فريق متخصص لإعادة النظر في قوانين ذوي الإعاقة
أكدت الأستاذة الدكتورة جهينة سلطان العيسى نائب رئيس مجلس إدارة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة - الرئيس المفوض، انه انطلاقاً من إستراتيجية التماسك الأسري وتمكين المرأة وهي إحدى المكونات الرئيسية لإستراتيجية التنمية الوطنية 2011-2016 يقوم فريق متخصص يضم المجلس الأعلى لشؤون الأسرة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العدل بإعادة النظر في جميع القوانين المتعلقة بذوي الإعاقة وضمان تطبيقها تحقيقاً لرؤية قطر 2030 نحو بناء نظام فعال للحماية الاجتماعية.
جاء ذلك خلال كلمتها الافتتاحية لندوة «الإعلام وقضايا الإعاقة» والتي ينظمها المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالتعاون مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر والتي انطلقت أمس وتستمر على مدار يومين تحت الرعاية الكريمة لسعادة الشيخة حصة بنت حمد بن خليفة آل ثاني رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وذلك بهدف التوعية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذا لبنود الاتفاقية الدولية لخاصة بهم والرامية إلى تمتعهم بكافة الحقوق على قدم المساواة مع الأفراد من غير ذوي الإعاقة ضماناً لمشاركتهم الفاعلة.
وقال العيسى ان هذه الندوة جاءت انطلاقاً من حرص المجلس الأعلى لشؤون الأسرة واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على أهمية وضرورة العمل المشترك، والتي جاءت لتجسد أهمية التكامل المؤسسي في الوطن الواحد وتأكيدا على أهمية تضافر الجهود للوصول بالخطاب الإعلامي لخدمة قضايا الإعاقة والتوعية بمشاكلها ومعاناتها، مشيرة إلى انه وبالرغم من التطور الكبير الذي تشهده وسائل الإعلام سواء المسموعة او المقرؤة أو المرئية إلا انه لم يواكبه اهتمام بشريحة الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث مازالت وسائل الإعلام تتعامل مع هذه الفئة بشكل احتفائي وفي المناسبات أحياناً، في حين يتعين على الإعلام أن يكون له دور أكبر من ذلك بكثير خاصة مع تزايد نسبة الإعاقة في المجتمع.
وتابعت قائلة « وإيمانا بأهمية وسائل الإعلام في تغيير العديد من الصور النمطية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، نظمت هذه الندوة لتنطلق من رؤية واضحة تستهدف وسائل الإعلام والإعلاميين والأشخاص ذوي الإعاقة لتوفير فضاء رحب للقاء والحوار وتبادل الأفكار، ومن ثم الخروج بآليات واضحة تحتكم إليها التغطيات الإعلامية ذات العلاقة بقضايا الإعاقة، خاضعة للمهنية الصادقة وللمعايير العلمية التي تعبر عن حاجات ومتطلبات وقضايا هذه الشريحة الهامة والتي تتلخص في إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة وإشراكهم في البناء والتنمية وتوفير السبل اللازمة لهم في إمكانية الوصول والحق في الحياة ومساواتهم مع الآخرين أمام القانون واحترام سلامتهم الشخصية والعقلية وعدم تعرضهم للاستغلال والعنف والاعتداء وتمتعهم الكامل بحق التعليم والتأهيل، لافتة الى حق هذه الفئة في فرص العمل على قدم المساواة مع الآخرين وتوفير مستوى لائق من المعيشة والحماية الاجتماعية والمشاركة في الحياة السياسية والعامة والأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية إضافة إلى حماية العلاقة الشخصية واحترام البيت والأسرة وتوفير الحياة الصحية اللائقة بهم وبأعلى مستويات بما يتناسب مع احتياجاتهم المختلفة، منوهة بضرورة ان تكون العلاقة بين الإعلاميين والأشخاص ذوي الإعاقة تفاعلية وذات مسؤولية متبادلة.
وأكدت الدكتورة العيسى على سعي المجلس الدائم لرفع وعي المجتمع بأفراده ومؤسساته بحقوق وإمكانيات الأشخاص المعاقين من خلال نشر المعرفة وزيادة الفهم بقضايا الإعاقة وتشجيع الصور الإيجابية للأشخاص المعاقين وتوعيتهم وأسرهم بحقوقهم التشريعية والمدنية وتمكينهم من دعم الاتصال بينهم وبين مختلف مؤسسات المجتمع الرسمي والمدني.
من جانبه قال الدكتور يوسف عبيدان نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر إن احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية من غير تمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين هو المبدأ الأساسي لحقوق الإنسان وما يشهده عالمنا من أحداث كل يوم ليس سوى دليل على ان احترام حقوق الإنسان هو ركيزة أساسية لا يتحقق بدونها استقرار ولا ازدهار بل هو شرط أساسي ومسبق للنمو الاقتصادي المستمر والتنمية الاجتماعية المستدامة، مشيرا إن التحسن المستمر لحقوق الإنسان في المجتمع المتحضر مرتبط بالأعمال والأدوار الحيوية التي يقوم بها الإعلام إلى جانب المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني، لافتا الى إن العقد الماضي شهد تزايدا ملحوظا في عدد المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والتي تلتزم جميعها على مستوى العالم بمبادئ موحدة تعرف باسم مبادئ باريس وتسعى باستمرار إلى التقيد بها حتى تلعب دورها على أكمل وجه كمدافع حقيقي وفاعل مستقل في عملية تفعيل المعايير.
