-
مشرف التربية الإسلامية
الكاتب : غصن الريان
عنوان البحث : الرسول صلى الله عليه وسلم
السنة الدراسية :
الصف :
العاشر 2
مقدم للمعلمة المحترمة :
-----------
الطالبة:
-------------
إهداء
...........................................
..........................................
..........................................
المقدمة
الحمد لله رب العالمين و العافية للمتقين و لا عدوان إلا على الظالمين ، و صلى الله عليه و سلم على نبيه و رسوله المبعوث رحمة للعالمين ، محمد و على أزواجه و صحابته الطيبين الطاهرين و من تبعه إلى يوم الدين .
كلنا نعرف أن للرسول صفات كثيرة و خصال عظيمة تميز بها عن باقي المخلوقات ، و كلنا نعرف حكمة الرسول صلى الله عليه و سلم و موعظته ، و أنه دائما ما يلقي الحكم و النصائح في مواقع صحيحة ، و في أوقات دقيقة ، بحيث ينتفع و يتعلم منها جميع الناس ، و جميعنا يعرف الرسول صلى الله عليه و سلم و أدبه الرفيع ، و أخلاقه الفاضلة ، و معاملته الحسنة للناس و الصحابة و خدمه و حتى زوجاته و بالأخص معاملة زوجاته ، فكثير من الناس في يومنا الحاضر لا يعامل زوجاته معاملة حسنة و لا يعطيها حقها ، و لا يمتثل بالرسول صلى الله عليه و سلم و طريقته في معاملته زوجاته ، بل لا يتأمل بالمواقف التي تجري بين الرسول صلى الله عليه و سلم و زوجاته ، و لو تأمل و تفكر بها ، لشعر بلمسة الرسول الحانية و همسته الصادقة التي تقود إلى أسهل طرق العشرة الزوجية .
و في ضوء هذه العبارات المنيرة أحببت أن أكتب عن محمد صلى الله عليه و سلم و لكن ليس بصفته رسولا أو نبيا بل بصفته زوجا ، و لقد اخترت هذا الموضوع لأن معظم الأزواج بحاجة إلا هذه الدرر التي تنير لهم دربهم و تدلهم على خير سبيل للتخلص من مشاكلهم .
و قد تحدثت في بحثي عن مواضيع عديدة و أمور كثيرة فقد بدأت بحثي بذكر أسماء زوجات الرسول ثم تحدثت عن تعدد زوجات الرسول و الحكمة من ذلك ثم انتقلت بوصف و شرح معاملة الرسول لزوجاته من شورى و عدل و حب و مزاح و غيرها .
إن من أهم أهدافي التي دفعتني لكتابة هذا الموضوع هي حاجة الناس الشديدة و الملحة لمثل هذه النصائح و الإرشادات التي تضيء لهم طريق الحياة الزوجية الهنيئة .
زوجات الرسول صلى الله عليه و سلم
و بما أنني سأتحدث عن الرسول بصفته زوجا ، أحببت أن أبدأ بحثي بأسماء زوجاته :
خديجة " خير نساء العالمين ":
هي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي القرشية الأسدية ، الملقبة بسيدة نساء العالمين ،هي أول امرأة تزوجها الرسول صلى الله عليه و سلم و لم يتزوج عليها امرأة مدة حياتها ، و أول من أسلم من خلق الله عز و جل و لم يتقدمها رجل و لا امرأة ، تجتمع مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في جدهما " قصي " فهي من أقرب نسائه إليه في النسب ، نشأت في بيت شرف و يسار ، وكانت تدعى في الجاهلية : " الطاهرة ، لشدة عفافها و صيانتها " .
سودة" صاحبة الهجرتين ":
هي أم المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية ، كانت في طليعة السابقين ، اللذين استجابوا لدعوة الحق من أول وهلة حين أهّّّّل الإسلام بنوره على الأرض ، كانت سيدة صالحة جليلة من سادات النساء .
عائشة " أفقه نساء العالمين ":
هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق " عبدالله بن أبي قحافة بن عامر بن كعب " لم ينكح رسول الله صلى الله عليه و سلم بكرا غيرها ، و لا امرأة أبواها مهاجران غيرها ، أنزلت براءتها من السماء، و كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم و هي معه في لحاف واحد ، كانت أحب نساء الرسول صلى الله عليه و سلم إليه و كان أبوها أحب الصحابة إليه ، و قد رأت جبريل عليه السلام ، و كانت تغتسل هي و الرسول من إناء واحد .
