يشكل الواقع التعليمي عبئاً على مواكبة الوتيرة المتسارعة للتنمية في الدولة على الرغم من توفير جميع الامكانيات للنهوض به، ونظراً لأهمية دوره في إعداد الكفاءات العلمية والمهنية رفيعة المستوى وتأهيل الكوادر الوطنية في عالم أضحت فيه الموارد المعرفية ذات أهمية كبرى في التنمية الشاملة، يحظى التعليم في الإمارات بأهمية بالغة من القيادة الرشيدة ويشكل أولوية في سلم الإستراتيجية الاتحادية . وتطوير التعليم يجب أن ينسجم مع التقدم الذي وصلت إليه الدولة لتتناسب معاييره مع الطفرات المتلاحقة والإنجازات المتواصلة التي تشهدها الإمارات في شتى مجالات الحياة، وفقاً لرؤية تتلخص في إيجاد منظومة تعليمية تتواءم مع أفضل المعايير<o:p></o:p>

التربوية العالمية، وتعد الطالب لحياة نافعة ومنتجة، وتنمي لديه القدرة على التعليم المستمر والتعامل مع معطيات عصر العولمة، وتسهم في تحقيق التنمية المستدامة في المجتمع . وانطلاقاً من أن التعليم هو مفتاح التطور والتقدم للشعوب، تفتح “الخليج” ملف التعليم وتسبر أغوار واقعه وما يعتريه من سلبيات تؤثر في تقدمه وتحد من تطويره، وتسلط الضوء على المعلمين والبيئة التعليمية والمناهج الدراسية والطلبة وأولياء الأمور، وتكشف الستار عن مدى تفاعل العلاقة بين هذه الأطراف وانعكاسها على الارتقاء بمخرجات التعليم وتحسين التحصيل الدراسي للطلبة الذين يعتبرون محور العملية التعليمية .<o:p></o:p>

فعاليات تربوية تطالب بإعادة النظر في وضعه<o:p></o:p>

المعلم “هيبة مفقودة” وكادر ناقصفي حاجة لاستكماله<o:p></o:p>

على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة ممثلة في القيادة السياسية والحكومة الرشيدة من اجل تحسين أحوال المعلمين في مختلف مدارس الدولة وخلق بيئة تعليمية وتربوية صحية من اجل قيام المعلم برسالته السامية، إلا أن المعلم ما زال في حاجة ماسة وكبيرة إلى الدعم الذي يمكنه من القيام برسالته ويجعله أكثر تحفزا للعمل والإبداع في هذا العمل، فالمعلم يحتاج إلى كادر آخر وجديد يضمن له حياة مريحة مثلما هو الحال مع باقي أفراد المجتمع الذين يتقاضون رواتب كبيرة كان من المفروض أن يكون المعلم أول هذه الفئات التي تشعر بنوع من الراحة حتى يتمكن من الإنتاج والعمل بكفاءة عالية . . وما دمنا نسير في خطى التنمية بخطوات واسعة ومدروسة وما دام هناك اهتمام رسمي وتوجيهات عليا من القيادة السياسية للدولة والحكومة . . فلماذا لا نعيد النظر بجدية تامة إلى وضع المعلم الذي لن ينصلح حال التعليم ولن نحقق القفزة التعليمية الهائلة التي حققتها دول سبقتنا في ذلك مثل اليابان وماليزيا إلا بإصلاح أحوال المعلمين أولاً وأخيراً؟<o:p></o:p>

تحقيق: السيد حسن<o:p></o:p>

هنا نتساءل إذا أردنا إصلاح التعليم في الإمارات واذا كانت هناك نية حقيقية لتطويره فلماذا لا نعدل كادر المعلم ليصبح دخله موازياً لدخل المعلم في اليابان والدول الأخرى المتقدمة ونحن دولة غنية حباها الله بكل الخيرات؟ وما احكمنا إذا استغللنا هذه الخيرات الوفيرة في تحسين البيئة المدرسية وأحوال المعلمين والتعليم الذي هو أساس كل تقدم ونهضة .<o:p></o:p>

ونتساءل لماذا لا نحدث ثورة تغيير شاملة في أذهان المجتمع المحلي فيما يخص مكانة وهيبة المعلم لاسيما ان المعلم في العالم المتقدم خاصة في اليابان يحتل مكانة رفيعة المستوى تجمع مكانة المعلم الحقيقية ومكانة القاضي والمفكر وكل شيء في المجتمع .<o:p></o:p>

وللأسف الشديد أصبحت هناك فئة كبيرة من المعلمين مهانة داخل المدارس بسبب التجاوزات غير الأخلاقية التي يقوم بها الطلاب داخل الفصول الدراسية وتنشر من حين لآخر دون أن نتحرك ونبحث في القضية ونعيد لهذا المعلم هيبته ووقاره واحترامه المفتقد في محرابه المحاط بالاهانات والسباب والشتائم والنظرة الدونية من قبل الطلاب لهذا المعلم باعتباره وافداً وليس من حقه معاقبة طلابه على خطأ ارتكبوه عنوة وان قام بذلك نصبت له المشانق .<o:p></o:p>

المعلم ثم المعلم<o:p></o:p>

بداية يقول جمعة خلفان الكندي مدير منطقة الفجيرة التعليمية نعترف بأن نظرة المجتمع الآن للمعلم تغيرت كثيرا عما كانت عليه في الماضي والمسؤولية هنا مشتركة وليست محصورة في المجتمع وحده أو المعلم نفسه أو الطالب أو ولي الأمر أو المدرسة .<o:p></o:p>

المسؤولية جماعية، فالكل ساهم في تجسيد هذه المشكلة بكلمة ما أو فعل ما أو تصرف ما تجاه المعلم أو سلوك غير تربوي، والكل هنا مسؤول في تدني مكانة المعلم في المجتمع وهذه حقيقة أنا شخصيا مؤمن بها، فما جدوى تعديل الكادر ومنح المعلم راتباً كبيراً يفوق جميع المهن الأخرى وهو مهان ومكانته في المجتمع سيئة وينظر لها بدونية؟ اعتقد أن الحل يأتي في إطار منظومة واحدة لا تتغير ولا تتجزأ أبدا هذه المنظومة أو الحزمة الواحدة تبدأ من المعلم نفسه .<o:p></o:p>

