرة من هنا، ثم ينسبونها إلى أنفسهم، متناسين الأمانة العلمية.
    وهذا الفريق من النقاد تلطفوا في مصطلحاتهم، فسموا الأخذ (اقتباساً)، و(تضميناً)، و(استشهاداً)، و(توارداً)، و(تلميحاً)، و(عقداً)، و(حلاً)… الخ. يقول الآمدي في (الموازنة): "إن من أدركته من أهل العلم بالشعر لم يكن يرى سرقات المعاني من مساوئ الشعراء، وخاصة المتأخرين منهم، إذ كان هذا باباً ما تعرى منه متقدم ولا متأخر". (1) ويقول أبو هلال العسكري في (الصناعتين) إنه قد يقع للمتأخر معنى سبقه إليه المتقدم من غير أن يلم به، ولكن كما وقع للأول وقع للآخر، وهذا أمر عرفته بنفسي، فلست أفتري فيه، وذلك أن عملت شيئاً في صفة النساء:
    سفرن بدوراً وانتقبن أهلّةً
    وظننت أن سبقت إلى جمع هذين التشبيهين في نصف بيت، إلى أن وجدته بعينه لبعض البغداديين، فكثر تعجبي، وعزمت على ألا أحكم على المتأخر بالسرق من المتقدم". (2) وقال القاضي الجرجاني في (الوساطة): "وما زال الشاعر يستعين بخاطر الآخر، ويستمد من قريحته، ويعتمد على معناه ولفظه. وكان أكثره ظاهراً كالتوارد". (3).
    وهكذا أجمع معظم النقاد على رفض (السرق) والتهوين من أمره، واعتباره (توارد خواطر)، فقد سئل أبو عمرو بن العلاء: أرأيت الشاعرين يتفقان في المعنى، ويتواردان في اللفظة، لم يلق واحد منهما صاحبه، ولم يسمع بشعره؟ قال: تلك عقول رجال توافت على ألسنتها. وسئل أبو الطيب المتنبي عن مثل ذلك فقال: الشعر جادّة، وربما وقع الحافر على الحافر.
    بالإضافة إلى أنه ينبغي على الشاعر أن يكون عالماً بمذاهب الشعراء، عارفاً بمعانيهم وأساليبهم، واعياً التقاليد الأدبية، مطلعاً على التراث. وقد اشتهر من الشعراء بالعلم أبو تمام الذي شغف بالشعر، وله فيه مختارات مشهورة: الحماسة، والاختيار القبائلي الأكبر، واختيار الشعراء الفحول، واختيار المقطعات، وأشعار المحدثين. وهذه المختارات جميعاً إنما تدل على عنايته بالشعر، واشتغاله به. ومثله أبو العلاء المعري الذي تظهر سعة اطلاعه على الشعر ومعرفته بالشعراء في رسالته (رسالة الغفران)، وفي شعره أيضاً. يقول ابن رشيق في (العمدة): "اتكال الشاعر على السرقة بلادة وعجز، وتركه كل معنى سُبق إليه جهل، والمختار له أوسط الحالات". 4).
    وهذا يعني أن الإبداع لا يكون من لا شيء، وإنما يبني اللاحق على السابق.



    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
    1- مرجع سابق الوساطة - ص131
    2- مرجع سابق – الوساطة - ص196
    3-المرجع السابق 0ص207
    4- ا لمرجع السابق - ص2/166

    __________________

  3. #13
    عضو فعال الصورة الرمزية galaxsy
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الدولة
    في بيتنا
    المشاركات
    352

    افتراضي

    الفصل الثالث

    (( أنواع السرقات الأدبية ))







    أنواع السرقات الأدبية :

    كما وسبق وأن ذكرنا بأن من العلماء من ألف كتبا في سرقات عند شاعر معين، وهناك من ألف في أنواع السرقات الأدبية على العموم، وضربوا لها أمثلة من أشعار مختلفة، وإن كنا لا نستطيع إيراد كل الأنواع عند كل العلماء، وهذا لن يتحقق مهما أوتينا من قوة، وخصصنا أنواع السرقات عند الحاتمي، ابن رشيق القيرواني، عبد القاهر الجرجاني، ابن الأثير، والخطيب القزويني، وما تبعه من الشراح لكتابه الشهير الإيضاح.
    وبعد النظر في هذه الأنواع وجدنا أن هناك أنواعا مشتركة بين العلماء السابقين، وأسماءها مختلفة، وعلى هذا لا نذكر الأنواع عند كل عالم بل سنذكر كل نوع وما سماه كل عالم من اسم، لأن بعض الأنواع وإن تعددت فهي واحدة، وإن اختلفت التسميات من عالم إلى آخر، وحتى لا نقع في التكرار سندرج هذه الأنواع تحت أربع أقسام، ثلاثة من تقسيم بعض الدارسين المحدثين،

    وهي 1- سرقات أسلوبية،2- سرقات لفظية،3- سرقات معنوية ، وقسم رابع من عندنا وهو4- المواردة والمساعدة،

    لأننا رأينا بأن هناك نوع رابع لا ينتمي لا للسرقات المعنوية ولا اللفظية ولا الأسلوبية، وهو ما سميناه بالمواردة والمساعدة حتى يكون شاملا للأنواع المنطوية عليها، وإن كنا نجد من المتقدمين من يجعل السرقات على نوعين فقط مثلما فعل القزويني عنما قسم السرقات إلى نوعين ظاهرة وغير ظاهرة (1)، ونفصل هذه الأقسام الأربعة كما يلي :

    المبحث الأول

    أولا - سرقات معنوية:

