بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و آله و صحبه أجمعين ، أما بعد :-
يقول صاحب القصة : (كنت شابا غافلا عن الله ، بعيدا عنه ، غارقا في لجج المعاصي و الآثام ، فلما أراد الله لي الهداية قدر لي حادثا أعادني إلى رشدي ، و ردني إلى صوابي .....))
إليكم القصة :::::----
في يوم من الايام و بعد أن قضينا أياما جميلة في نزهة عائلية في مدينة الدمام ، انطلقت بسيارتي عبر الطريق السريع بين الدمام و الرياض و معي أخواتي الثلاث ، و بدل أن أدعو بدعاء السفر المأثور استفزني الشيطان بصوته ، و أجلب عليّ بخيله و رجله ، و زين لي سماع لهو الحديث المحرم لأظل سادرا في غافلا عن الله .
لم أكن حينذاك أحرص على سماع إذاعة القرآن الكريم أو الأشرطة الاسلامية النافعة للمشايخ و العلماء ، لأن الحق و الباطل لا يجتمعان في قلب واحد أبدا .
إحدى أخواتي كانت صالحة مؤمنة ، ذاكرة لله ، حافظة لحدوده .. طلبت مني أن أسكت صوت الباطل ، و استمع إلى صوت الحق ، و لكن ...أنَّي لي أن استجيب لذلك و قد استحوذ علي جوارحي و فؤادي ، فأخذتني العزة بالاثم و رفضت طلبها ، و قد شاركني في ذلك أختاي الآخريتان... و كررت أختي المؤمنة طلبها ... فازددت عنادا و إصرارا ، و أخذنا نسخر منها و نحتقرها ، بل إني قلت لها ساخرا : ( إن أعجبك الحال و إلا أنزلتك على قارعة الطريق ) . !!
فصمتت أختي على مضض ، و قد كرهت هذا العمل بقلبها ، و أدت ما عليها ، و الله سبحانه لا يكلف نفسا إلا وسعها ..
و فجأة و بقدر من الله سبق ، انفجرت إحدى عجلات السيارة و نحن نسير بسرعة شديدة ، فانحرفت السيارة عن الطريق ، و هوت في منحدر جانبي ، فأصبحت رأسا على عقب ، بعد أن انقلبت عدة مرات ، و أصبحنا في حال لا يعلمها إلا الله العلي العظيم ، فاجتمع الناس حول سيارتنا المنكوبة ، و قام أهل الخير بإخراجنا من بين الحطام و الزجاج المتناثر ....
لكن ... ما الذي حدث ؟
لقد خرجنا جميعا سالمين - إلا من بعض الاصابات البسيطة -ما عدا أختي المؤمنة ، أختي الصابرة ... أختي الطيبة ... فقد لفظت أنفاسها الاخيرة تحت الركام ....!!!!
نعم لقد ماتت أختي الحبيبة التي كنا نستهزئ بها ، و اختارها الله إلى جواره ... و إني لأرجو أن تكون في عداد الشهداء الأبرار ، و أسأل الله عز و جل - أن يرفع منزلتها و يُعلي مكانتها في جنات النعيم ...
أما أنا فقد بكيت على نفسي قبل أن أبكي على أختي ، و انكشف عني الغطاء ، فأبصرت حقيقة نفسي و ما كنت فيه من الغرور و الغفلة و الضياع ، و علمت أن الله - جل و علا - قد أراد بي خيرا ، وكتب لي عمرا جديدا ، لأبدأ حياة جديدة ملؤها الإيمان و العمل الصالح .
أما أختي الحبيبة فكلما تذكرتها أذرف دموع الحزن و الندم ، و أتساءل في نفسي : هل سيغفر الله لي ؟ فأجد الجواب في كتاب الله عز وجل - في قوله تعالى : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) [ سورة الزمر :53 ] ...
و ختاما ، احذركم - إخواني في الله - من الغرور و الغفلة ، فأفيقوا أيها الغافلون ، و خذوا من غيركم العبرة ... قبل أن تكونوا لغيركم عبرة ...!!!!!
نقلته من برشور العائدون إلى الله للشيخ
محمد بن عبد العزيز المسند ...