البحث عن مدرسة خاصة مناسبة وبرسوم معقولة تتناسب مع دخل الأسرة أصبح معاناة أولياء الأمور مع قرب كل عام دراسي جديد .ومشوار البحث والمفاضلة الذي يأخذ الكثير من وقتهم يضعهم في احيان كثيرة أمام الأمر الواقع الذي لا مفر منه وسط اصرار بعض تلك المدارس على زيادة رسومها واستنزاف ميزانية الأسرة، برسوم إضافية أخرى متفرقة -بحسب أولياء الأمور- ويرى البعض من هؤلاء أن المزيد من الرقابة الجادة على تلك المدارس قد يخفف بعض الشيء من وطأة معاناة الأسر، ويعيد الأمور إلى نصابها، ولا بأس إن حصل مالك المدرسة على هامش ربح معقول شريطة تقديم مدرسته تعليماً جيداً يرتقي إلى مستوى الأسس والمعايير التي وضعها مجلس أبوظبي للتعليم .<o:p></o:p>

قال عدد من أولياء الأمور ل”الخليج” إن زيادة الرسوم الدراسية والرسوم الإضافية تثقل كاهلنا، والمدارس تستغلنا لأنه من الصعب علينا تغيير مدارس ابنائنا كل عام خاصة، وأن الزيادات غير معقولة ولا تتناسب مع مستوى الخدمة التربوية والتعليمية التي تقدمها بعض المدارس لطلبتها، مشيرين إلى أنها تضع المسألة التجارية وزيادة الأرباح في المرتبة الأولى، وانها تبالغ في رسومها الدراسية، ولا تلتزم بالقرارات التي فرضتها وزارة التربية والتعليم الخاصة بالنسب التي حددتها للزيادة، والتي ينبغي ألا تزيد عن 30% ولمدة ثلات سنوات، وان التزمت بعضها بهذه النسبة إلا أنها تتحايل في زيادة الرسوم بأساليب أخرى منها رفع خدمة المواصلات، والزي، والكتاب المدرسي بنسب تصل إلى 50%، وبعضها إلى ضعف المبلغ الذي فرضته في العام الماضي، مؤكدين أن مفهوم “البزنس” سيطر على التربية والتعليم، وأن أصحاب تلك المدارس تناسوا أنها مؤسسات تربوية وتعليمية قبل كل شيء .<o:p></o:p>

إشادة بخطوة<o:p></o:p>

وناشدوا الجهات المسؤولة عن التعليم بفتح ابواب المدارس الحكومية لتعليم أبنائهم وبرسوم مناسبة، مشيدين بالخطوة التي اقدم عليها مجلس أبوظبي للتعليم بتخصيص بعض المدارس الحكومية الشاغرة لتدريس أبناء مدارس الفلل التي اغلقت مدارسهم مؤخراً بدءاً من العام الدراسي المقبل، وطالبوا بضرورة تنظيم لقاءات موسعة مستمرة تحت إشراف جهة مكلفة من مجلس أبوظبي للتعليم للتواصل مع أولياء الأمور وتلمس همومهم ومتابعة قضايا التعليم الخاص لتوفير تعليم جيد للأبناء .<o:p></o:p>

وطالب أولياء الأمور بضرورة الانتباه إلى ما يحدث في المدارس الخاصة من زيادات سنوية مبالغ فيها على الرسوم الدراسية، مشيرين إلى أنهم يفاجأون مع نهاية كل عام بتلك الزيادة، بالإضافة إلى رسوم أخرى تفتعلها معظم المدارس الخاصة مثل الانشطة والزي المدرسي ورسوم امتحانات القبول للطالب التي تتراوح مابين 100-1000 درهم، والمواصلات التي تتصاعد رسومها سنوياً تحت حجج واهية، والرحلات المدرسية العلمية والترفيهية التي تصل إلى 200 درهم تفرضها المدرسة على الطالب الواحد، بينما لا تتكلف أكثر من 30 إلى 40 درهماً، بحسب أولياء الأمور . <o:p></o:p>

كما تتفنن بعض المدارس في تنفيذ بعض الفعاليات لسحب المزيد من الأموال من جيوب الاباء تحت مسميات عديدة منها أخذ الصور التذكارية للطلبة مع نهاية العام الدراسي والتي يدفع فيها الطالب الواحد نحو 100 درهم، فإذا كان الصف الواحد فيه 30 طالباً اخذت لهم صورة جماعية واحدة فهل ستكلف الصورة 3000 درهم؟<o:p></o:p>

ربحية بحتة<o:p></o:p>

يؤكد محمد علي خليل، موجه مجال أول ورئيس لجنة امتحانات في المدارس الخاصة -سابقاً- أن بعض المدارس الخاصة تعتبر مشاريع ربحية بحتة لا تحمل أي رسالة تربوية لذلك يجب على الوزارة تشديد الرقابة عليها وإلا فسد المجتمع ككل، مشيراً إلى أنها تبتز المدرسين وتأكل حقوقهم وتشغلهم لديها بربع الراتب الحكومي، كما أنها تبتز الطلبة في زيادة الرسوم ومجموعات التقوية وتحت مسميات أخرى للابتزاز مثل حفلات التخرج والرحلات والصور مع نهاية كل عام دراسي وغيرها، مشيراً إلى ضرورة تواصل الجهات المسؤولة على التربية والتعليم مع أولياء الأمور، حتى يشعرون أن هناك جهة تحميهم وتتلمس همومهم ومشاكلهم .<o:p></o:p>

تقول أم رحاب تاج السر إنها تفاجأت بالرسوم الخيالية التي تفرضها بعض رياض الأطفال الخاصة، حيث طلبت منها مديرة الروضة 30 ألف درهم رسوم الحاق ابنتها بمرحلة “الكيه جي”، مشيرة إلى أنها زارت ثلاث رياض اطفال ولم توفق في إيجاد الروضة المناسبة في السعر، وقالت إن الرسوم المطلوبة لمرحلة رياض الأطفال الثانية تتراوح ما بين 25-30 ألف درهم، لافتة إلى أنها لم تجد أي مقعد شاغر لابنتها في روضة تتناسب رسومها مع دخل الأسرة، وما تزال حتى اليوم تبحث عن الروضة المناسبة .<o:p></o:p>

وقال أبو أحمد الصاوي، إن بعض المدارس ترفع أسعارها بالرغم من عدم إضافتها لأي تحسينات لمبناها وأقسامها العلمية أو تجويد مناهجها، ولكن “للبرستيج” حتى يقال أنها مدرسة غالية وتعليمها بالتأكيد أفضل، مشيراً إلى أن مستوى أبنائه الثلاثة كان أفضل في المدارس الحكومية المسائية لأبناء الوافدين، وأن الجشع وارتفاع الأسعار بهذا الشكل البشع يعتبر تعذيباً للأهالي، خاصة الأسر التي لديها عدد كبير من الأولاد وجميعهم في مدارس خاصة .<o:p></o:p>

وتقول أم منى البلوشي إن ارتفاع الرسوم المدرسية زاد عن حده في بعض المدارس، ويرجع ذلك إلى عدم وجود رقابة على التعليم الخاص، مشيرة إلى أن السبب في رفع أسعار التدريس هو زيادة الاقبال على المدارس الخاصة وزيادة جشع بعض مالكي تلك المدارس، لافتة إلى أن الاباء والأمهات يفاجأون في كل عام دراسي جديد بزيادة الرسوم المدرسية ولكن السؤال هنا أين تذهب هذه الزيادة فالمباني والفصول الدراسية لا يتغير، ورواتب المعلمين لاتزيد، كما أن مصاريف الملابس والرحلات والحفلات كلها على ولي الأمر وليست من اصل الرسوم، فيما قالت سمر عبدالحفيظ -طبيبة- إن التعليم أساس نهوض وتطور وتقدم المجتمع واستثماره ينبغي ألا يهدف إلى الربح المادي فحسب بل المساهمة في النهضة التعليمية، لأنه قد يفقد مصداقيته وهذا ليس بالعموم، ولكنه مع الأسف هو الغالب .<o:p></o:p>

تشجيع التنافس<o:p></o:p>

وترى نجلاء الدهان موظفة، أن المدارس الخاصة مفتوحة لصالح أصحابها فقط وليست للعملية التعليمية وأن الحل هو عودة فتح المدارس الحكومية للمقيمين على أرض الدولة ومن يرغب في غير ذلك يذهب إلى المدارس الخاصة، حسب رغبته وإمكانياته المادية، حيث إن قبول ابناء الوافدين في المدارس الحكومية يشجع على التنافس ويرفع التقدير العام لنسبة النجاح، مشيرة إلى أن ذلك لن يضيف أي زيادة أو اعباء على الجهات الحكومية فالفصول موجودة ومعظمها فاضية أو قليلة العدد والكادر الاداري والتدريسي متوفر .<o:p></o:p>

مها عمر الميسري، أم مهند، تقول ليست كل المدارس الخاصة سيئة، فهناك المتميز منها، أما بالنسبة للرسوم فهناك المرتفع جداً والمتوسط والمناسب للدخل المادي للاسرة ولكن الرقابة مطلوبة، فالهدف الاسمى هو خلق جيل واع ومتعلم لمستقبل افضل .<o:p></o:p>

وأن غالبية المدارس تفتقر افتقاراً كلياً إلى المبدأ التربوي، حيث يسود العنصر المادي تماماً عند تعاملك مع إدارة المدرسة فإذا كنت تسكن على بعد 500 متر من المدرسة وظروفك لا تستطيع توصيل أولادك إلى المدرسة فتجد أن المدرسة تطلب منك 2500 درهم مقابل الذهاب والعودة، فكيف إذا كان الشخص يسكن في منطقة خارج أبوظبي ومدرسة ابنه داخل المدينة أو العكس صحيح؟<o:p></o:p>

