تحدث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، صباح اليوم وعلى مدى أكثر من ساعتين عن تاريخ الإمارات قبل وبعد قيام الاتحاد وتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة وتجربة سموه الشخصية ومعاصرته للأحداث ورؤيته حول هذا الموضوع.
وفي قاعة راشد بمركز دبي التجاري العالمي كان اللقاء الذي جمع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بشباب الوطن وأعيانه ووزرائه ونخبه الثقافية والفكرية والعلمية والإعلامية وحضره سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي ومعالي محمد المر، رئيس المجلس الوطني الاتحادي وسمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان، ممثل حاكم أبوظبي في المنطقة الشرقية والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وسمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات وسمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي وسمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم ومعالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان، وزير الأشغال رئيس المجلس الوطني للإعلام ومعالي محمد إبراهيم الشيباني، مدير عام ديوان صاحب السمو حاكم دبي ومعالي الفريق ضاحي خلفان تميم، القائد العام لشرطة دبي وسعادة الفريق مصبح راشد الفتان، مدير مكتب صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي إلى جانب كبار المسؤولين في الدولة وممثلي وسائل الإعلام المحلية والعربية ومئات الشباب من طلبة وطالبات الجامعات والكليات في الدولة.
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم استهل اللقاء التاريخي بهذه النخب بقصيدة ترحيبية مختصرة عكست مشاعر سموه الوطنية في هذا اليوم المجيد الذكرى الأربعون ليوم دولتنا الوطني واعتزازه لتاريخ الثاني من ديسمبر؛ الذي شكل نقطة تحول ومصير بالنسبة لشعب الإمارات وقيادتها.
وقال سموه مخاطباً الحضور خاصة شباب وبنات الوطن الذين ولدوا بعد قيام الاتحاد بسنوات طويلة "إن الإنسان يبلغ رشده ويشتد عضده عند سن الأربعين وما فوق، ولهذا فإن الله سبحانه وتعالى أنزل الوحي والرسالة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو في عمر الأربعين، إذ أرسله مبشراً ونذيراً ورسولاً للعالمين".
واعتبر سموه احتفال شعبنا بيوم دولته الوطني الأربعين بأنه ناضج كون دولتنا والحمد لله حققت الكثير من الإنجازات الوطنية والحضارية والإنسانية وباتت لا تنافس الآخرين بل ملاحقة من الدول الأخرى كي يقتدوا بها ويتعلموا من دروسها وتجربتها الطويلة التي لم تكن يوماً طريقها مفروشة بالورود كما يتصور بعض الشباب الذين ينعمون اليوم بخيرات ومكتسبات دولتهم وحضارتها وتقدمها على غير صعيد، بل كانت تجربة شاقة ومحفوفة بالإرهاصات والعقبات المادية والمعنوية والتأثيرات الخارجية التي لولا الشيخ زايد والشيخ راشد طيَّب الله ثراهما وإصرارهما ووطنيتهما لما قام الاتحاد ولا تعيشون الآن في ظل دولة قوية وعصرية منفتحة على العالم بكل ثقافاته وانتماءاته.
وأشار صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي إلى أهم وأعظم الإنجازات التي تحققت لدولتنا في عهد زايد وراشد والآن في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة "حفظه الله"، هو الإنسان وخاصة شريحة الشباب من أبناء وبنات الوطن الذين يشكلون النسبة الأكبر من مواطني دولتنا ذات الأربعين ربيعاً وأردف سموه "إن شريحة الشباب هم المستقبل ونحن كقيادة نعِّول عليهم كثيراً لأن المستقبل لهم وعليهم تقع مسؤولية أخذ زِمام المبادرة لصنع مستقبلهم ومستقبل الأجيال اللاحقة والوصول إلى الأهداف الوطنية وتحقيق آمال شعبنا وطموحاته.
وأعرب سموه عن تفاؤله بأن دولتنا في عمر الخمسين عندما تحتفل بيوبيلها الذهبي ستكون من الدول الأوائل وشعبنا سيكون بإذن الله عزيمة شبابه ودعم قيادته هو الأول بين الشعوب.
وعن أمنياته قبل تأسيس الدولة العصرية والتي تحقق الكثير منها اليوم قال سموه: "كنت أسافر إلى بلدان أوروبية وغير أوروبية للدراسة أو السياحة وكنت أرى هذه الدول متقدمة ولها حكوماتها وجيوشها وبناها التحتية ومبانيها الشاهقة ومؤسساتها التعليمية والثقافية والرياضية وغيرها، وكنت أتساءل بيني وبين نفسي متى سيكون لنا دولة ومؤسسات وشعب يتعلم في الجامعات والكليات والمعاهد وحكومة ووزراء، بالطبع كنت احلم في الدولة القوية بشعبها واقتصادها وقيادتها وانجازاتها هكذا كنت احلم في سن الشباب".
وقبل أيام سألتني طالبة من جامعة زايد عندما كنت في زيارة للجامعة مع الشيخ نهيان بن مبارك وقالت هل تحلم يا شيخ محمد وبماذا تحلم، واليوم ما أخبرتكم عنه من أحلامي التي تحققت هو جواب على سؤال الطالبة في جامعة زايد.
وأفصح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن معلومة لم تكن يعلمها الكثير من الناس من مواطنين وغيرهم إذ قال: "كنت أرى الطائرات العالمية خاصة في معرض دبي الدولي للطيران وأتمنى أن تحظى دولتنا بهذا السلاح، والآن أبشركم بأن مصنعاً في مدينة العين يقوم بتصنيع قطع غيار للطائرات العالمية وهذا المصنع الوطني هو جزء من أحلامي الوطنية".
وتحدث صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وعلامات الفخر والاعتزاز ترتسم على محياه عن الإصرار والبصمة الوراثية التي ورثها شعب الإمارات وقيادته عن الأولين من الأهل والأجداد والآباء، الذين عانوا شظف العيش وكل ما كانوا يملكونه قوت وشراب يوم وهم يبحثون عن لقمة عيش لأطفالهم في البحر "الغوص والسمك"، وهم الذين عاشوا في الجزيرة العربية كل أنواع التحديات المعيشية، كان همهم الأول أن يصبح الصباح ويجدوا لقمة زاد لعيالهم أو جرعة ماء يروون ظمأهم، ومن هذه الجزيرة العربية انطلق الرواد الأوائل إلى أقاصي الدنيا يحاربون وينشرون الإسلام وهم الذين دافعوا عن جزيرتهم وأرضهم، أود أن أقول لكم معشر الشباب أن رحم التحدي تصنع المنجزات وها أنتم اليوم في الإمارات تقطفون ثمار التحدي الذي اتسمت به حياة أبائكم وأجدادكم.
وتطرق سموه إلى الغزو الخارجي لمنطقة الخليج منذ الحملات البرتغالية والهولندية والبريطانية، التي عاثت في الأرض والبحر خراباً ودماراً واستغلالاً للثروات وغيرها من الأساليب الاستعمارية البغيضة، ما اضطر أهالي وسكان المنطقة إلى محاربة المستعمر وطرده وتحقيق الاستقلال عن بريطانيا، حيث عاد الأجداد إلى مدينة الغوص وصيد السمك وازدهرت تجارة اللؤلؤ وانتعشت شعوب دول المنطقة بما تيسر لها من تجارة زهيدة، وصمدت هذه الشعوب وصبرت وقاومت حتى أصبحت اليوم من الدول المتقدمة والقادرة على التأثير والتغيير في خريطة العالم الاقتصادية والسياسية وغيرها.
وحذر سموه الشباب من اليأس والقنوط ودعاهم إلى الصبر والمثابرة والإصرار على تحقيق الطموحات من خلال تفعيل البصمة الوراثية للأجداد والأهل الأولين.
واختصر سموه مشهد الخلافات والصعوبات التي واجهت حكام الإمارات في التوقيع على دستور الاتحاد والإعلان عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أشار سموه إلى أن الشيخ زايد والشيخ راشد رحمهما الله اجتمعا في خيمة أقيمت في منطقة السميح على الحدود بين إماراتي أبوظبي ودبي ومعهما عدد من المرافقين من بينهم سموه، وكان أصغرهم وكان شاهداً على الاجتماع وعلى توقيع الشيخ زايد والشيخ راشد على مسودة الدستور رغم تحفظ حكام بقية الإمارات، والتي كانت رأس الخيمة أخر الموقعين على مسودة الدستور.
ونوه سموه بدور الانجليز في تأجيج المشاعر السلبية لدى بعض الحكام واتبعوا أسلوب فرق تسد واللعب على الخلافات الهامشية التي سادت المشاورات واللقاءات التي عقدها الشيخ زايد والشيخ راشد مع الحكام، حتى استطاع زايد بحنكته وصبره ووطنيته إقناعهم بالانضمام إليه وأخيه الشيخ راشد والتوقيع على الدستور المؤقت، ومن ثم أعلن عن الاتحاد في الثاني من ديسمبر 1971 في دار الاتحاد بدبي.
وتناول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الأحداث التي مرت بها مرحلة قيام الاتحاد وسنواته الأولى والتحديات التي واجهت هذه الدولة الناشئة التي لولا الشيخ زايد ومساندة الشيخ راشد له لما حلمنا أن نعيش اليوم تحت قيادة واحدة وعلم واحد ودولة تنعم بالاستقرار والسيادة والاستقلال.
وعلق سموه على بعض الأقلام والأفواه التي تنكر على شعبنا القيم والثقافة والتاريخ والتراث والإنسانية، وتدعي هذه الأقلام أننا دولة نفط وازدهار معيشي ليس إلا، وقال سموه: "وأنا أقول لهؤلاء البعض أننا دولة غنية ودولة نفط لكننا في الوقت عينه لنا حضارتنا وثقافتنا العربية الإسلامية وتاريخنا الحافل بالانجازات والبطولات، إننا نمتلك كشعب كل مقومات الحياة الكريمة القائمة على المساواة والعدل والإنسانية ونمد أيدينا بالخير إلى كل شعوب العالم التي تحتاج لمواقف إنسانية داعمة ومساندة".
واختتم صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي اللقاء بقصائد غزلية ووطنية أضفت على القاعة أجواء من الألفة والحميمية، وهدم الحواجز بين سموه وأبنائه وبناته الشباب الذين كانوا فرحين وفخورين بهذا الحديث من القائد الفارس إلى أبناء شعبه، داعين لسموه وقيادتنا المعطاءة دوام الصحة والعزة والكرامة الوطنية.
1 ديسمبر 2011
وام