وفي هذا السياق تنظم حملات توعوية للمجتمع خارج نطاق المدرسة نعيد فيها المفاهيم الأولى والصحيحة للمعلم والتي شوهها الإعلام عن طريق أفلامه ومسلسلاته برسم صور مضحكة للمعلم وهزلية للمعلم وجميعنا يتسلى بها ويضحك للأسف الشديد لدرجة أن وصلت هذه الصور الكاريكاتورية إلى درجة التصديق ونتعامل معها على أنها حقيقة أو على الأصح الأجيال الجديدة التي لم تر المعلم في صورته الجادة والمحترمة والأصيلة .<o:p></o:p>

وأضاف جمعة الكندي مدير تعليمية الفجيرة قائلا على الرغم من تلك النظرة السابقة وقتامتها إلا أن هناك نوعيات من المعلمين وهم كثر ممن يعدون شرفاً لكل معلم لكونهم أصحاب شخصيات بارزة وهيبة ولكونهم أيضا من القامات التعليمية ذات القدرات المتميزة ولعل الحديث والطرح السابق سوف يدعم هؤلاء المعلمين ويثبتهم على نهجهم وطريقتهم وان كنا نناشد الوزارة بأن تستقر على منهج واحد وألا تغير المناهج بشكل مستمر حتى يحدث استقرار لذلك فأنا اقترح أن تكون هناك ضمن حلول الارتقاء بالتعليم في الدولة سياسة واضحة وخطة شاملة للتعليم بشرط أن تكون معلومة للجميع ومنشورة على موقع الوزارة وفي كل مكان وان تتناولها الصحف بالانتقادات المفيدة وان يراجعها الخبراء والهدف من الخطة التعليمية والسياسة التعليمية الواضحة والمعلنة والتي ترتضيها الدولة والحكومة والمجلس الوطني الاتحادي هو ألا يتم تغييرها لمجرد تغير مسؤول ومن ثم نعود أدراجنا ونبحث عن خطط أخرى مع كل مسؤول جديد وبالطبع أن تراعي الخطة الجديدة المعلم في المقام الأول .<o:p></o:p>

التنمية المهنية<o:p></o:p>

وقال صالح سليمان آل علي نائب مدير المنطقة اتفق مع الرأي السابق الذي طرحه المدير شكلا وموضوعا كما اتفق معه في أن ليس كل المعلمين في المنطقة والوزارة أكفاء كما أنه ليس كلهم أصحاب شخصيات خارقة، بمعنى من الممكن أن تجد معلما قويا جدا في مادته ولكن شخصيته أمام الطالب ضعيفة للغاية ويقوم ببعض التصرفات المشينة وعندما تم اختياره كان على أساس العلم وهو فيه بارع . . وأيضا من الممكن أن تجد معلما صاحب شخصية بارزة ولديه كريزما خاصة ويسيطر على الطلاب إما بشخصيته أو بأسلوبه الخاص المتميز، لكنه ليس قويا في العلم فأيهما نختار بالطبع الوزارة تتعاقد مع الاثنين لأن هناك حداً أدنى وأعلى للاختيار ومن هنا فقد قمنا في المنطقة بالفجيرة بإطلاق مشروع التنمية المهنية وهذا المشروع خاص بالمعلمين والمعلميات والمديرين والمديرات .<o:p></o:p>

ويهدف المشروع إلى تدريب المعلمين مهنيا وسد أي ثغرات موجودة لديهم لاسيما أننا نحتاج إلى نوعيات من المعلمين الذين يمتلكون مهارات مهنية جاذبة للطلاب وشخصية قيادية تستطيع السيطرة على هؤلاء الطلاب خاصة الفئة غير الملتزمة بالقوانين الإدارية ومع كل ذلك فإننا نهدف أيضا إلى خلق جو ثقة فعال بين الطالب والمعلم نريد أن يكون هناك نوع من الثقة والاحترام المتبادل بين الطرفين .<o:p></o:p>

الاتحادي والمحلي<o:p></o:p>

وقال سعيد الخطيبي نائب مدير منطقة الفجيرة للشؤون التربوية والتعليمية إذا أردنا إصلاح أحوال المعلم بشكل خاص والتعليم بشكل عام فعلينا أن نلغي كل ماهو محلي في التعليم وان تكون للسياسة التعليمية في الإمارات وجهة واحدة من دون مجالس للتعليم .<o:p></o:p>

وتساءل مع تقديرنا واحترامنا الكامل لكل الجهود المحلية المبذولة من اجل تطوير التعليم والارتقاء بخدماته ورسالته إلا أن الأمر لا بد أن يكون اتحاديا في المقام الأول وان يتمتع المعلم بكل الامتيازات التي تعطى لنظيره في المجالس التعليمية المحلية لأننا في نهاية الأمر نريد أن نقدم خدمة تعليمية راقية ومفيدة لأبناء الإمارات كل في إمارته من دون أي تمييز يذكر لهذا على ذاك .<o:p></o:p>

وأضاف بناء على ذلك أطالب بإلغاء جميع مجالس التعليم المحلية بكل إمارة وان يكون هناك مجلس أعلى للتعليم بالدولة وان تكون وزارة التربية والتعليم هى الجهة الوحيدة المنوطة بالتعليم وتطويره بالدولة مع المجلس الأعلى للتعليم . . وبهذا الشكل سيكون هناك اهتمام أكثر بالمعلم وسوف تختفي الفروق في الدخول بين المعلمين في المدارس الاتحادية والأخرى المحلية واعتقد أنها سترتفع ليصل السقف عند رواتب المدارس التابعة لمجالس التعليم المحلية .<o:p></o:p>

وقال سعيد سعيد المرشدي رئيس قسم الشؤون المالية بالمنطقة التعليمية بالفجيرة نعم هناك مشكلة بالنسبة لكادر المعلم الذي يتقاضى راتباً بسيطاً لا يتماشى مع الحياة وغلو الحياة فيها وأنا شخصيا من اشد الناس المقتنعين بأن المعلم إذا لم يكن مستريحا في حياته ومعيشته فإن إنتاجه يقل وإبداعه يتوارى ويموت .<o:p></o:p>

