السلام عليكم
من موقع لمجلة النبأ :
إن كل قوانين الطبيعة معلولة للرحمة، حتى شذوذ بعض الظواهر عن قوانين الطبيعة إنما يحصل تبعاً لسنة الرحمة، فمثلاً شذوذ الماء في ظاهرة التجمد في المناطق الباردة على سطح الأرض.
يعرف الغالب من المثقفين من مبادئ العلوم الطبيعية، أن هناك قانوناً ينظم العلاقة بين المادة في ابعادها وبين الحرارة هو قانون التمدد، الذي ينص: (إن ابعاد المادة تتمدد بارتفاع درجة الحرارة وتتقلص بالبرودة).. إلا أن مادة الماء والذي يغطي 5/4 سطح الأرض، فإنه يشذ عن هذا القانون عند بلوغ الماء درجة 4ْم، حيث يبدأ بالتمدد بالبرودة، ويزداد حجمه كلما ازدادات البرودة عكس المواد مما يؤدي إلى قلة كثافته خصوصاً بعد تصلبه إلى ثلج، مما يؤدي إلى ارتفاعه إلى السطح، وينزل في الوقت ذاته الماء الدافئ في (4ْم) إلى القاع.
وليس هناك علة نهائية لهذا الشذوذ غير الرحمة، فالماء بسبب قلة كثافته يطفو إلى السطح ويصير حاجزا يمنع من ايغال البرد في المناطق الباردة إلى أعماق الماء.. ففي الوقت الذي تشتد البرودة على سطح الأرض إلى درجات تبلغ العشرات تحت الصفر، تبقى الكائنات المائية الحية تسبح في بحبوحة من الدفء.. إذن فبالرحمة تحتفظ البيئة المائية بالحياة.. والبيئة البرية تعتمد إلى حد كبير في معاني حياتها على البيئة المائية.. ذلك لان هناك قوانين توازن محفوظ بين البيئتين لا يمكن تجاهلها على الإطلاق.
..
الشذوذ صفة (ذميمة غالباً) تطلق على المتمرد والشقي اللذان يدوسان بأقدامهما القيم والأعراف والتقاليد، غير آبهين بحرمة أو مرتدعين لوازع.
وهي تعني أيضاً الانحراف عن المألوف ورفض السنن والأنظمة الإلهية والبشرية، وعدم احترام القوانين الطبيعية والوضعية التي تقر بها الغالبية الساحقة وتسلم بها الجماعة.
والشذوذ في الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء والزراعة والفلك، وعلوم النحو والصرف والبلاغة وفقه اللغة وشتى الفنون والآداب والمعارف الإنسانية هو حقيقة جلـيّة يقر بها الجميع ولا يمكن نكرانها.
حتى ليصح القول: "لكل قاعدة شواذ"، والذي أعطاه البعض بعداً فلسفياً فصيّره: "هناك قاعدة واحدة ليس لها شواذ، وهي أن لكل قاعدة شواذ".
ترتفع درجة حرارة الموائع بالتسخين، فتزداد الطاقة الحركية لجزيئاتها ويكبر حجمها (تتمدد) وتقل كثافتها فتصير أخف، والعكس صحيح أيضاً فالطاقة الحركية لجزيئات الموائع تتناقص بخفض درجات حرارتها فيقل حجمها (تنكمش) وتزداد كثافتها فتصير أثقل نتيجة لسحب الحرارة منها (تبريدها)، ومثال ذلك ما نلاحظه من ارتفاع الهواء الساخن إلى الجزء العلوي من المنزل ونزول الهواء البارد إلى الجزء السفلي من الثلاجة (البراد) مما دعا مصممي الثلاجات إلى وضع الجزء المجمد Freezer في أعلى الثلاجة كي تبرد جميع أجزائها بشكل معقول.
إن أفضل طريقة لتسخين الماء هي وضع المصدر (الموقد) تحته.
تزداد الطاقة الحركية لجزيئات الماء القريبة من المصدر، وتقل كثافتها ويخف وزنها فترتفع إلى الأعلى ليحل محلها ماء بارد، وهكذا يتم تسخين جميع الماء. وبالمقابل فإذا أردنا تبريد ماء ساخن، فإننا نقلل من الطاقة الحركية لجزيئاته ونزيد من كثافته، فيثقل وزنه وينزل إلى الأسفل أسوة بغيره من الموائع ليرتفع عوضاً عنه ماء أسخن منه. وتصح هذه العملية حتى نبلغ درجة 39,6 فهرنهايتية (4 مئوية) حيث يصل الماء إلى أعلى كثافة ممكنة له وأثقل وزن يستطيع أن يبلغه فيبدأ شذوذه عن بقية الموائع.