حفصة "الصوامة القوامة ":
هي أم المؤمنين حفصة بنت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنها ، ولدت قبل بعثة النبي صلى الله عليه و سلم بخمس سنين ، بينما كانت قريش تجدد بناء الكعبة ، أمها زينب بنت مظعون ، نشأت حفصة في مكة في عز أبيها عمر بن الخطاب .
أم سلمة "الصابرة المحتسبة :
هي أم المؤمنين هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن مخزوم القرشية المخزومية ، تزوجت من ابن عمها الرجل الصالح عبدالله بن عبد الأسد ، أحد العشرة المبشرين بالجنة فقد أسلم مع عثمان و أبي عبيدة في يوم واحد و أسلمت هي الأخرى مع زوجها فكانت من السابقات إلى الإسلام أيضا .
زينب " المرأة التي زوجها الله من فوق سبع سماوات ":
هي أم المؤمنين زينب بنت جحش من بني أسد بن خزيمة الخاشعة الراضية، الأواهة الداعية ،كثيرة الخير والصدقة كانت من سادة النساء دينا و ورعا وجودا ومعروفا، نشأت في ربوع مكة وقد وجدت نفسها من فُضْلَيات نسائها فقد جمعت بين النسب الأصيل والحسب الرفيع والجمال الوفير
جورية "أعظم النساء بركة " :
هي أم المؤمنين جورية بنت الحارث بن أبي ضرار ،كانت فتاة جميلة حسناء نشأت وترعرعت في حياة الترف والنعيم و الرفاهية، وقد جمع الله لها خصال البر والخير و الفضل، فكانت مضرب المثل في الجمال وحسن الخلق و الأدب حتى كان يتمناها الغني و الشريف، والبعيد و القريب، فتزوجها أحد فرسان بني المصطلق الأشداء " مسافع بن صفوان "
أم حبيبة " صاخبة المحن و المنح ":
هي أم المؤمنين رمله بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية القرشية الأموية ، ولدت قبل بعثت النبي بنحو سبعة عشر عام، نشأت في النعمة وشبت تحت خمائلها فأبوها أبو سفيان بن حرب كان يشغل المقام الرفيع في قومه في الجاهلية فهو عريض الجاه وافر الثراء سابغ النعمة، تزوجت رمله عبيدالله بن جحش
صفية " شريفة الحسب كريمة النسب ":
هي أم المؤمنين صفية بنت حيي بن اخطب من يهود بني النضير، ولدت ونشأت وتربت في عز أبيها الذي كان ذا مال وشرف في قومه، تزوجت سلام بن مشكم و كان شاعرا إلا انه مالبث أن فارقها فتزوجها كنانة بن الربيع وكان من شعراء اليهود أيضا
ميمونة "آخر أمهات المؤمنين ":
هي أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية ،كان يقال عن أمها أكرم عجوز في الأرض أصهارا فأصهرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق وحمزة و العباس بنا عبد المطلب وجعفر وعلي ابنا أبي طالب
زينب " أم المساكين "
هي أم المؤمنين زينب بنت خزيمة بن الحارث الهلالية ، ولدت في مكة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، وتزوجت الطفيل بن الحارث ثم ما لبث أن طلقها فتزوجها بعده أخوه عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب احد السابقين الأولين للإسلام ،كانت سخية كريمة جزيلة العطاء تتصف بالطيبة والعطف على الفقراء وكان لا يأتيها درهم ولا دينار إلا أنفقته على المساكين والمحتاجين حتى أطلق عليها أم المساكين لكثرة إطعامها لهم وصدقاتها عليهم وإحسانها إليهم
مارية "هدية للنبي صلى الله عليه وسلم من مصر "
هي أم المؤمنين مارية القبطية، كانت من الصالحات الخيرات حسنة الدين حلوة جميلة بيضاء مما أثار غيرة نساء النبي صلى الله عليه وسلم منها
ريحانة :
هي أم المؤمنين ريحانة بنت شمعون بن زيد ، كانت امرأة جميلة وسيمة تزوجتن رجلا من بني قريظة"الحمكم " الذي أحبها وأكرمها و وقعت في الأسر بعد مقتل زوجها الحكم فعرض بن ثعلبة بن سعية عليها الإسلام فأسلمت فاختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه .
تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه و سلم
تزوج رسول الله إحدى عشر امرأة ، تدثرن باسم أمهات المؤمنين ، و مات عن تسع نساء ، و ياله من شرف عظيم و منزلة رفيعة حظيت بها تلك النساء الكريمات ، و لقد تزوج الرسول صلى الله عليه و سلم المرأة الكبيرة و الأرملة و المطلقة و لم يكن بين تلك الزوجات بكرا إلا عائشة رضي الله عنها .
و هذا البيت النبوي العظيم لم يكن كذلك لولا ما كان لرسول الله صلى الله عليه و سلم يشكر ربه قولا و فعلا ، كان صلى الله عليه و سلم يحث نساءه على العبادة و يعينهن على ذلك امتثالا لأمر الله عز و جل
" و أمر أهلك بالصلاة واصبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك و العاقبة للتقوى " سورة طه أية 132 ، لقد تعدد في زوجات لما فيه من خير و منفعة و سنعرف في بحثي هذا حكمة هذا التعدد.
عن عائشة رضي الله عنها قالت (كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي و أنا راقدة معترضة على فراشه فإذا أراد أن يوتر أيقظني )متفق عليه .
و قد حث النبي صلى الله عليه و سلم على قيام الليل و إعانة الزوج و الزوجة لبعضهما حتى إنها تأخذ منحنى جميلا في نضح الماء من الزوج أو الزوجة لا فرق فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( رحم الله رجلا قام من الليل فصلى و أيقظ زوجته فصلت فإن أبت نضح في وجهها الماء ، و رحم الله المرأة قامت الليل فصلت و أيقظت زوجها فصلى فإن أبى نضحت في وجهه الماء ) رواه أحمد
حكمة تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه و سلم
إن الرسول الأمين والنبي الكريم قد بذل كل شيء في سبيل الدعوة إلى الله وتجرد من الدنيا وما فيها لهذه الغاية السامية وسلك كل سبيل لتقديمها ونشرها بين الأنام وأن عمله هذا وتزوجه بهاذي النسوة كان من هذه الأسباب التي وطدت أركان الإسلام وثبتت دعائمه وأظهرت للناس المقسطين المنصفين عظمة هذا الرسول الأمين ومبلغ عطفه وثاقب نظره وعظيم رحمته بالمؤمنين والمؤمنات .
فما كان بالرسول حاجة لأن يتزوج بمن تزوج من النساء بعد خديجة الكبرى وقد أمضى معها زهرة شبابه وصفوة عمره لولا حرصه صلى الله عليه وسلم على الدعوة الإسلامية .
وقد رغبه هذا الحرص في مصاهرة من تقوى بهم شوكته ويشتد بهم أزره بعد أن فقد عمه وزوجته وهما الركنان العظيمان من أركان نصرته وتأييده وتدعيمه وتقويته هذه من جهة ومن جهة أخرى عطفه وحنانه ورحمته بالاتي تزوج بهن من الأرامل الثيبات اللواتي تزوجهن بعد أن تركهن أزواجهن من غير ناصر ولا معين .
ولو كان للهوى وللشهوة سلطان من قلب المصطفى عليه الصلاة والسلام لا أخذ من الزوجات من شاء قبل النبوة وهو في أول شبابه واستكمال قواه لا شرع يحول بينه وبين
بغيته ولا عاد تمنعه من قضاء مآربه وتمتعه بملذات الحياة ومتاع الدنيا لاسيما وقد كان
مرغوبا فيه بين الناس لما أشتهر به من مكارم الأخلاق وحميد الفعال والخصال ورائق الجمال وكمال القوة والفتوة ولكنه صلوات الله وسلامه عليه لم يفعل ذلك ولم يتزوج قبل النبوة من شاء من النساء وهو في عنفوان شبابه والعرب كانت تكثر ممن الزوجات حتى أن منهم من كان تحته العشر والعشرون امرأة في وقت واحد .
