حاولت البحث عن موضوع أحلى لكني لقيت هذا هو الأفضل
( بحث عن الإعجاز البلاغي ))
فاعذروني
الحمد لله رب العالمين ,والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين النبي الأمي الذي أرسل رحمة للعالمين ,أفصح الثقلين لسانا وأعظمهم بياناً وبعد:
فإن القرآن الكريم معجزة الله الخالدة وحجته البالغة ,وهو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ,أُنزل بلغة العرب المعهود لديهم ومع ذلك عجزت قرائحهم عن الإتيان بمثله أو بآية منه .
ولما كان علم البلاغة قد وضع أساسا لدراسة إعجاز القرآن الكريم مما حفز العلماء على العكوف على دراسته ,فأخرجوا لنا تراثاً علمياً زاخراً فقد أصبح واجب علماء اليوم هو إبراز هذا العلم .الذي قلّ طالبوه إلى أبناء هذا الجيل الذي بات مغتراً بالنظريات الغربية الوافدة من غير أن يكلف نفسه عناء النظر في موروثه واستخراج ما فيه من فكر عظيم يمكن استثماره وتوليد نظريات بلاغية جديدة منه,خاصة وأنّ هذا التراث الفكري الناضج قد شنت عليه حملات منكرة من أعداء الإسلام بغرض زرع النفور منه في صدور أبنائه ليصابوا بالزهد والإهمال له ,فيعقم الذوق وتضل الملكات ,فيضعف فهمها وتأثرها بآيات القرآن الكريم فتنساق خلف أهوائها بلا ضابط أو وازع ديني .,لذا لم نكن في حاجة إلى إظهار هذا التراث وإبراز أصحاب النبوغ فيه والأصالة العلمية لفكرهم كحاجتنا اليوم ,وتحقيقا لما سبق فقد وجدت أن البحث في الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم في كتاب البرهان في علوم القرآن لبدر الدين الزركشي (ت794هـ) ربما يلقي الضوء على شخصية بلاغية جديدة لم تشتهر بكونها من أهل هذا العلم على الرغم من الجهود العظيمة التي قدمتها في هذا المجال فالإمام بدر الدين الزركشي علم مفتن من أعلام العربية الذين كان لهم دور كبير في إثراء الثقافة العربية وملئ مكتباتها بتراث قيم في مختلف الفنون .
لقد ضرب الزركشي في كل علم بسهم فهو محدث ,وفقيه وعالم نحو و لغة وتفسير وأدب وتاريخ , وقد قامت حوله دراسات كثيرة تبرز جهوده في هذه الفنون فالزركشي يعد ظاهرة علمية فكرية متميزة من حيث تنوع ثقافته وتعدد روافدها ووفرة كتبه ونفاسة محتواها .
أما كونه عالما في البلاغة فلم نجد من تطرق إلى بلاغته في القديم أو الحديث بالدراسة المستقلة المفصلة ,وإنما وجدت بعض الإشارات أو الدراسات الجزئية المختصرة ., وانه لمن الغريب أن لا يلتفت الباحثون إلى هذا الجانب الثر من فكر الزركشي على الرغم من أن كتاب( البرهان في علوم القرآن )يعد كتابا بلاغيا يرقى به إلى مصاف كبار علماء البلاغة ويجعله علما من أعلامها ., ويكفي مؤلفه فخرا أنه استطاع أن يجمع لنا آراء العلماء في المسألة الواحدة من خلال قراءاته واطلاعا ته وثقافته الواسعة.,إضافة إلى اهتمامه بالتحليلات الذوقية وتتبع الأغراض البلاغية التي تثبت إعجاز القرآن الكريم , ومن هنا تظهر أهمية هذا الكتاب الحافل بالنظريات البلاغية المتعددة .
وحقيقة لقد وجدت ميدان دراسة الإعجاز البلاغي في كتاب البرهان للزركشي ميدان رحبا وواسعا وبكرا لم يطرق بابه احد .ومما سبق يتضح أن أسباب اختياري للموضوع هي:
الرغبة في المساهمة في إحياء التراث العربي وإبراز أصحاب النبوغ فيه.
أهمية كتاب البرهان في علوم القرآن ونفاسة محتوياته وأرائه البلاغية القيمة.
إن موضوع الاعجاز البلاغي في القرآن الكريم في كتاب البرهان في علوم القرآن يعد موضوعا بكرا لم تمتد إليه يد الباحثين حسب علمي
والسبب الأهم من هذا وذاك أن دراسة القرآن الكريم عبادة وتواصل مستمر مع آيات القرآن الكريم إضافة إلى رغبة الباحث إلى معرفة بعض ا لأسرار البلاغية المعجزة لآيات الذكر الحكيم.
وإرجاعاً الفضل لأهل الفضل ، فإنَّ أول من نبهني وحثني على دراسة الاعجاز البلاغي في كتاب البرهان في علوم القرآن لبدر الدين الزركشي هو الأستاذ الدكتور الفاضل عبد الحميد الحسامي فجزاه الله عني خير الجزاء.
خطة البحث:
لقد اقتضت مادة البحث أن يتوزع على أربعة فصول مبدوءة بمقدمة ومنتهية بخاتمة.
المقدمة: وفيها:
أهمية الموضوع
أسباب اختيار الموضوع
خطة البحث.
الفصل الأول :التمهيد:
وينقسم إلى مبحثين: تناول المبحث الأول حياة الزركشي حيث ألقى الضوء على جانب من حياته وعلمه وأخلاقه وشيوخه واهم مؤلفاته , وأهمية كتاب البرهان في علوم القرآن ، ومنهج الزركشي في دراسته للإعجاز البلاغي للقران الكريم .
وتناول المبحث الثاني : الاعجاز البلاغي للقران الكريم قبل الزركشي مبتدأ بتعريف المعجزة لغة واصطلاحا ,والفرق بين معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم,ومعجزات باقي الأنبياء السابقين ,ثم التحدي ومراحله والقول بالصرفة وموقف الزركشي منه ووجوه الاعجاز القرآني والوجه الذي وقع به التحدي ,ومنتهيا بالحديث عن أوجه الاعجاز القرآني وموقف الزركشي منها .
الفصل الثاني : بلاغة الكلمة القرآنية ودقة اختيارها: وجاء في مبحثين اثنين تناول المبحث الأول الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم من خلال بلاغة المفردة القرآنية ودقة اختيارها حيث أثبت الزركشي دقة اختيار القرآن لمفرداته وقد تمثلت هذه الدقة من خلال الوجوه الآتية:
اختيار بعض الألفاظ دون مرادفاتها.
العدول عن اللفظ.
فيما تناول المبحث الثاني ملاءمة المفردة للسياق ويتمثل ذلك بالآتي:
دقة اختيار الفاصلة القرآنية.
جمع اللفظ وإفراده.
الزيادة في اللفظ.
أما الفصل الثالث: فقد تناول بلاغة النظم القرآني وقد جاءت مادة هذا الفصل موزعة على مبحثين تناول المبحث الأول بلاغة النظم في التقديم والتأخير وأسلوب الالتفات.
وتناول المبحث الثاني النظم والسياق حيث تم في هذا المبحث دراسة بعضا من أنواع الأساليب البليغة في القرآن الكريم كأسلوب الذكر والحذف وأسلوب التكرار .
فيما تناول الفصل الرابع: بلاغة المجاز وقد جاء هذا الفصل موزعا على مبحثين أيضا تناول المبحث الأول بلاغة المجاز وأنواعه وتناول المبحث الثاني بلاغة المجاز اللغوي.
أما الخاتمة: فقد تناولت خلاصة البحث وأهم النتائج التي توصل إليها البحث.
منهج البحث:
وقد كان منهجي في كتابة هذا البحث حسب الخطة السابقة كالآتي :
- أبدأ كل فصل بمقدمة تمهيدية تشمل أقوال العلماء قديما وحديثا تتعلق بموضوع الفصل ثم أذكر موقف الزركشي إن كان هناك خلاف بين العلماء حول مسألة من المسائل ثم أذكر بعد ذلك الآراء التي أوردها الزركشي في كتابه البرهان لها تعلق بالموضوع أو المبحث الذي أبحثه سواءً كانت تلك الآراء له أو لغيره ,مع الاهتمام بذكر رأي الزركشي في المسائل التي فيها خلاف ومقارنته بآراء غيره من العلماء. - أحرصُ على ذكر الرأي الذي أرجحه أو أميل إليه عندما يكون هناك خلاف في أي مسألة ، مع ذكر السبب الذي دعاني لهذا .
- الاكتفاء بتوثيق آراء من تأثر بهم الزركشي، وأكثر من الأخذ عنهم، حتى يتسنَّى لمن أراد أن يقارن بين هذه الآراء الوقوف على مدى تأثيرهم في بلاغة الزركشي.
هذا هو المنهج الذي سرتُ عليه في كتابة هذا البحث الذي بذلتُ فيه وسعي ، واجتهدت فيه قدر طاقتي ، وبينت فيه مبلغَ علمي .
وأخيراً لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى فضيلة الأستاذ الدكتور سيد كفيل أحمد القاسمي الذي كان لي بمثابة الأب الحنون فقد أحاط هذا البحث بعنايته
ولم يبخل علي بتوجيهاته ونصائحه وأمَّا الذي لفت انتباهي فهو تواضعه الجم وخُلُقُه الحسن فجزاه الله عني خير الجزاء ونفعه بعلمه ونفع به,كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى منظمة اليو جي سي على ما قدمت لي من عون مادي ساعدني كثيراً في إنجاز هذا البحث .
كما أتقدم بالشكر الجزيل إلى الأستاذ الدكتور عبد الحميد الحسامي الذي أرشدني إلى اختيار هذا الموضوع والذي لم يبخل علي بتوجيهاته ونصائحه .
كما أتقدم بالشكر والتقدير إلى رئيس وأعضاء المكتبة في قسم اللغة العربية جامعة عليكرة الإسلامية الهند على معاملتهم الحسنة وأخلاقهم النبيلة التي لمستها منهم طوال سنوات البحث .
كما أتقدم بالشكر الجزيل إلى أعضاء لجنة المناقشة على ما خصصوا من أوقاتهم الثمينة لقراءة هذه الرسالة وعلى ما سيبدون من ملاحظات دقيقة وأفكار قيمة تزين هذه الرسالة وتقوم اعوجاجها وتصحح هناتها فجزاهم الله خير الجزاء .
ولا أنسى أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى كل من ، الدكتور الفاضل / محمد الورد ، والدكتور/ أنور الأثوري , والدكتور / حسين حبتور , والدكتور / حسن جعشان , والدكتور الفاضل محمد علي نصر على ما قدموا لي من عون فجزاهم الله عني خير الجزاء .
كما لا أنسى أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى كل من الأخوة / خالد الصوفي ، إبراهيم حيدرة , كمال الليل , باسم كنعان ، على مساعدتهم لي في إخراج هذا البحث بالصورة التي هو عليها الآن .
والباحث لابد وأن يمر خلال مراحل البحث والتحضير بتوتر وأزمات نفسية وقد كان لأخي وشقيقي وتوأم روحي القاضي / هايل يحي محمد زيد ، والأخ الفاضل / عبد الله الفقيه (أبو طارق) ، والأخ العزيز/ صادق ناجي الغيثي ، الفضل في رفع المعنويات والقيام سداً وسنداً في المواقف الحرجة ، وستظل الذكريات الحلوة لإخائهم وصفائهم تعمر قلبي في مستقبل حياتي .
ثُمَّ أختم هذه المقدمة بالتضرع والدعاء والابتهال إلى الله أن يَمُنّ عليّ برضاه فهو غاية ما أرجو ، فاللهم إن لم يكن بك عليّ غضبٌ فلا أبالي ، غير أن رحمتك وعافيتك أوسع لي .
إذا صـحّ منك الود فالكل هينٌ وكل الذي فوق الترابِ ترابُ
واجعل يا ربنا هذا العلمَ حجةً لنا يوم نلقاك ، ولا تجعله حجةً علينا ، وسبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلاَّ أنت أستغفرك وأتوب إليك .