إذا واصلنا عملية التبريد فإن كثافة الماء تقل فيصير أخف وزناً ويرتفع إلى الأعلى، وباستمرار التبريد نصل إلى درجة 32 فهرنهايتية (صفر مئوية) حيث يتجمد الماء ويبقى طافياً فوق سطح الماء الأدفأ منه في الأسفل.
هذا هو شذوذ الماء ، ونعما به شذوذاً. فليس بين السوائل سوى الماء من يمتلك تلك الخاصية العجيبة، والتي "رغم تسميتها شذوذاً" تسدي أعظم خدمة للبشرية إذ تمكـّن الأسماك من الحياة في أكثر المناطق تجمداً.
..
شذوذ الماء
قبل إجازة أعياد الميلاد، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة العام 2003 عاماً دولياً للمياه العذبة، وحظـّت في قرارها المرقم 55/ 196 جميع الحكومات والشعوب على أن تضمن حصول الأجيال القادمة على حقها في الحصول على مياه صالحة للشرب. ودعتها إلى صيانة مواردها المائية، وتوزيعها توزيعاً منصفاً بين البشر، بما يعزز الأمن والسلام العالميين ويبعد شبح الحروب والصراعات بين الأمم، ويؤمن حصصاً عادلة للدول التي تشترك في نفس المصادر. فما الماء؟ وما خصائصه وما شذوذه؟ وعن أية قاعدة يشذ؟ لماذا يحتل الماء هذه المكانة الفريدة في تاريخ الشعوب؟ ولماذا يؤدي ذاك الدور الخطير في العلاقات الدولية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً؟
لعب الماء ويلعب دوراً أساسياً في وجود الحياة وديمومتها على سطح الكرة الأرضية، فهو أحد العناصر الأساسية الأربعة المكونة للطبيعة بحسب الفلسفة اليونانية (التراب /الماء /الهواء /النار) (*) وهو يغطي 70% من سطح هذا الكوكب، ويدخل كعنصر جوهري في بنية جميع الأحياء من إنسان وحيوان ونبات، حتى إنه يشكل 95% من وزن الرقي (البطيخ الأحمر) Watermelon و 98% من وزن الطحالب الخضراء. يساعد الماء أيضاً في تنظيم عمل أجهزة الكائنات الحية وفعالياتها المختلفة، ويحافظ على توازنها الحراري، بفعل حرارته النوعية العالية، وسيولته وكونه مذيب جيد (غير عضوي).
وللمياه العذبة بشكل خاص، دور تاريخي حاسم في نشوء وتطور الحضارات قديماً وحديثا، فعلى ضفاف الأنهار قامت أولى الحضارات البشرية كحضارتي وادي الرافدين ووادي النيل، وعلى شواطئ البحيرات العظمى ذات المياه العذبة (في قارة أميركا الشمالية) تقوم اليوم أكبر التجمعات الصناعية والحضارية والاقتصادية والبشرية، حتى أن أكثر من ثلثي الشعب الكندي يقطنون في بيئة البحيرات العظمى، بينما ينتشر الثلث الآخر منهم حول السواحل والأنهار والبحيرات المتوزعة على كافة أرجاء البلاد.
هنالك مئات السوائل والغازات والأبخرة (الموائع) في الطبيعة. ونسميها موائعاً لأنها تأخذ شكل الإناء الذي تشغله. وتتميز السوائل عن بقية الموائع بكونها ثابتة الحجم، بينما يتغير حجم الغازات والأبخرة لتأخذ حجم الإناء (أو الفضاء) الذي يحويها، بغض النظر عن وجود (أو عدم وجود) غازات أخرى وأبخرة تشغل ذات الحيّـز، وشريطة عدم حصول تفاعل كيمياوي بينها. يعد الماء أشهر الموائع قاطبة، وأكثرها منزلة وأهمية لدوره الحاسم في تحقيق التوازن الطبيعي والحراري والبيئي لكافة عناصر الطبيعة. لابل إن هوية البيئات المناخية المختلفة تتحدد بكميات الجليد والماء وبخار الماء التي تحويها.
