أبدى عدد من معلمي مدارس الحلقتين الثانية والثالثة، انزعاجهم من تزايد ظاهرة استخدام الهواتف المتحركة من قبل الطلبة داخل الصفوف، مبينين أن «الطلبة يرصدون المعلمين أثناء الحصة الدراسية بالصوت والصورة، ونشرها عبر خدمة الـ(بلوتوث)، إضافة إلى تناقلهم صوراً ومقاطع فيديو مخلة بالآداب العامة، ومشاهد عنف وقتل أثناء وجودهم في المدارس». وأكد مسؤولان بوزارة التربية والتعليم، ومجلس أبوظبي للتعليم، (فضلا عدم ذكر اسميهما)، منع استخدام الهواتف داخل الصفوف الدراسية، للحفاظ على النظام والتركيز، ومنع أي تشويش على العملية التعليمية، مشيرين إلى وجود تعميم على إدارات المدارس بعدم احضار واستخدام الطلاب والطالبات الهواتف المتحركة أثناء اليوم الدراسي، لينعكس ذلك إيجاباً على مصلحة العملية التربوية والتعليمية، والتي محورها الأساسي الطالب.
مراقبة
لائحة سلوكيات

قال مدير عام معاهد التكنولوجيا التطبيقية، الدكتور عبداللطيف الشامسي، إن «معاهد التكنولوجيا بها لائحة سلوكيات تمنع استخدام الهواتف داخل الصف الدراسي، ومن خلالها يتم حجز الجهاز من الطالب وخصم خمس نقاط منه»، مشيراً إلى أن الطالب يوجه له إنذار شفوي في حال حصوله على خصم بمقدار 10 نقاط، وإنذار خطي عند وصوله للنقطة الـ ،20 وإنذار نهائي عند النقطة ،30 وفصل نهائي عند النقطة الـ .40 وأوضح الشامسي، أن «الإنذار الشفوي يسجل ويتم إعلام ذوي الطالب به، فيما يلزم الانذار الخطي الطالب بالحضور إلى المعهد يوم السبت والمشاركة في برنامج للخدمة العامة، ومقابلة ذوي الطالب، وخصم 500 درهم من المكافأة، في حين يلزم الإنذار النهائي، الطالب بالحضور ثلاثة أيام سبت، وخصم 1000 درهم من مكافأته، وتوقيع ذويه على تعهد بعدم تكرار الأمر، وفي حالة تكراره والوصول إلى النقطة الـ ،40 يتم فصله نهائياً من المعهد.
وتفصيلاً، قال معلم الرياضيات في مدرسة خاصة، عمار القاسم، إن «الطلاب يحملون حالياً هواتف أحدث وأغلى مما يحمله المعلمون، ويتباهون في تبديلها واقتناء الاحدث منها»، لافتاً إلى ضبطه العديد منهم أثناء إرسال صور خارجة إلى بعضهم داخل الصف الدراسي، أثناء الحصة».
وأضاف أن «بعض الطلبة يستخدمون الهاتف المحمول داخل الصف، في تصوير المعلمين ونشرها عبر خدمة الـ(بلوتوث)، أو تحميلها على شبكة الانترنت»، مشيراً إلى أن لوائح المدرسة تمنع الطلبة والمعلمين من استخدام الهواتف داخل الصفوف وتوقع عقوبة على المخالفين. وذكر معلم تاريخ، عبدالله الحمادي، أن «الهواتف أصبحت في يد جميع الطلاب حتى الأطفال منهم، ونتج عن ذلك مشكلات بالجملة بجانب الاضرار الصحية والحوادث، بسبب الاستخدام الخاطئ للهواتف»، مشيراً إلى أن استخدام الهواتف من قبل طلاب المدارس قد ألهاهم عن دراستهم، وكان سبباً في انخفاض معدل التحصيل العلمي لديهم.
وأشار إلى ضبطه العديد من الطلاب أثناء استخدامهم الهواتف داخل الصف، واكتشافه أنهم يشاهدون أفلاماً وصوراً إباحية، بجانب انشغالهم عن الشرح بسبب تبادل الرسائل النصية والدردشة من خلاله.
وحذر معلم التربية الاسلامية، أحمد عبدالغني، من الجوانب السلبية للهواتف المتحركة، وانجذاب الشباب إليها لتمضية أوقات الفراغ، خصوصاً أن وجود الهواتف مع الطلبة يشكل خطورة كبيرة عليهم، في حال تم استخدامها بطريقة خاطئة.
وأشار إلى أن الهواتف النقالة تحولت في بعض المدارس إلى مصدر ازعاج وخوف للهيئات التدريسية، تحسباً من تصوير الطلبة المعلمين بطريقة مقصودة أو غير مقصودة، والتحكم في هذه الصور عن طريق التقنيات الحديثة الموجودة بأجهزة الهواتف الحديثة، ونشرها بصورة تسخر من المعلمين.
