الـفرح : يشعر الإنسان بانفعال الفرح أو السرور إذا نال ما تمناه ،وحصل ما يحب أن يحصل عليه من مال أو نفوذ ، أو نجاح ، أو علم ، أو إيمان وتقوى 0 فالفرح أمر نسبي يتوقف على أهداف الإنسان في الحياة 0 فمن كان هدفه في الحياة جمع المال ، والحصول على القوة والنفوذ وغير ذلك من متاع الحياة الدنيا ، كان نجاحه في تحقيق هذه الأهداف باعثا على فرحه وسروره 0 ومن كان هدفه في حياته التمسك بالإيمان والتقوى والعمل الصالح لكي يحصل على السعادة في الحياة الآخرة ، كان ذلك مصدر أمنه وطمأنينته وسروره قال تعالى : (( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين () قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )) سورة يونس ( 57ـ58)

الـكـره : الكره انفعال مضاد لانفعال الحب ،وهو عبارة عن شعور بعدم الاستحسان وعدم التقبل ، أو الشعور بالنفور والاشمئزاز ، وبرغبة في الابتعاد عن الموضوعات التي تثير هذا الشعور ، سواء كانت أشخاصا أو أشياء أو أفعالا 0وبالرغم من أن الحب أساس الحياة الزوجية ، إلا أنه قد يحدث أحيانا بين الزوجين من سوء التفاهم وكثرة المشاحنات والخلافات ما قد يؤدي إلى نشوء الكراهية بينهما0 وقد أشار القرآن إلى ما قد يحدث أحيانا بين الأزواج من كراهية ، ودعانا إلى محاولة التغلب عليها حتى يمكن للحياة الزوجية أن تستمر0 قال تعالى : (( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا )) سورة النساء ( 19 ) 0 وقد يكره الانسان شخصا آخر أو بعض الأشخاص الآخرين لاختلافه معهم في الرأي ، أو بسبب الغيرة منهم لتفوقهم عليه في أمر من الأمور ، أو لما يسببونه له من الإحباط ، أو لغير ذلك من الأسباب التي تبعث الكراهية في النفس 0

الـغيـرة : انفعال مكدر بغيض يشعر به الإنسان عادة إذا شعر أن الشخص المحبوب يوجه انتباهه أو حبه إلى شخص آخر غيره 0 ومن أنواع الغيرة الشائعة غيرة الزوجة على زوجها ، وما يحدث بين الأخوة إذا ما شعر أحدهم أن والديه أو أحدهما يحب أحد إخوته أكثر منه 0 وقد وصف القرآن الكريم الغيرة بين الإخوة فيما ذكرة عن قصة اخوان يوسف حيث كان الأب يحب يوسف أكثر من إخوته قال تعالى : (( إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين () اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين )) سورة يوسف ( 8ـ9) وانفعال الغيرة مركب توجد فيه عناصر من عدة انفعالات أخرى وخاصة انفعال الكره وغالبا ما تكون الغيرة مصحوبة بالكره والحقد والرغبة في إيذاء الشخص الذي يثير الغيرة 0

الـحـسد : انفعال يشعر فيه الإنسان أن شخصا آخر يمتلك شيئا ما يتمنى هو أن يكون لديه هذا الشي بدلا من أن يكون لهذا الشخص 0 فقد يحسد الإنسان شخصا لأنه يمتلك ثروة كبيرة كان يتمنى هو أن تكون لديه هذه الثروة وكثير من الناس يحسدون غيرهم على ما خصهم الله به من أموال أو أبناء أو صحة أو نجاح 0وقد وصف القرآن حسد اليهود والمشركين للنبي عليه الصلاة والسلام على ما خصه الله به من فضل النبوة ، وحسدهم للمؤمنين على ما خصهم الله به من فضل الإيمان والهداية 0 قال تعالى : (( ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم )) سورة البقرة (105) وقد يحسد الأخ أخاه على ما فضله الله عليه من مواهب مختلفة ، ولذلك كان تحذير يعقوب ليوسف عليهما السلام من أن يقص رؤياه على إخوته خوفا من حسدهم له ، مما قد يدفعهم إلى إيذائه 0 قال تعالى : (( قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين )) سورة يوسف ( 5 )

والحسد مثل الغيرة يثير الحقد والكراهية ويدفع إلى تمني وقوع الأذى للشخص المحسود ،وقد يدفع إلى العدوان وإلحاق الأذى بالشخص المحسود 0 فقد قتل قابيل أخاه هابيل ، وقام إخوة يوسف بإلقائه في غور البئر 0ولما كان الحسد يؤدي إلى كراهية وعدوان وأذى فقد وجهنا الله إلى أن نستعيذ من شر الحاسدين 0 قال تعالى : (( 00ومن شر حاسد إذا حسد )) سورة الفلق ( 5 )

