محمد السيد: ضرورة إيجاد برامج وقائية للحد من تدهور أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة



اختتام أعمال المؤتمر الدولي الخامس للتأهيل الدولي

بوابة الشرق – سمية تيشة

اختتم بالأمس، المؤتمر الدولي الخامس للتأهيل الدولي "من أجل عالم أفضل للجميع — إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة بالتنمية " الذي استمر ثلاثة أيام متتالية، تحت رعاية سعادة الشيخة حصة بنت حمد بن خليفة آل ثاني رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، بمشاركة عدد كبير من المختصين والخبراء في مجال ذوي الإعاقة من مختلف دول العالم، وذلك بفندق فريج شرق..

وركز المؤتمر — الذي جاء بتمويل من شركة قطر للأسمدة الكيماوية (قافكو) — على ابرز قضايا ذوي الإعاقة، وتعزيز ورفع كفاءاتهم تمهيداً لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، فضلاً عن إنشاء شبكات وطنية وإقليمية وعربية ودولية معنية بشؤون الإعاقة لرصد واقع الأشخاص ذوي الإعاقة في الدول العربية، إلى جانب تعميم منظور الإعاقة في جميع عمليات التنمية، والتنوع البشري بما يتضمن النساء والفتيات والاطفال والشباب ذوي الاعاقة في التنمية..
مناصرة ذوي الإعاقة

وقد اوضح السيد محمد السيد — أنّ هناك حاجة ماسة إلى تعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بهدف تحقيق تكافؤ الفرص وإدماج قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء لا يتجزأ من استراتيجيات التنمية المستدامة باعتبار أن هذه الشريحة تشكل ما نسبته أكثر من 10 % من سكان العالم، لافتاً إلى أنّ المؤتمر سعى إلى متابعة ومناصرة قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة على مستوى الإقليم العربي من خلال استقطاب خبرات جميع الفاعلين في مجال الإعاقة بدءاً بالأشخاص ذوي الإعاقة مروراً بالباحثين والمؤسسات الإجتماعية الحكومية وغير الحكومية ووصولاً إلى رصد السياسات والإجراءات المتبعة في سبيل تقييمها وتقويمها تمهيداً لتحقيق العدالة الإجتماعية لأبناء تلك الشريحة..

وأشار إلى أنّ المؤتمر ركز على شريحتي النساء والفتيات ذوات الإعاقة في عمليات التنمية وحمايتهن من التعرض للعنف والاعتداء، وإشراك الأطفال والشباب ذوي الإعاقة في التنمية والإشراك الفعلي في عمليات اتخاذ القرارات بشأن وضع وتنفيذ التشريعات والسياسات والبرامج الوطنية ومنها إلى الإقليمية والعربية والدولية، فضلاً عن التركيز على حقوق الأطفال ذوي الإعاقة في الرعاية والحماية والتعليم، إضافة إلى وضع برامج وقائية للحد من تدهور الأوضاع الاجتماعية والحياتية والاقتصادية والتربوية والصحية للأشخاص ذوي الإعاقة وتتضمن الحد من ارتفاع نسبة إنجاب أطفال ذوي إعاقة، ودور التدخل المبكر في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة، ودور المنظمات الدولية في الحد من تردي أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة من المنظورين المادي والتشريعي لاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وغيرها من المسؤوليات الإحتماعية للقطاع الخاص، ودور الحكومات الرسمية الوطنية والجمعيات الأهلية في إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف قطاعات التنمية، مؤكداً على ضرورة إنشاء شبكات وطنية وإقليمية وعربية ودولية معنية بشؤون الإعاقة لرصد واقع الأشخاص ذوي الإعاقة في الدول العربية، وتبادل التجارب الناجحة وتثمير كل ذلك لبناء قاعدة بيانات واضحة وموثوقة يعول عليها في وضع البرامج والمشاريع والأنشطة..


تعليم الصم


السيد علي عبيد السناري — رئيس مجلس إدارة المركز القطري للصم — أوضح خلال ورقة عمل قدمها بعنوان "الدمج الاجتماعي وفرص الوصول للصم" انه رغم التطور الواضح في حجم الخدمات المقدمة للصم في المنطقة العربية إلا أن هناك معوقات كثيرة تحد من تقدم الصم وانخراطهم في مجالات الحياة أهمها تدني مستوى التعليم والذي ينعكس سلباً على فرص التشغيل واقتصار عملهم على المهن الأكثر تواضعاً وما يترتب على ذلك من تدني الرواتب،لافتا إلى غياب التنسيق بين قطاعات المجتمع كافة وقلة الدعم اللازم للصم لاسيما من قبل وسائل الاعلام والجامعات التي تستقطبهم ابرز العقبات التي تواجههم..

وأكد السناري على ضرورة اعادة النظر في السياسات التربوية المتبعة في تعليم الصم والتركيز على التعليم ثنائي الثقافة واللغة، فضلا عن تعريف الكادر التعليمي بهذا المنهج وضرورة إتقانه للغة الصم ومعرفة ثقافتهم وطريقة تفكيرهم، موضحا انه لا يجب ان تترك مهنة المعلمين العاملين في هذا المجال لمن لا مهنة له، فالاهتمام بالمترجمين وصقلهم وتدريبهم من شأنه أن يرتقي بفئة الصم ويساهم في تثقيفهم وتأهيلهم ليس على الصعيد المحلي فحسب ولكن على كافة الاصعدة العربية، في حين أكد على ضرورة صقل مهارات العاملين في هذا المجال بشتى الطرق من خلال تعريفهم بكيفية توظيف لغة الإشارة بالعملية التعليمية أو بالحصة الصفية وتوفير خدمات الترجمة في كافة مؤسسات الدولة وخاصة الخدماتية منها، فضلا عن تدريب منتسبي تلك المؤسسات على لغة الإشارة وأساليب التواصل مع الصم، اضافة الى الاهتمام بمهنة الترجمة الإشارية وصناعتها وفق معايير مهنية عالية الجودة.

وعن اكثر العقبات التي تواجه فئة الصم قال رئيس مجلس ادارة المركز القطري للصم "هناك نقص كبير في البرامج التأهيلية والتدريبية اللازمة لتحقيق النمو الكامل لدى المعوقين سمعياً، وتحقيق التكيف النفسي والاجتماعي بالتالي الدمج المتكامل التواصل مع الآخرين، هذا الى جانب غياب دور المؤسسات العاملة بمجال رعاية الصم في المشاركة الفاعلة ورسم السياسات التربوية والتعليمية".

ونقل السناري احلام وطموحات الصم التي تتلخص في حلمهم بالتواصل مع بالآخرين دون وسيط، وان ينخرطوا في سوق العمل ويتلقوا التعليمات والإرشادات من مسؤولهم المباشر، وان يسمعوا تقييمهم على أدائهم الوظيفي، ومخالطة زملاء العمل بتفاعل وحيوية، فضلاً عن تضمين لغة الاشارة في مناهج التعليم العام بمدارس الدولة وفق خطة وبرنامج يتوافق مع الفئات العمرية والمستوى الدراسي للطلبة السامعين.


حقوق الصم


وقال السناري "ان الأشخاص الصم هم جزء لا يتجزأ من هذه المجتمعات ولهم حقوق وعليهم واجبات فكان لزاماً علينا أن نخطط معهم وبمشورتهم لتقديم أفضل الخدمات للوصول بهم لدمج كامل متكامل والعمل على توعية المجتمعات بخصوصية هذه الفئة اللغوية وطريقة وأسلوب التواصل معهم، ومن خلال رصدنا للكثير من الدراسات اتفق معظم الباحثين والدارسين على أن هناك سمات عامة تغلب على فئة الصم ومعظمها غير إيجابية وخاصة فيما يتعلق بالثقافة الاجتماعية والنضج الاجتماعي، حيث يظهر بعض الصم اضطرابات في السلوك النفسي والاجتماعي مثل عدم التكيف والعزلة الاجتماعية وهذا مرده عدم قدرتهم على التواصل مع الآخرين على اعتبار أن لغة التواصل عند الصم هي لغة الإشارة وتعتبر لغتهم الأم ولأن الكثير من أفراد المجتمع المحيط لا يجيدون لغة التواصل تبقى الحواجز قائمة دونما التمكن من التعرف على الآخر، مشيراً إلى الحاجة الماسة لتعريف كافة افراد المجتمع بلغة الاشارة التي تعد اللغة الام للصم..

واكد السناري تدني المستوى التعليمي عند الصم في المنطقة العربية، وذلك لأن الأساليب المستخدمة في تعليم الاصم جعلت المجتمع ينظر إليه كما لو كان متخلفا عقليا ويحرمه من حقوقه التعليمية والمعرفية والمهنية بل ويقتل مواهبه الكامنة التي كان من الممكن أن تكتب لها الحياة والنمو لو كان المجتمع قد أتاح له فرصة حقيقية للتعلم..

واشار السناري إلى ضرورة السعي الى تأهيل كوادر تربوية متخصصة قادرة على التفاعل بأقل فترة زمنية مع طلبتهم الصم لضمان نقل المعلومة بسهولة ويسر الامر الذي يؤدي إلى توسيع مدارك الصم والارتقاء بمستواهم التعليمي لمراحل متقدمة جداً لضمان حقوق فئة من ابنائنا، وذلك تماشياً مع الاتفاقية الدولية للأشخاص المعاقين التي تنص على تحقيق ارتقاء نوعي بالخدمات المقدمة للأشخاص المعوقين بشكل عام والصم خاصة لاسيما فيما يتعلق بالعملية التأهيلية والتعليمية.


الدمج الاجتماعي


وتحدث السناري عن تجربته الشخصية قائلا "اتحدث اليكم عن نفسي حيث درست وتعلمت في الكويت وامتلك مهارات متعددة ولكني لا امتلك مهارات قراءة وكتابة عالية وكثيراً ما أرى كلمات وجملا لا أفهم معناها إلا إذا ترجمت لي لاني لم استطع التعرف على الكلمة المكتوبة لأن المدرس وقتها لم يقرنها لي بمفهومها الإشاري الذي هو لغتي" مضيفا "هذه هي مخرجات التعليم في المنطقة العربية فكيف سيكون دمجي في المجتمع وأنا اشعر بالضعف في داخلي وأنني دون المستوى التعليمي ومحكوم علي بمهن ووظائف متواضعة والحكم علي بسلم وظيفي لن اتخطاه لأن تحصيلي العلمي لا يؤهلني للتقدم على اعتبار وجود علاقة جدلية ازلية بين العلم والعمل".

وختاماً قدم السناري مجموعة من الاقتراحات التي من شأنها تحقيق فرص الوصول والدمج الاجتماعي لفئة الصم اهمها تدريب وتأهيل الطلبة المتخصصين في التربية الخاصة على تعلم لغة الاشارة واستخدامها كلغة تواصلية على اعتبار أنه مدرس المستقبل القادم للصم، وادخال مادة لغة الاشارة كمساق دراسي حر (اختياري) لكافة التخصصات بالجامعات..


http://www.al-sharq.com//ArticleDeta...a7%d9%82%d8%a9