الانفجار العظيم (Big Bang)
يعتقد العلماء أن هذا الكون الذي نعيش فيه كان في الماضي السحيق كرة متناهية الصغر. وكانت هذه الكرة لها درجة حرارة عالية وضغط عال. وتمددت هذه الكرة لتشكل الكون الذي نعيش فيه الآن. ففي البدأ لا يمكن أن توجد المادة الا في حالة اشعاع. وبسبب قوة الضغط الهائلة تمدد هذا الكون بمعدل ضخم جدا. وبعد حوالي ثلاثة دقائق انخفضت درجة حرارته العالية إلى أن وصلت حوالى ألف بليون درجة مئوية، فبدأت التفاعلات النووية تعمل، حيث يتم اندماج البروتونات مع النيوترونات لتكوين العناصر الخفيفة مثل الهيليوم. وبتمدد الكون السريع انخفضت درجة الحرارة وتوقفت هذه التفاعلات وتوقف معها انتاج العناصر الأخرى. وبدأت تتجمع البروتونات المتبقية تتحد مع الالكترونات لتشكل ذرات الهيدروجين. وفي تلك الحقبة كان الكون يحتوي على نسبة من الهيليوم والهيدروجين والديوتريوم. وبسبب قوة الجاذبية (نتيجة للتباين في التوزيعات) بين ذرات الهيدروجين بدأت تتشكل أول تجمعات للذرات بكميات ضخمة في ما يُعرف بالنجوم والتي تتنامى باستمرار إلى أن وصلت حدا، بسبب الضغط العالي ، بدأت درجة حرارتها ترتفع إلى الاف البلايين من الدرجات المئوية وبدأت التفاعلات النووية (الاندماجية) تعمل من جديد حيث بدأت تتكون العناصر الثقيلة في قلب هذه التجمعات (النجوم). يعني هذا أن النجوم هي مصانع للعناصر الثقيلة في الكون. وعندما يتكون عنصر الحديد يكون النجم قد فقد كل طاقته وذلك لان طاقة ربط الحديد هي اكبر طاقة ربط بين العناصر وبالتالي يحتاج تكوين عنصر الحديد إلى طاقة عالية. فيبرد النجم ويتوقف استمرار تكوين العناصر عند هذه المرحلة. وعندما يبرد النجم يبدأ بالانكماش. فتزيد درجة حرارته زيادة كبيرة ينشأ بسببها ضغط اشعاعي كبير يؤدي إلى انفجار النجم في ما يُعرف بالسوبرنوفا. فيلفظ النجم كمية ضخمة من العناصر المتكونة بداخله إلى الفضاء الخارجي بما فيها الحديد. وربما يشكل ما تبقي من النجم نواة لنجم جديد. وبعد حوالى مئة الف سنة من الانفجار بدأت تتجع هذه النجوم بسبب قوة الجاذبية بينها لتشكل تجمعات أكبر في ما يُعرف بالمجرات. تحتوي كل مجرة على مئات البلايين من النجوم. فأصبح الكون يتشكل من عدد ضخم من المجرات والتي تتجمع بسبب قوة الجاذبية أيضا. وبالكون الحالي توجد حوالى مئات البلايين من المجرات. وباختصار يتكون الكون من حوالي نجم. وهو نفس عدد الجزئيات أو الذرات الموجودة في مول واحد من المادة. إذاً فالكون منظومة بسيطة تتكون من مول واحد من النجوم، كما يتكون كوب واحد من الماء من الجزئيات. ولهذا السبب فإن الكون منظومة يمكن فهمها لبساطتها. ولقد ذكر أنشتين أن "أكثر شيء غير مفهوم عن هذا الكون أنه مفهوم".
لقد وجد الفلكيون اليوم أن هذه المجرات في تباعد مستمر، أي أن هذا الكون في حالة توسع دائم. ولقد اكتشف العالم الامريكي هابل "صاحب تلسكوب هابل الشهير" أن الكون في حالة توسع دائم.
تلسكوب هابل في دورانه حول الأرض
ولقد لاحظ أن الضوء القادم من هذه المجرات في حالة ضعف مستمر، ويعني هذا أن مصدر الضوء مبتعد عنه. وهذه ظاهرة معروفة بظاهرة دوبلر. وسبحان الله العظيم الذي قال في كتابه الكريم " ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير"-صدق الله العظيم قبل اكتشاف هابل بعدة قرون. فلا يرجع البصر خاسي وحسير الا إذا كان مصدره يتباعد عنا. مما يدل على أن الكون في توسع مستمر.
ومؤخرا اكتشف الفلكيون أن الكون اصبح يتسارع في تممده، حيث يخفت ضوء النجوم البعيدة بمعدل أكبر مما يتوقع.وفسر بعض العلماء بوجود مادة تملأ الكون بحيث تنافر جزئياتها مما سبب هذا التزايد.