ممثلو الأعمال: ذوو الإعاقة قوة مهنية محترفة

منتدى الشفلح يعرض تجارب عالمية في إدماج ذوي الاحتياجات

الدوحة ـ شبوب أبوطالب

كانت ندوات اليوم الثاني من الملتقى الدولي السنوي الرابع لمركز الشفلح ثرية جدا لجهة عرض مختلف التجارب العالمية في كيفيات إدماج ذوي الاحتياجات الخاصة في سوق العمل، وتوفير الرعاية المهنية والنفسية والاجتماعية لهم.

وقد عرفت الندوات تدخلا مباشرا للسيد جيمس ولفنسون المدير السابق للبنك الدولي الذي أكد على أهمية التعامل الإيجابي مع هذه الشريحة الخاصة من المجتمع، وكذا أولوية توفير مجالات العمل المناسبة لهم مستعرضا تجربة مؤسسته في هذا المجال والتي اعتبَرها إيجابية للغاية ومشجعة لكل الهيئات الدولية على تكرارها.

أما السيدة روز أنجيلا برمان بيلز من معهد «إنتر أميركان لحالات الإعاقة والتنمية الشاملة» فقالت إن أغلبية الدراسات العالمية تظهر تدهورا غير محدود للخطط المرصودة لضمان العمل لذوي الاحتياجات الخاصة، وحسبها فإن برامج المساعدات الدولية غالبا «ما تترك قضايا الإعاقة لبرامج جانبية بدون دراستها ضمن الاستراتيجيات الموجهة للسكان. كما أنه لا توجد مراقبة وتقييمات لمنافع ونتائج هذه الخطط الإستراتيجية بالنسبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة»، وهذا ما اعتبرته نذير شؤم، داعية لإِفرادِ ذوي الاحتياجات الخاصة برعاية أوفى، وإيجاد خطط مندمجة واقعية تكفل إنهاء معاناتهم، بدل المأساة التي يعيشها الملايين منهم حاليا.

ومن جنوب إفريقيا، تحدثت السيدة ساندرا أمبروز عن المشاركة في «مجموعة العمل للأطفال المعاقين» عن خطط مؤسستها؛ لتمكين آباء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمعات متدنية الدخل من الاستقلالية المالية، وقالت إن الآباء في أقدم بلد مارس التمييز العنصري قد أسسوا مجموعة عمل باسم «دي آي سي أيه جي» عام 1993؛ وذلك كي يجمعوا ويرصدوا الموارد اللازمة لتعليم الأبناء في بيئة مواتية لهم، كما استهدفوا توصيل الخدمات إلى المجموعات المستبعدة سابقا في جنوب إفريقيا، بما في ذلك الأبناء ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لم يتم الوصول سابقا لأغلبهم نتيجة الصراعات التي عصفت ببلد نيلسون مانديلا، وأكدت أمبروز أن شركاءها يعملون على مناقضة ودحر التحديات التي تواجه أطفالهم ويعملون بكد للحصول على حقوق الأطفال المعاقين الذين عانوا في مجتمع ما بعد الحرب الأهلية.

وفي ذات الاتجاه تحدثت الدكتورة ستيلا أكوارون ممثلة «عيادة الأطفال الرضع» من بريطانيا، حول العمل مع أقارب الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، مستخدمة نموذج مركز «العلاج العائلي البريطاني» الذي يوفر تدخلا علاجيا للأطفال الذين يملكون أقارب أو أشقاء يعانون من الإعاقة كجزء من العلاج الأسري، كما يقدم تقييما مستمرا وإجراءات طبية ونفسية تستكشف وتخاطب الأطفال ذوي الاحتياجات العاطفية بما في ذلك صعوبات التواصل والعلاقات الأسرية.

ومن الهند، تحدث السيد مينال دوشي ممثل «مركز التدخل الإنمائي» بمقاطعة سيتور الهندية عن تجربة مؤسسته في منطقة «أحمد آباد»، وقد قال المعني إن البلدان النامية تواجه العديد من التحديات في تقديم خدمات التدخل العلاجي لذوي الاحتياجات الخاصة، وإحدى هذه التحديات هي عدم تقديم المعلومات المتجانسة عن أثرها على تطور النشء، حيث كثيرا ما يتعرض الأطفال المعاقون لتدخلات علاجية خاطئة يقدمها أطباء غير مؤهلين لكنها لا تجد التقييم المناسب من لدن الآباء ولا من طرف الجهات المختصة التي تقف عاجزة أمام التجاء كثير من المجموعات العرقية إلى الطب الشعبي غير العلمي بما يشكله ذلك من أخطار على الصحة النفسية والطبية والعقلية للطفل، ونبه المتحدث إلى ضرورة فهم وإدراك الآباء لحيوية خدمات التدخل المبكر العلمية، وكذا حتمية تسليط الضوء على الفجوات في تقديم الخدمات التي يمكن أن يخلقها إهمال الحكومات المحلية، وهو ما يعني ضرورة العمل الدائب على ملاحقتها بحملات تقويمية مبكرة وشاملة ومتواصلة.