    بدأنا بالسرقات المعنوية لأن السرقات الأدبية في جانب المعنى هي الأكثر تناولا عند النقاد المتقدمين، وأكثرها شيوعا عند السارقين، لأن أخذ الألفاظ والمعاني معا هي الأسهل اكتشافا، لكن أخذ المعنى وطمس معالمه، يصعب من عملية الاكتشاف بل حتى أن السارق يعمد لإخفاء مسروقه، فكذلك السارق الأدبي يعمد لإخفاء مسروقه بأخذ المعنى فقط، وتغييره، حتى لا يكشف أمره، وأنواع السرقات المعنوية أكثر من السرقات اللفظية والأسلوبية، وهي أخطر أنواع السرقات عموما.
    وأبو هلال العسكري عندما يتكلم عن حسن الأخذ، وتناول المعاني يقول: "ليس لأحد من أصناف القائلين غنى عن تناول المعاني ممّن تقدمهم والصّبّ على قوالب من سبقهم، ولكن عليهم إذا أخذوها أن يكسوها ألفاظا من عندهم، ويبرزوها في معارض من تأليفهم، ويوردوها في غير حلّتها الأولى، ويزيدوها في حسن تأليفها، وجودة تراكيبها، وكمال حليتها، ومعرضها فإذا فعلوا ذلك فهم أحقّ بها ممّن سبق إليها" ، ويقول أيضا :"وقد أطبق المتقدّمون، والمتأخّرون على تداول المعاني بينهم فليس على أحد فيه عيب إلاّ إذا أخذه بلفظه كلّه أو أخذه فأفسده، وقصر فيه عمن تقدمه، وربّما أخذ الشّاعر القول المشهور ولم يبال"(2) ، فالمبرّد(285هـ) أيضا لا يرى عيبا في أن يؤخذ المعنى، ويزاد عليه بتعبير أحسن مما كان عليه ، وعبد القاهر الجرجاني يرفض هذا لأنّ أخذ المعنى لا يمكن أن نكسوه لفظا من عندنا، ويبقى قائما بذاته إلاّ إذا غيرنا لفظا بمرادفه، وهذا ما نلمسه من قوله: "وممّا إذا تفكر فيه العاقل أطال التّعجب (3)

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
    1- مقال للدكتور عبد الحليم ريوقي - مجلة دراسات أدبية العدد الخامس فيفري -2010 - من مجلة دراسات أدبية - مركز البصيرة للدراسات والبحوث بالجزائر
    2- مرجع سابق - الصناعتين 217
    3- مرجع سابق - دلائل الاعجاز - ص




    من أمر النّاس، ومن شدّة غفلتهم قول العلماء حيث ذكروا السّرقة، والأخذ أنّ من أخذ معنى عاريا فكساه لفظا من عنده كان أحقّ به"، وهو كلام مشهور مبتذل" ، "لأنّه لا يتصور أنّ يكون صورة المعنى في أحد الكلامين، أو البيتين مثل صورته في الأخذ لبيت، اللّهم أن يعمد عامد إلى البيت فيضع مكان كل لفظة منه لفظة في معناها، ولا يعرض لنظمه،وتأليفه" (1) . فمثل أن يقول في بيت الحطيئة :

    دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فأنــت الطّاعم الكاسي (2)

    [فيقول]:

    دع المفاخر ولا تذهب لمطلبها واجلس فإنّك أنت الآكل اللابس

    هذا إن كان باللغة العربية مترادفات، غير أن الكثير من العلماء يؤكدون بأن لكل كلمة دلالتها، ولا يمكن لكلمة أخرى حتى وإن كانت مرادفة لها أن تشغل الحيز الدلالي لكلمة أخرى بشكل كلي، فلكل كلمة مقامها ودلالتها.

    وأنواع السرقات المعنوية

    هي: الاختلاس، الإلمام، النظر والملاحظة، الاهتدام، المجدود، كشف المعنى، الإغارة، الالتقاط والتلفيق عند ابن رشيق القيرواني والحاتمي (3)

    ، والمسخ،السلخ، عند ابن الأثير،(4)

    وجعلها القزويني على نوعين الإغارة والمسخ، والإلمام والسلخ،(5)

    قصد القزويني بهذا التقسيم أي هناك سرقات على مستوى المعنى ظاهرة سهلة الكشف، وأخرى غير ظاهرة صعبة الكشف، ومن هذا التقسيم الأخير نقسم السرقات المعنوية على قسمين هما :

    السرقات المعنوية الظاهرة: وهي سرقات سهلة الكشف، ويمكن الوقوف على أمرها، ومصدرها، بيسر وسهولة، هذا طبعا لمن يمتلك رصيدا لا بأس به من المرجعيات الثقافية، والفكرية والأدبية.، وهي "إن كان مع تغيير لنظمه،وكان المأخوذ بعضه سمّي إغارة، ومسخا" . (6)

    وهو على ثلاث أضرب :

    - عندما يكون الثاني أبلغ من الأوّل.

    - وقد يكون أدوّن منه.

    - وقد يكون مثله أو مساويا له.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
    1- مرجع سابق - دلائل الإعجاز - ص
    2- ديوانه - ص
    3- مرجع سابق -العمد - ص 282 الى 291
    4- مرجع سابق - المثل السائر - ص
    5- الإيضاح- ص
    6-المرجع السابق- ص


    وهذا القول والتفصيل لا يخرج عن ما قاله عبد القاهر الجرجاني حيث يقول :"وإن كان ممّا ينتهي إليه المتكلّم بنظر، وتدبر،ويناله بطلب، واجتهاد 1، وبهذا الشّرط يكون إمكانه، فهو الذي يجوز أن يدعي فيه الاختصاص، والسّبق، والتّقدّم، والأولية، وأن يجعل فيه سلف، وخلف، ومفيد، ومستفيد، وأن يقضي بين القائلين فيه بالتّفاضل، والتّباين، وأن أحدهما فيه أكمل من الآخر، وأنّ الثّاني زاد على الأوّل أو نقص عنه، وترقى إلى غاية أبعد من غايته، أو انحطّ إلى منزلة هي دون منزلته" .2
    الإغارة : "أن يضع الشّاعر بيتا، ويخترع معنى مليحا فيتناوله من هو أعظم منه ذكرا، وأبعد صوتا فيروى له دون قائله . 3

    كما فعل الفرزدق بجميل[بن معمر]، وقد سمعه ينشد:4

    ترى النّاس ما سرنا يسيرون خلفنا وإن نحن أومأنا للنّاس أوقفوا (5)

    فقال [الفرزدق]: متى كان الملك في بني غدرة ؟، إنّما هو في مضر، وأنا شاعرها، فغلب الفرزدق على البيت، ولم يتركه جميل، ولا أسقطه من شعره" ، فالإغارة والسلب وجهان لعملة واحدة، غير أن الإغارة هي أخذ من غير أن يتنازل صاحبه عن مأخوذه، والسلب هو أخذ مع تنازل صاحب المأخوذ عنه، وسنأتي على ذكر السلب.