فلم يتزوج عليه الصلاة والسلام بغير خديجة قبل الإسلام وقد قضى معها شيبته وطائفة من كهولته وبعد أن ماتت خديجة رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنوات وقد مكث معها خمسا وعشرون سنة بدأ بعدها بحياة أخرى مع زوجات أخريات ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم في زواجه هذا بدعا من الرسل حتى يقول المغرضون المنافقون (إن منزلة النبوة التي دعا إليها محمد كان يجب أن تحول بينه وبين الإكثار من عدد الزوجات )نعم لم يكن هو الوحيد الذي تزوج من بين الرسل فغيره ممن الرسل قد تزوج ولا بأس عليهم في ذلك صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فتلك سنة الله في خلقه
و أمامنا الرسولان الكريمان داوود وسليمان عليهما السلام فقد تزوجا كثيرا من النساء ولا يسع عقل من العقلاء إنكار نبوتها وشريعتهما وما أتيا به من الصحف السماوية المنزلة
ومنزلة النبوة التي دعا إليها الرسول الرحيم لا يجوز أن تحول بينه وبين الإكثار من عدد الزوجات لأن الدعوة إلى شيء تحتاج إلى التبليغ وتدعو إلى الإكثار من الدعاء لنشرها بين الناس وهكذا شئن كل دعوة تريد البقاء والخلود والذيوع بين الملأ فكلما كثر الدعاة وزادوا زاد الإقبال على الدعوة وعظم أمرها وشاع ذكرها وتضاعف ناصروها ومؤيدوها خاصة الدعوات الصادقة التي تحمل معها عناصر خلودها و بقائها كالدعوة الإسلامية المباركة التي جاء بها الرسول الأمين من ربه
و من لوازم صاحب الدعوة الأول المضطلع بدعوته المخلص لها و المتفاني في سبيلها أن يتآلف الناس ويتصل بهم ويسلك السبل التي تقربه منهم ليجد طريقا لدعوته إلى قلوبهم ولاتصال أقوى من اتصال المصاهرة والنسب فكل امرأة يتزوجها يتألف بها أهلها وعشيرتها وقبيلتها فكانت المرأة تعادل المئات من الرجال وجريا على هذه السنة سار رسول الله صلى الله عليه وسلم فتآلف أقواما بزواجه ببعض النساء ودفع عنه أذى أقوام بتزوج الأخريات وأنقذ البعض منهم من الهلاك بزواجه وجزاهن على الإسلام خير الجزاء فصرن أمهات المؤمنين ولو تركهن الرسول لوقعن في شرك المشركين وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم فوق هذا وذاك والله أعلم بما أراد أن يجعل من كل واحدة منهن داعية للإسلام ومدرسة قائمة بذاتها تعلم الناس وتفتيهم في أمور دينهم وتبين لهم الحلال والحرام .
فبيوت النبي لم تكن إلا مدارس للمؤمنين والمؤمنات تهذب وتعلم وتبين للناس ما يجب أن يعلموه عن رسولهم في شأنه كله.
وكانت بيوت النبي صلى الله عليه وسلم مفتوحة للسائلات وبعض السائلين من ذوي القربى نساء النبي .
وما أحوج المسلمين آن ذاك إلى مثل هذه المدارس والدين طري والدعوة الإسلامية جديدة على الناس وأن كان أصلها ثابتا في قلوب المؤمنين والمؤمنات وفروعها في السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها .
وخلاصة القول أن أمهات المؤمنين الطاهرات التسع الآتي توفي عنهن رسول الله صلى الله عليه وسلم كن معلمات ومهذبات ومصلحات ومفتيات لنساء الأمة الإسلامية ولرجالها في القضايا النسائية والأحكام الشرعية والآداب الزوجية والحكم النبوي وكن قدوة صالحة في الخير وعمل البر والإحسان كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في حسن الخلق وطيب العشرة مع نسائه فقد عاشرهن بالمعروف وعدل بينهن وعلمهن الأحكام الشرعية الخاصة بالنساء وسياسة النبي في تعدد النساء في السياسة الرشيدة التي اقتضتها ظروف الدعوة الإسلامية .
ومن الصعب أو المستحيل أن تقوم زوجة واحدة أو زوجتان بالأعباء الجسام التي اضطلع بالقيام بها تسع نسوة مؤمنات عابدات خاشعات وما حفظنه من أحكام الشريعة لايمكن أن تستوعبه امرأة واحدة حفظا ودراية ورواية مهما أوتيت من قوة الحافظة وفرط الذكاء .
وقد روى عن زوجات النبي الطاهرات رجال كثير ونساء في مختلف الأحكام الشرعية خاصة القضايا النسائية وكتب الحديث شاهدة بذلك .