لدى دراسة دورة الماء في الجيوفيزياء وفي الأنواء الجوية نراه موجوداً في الطبيعة بحالاته الثلاث (الصلبة والسائلة والغازية)، وهو يتحول من حالة لأخرى تحت الضغط الجوي الاعتيادي، تبعاً لتغير درجة حرارته. فالجليد النقي يذوب متحولاً إلى سائل الماء في درجة 32 فهرنهايتية (صفر مئوية)، والماء النقي يغلي متحولاً إلى بخار ماء في درجة 212 فهرنهايتية (100 مئوية) (**). ويتبخر الماء في درجات حرارة أدنى من درجة الغليان، وقد يتحول من جليد إلى بخار دون الحاجة للمرور في الحالة السائلة، وهذا ما نسميه بخاصية "التسامي".
تتباين درجات الحرارة على سطح الأرض بوناً شاسعاً بحسب البيئات المناخية المختلفة والمتناقضة. ففي بعض المناطق الصحراوية الشاسعة، تسخن الكثبان الرملية تحت أشعة الشمس الساطعة، لترتفع درجات حرارة الهواء في ساعات بعد الظهيرة صيفاً، حتى تبلغ 140 درجة فهرنهايتية (60 مئوية). وتكاد الحياة أن تنعدم هناك لولا وجود بعض الجمال والزواحف والحشرات ونباتات الصبار الشوكية التي تكيفت للعيش في تلك البيئات الجرداء والمتطرفة في سخونتها وجفافها. ومن جانب آخر تنخفض درجات حرارة الهواء في الدوائر القطبية الشمالية والجنوبية في ساعات الصباح الباكر إلى مادون 40 درجة تحت الصفر (***)، فتزيل كل أثر للحياة لولا بعض الأيائل والبطاريق والفقمات والثعالب ذات الفراء الثمين التي تقاوم البرد القارس لتشكل مصدر رزق لسكان تلك الأصقاع.
يعد السمك بأنواعه وجبة الطعام الأهم لصيادي المناطق المتجمدة، والذين استطاعوا بوسائلهم البدائية المعروفة من العيش في ظروف المناخ القاسي، والإقامة المستقرة في تلك الأنحاء لعدة آلاف من السنين، فالأسماك القطبية تسبح في مياه المحيطات والبحار والبحيرات القطبية، تحت القشرة الثلجية التي تغطي المسطحات المائية على مدار السنة، وتتغذى على الديدان والطحالب البحرية والأشنات التي تعيش معها في ذات المياه. ويعود الفضل في عدم تجمد تلك المياه في وسط وقاع المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار إلى خاصية شذوذ الماء، فما هي هذه الخاصية الفريدة؟
الشذوذ صفة (ذميمة غالباً) تطلق على المتمرد والشقي اللذان يدوسان بأقدامهما القيم والأعراف والتقاليد، غير آبهين بحرمة أو مرتدعين لوازع. وهي تعني أيضاً الانحراف عن المألوف ورفض السنن والأنظمة الإلهية والبشرية، وعدم احترام القوانين الطبيعية والوضعية التي تقر بها الغالبية الساحقة وتسلم بها الجماعة. والشذوذ في الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء والزراعة والفلك، وعلوم النحو والصرف والبلاغة وفقه اللغة وشتى الفنون والآداب والمعارف الإنسانية هو حقيقة جلـيّة يقر بها الجميع ولا يمكن نكرانها. حتى ليصح القول: "لكل قاعدة شواذ"، والذي أعطاه البعض بعداً فلسفياً فصيّره: "هناك قاعدة واحدة ليس لها شواذ، وهي أن لكل قاعدة شواذ".
ترتفع درجة حرارة الموائع بالتسخين، فتزداد الطاقة الحركية لجزيئاتها ويكبر حجمها (تتمدد) وتقل كثافتها فتصير أخف، والعكس صحيح أيضاً فالطاقة الحركية لجزيئات الموائع تتناقص بخفض درجات حرارتها فيقل حجمها (تنكمش) وتزداد كثافتها فتصير أثقل نتيجة لسحب الحرارة منها (تبريدها)، ومثال ذلك ما نلاحظه من ارتفاع الهواء الساخن إلى الجزء العلوي من المنزل ونزول الهواء البارد إلى الجزء السفلي من الثلاجة (البراد) مما دعا مصممي الثلاجات إلى وضع الجزء المجمد Freezer في أعلى الثلاجة كي تبرد جميع أجزائها بشكل معقول.
