المعاقون يعانون نفسيا في مدارس الدمج .. وزملاؤهم يرفضونهم


أجمع المشاركون في الورشة التدريبية التي تنظمها المؤسسة القطرية لحماية الطفل والمرأة على أن مشكلة الأطفال من ذوي الإعاقة من المشاكل المهمة وتحتاج إلى تضافر جميع الجهود في المجتمع القطري في سبيل تيسير حياتهم بحيث تكون جزءاً لا يتجزأ من نسيج المجتمع ، وقالت الدكتورة بتول خليفة إن على الأسرة وإدارة المدرسة والقائمين على شؤون العملية التعليمية والنفسية والاجتماعية سواء في المدارس المستقلة أو المجلس الأعلى للأسرة أن يعملوا على إزالة حاجز العزلة النفسي والاجتماعي بين الشخص ذي الإعاقة والمجتمع المدرسي العام، مؤكدة أن إبعاد شعور الشخص ذي الإعاقة بأنه لا يستطيع مجاراة زميله العادي في التحصيل الدراسي والنشاط المدرسي وخدمة شؤونه الخاصة كالذهاب إلى الحمام أو المقصف يحتاج إلى خدمات مؤهلة تقدمها المدرسة وليست شعارات نحملها ونضعها ملصقات على جدران المدرسة تدلل على أننا مع الدمج ومع خدمة الشخص ذي الإعاقة وأكدت أن المشكلة التي يواجهها طلبة المدارس في مدارس الدمج في مدارسنا هو عدم تقبل الأطفال العاديين للأشخاص من ذوي الإعاقة ، مضيفة أن ثقافة تقبل الآخرين بكل ما لديهم من صفات وخصائص مختلفة ليست ثقافة سائدة في مجتمعاتنا وهذا يتطلب جهداً كبيراً يقع على عاتق المدرسة والمدرسين والأهل والقائمين على العملية التربوية وليست فقط شعارات نعلقها ونطلقها دون أن يكون لها تنفيذ حقيقي وواقعي في المدرسة أو في المجتمع أو في أي مكان.

الورشة التي اختتمتها المؤسسة القطرية لحماية الطفل والمرأة أمس والتي نظمتها للعاملين مع ذوي الإعاقة حول كيفية التعامل مع ضحايا العنف والإساءة تأتي ضمن إطار فعاليات حملة « أوقفوا الصمت » التي أطلقتها المؤسسة منتصف الشهر الجاري ، واستعرض الدكتور طارق العيسوي من مركز قطر الثقافي الاجتماعي للمكفوفين في الختام دور المؤسسات المعنية بذوي الإعاقة في حماية المعاق من الإساءة وتحدثت الدكتورة بتول خليفة أستاذ مشارك - كلية التربية - برنامج التربية الخاصة بجامعة قطر عن مفهوم الإساءة للطفل من ذوي الإعاقة.

واعتبرت د.خليفة الإعاقة من الأمور التي قد تصيب الأطفال في عمر مبكر وذلك نتيجةً لعديد من الظروف والعوامل التي قد تكون وراثية أو بيئية مكتسبة أو لظروف مجتمعية ، كون هذا الأمر قد يشكل لبعض الأسر مصدراً للقلق والخوف وبالتالي قد يفقدها الكثير من الأساسيات الواجب إتباعها وتطبيقها لرعاية وتنشئة هذا الطفل ذي الإعاقة عقلياً ، وبالتالي قد يؤدي إلى الوقوع في مصيدة عدم التقبل (الضمني أو المعلن) من قبل الأسرة لهذا الطفل ، مما قد يدفع الأسرة إلى إيقاع الأذى أو الإهمال بأيدي غير أمينة وتقع مشكلات مختلفة أشكالها على هذا الطفل ذي الإعاقة.

وأكدت أن لمشكلة ذوي الإعاقة العقلية آثارها النفسية والاجتماعية التي تضفي عليها مزيداً من الاهتمام والانتباه مما يستدعي الاهتمام والتركيز على النواحي التوعوية والتي تنطلق من مرتكز أساسي ألا وهو محاولة الكشف عن طبيعة الوصوم الاجتماعية والنفسية التي قد تلصق بهؤلاء ذوي الإعاقة العقلية والذي ينتج عنه الظلم الاجتماعي والإحباط والقهر وتعطيل الأدوار ، منوهة بأن المجتمع والأسرة قد ينظران إلى المصاب بإعاقة عقلية على أنه شخص مهمش وغير قادر على أداء الأدوار الفاعلة والمناطة به ، وهذا الأمر قد يكون مقبولا من قبل الشخص المصاب بهذه الإعاقة كونه عاجزا وغير قادر على تحصيل المساواة مع غيره من المعافين الأصحاء.

وجزمت الدكتورة بتول من جامعة قطر بأن الأطفال قد يكونون مهددين في كثير من الأسر بالتعرض للتحرش الجنسي أو الاستغلال الجنسي من قبل الآخرين.

وأضافت خلال الورشة : مشكلة الأطفال من ذوي الإعاقة مشكلة هامة للمجتمع لذلك لا بد من تضافر جميع الجهود في المجتمع القطري على التعاون في سبيل تيسير حياتهم بحيث تكون جزءاً لا يتجزأ من نسيج المجتمع ، وهنا تقبل هؤلاء الأطفال ولا أقصد فقط المعنى بصورته السطحية تقبلهم ، أي العمل معهم وتكييف البيئة لخدمتهم بصورة تعمل على أن يكون أكثر استقلالية في أداء شؤونهم الخاصة بحيث لا يكونون عالة على المجتمع وفي حاجة إلى الآخرين في كل كبيرة وصغيرة وهي من المبادئ المتعارف عليها في التربية الخاصة إعداد ذوي الإعاقة إعداداً جيداً بحيث يكون قادراً على خدمة نفسه في الحد الأدنى على أقل تقدير.


مسؤولية الأسرة والمدرسة


وأكدت أنه يقع على عاتق البيت والمدرسة أو مركز التأهيل متابعة حالة الشخص من ذوي الإعاقة وفهم حالته النفسية والاجتماعية وفهم التغيرات التي تطرأ عليه لقياس المشكلات بصورة جدية ، وكذلك العمل على إظهار قدرات ومهارات الطالب ذي الإعاقة في التعليم وتابعت : يمكن أن يتعلم أن يتكلم عن نفسه أو ينبه بإشارات عن المشكلة التي يتعرض إليها أو الإساءة التي تحدث له ولا يشعر بها أحد من الأفراد سواء أكان في المدرسة أو في المنزل فيمكن لقرينه أن يبلغ عنها ويساعده.


وهذا يتطلب تنمية المهارات الشخصية والاجتماعية للطالب ذي الإعاقة من خلال تفاعله مع زملائه من خلال توظيف طاقاته بصورة جيدة واقترحت على إدارات المدارس أن تعين ممرضاً خاصاً يقوم على تدريب الطفل ذي الإعاقة وظيفياً بحيث تكون لديه القدرة البدنية والجسدية على خدمة نفسه على الأقل بالحد الأدنى وينتقل الطالب ذو الإعاقة من مرحلة معتمد على الآخرين إلى معتمد على نفسه مضيفة أنه لا بد من إتاحة الفرصة له للتعرف على قدراته وتفهمها.

وشددت في ختام ورشة تدريب العاملين في مجال ذوي الإعاقة أنه من الضروري جدًا حتى يتكيف هؤلاء الأطفال مع المجتمع ويتعايشوا معهم أن تقدم لهم خدمات تدريبية وتأهيلية تعدهم وتساعدهم بحيث يكونون قادرين على حل مشكلاتهم بأنفسهم ووفق قدراتهم وإمكاناتهم وقد يستغرق ذلك وقتًا طويلاً ولكن النتائج ستكون مبهرة.