من أجل هذا اختار الله سبحانه أن يكون عدد أزواج الني صلى الله عليه وسلم كبيرا وأن تختلف انتماءاتهن القبلية وأن تجتمع بينهن ابنة أحب الناس إليه وابنة أعدا أعدائه وأن تكون منهن القرشية و الهاشمية واليهودية والنصرانية والعربية والقبطية و الحضرية و الأعرابية وحديثة السن والوسيطة و العجوز لا ليكن أزواجا لنبي وحسب بل لأنهن مكلفات بمهمة تاريخية لم تكلف بها امرأة قط بموجب عقد الزوجية
أي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كلما تزوج امرأة أضاف شاهدا على حياته وفتح جملة من العيون على أسراره وهي وظيفة لزوج تفرد بها البيت النبوي ولم يعرفها بيت إنسان جليل أو قليل في التاريخ كله.
معاملة الرسول صلى الله عليه و سلم لزوجاته
في دوحة الأسرة الصغيرة تبقى الزوجة مربط الفرس و جذع النخلة و السكن و القرب ، يقول الرسول صلى الله عليه و سلم (الدنيا كلها متاع ، و خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة ) صحيح الجامع الصغير
و من حسن خلقه و طيب معشره عليه الصلاة و السلام .. نجده ينادي أم المؤمنين بترخيم اسمها و بخبرها
خبرا تطير له القلوب والأفئدة ! ، قالت عائشة رضي الله عنها : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما
(يا عائش ، هذا جبريل يقرئك السلام ) متفق عليه
بل هذا نبي الأمة و أكملها خلقا و أعظمها منزلة يضرب صورا رائعة في حسن العشرة و لين الجانب و معرفة الرغبات العاطفية و النفسية لزوجته ، و ينزلها المنزلة التي تحبها كل أنثى و امرأة !
قالت عائشة رضي الله عنها ( كنت أشرب و أنا حائض ، فأناوله النبي صلى الله عليه و سلم ، فيضع فاه على موضع في فيشرب و أتعرق العرق " أي آخذ ما على العظم من اللحم " فيتناوله و يضع فاه على موضع في ) رواه مسلم
و لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم كما زعم المنافقون و اتهمه المستشرقون بتهم زائفة و ادعاءات باطلة ، بل ها هو يتلمس أجمل طرق العشرة الزوجية و أسهلها .
عن عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة و لم يتوضأ ) رواه أبوداود و الترمذي
و الرسول صلى الله عليه و سلم في مواطن عدة يوضح بجلاء مكانة المرأة السامية لديه و أن لهن المكانة العظيمة و المنزلة الرفيعة ها هو يجيب عل سؤال عمرو بن العاص رضي الله عنه و يعلمه أن محبة الزوجة لا تخجل الرجل الناضج السوي القويم !
عن عمرو بن العاص أنه قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة ) متفق عليه
و لمن أراد بعث السعادة الزوجية في حياته عليه أن يتأمل هذا الحديث ، حديث أم المؤمنين رضي الله عنها و كيف كان عليه الصلاة و السلام يفعل معها ! عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كنت أغتسل أنا و رسول الله صلى الله عليه و سلم من إناء واحد ) رواه البخاري
و نبي هذه الأمة لا يترك مناسبة إلا و استفاد منها لإدخال السرور على زوجته و إسعادها بكل أمر مباح ! تقول عائشة رضي الله عنها : (خرجت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في بعض أسفاره ، و أنا جارية لم أحمل اللحم و لم أبدن فقال للناس : تقدموا ، ثم قال : تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقته ، فسكت عني حتى حملت اللحم و بدنت و سمنت و خرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس : تقدموا ، ثم قال : تعالي أسابقك فسبقني ، فجعل يضحك و يقول : هذه بتلك ) رواه أحمد
إنها مداعبة لطيفة و اهتمام بالغ ، يأمر القوم أن يتقدموا لكي يسابق زوجته و يدخل السرور على قلبها ، ثم ها هو يجمع لها دعابة ماضيه و أخرى حاضرة و يقول : هذه بتلك !
و من ضرب في أرض الله الواسعة اليوم و تأمل حال القوم ليعجب من فعله صلى الله عليه و سلم و هو نبي كريم و قائد مظفر و سليل قريش و بني هاشم ، في يوم من أيام النصر قافلا عائدا منتصرا يقود جيشا عظيما ، و مع هذا فهو الرجل الودود اللين الجانب مع زوجاته أمهات المؤمنين ، لم تنسه قيادة قريش و لا طول الطريق و لا الانتصار في المعركة أن معه زوجات ضعيفات يحتجن منه إلى لمسة حانية و همسة صادقة تمسح مشقة الطريق و تزيل تعب السفر .