إن أفضل طريقة لتسخين الماء هي وضع المصدر (الموقد) تحته. تزداد الطاقة الحركية لجزيئات الماء القريبة من المصدر، وتقل كثافتها ويخف وزنها فترتفع إلى الأعلى ليحل محلها ماء بارد، وهكذا يتم تسخين جميع الماء. وبالمقابل فإذا أردنا تبريد ماء ساخن، فإننا نقلل من الطاقة الحركية لجزيئاته ونزيد من كثافته، فيثقل وزنه وينزل إلى الأسفل أسوة بغيره من الموائع ليرتفع عوضاً عنه ماء أسخن منه. وتصح هذه العملية حتى نبلغ درجة 39,6 فهرنهايتية (4 مئوية) حيث يصل الماء إلى أعلى كثافة ممكنة له وأثقل وزن يستطيع أن يبلغه فيبدأ شذوذه عن بقية الموائع.
إذا واصلنا عملية التبريد فإن كثافة الماء تقل فيصير أخف وزناً ويرتفع إلى الأعلى، وباستمرار التبريد نصل إلى درجة 32 فهرنهايتية (صفر مئوية) حيث يتجمد الماء ويبقى طافياً فوق سطح الماء الأدفأ منه في الأسفل. هذا هو شذوذ الماء المشار إليه في افتتاحية المقال، ونعما به شذوذاً. فليس بين السوائل سوى الماء من يمتلك تلك الخاصية العجيبة، والتي "رغم تسميتها شذوذاً" تسدي أعظم خدمة للبشرية إذ تمكـّن الأسماك من الحياة في أكثر المناطق تجمداً.
"احمدوا الرب، وادعوا باسمه.. عرّفوا في الشعوب مآثره.. أنشدوا له واعزفوا.. وفي جميع عجائبه تأملوا" (مزمور 105: 1-2)
بقلم الشماس نصير لبيب عزو
عضو جمعية كلدوآشور في ونزر
ماجستير في الفيزياء/ أنواء جوية
هوامش المقال:
(*)يعدد الفلاسفة اليونان (الإغريق) العناصر الأساسية المكونة للطبيعة بالتراب والماء والهواء والنار وهي تقابل حالات المادة الأربع في عصرنا، والتي هي الصلبة والسائلة والغازية والبلازما.
ويصنف المنجمون أبناء الجنس البشري بحسب تواريخ ميلادهم في اثنا عشر برجاً Horoscope ، ويوزعون الأبراج ذات الصفات المتشابهة في مجموعات تمثل العناصر الأساسية الأربعة:
الأبراج الترابية:الجدي Capricorn الثور Taurusالعذراء Virgo
الأبراج المائية:الحوت Piecesالسرطان Cancerالعقرب Scorpio
الأبراج الهوائية:الدلو Aquariusالجوزاء Gemini الميزان Libra
الأبراج النارية:الحمل Ariesالأسد Leoالقوس Sagittarius
(**)يمكن تحويل درجات الحرارة من مئوية (سليزيوسية) °C إلى فهرنهايتية °F باستخدام المعادلة التالية
F° = 9/5 C° + 32°
أما لتحويل درجات الحرارة من فهرنهايتية °F إلى مئوية (سليزيوسية) °C فنستخدم المعادلة التالية:
C° = 5/9 (F°- 32°)
(***)لاداعي لتحديد نوع المحرار Thermometer عند درجة - 40 لأن القراءة الفهرنهايتية والمئوية تتساويان عند تلك الدرجة والجدول التالي يوضح بعض درجات الحرارة في المقياسين وما يقابلها في المقياس الآخر.
[C°] Celsius[F°] Fahrenheit
-273.15-459.67
-40-40
032
1XXX
60140
100212
160320
أن أقل درجة حرارة ممكنة (نظرياً) هي درجة الصفر المطلق، وبها يبتدئ محرارKelvin الذي له نفس تدريجات المحرار المئوي (السلزيوسي) ويقل عنه بـ 273,15 ° م ، وكذلك محرار Rankine الذي له نفس تدريجات المحرار الفهرنهايتي ويقل عنه بـ 459,67 °ف
*****
..
وبالتوفيق لكِ
..