    المسخ " أمّا المسخ: فهو قلب الصّورة الحسنة إلى صورة قبيحة، والقسمة تقتضي أن يقرن إليه ضدّه، وهو قلب
    الصّورة القبيحة إلى صورة حسنة .(6)

    فالأوّل كقول أبي تمّام:
    فتى لا يرى أنّ الفريضة مقتل ولكن يرى أن ّالعيوب مقاتل
    وقول أبي الطّيّب المتنبّي :
    يرى أنّ ما بان منك لضارب بأقتل ممّا بان منك لعائب (7)

    فهو وإن لم يشوّه المعنى فقد شوّه الصّورة.

    أما قلب الصّورة القبيحة إلى صورة حسنة، فهذا لا يسمّى سرقة بل يسمّى إصلاحا، وتهذيبا، فمن ذلك قول أبي الطّيّب المتنبّي:

    لو كان ما تعطيهم من قبل أن تعطيهم لم يعرفوا التّأميلا(8)

    وقول ابن نباتة السّعدي:

    لم يبق جودك لي شيئا أومله تركتني أصحب الدّنيا بلا أمل
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
    1- مرجع سابق - دلائل الاعجاز- ص
    2- المرجع السابق - ص
    3- مرجع سابق - العمده 284
    4- المرجع السابق 282
    5- ديوانه - ص
    6- مرجع سابق -المثل السائر- ص
    7-ديوانه - ص
    8- ديوانه - ص

    فالصّورة عند ابن نباتة أحسن وأجمل إذ أن جود ممدوح ابن نباتة السّعدي هو الّذي قضى على الأمل فكلّ ما يطلب موجود من غير أمل منه، أما جود ممدوح المتنبّي هو دافع الأمل بل به وجد ليطلب أكثر.

    وإن كان المأخوذ المعنى وحده سمّي إلماما، وسلخا، وهو ثلاثة أقسام كذلك [أبلغ، أقصر، مساو] أوّلها،

    كقول البحتري:
    قصد حياء أن تراك بأوجه أتى الذّنب عاصيها قليم مطيعها

    وقول أبي الطّيّب المتنبّي:
    وجرم جره سفهاء قوم وحلّ بغير جارمه العذاب

    فإنّ أبا الطيـّب أحـسن سبـكا,,

    الإلمام : وهو ضرب من النّظر والملاحظة، وهو مثل قول أبي الشيص:

    أجد الملامة في هواك لذيذة

    وقول أبي الطّيّب المتنبّي : أأحبه وأحبّ الملامة فيه .

    وضع ابن رشيق القيرواني الإلمام ضرب من النظر والملاحظة، وهو نوع أيضا من السرقات المعنوية، وجعلنا الإلمام في باب السرقات المعنوية الظاهرة، وجعلنا النظر والملاحظة في باب السرقات المعنوية غير الظاهرة بسبب أن الإلمام ظاهر أمره ويمكن الكشف عن جانب السرقة فيه ببساطة، لكن النظر والملاحظة عكس ذلك. (1)

    السرقات المعنوية غير الظاهرة : وهي صعبة في كشفها، فالسارق يعمد لإخفائها بشكل جيد محكم، ولا يقف عليها إلا الحصيف من الناس، قال فيها القزويني : ((وأمّا غير الظّاهر فهو على عدّة أضرب، أولا- فمنه أن يتشابه معنى الأوّل، ومعنى الثّاني،)) كقول أبي العلاء المعرّي في مرثية (2)

    وما كلفة البدر المنير قديمة ولكنّها في وجهه أثر اللطم

    وقول القيسراني:
    وأهوى الّذي أهوى له البدر ساجدا ألست ترى في وجهه أثر التّرب .

    ثانيا- "ومنه النّقل، وهو أن ينقل معنى الأوّل إلى غير محلّه".

    ثالثا-" ومنه أن يكون المعنى الثّاني أشمل من معنى الأوّل".

    رابعا-" ومنه القلب، وهو أن يكون معنى الثّاني نقيض معنى الأوّل يسمّى ذلك لقلب المعنى إلى نقيضه".

    خامسا-" ومنه أن يؤخذ بعض المعنى، ويضاف إليه زيادة حسنة".
    سادسا- "ومنها ما أخرجه حقّ التّصرف من قليل الأخذ، و الإتباع إلى حيّز الاختراع، والابتداع، وكلّما كان أشدّ خفاء كان أقرب إلى القبول" . (3)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
    1- مرجع سابق - السرقات الأدبية - - مقال للدكتور عبد الحليم ريوقي - مجلة دراسات أدبية العدد الخامس فيفري -2010 - من مجلة دراسات أدبية - مركز البصيرة للدراسات والبحوث بالجزائر
    2- مرجع سابق - الايضاح127
    3- المرجع السابق : 379

    السلخ: "أما السّلخ فإنّه ينقسم إلى اثني عشر ضربا، وهذا تقسيم أوجبته القسمة، وإذا تأملته أنّه لم يبق شيء خارج عنه.

    - فالأوّل : أن يؤخذ المعنى، ويستخرج منه ما يشبهه، ولا يكون هو إيّاه، وهذا من أدقّ السّرقات مذهبا، وأحسنها صورة، ولا يأتي إلاّ قليلا، فمن ذلك قول بعض شعراء الحماسة [الطّرماح بن حكيم الطّائي : (1)

    لقد زادني حبّا لنفسي أنّني بغيض إلى كلّ امرئ غير طائل

    أخذ المتنبّي هذا المعنى، واستخرج منه معنى آخر غيره إلاّ أنّه شبيه به فقال :

    وإذا أتتك مذمّتي من ناقص فهي الشّهادة لي بأنّي فاضـل ( 2)

    ] فذمّ النّاقص إيّاه كبغض الّذي هو غير طائل ذلك الرّجل [الطّرماح]، وشهادة ذمّ النّاقص إيّاه بفضله كتحسين بغض الّذي هو غير طائل نفس ذلك الرّجل عنده [أي عند الطّرماح] .