روي البخاري أنه صلى الله عليه و سلم لما رجع من غزوة خيبر و تزوج صفية بنت حيي رضي الله عنها كان يدير حول البعير الذي تركبه يسترها به ، ثم يجلس بعيره فيضع ركبته فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب .
كان هذا المشهد مؤثرا يدل على تواضعه صلى الله عليه و سلم ، لقد كان صلى الله عليه و سلم و هو القائد المنتصر و النبي المرسل يعلم أمته أنه لا ينقص من قدره و من مكانته أن يوطىء أكنافه لأهله و أن يتواضع لزوجته ، و أن يعينها و يسعدها .
و من وصاياه عليه الصلاة و السلام لأمته : ( و استوصوا بالنساء خيرا ..........)رواه مسلم
حب الرسول صلى الله عليه و سلم لزوجاته
كان الرسول صلى الله عليه و سلم يحب زوجاته كثيرا و بالأخص عائشة رضي الله عنها فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال 
عن عائشة رضي الله عنها (أنها كانت تسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم كيف حبك لي ؟ فيقول كعقدة الحبل ، فكنت أقول : كيف العقدة يا رسول الله ؟ فيقول : هي على حالها ) رواه أبو نعيم
قالت عائشة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه و سلم يوما : ( بأبي أنت و أمي ، يا رسول الله ادع الله يغفر لي ما تقدم من ذنبي و ما تأخر ، فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم يده وقال : اللهم اغفر لعائشة بنت أبي بكر مغفرة ظاهرة و باطنة لا تغادر ذنبا و لا تكسب خطيئة و لا إثما . ثم نظر إليها نبي الرحمة و قال لعائشة : أفرحت يا عائشة ؟ ، قالت عائشة : إي و الذي بعثك بالحق ، فقال رسول الله : أما و الذي بعثني بالحق ما خصصتك بها من بين أمتي و إنها لصلاتي لأمتي بالليل و النهار فيمن مضى منهم و من بقي إلى يوم القيامة و أنا أدعو لهم و الملائكة ، يؤمنون دعائي ) رواه الحاكم
مزاح الرسول مع زوجاته
كان الرسول كثير المزاح مع زوجاته فعن عائشة رضي الله عنها قالت ( كان الرسول صلى الله عليه و سلم مزاحا و كان يقول إن الله لا يؤاخذ المزاح الصادق في مزحه ) ،عن عائشة رضي الله عنها قالت ( أتيت النبي صلى الله عليه و سلم بجريرة طبختها فقلت لسودة و النبي صلى الله عليه و سلم بيني و بينها : كلي ، فأبت ، فقلت : كلي كلي أو لألطخن وجهك ، فأبت فوضعت يدي فيها فلطخت وجهها ، فضحك النبي صلى الله عليه و سلم و أرخى فخذه لسودة و قال : لطخي وجهها ، فلطخت و جهي فضحك النبي صلى الله عليه و سلم )
عدل الرسول صلى الله عليه و سلم بين زوجاته
تزوج الرسول صلى الله عليه و سلم أمهات المؤمنين و جمع بينهن فكان مثالا في العدل و القسمة ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان الرسول صلى الله عليه و سلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، و كان يقسم لكل امرأة منهن يوما و ليلتها ) رواه الترمذي .
و من صور العدل ما رواه أنس بن مال رضي الله عنه : ( كان للنبي صلى الله عليه و سلم تسع نسوة ،
فكان إذا قسم بينهن لا ينتمي إلى المرأة الأولى إلا في تسع ، فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها ، فكان في بيت عائشة ، فجاءت زينب فمد يده إليها ، فقالت عائشة : هذه زينب ، فكف النبي صلى الله عليه و سلم يده ...) متفق عليه
شورى الرسول صلى الله عليه و سلم لزوجاته
قال تعالى : " يا أيها النبي قل لزوجاتك إن كنتن تردن الحياة الدنيا و زينتها فتعالين أمتعكن و أسرحكن سراحا جميلا * و إن كنتن تردن الله و رسوله و الدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما " الأحزاب الآية 28 و 29
في هذه الآيات الكريمة أمر من الله سبحانه و رسوله صلى الله عليه و سلم بأن يخير نساءه بين أن يفارقهن فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا و زينتها و بين الصبر على ما عنده من ضيق الحال و لهن عند الله ذلك الثواب الجزيل .فشاورهن الرسول صلى الله عليه و سلم و خيرهن فاخترن رضي الله عنهن و أـرضاهن الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم و الدار الآخرة ، فجمع الله لهن بعد ذلك بين خير الدنيا و سعادة الآخرة .