وتدخل الدكتور لارين جيدين من «كلية سانت ماري» بالولايات المتحدة محاضرا حول «الآفاق الأسرية لتحقيق الاستقلالية»، حيث قال إنه بموازاة الدور الذي يجب أن تلعبه المؤسسات الحكومية والأهلية في موضوع توفير كافة شروط الاستقلالية الفكرية والمهنية لذوي الاحتياجات الخاصة فإن محضن الأسرة يظل حجر الزاوية في تعميق شعور الطفل بذاته، وتوفير بدائله الذاتية لتحقيق شخصيته والابتعاد بها عن أية ضغوط، واستعرض الدكتور حصيلة دراسات معمقة كشفت أن العلاقات الأسرية تصبح أكثر متانة خلال الفترة المبكرة من حياة الطفل في حال تمكن الوالدان من دعم شعور المعاق بذاته، وتعليمه أبجديات الاستقلال، مؤكدا أن تزويد الطفل المعاق بمجداف الإبحار المستقل في الحياة لن يكون على حساب أسرته بل سيكون لصالحها، وسيرفد العلاقات الأبوية ويقويها.

من ناحيتهم لم يتوان ممثلو المؤسسات الاقتصادية العالمية عن استعراض خبراتهم في توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تحدثت آنا كالينتشيفا، مديرة الموارد البشرية والتنمية الإدارية بـ»سيتي بنك روسيا» عن تجربة الروس في هذا المجال، ومع اعترافها بداية بأنه «لا تزال عوائق كبيرة تتواجد في روسيا أمام توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة» ومنها «عدم وجود بنوك معطيات عن الفرص والمهن التي يمكن أن يشغلوها، والموقف النمطي لأصحاب العمل من الأشخاص ذوي الإعاقة، وانخفاض الروح المعنوية لذوي الاحتياجات الخاصة وفقدان بعضهم للمهارات القيّمة وقلة الخبرة» فإنها أبدت موقفا جد مشرِقٍ لدى حديثها عن مؤسسة «بيرسبيكتيفا» وهي منظمة روسية غير حكومية تعنى بذوي الإعاقة، والتي تقوم بإعداد برامج مبدعة للتوظيف، وتلقى تعاونا كثيفا من مجتمع الأعمال، وأكدت أن وتيرة العمل الحالية ستضمن لذوي الإعاقة في روسيا فرصا كثيرة للعمل، خاصة أن كثيرين منهم أبدعوا في المناصب التي شغلوها، وكشفوا عن قدرات استثنائية شجّعت رجال الأعمال على التعاون مع شرائح أوسع من المعاقين باعتبارهم قوة مهنية محترفة وملتزمة وقادرة على ضمان معايير الجودة المهنية في ما يوكل لها من مهام.

من جهته، أكد تي ساراسويتش ديفي، لبنشيلف وهو ممثل عن منظمات المجتمع المدني الهندية الساعية لتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصة على أن المستثمرين في الهند صاروا متحمسين أكثر من قبل للبرامج التي تطرحها هيئته، وأن المناصب التي أتيحت للمعاقين على قلتها النسبية قد كانت فرصة ثمينة ليكشف هؤلاء عن قدرات استثنائية جعلتهم عملة رابحة في بورصة العمل، لتتحول النظرة المهنية لهم من مرحلة «التوظيف التعاطفي»، أي توفير منصب عمل ولو زائف لمعاق أو عدة معاقين لمجرد مساعدتهم، إلى «التوظيف التنافسي» وهي المرحلة التي صار المستثمرون يتنافسون خلالها على المعاقين باعتبارهم شريحة مهنية متميزة وقادرة على الاندماج.

* مشاركون: المنتدى عرفنا تجارب رائدة

الدوحة - العرب

أكد مشاركون في مؤتمر الشفلح الدولي الرابع أنهم استفادوا من فرص كثيرة للتعرف على خبرات عالمية نادرة، كما سعدوا كثيرا بالتعامل مع المركز والتعرف على تجهيزاته وتقنياته الحديثة.