    الضّرب الثّاني: أن يؤخذ المعنى مجردا من اللفظ، وذلك مما يصعب جدا، ولا يكاد يأتي إلاّ قليلا .
    الضّرب الثّالث: وهو أخذ المعنى، ويسير من اللفظ، وذلك من أقبح السّرقات، وأظهرها شناعة على السّارق.
    الضّرب الرّابع: وهو أن يؤخذ المعنى فيعكس، وذلك حسن يكاد يخرجه حسنه عن حدّ السّرقة.
    الضّرب الخامس: أن يؤخذ بعض المعنى".
    الضّرب السّادس: وهو أن يؤخذ المعنى فيزاد عليه معنى آخر".
    الضّرب السّابع: وهو أن يؤخذ المعنى فيكسى عبارة أحسن من العبارة الأولى.
    الضّرب الثّامن: وهو أن يؤخذ المعنى ويسبك سبكا موجزا، وذلك أحسن من السّرقات لما فيه من الدّلالة على بسطة النّاظم في القول، وسعه باعه في البلاغة"
    الضّرب التّاسع: وهو أن يكون المعنى عاما فيجعل خاصّا، أو خاصّا فيجعل عاما.
    الضّرب العاشر: وهو زيادة البيان مع المساواة في المعنى، وذلك بأن يؤخذ المعنى فيضرب له مثال يوضحه
    الضّرب الحادي عشر : وهو اتّحاد الطريق، واختلاف المقصد، ومثاله أن يسلك الشّاعران طريقا واحدة فتخرج بهما إلى موردين أو روضتين، و هناك يتبين فضـل أحـدهما على الآخر" –( 3 )

    النّظر والملاحظة: قال أبو علي الحاتمي:" وهذه ضروب من الإشارة إلى المعنى، وإخفاء السّرّ

    فمثل قول المهلهل :
    انتضوا معجس القسي وابرقـ ـا كما توعد الفحول الفحولا

    نظر إليه زهير بقوله :
    يطعنهم ما ارتموا حتّى إذا طعنوا ضارب حتّى إذا ما ضاربوا اعتنقا

    وأبو ذؤيب بقوله :
    ضروب لهامات الرجال بسيفه إذا حنّ نبع بينهم وشريح .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
    1- مرجع سابق - المثل السائر- ص
    2- ديوانه - ص
    3- مرجع سابق - المثل السائر- ص




    فالنظر والملاحظة هو أخذ بعض المعنى، والإلمام الذي مر معنا هو أخذ جل المعنى، فالنظر والملاحظة هنا هو بمثابة تركيز نظرك على أمر ما فتأخذ عنه الكثير من الملامح والأوصاف.

    كشف المعنى:"وإبرازه بزيادة منه تزيده نصاعة وبراعة" . العمدة( 1)

    نحو قول امرئ القيس :

    نمش بأعراف الجياد أكفنا إذا نحن قمنا عن شواء مضهب (2)

    وقال عبدة بن الطبيب:
    ثمت قمنا إلى جرد مسوّمة أعرافهن لأيدينا مناديل
    فكشف المعنى،وأبرزه" ، وكشف المعنى هو أخذ المعنى بزيادة حسنة عليه، وإظهاره في صورة أحسن مما كان عليه.
    الالتقاط والتّلفيق :"وهي ترقيع الألفاظ، وتلفيقها، واجتذاب الكلام من أبيات حتّى ينظم بيتا" ( 3)
    مثل قول يزيد بن طثرية:

    إذا ما رآني مقبلا غضّ طرفه كأنّ شعاع الشّمس دوني يقابله
    فأوّله من قول جميل [بن معمر]:

    إذا ما رأوني طالعا من ثنية يقولون : من هذا ؟ وقد عرفوني

    ووسطه من قول جرير:
    فغضّ الطّرف إنّك من نمير فلا كعبا بلغت ولا كلابا

    وعجزه من قول عنترة الطّائي :

    إذا أبصرتني أعرضت عني كأنّ الشّمس من حولي تدور (.4)










    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
    1- مرجع سابق – العمدة
    2- ديوانه – ص
    3-المرجع السابق -ص
    4- المرجع السابق - ص



    الالتقاط والتلفيق : هو أن يكون في البيت أكثر من معنى واحد، من معاني أخرى سبقت معناك. العمدة (1(

    الاختلاس : "فهو كقول أبي نواس:

    ملك تصور في القلوب مثاله فكأنّه لم يخل منه مكان
    اختلسه من قول كثير [عزّة]:

    أريد لأنسى ذكرها فكأنّما تمثل لي ليلى بكلّ سبيل" .

    الاختلاس : هنا بمثابة اختلاس النظر في أمر ما، فتأخذ بعضا مما اختلست النظر فيه. العمدة 2

    الاهتدام :"وهو افتعال من الهدم فكأنه هدم البيت من الشّعر تشبيها بهدم البيت من البناء" " العمدة 3

    نحو قول النّجاشي :
    وكنت كذي رجلين رجل صحيحة ورجل رمت فيها يد الحدثان

    فأخذ كثير [عزة] القسم الأوّل، واهتدم باقي البيت فجاء المعنى في غير لفظ فقال:

    ورجل رمى فيها الزّمان فشلت" .

    المجدود : "وأمّا المجدود من الشّعر فنحو قول عنترة العبسي: 4

    وكما علمت شمائلي وتكرمي

    رزق جدّة واشتهارا على قول امرئ القيس:

    وشمائلي ما قد علمت وما نبحت كلابك طارقا مثلي"

    المبحث الثاني

    ثانيا - سرقات لفظية:

