رفيدة الاسلمية الانصارية
لما وصل الهادي البشير صلوات الله وسلامه عليه الى المدينة تسابقت نساء الانصار الى خدمته وخدمة دعوته،
كلٌ حسب طاقته،وبقدر الفرح الكبير الذي غمرهن،والحب الكبير الذي ملأ حياتهن وحياة اهل المدينة جميعا
لحلول خاتم المرسلين في ديارهم؛فمنهن المبايعات السابقات...ومنهن من جعلت بيتها نزلا لرسول الهدى و
ضيوفه الكرام..ومنهن من كانت تعد الطعام للنبي عليه السلام واضيافه..ومنهن من اكبت على العلم والحفظ
فعاشت في رحاب القران ،تعلم وتتعلم..ومنهن من شهدت الاحداث الكبرى وشاركت فيها..ومنهن من خرجت
الى الجهاد فدافعت عن الاسلام ،وقاتلت دون النبي عليه الصلاة و السلام.
واذا ما تصفحنا السيرة النبوية العطرة،وتاريخ الجهاد والفداء فسنلمح اسم امرأة من الانصار يمر به التاريخ
مرورا عابرا..دون تهويل او تسليط للأضواء ..ولكن دورها لم يكن صغيرا ولا عابرا ..تلك هي رفيدة الاسلمية
رضي الله عنها.
يظهر اسم رفيدة في معرض الحديث عن غزوة الخندق واصابة سعد ن معاذ رضي الله عنه..
يقول ابن هاشم:وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من اسلم يقال
لها رفيدة في مسجده ،كانت تداوي الجرحى،وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين .
كان سعد بن معاذ سيد قومه..وكان النبي عليه السلام يحبه ويخاف عليه..وكان صلى الله عليه وسلم هو الذي
اشار على اهله ان يمرضوه في خيمة رفيدة،فقد قال عليه الصلاة والسلام:"اجعلوه في خيمة رفيدة حتى اعوده
من قريب"..
كان صلى الله عليه وسلم يثق برعاية رفيدة ،رضي الله عنها،ومهارتها في الطب،وكانت خيمتها قرب حجرات
الرسول عليه السلام،وبذلك يسهل عليه الاطمئنان على سعد رضي الله عنه..
*********************************
لم تذكر كتب السيرة عن هذه الصحابية اكثر من ذلك ،لكن المتأمل في هذه السطور القليلة ان تقرأ المعاني
الاعمق التي تدل على مشاركة المرأة المسلمة في قضايا الناس والمجتمع.
لقد كانت الصحابيات يخرجن الى المعارك لخدمة المقاتلين ومداواة الجرحى ،نعم..لكن رفيدة كانت صاحبة اول
مشفى متحرك-ان صح التعبير-وكانت تكرس وقتها لهذا العمل في الحرب والسلم،ويستغاث بها في الاوقات
العصيبة فتلبي من احتاج للعناية والمداواة.
وحَسبُ السيدة رفيدة رضي الله عنها،سعادة وسرورا انها كانت تقوم بذلك في مسجد رسول الله عليه السلام،
وقرب بيته،فكان يمر على بيتها صباحا ومساءً ليطمئن على المصابين..وحسبها انه كان راضيا عن عملها
يأتمنها على اصحابه واحبابه..وحسبها انها كانت صاحبة اول مشفى في الاسلام.
فاذا تفاخرت الامم الاخرى باول ممرضة واول مهتمة بذوي الحاجات ،فلنا ان نتفاخر بالصحابة الانصارية
رفيدة فقد كانت من الرائدات في الخدمات العامة.
رحم الله رفيدة الانصارية الممرضة التي كانت تعمل في صمت ..
لقد كانت من السابقات الى نصرة الدعوة ودعمها حين كانت احوج ما تكون الى النصير في ذلك الوقت العصيب.



http://www.shammna.com/vb/showthread.php?t=2868