هذا اللي حصلته ::

أما العصر العباسي ، عصر الترف والبذخ والتأنق ، فقد رقَّت فيه طباع الشعراء و ارتقَت أذواقهم

بالمخالَطَة ، فظهر ذلك في أشعارهم ، فعمدوا إلى وصف الخمر ومجالس الأنس وحدائق القصور .

ودَرَّس علماء المسلمين الشعر ، فحَصَر الخليل بن أحمد أوزان الشعر في 15 بحراً ، ثم زاد عليها

الأخفش بحراً واحداً وسمّاه الخبَب ، فأصبحت 16 وهو ما عُرِف بعلم العروض .



وظهرت الصالونات الأدبية ، وكانت المساجلات الشعرية ، والمناظرات الدينية ، والمناقشات الأدبية

تَجري في معظم الأحيان في حضرة الخلفاء العباسيين الذين كان بعضهم شعراء ، وأغدَقوا الأموال على

الشعراء ، فتزاحموا على أبوابهم .


نبغ عدد كبير من الشعراء في العصر العباسي ، من أشهرهم " أبو نواس " ، وهو ممن أذاع القول في الخمر

والغزل والصيد ، و" أبو العتاهية " الذي برَع في فنون الشعر واشتهر بالغزل الرقيق والحكمة والموعظة .

وأيضاَ " أبو تمام " ، الذي اشتهر بنزعته العقلية والفلسفية في الشعر وتلميذه " البحتري " ، الذي ضُرب فيه

المثل ، ويُقال أن كلامه يجمع الجزالة والحلاوة والفصاحة والسلاسة ، ويُقالُ أيضاً ان شعره كتابة معقودَة

بالقوافي .

ولا يفوتني أن أذكر " ابن الرومي " الذي يقول عنه ابن خلِّكان ، أنه يغوص على المعاني النادرة فيستخرجها

من مكانها ، ويُبرزها في أحسن صورة .



ولما استلم زمام الأمر العنصر العَجَمي في الدولة العباسية ، ضعف أمر الشعر ، حتى إذا قامَت دولة بني حمدان

وهم عربٌ ، عاد الشعر إلى مكانته ورونقه ، ورعاه سيف الدولة الحمداني ، وقد كان شاعراً وأديباً ، وكان يرى

أن إعطاء الشعراء من فروض الامراء .

واشتهر في عصره عدد كبير من الشعراء كأبي فراس الحمداني ، وأبي الطيب المتنبي الذي كان نادرة الفلك

وواسطة عقَد الدهر في صناعة الشعر ، ثم هو شاعر سيف الدولة الذي رفع من قدره وألقى عليه شعاع سعادته

حتى سار ذكره مسير الشمس والقمر ، وسافر كلامه في البدو والحضر ، فهو الذي قال :


وما الدهر إلا من رواة قصائدي ..... إذا قلتُ شعراً أصبح الدهرُ مُنشِدا

فسارَ به مَن لا يسيرُ مُشَمِّرا ...... وغنّى به مَن لا يُغَنّي مُغَرّدا