معاهد تجبر طلاباً على شراء الأبحاث وتحرمهم إنجازها بأنفسهم من أجل الاستفادة العلمية. تصوير: جوزيف كابيلان

أبلغ طلاب في معاهد تدريبية «الإمارات اليوم» بأن إدارات معاهد تعليمية تبيع أبحاثاً علمية خاصة لهم، بدلاً من السماح للطلاب بالاعتماد على أنفسهم في إنجازها، إذ تجبرهم على شرائها بمبالغ تراوح بين 2000 و7000 درهم للبحث الواحد، معتبرين أن «هذه المبالغ رشى مقنّعة تحصل عليها المعاهد لبيع البحوث لهم» وفق تعبيرهم، فيما أكدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وهيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، مخالفة تلك السلوكيات للقوانين واللوائح المنظمة لعمل المعاهد التعليمية في الدولة، داعين الطلاب الدارسين وآباءهم إلى سرعة التوجه بشكاوى رسمية للجهات المعنية حال اكتشاف تلك الممارسات.
وتفصيلاً، قالت طالبة في معهد تدريب في دبي، تدعى منى الشحي، إن المعهد الذي تدرس فيه يزاول أنشطة غير مذكورة في الرخصة، إذ يمتلك في الأساس رخصة تدريس برامج حاسب آلي فقط، فيما يقدم برامج تعليمية أخرى إضافية، إضافة إلى اكتشافها أن الرخصة منتهية منذ أكثر من عام.
وأشارت إلى وجود طرق تعليمية ملتوية في المعهد، إذ فوجئت بأن لديها على سبيل المثال 10 مواد إضافية، وهي إحدى وسائل الضغط عليها وغيرها من الطلاب، لدفعهم إلى شراء البحوث العلمية المتوافرة لديهم، ما يعتبر رشوة مقنعة يدفعها الطالب في النهاية.
وأفاد طالب في معهد تدريبي، يدعى أحمد سالم، بأنه أبلغ الجهات المعنية عن بيع المعهد الذي يدرس فيه الأبحاث العلمية للطلاب، من دون أن يعطيهم الفرصة لإنجاز هذه الأبحاث من أجل الاستفادة العلمية، فتمت مخالفة المعهد فقط، ولم يُتخذ أي إجراء قانوني تجاه الأشخاص المسؤولين الذين يستخدمون مصالحهم الشخصية في تلك المعاهد للحصول على أموال ترواح بين 2000 و3000 درهم عن كل بحث.
وأكد الطالب المواطن يوسف أحمد، وجود سوق سوداء للأبحاث العلمية يلجأ إليها كثير من الطلبة العاجزين عن إنجاز البحوث التي تطلب منهم بأنفسهم، لاجتياز المراحل النهائية في الجامعة أو للحصول على درجات محددة على البحوث، ما يعد مبرراً كافياً للتستر على هذه الظاهرة وعدم الإبلاغ عنها.
وأضاف أن من ينجزون البحوث يكونون مجهولين للطلاب، كونهم من إدارة المعهد أومن الكادر التعليمي به، إذ يتم اختيار وسطاء من الطلبة المواطنين ليكونوا حلقة الوصل بين إدارة المعهد وطالبي البحوث، مخافة التعرض لأية إجراء قانوني حال اكتشاف أمرهم.
وذكر أن الطالب عادة ما يختار فكرة البحث فقط، ويطلب من الوسيط إنجازه له، وتختلف أسعار كل بحث على حسب الغرض المخصص له، بحيث تبدأ الأسعار من 2000 درهم لتصل إلى 7000 درهم في ما يتعلق بالأبحاث الخاصة بأصحاب الدراسات العليا، مشيراً إلى أن التوصل إلى القائم الحقيقي بالبحث يعد من الصعب اكتشافه إلا من خلال الوسيط المواطن.
واعتبر مدير عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، سعيد الحساني، أن بيع معاهد، سواء مرخصة من قبل وزارة التعليم العالي أو من وزارة التربية والتعليم، الأبحاث العلمية، مخالفة صريحة وواضحة للقوانين، واللوائح المنظمة لها، خصوصاً إذا كانت تلك الأبحاث تتعلق بالمواد والمناهج العلمية التي يدرسها الطلاب في هذا المعهد، لافتاً إلى أنه إذا سرق طالب بحثاً كاملاً من على الإنترنت، فهذا يعد خطأ يحاسب عليه، وكذا شراؤه بحثاً جاهزاً من قبل أي جهة أخرى، تحول دون إنجازه بنفسه لضمان تحقيق الرسالة التعليمية مغزاها وهدفها التدريبي للطلاب على القيام بتلك الأبحاث، داعياً الطلاب وآباءهم إلى سرعة التوجه بشكاوى رسمية للجهات المعنية حال اكتشاف تلك الممارسات.