وعلى الوزارة أن تهتم بتلك القضية المهمة والخطيرة للغاية حتى يستطيع المسؤول أن يحاسب كل معلم بعد ذلك إذا ضبط وهو يعطي دروسا خصوصية أو إذا صدرت التقارير تفيد بأنه متقاعس في عمله ولا يعطي عمله حقه، علينا أن نعطي المعلم حقه ومن ثم نحاسبه إذا أردنا أن نطور تعليمنا وان يكون لخريجينا شأن كبير في المستقبل .<o:p></o:p>

الكادر ونصاب الحصص<o:p></o:p>

تقول نورة عبد الله الحمادي (مديرة مدرسة أم المؤمنين للتعليم الثانوي): أبرز مشكلات المعلم هي الكادر أولا ثم نصاب الحصص واليوم الدراسي الطويل داخل المدرسة كما أن الطالب يأتي أولا محملا من المنزل بموروثات لأسرة بالإضافة إلى بعض المكتسبات الأخرى من المجتمع وكل ما يصدر عن الطالب داخل المدرسة مبعثها الأسرة والمجتمع الخارجي ومن ابرز هذه المشكلات الاستهتار وعدم الالتزام بالقوانين الإدارية والتربوية وعدم احترام المعلم مع وجود نوع من العنف لديه والضعف الدراسي الذي يسهم في وجوده الإهمال الأسري وهؤلاء الطلاب من هذه النوعية ينقصهم الوازع الديني .<o:p></o:p>

وأضافت نورة عبد الله الحمادي اعتقد أن المعلم ليس سبب الضعف الدراسي لدى الطلاب وانما سبب ضعف التحصيل الدراسي لدى الطلاب عوامل عديدة مسؤولة عنها الأسرة والمدرسة والمجتمع ووسائل الإعلام، فالطالب يرى عالما آخر في التقنية والنت بينما يكون مقيدا في الفصل الدراسي بين أربع جدران فما زالت بيئة المدارس فقيرة وغير جاذبة فالإدارة تسعى بكل جهودها لترقى بالبيئة التعليمية ولكن من دون جدوى .<o:p></o:p>

وتقول موزة خاتم الكعبي (معلمة اللغة العربية بمدرسة أم المؤمنين للتعليم الثانوي بالفجيرة) اشعر بأن كل من يعمل في المجتمع المدرسي يأمل أن يلقى مساعدة من المعلم بالإضافة إلى العبء الكبير الذي يقوم به داخل المدرسة نجده مثقلا بالكثير من الأعباء الإدارية الأخرى التي تزيد من همه وحمله، كما أن طول اليوم الدراسي أصبح عقبة كبيرة فأحيانا نلاحظ أن الطالبات بعد الساعة الثانية ظهرا لا يريدن الاستيعاب مهما بذلنا من جهد .<o:p></o:p>

وبالطبع نعلم جميعا مع وجود بعض من ضعفاء النفوس من المعلمين الذين لا يشرحون داخل الفصل ومن ثم فإنهم يريدون إعطاء دروس خصوصية وقد يكون السبب الدافع إلى ذلك ضعف الرواتب مقارنة بغلاء المعيشة . .<o:p></o:p>

وفيما يخص هيبة المعلم قالت موزة الكعبي لا نستطيع أن نقول إن المعلم أو المعلمة فقد هيبته أمام الطلاب فهناك معلمون أذكياء وأقوياء في المنهج والشخصية ولايمكن أن يكونوا ضعفاء أمام الطلاب وهؤلاء يسارعون إلى حل مشكلاتهم مع الطلاب بسرعة وتسود روح المحبة والثقة بين الطرفين وهذا مهم جدا وهنا أناشد طرفي العملية التعليمية المعلم والإدارة ببذل الجهد والتعاون من اجل الوصول إلى مستوى ممتاز للمعلم نفسه .<o:p></o:p>

وتقول مريم الشرقي (معلمة لغة عربية بالفجيرة) أتفق تماما مع الرأي السابق فيما يخص الأعباء الملقاة على المعلم بالإضافة إلى مهنته الأساسية وهذا بالطبع يرهق المعلم تماما في وقت هو في حاجة إلى التركيز التام . . واعتقد أن السبب الرئيسي الذي يدفع المعلم . لإعطاء دروس خصوصية هو ضعف الراتب الذي أصبح مع غلاء المعيشة لا يسمن ولا يغني من جوع ومطلوب إعادة النظر في هذه المسألة بما يضمن استقرار المعلم وراحته . . وخلق بيئة جاذبة للمعلم أمر ضروري ومهم .<o:p></o:p>

وقالت صنعاء سالم علي (معلمة جغرافيا بالفجيرة) هناك عقبات ومشكلات يواجهها المعلم في البيئة المدرسية، أهمها طول اليوم الدراسي وهذا النظام من المفترض أن تكون نتيجته ارتفاع مستوى الطلاب ودرجاتهم إلا أن الأمر عكس ذلك، فهناك غياب وتدن للمستوى يستوجبان أن تكون هناك وقفة وإعادة نظر، وتساءلت ماذا ننتظر من طالب صغير السن يعود إلى بيته الساعة الرابعة عصرا وقد خرج الساعة السابعة وأحيانا قد يعود بعد الساعة السادسة والنصف، إذا كانت منطقة بعيدة؟ وهناك تغيرات كبيرة طرأت على الطلاب حيث سادت مفاهيم اللامبالاة وعدم الاكتراث ومن ثم عدم الإحساس بالمسؤولية وهذا بالطبع انعكس على نظرته للمعلم حيث يراه بأنه مجرد موظف يقوم بعمله ويتقاضى عليه راتباً ليس إلا .<o:p></o:p>

وانأ اعتقد بأن الدولة لم تقصر في أمر المعلم الذي نظمت له الدورات المتخصصة ووفرت له البيئة المناسبة لكي يقدم رسالته .<o:p></o:p>

