لا والله ...... ؟؟!!!!!!!!!!!!!!!
التعديل الأخير تم بواسطة ميريامي ; 22-02-2011 الساعة 09:57 PM
الـسلآمـ عليكمـ
لو سمحتوا اريــد سيرة ذاتية عن الطفولة
نفس الي في صـ71 فلكتآب ..~
تقدرين تكتبين عن احد الكُتاب : وهذا هو ..
كتاب الأيام لطـــه حســــين - سيرة ذاتية
كتاب الأيام تحفة من تحف طه حسين التي أثارت العواصف كما أثارها كتابه في الشعر الجاهلي، تحفة تظهر معجزته الخاصة التي قاوم بها العمى والجهل كما تظهر قدرته على مواجهة عواصف الحاضر الذي كان يعيشه. ولذلك كانت ( الأيام ) طرازاً فريداً من السيرة التي تستجلي بها الأنا حياتها في الماضي لتستقطر منها ما تقاوم به تحديات الحاضر، وهي مثال حيّ لقدرة الإنسان على صنع المعجزة التي تحرره من قيود الضرورة بحثاً عن أفق واعد من الحرية والتقدم والعلم والعدل.. وهذه هي القيم التي تجسدها الأيام.
فمن أيامــــه:
يذكر أنه كان يحب الخروج من الدار إذا غربت الشمس، فيعتمد على قصب هذا السياح مفكراً مغرقا في التفكير، حتى يرده إلى ما حوله صوت الشاعر وقد جلس على مسافة من شماله ، والتفّ حوله الناس وأخذ ينشدهم في نغمة عذبة أخبار أبي زيد الهلالي وخليفة ودياب ، وهم سكوتٌ إلا حين يستخفهم الطرب فيستعيدون ويتمارون.
كان يخاف أشدّ الخوف أشخاصاً يتمثلها قد وقفت على باب الحجرة فسدّته سداً ، وأخذت تأتي بحركات مختلفة أشبه بحركات المتصوفة في حلقات الذكر، وكان يعتقد أنه ليس له حصن من كل هذه الأشباح المخوفة والأصوات المنكرة ، إلا أن يلتفّ في لحافه من الرأس إلى القدم، دون أن يدع بينه وبين الهواء منفذاً أو ثغرة ، وكان واثقاً أنه إن ترك ثغرة في لحافه فلا بدّ من أن تمتدّ منها يد عفريتٍ إلى جسمه فتناله بالعمز والعبث.
كان من اول امره طُلَــعة لا يحفل بما يلقى من الأمر في سبيل أن يستكشف ما لا يعلم. وكان ذلك يكلفه كثيراً من الألم والعناء، ولكّن حادثة واحدة حدّت ميله إلى الاستطلاع وملأت قلبه حياءً . كان جالساً إلى العشاء بين إخوته وأبيه، وكانت أمه تشرف على حفلة الطعام، ترشد الخادم وترشد أخواته اللائي كنّ يشاركن الخادم في القيام بما يحتاج إليه الطاعمون، وقد خطر له أن يأخذ اللقمة بكلتا يديه بدل أن يأخذها بيد واحدة، ففعل ذلك ، فأما إخوته فأغرقوا في الضحك، وأما امه فأجهشت بالبكاء، وأما أبوه فقال: ما هكذا تؤخذ اللقمة يا بنيّ. من ذلك الوقت تقيدت حركاته بشيء من الرزانة والحياء لا حدّ له.
عرف الصبيّ أكثر أنواع اللعب دون أن يأخذ منها بحظ، وانصرافه هذا عن العبث حببَ غليه لوناً من ألوان اللهو، هو الاستماع إلى القصص والأحاديث ، فكان يحبّ أن يستمع إلى إنشاد الشاعر أو حديث الرجال إلى أبيه ، والنساء إلى أمه.. ومن هنا تعلّم حسن الاستماع.