وقالت السيدة ماري غال، إحدى مؤسسات «الجمعية الدولية للتربية الخاصة»، والأستاذة بجامعة نورث كارولينا بالولايات المتحدة الأميركية لـ «العرب» أنها سعدت جدا بالمشاركة في الملتقى، مضيفة «ذهلت حقا للتطور الذي شهدته في مركز الشفلح ومدى رقي خدماته الاجتماعية والنفسية والمستوى العالمي لموظفيه، والوضعية الجيدة جدا لتجهيزاته وتقنياته البحثية. وأستطيع القول دونما مواربة بأني رغم خبرتي الطويلة في هذا المجال فقد استفدت كثيرا من تجارب باحثي ومدربي الشفلح وسعدت حقا بالتعرف عليهم»، مؤكدة «إنني مبهورة حقا بما شاهدته ولا أكتمكم سرا إذا قلت بأني سأكون حريصة منذ الآن وصاعدا على حضور فعاليات هذا المؤتمر المهم، والانخراط أكثر في القضايا الجادة التي يطرحها والتفاعل الإيجابي مع مشاركيه من مختلف الجنسيات لأن الاكتشاف يظل رائد أي باحث حقيقي، ولا ريب أن زيارتي لقطر قد حملت لي الكثير من الاكتشافات العلمية، ناهيك عن تزويدي برصيد من الخبرة المكثفة التي يندر الحصول على مثلها في أيام معدودة».

أما السيدة مارسي روث، رئيسة «مؤسسة الحلول العالمية» وهي متخصصة في البحث وابتكار طرق التفاعل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، فمضت إلى هدفها مباشرة بالقول: «كمهنية في ميدان التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة أستطيع التأكيد لكم أني استفدت من كل من رأيته هذا المؤتمر الدولي، إذ أن عملي ينصب أساسا على ابتكار الحلول العلمية والعملية للتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة وتلبية متطلباتهم الشخصية بمختلف أنواعها، وعبر الالتقاء بهذه النخبة التي استضافها مركز الشفلح استطعت تحديد موقعي بدقة كبيرة وسط المؤسسات المماثلة لمؤسستي والراغبة في تقديم أفضل منتوج علمي لشريحة تعتبر أساسية جدا في أي مجتمع. ومن ناحية ثانية فإن الخبرات العلمية التي قدمها المتخصصون في المؤتمر ستكون مادة طيبة للغاية لتحويلها إلى منجزات ومنتجات فعلية في القريب العاجل من طرف مؤسستنا التي يهمها جدا أن تكون في المستوى المطلوب وأن لا تُسبق أو تتأخر عن الحركة البحثية».

من جهتها، أكدت السيدة سارسوادي ديفي، وهي مؤسسة ومديرة هيئة «ليبينشليف» الهندية المتخصصة في التربية الخاصة، أن المؤتمر برمته كان سلسلة من المفاجآت الجميلة بدءا من «اكتشاف قطر بكل هذا التقدم الذي حققته على مختلف الصعد» وانتهاء بـ «النخبة الرائدة التي حرص المؤتمر على استضافتها والتي أتاحت لي بصفة شخصية الالتقاء بعشرات العلماء والمتخصصين وزملاء المهنة ممن كان لزاما علي، نظريا، أن أنفق عدة سنوات في البحث عنهم ومحاولة الوصول إلى آخر ابتكاراتهم وقد أتاح لي المؤتمر كل هذا وأكثر منه عبر تجربة إقامة علاقات مباشرة معهم للتشاور حول مختلف القضايا التي تهمنا كمهنيين وتضيف إلى رصيدنا»، مؤكدة أنه «عبر مثل هذه الملتقيات التي تبرع دولة قطر في تنظيمها يمكن بكل سهولة الحصول على خبرة عالمية عالية والالتقاء بشركاء التخصص وتبادل الآراء والرؤى والتجارب وكذا بناء صداقات إنسانية مع باحثين ومهنيّين من مختلف أنحاء العالم، فضلا أن الملتقى سيزوّد قطر ومركزها الرائد، الشفلح، بعصارة رائعة من الأبحاث والتجارب التي تفيد حتما خطة قطر في العناية بمواطنيها من ذوي الاحتياجات الخاصة».


صحيفة العرب القطرية // - X-XX-X