الـمراجع
الـخاتـمة
أحمد الله و أشكره الذي تم بعونه وحده و توفيقه مساعدتي في كتابة هذا البحث البسيط و المتواضع عن الرسول صلى الله عليه و سلم بصفته زوجا ، و التي هي من أفضل المواضيع و أخيرها التي مهما كتبت عنها ما أعطيتها حقها ، فرسول الله صلى الله عليه و سلم حكمة في كل مكان و زمان ، لا يخلو من المواعظ و الإرشادات التي تنير طريق كل مسلم و تهديه لخير سبيل .
حين كتابتي لهذا الموضوع لم تواجهني أية صعوبات فالموضوع بسيط وواضح و من الممكن الحصول على المراجع ، فسيرة الرسول صلى الله عليه و سلم توجد في كل مكان ، لا يخلو بيت منها .
لقد استفدت الكثير من هذا البحث الذي سطرت أوراقه بأنامل يدي و عطرت حروفه بحبي للرسول و نيتي الصادقة بنشر هذه الرسالة العظيمة ، فمن أهم النتائج التي توصلت إليه أن الرسول صلى الله عليه و سلم خير معلم و أعظم دليل يتزود به المسلم ، خير من يقتدى به للتخلص من المصائب و المشاكل التي تسكن فينا ، تعلمت أن الرسول صلى الله عليه و سلم ليس بحسن المعاملة مع الناس فقط بل مع زوجاته الطاهرات ، و أنه لا تنسيه قيادة الجيش و لا طول الطريق و لاكثرة الانتصارات ، أن له زوجات ضعيفات يحتجن إليه يحتجن إلى لمسته الحانية و همسته الصادقة .
وها نحن نغادر هذا البيت العامر بالإيمان القائم على الطاعة ، تبقى لنا سنة الرسول صلى الله عليه و سلم معلما لمن أراد النجاة و لمن أراد الهداية ، لعل الله أن يرزقنا حسن الهداية و جميل الإقتداء .
اللهم ارزقنا حب نبيك صلى الله عليه و سلم و موافقته على الطريق المستقيم لا ضالين و لا مضلين ،اللهم صل على محمد ما تعاقب الليل و النهار ، اللهم صل على محمد ما ذكره الذاكرون الأبرار ، اللهم اجمعنا مع نبينا محمد صلى الله عليه و سلم في الفردوس الأعلى وأقر أعيننا برؤيته و الشرب من حوضه ، شربة لا يظمأ بعدها أبدا ، و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ...
تراني أنا كاتبتنوا بأنامل يدي ..
أتمنى أن يعجبكم ....... أول حب في الإسلام كان للنبي صلى الله عليه و سلم لزوجته عائشة رضي الله عنها ) أبي سعيد 2. " زوجات النبي الطاهرات " محمد محمود الصواف ، دار العلوم للطباعة – القاهرة 1950 م، الطبعة الثانية ص (13 – 14 ) 3. " السيرة الجليلة في سيرة الأمين المأمون إنسان العيون " علي بن برهان الدين الحلبي ، دار المعرفة للنشر و التوزيع – بيروت1044هـ الطبعة الأولى ، المجلد الثالث ص( 440 441 ) . 4. " يوم في بيت الرسول صلى الله عليه و سلم " عبدالملك القاسم ، دار القاسم للنشر و التوزيع – الرياض 1419 هـ، الطبعة الأولى ص ( 37 – 38 -39 -42 -43 – 44 – 45 ) 5. " زوجات الرسول ، " أشرف محمد الوحش ، دار الفضيلة للنشر و التوزيع و التصدير – القاهرة ، 2004م الطبعة الأولى ص ( 2 – 23 – 24 ) 2007-2008 1 . " نساء النبي صلى الله عليه و سلم " حسين عبدالحميد نيل ، مكتبة رجب للنشر و لتوزيع – القاهرة 2002 م، الطبعة الأولى ص ( 39-40 )
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى