انطلاق أعمال المؤتمر الخامس للتأهيل الدولي لمساندة ذوي الإعاقة





بحث سبل إشراك المُعاق في التنمية


بوابة الشرق – سمية تيشة


انطلقت مساء أمس، أعمال المؤتمر الخامس للتأهيل الدولي — الإقليم العربي لدعم ومساندة قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، "من أجل عالم أفضل للجميع — إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة بالتنمية"، التي تستضيفها الدوحة، خلال الفترة مابين (24 — 27) الشهر الجاري، وذلك تحت رعاية سعادة الشيخة حصة بنت حمد آل ثاني، رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وبمشاركة 300 شخص من الدول العربية، إضافة إلى حضور عدد من الاشخاص ذوي الاعاقة والمهتمين من الدول الأخرى، بفندق فريج شرق.

ويركِّز المؤتمر - الذي يأتي بتمويل من شركة قطر للأسمدة الكيماوية (قافكو) - على ابرز قضايا ذوي الإعاقة، وتعزيز ورفع كفاءاتهم تمهيداً لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، فضلاً عن إنشاء شبكات وطنية وإقليمية وعربية ودولية معنية بشؤون الإعاقة لرصد واقع الأشخاص ذوي الإعاقة في الدول العربية، إلى جانب تعميم منظور الإعاقة في جميع عمليات التنمية، والتنوّع البشري بما يتضمَّن النساء والفتيات والاطفال والشباب ذوي الاعاقة في التنمية.
تأمين المساواة

وقد أوضح السيد خالد المهتار، رئيس التأهيل الدولي — الإقليم العربي — أنّ الإعاقة ليست نقصاً ولا عيباً ولا مرضاً عضالاً، انها حالة اختلاف بين البشر، تحتاج إلى تأمين المساواة مع باقي افراد المجتمع في جميع جوانب الحياة، مشيراً إلى أنّ الإعاقة قضية اساسية في عملية التنمية، وان اهداف الألفية للتنمية لن تتحقّق بوجود مليار شخص مُعاق.

وقال المهتار في كلمة له خلال افتتاح المؤتمر: " جاء في آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي أن عدد الاشخاص ذوي الإعاقة في العالم قد بلغ المليار أي ما يقارب 15 % من عدد سكان العالم، وان هذا العدد مرشّح للازدياد بشكل دائم بفعل الكوارث والحروب والفقر والإهمال، خاصة في الدول الفقيرة والنامية، ورغم التحسّن في الخدمات المقدّمة لهم كماً ونوعاً، إلا أنها ما زالت دون المستوى المطلوب لأسباب متعدّدة ليس اقلها الفقر والجهل والأمية والتمييز وعدم تكافؤ الفرص، مما يستوجب منا جميعاً تكثيف الجهود لنشر وتعميم ثقافة عدم التمييز وقبول الآخر بغض النظر عما إذا كان معوقاً أم غير معوق، حيث يتوجَّب على الحكومات والمجتمع المدني العمل على ازالة جميع العوائق والعقبات، وتقديم كلّ التسهيلات اللازمة لتمكين الاشخاص ذوي الاعاقة من المشاركة الكاملة في جميع جوانب التنمية أسوة بباقي أفراد المجتمع"، لافتاً إلى أنّ اتّفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة التي صدّقت عليها حتى الآن 118 دولة تعتبر اداة للتنمية وهي فرصة لتعزيز السياسات التنموية ذات الصلة بتنفيذ اهداف التنمية المتَّفق عليها عالمياً، وتحقيق مجتمع افضل للجميع في هذا القرن.

وأضاف المهتار قائلا: " جاء اجتماع رفيع المستوى للدول الاطراف حول الاعاقة خلال هذا العام 2012 ليؤكِّد دعمه وتعزيزه للجهود الرامية إلى ضمان ادراج الاشخاص ذوي الاعاقة في جميع جوانب التنمية، ويطالب الدول عند تحديد سياساتها وبرامجها بتضمينها قضايا الإعاقة وتخصيص الاموال اللازمة، وإدماج الاشخاص ذوي الاعاقة في التنمية استراتيجية لتحقيق المساواة والتنمية الشاملة"، موضحاً مؤتمر (معاً من اجل عالم افضل للجميع.. إشراك الاشخاص ذوي الاعاقة في التنمية) ليس ضرباً من المغامرة بل انتصار لإرادة التحدّي، وقناعة راسخة بأهمية هذا المؤتمر، وما يشكّله كمحطة لتبادل المعلومات والخبرات، يشارك فيها نخبة كبيرة من الباحثين والأكاديميين واصحاب الاختصاص، في قضايا الإعاقة من خلال اثنتي عشرة جلسة عامة يقدّمون فيها ستاً وثلاثين ورقة عمل وبحث علمي، لافتاً إلى أنّ دولة قطر توفِّر امكانيات ضخمة في مجال خدمة الاشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز اوضاعهم في مختلف المجالات..

وختاماً، أشار السيد خالد المهتار إلى أنّ المؤتمر يعتبر الثاني الذي يُعقد في المنطقة العربية بعد اقرار الاتّفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الإعاقة، التي صدّقت عليها 118 دولة، آملاً أنّ تبادر باقي الدول التي لم تصدّق على الاتّفاقية إلى الاسراع في التصديق، وان يخرج المؤتمر بتوصيات قابلة للتطبيق تؤمّن إدارج قضية الإعاقة على اجندات المموّلين عند وضع ميزانيات المشاريع المختلفة لضمان اشراكهم في عمليات التنمية والوصول إلى عالم أفضل للجميع..


اتفاقية ذوي الإعاقة


السيد شعيب شالكلن - المقرّر الخاص لشؤون الاعاقة في الامم المتحدة - أشار خلال كلمته إلى ان هناك عدداً كبيراً من الدول صادقت على الاتّفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، الامر الذي يشعرهم بالارتياح نحو قضايا هذه الفئة، التي يجدها تسير في الاتجاه الايجابي، موضِّحاً أن أملهم في الامم المتّحدة في زيادة عدد الدول التي ترغب في الانضمام للتصديق على الاتّفاقية، ومؤكّداً استعدادهم لازالة جميع العقبات والصعوبات التي تقف حائلاً امام عدم تصديق بعض الدول حتى الآن، وموضِّحاً ان ترجمة بنود هذه الاتفاقية إلى واقع ملموس ابرز التحدّيات التي تواجههم في الامم المتّحدة، فضلا عن ان بعض التحدّيات التي تصادفهم تتعلّق بعدم وضع الشخص المناسب للتنسيق كنقطة ارتكاز، لاسيما وان المادة 23 من الاتّفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة لا تطالب فقط بتطبيق نقطة ارتكاز وانما تطالب بوجود منظّمة دولية لمراقبة حقوق الانسان..

وأكّد شالكلن أن الثالث والعشرين من سبتمبر العام المقبل سيشهد تنظيم مؤتمر رفيع المستوى يجمع جميع الدول الاعضاء، وذلك لبحث اجندات ذلك التعاون الذي يثمر في طريق ذوي الاعاقة، مشيرا إلى الحاجة الماسة لتنظيم برنامج عالمي واجندات قوية فاعلة يشارك فيها جميع الدول التي من المفترض ان تدلو كلّ منها بدلوها، بحيث تراعي هذه الاجندات حقوق الانسان بشكل عام وحقوق ذوي الاعاقة خاصة، لافتا إلى ان مشاركة ذوي الاعاقة المجتمعية والاعلامية كانت في السابق ليست على المستوى المطلوب الا انه يجدها تسير نحو الافضل، مطالباً جميع الدول بالتركيز على ضرورة مشاركة ذوي الاعاقة في الحياة المجتمعية وان يلعبوا دورا مهما وحيويا في مجتمعاتهم، فضلاً عن ضرورة رفع الوعي بحقوق هذه الفئة بجميع السبل لاسيما وسائل الاعلام، التي يجب ان يظهر فيها المعاق امام مجتمعه بكلّ ثقة لاظهار الجانب المشرق في حياته، وذلك إلى جانب الاشخاص الاخرين، متمنّيا لهذه الفئة الحصول على حقوقها كاملة لاسيما على الصعيدين الصحي والتعليمي، ومؤكِّداً على اهمية العمل الخاص في تقديم الخدمات والبحث العلمي لتحسين حياة ذوي الإعاقة.


تكاتف الجهود


هذا وألقى سعادة السيد حسن سعد - السفير اللبناني في الدوحة - كلمة بالإنابة عن السيد وائل ابو فاعور رئيس مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب معالي وزير الشؤون الاجتماعية بلبنان، قائلاً: " اذا كان الاشخاص المعوقون يشكّلون بحسب ارقام منظمة الصحة العالمية حوالي 15 % من عدد سكان العالم ما يفرض استثمار طاقاتهم تحقيقاً لهذه التنمية، حيث إن الإحصاءات الوطنية لبعض الدول تبدو اكثر تعبيراً اذا ما قيست بالمقارنة مع ارتفاع بعض مؤشّرات الفقر والبطالة وغيرها"، لافتاً إلى أنّ عدد حاملي بطاقة المعوق الشخصية اكثر من 70 ألف شخص، فقد قدِّر في العام 2006 عدد الاشخاص ذوي الاعاقة الذين ينتمون إلى سن العمل بـ 33923 شخصاً، من بينهم 27086 مؤهَّلاً للعمل في حين ان حوالي 7052 منهم يعملون حاليا، وتتفاوت اسباب هذا الواقع بين التأخّر في انفاذ القانون الذي نصّ على تخصيص حصة لهم بنسبة 3 % من الوظائف في القطاع العام، وارجع ذلك إلى نقص الوعي الذي يقود ارباب العمل إلى اعتبارهم غير قادرين على العمل ويتفاقم هذا التفاوت بفعل محددوية امكانيات التعلّم والتدريب المهني، فضلاً عن قلة الدعم المتخصّص ونقص البنى التحتية التي تسهّل وصولهم إلى اماكن العمل، كذلك ارتفعت معدّلات التوزيع الاجتماعي للفقر لتسجل أعلى مستوياتها لدى بعض الفئات من بينهم الاشخاص المعوقون.

واوضح ان الحكومة اللبنانية التزمت منذ العام 2007 بتطبيق استراتيجية وطنية متكاملة تلعب وزارة الشؤون الاجتماعية في اطارها دوراً محورياً كمؤسسة راعية للانشطة التنموية من خلال تنفيذ برامج تسهم في مكافحة البطالة وحماية الفئات المعرّضة لمخاطر الفقر والعزلة الاجتماعية وتطوير آليات لزيادة مستويات التمكين في صفوف الفئات، مشيراً إلى أن بعض هذه البرامج يهدف على سبيل المثال لا الحصر إلى خلق مدن صديقة للاطفال يكون فيها حقّ المشاركة وابداء الرأي من خلال مجلس بلدية تضمّ إلى عضويتها الاطفال ذوي الإعاقة.

وكشف ان هذه البرامج تترافق مع جهد كبير لاستكمال تطبيق القانون 220/2000 المتعلّق بحقوق الاشخاص ذوي الإعاقة الذي كرّس حقوقهم في مختلف مجالات الصحة والتربية والتعليم والعمل وغيرها والذي يتلاقى في الكثير من محاوره مع مضمون الاتّفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة التي وقّع عليها لبنان في العام 2007 وينظر إلى المصادقة عليها قريباً والتي نقلت بدورها التعاطي مع موضوع الاعاقة من نموذج التشخيص الطبي إلى نموذج المسؤولية الاجتماعية والحقوقية، وتجب الاشارة في هذا السياق، إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية قامت عام 2010 بالتعاون مع الاتّحاد الوطني للمعوقين بتقديم مرسوم إلى جانب وزارة النقل والاشغال العامة تطلّب فيه تطبيق المعايير الهندسية والفنية للابنية والمنشآت بما يؤمّن بيئة مؤهّلة للأشخاص المعوقين.

واعتبر ان الذي تحقّق في مجال قضية الاعاقة على مستوى عالمنا العربي وان بنسب متفاوتة يبقى في الواقع قاصرا عن تلبية حاجات الاشخاص ذوي الاعاقة بالشكل الذي نطمح إليه لاسباب عديدة ومعوّقات بعضها مرتبط بالاقتصاد، الادارة، البيئة وحتى الذهنية السائدة، مؤكّداً ان الانجاز الحقيقي يكمن في تحقيق الدمج الاجتماعي للاشخاص ذوي الإعاقة الذي يبقى مسؤولية جماعية تحتاج إلى الكثير من الجهود وحشد الخبرات والطاقات..


تطبيق الاتفاقية


من جانبها قالت السيدة آن هوكر - رئيسة منظمة التأهيل الدولي: " يجب ان تشعروا بالفخر بالدور العربي في منظمة التأهيل الدولي التي تدخل عامها الواحد والتسعين في خدمة ذوي الاعاقة متجاوزاً كلّ العراقيل"، موضحة أن شعار المؤتمر جاء للتأكيد على اشراك الاشخاص ذوي الاعاقة في التنمية..

وأضافت هوكر قائلة: " أن المشاركين في مؤتمر الدول الموقّعة على الاتّفاقية الدولية لحقوق ذوي الاعاقة المقرّة سنة 2006 سيلاحظون التطوّرات الحاصلة بعد سنوات من التوقيع على الاتّفاقية، وسيضع على كاهلها توقّعات الشعوب وذوي الإعاقة"، لافتة إلى أنّ الدول التي وقّعت على الاتّفاقية قطعت شوطاً كبيراً، إلا أنه مازال هناك في البلدان النامية فقر لا يستهان به وخاصة لدى ذوي الاعاقة وهو الامر الذي سيحرمهم من المشاركة في نهضة بلدانهم لأنهم لا يستطيعون المساهمة في التنمية، معبّرة عن سعادتها البالغة لترجمة النشيد الوطني لقطر بلغة الاشارة، مما يدلّ على الاهتمام الكبير بذوي الاعاقة في قطر..

وأوضحت هوكر أن النظرة المجتمعية لتلك الفئة تحتاج لمزيد من العمل لتصحيحها، متمنية أن يبحث المشاركون في المؤتمر كيفية تحقيق الاهداف المسطّرة وضمان اتاحة الخدمات العامة لذوي الاعاقة واشراكة في التنمية، مشيرة إلى أنّ المؤتمر فرصة للاطلاع على افضل التجارب والاعمال المطروحة للمستقبل، وقالت إن هناك تحدّيات بخصوص تطبيق الاتّفاقية الدولية لحقوق ذوي الاعاقة في العالم العربي وغيره، مشدّدة على دور الاعلام بالمساهمة في التوعية بتلك الحقوق والدعوة للحصول على خدمات أفضل والادوات التي يحتاجها ذوو الإعاقة.



http://www.al-sharq.com//ArticleDeta...tID=64&Title=ا