    يقصد بالسرقات اللفظية أخذ بيت أو أكثر أو ما دونه بلفظه ودون تغيير وصرفه للنفس، على أن الآخذ هو القائل، وليس عن طريق التضمين، والذي هو إدراج بيت من الشعر أو ما دونه أو أكثر منه في الشعر على أنه هو قائله، لكن من الشعر المشهور، والذي لا يمكن إدعاؤه للنفس وإن لم يكن مشهورا وجب التنبيه عليه كما قال العلماء المتقدمون، والسرقات اللفظية من هذا الشكل الأول وليس الثاني، سماه العلماء بعدة أسماء، فسماه الحاتمي اصطرافا واجتلابا، وسماه ابن الأثير نسخا، ووضعه القزويني في السرقات أو الأخذ الظاهر إن لم يغير فيه، وابن رشيق سماه الغصب إن أخذ تحت التهديد بالقوة من صاحبه وتهديده بهجائه مثلا، ويسميه محمد مفتاح بالتطابق، وهذه بعض الشواهد لهذا النوع من السرقات وتفصيل بيانه: 5
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
    1- مرجع سابق- العمدة
    2- المرجع السابق ص
    3-المرجع السابق- ص
    4-المرجع السابق –ص
    5- مرجع سابق – السرقات الأدبية - - مقال للدكتور عبد الحليم ريوقي - مجلة دراسات أدبية العدد الخامس فيفري -2010 - من مجلة دراسات أدبية - مركز البصيرة للدراسات والبحوث بالجزائر

    سمى ابن الأثير السرقات اللفظية بالنسخ وجعله على ضربين وقال فيه :" فإنه لا يكون إلاّ في أخذ المعنى، واللفظ جميعا، أو في أخذ المعنى، وأكثر اللفظ لأنّه مأخوذ من نسخ الكتاب، وعلى ذلك فإنّه ضربان :
    الضّرب الأوّل : ويسمّى وقوع الحافر على الحافر

    كقول الفرزدق:

    أتعدل أحسابا لئاما حماتها بأحسابنا إني إلى الله راجع

    وكقول جرير :

    أتعدل أحسابا لكراما حماتها بأحسابكم إني إلى الله راجع"

    وقوع الحافر على الحافر هو من باب المواردة، وهذا المثال الذي ضربه ابن الاثير ضربه

    ابن رشيق في باب المواردة، وهو ما سنذكره في حينه.

    الضّرب الثّاني :" من النّسخ، وهو أن يؤخذ فيه المعنى، وأكثر اللفظ كقول بعض المتقدّ مين يمدح معبدا صاحب الغناء:

    أجاد طويس والشّريحي بعده وما قصبات السّبق إلاّ لمعبد

    ثمّ قال أبو تمّام:
    محاسن أصناف المغنين جمّة وما قصبات السّبق إلاّ لمعبد" (1) المثل السائر


    وسمى ابن الرشيق هذا النوع من السرقات بالاصطراف وجعله على نوعين :

    اجتلاب وانتحال وقال فيه :" الاصطراف : أن يعجب الشّاعر ببيت من الشّعر، فيصرفه إلى نفسه، فإن صرفه إليه على جهة المثل فهو اجتلاب، واستلحاق،

    وإن ادّعاه جملة فهو انتحال، ولا يقال منتحل إلاّ لمن ادّعى شعرا لغيره، وهو يقول الشّعر، وأما إن كان لا يقول الشّعر فهو مدّع غير منتحل" . (2) العمدة

    - فالاصطراف الذي هو اجتلاب واستلحاق :
    "كما قال زياد الأعجم :
    ولو لم يكن في كفّه غير نفسه لجاد بها فليتّق الله ســائله
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ



    1- مرجع سابق - المثل السائرص
    2- مرجع سابق – العمدة- ص
    3- المرجع السابق – ص

    __________________

  4. #14
    عضو فعال الصورة الرمزية galaxsy
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الدولة
    في بيتنا
    المشاركات
    352

    افتراضي

    ويروى هذا لأخت يزيد بن طثرية، واستلحق البيت الأخير أبو تمام فهو في شعره .

    البيت في قصيدة أبي تمـّام قالها في مدح المعتصم بالله قال في مطلعها:

    أجل أيعاد الرّبع الّذي حف أهله لقد أدركت فيك النّوى ما تحاوله .

    - أمّا الاصطراف الذي هو بمثابة انتحال كقول جرير:

    إنّ الّذين غذوا بلبك غـادروا وشلا بعينيك لا يزال معينا
    غيّضن من عبراتهن وقلنّ لي ماذا لقيت من الهوى ولقينا

    فإنّ الرّواة مجمعون على أنّ البيتين للمعلوط السّعدي انتحلهما جرير، وانتحل أيضا قول طفيل الغنوي :
    ولما التقى الحيّان ألقيت العصى ومات الهوى لما أصيب مقاتله" (1) العمدة

    أما الخطيب القزويني فأدرج هذا النوع ضمن السرقات أو الأخذ الظاهر، وقال فيها :أمّا الظّاهر فهو أن يؤخذ المعنى كلّه إمّا مع اللفظ أو بعضه، وإمّا وحده ، فإن كان المأخوذ كلّه من غير تغيير لنظمه فهو مذموم مردود لأنّه سرقة محضة، ويسمّى نسخا،وانتحالا.
    وقد روي للأمير اليربوعي:
    فتى يشتري حسن الثّناء بماله إذا السّنة الشّهباء أعوزها القطر
    ولأبي نواس:
    فتى يشتري حسن الثّناء بماله ويعلم أنّ الدّائـــرات تدور
    وفي هذا المعنى ما كان التّغيير فيه بإبدال كلمة أو أكثر بما يراد فيها ، كقول العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه:
    وما النّاس بالنّاس الّذين عهدتهم ولا الدّار بالدّار الّتي كنت تعلم
    وقول الفرزدق:
    وما النّاس بالنّاس الّذين تعهدتهم ولا الدّار بالدّار الّتي كنت تعرف (2)

    وابن رشيق القيرواني ذكر نوعا يصب في هذا الوادي وهو الغصب، وهو أخذ بيت أو أكثر عن طريق الغصب بالتهديد والوعيد بالهجاء مثلا وقال فيه: "وأما الغصب فمثل صنيعه بالشّمردل اليربوعي، وقد أنشد في محفل :
    فما بين من لم يعط سمعا وطاعة وبـين تميم غير حزّ الحلاقم
    فقال الفرزدق : والله لتدعنّه أو لتدعنّ عرضك، فقال [اليربوعي]: خذه لا بارك الله لك فيه (.3)






    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ

    1- مرجع سابق – العمدة
    2- مرجع سابق – المثل السائر
    3- مرجع سابق – الايضاح – ص - ورد ذكر القصة ص