ويرى رئيس التشريعات والضبط في هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، محمد أحمد درويش، أن تجارة الأبحاث العلمية في المعاهد أو أية جهة تعليمية أخرى، تعد عملاً غير قانوني كونه لا يدخل ضمن الأنشطة التعليمية المصرح بها في المعاهد أو المراكز التدريبية، مشيراً إلى أنه في حال ورود أي شكوى بهذا الشأن، فإنه يتم توجيه فريق الضبط للتحري حول الموضوع، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المعهد حسب اللوائح والقوانين.
وقال درويش، إن الهيئة خالفت أخيراً 90 معهداً في دبي، من أصل 172 معهداً تمت زيارتها، لتقديمها برامج جامعية، ومزاولة نشاطات غير مرخصة، مشيراً إلى أن الهيئة بصدد حصر المعاهد العاملة في دبي لإخضاعها لسلطتها، بما فيها معاهد المنطقة الحرة.
وأكد أن دور هذه المعاهد يقتصر على التدريب فقط، من خلال برامج محددة من شأنها رفع كفاءة الملتحقين بها في أي حقل من الحقول المهنية أو العلمية، الأمر الذي يعتبر مخالفة صريحة للقوانين المنظمة لعملها، مشيراً إلى استمرار الهيئة في زياراتها الرقابية بشكل مكثف حتى تقضي على مخالفات تلك المؤسسات.
وأكد أن «الهيئة بصدد وضع خطة للتأكد من التزام المعاهد والمدارس الخاصة في دبي بقوانينها، مشيراً إلى سعيها إلى تكثيف زياراتها الرقابية، بالتعاون مع إدارة الرقابة التجارية في دائرة التنمية الاقتصادية للتأكد من التزامها بشروط وضوابط الهيئة.
<table align="left" border="1" cellpadding="1" cellspacing="1" width="200"> <tbody> <tr> <td>
المسؤولية القانونية
قال مدير عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، سعيد الحساني، إن وزارة التعليم العالي لم تتلق شكاوى بهذه المخالفات حتى الآن من جانب طلاب، مشيراً إلى أن وجود تلك السلوكيات في المعاهد غير المرخصة مشكلة للطلاب أنفسهم إذا ما أسهموا في انتشارها باعتمادهم عليها، فيما تقع المسؤولية القانونية على المعاهد التدريبية التي حصلت على ترخيص من قبل إحدى الوزارتين؛ التعليم العالي والتربية، مشيراً إلى انه سيتم التحقيق في أي شكوى في حال تقديمها بشكل رسمي.
</td> </tr> </tbody> </table> وأوضح درويش أنه يصعب حتى الآن حصر المعاهد العاملة في دبي، وذلك لوقوعها تحت تصنيفات عدة، فبعضها كان مرخصاً من قبل وزارة التربية والتعليم سابقاً وبعدها آل إلى الهيئة ولم يجدد تراخيصه، وعدد آخر من المعاهد غير مرخص من قبل الهيئة أو وزارة التربية، ويزاول نشاطه من دون رخصة، مخالفا بذلك القوانين.
وأضاف أن هناك عدداً آخر من المعاهد يفوق الـ300 معهد، تعمل في المناطق الحرة في دبي، وتعمل الهيئة في الوقت الجاري بالتنسيق مع سلطة المنطقة الحرة من أجل إخضاع هذه المعاهد لسلطة الهيئة خلال فترة زمنية أقصاها شهران، مشيراً إلى أن «الهيئة تسعى لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن المعاهد غير المرخصة في دبي».
وفي ما يتعلق بإجراء المخالفة، قال درويش إن «عملية الرقابة تتم بالتعاون مع دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، بحيث تتخذ الهيئة إجراءات إدارية في حق المعاهد المخالفة تتمثل في تعليق الرخصة بالنسبة للمعاهد المرخصة المخالفة، أو إلغائها، وتتخذ دائرة التنمية الاقتصادية ما تراه مناسباً حيال تلك المعاهد.