الـحـزن : انفعال مضاد للفرح والسرور ، وهو يحدث إذا فقد الإنسان شخصا عزيزا ، أو شيئا ذا قيمة كبيرة أو إذا حلت به كارثة ما ، أو فشل في تحقيق أمر هام 0كذلك يشعر الآباء والأمهات عادة بالحزن إذا ما غاب أبناؤهم عنهم ، أو إذا ما لحق بهم أذى أو أصابهم مكروه 0قال تعالى : (( فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن)) سورة القصص ( 13 ) وقال تعالى : (( فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن )) سورة طه (40 )0 كما وصف القرآن حزن يعقوب عليه السلام عندما فقد ابنه يوسف عليه السلام0 كما وصف القرآن الحزن الذي ألم بأبي بكر رضي الله عنه حينما كان مع الرسول عليه الصلاة والسلام في الغار ، وكان الكفار يطاردونهما للفتك بهما 0قال تعالى : (( 00إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا)) سورة التوبة( 40 ) ويذكر القرآن الكريم في كثير من الآيات الحزن مقرونا مع الخوف مما يشير إلى أنهما انفعالان مكدران إذا ما ألما بالإنسان فإنهما يعكران صفو حياته 0كما تشير هذه الآيات أيضا إلى أن في الإيمان بالله وتقواه والعمل الصالح وقاية من الخوف والحزن وعلاجا لهما ، ومن أمثلة هذه الآيات قوله تعالى: (( قلنا اهبطوا منها جميعا فإماّ يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون )) سورة البقرة ( 38)

ويقول تعالى : (( يا بني آدم إمّا يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون )) سورة الأعراف ( 35)

النـدم : حالة انفعالية تنشأ عن شعور الإنسان بالذنب ، وأسفه على ارتكابه ، ولومه لنفسه على ما فعل ، وتمنيه أنه لم يفعل ذلك 0ولوم الإنسان لنفسه ، وندمه على ما فعل من العوامل الهامة في تقويم شخصيته ، ودفعه إلى تجنب الأفعال المشينة وارتكاب الذنوب التي تسبب له الندم ولوم النفس 0 وقد أقسم الله بالنفس اللّوامة تقديرا لأهميتها في توجيه سلوك الإنسان إلى الابتعاد عن المعاصي التي تسبب له اللوم والندم 0قال تعالى : (( لآ أقسم بيوم القيامة () ولآ أقسم بالنفس اللّوامة )) سورة القيامة(1ـ2) ويقابل النفس اللّوامة ( الضمير ) ، وهو ما يسميه ( فرويد ) والمحللون النفسيون ( بالأنا المثالي ) أو ( الأنا الأعلى ) ( S u p e r E go ) ، وهو الجزء من النفس الذي يحاسب الإنسان على أفعاله ، ويؤنبه على أخطائه ، ويجعله يشعر بالندم على ما ارتكبه من ذنوب 0وأول ندم شعر به الإنسان ما حدث لأبوينا آدم وحواء عليهما السلام وهما في الجنة وقبل أن يهبطا إلى الأرض ، فقد عصيا أمر ربهما وأكلا من الشجرة التي نهاهما عن الاقتراب منها ، وظهرت سوءاتهما ، فشعرا بالندم وتوجها إلى الله سبحانه يطلبان منه المغفرة والتوبة 0وثاني ندم شعر به الإنسان بعد ذلك عندما قتل قابيل أخاه هابيل ، ثم ندم بعد ذلك على قتله0

ويصف القرآن الكريم ما سيحدث يوم القيامة من ندم بعض الكفار لعدم إيمانهم بالله سبحانه ،وتصديقهم لرسوله صلى الله عليه وسلم 0قال تعالى : (( ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا () يا ويلتا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا )) سورة الفرقان ( 27ـ28)

هذه بعض الانفعالات ، كما أن هناك انفعالات أخرى غير التي وردت في هذا المقال مثل : الحياء ، والخزي ، والزهو أو الكبر 0

والـحيـاء :انفعال مركب من الخجل والخوف ،وهو يعتري الإنسان إذا خاف أن يرى الناس فيه ما يمكن أن يعاب أو يذم وهو من السمات الإنسانية الحيدة لأنه يدفع الإنسان إلى تجنب الأفعال القبيحة المعيبة 0قال تعالى : (( فجاءته إحداهن تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا 00)) سورة القصص ( 25)

أما الـخـزي : فهو الخجل المصحوب بالشعور بالمهانة والذل والفضيحة والعار 0قال تعالى : (( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم )) سورة البقرة ( 114)

والـزهـو: حالة انفعالية معقدة نلاحظها بين بعض الناس ، وهي الإعجاب بالنفس ، والغرور ، والتعاظم والكبرياء 0وقد يصبح الزهو عند بعض الناس سمة سلوكية تتميز بها شخصياتهم 0وقد ذم القرآن الزهو والكبر والتعالي على الناس 0قال تعالى : (( ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا )) سورة الإسراء ( 37) وقال تعالى : (( ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور )) لقمان ( 18)