    المبحث الثالث :
    ثالثا - سرقات أسلوبية:
    السرقات الأسلوبية لا يقصد بها سرقات اللفظ والمعنى، وإنما سرقات تتم على مستوى الأسلوب، وبالتحديد بناء الأبيات، وإن كنا نستبق الأحداث ونقول بأن هذا النوع لم يتناول بالشكل الكافي عند النقاد المتقدمين، فلقد ركزوا على سرقات المعاني، والألفاظ، وبالشكل الكبير على النوع الأول أكثر، ولا نكاد نجد أكثر من ابن رشيق القيرواني(1) تكلم عن نوعين للسرقات من حيث الأسلوب، وإن لم يسمها بهذا الاسم، وإنما ذكرهما في جملة أنواع السرقات التي تكلم عنها، وسار على طريق ما ذكر الحاتمي، وذكر أنواعا أخرى، على ما غفل عليها الحاتمي، ومما يندرج ضمن السرقات الأسلوبية نجد ثلاثة أنواع ( 2)
    العكس:
    والاسم دال على معناه أي أن يأخذ الشاعر بيتا أو ما دونه أو أكثر، ويقلب معناه، ويمكن أن يقول البعض هذا سرقات للمعاني، ونقول بأن السرقة ها هنا في الأسلوب أغلب، لأن الشاعر يبني على نفس الأسلوب المسروق منه، ونقدم هذا المثال حتى تتضح الرؤى:
    كقول ابن قيس، ويروي لأبي حفص البصري:
    ذهب الزّمان برهط حسان الأولى كانت مناقبــهم حديث الغابر
    وبقيت في خلق يحلذ ضـيوفهم منهم بمـــنزلة اللئيم الغادر
    سود الوجوه لئيمة أحسابــهم فطس الأنوف من الطّراز الآخر
    فالبيت الأخير هو عكس بيت حسان بن ثابت رضي الله عنه :
    بيض الوجوه كريمة أحسابهم شمّ الأنوف من الطّراز الأوّل (3)

    ومما يلاحظ في هذا البيت هو أن الشاعر عكس كل الألفاظ في البيت المأخوذ منه، ولكن حافظ على نفس الأسلوب في البيت المأخوذ منه، وهو ما يعزز الأمر بأن ما كان على شاكلة هذا المثال هو سرقة أسلوبية، وهذا النوع إلى جانب التحاذي، التطابق، التفاعل، التداخل، سماه محمد مفتاح بالقلب، ومحمد مفتاح يضع هذه المفاهيم كمفاهيم ذات وظائف جمالية وإيديولوجية، ولم يعطها صبغة السرقات الأدبية .

    الموازنة:
    الموازنة هو أن يأخذ الشاعر وزنا واحدا مع شاعر آخر في بيته، ليس من باب الوزن الشعري، ولكن من باب البناء الواحد من حيث الأسلوب، لا من حيث الألفاظ والمعاني، وهذا المثال سيزيح الغموض، ويبسط الفكرة، وهو مثل قول كثير[ عزة] :
    تقول مرضنا فما عدتنا وكيف يعود مريض مريضا

    وزان في القسم الآخر قول نابغة بني تغلب:

    بخلنا لبخلك قد تعلمين وكيف يعيب بخيل بخيلا

    فمن الشطر الأخير في كلا البيتين يتضح جليا أن أسلوبهما وبناؤهما واحد، وإن اختلفا في الألفاظ والمعاني.

    وقول أبي الطّيّب [المتنبّي]:

    وإنّي عنك بعد غــــــد لغـاد وقلبي عن فنائك غير غاد
    محبك حيثما اتّجهت ركابي وضيفك كـنت في البلاد .(4)
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
    1- مرجع سابق – العمدة ص245
    2- مرجع سابق – السرقات الأدبية - - مقال للدكتور عبد الحليم ريوقي - مجلة دراسات أدبية العدد الخامس فيفري -2010 - من مجلة دراسات أدبية - مركز البصيرة للدراسات والبحوث بالجزائر
    3- مرجع سابق – الوساطة 299
    4- المرجع السابق - 299ص

    وما يمكن قوله في هذا الباب هو أننا ذكرنا ثلاثة أنواع فقط في السرقات من حيث الأسلوب، ويمكن أن يكون هناك أكثر مما ذكرنا، وما أوردناه هو ما وجدنا في أقسام السرقات عند، القزويني، وابن رشبق، وابن الأثير، والحاتمي، ويمكن أن يكون هناك أنواع تصب في هذا الجانب عند غيرهم .( 1 )

    المبحث الرابع

    رابعا – المواردة والمساعدة:

    قصدنا بالمواردة والمساعدة، وهو ما استدركناه على أقسام السرقة في اللفظ والمعنى والأسلوب، فمن الشعراء من تنزل أفكارهم متساوية في المعنى، أو حتى اللفظ والمعنى معا، عن طريق المواردة أي توارد الأفكار، أو عن طريق مساعدة بعضهم بعضا بيت أو بيتين، وفي هذا وذاك لا سرقة لأن في الأولى تنتفي السرقة بتوارد الأفكار، وفي الثانية هناك مساعدة والشاعر يتنازل عن بيته أو أبياته إلى صاحبه، وهذا يدخل باب الهبة وليس السرقة، بنوعيها المحمودة والمذمومة، وهنا نذكر أربعة أنواع هي : المواردة، الإجازة، التمليط، المرافدة، وتفصيلها كالتالي:


    المــــواردة :

    وهي أن تأتي الأفكار والأبيات متوافقة في معانيها، وحتى ألفاظها ومعانيها معا، دون أن يكون الثاني قد اطلع على ما قاله الأول، وهذا الأمر يتم عن طريق توارد الأفكار، وتكلم عنها ابن رشيق القيرواني فقال فيها : " وأمّا المواردة فقد ادّعاها قوم في بيت امرئ القيس،وطرفة،ولا أظنّ هذا ممّا يصّح " .(1)
    والمقصود هنا بيت امرئ القيس حين قال في معلقته:

    وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم يقولون لا تهلك أسى وتجمّل

    وبيت طرفة بن العبد في معلقته عندما قال:

    وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم يقولون لا تهلك أسى وتجلّد (2)

    .
    الإجازة :