ولكنه لا يعرف كيف حفظ القرآن .. ولا يذكر كيف بدأ ولا كيف أعاده .. ثم لا يذكر متى بدأ يسعى إلى الكُتـّـــاب ليرى نفسه في ضحى يوم جالساً على الأرض بين يديّ سيدنا ومن حوله طائفة من النعال المرقعة ، وكان سيدنا جالساً على دكــة من الخشب . كان منظر سيدنا عجباً في طريقه إلى الكتاب، صباحاً ومساءً ، كان ضخماً بادناً وكان يبسط ذراعيه على كتفي رفيقيه يضربون الأرض بأقدامهم ضرباً. وكم كان لسيدنا على الأسرة من حقوق! وحقوق سيدنا على الأسرة كانت تتمثل دائماً في الطعام والشراب والثياب والمال. فإذا ختم صاحبنا القرآن فهناك عشوة دسمة ثم جبـّة وقفطان وزوج من الأحذية وطربوش مغربي وطاقية وفوق هذا كله جنيه أحمر.
منذ هذا اليوم أصبح صبينا شيخاً وإن لم يتجاوز التاسعة لأنه حفظ القرآن، ومن حفظ القرآن فهم شيخ مهما تكن سنه. دعاه ابوه شيخاً ودعته امه شيخاً وتعوّد سيدنا أن يدعوه شيخاً أمام أبويه،وصبينا ينتظر أن تنتهي السنة ويأتي أخوه الأزهري من القاهرة ، حتى إذا انتهت الإجازة وعاد إلى القاهرة ، اصطحبه ليصبح شيخاً حقاً ، وليجاور في الأزهر.
كان عريف الصف يكره سيدنا لأنه إثــِـرٌ غشاش كذاب ، يخفي عليه بعض موارد الكُتّـاب ويستأثر بخير ما يحمل الصبيان معهم من طعام ، ويزدريه لأنه كان ضريراً يتكلف الإبصار ، وكان قبيح الصوت يتكلف حسن الصوت. وأما سيدنا فكان يكره العريف لأنه كان مكار داهية ، ولأنه يخفي عليه كثيراً مما ينبغي أن يعلمه ، ولأنه سارق ٌ يسرق ما يوضع بين يديهما من الطعام وقت الغداء، ويختلس أطايبه ، ولأنه يأتمر مع كبار الصبيان في الكُتــاب ويعبث معهم على غفلة منه. وكان صبينا يشتري صمت العريف بكلّ شيء، وكم دفع له ما كان يملأ جيبه من خبز أو فطير أو تمر وكم دفع إليه هذا القرش الذي كان يعطيه إياه أبوه ، خشية أن يشي به العريف إلى سيدنا ويخبره أنه وجد بعض السور متعتعة عن الصبيّ.
وكم كان الصبيّ فرحاً مختالاً حين غدا إلى الكُتاب يوم السبت وفي يده نسخة من ( الألفية ) لقد رفعته هذه النسخة درجات .. وكيف لا يبتهج وقد أحسّ منذ اليوم الأول أنه ارتفع درجات فأصبح سيدنا لا يستطيع أن يشرف على حفظه للألفية ولا أن يقرئه إياها، بل ضاق الكُتّـاب كله بالألفية وكُلف الصبيّ أن يذهب كل يوم إلى المحكمة الشرعية ليقرأ على القاضي ما يريد أن يحفظه من الألفية. كان للصبيّ أخ يختلف إلى المدارس المدنية فعاد من القاهرة ليقضي فصل الصيف ، واتفق أنه حضر الامتحان اليومي للصبي أمام والده، فسمع الشيخ يسأل: أي باب قرأت؟ فيجيب الصبي: باب العطف. فإذا طُلب إليه أن يعيد ما قرأ ، أعاد عليه باب العلم أو باب الصلة.. فقال له أخوه فيما بينهما: إنك تخدع اباك وتكذب عليه. ثم لما عاد اخوهما الأزهري وامتحن الصبيّ اكتشف جلية الأمر فأمر أخاه أن يقعد في البيت وأحفظه الألفية كلها في عشرة أيام.