وتابع قائلا «وللقيام بالدور المنوط بالمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان لابد من تشارك المسؤولية مع الإعلام والمجتمع المدني والإطراف الحكومية ذات الصلة من اجل تثقيف وتوعية المجتمع والاتجاه به نحو تكوين صورة ذهنية جديدة تنظر بايجابية إلى احد الموضوعات التي اعتبرت لفترة طويلة امرأ مثيرا لمخاوف الناس وتحاشيهم وهي قضايا الإعاقة، مضيفا «إن الإرث العالمي عبر القرون رسخ فكرة سلبية عن مفهوم الإعاقة الأمر الذي يتطلب ضرورة وجود رسالة إعلامية متدفقة بشكل منظم ومدروس تصحح الفكر الخاطئ وتصنع حلقة وصل بين الأشخاص ذوي الإعاقة والمجتمع للتعريف باحتياجاتهم وحقوقهم والواجب علينا اتجاههم».
وأضاف «علينا جميعا الانطلاق في دعم قضية الإعاقة من فكرة أساسية مفادها الثقة بإمكانية إذكاء الوعي المجتمعي حيث ينبغي التعريف بالإعاقة من خلال ربطها بكافة الحقوق التي لا يفكر الناس عادة بكيفية ممارسة ذوي الإعاقة لها، مضيفا « فعلى الإعلام أن يظهر ذوي الإعاقة ليس من خلال نشرات الصم فقط لكن من خلال جعل الآخرين يفكرون بالصعوبات التي تواجههم حين يتعين عليهم ممارسة حقوقهم كالحق في التنقل والوصول والحق في سلامتهم الجسدية والمعنوية وحمايتهم من التعرض للتعذيب أو الاعتداء البدني أو العنف أو الاستغلال، كذلك على الإعلام أن يسلط الضوء على كافة الحقوق الأخرى لهم كالحق باللجوء إلى القضاء وممارسة الحقوق السياسية واحترام الحق في الخصوصية وما إلى غير ذلك، أيضا على وسائل الإعلام أن تشغل بال الناس وتثير تساؤلاتهم وتحفز فضولهم حول كيفية ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة لكل هذه الحقوق وبذلك نساعد المجتمع على إن يكتسب نظرة جديدة بأن الشخص «المعاق» ليس شخصا جالسا في المنزل يعد أيامه بل هو إنسان فاعل في المجتمع إذا ما أتيحت له الفرصة».
وقال عبيدان إن الإعلام له مهام جليلة في تذليل الكثير من العقبات من خلال مخاطبة العقول ورفع المستويات الثقافية وتوعية المجتمع بأن قضية الإعاقة لم تعد قضية مجموعة من الأسر أو الأفراد ولكنها جزء من كل، مضيفا «ويقوم الإعلام بدور مكمل للمنظومة التشريعية والأطر القانونية إذا يسلط الضوء على الواقع فيدفع بمطلب لوضع قانون جديد او اتخاذ إجراء معين ويشكل وسيلة ضغط اجتماعية في مرات عديدة عندما تتعرض حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة للانتهاك فيثير استنكار المجتمع ليزداد الوعي تدريجيا باتجاه المزيد من الحماية والتعزيز لحقوق تلك الفئة.
وقال نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إن المبدأ العام والقاعدة الجوهرية في احترام حقوق الإنسان تنبع من ثقافتنا الإسلامية وهي ان البشر متساوون والإنسان مسئول عن سلوكه وتصرفاته دون تفرقة ما بين شخص معاق وآخر غير معاق إلا في الحدود التي تفرضها الملكات الفردية عملا بقوله تعالى «ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج».
وتابع «وفي الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان ذوي الإعاقة معايير تفصيلية وإحكام تعنى بأوضاعهم ليس بوصفهم فئة خاصة يتعين تقبلها بل بوصفهم بمظهر طبيعي للحياة نفسها يتعين علينا فهمه وقبوله وليس هنالك أكثر استلهاما وهديا للطريق الذي يجب أن نسير عليه في تناول علاقة الإعلام بالإعاقة من المادة رقم 3 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي وردت فيها عدة مبادئ وضعت الأساس السليم لتناول قضايا الإعاقة.
وأضاف «وقد نصت معظم دساتير البلدان العربية على الخطوط العريضة والإحكام الأساسية لحماية واحترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان كما جاء في الدستور القطري لعام 2004 في المادة (19) تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن والاستقرار وتكافؤ الفرص للمواطنين كافة»، كما صادقت معظم الدول على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، لافتا أن إخراج النصوص الدستورية وإحكام الاتفاقيات في التشريعات الوطنية ذات الصلة وتنفيذها بفعالية بات هو المحك الرئيسي للارتقاء بحقوق تلك الفئة.
هذا وقد أكد عبيدان على أهمية هذه الندوة لاسيما وان الإعلام يؤثر وبشكل حاسم على حقوق الإنسان سلبا وإيجابا في كل يوم خاصة، منوها انه بتزايد العولمة وتراكم إشكاليات كبيرة كالبيئة وتأمين الموارد والأزمة الاقتصادية والصراعات والنزاعات المحلية والإقليمية يجب إلا يصبح موضوع « الإعاقة » قضية عابرة بل يجب أن يظل في صميم اهتماماتنا المشتركة يوميا.
http://www.al-watan.com/viewnews.asp...enews16&pge=17