    وهو أن يقول شاعر بيتا أو شطرا، ويجيز للآخر تملكه، وضمه بالإضافة لما قال، والإجازة قال فيها ابن رشيق ما نصه: " الإجازة فإنّها بناء الشّاعر بيتا أو قسما يزيده عما قبله، وربّما أجاز بيتا أو قسما بأبيات كثيرة، فأمّا ما أجيز فيه قسيم بقسيم فقول بعضهم لأبي العتاهية: أجز(3)

    برد الماء وطـابا
    فقال :
    حبّذا الماء شرابا "
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
    1- مرجع سابق - العمدة - ص
    2- ورد ذكر الابيات ص
    3- - مرجع سابق – السرقات الأدبية - مقال للدكتور عبد الحليم ريوقي - مجلة دراسات أدبية العدد الخامس فيفري -2010 - من مجلة دراسات أدبية - مركز البصيرة للدراسات والبحوث بالجزائر



    "وأمّا ما أجيز فيه بيت فقول حسان بن ثابت وقد أرق ذات ليلة فقال :

    متاريك إذ ناب الأمور إذا اعتزلت أخذنا الفروع واجتنبنا أصولها

    وأجبل [أي انقطع عن الكلام]، فقالت ابنته : يا أبت ألاّ أجيز عنك، فقال :

    أو عندك ذلك ؟، قالت : بلى، قال : فافعلي : فقالت :

    مقاويل للمعروف خرس عن الخنا كرام يعافون العشيرة سولها

    ثم أضاف حسان بن ثابت رضيّ الله عنه بيتا وأضافت ابنته بيتا بعده" .

    والإجازة في هذا الموضع مشتقة المعنى من الإجازة في السّقي يقال :أجاز فلانا إذا سقى له أو سقاه .( 1 )


    التّمليط :
    وهو أن يقول شاعر بيتا ثم يقول الآخر بيتا آخر، أو يقول هذا شطر وهذا شطر، إلى أن تتم القصيدة، من باب التساجل والتباري مثلا، وعرف ابن رشيق التمليط بقوله:" وهو أن يتساجل الشّاعران فيضع هذا قسيما، وهذا قسيما لينظر أيّهما ينقطع قبل صاحبه، وفي الحكاية أن امرأ القيس قال للتّوأم اليشكري: إن كنت شاعرا كما تقول فملّط أنصاف ما أقول فأجزها، قال: نعم، قال امرؤ القيس: (2

    قال امرؤ القيس
    :
    أحار ترى بريقا هبّ وهناً

    فقال التّوأم :

    كنار المجوس تستعر استعارا.

    فقال امرؤ القيس :

    أرقت له ونام أبو شريح

    فقال التّوأم :

    إذا ما قلت قد هدأ استطارا

    ولا يزالان هكذا، يضع هذا قسيما، وهذا قسيما إلى آخر الأبيات" (1)


    1- مرجع سابق – السرقات الأدبية - - مقال للدكتور عبد الحليم ريوقي - مجلة دراسات أدبية العدد الخامس فيفري -2010 - من مجلة دراسات أدبية - مركز البصيرة للدراسات والبحوث بالجزائر
    2- مرجع سابق : العمدة في محاسن الشعر وآدابه - ابن رشيق القيرواني- ص 276



    "واشتقاق التّمليط من أحد الشّيئين، أوّلهما أن يكون من الملاطين، وهما جانبا السّنام في مرد الكتفين، قال جرير:
    ظللن حوالي خدر أسماء وانتحى بأسماء موّار الملاط أروح
    فكأنّ كلّ قسيم ملاط، أي جانب من البيت، وهما عند ابن السّكيت العضدان، والآخر وهو الأجود، أن يكون اشتقاقه من الملاط، وهو الطّين يدخل في البناء يملط به والحائط ملطا، أي يدخل بين اللبن حيث يصير شيئا واحدا" ، فيكون طينا والآخر لبنة لصنع قصيدة على شاكلة جدار.)) ايضا من المرجع السابق (1)

    المرافدة :

    المرافدة تدخل في باب المساعدة عندما يعجز شاعر آخر لسبب أو آخر، فيعينه شاعر آخر بما يفك عقدة لسانه أو تفكيره، ويصبح ما أعانه به ملكا له، والمرافدة طرقها ابن رشيق ومثل لها وقال فيها: "وأمّا المرافدة : فأن يعين الشّاعر صاحبه بأبيات يهبها له كما قال جرير لذي الرمّة: أنشدني ما قلت لهشام المرئي فأنشده قصيدته :


    بنت عيناك عن طلل بحزوى محته الريح وامتنح القطارا
    فقال [جرير] :ألا أعينك ؟

    قال: بلى بأبي وأمي،

    قال: قل له
    :
    يعدّ النّاسبون إلى تميــم بيوت المجد أربــعة كبارا
    يعدون الرباب وآل سـعد وعمرا ثم حــنظلة الخيارا

    ويهلك بينها المرئي لـغوا كما ألغيت في الدّية الحوارا (2)







    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ

    1- نقد الشعر في القرن الرابع – د قاسم مومني – دار الثقافة للطباعة والنشر – القاهرة – 1995 – ص78
    2-مرجع سابق - العمدة ص235

    __________________

  5. #15
    عضو فعال الصورة الرمزية galaxsy
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الدولة
    في بيتنا
    المشاركات
    352

