بسم الله الرحمن الرحيم
أود أن أطرح كل يوم ورقة كتبتها في مذكراتي كمعلمة مرت علي وتأثرت بها وأحببت أن تشاركوني فيها .
يوم عصيب
لن أنسى ذلك االيوم العصيب ما حييت ، إنه أول يوم للدوام بعد إجازة عيد الفطر للعام 2004 ، دخلت من البوابة وأنا أحس بضيق بخنقني ، شيء يمنعني من دخول الباب الرئيسي للمدرسة ، وعند دخولي لم أستطع أن أن أرفع رأسي ، كنت كمن يتهرب من شيء معين ! ولكن وقعت عيني عليه لا محاله ، علم دولة الإمارات وهو منكس حداداً على وفاة القائد المغوار الذي ترجل من على فرسه ، قائداً ومعلماً وأباً ورجلاً أحسست بعده بأن الدنيا ضيقه ، أشياء كثيرة دارت في ذهني ذلك اليوم ، لقد كان معلمنا الذي سخره الله لنا لنصل إلى ما وصلنا إليه ،وراعياً عمل بمقولة سيد المرسلين (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )) ، فهل سأستطيع أن أحمل أمانة أئتمنني عليها ؟ نعم أمانة ، فكلماته ترن في أذني حتى الآن (( الشباب هي التي تصنع ، لا المصانع )) .
دخلت الفصل وبعد إلقاء التحية على تلاميذي ، غاب عني السؤال المعتاد ،( كيف قضيتم الإجازة)، وأنا أجمد الدمع في محاجر عيني ، بالتأكيد هم يعرفون سبب حزني ، وببراءتهم زادوا من حزني ، رغم أنهم دائماً مصدر سعادتي وعطائي . يا معلمتي الشيخ زايد الله يرحمه ، وآخر : يا معلمتي أخبرونا عند رجوعنا من صلاة التراويح أن الشيخ زايد مات ، وحارب قفز حتى وصل إلى المكان الذي أقف فيه أحسست بأن قلبي إنجرح وقال : يا معلمتي ، اللهم أسكنه الفردوس الأعلى ) وكأنه يواسيني ويذكرني بالله ، ولكن كان لمحمد بعد طول سكوت موقف آخر ، طلب مني أن أنقل صورة القائد التي كانت على الحائط وأضعها على باب الفصل ، بداية إنتابني شعور غريب ، إستجبت لطلبه ، وأنزلت الصورة في الحال ووضعتها على الباب وهو يساعدني ، إنزليها يا معلمة قليلاً ، كان يريدها أن تصبح في مستواه ، وبعد أن إنتهيت ، وإذا به يتلمسها وكأنه يمسك بشخص حقيقي ، وببراءة الأطفال سألني : يا معلمتي أنا بروح الجنة ؟ إن شاء الله يا محمد ستذهب إلى الجنة . الحمد لله يعني بشوف بابا زايد لأني ما شفته في حياتي إلا في الصور والتلفزيون. لم أتمالك نفسي ، ولم تستحي دموعي من انهمارها على أب تعلق به الصغير والكبير ، والقاصي والداني ، رحمك الله يا أبانا وأسكنك جنات الفردوس ، وعشت في نعيم الجنان .