وشكا أحمد عبدالمعطي من عدم تمكنه من ايجاد مدرسة خاصة بديلة مناسبة السعر لابنائه الثلاثة، حيث إن مدرستهم السابقة رفعت رسومها الدراسية إلى 20% وكذلك قيمة الزي المدرسي الذي تفرضه على ولي الأمر وبأسعار مكلفة ومبالغ فيها، حيث وصل قيمة الزي المدرسي والرياضي إلى 1000 درهم، بينما لا يتجاوز سعره في المجمعات التجارية 200 درهم، بالإضافة إلى رفع أسعار الكتب .<o:p></o:p>

وشكت ولية أمر الطالب أحمد عثمان من زيادة جشع ومتطلبات إدارات بعض المدارس الخاصة من أولياء الأمور، مشيرة إلى أن ابنها يعود يومياً من مدرسته محملاً برسالة تطلب فيها المدرسة ثمن قرطاسية أو مذكرة إضافية أو رحلة أو حفلة ولا تنتهي الطلبات حتى آخر يوم في العام الدراسي .<o:p></o:p>

شيء مقابل شيء<o:p></o:p>

ويرى عدنان عباس، مدير مدارس النهضة العلمية في أبوظبي، أن أي زيادة في الرسوم المدرسية يجب أن تنعكس على مستوى التعليم والخدمات التي تقدمها المدرسة لطلبتها مثل المبنى الرئيسي، وملحقات المدرسة، والمعلمين وكفاءتهم التربوية، ونظام التعليم بالمدرسة، إضافة إلى سعة المدرسة وكثافتها الطلابية والاعتراف الوزاري بها، معرباً عن أسفه للجوء عدد من المدارس الخاصة إلى تعيين معلمين ومعلمات ذوي مستويات تعليمية متواضعة، ويفتقرون إلى الخبرات العملية في مجال التدريس .<o:p></o:p>

ويؤيد عماد اسبل، مدير مدرسة الحديثة الخاصة الرأي السابق، حيث إنه من الضروري أن ينعكس رفع الرسوم على المستوى التعليمي والخدمي في المدرسة، مؤكداً على أن هناك مدارس خاصة تقوم برفع رسومها الدراسية لهدف ربحي لا غير من دون أي اضافات نوعية تذكر، مشيراً إلى أنه توجد ايضاً مدارس لم تطالب برفع الرسوم منذ عشر سنوات . <o:p></o:p>

ويضيف اسبل أن بعض المدارس بامكانها أخذ مبلغ رمزي من الطالب للرحلات المدرسية إلى خارج المدينة وهي قيمة المواصلات والغذاء، أما الرحلات إلى الحدائق أو أي مؤسسة مجتمعية التي تقع داخل المدينة فلا يتم أخذ أي رسوم مادية عليها، موضحاً أن الرسوم تتراوح بين 100-120 درهماً للرحلات الخارجية .<o:p></o:p>

الكتب الأجنبية<o:p></o:p>

ارتفعت الرسوم الدراسية في بعض المدارس الخاصة المتوسطة الجودة هذا العام إلى 12 ألف درهم بالنسبة للمرحلة الابتدائية (الأولى) فيما وصلت في مدارس أخرى إلى أكثر من 30 ألف درهم، وبخاصة الحضانات ورياض الأطفال الحديثة في مدينة أبوظبي وضواحيها والتي لا تتجاوز فترة افتتاحها (عامين) إلى 40 ألف درهم لمرحلة “الكيه جي”، وتراوحت رسوم هذا العام في بعض المدارس ما بين 25 40 ألف درهم، فيما التزم البعض منها بلائحة الزيادة التي فرضتها الوزارة مؤخراً .<o:p></o:p>

وأكدت ادلين حجازين، مديرة مدرسة الوردية الخاصة، عدم إضافة أي رسوم دراسية على أولياء الأمور هذا العام، باستثناء زيادة طرأت بنسبة 10% على أسعار الكتب الفرنسية والإنجليزية والعلوم والرياضيات والكمبيوتر للصفوف من الأول الابتدائي وحتى الثاني عشر، كونه يتم استيرادها من دول أجنبية، مشيرة إلى أن سعر الكتاب الفرنسي الواحد يصل إلى 200 درهم والانجليزي إلى 270 درهماً .<o:p></o:p>

تخوف<o:p></o:p>

تخوف عدد من أولياء الأمور في إمارة أبوظبي من ارتفاع الرسوم في المدارس الجديدة التي ستنشأ خلال الثلاث السنوات المقبلة، مشيرين إلى أن هذه المشكلة قادمة، ويرجع ذلك إلى الشروط والمتطلبات التي أكَّدها مجلس أبوظبي للتعليم لمنح التراخيص لبناء مدارس خاصة جديدة بمعايير ومواصفات عالمية، حيث إن تلك الشروط والمتطلبات مكلفة ولكي تستمر المدرسة في العطاء ستضطر لمضاعفة رسومها، فبالرغم من أن ذلك شيء جيد إلا أنه سيكلف أولياء الأمور أضعاف المبالغ الحالية .