يتبع ..


الأفرنجيّ ، وعلت مكانته عند الخديوي ، فأصبح مقصد ذوي الحاجات وشفيع من لا شفيع له عند الأمير . ولـمّا مات توفيق وولّي عباس ، صار شوقي شاعر المقرّب ، ونديم مجلسه ، ورفيق رحلاته .
نبذة من حياته :

كان أحمد شوقي ذكيًّا فطينًا منذ نعومة أظفاره، حتى اعترف بذلك معلّموه وأساتذته ، فيقول الشيخ أحمد زكي – وكان زميلاً لشوقي في مدرسة الحقوق – إن الشيخ البسيوني البباني من علماء الأزهر كان يدرّس لهم علوم البلاغة في كتابه حسن الصنيع في المعاني والبيان والبديع ، وكان متوفّرًا على نظم القصائد في الخديوي توفيق كلما أهلّ موسم أو أطلّ عيد ، فرأى في تلميذه شوقي بشائر العبقرية ، وبوادر المواهب الربّانية ، فعني الأستاذ بعرض قصائده على تلميذه قبل إزجائها إلى المعية السنية وإلى صحيفة الوقائع المصريّة وغيرها من الصحف . فكان شوقي ببساطة الناشئ يشير بمحو أو حذف أو تصحيح أو إثبات في القوافي ، أو في الأبيات والكلمات والشطرات . فما كان من الأستاذ إلاّ أن يقدر ما يشير به تلميذه، تحدّث الشيخ البسيوني عن هذا النابغ الباكر إلى أصحاب السلطة . فكانت هذه الشهادة الموثوقة الحافلة بالفرح والاغتباط من أعظم الأسباب ، التي جعلت الخديوي توفيق يهتّم بأمر شوقي .

كان شوقي أُشْرِبَ قلبه بالحماسة الإسلامية ، وامتلأ فؤاده بالحزن والكآبة تجاه الأمّة الإسلاميّة ، التي حفّته المصائب ، وكنّفته النكب ، وتوالت عليها الإحن . فكان قلبه ميّالاً إلى تأييد الخلافة العثمانية ، التي كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة من جرّاء معاناتها الحرب العالميّة الأولى . فجاهد شوقي بلسانه وقلمه ؛ ولكن الدهر قلب ظهر المجنّ للخلافة ، وقامت حكومة علمانية مشوبة بالتقاليد الغربيّة ، ومبتعدة عن الإسلام أقصى غايات البُعد، فنعاها وهو خيرناع ، ورثاها وهو خير راث وقال:

بعثــوا الخـلافة سيرة في النـــادي أين المبـــايع بـالإمــام ينـــادي

فهذه العواطف الحماسيّة ، والمشاعر المتدفّقة في القلب الواله تسبّب في إصدار الإنجليز أمرًا بنفي شوقي عن مصر ، البلد الذي شهد طفولته وكهولته، فاختار شوقي أن تكون إقامته منفيًّا في برشلونه إحدى مدن أسبانيا ، وذلك سنة 1914م . فارتحل هو أسرته إليها ليقضوا بين آثار الأجداد أربع سنين ونصف ، حتى إذا ما هدأ سعير الحرب العالميّة الأولى ، عاد شوقي إلى مصر .

إن شوقي هو الشاعر الوحيد الذي نال تبجيلاً وتكريمًا متزايدين من تلقاء الشعراء الأنداد ؛ حتى بايعوه ولقّبوه بأمير الشعراء . الأمر الذي لم يَحْظَ به أيّ شاعر من أقرانه ، فإن الناس يعترفون بمنزلة أحد بعد أن لا يبقى حتى يرى نفسه في المكانة المرموقة ؛ ولكن شعراء العرب كرّموا أحمد شوقي في مهرجان كبير، أقيم في القاهرة اعترافًا بعلوّ شأنه في المضمار الذي كان رائدًا وإمامًا فيه ، فبايعه الشعراء بالإمارة والسيادة في ميدان الشعر . كما ألقوا خطبًا وقصائد في مدح أمير الشعراء . كان منها قصيدة شاعر النيل حافظ إبراهيم التي مطلعها:

أميـر القـوافي قـد أتيت مبــايعـًا وهذى وفــود الشـرق قد بايعت معي

كما قال الشاعر محمود أبوالوفاء :

وخالد الشعـر سوف يبقـى مـــرايا تجتــلي في صفائهـــا الأشيـــاء

يا أميـــر البيان إنّ بيـــاني فيـك اعتنت عبــرتـــه الأضــــواء

آثار شوقي :

يبلغ عدد آثار شوقي أربعة عشر أثرًا . من أهمها الآثار الآتية :