لما عاد الفتى الأزهري إلى القرية شاع أنه سيلقي خطبة الجمعة ، وسمع الشيخ هذا الحديث ولم يقل شيئا. حتى إذا كان يوم الجمعة وامتلأ المسجد بالناس، وأقبل الفتى يريد أن يصعد المنبر، نهض الشيخ حتى انتهى إلى الإمام وقال في صوت سمعه الناس: إنّ هذا الشاب حديث السنّ وما ينبغي له أن يصعد المنبر ولا أن يخطب ولا أن يصلي بالناس.. فمن كان منكم حريصاً على الأّ تبطل صلاته فليتبعني. سمع الناس هذا فاضطربوا ، وكادت تقع بينهم الفتنـة ، لولا أن نهض الإمام فخطبهم وصلى بهم. فعل الشيخ هذا متأثراً بالحقد والموجدة على الشاب الأزهري. وغضب الوالد وراح يلعن هذا الرجل الذي أكل الحقد قلبه فحال بين ابنه وبين المنبر والصلاة.
وتحدث طه حسين في الأيام عن الشيوخ أهل الطرق.. ومنهم هذا الشيخ الذي كان في أول امره حمّارا ثم أصبح تاجراً واقتصرت حمره على نقل تجارته .. ومنهم هذا الشيخ الذي لم يكن يقرأ ولا يكتب ولا يحسن قراءة الفاتحة ، ولكنه كان شاذلياً من أصحاب الطريق ، وكان يجمع الناس إلى الذكر ويفتيهم في أمور دينهم. فلما سأله أحدهم عن تفسير قوله تعالى( وقد خلقكم أطوارا) قال الشيخ: خلقكم كالثيران لا تعقلون شيئاً . وفي تفسيره لقوله تعالى ( ومن الناس من يعبد الله على حرف) قال : أي على دكــة . وشيوخ الطريق كانوا كثيرين منبثين في أقطار الأرض وكانوا قد تقسموا الناس فيما بينهم فجعلوهم شيعاً ، يتسلطون على الأسر ، فإذا نُصب المجلس واجتمع الناس إلى حلقة الذكر .. ذكروا الله قاعدين ساكنين ثم تتحرك رؤوسهم وترتفع أصواتهم ثم تتحرك أنصافهم ثم تنبث في أجسادهم رعدة فإذا هم جميعاً وقوف قد دفعوا في الهواء ينشدون.
ومهما ينس الصبي فلن ينسى ليلة غلط فيها أحد المنشدين فوضع لفظا مكان لفظ من القصيدة ، وإذا بالشيخ قد ثار وفار وأرغى وأزبد وصاح: يا بني الكلاب .. لعن الله آباءكم وآباء آبائكم إلى يوم آدم.. أتريدون أن تخربوا بيت الرجل!
وكان أكثر الناس مقتاً للشيخ وسخطاً عليه أم الصبيّ، لأن الزيارة كانت ثقيلة على هذه الأسرة ، فقد كانت تستهلك القمح والسمن والعسل وما إلى ذلك.. ولكن كانت ام الصبي وأبوه يجدان لذة في أن يتحدثا إلى أبنائهما بأخبار الزيارة تفاخراً.
كانت لأهل الريف شيوخهم وشبانهم وصبيانهم ونسائهم عقلية خاصة فيها سذاجة وتصوّف وغفلة. وكان أكبر الأثر في تكوين هذه العقلية لأهل الطريق.