وتقول علياء الحفيتي مدرسة جيولوجيا - بالفجيرة) لاشك أن مهنة التعليم مثل باقي المهن الموجودة في المجتمع، فالمعلم مثل غيره يعاني من العديد من المشكلات التي تقف عائقا أمام نظرته ورسالته التعليمية وتكبل طموحاته الراقية في تقديم مهنته بالشكل الأمثل أهم هذه المشكلات طول اليوم الدراسي وارتفاع نصاب الحصص وتشعب بعض الشعب التي يدرسها في الفصل وكثرة غياب الطلبة لا سيما أثناء الامتحانات للأسف الشديد .<o:p></o:p>

وأضافت أنها ليست مع الرأي الذي يقول إن المعلم فقد هيبته ولكن هي موجودة بقوة وبحسب المعلم نفسه الذي يحتاج إلى المزيد من الدورات المتخصصة في المادة التي يدرسها وغيرها من الأمور الأخرى التي تسهم في صقل وفرض شخصيته داخل وخارج الفصل الدراسي .<o:p></o:p>

اللواء المطروشي: طالبنا المجلس الوطني بتعديل أوضاع المعلمين<o:p></o:p>

أكد اللواء علي ماجد المطروشي عضو المجلس الوطني أن المجلس طالب في أكثر من جلسة له بتغيير وتحسين أوضاع المعلمين التي وصفها بغير المنصفة ولا تلبي احتياجاتهم أو تتناسب مع حجم جهودهم وعطاءاتهم .<o:p></o:p>

ودعا الجهات العليا إلى إعادة النظر الفوري في أحوال الهيئة التدريسية، والعمل من أجل تصويب أحوالها ورفع رواتبها وتنشيط سلم ترقياتها، مؤكداً أن إصلاح التعليم يبدأ من عند المعلم .<o:p></o:p>

وقال “لا بد أن نرتقي ونهتم بالمعلم أكثر من الآن، لأنه عنصر أساسي في العملية التعليمية ، وقد ناقشنا أوضاع المعلمين في المجلس أكثر من مرة، وطالبنا بزيادة رواتبهم وتحسين مكافآتهم ودرجاتهم الوظيفية، وقلنا إن أوضاعهم الآن لا تبشر بموسم حصاد تعليمي وفير، طالما بقيت رواتبهم هزيلة وترقياتهم متوقفة، وقد حصلنا على وعود، لكنها بقيت أدراج الرياح” .<o:p></o:p>

وأضاف “لا يوجد حافز مادي يكافئ جهود المعلم ويرتقي بمستوى مسؤولياته الملقاة على عاتقه، وإذا ما بقيت الأمور كذلك، فلا ننتظر التغيير الإيجابي لأنه لا يمكن أن نطور كل عناصر العملية التعليمية ونقفز عن تطوير الكادري التدريسي” .<o:p></o:p>

كما انتقد إحالة وزارة التربية والتعليم تقييم المدارس والمعلمين والمناهج إلى جهات أجنبية لا تعرف شيئاً عن البيئة والظروف التعليمية في الدولة، بينما نمتلك كفاءات علمية مواطنة من ذوي الشهادات العلمية العالية .<o:p></o:p>

طالبوا برفع الرواتب وإعادة النظر في سلم الترقيات<o:p></o:p>

تربويون: إصلاح التعليم مرهون بإنصاف المعلم<o:p></o:p>

أجمع تربويون على أن إصلاح العملية التعليمية برمتها يبدأ من إصلاح وتحسين وضع المعلم بصفته حجر الزاوية في بناء أي نظام تعليمي متين، متسائلين: “ماذا قدمنا للمعلم كي يعطي ونحاسبه على هذا العطاء، مشددين على أن مركب التعليم سيبقى معطلاً طالما بقي المعلم على هذه الحالة التي يفتقر فيها إلى الاهتمام والتقدير وزيادة الراتب، وما لم توفر له الدولة الحوافز والامتيازات والترقيات التي تزوده بوقود العطاء والإبداع ويقدم رسالته على خير وجه .<o:p></o:p>

تحقيق: رامي عايش<o:p></o:p>

اتفق التربويون على أن شريحة المعلمين من أكثر الشرائح المظلومة في المجتمع، إذا ما قورنت بقطاعات ووظائف أخرى، وإذا ما قورنت كذلك بمستوى عطائها ومسؤولياتها، مؤكدين أن عدم الاهتمام بأولويات واحتياجات المعلمين يدفع بنسبة منهم إلى إعطاء الدرورس الخصوصية، التي وصفها البعض بأنها انتهاك لأخلاق المهنة وكسب غير مشروع .<o:p></o:p>

يأتي ذلك في وقت طالبوا الوزارة فيه بإعادة النظر في المعايير الجديدة لتعيين المدرسين الجدد، وعدم التغيير المستمر للمناهج والاختبارات، والاحتكام إلى الخبرات الوطنية في تقييم عناصر العملية التعليمية بدل استيرادها من الخارج .<o:p></o:p>

قال عبيد المطروشي مدير منطقة عجمان التعليمية “المعلم هو أساس العملية التعليمية وأهم عنصر من عناصرها، وإذا صلح صلحت، وإذا فسد فسدت، وما نراه اليوم هو أن الاهتمام بالمعلم ضعيف، وآخر ما يتم الالتفات إليه، بل إن الاعتناء بالمنهج والمخرجات التعليمية والأبنية المدرسية بات حظه أكبر من حظ المعلم الذي يعتبر غرفة الاحتراق في أي مركب للعلم، وإذا ما أردنا أن نطور التعليم وننهض به إلى الأمام فلا بد من أن نبدأ بإصلاح وتطوير المعلم” .<o:p></o:p>

وتساءل المطروشي مستغرباً: “ماذا هيأنا للمعلم كي يعطي؟ وماذا عملنا لتحسين راتبه حتى يتخلى ويكف عن الدروس الخصوصية ويبدع في عمله؟ إذا ما قارنا وضع المعلم بأوضاع موظفين آخرين في قطاعات أخرى في الدولة، فإن المعلم مظلوم وحقه غائب، وأنا قبل أن أصبح مدير منطقة تعليمية، كنت مدير مدرسة، وقبل ذلك كنت معلماً وأعي ماذا أقصد بضرورة الاهتمام بالمعلم، وكيف يؤثر ضعف الراتب والبقاء على الدرجة نفسها الوظيفية بالنسبة للمعلم” .<o:p></o:p>

ودعا إلى ضرورة إعادة النظر بأوضاع المعلمين في أسرع وقت ممكن، حتى لا يصبح التعليم وظيفة ومصدر رزق فقط، بينما هو رسالة يحملها المعلم ليبلغها إلى الأجيال من دون التفات للعائد المادي . وأضاف “لا يعقل أن تبقى شريحة كبيرة من المعلمين تدور في مدار درجتها الوظيفية نفسها من دون أن تتم ترقيتها، فهذا يجعل المعلم محبطاً وغير مكترث إلى التغيير والتطوير والإبداع، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في مسألة الترقيات لتضحي بارقة أمل للمعلمين نحو التقدم والإنتاج” .<o:p></o:p>

وفي ما يتعلق بقلة نسبة المعلمين المواطنين من الذكور وهجرانهم لمهنة التدريس أوضح أن منطقة عجمان التعليمية لم تتلق أي طلب توظيف منهم منذ خمس سنوات، عازياً ذلك إلى فقر امتيازات التعليم حتى أضحت البيئة التعليمية طاردة لهم، في الوقت الذي تتوفر فيه ظروف عمل جاذبة في قطاعات حكومية وخاصة أفضل حالاً . وبيّن أن نسبة المواطنين الذكور العاملين في الميدان التربوي في مدارس عجمان لا تتعدى الخمسة في المائة، مقابل 95% للمعلمات المواطنات، في حين وصلت نسبة مديرات المدارس من المواطنات إلى 100 % .<o:p></o:p>

وبشأن الدروس الخصوصية التي يلجأ إليها بعض المعلمين خارج فصول المدرسة، أكد أن هذا الأمر يشترك في تسمينه المعلم والطالب وولي الأمر والمنهاج .<o:p></o:p>

وقال “شئنا أم أبينا فالدروس الخصوصية موجودة ويصعب القضاء عليها بالكامل، لأن الدافع لها ليس المعلم وحده فقط، بل الطالب وولي أمره والمنهاج، ومن هنا إذا أردنا أن نحد من هذه الدروس لا بد من البحث عن أسبابها ونبدأ بمعالجتها ابتداء بالمعلم وانتهاء بالمنهج، كما نحتاج للإجابة عن التساؤلات التالية: هل المعلم يؤدي واجبه في الحصة الدراسية على أكمل وجه؟ هل المنهج سهل ومناسب إلى حد يغني عن الحصص والدروس الخصوصية؟ لماذا يلجأ ولي الأمر إلى تخصيص مدرس لابنه ؟ لماذا يلجأ المدرس لإعطاء الدروس الخصوصية؟” .<o:p></o:p>

وأضاف :”هناك بعض النفوس الدخيلة على التربية والتعليم التي تتاجر بالدروس الخصوصية على حساب أدائها وواجبها في المدرسة، لكن هذه الدروس قد تكون مفيدة في بعض الأحيان، حالما تتم بموافقة وإشراف المنطقة التعليمية، وفي حال اعطيت بشكل منظم لا يجعل المعلم يتقاعس عن واجبه خلال الدرس، ولا يدفعه إلى الطمع وجمع الفلوس على حساب واجبه المهني، إذ ثمة طلبة ضعاف في التحصيل المدرسي ولا يسمح لهم المنهاج أو وقت الحصة للفهم الجيد، فيلجأون إلى الدروس الخصوصية، وهذا ليس عيباً إذا كان الأمر يتطلب ذلك من دون استغلال من المعلم” .<o:p></o:p>

ويرى المطروشي أن البيئة المدرسية التي يعمل فيها المدرسون جيدة سواء من حيث المدرسة أو الفصل، وأن هناك وفرة في الإمكانات والمخرجات التعليمية باستثناء المدرس نفسه .<o:p></o:p>

وتساءل “طالما هيأنا المدارس والفصول والأجهزة والمختبرات فلماذا لا نهيئ المدرس؟ أنا برأيي أن نعطي المعلم ونكرمه ونوفر له الظروف المشجعة على الإبداع ثم نحاسبه، لكن العكس فيه اجحاف وظلم وبعد عن تشخيص مرض التعليم” .<o:p></o:p>

ويؤكد مدير منطقة عجمان التعليمية أنه بالرغم من أن المعلم مظلوم ويتعرض لتقصير، إلا أنه لم يفقد هيبته واحترامه وفرض كلمته أمام أبنائه الطلبة، على عكس ما يشاع من أن المعلم لم تعد له تلك الهيبة قائلاً: “المعلم مازال ذا هيبة ووقار، ومسألة الاحترام هي مسألة متبادلة بين المعلم والطالب، لكن قد نجد معلمين ضعاف الشخصية لأنهم لا يملكون الثقة بالنفس، وليست لديهم القدرة على فرض شخصياتهم” .<o:p></o:p>

انتقادات<o:p></o:p>

وحينما طلبنا من المدرس محمود عبيد تشخيصاً لأسباب تراجع أداء وعطاء المعلم بصفته أحد أبناء المهنة والميدان، أجابنا بأسئلة قال فيها “كيف للمعلم أن يبدع وينتج وهو بعيد عن أسرته التي تسكن في بلده الأصلي؟ وكيف له أن يوفر الأجواء المناسبة للإعداد الجيد للدروس وهو يسكن مع عزاب؟ وكيف سيشعر بالراحة النفسية والإقبال على التدريس في ظل ضعف راتبه الذي لا يمكّنه من فتح بيت مستقل مع أسرته، بل بالكاد يفي باحتياجاته الشخصية واحتياجات أسرته البعيدة؟ .<o:p></o:p>

وانتقد عدم اهتمام المنطقة التعليمية لملاحظات وشكاوى المدرسين في بعض الأحيان، وتأخرها في إرسال التعميمات إلى المدارس، لا سيما المتعلقة بنظام التقويم وكيفية الأسئلة وحصصها من الدرجات .<o:p></o:p>

وقال: “وصلنا تعميم عن نظام التقويم الجديد بعد شهرين من بداية الفصل مع أننا قريبون جداً من وقت التقويمات، الأمر الذي جعلني أتوقف عن التدريس لأتفرغ لإعداد وتصليح الأسئلة، ليس هذا فحسب بل إننا مطالبون بإجراء 20 تقويماً كل ربع فصل، وهذا صعب علينا لضيق الوقت والجهد المطلوب” .<o:p></o:p>

أما الوزارة، فأخذ عليها طريقة تعاملها مع المعلمين من خلال عدم التنسيق بين إداراتها التي وصفها بأن كل واحدة منها تريد أن تنجز مهماتها على حساب وقت وجهد المعلم .<o:p></o:p>

وضرب مثلاً على ذلك بالقول “لايوجد تنسيق بين إدارات الوزارة وكل إدارة تريد أن تثبت للوزير أنها تقوم بواجبها حتى لو كان ذلك على حساب المعلم، وخير مثال على ذلك إدارة التطوير والتنمية المهنية التي تضع جدولاً للدورات التدريبية، يتضارب مع جدول الامتحانات، وتتسبب بإرباك العملية التعليمية وغياب بعض المعلمين عن الفصول والحصص لمشاركتهم في تلك الدورات” .<o:p></o:p>

كما تطرق إلى الخطأ الذي ترتكبه الوزارة حينما تستورد مناهج وطرق تدريس من خارج الدولة وتطبقها على المدارس من دون تهيئة الظروف والخطط، في ظل الكثافة الطلابية داخل الفصل وعدم تحضر المختبرات القادرة على استيعاب هذه الكثافة .<o:p></o:p>

وبشأن رأيه عن فقدان بعض المعلمين هيبتهم أمام الطلبة، فرأى أن هذا الأمر يعتمد على المدرس والمدرسة التي يعمل فيها، قائلاً “المعلم يستمد قوته من شخصيته ومن مدرسته، فإذا كانت لدى المعلم ثقة بالنفس وقوة شخصية، فإنه يفرض شخصيته وهيبته على الطلاب، لكن في بعض الأحيان تجد المدرسة منحازة إلى الطالب، وتحمل المعلم المسؤولية في حال حدوث أي مناوشة أو خلاف مع الطلاب، الأمر الذي يجعل من ذلك مصدر قوة للطالب، ويظهر المعلم بمظهر الضعيف غير المسيطر على النظام والهدوء داخل الفصل” .<o:p></o:p>

وأكد عبيد أن البيئة المدرسية جيدة وحديثة، لكن أعباء المعلم كبيرة من حيث عدد الحصص الأسبوعية وكثافة الطلبة داخل الفصل مطالباً الوزارة بتقليل نصابها .<o:p></o:p>

أما بخصوص طرق تعيين المدرسين الجدد، فأكد أنها لا تحتكم إلى المهنية والدقة في الاختيار، عازياً ذلك إلى أن الوزارة تبقى تؤجل التعيين إلى بداية العام الدراسي، الأمر الذي يضطرها إلى اختيار مدرسين غير أكفاء لحاجتها لهم .<o:p></o:p>

ضغوط مستمرة<o:p></o:p>

وأشارت د . علياء إبراهيم متخصصة في الاستشارات التربوية إلى أن المعلم يتعرض لضغوط نتيجة تغيير المناهج ونظم الاختبارات، في الوقت الذي يفتقد فيه الفرصة الكافية لاستيعاب هذا التغيير، وكذا خضوعه لوطأة إنهاء المنهج في فترة محددة في ظل الإجازات والمفاجآت طوال العام، وإجراء الاختبارات المتتالية من دون إعارة انتباه لعنصر الجودة .<o:p></o:p>

وقالت إن الظروف الاقتصادية للمعلم تعد أهم المشكلات التي يواجهها وتبخس حقه، وتدفعه إلى طريق الدروس الخصوصية التي أحدثت خللاً في العملية التعليمية وضياع هيبة المعلم كما أوضحت .<o:p></o:p>

وأضافت “يواجه المعلم الوافد مشكلات بسبب جهله بالمرجعية الثقافية للدولة وتعامله مع جنسيات وثقافات متعددة من فئة الطلاب والمعلمين والخبراء وإدارة المدرسة .<o:p></o:p>

وأكدت أن أهم المشكلات التي يجب النظر إليها بعين الاعتبار هي البيئة التعليمية التي يعمل فيها المعلم، وأن الفجوة الواقعة بين المعلم والطالب وبين المعلم وأولياء الأمور وبين المعلمين وإدارة المدرسة جعلت منها بيئة غير متعاونة، خاصة في ظل تدريس بعض المناهج الأجنبية البعيدة كل البعد عن واقع المناخ الثقافي للبيئة المحلية، وفي ظل الاستعانة بخبراء أجانب مع اهمال الاستعانة بالكوادر الوطنية من المعلمين ذوي الخبرة .<o:p></o:p>

وقالت “لا شك أن وجود العديد من المعلمين غير المؤهلين تربوياً أسهم في وجود مشكلات سلوكية ونفسية لدى الطلاب، سواء في المراحل الدنيا أو المتوسطة، وبالتالي أصبح هناك حكم عام عن سوء أداء المعلم بوجه عام، فضاعت في ظل هذا التعميم عناصر مبدعة من المعلمين والمعلمات وسط وجود هذه الفئة غير المؤهلة، وانعدمت نتيجة لذلك الثقة بين الطالب والمعلم وبين المعلم وأولياء الأمور .<o:p></o:p>

الدكتورة علياء لها رأي آخر حول ديمومة هيبة المعلم، لافتة إلى أنها تراجعت لعدة عوامل، حيث قالت “لا شك أن هيبة المعلم تراجعت في عصرنا هذا لعدة عوامل ترتبط بعدم تطوير المعلم لمهاراته، وعدم إدراكه لعظمة هذه المهمة الموكلة إليه في تربية وتعليم النشء، فصدرت بعض الأمور غير اللائقة من فئة غير مسؤولة، أساءت إلى الجميع، بالإضافة إلى أن المدرسة في بعض الأحيان ساهمت في تراجع هذه الهيبة في ظل وجود مدارس تسعى فقط للكسب المادي من دون النظر لكرامة المعلم، فأصبحت بعض المدارس تسعى لإرضاء الطالب وأسرته على حساب المعلم .<o:p></o:p>