    افتراضي

    الخـــــاتمــــــــــة
    الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات , والصلاة على الهادي الامين سيد الغر المحجلين , توقفت عند ماقال (لاينسون ) العالم الالماني في عبارته ((ثلاثة أرباع المبدع مكون من غير ذاته ) , فالإبداع جذوة الأدب وماتبحث عن النفوس تكونه عوامل بعيده عن نفس المبدع تتكون في أرضه بعد أن وجدت الأرض الخصبة المساعدة لها ان تعيش وترتفع ليراها الآخرون وهي في قمة جمالها ربما أتت منهم لكنها تألقت لدى المبدع , وهذا هو حال الكثير من الأدباء المبدعين في أفكارهم وصياغتهم وانساقهم التعبيرية ..
    فالنفس الإنسانية تبحث عن الاصالة والابتداع أين كان ؟!! وتبحث عن الأفكار الجديدة فهي الدليل الأول على أصالة الأديب , وتمكنه من فنه وإذ كانت هذه الأفكار والابتداع هي مجال التفاضل بين أديب وأديب فكان من المهم أن يحفظ لكل اديب فكره وفنه وتميزه , من سرقة وأخذ الأخرين لها ..
    لذا ارجو ان يجد هذا الموضوع المترامي الأطراف اهتماما كبيرا في تتبعه من قبل كل باحث ويخصصة في كل فن من الفنون الأدبية من شعر وقصص وخطب وروايات ومقالات ..الخ
    وايضاح التأثر بين الآداب المختلفة كماهو في الأدب المقارن او من خلال الموازنات بين الأدباء النوابغ ..
    فإلى جانب حفظ الأصاله لكل أديب أيضا إمتاع النفس بتذوق كل إبداع ..
    بالتأكيد أنني مقصرة في عملي البسيط لكنني أمني النفس ببحث أفضل في هذا الموضوع المتشعب ..

    .








    أهم المراجع والمصادر 1- الموشح مآخذ العلماء على الشعراء في عدة أنواع من صناعة الشعر – المرزباني – تحقيق علي محمد البجاوي – ط1- 1965 م – دار النهضة في مصر .
    2- مشكلة السرقات في النقد العربي دراسة تحليلية مقارنة – د مصطفى هدارة – ط1 – مكتبة الأنجلو المصرية – القاهرة – 1958
    3- النص الغائب تجليات التناص في الشعر العربي – محمد عزام - ط1 – منشورات اتحاد كتاب العرب – دمشق 2001.
    4- الموازنة بين الطائي والبحتري – للآمدي – تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد – ط1 – مكتبة العلمية – بيروت –
    5- العمدة في - لابن رشيق القيرواني – تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحيد – ج1 – ط 1- دار الجيل – بيروت –
    6- الحركة النقدية على أيام ابن الرشيق المسييلي – د بشير خلدون – ط1- الشركة الوطنية للنشر والتوزيع – الجزائر – 1981 م.
    7- دلائل الإعجاز
    8- شرح دلائل الإعجاز – محمد ابراهيم شادي – ط1- دار اليقين – مصر – 1431 هـ
    9- اسرار البلاغة
    10 – الإيضاح
    11- الشعر والشعراء – ابن قتيبه
    12- طبقات الشعراء – ابن سلام الجمحي
    13- السرقات الأدبية - مقال للدكتور عبد الحليم ريوقي - مجلة دراسات أدبية العدد الخامس فيفري -2010 - من مجلة دراسات أدبية - مركز البصيرة للدراسات والبحوث بالجزائر
    14- المثل السائر – ابن الاثير – تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد – ج 3- ط1 – المكتبة العصرية – صيدا – 1990
    15- السرقات الأدبية – بدوي طبانه – ط1- مكتبة نهصة مصر بالفجالة – 1376 م-
    16- الوساطة بين المتنبي وخصومه – للقاضي على الجرجاني – تحقيق وشرح : مجد ابو الفضل ابراهيم وعلى محمد البجاوي – مطبعة عيسى البابي وشركاءه – 1386هـ.
    17- معجم لسان العرب
    18- تاج العروس
    19- الأعلام
    20- ديوان الحطيئة
    21- ديوان المتنبي - دار الجيل والنشر
    22- الفرزدق
    23- امروء القيس
    24- تاريخ النقد الأدبي – احسان عباس – ط1- دار الأمانه ومؤسسة الرسالة – بيروت – 1971 م –
    25- عيار الشعر – ابن طباطبا
    26- نقد الشعر في القرن الرابع – د قاسم مومني – دار الثقافة للطباعة والنشر – القاهرة
    27- معجم البلاغة العربية

    28- المعجم المفصل في اللغة والادب
    29- السرقات الشعرية بين الآمدي والجرجاني
    30 – القاموس المحيط
    31- الحطيئة
    32- اعجاز القران
    33- اللغة المحولة المجازية للنقاد العرب – عبد الفتاح كاليليطو – المجلة العربية للثقافة – العدد 32 لسنة 1997
    34- الصناعتين الكتابة والشعر – ابو هلال العسكري – تحقيق : مفيد قميحة – ط1- دار الكتب العلمية –
    35- زهير شاعر الحق والخير والجمال – د سعد اسماعيل
    36- النقد.. والدلالة: نحو تحليل سيميائي للأدب ـ محمد عزام ـ وزارة الثقافة ـ دمشق 1996- ص 33





    فهرس الموضوعات

    - المقدمة ..........................................
    2- الفصل الاول .......................................
    تاريخ السرقات الأدبية على مر العصور...........................
    1- معنى السرقة وتطوره..................................
    2- السرقات الأدبية عند الأمم القديمة ..........................
    3- السرقات الأدبية في العصر الجاهلي ..........................
    4- السرقات الأدبية في عصر صدر الإسلام .......................
    5- السرقات الأدبية في العصر الأموي............................
    6 – السرقات الأدبية في العصر العباسي ..........................
    7- السرقات الأدبية في العصر الحديث ...........................
    3 – الفصل الثاني.......................................
    موقف النقاد حول قضية السرقات وأهم الدراسات المنهجية في السرقات الأدبية....
    4- الدراسات المنهجية في السرقات ...........................
    1- كتب الطبقات والتراجم ............................
    2- كتب الأدب...................................
    3- كتب البلاغة والنقد...............................
    5- موقف النقاد حول قضية السرقات ...........................
    6 – الفصل الثالث ......................................
    أنـــواع السرقات .....................................
    1- السرقات المعنوية ....................................
    2- السرقات اللفظية .....................................
    3- السرقات الاسلوبية ....................................
    7- الخاتمة ...........................................

    __________________

  6. #16
    عضو فعال الصورة الرمزية galaxsy
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    الدولة
    في بيتنا
    المشاركات
    352

    افتراضي

    أأأأن شااااء ااااللـــــــــه يعجبكم بحث ...

    ااااالتوفيق للجميع ...

  7. #17
    عضو نشيط الصورة الرمزية جكور
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    الامارات
    المشاركات
    132

    افتراضي

    مشكووووووووووووووووووووووور

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •