منذ أول يوم دراسي للطالبات وفي اللقاء الأول بيني وبين طالباتي
في الصف الثاني عشر كانت الطالبة (
س )
عنصرا مخربا في الصف ومشاغبا . .
كانت طوال الوقت وأنا أحدث طالباتي عن درجاتهن
وكيفية حصولهن على النسب العالية . .
لم تكن تبالي ولا تكترث لما أقول ولا تريد أصلا أن تسمعني . .
وفي حصة من الحصص جاءت احدى زميلاتها في الصف متأخرة
فقلت لطالبة المتأخرة :قد نلت اليوم ( * ) وقل رصيدك
(
فلدى طالباتي حساب درجات يستطعن أو يودعن فيه رصيدهن من الدرجات عن طريق أعمال إضافية يقمن بها عندي ولمادتي سواء :
الالتزم بالحصة \ أو الإجابات النموذجية في الصف أو في الإمتحان \
حب المبادرة \ تقديم أعمال لا صفية \
يجمعن بذلك رصيد يساعدهن في درجاتهن إن نقصن في التحريري أو الشفوي أو الواجب والن
شاط )
فانطلقت (
س ) مدافعة عن زميلتها وعن درجاتها فقلت لها :
هل مستعدة أن تتنازلي أنت عن درجاتك قالت لا مانع لدي معلمتي . .
ألا تخافين العقاب أو الإحراج قالت بلا مبالاة : لا يا معلمتي . .
ألا تهتمين بنفسك وشخصيتك و( برستيجك )
لا يا معلمتي . .
تعجبت من حالها وعدم اهتمامها . .
هي جريئة وواثقة لكنها لا تبالي بأي شئ . .
تبتسم عندما تنهرها أو توبخها المعلمة بثقة وكأن الكلام ليس موجهه إليها . .
إلى أن جاءتني الفرصة المناسبة لذلك . .
فقد دخلت على طالباتي وكانت هناك مشكلة يعانين منها من جراء
أمر اصدرته إدارة المدرسة في دمج الصفوف . .
الكل كان متأثرا ومتضايق والبعض كان يبكي وكان لديهن امتحان . .
إلا هي لم تكن أبدا مهتمة أو مكترثة أو مبالية لا من أجل الموقف
والدمج ولا من أجل الامتحان الذي هو بعد حصتي . .
أخذن الطالبات يتوسلن لي أن أعطيهن فرصة في نهاية الحصة للمراجعة . .
ولبيت لهن طلبهن . .
إلا هي لم تفتح الكتاب إنما استأذنتني أن تأكل لأنها لم تستطع الشراء في الفسحة . .
توجهت إليها وبدأت حديثي معها . .
قلت لها : لماذا كل هذا الإهمال واللامبالاة . .
لم لا تسعين من أجل نفسك ألا تشعرين إنك يا (
س ) مهمة . .
وإنك غالية وذات قيمة سواء عند أهلك أو عند زميلاتك ولدى معلماتك . .
قال : لا أشعر أني مهمة ولست ذات قيمة عند نفسي ولست بمهمة لدى أحد . .
فأنا صفر لا قيمة لي أنا لا شيء . .
لماذا يا (
س ) ؟ ؟
هنا لم تستطع أن تكمل إنما بكت ولم تستطع أن تخبرني . .
سألتها : أهلك ألا يحبونك ؟ لم تجب
معلماتك " زميلاتك قالت : لا أحد يحبني . .
لم يا (
س ) صمتت . .
قلت لها (
س ) اتصلين قالت : ( لا ) ما هي علاقتك بربك يا ( س )
قالت منذ زمن لم أقرأ القرآن ولا أصلي بخشوع أو اهتم للصلاة أبدا . .
لا ادعو الله ولا ابكي بين يديه . .
قلت لها : من أجل ذلك تشعرين أنك لا قيمة لك لأنك فرطت بكل شيئ يا (
س )
وبدأت بأسمى علاقة وأهمها : علاقتك بخالقك الذي أوجدك في الحياة من أجل ( عبوديته )
وحين ضيعت ذلك فقدت الإحساس بكل شيء جميل في حياتك . .
بدأت تبتعدين عن أهلك وتتهمينهم بالقسوة . .
وابتعدت عن زميلاتك وتسببين الأدى لهم وتكرهين نجاحهم . .
وتظنين بمعلماتك السوء وأنهم ضدك . .
لا يا (
س ) عودي إلى خالقك الذي ما خلقك عبثا . .
إنما أجل غاية ولو أدركت هذه الغاية ووعمرت ما بينك وبين الله فسوف تجدين
من حولك مسخرين من أجلك أهلك وأخواتك ومعلمات . .
عودي للصلاة والقرآن . .
أحبي نفسك واهتمي بها . .
قولي لها إنك مهمة وأنك أهم إنسانة . .
وأهميتك تكمن في عبودتك لله . .
طالباتي الغاليات : إذا أنتن لم تشعرن بأهميتكن وأهمية وجودكن في الحياة وأهمية نجاحكن لن تستطعن أن تمضين في الحياة . .
الإنسان هو من يصنع نفسه ووجوده في الحياة بشعوره بقيمته مهما كانت الظروف التي يعاني