التكيف والاندماج


واستشهدت د.بتول بمجموعة من الأمثلة عن الطلبة المعاقين في المدارس منوهة بأنه قد تصدر تصرفات من المدرس أو بعض الزملاء في المدرسة تؤذي مشاعر ذوي الإعاقة وتشعرهم بعجزهم وإعاقتهم مما يؤثر سلبًا على نفسيتهم ويحد من قدرتهم على التكيف والاندماج وهذا بالضرورة يتطلب أن يقدم كل من الأهل والمدرسين وإدارة المدرسة جهداً للتعريف بإعاقة الطفل والكلام عنه قبل حضوره للمدرسة.

وتحدثت أيضا عن العلاقة بين الأسر والمدارس في التربية الخاصة وتابعت : أضع أمام ناظريّ احتياجات الأولاد الموجودين في إطار التربية الخاصة : « كيفية مساعدتهم – وما الأساليب والطرق السلمية التي عليّ انتهاجها ». هذه العلاقة بين الأهل ومدارس التعليم الخاصة تعود بالفائدة على الطالب والأهل والمدرسة.

وأكدت في ذات السياق أنه لا بد لإدارة المدرسة التي تضم الطفل المعاق أن يقدموا خدمات للأهل متواصلة لمواصلة علاج ابنهم في البيت ، مؤكدة ضرورة أن تتعرف الأسر على الطاقم التربوي والمهني والعلاجي الطبي داخل المدرسة إذا وجدت ، وإذا لم تتوافر هذه الخدمات فالحاجة ملحة لتوفيرها في المدرسة على وجه السرعة وتتمثل في الحد الأدنى لتوفير ممرض.

وأكدت الدكتورة بتول خليفة خلال المحاضرة أن المدارس المستقلة في دولة قطر تحصل على دعم مادي جيد من المجلس الأعلى للتعليم لتوفير كافة الخدمات للمعاقين مؤكدة أن الخدمات المتوافرة للمدارس تعمل على زيادة دافعية الطفل ذي الإعاقة ويزيد من قدراته البدنية والجسدية والعلمية ويشجع الأهل على التفاعل والتعاون بين البيت والمدرسة ، وعندما يرى الأهل أن ابنهم قد ارتفع مستواه التعليمي والتحصيلي قد ترتفع معنوياتهم ودعت إلى إطلاع الأسر على مؤسسات قد تساعدهم من الناحية الاقتصادية ، والعلاجية والترفيهية كما تعمل على تنمية ثقافتهم بالمدرسة وبهذا يكون لهم تأثير على الرؤية المستقبلية للمدرسة وتتغير نظرتهم للطفل ذي الإعاقة وقبوله كعضو فعال ، وتقبّل الابن ذي الإعاقة مثل باقي الأطفال وعدم التعامل معه بالرفض ، والحنان الزائد أو القسوة.


قانون التعليم الخاص


وشددت على ضرورة إطلاع أسر المعاقين على حقوقهم وحقوق أبنائهم حسب قانون التعليم الخاص ، وإشراكهم باللجان المهنية لتقرير مصير الطالب.

وأضافت أن على اللجنة استشارة أسرة الطالب المعاق وسماع آرائهم كون أن هدف المدرسة الخاصة ليس فقط تعليم الأولاد والعناية بهم وإنما دعم العائلة أيضاً وتقديم الإرشاد اللازم لهم في كل الأوقات.وأكدت في ختام محاضرتها ضرورة دعم عملية التثقيف التربوي لجميع الآباء في جميع الحالات والمناسبات والاستفادة من قدرات ذوي الإعاقة قدر الإمكان ومشاركتهم الأنشطة المختلفة وفقاً لقدراتهم. والتعرف على مشكلاتهم بهدف حمايتهم وتدريبهم معا وتنظيم لقاءات ومحاضرات وندوات يسهم فيها ذو الإعاقة.


http://www.al-watan.com/viewnews.asp...atenews4&pge=5