وأكد عبدالغني، أن «إدارة المدرسة التي يعمل بها، تمنع استخدام الهواتف داخل الصفوف الدراسية للعديد من الأسباب الاخلاقية»، مشيراً إلى أن «الطلاب بفترة الراحة يجتمعون للتسلية وارسال الرسائل والصور والتعليقات، واكتشفت إدارة المدرسة أكثر من مرة أثناء التحقيق في مشاجرات وقعت بين الطلاب، أن سببها التنافس على فتيات تم التعرف إليهن عن طريق الهواتف ومواقع التواصل الاجتماعي، أو إرسال طرف صورة أو موقفاً يسئ للطرف الاخر تم تصويره من خلال الهاتف».
مظاهر وتسلية
أرجعت وكيلة مدرسة فتيات (أم خالد)، سبب اقتناء الطالبات للهواتف المتحركة، إلى المظاهر والتسلية، مشيرة إلى أن «معظم المدارس تطالب منذ بداية العام الدراسي بعدم استخدام الهواتف في المدرسة، وهناك تأكيد مستمر لتركه لدى الادارة أو إغلاقه أثناء اليوم الدراسي، إلا أن هذا لا يتم إلا من قبل بعض الطالبات الملتزمات».
وشددت على ضرورة فرض رقابة مشددة على الطالبات واتخاذ إجراءات حازمة حيال من تحضر هاتفاً وتستخدمه، بجانب توعيتهن بالأضرار الصحية والاجتماعية لتجنب استعماله قدر الإمكان حتى خارج المدرسة، مشيرة إلى أن «الظاهرة تحتاج إلى سلطة ضابطة، خصوصاً بعد أن أثرت بشكل سلبي في سلوك الطلبة الاجتماعي وعلاقاتهم بالآخرين».
وقالت (أم خالد) إن «انتشار الهواتف لدى الصغار يجعلهم يتطلعون إلى أشياء أكبر من عمرهم، ما يؤثر في متطلباتهم المستقبلية التي ستكبر وتتضاعف قبل أوانها، إضافة إلى أن الانتشار الكبير للهواتف بين صغار السن يعد من السلبيات التي تتيح لهم التعامل مع التقنيات الحديثة بشكل سلبي يؤثر في تكوينهم المستقبلي».
وطالب مدير مدرسة (فضل عدم ذكر اسمه) ذوي الطلاب، بتفتيش هواتف ابنائهم باستمرار، ومراجعة المواد المخزنة عليها، خصوصاً بعد انتشار الأفلام والصور الخارجة عن الآداب بصورة كبيرة بين الطلاب، وتبادلها بينهم، لافتا إلى أن «المسألة لا تقتصر على المشاهد الخارجة، ولكن تنتشر أيضاً مشاهد عنف وقتل يتم تحميلها عبر الانترنت».
وأشار إلى أن الطلبة في سن المراهقة يندفعون وراء كل ما هو غريب، ظناً منهم أن في ذلك إثباتاً للرجولة، إضافة إلى أن التقدم التكنولوجي في الاتصالات والانترنت وانتشار هواتف الجيل الثالث والـ«آي باد»، والـ«آي فون»، بين الطلاب، سهل لهم الوصول إلى كل شيء، لذا يتعين أن يتكاتف المنزل مع المدرسة لتوعية الطلبة بمخاطر الجوانب السيئة للتكنولوجيا.
تنافس
قال طلاب في مراحل تعليمية مختلفة، (فضلوا عدم ذكر اسمائهم)، استحالة الاستغناء عن الهواتف المتحركة في الوقت الحالي، لأنها أصبحت أهم رابط بينهم والأهل أثناء وجودهم خارج المنزل، وعن طريقها يتم التواصل وطلب الاستشارة او النجدة في أي ظرف.
وأشاروا إلى أن «انتشار الصور والمشاهد الخارجة على هواتف بعض الطلاب، يعود في الاصل إلى تنشئتهم وأخلاقهم، لذا فإن منع الهاتف لن يحل المشكلة، لأنها متاحة بوسائل أخرى غير الهواتف».
وقال الطالب في الصف الـ ،11 أحمد حامد، إن لديه أصدقاء في المدرسة، تمتلئ هواتفهم بمثل هذه المقاطع، وأنهم يتبادلون الجديد باستمرار، مشيراً إلى أن «الأمر لا يزيد على حماسة شباب، وتطلع إلى معرفة أشياء غريبة من باب التنافس والزعامة».
وأكد زميله حاتم مرزوق، أن «الظاهرة منتشرة بصورة كبيرة بين الطلاب، وأنها تعود إلى الفراغ الكبير، ومحاولة تقليد ثقافات غريبة علينا، بدافع التميز والرغبة في اثبات الذات»، مشيراً إلى أن بعض الطلاب يحاولون تقليد مشاهد العنف المنتشرة على هواتفهم بدافع المزاح، ما يتسبب في عواقب وخيمة وأضرار كبيرة».
وأفاد طالب في الصف الـ،12 ( فضل عدم ذكر اسمه)، بأنه اشترى هاتفاً مستعملاً، وبعد فترة اكتشف انه يحتوي على مقاطع عدة لأفلام إباحية، وأسرع في خذفها ولكن شاهدها لدى بعض الاصدقاء، مشيراً إلى شعوره بندم شديد لارتكابه هذا الذنب، ولكن ما دفعه كان حب الاستطلاع خصوصاً أن الأمر لن يُكتشف.