كان والد الصبي كثير الحاجات عند الله .. وكان يلتمس هذا كله عند الله بالصلاة والدعاء والاستخارة . وكانت للشيخ ابنة عمرها أربع سنوات ، كانت خفيفة الروح طلقة الوجه فصيحة اللسان عذبة القول .. وجاء العيد وأصبحت الطفلة في شيء من الفتور والهمود ، ولم يلتفت إليها أحد، والأطفال في القرى معرضون لهذا النوع من الإهمال، فأي طفل يشكو إنما هو يومٌ وليلة ثم يفيق. حتى إذا كان عصر اليوم الرابع وإذا بالطفلة تصيح صياحاً منكراً ، وإذا الأسرة كلها واجمة والأم تحدّق في ابنتها وتسقيها الواناً من الدواء لا تعرف ما هي، وتنظر الم إلى ابنتها فيخيل إليها أنها ستنام، وإذا الطفلة قد فارقت الحياة.
قضي على هذه الأم أن تلبس السواد إلى آخر أيامها، كان صيف 1902 منكراً وكان وباء الكوليرا قد هبط مصر، ففتك بأهلها فتكاً ذريعاً ، وكان لهذه الأسرة شاب في الثامنة عشرة، كان أنجب أبناء الأسرة ،، أقبل ذات يوم باسماً فلاطف أمه وداعبها ، وقال: لم تصب المدينة اليوم بأكثر من عشرين إصابة وقد أخذت وطأة الوباء تخف، ولكنه شكى من بعض الغثيان ، كانت الدار هادئة مغرقة في النوم ، ولكن صيحة غريبة ملأت هذا الجوّ الهادئ، فهبّ القوم جمياً .. وكان مصدر الصوت الفتى .. إذن فقد أصيب الشاب ووجد الوباء طريقه إلى الدار .. جاء الطبيب ولكنه انصرف يائساً .. واضطرب الفتى قليلاً ومرت في جسمه رعدة تبعها سكون الموت.
** أما في هذه المرة فستذهب إلى القاهرة مع أخيك، وستصبح مجاوراً ، وستجتهد في طلب العلم وأنا أرجو ان أعيش حتى أرى أخاك قاضيا وأراك من علماء الأزهر، قد جلست إلى أحد أعمدته ومن حولك حلقة واسعة بعيدة المدى.. هذا ما قاله والد الصبي له قبل سفره إلى الأزهر. كان ذلك في خريف 1902. وقال الصبي: إنما انا في حاجة إلى العلم ، أريد أن أدرس الفقه والنحو والمنطق والتوحيد.
** إنك يا ابنتي لساذجة سليمة القلب طيبة ، أنت في التاسعة من عمرك، في هذه السن التي يعجب فيها الأطفال بآبائهم وأمهاتهم، ويتخذونهم مُثلاً عليا في الحياة. ألستِ ترين أن أباك خير الرجال ؟ ألست ترين أنه كان خير الأطفال ؟ لقد عرفته يا ابنتي في هذا الطور من اطوار حياته، ولو أني حدثتك ما كان عليه حينئذ لكذّبتِ كثيراً من ظنك. عرفته ينفق اليوم والأسبوع والشهر والسنة لا يأكل إلا لوناً واحداً ولا يغمس الخبز إلا في العسل الأسود!! فإن سألتني كيف انتهى إلى حيث هو الآن ؟ وكيف استطاع أن يثير في نفوس كثير من الناس ما يثير من حسد وحقد .. فلست أستطيع أن أجيبك وإنما هناك شخص آخر هو الذي يستطيع هذا الجواب، فسليه ينبئك.
أتعرفينه ؟ انظري إليه .. هو هذا الملَك القائم الذي يحنو على سريركِ إذا امسيتِ لتستقبلي الليل في هدوء.. ليس ديــْنُ أبيك لهذا الملَـــك بأقل من ديْنـــكِ .. فلتتعاونا يا ابنتي على أداء هذا الديْن.
//
او تكتبين عن حيـاتج ... وهذا اسمحيلي فيه ،، !! ماحصلته ):
تقدرين تكتبين عن احد الكُتاب : وهذا هو ..
كتاب الأيام لطـــه حســــين - سيرة ذاتية
كتاب الأيام تحفة من تحف طه حسين التي أثارت العواصف كما أثارها كتابه في الشعر الجاهلي، تحفة تظهر معجزته الخاصة التي قاوم بها العمى والجهل كما تظهر قدرته على مواجهة عواصف الحاضر الذي كان يعيشه. ولذلك كانت ( الأيام ) طرازاً فريداً من السيرة التي تستجلي بها الأنا حياتها في الماضي لتستقطر منها ما تقاوم به تحديات الحاضر، وهي مثال حيّ لقدرة الإنسان على صنع المعجزة التي تحرره من قيود الضرورة بحثاً عن أفق واعد من الحرية والتقدم والعلم والعدل.. وهذه هي القيم التي تجسدها الأيام.
فمن أيامــــه:
يذكر أنه كان يحب الخروج من الدار إذا غربت الشمس، فيعتمد على قصب هذا السياح مفكراً مغرقا في التفكير، حتى يرده إلى ما حوله صوت الشاعر وقد جلس على مسافة من شماله ، والتفّ حوله الناس وأخذ ينشدهم في نغمة عذبة أخبار أبي زيد الهلالي وخليفة ودياب ، وهم سكوتٌ إلا حين يستخفهم الطرب فيستعيدون ويتمارون.
كان يخاف أشدّ الخوف أشخاصاً يتمثلها قد وقفت على باب الحجرة فسدّته سداً ، وأخذت تأتي بحركات مختلفة أشبه بحركات المتصوفة في حلقات الذكر، وكان يعتقد أنه ليس له حصن من كل هذه الأشباح المخوفة والأصوات المنكرة ، إلا أن يلتفّ في لحافه من الرأس إلى القدم، دون أن يدع بينه وبين الهواء منفذاً أو ثغرة ، وكان واثقاً أنه إن ترك ثغرة في لحافه فلا بدّ من أن تمتدّ منها يد عفريتٍ إلى جسمه فتناله بالعمز والعبث.
كان من اول امره طُلَــعة لا يحفل بما يلقى من الأمر في سبيل أن يستكشف ما لا يعلم. وكان ذلك يكلفه كثيراً من الألم والعناء، ولكّن حادثة واحدة حدّت ميله إلى الاستطلاع وملأت قلبه حياءً . كان جالساً إلى العشاء بين إخوته وأبيه، وكانت أمه تشرف على حفلة الطعام، ترشد الخادم وترشد أخواته اللائي كنّ يشاركن الخادم في القيام بما يحتاج إليه الطاعمون، وقد خطر له أن يأخذ اللقمة بكلتا يديه بدل أن يأخذها بيد واحدة، ففعل ذلك ، فأما إخوته فأغرقوا في الضحك، وأما امه فأجهشت بالبكاء، وأما أبوه فقال: ما هكذا تؤخذ اللقمة يا بنيّ. من ذلك الوقت تقيدت حركاته بشيء من الرزانة والحياء لا حدّ له.
عرف الصبيّ أكثر أنواع اللعب دون أن يأخذ منها بحظ، وانصرافه هذا عن العبث حببَ غليه لوناً من ألوان اللهو، هو الاستماع إلى القصص والأحاديث ، فكان يحبّ أن يستمع إلى إنشاد الشاعر أو حديث الرجال إلى أبيه ، والنساء إلى أمه.. ومن هنا تعلّم حسن الاستماع.
ولكنه لا يعرف كيف حفظ القرآن .. ولا يذكر كيف بدأ ولا كيف أعاده .. ثم لا يذكر متى بدأ يسعى إلى الكُتـّـــاب ليرى نفسه في ضحى يوم جالساً على الأرض بين يديّ سيدنا ومن حوله طائفة من النعال المرقعة ، وكان سيدنا جالساً على دكــة من الخشب . كان منظر سيدنا عجباً في طريقه إلى الكتاب، صباحاً ومساءً ، كان ضخماً بادناً وكان يبسط ذراعيه على كتفي رفيقيه يضربون الأرض بأقدامهم ضرباً. وكم كان لسيدنا على الأسرة من حقوق! وحقوق سيدنا على الأسرة كانت تتمثل دائماً في الطعام والشراب والثياب والمال. فإذا ختم صاحبنا القرآن فهناك عشوة دسمة ثم جبـّة وقفطان وزوج من الأحذية وطربوش مغربي وطاقية وفوق هذا كله جنيه أحمر.
منذ هذا اليوم أصبح صبينا شيخاً وإن لم يتجاوز التاسعة لأنه حفظ القرآن، ومن حفظ القرآن فهم شيخ مهما تكن سنه. دعاه ابوه شيخاً ودعته امه شيخاً وتعوّد سيدنا أن يدعوه شيخاً أمام أبويه،وصبينا ينتظر أن تنتهي السنة ويأتي أخوه الأزهري من القاهرة ، حتى إذا انتهت الإجازة وعاد إلى القاهرة ، اصطحبه ليصبح شيخاً حقاً ، وليجاور في الأزهر.
كان عريف الصف يكره سيدنا لأنه إثــِـرٌ غشاش كذاب ، يخفي عليه بعض موارد الكُتّـاب ويستأثر بخير ما يحمل الصبيان معهم من طعام ، ويزدريه لأنه كان ضريراً يتكلف الإبصار ، وكان قبيح الصوت يتكلف حسن الصوت. وأما سيدنا فكان يكره العريف لأنه كان مكار داهية ، ولأنه يخفي عليه كثيراً مما ينبغي أن يعلمه ، ولأنه سارق ٌ يسرق ما يوضع بين يديهما من الطعام وقت الغداء، ويختلس أطايبه ، ولأنه يأتمر مع كبار الصبيان في الكُتــاب ويعبث معهم على غفلة منه. وكان صبينا يشتري صمت العريف بكلّ شيء، وكم دفع له ما كان يملأ جيبه من خبز أو فطير أو تمر وكم دفع إليه هذا القرش الذي كان يعطيه إياه أبوه ، خشية أن يشي به العريف إلى سيدنا ويخبره أنه وجد بعض السور متعتعة عن الصبيّ.
وكم كان الصبيّ فرحاً مختالاً حين غدا إلى الكُتاب يوم السبت وفي يده نسخة من ( الألفية ) لقد رفعته هذه النسخة درجات .. وكيف لا يبتهج وقد أحسّ منذ اليوم الأول أنه ارتفع درجات فأصبح سيدنا لا يستطيع أن يشرف على حفظه للألفية ولا أن يقرئه إياها، بل ضاق الكُتّـاب كله بالألفية وكُلف الصبيّ أن يذهب كل يوم إلى المحكمة الشرعية ليقرأ على القاضي ما يريد أن يحفظه من الألفية. كان للصبيّ أخ يختلف إلى المدارس المدنية فعاد من القاهرة ليقضي فصل الصيف ، واتفق أنه حضر الامتحان اليومي للصبي أمام والده، فسمع الشيخ يسأل: أي باب قرأت؟ فيجيب الصبي: باب العطف. فإذا طُلب إليه أن يعيد ما قرأ ، أعاد عليه باب العلم أو باب الصلة.. فقال له أخوه فيما بينهما: إنك تخدع اباك وتكذب عليه. ثم لما عاد اخوهما الأزهري وامتحن الصبيّ اكتشف جلية الأمر فأمر أخاه أن يقعد في البيت وأحفظه الألفية كلها في عشرة أيام.
لما عاد الفتى الأزهري إلى القرية شاع أنه سيلقي خطبة الجمعة ، وسمع الشيخ هذا الحديث ولم يقل شيئا. حتى إذا كان يوم الجمعة وامتلأ المسجد بالناس، وأقبل الفتى يريد أن يصعد المنبر، نهض الشيخ حتى انتهى إلى الإمام وقال في صوت سمعه الناس: إنّ هذا الشاب حديث السنّ وما ينبغي له أن يصعد المنبر ولا أن يخطب ولا أن يصلي بالناس.. فمن كان منكم حريصاً على الأّ تبطل صلاته فليتبعني. سمع الناس هذا فاضطربوا ، وكادت تقع بينهم الفتنـة ، لولا أن نهض الإمام فخطبهم وصلى بهم. فعل الشيخ هذا متأثراً بالحقد والموجدة على الشاب الأزهري. وغضب الوالد وراح يلعن هذا الرجل الذي أكل الحقد قلبه فحال بين ابنه وبين المنبر والصلاة.
وتحدث طه حسين في الأيام عن الشيوخ أهل الطرق.. ومنهم هذا الشيخ الذي كان في أول امره حمّارا ثم أصبح تاجراً واقتصرت حمره على نقل تجارته .. ومنهم هذا الشيخ الذي لم يكن يقرأ ولا يكتب ولا يحسن قراءة الفاتحة ، ولكنه كان شاذلياً من أصحاب الطريق ، وكان يجمع الناس إلى الذكر ويفتيهم في أمور دينهم. فلما سأله أحدهم عن تفسير قوله تعالى( وقد خلقكم أطوارا) قال الشيخ: خلقكم كالثيران لا تعقلون شيئاً . وفي تفسيره لقوله تعالى ( ومن الناس من يعبد الله على حرف) قال : أي على دكــة . وشيوخ الطريق كانوا كثيرين منبثين في أقطار الأرض وكانوا قد تقسموا الناس فيما بينهم فجعلوهم شيعاً ، يتسلطون على الأسر ، فإذا نُصب المجلس واجتمع الناس إلى حلقة الذكر .. ذكروا الله قاعدين ساكنين ثم تتحرك رؤوسهم وترتفع أصواتهم ثم تتحرك أنصافهم ثم تنبث في أجسادهم رعدة فإذا هم جميعاً وقوف قد دفعوا في الهواء ينشدون.
ومهما ينس الصبي فلن ينسى ليلة غلط فيها أحد المنشدين فوضع لفظا مكان لفظ من القصيدة ، وإذا بالشيخ قد ثار وفار وأرغى وأزبد وصاح: يا بني الكلاب .. لعن الله آباءكم وآباء آبائكم إلى يوم آدم.. أتريدون أن تخربوا بيت الرجل!
وكان أكثر الناس مقتاً للشيخ وسخطاً عليه أم الصبيّ، لأن الزيارة كانت ثقيلة على هذه الأسرة ، فقد كانت تستهلك القمح والسمن والعسل وما إلى ذلك.. ولكن كانت ام الصبي وأبوه يجدان لذة في أن يتحدثا إلى أبنائهما بأخبار الزيارة تفاخراً.
كانت لأهل الريف شيوخهم وشبانهم وصبيانهم ونسائهم عقلية خاصة فيها سذاجة وتصوّف وغفلة. وكان أكبر الأثر في تكوين هذه العقلية لأهل الطريق.
كان والد الصبي كثير الحاجات عند الله .. وكان يلتمس هذا كله عند الله بالصلاة والدعاء والاستخارة . وكانت للشيخ ابنة عمرها أربع سنوات ، كانت خفيفة الروح طلقة الوجه فصيحة اللسان عذبة القول .. وجاء العيد وأصبحت الطفلة في شيء من الفتور والهمود ، ولم يلتفت إليها أحد، والأطفال في القرى معرضون لهذا النوع من الإهمال، فأي طفل يشكو إنما هو يومٌ وليلة ثم يفيق. حتى إذا كان عصر اليوم الرابع وإذا بالطفلة تصيح صياحاً منكراً ، وإذا الأسرة كلها واجمة والأم تحدّق في ابنتها وتسقيها الواناً من الدواء لا تعرف ما هي، وتنظر الم إلى ابنتها فيخيل إليها أنها ستنام، وإذا الطفلة قد فارقت الحياة.