كما عبّرت عن قلقها إزاء البيئة التعليمية التي يعمل فيها المعلم، ووصفتها بالفقيرة إلى الإبداع والتجديد، مؤكدة أن هذه البيئة لم تعد جاذبة للطالب، بسبب إصرار النسبة الكبرى من المعلمين على تقليدية ونمطية الأداء في ظل عصر الثورة المعلوماتية ووسائل التكنولوجيا ، وقالت إن هناك تراجعاً في الأساليب الإبداعية تنم عن تطوير مهارات المعلم .<o:p></o:p>

وأكدت أن مستوى المعلم في المدارس الحكومية يختلف عن المدارس الخاصة، كما يختلف عن أداء المعلم في المدارس العالمية (البريطانية والأمريكية) .<o:p></o:p>

وقالت: “هناك عوامل كثيرة تتحكم في ذلك، فوجود كادر إداري مدّرب يخفف عن المعلم مهام إدارية تحد من طاقته الإبداعية في مجاله الأساسي، ووجود الإمكانات المادية في المدرسة وحصول المعلم على حقوقه وشعوره بالانتماء للمهنة التي يؤديها كلها عوامل تلعب دوراً مهماً في مستوي أداء المعلم مع وجود عامل أساسي، وهو شخصية المعلم القادرة على العطاء بضمير وإخلاص وتفانٍ، ولكن الأهم من هذا كله أن تعي الدولة وتدرك أن حضارة الشعوب أول ما تقاس بتقدم التعليم ومكانة المعلم” .<o:p></o:p>

سوء توزيع<o:p></o:p>

ولخصت وفاء شبلاق موجهة الجغرافيا والاقتصاد والدراسات الاجتماعية المشكلات التي تواجه المعلم وتحد من عطائه، بطول المنهج وسوء توزيع الحصص المخصصة للمادة العلمية لكثير من المواد الدراسية، إلى جانب عدم استقرار المناهج والتغيير الدائم لكثير من المواد، وعدم إشراك المعلم في عملية التطوير والأخذ بوجهة نظره وخبرته الميدانية، وأضافت إلى ذلك، تأخر وصول الكتب المطورة والجديدة إلى أول أيام العام الدراسي، مما يسبب التشتت للمعلم وإرباكه وبالتالي يقل إبداعه .<o:p></o:p>

وقالت ان المعلم لا ينال حقه في المستوى الذي يعمل فيه، من حيث المكافآت والحوافز والعلاوات، وحتى أيام الإجازة العارضة حرم المعلم منها، فهو يشعر بأنه لا ينال ما يستحق مقابل الجهد الكبير الذي يبذله، وخاصة الآن بعد أن زاد التركيز على الأنشطة والفعاليات المدرسية الصفية واللاصفية وأساليب التدريس وأساليب التقويم، التي تأخذ كثيراً من وقت المعلم داخل المدرسة وخارجها وعلى حساب وقته الخاص .<o:p></o:p>

لكنها تصر برغم ما يتعرض له المعلم من انتقاص في التقدير أن طريقة عمله ليست تقليدية قائلة “بالتأكيد هو غير تقليدي، وحتى لو أراد ذلك فهو لا يستطيع . . نحن مطالبون على مدار كل عام دراسي بتدريب المعلمين لعدد من الساعات لايقل عن 13 ساعة في أساليب التدريس ومهارات وخبرات متعددة ومتطورة، ومطالبون أيضاً بمتابعة مستوى الأداء للمعلم .<o:p></o:p>

وعن كيفية الحصول على المعلم الناجح والمتميز أجابت “المعلم الناجح موجود وبكثرة ولله الحمد، ولكن لمَ هو غائب عن اهتمام الدولة؟ أعتقد أن هذا السؤال يجب أن يوجه لغيري من المعنيين” .<o:p></o:p>

وتصر شبلاق على أن الحوافز المادية والترقيات الوظيفية عوامل مهمة في عملية تشجيع المعلم على الإنتاج وتخريج طلبة متميزين، كما تنادي بمبدأ الثواب والعقاب وأن لكل مجتهد نصيباً . وبيّنت أن “بقاء المعلم في المدارس الحكومية ليس مشروطاً بمستوى الأداء، ومهما كان أداؤه عدا الأداء المتدني فلا يتم إنهاء خدماته، بل توفر الدولة له مجالات وطرق تطوير وظيفي، ومثال على ذلك مشروع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة حاكم إمارة دبي (مشروع معلم القرن)، تضيف “بينما في المدارس الخاصة الوضع مختلف، فالمعلم لا يجدد عقده ولا يحصل على زيادة في راتبه، إلا بناء على مستوى أدائه ونسبة نجاح طلابه، وبالتالي فهو مجبر على تطوير كفاياته التعليمية والعلمية وعلى تحسين مستوى أدائه ورعاية طلابه، ليكسب رضى الطالب أولاً، ثم ولي الأمر ثانياً، وأخيراً إدارة المدرسة . لذا قد نجد في بعض المدارس الخاصة والأجنبيه بالتحديد أن مستوى المعلم فيها قد يكون أفضل من مستوى مثيله في المدارس الحكومية، لذا أعود وأقول إن الحافز المادي عامل مهم للتحفيز على العمل” .<o:p></o:p>

معايير غير دقيقة<o:p></o:p>

ويرى سعيد نوري موجه لغة إنجليزية أن الدروس الخصوصية التي يعطيها بعض المدرسين للطلبة انتهاك لأخلاق المهنة وكسب غير مشروع، ويجب ملاحقتهم ومحاسبتهم على ذلك .<o:p></o:p>

وقال: “بعض المدرسين وللأسف اتخذ مهنة التعليم للتجارة في الدروس الخصوصية ، مع أن مهنة التعليم هي شرف المدرس، وإذا فقد هذا الشرف، فقد المعلم شرفه، وحينما يدرس المعلم بضمير وأخلاق، فلا حاجة له لإعطاء الدروس الخصوصية، واذا ما اقتضت الحاجة لإعطاء دروس تقوية، فيجب أن يتم ذلك من خلال المدرسة والمنطقة التعليمية ومجلس الآباء حتى يكون الأمر مقنعاً ومدروساً ويراعي ظروف الطلبة المادية” .<o:p></o:p>

وأكد أن نصاب المعلم من التدريب الذي تجريه الوزارة والمناطق التعليمية كبير، وأشار فيه إلى وجود فئة من المعلمين ما زالت ترفض التغيير والتطوير لأنها لا تريد أن تتعب على حد قوله، وأضاف أن “90% من وقت التوجيه لقاءات مع المعلمين لتطوير وتحسين مهاراتهم وتزويدهم بالأسس التعليمية الصحيحة، بعيداً عن التلقين والروتين في التدريس، لكن هناك فئة ترفض التغيير والإبداع وترفض تغيير أسلوب التدريس القديم، لأنها لا تريد أن تبذل جهداً، الأمر الذي يبقيها خارج سرب المعلمين الأكفاء ذوي الخبرات المتنامية” . وطالب بإعادة النظر في طرق تعيين المعلمين من خلال اخضاعهم إلى امتحان تحريري وشفوي، لقياس قدراتهم ومستوى شخصياتهم، مؤكداً أن المعايير الحالية في تعيين المعلمين ليست دقيقة وتفتقر إلى المهنية والطرق السليمة للوصول إلى المعلم المناسب . وقال “مهنة التعليم ليست مهنة من لا مهنة له، بل هي رسالة الأنبياء، ويجب اخضاع المعلم لامتحانات تحريرية وشفوية للتعرف إلى قدراته وطرق تدريسه وشخصيته، وفي الماضي كان يتقدم 200 مدرس للوظيفة، ينجح منهم 50 مدرساً في الامتحان التحريري، ثم نختبر هؤلاء الخمسين بامتحان شفوي ليبقى منهم نحو 15 وهم الصفوة، وهذه طريقة جيدة للحصول على المعلم المبدع الناجح التواق إلى التعليم والتغيير، بقناعة شخصية، بعيداً عن كل الظروف والعوامل الأخرى” .<o:p></o:p>

ولفت إلى أن طاقم قسم توجيه اللغة الإنجليزية في منطقته التعليمية انتهى مؤخراً من إعداد امتحان لمعلمي هذه المادة، بالتنسيق مع المنطقة لاكتشاف مواطن الضعف والقوة في المعلمين، تمهيداً لتعزيز القوية منها، ومعالجة الضعيفة، مشيراً إلى أن ذلك لن يحرم المعلمين ذوي النتائج المتدنية، بل على العكس سيعمل على تطويرها من خلال تكثيف الدورات لهم .<o:p></o:p>

وأشار نوري إلى أن عجلة الترقيات والمكافآت الخاصة بالمعلمين تسير ببطء، الأمر الذي يتسبب بتراجع أدائهم وعدم رغبتهم في التطوير والتغيير، داعياً الوزارة إلى إنصاف المعلمين من حيث اعطاء كل مجتهد نصيبه في مقابل محاسبة المقصرين منهم .<o:p></o:p>

أعباء كبيرة<o:p></o:p>

يعتقد محمد محمود الصباغ مدرس لغة إنجليزية أن كثرة الأعباء المكلف بها المعلم تعد عائقاً في العطاء والإنتاج، لا يمكن إنكارها وخصوصا في مادة اللغة الإنجليزية في هذا العام من دون غيره من الأعوام السابقة، نظراً لعدد الامتحانات، مشيراً إلى أن المعلم انصرف لأشياء من شأنها أن تؤثر في أدائه .<o:p></o:p>

وقال “لقد انحصر دور المعلم في وسائل التقويم والامتحانات المستمرة التي أجهدت الطلبة وأثرت في تحصيلهم الدراسي، ولم يعد لتدريس المنهج أية فاعلية، كما اقتصر دور المعلم على امتحان الطلبة وتصحيح إجاباتهم، ولم يعد يبدع في توصيل المعلومة واستخدام أفضل الوسائل المتاحة .<o:p></o:p>

واستأنف: “المدرس الناجح، هو الذي يتفهم حقيقة الطالب وإمكاناته وطبيعة مرحلته السنية، لكي يضع الخطة المناسبة لكيفية التعامل معه والوقوف على حقيقة وضع أساليب ومفاهيم تربوية تعليمية من شأنها أن تصقل خبراته وتنمي مهاراته . ورأى أن المعلم مهما كان مستواه فهو مناسب وقادر على العطاء، ما دام مؤهلاً تربوياً، وعلى درجة من العلم تجعله قادراً على القيام بواجباته على أكمل وجه، على أساس العلاقة الحميمة بينه وبين الطلاب .<o:p></o:p>

وأكدت كلثم غويص مديرة مدرسة أن العقبات التي يواجهها المعلم في عمله تحد من قدراته الإبداعية وراحته النفسية، من أهمها نصاب الحصص المرتفع الذي ينهكه ويقلص عطاءه، وهي نقطة تستدعي إعادة النظر في جدولة توزيع النصاب في سبيل الصالح العام على حد قولها الذي تطرقت فيه، كذلك إلى الجهد الذي يبذله المعلم في وظيفته الممتدة لساعات على حساب حياته الخاصة في المنزل وتحرمه من أسرته نتيجة انشغاله في تصحيح الامتحانات والتحضير للدروس القادمة .<o:p></o:p>

وتابعت: “ما يتعب النفس هو أن الطالب الذي يخرجه المعلم سرعان ما يكبر ويتخرج في الجامعة ثم يحصل على درجة وظيفية وراتب أعلى من المعلم الذي يبقى على درجته وراتبه لسنوات، الأمر الذي يدفع الكثير من المعلمين لطرق أبواب الدروس الخصوصية لتحسين دخولهم ما يؤثر في سمعة وهيبة المعلم في عين المتعلم خاصة والمجتمع عامة .<o:p></o:p>

وتأمل غويص أن يأتي اليوم الذي يتساوى فيه دخل المعلم مع ما يبذله من جهد وإنتاج في سبيل استمرار مركب التعليم الناجح .