قضي على هذه الأم أن تلبس السواد إلى آخر أيامها، كان صيف 1902 منكراً وكان وباء الكوليرا قد هبط مصر، ففتك بأهلها فتكاً ذريعاً ، وكان لهذه الأسرة شاب في الثامنة عشرة، كان أنجب أبناء الأسرة ،، أقبل ذات يوم باسماً فلاطف أمه وداعبها ، وقال: لم تصب المدينة اليوم بأكثر من عشرين إصابة وقد أخذت وطأة الوباء تخف، ولكنه شكى من بعض الغثيان ، كانت الدار هادئة مغرقة في النوم ، ولكن صيحة غريبة ملأت هذا الجوّ الهادئ، فهبّ القوم جمياً .. وكان مصدر الصوت الفتى .. إذن فقد أصيب الشاب ووجد الوباء طريقه إلى الدار .. جاء الطبيب ولكنه انصرف يائساً .. واضطرب الفتى قليلاً ومرت في جسمه رعدة تبعها سكون الموت.
** أما في هذه المرة فستذهب إلى القاهرة مع أخيك، وستصبح مجاوراً ، وستجتهد في طلب العلم وأنا أرجو ان أعيش حتى أرى أخاك قاضيا وأراك من علماء الأزهر، قد جلست إلى أحد أعمدته ومن حولك حلقة واسعة بعيدة المدى.. هذا ما قاله والد الصبي له قبل سفره إلى الأزهر. كان ذلك في خريف 1902. وقال الصبي: إنما انا في حاجة إلى العلم ، أريد أن أدرس الفقه والنحو والمنطق والتوحيد.
** إنك يا ابنتي لساذجة سليمة القلب طيبة ، أنت في التاسعة من عمرك، في هذه السن التي يعجب فيها الأطفال بآبائهم وأمهاتهم، ويتخذونهم مُثلاً عليا في الحياة. ألستِ ترين أن أباك خير الرجال ؟ ألست ترين أنه كان خير الأطفال ؟ لقد عرفته يا ابنتي في هذا الطور من اطوار حياته، ولو أني حدثتك ما كان عليه حينئذ لكذّبتِ كثيراً من ظنك. عرفته ينفق اليوم والأسبوع والشهر والسنة لا يأكل إلا لوناً واحداً ولا يغمس الخبز إلا في العسل الأسود!! فإن سألتني كيف انتهى إلى حيث هو الآن ؟ وكيف استطاع أن يثير في نفوس كثير من الناس ما يثير من حسد وحقد .. فلست أستطيع أن أجيبك وإنما هناك شخص آخر هو الذي يستطيع هذا الجواب، فسليه ينبئك.
أتعرفينه ؟ انظري إليه .. هو هذا الملَك القائم الذي يحنو على سريركِ إذا امسيتِ لتستقبلي الليل في هدوء.. ليس ديــْنُ أبيك لهذا الملَـــك بأقل من ديْنـــكِ .. فلتتعاونا يا ابنتي على أداء هذا الديْن.
//
او تكتبين عن حيـاتج ... وهذا اسمحيلي فيه ،، !! ماحصلته ):
لو سمحتوا ابا تساعدوني في الخاطرة الي في صفحة 142
ايضا اريد حكاية شعبية من الامارات
السلآم عليكوآآ ,,
لو سمحتوآ بغيت بوربوينت درس أدوات الربط بين الجمل " الكتاب الثاني"
أتمنى آنكم تقدرون تخلصونه بآجر ,,>< لآن الابله تبآه الاحد ,,
تحيآتي لكم
السلام عليكم
لو سمحتو بغية حل كتاب اللغة العربية
من صفحة 137 ((درس الطريق إلى رأس التل)) إلى صفحة 185
دخيلكم لا تنسوني