رجل أبي كهل عنيد وأحوال حارتنا في المهرجان المسرحي لذوي الإعاقة
رسالة الشارقة: رياض السيابي - صحيفة الشبيبة الالكتروني
يشهد المهرجان المسرحي الثاني للأشخاص ذوي الإعاقة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يقام بإمارة الشارقة مساء اليوم تقديم عرضين مسرحيين الأول بعنوان ( رجل أبي كهل عنيد ) لدولة الكويت ، والثاني للجمهورية اليمنية بعنوان ( أحوال حارتنا ) ، وذلك في معهد الشارقة للفنون المسرحية .
كما تضمن المهرجان مساء أمس الأول تقديم عرضين مسرحيين الأول ( سلام جابر ) لمملكة البحرين ، والثاني ( الحج ) للمملكة العربية السعودية .
حيث انطلقت مسرحية ( سلام جابر) في بدايتها لتوضح حقا من حقوق الشخص المعوق ، والذي من حقه أن يتمتع بها كما يتمتع بها باقي الناس وهي عاطفة الحب التي تجعل أي إنسان يعيش في سلام ليجبر خاطره ويملأ الفراغ الذي بداخله ، وذلك من خلال العلاقة الحميمة والرومانسية التي تدور بين ابنة السلطان سلام والشخص المعوق جابر ، والذي يتسبب هذا الحب في مرض السلطان ودخوله في غيبوبة حينما يكتشف العلاقة التي بين ( ابنته ) سلام و( المعوق ) جابر ، ويعجز جميع الأطباء عن علاج السلطان ، والذي ينصح الجميع بأن علاجه في فصد دمه من خلال (حجّام) يقوم بذلك ليعيد السلطان لحالته الصحية الطبيعية ، وخلال عملية الفصد يخرج الوزير ليغدر بالسلطان من خلال إعطاء ( الحجّام ) شفره مسمومة ليصفد بها السلطان ويتردد ( الحجّام ) في ذلك الأمر ويتذكر الحكمة التي اشتراها من الحكيم ، والتي تقول : ( لا تعمل عملا قبل أن تنظر في عواقبه ) ، فتلاحظه ابنة السلطان لتخبر أباها السلطان بعد أن يفوق من غيبوبته بتردده أثناء تحجيم والده ، ليطلبه السلطان ويستفسر عن سبب تردده ليكتشف السلطان أمر وزيره الخائن فيأمر بحبسه ، ويستغل ( الحجّام ) الفرصة ليسأل السلطان عن سبب مرضه ليخبره السلطان عن علاقة ابنته سلام بجابر ، فما كان من ( الحجّام ) إلا أن مدح جابر وتمناه زوج لابنته لو كان لديه ابنه ، فبعد تردد وأخذ ورد يوافق السلطان على زواج سلام من جابر فيجبر السلطان قلب سلام وجابر بموافقته على زواجهما لتصل الرسالة للجميع : ( أن من حق المعوق أن يتزوج ويعيش في سلام ) .
يذكر أن العرض هذا الذي ألفه وأخرجه عبد الرحمن بوجيري قد تقمص أدواره كل من محمد صقر ، ومحمد يعقوب ، وزهراء السباع ، ومحمد الحمري ( وهم من الإعاقة البصرية ) ، وكذلك ميرزا حسن ، ويوسف بوعلاي ، وصالح المادح ( والثلاثة من الإعاقة الحركية ) ، إلى جانب خلف الله سعد ، وفؤاد ملاسي ( من الإعاقة السمعية ) .
المعوقين سمعياً في الحج
بعد ذلك قدم مجموعة من ذوي الإعاقة السمعية من الوفد السعودي عرضهم المسرحي بعنوان ( الحج ) من تأليف صالح يماني وإخراج محمد صالح يحيوي .. حيث تدور حيثياتها حول فريضة الحج ، وذلك بتبني أدوار توعوية عن أركان وواجبات الحج ، والأخطاء التي يقع فيها الناس ، وعلى وجه الخصوص ذوي الإعاقة السمعية ، فهم يحاولون من خلال عرض مسرحي مختصر الارتقاء والتطوير وتغيير اتجاهات يجهلها الصم في أداء الفريضة ، بالإضافة إلى المراحل التي يجب أن يمر بها الحاج والمشاعر التي يقيم بها ، وهذا العمل هو نتاج لملاحظات الصم أنفسهم على شريحة معينة ، ويصاحب العمل بعض المؤثرات الصوتية ، ويعرض من خلال فصوله لمجموعة من المجسمات التي تجسد المشاعر المقدسة مثل الكعبة وكذلك جبل الرحمة.
يؤجج الألفة
ذكر محمد يعقوب ( ممثل من ذوي الإعاقة البصرية في مسرحية سلام جابر ) عقب الانتهاء من تقديم عرضه المسرحية أنه لأول مرة يعتلي خشبة المسرح لتقديم هذا العرض الذي جعله يستمتع في التدرب والمواظبة في عمل البروفات لسبعة أشهر متواصلة ، شاكرا جهود المخرج والطاقم التمثيلي حيال بلوغه هذا المستوى المرضي ، متمنيا أن يحظى بالمشاركة في الدورات المستقبلية لهذا المهرجان ، كونه يجسد همزة وصل يؤجج الألفة والمحبة بين دول مجلس التعاون الخليجي .
بينما الممثل ميرزا حسن ( إعاقة حركية في ذات المسرحية ) أفصح عن مشاركته الثانية بكل فخر واعتزاز في هذا المهرجان ، موجها رسالته من منبر هذا المهرجان للمسئولين على أمر المعوقين بأن يفتح المجال لهذه الفئة من أوسع أبوابه ، لكي يتسنى لها تقديم العطاء والإبداع ورد الجميل ، متمنيا لهذا المهرجان الاستمرار والاستفادة قدر المستطاع من بعض الجوانب بتفاديها في مهرجانات المعوقين المستقبلية .
نستشعر مواهبهم
أشاد محمد بن إلياس البلوشي ( رئيس الوفد العماني المشارك في المهرجان ) بفلسفة المهرجان القائمة على ترابط واتساق العلاقة بين الإنسان العادي والإنسان المعوق ، حيث لا مجال للتباين بينهما ، فالكل قادر على العطاء والتألق والإبداع في إبراز مواهبه ، فهذه الأعمال التي يقدمها أبناؤنا المعوقين يجعلنا نستشعر مواهبهم ومجالات إبداعهم والتي يستدعي المحافظة عليها والعمل على تطويرها .
كما عبر الفنان الدكتور حبيب غلوم العطار ( رئيس لجنة تحكيم عروض المهرجان ) بتشرف وجوده في مهرجان كهذا سواء في لجنة التحكيم أو في أي عمل آخر يستدعيه إقامة هذا المهرجان ، حيث من الواجب الوقوف والأخذ بأيدي إخواننا وأبنائنا المعوقين ، وضرورة إشعارهم أنه لا ينقصهم أي شيء ، وأحد وسائل ذلك يتجلى في عملية إدماجهم ، وهذا ما يؤكد عليه ويدعو له العلم الحديث ، بل أنه واجب يفرضه علينا ديننا الإسلامي الحنيف ، ولله الحمد مازال مجتمعاتنا مترابطة وتدعو إلى الوحدة والتكاتف بين أبنائها ، ونحن في هذا العرس المسرحي نتشرف أكثر ما يتشرف المعوق ، والذي يعتبر فرصة ليستفيد الإنسان العادي من المواهب والإمكانات المبدعة التي يفجرها المعوق .
بينما أشادت الفنانة فخرية خميس بإقامة مهرجان يتيح للمعوقين تغيير نظرة المجتمع السلبية ناحيتهم ، معبرة عن انبهارها من قدرة المعوقين بصرياً إنجاز عمل متميز يقنع الآخرين بعد وجود اختلاف قط ، ولذلك لهم حق دخول المجتمع الفني والانخراط في المهرجانات والفعاليات الفنية المقبلة ، متمنية من كل كافة المسئولين والفنانين التكاتف معهم ليتاح لهم تقديم نجاحات مستمرة .
ندوة تطبيقية
يحظى المهرجان يومياً عقب انتهاء تقديم العروض المسرحية بإقامة ندوة تطبيقية ، يتم خلالها الترحيب بالممثلين والمؤلف ومخرج العرض المسرحي الذي يعد محور المناقشة وإبداء الملاحظات والمناقشات من جانب الحضور والفنانين اتجاهه والتطرق للتجهيزات والعراقيل التي واجهت الطاقم التمثيلي في الفترة التي سبقت الإعداد لهذا المهرجان وسبل تذليلها أو التغلب عليها ، كون هذه الأعمال تتطلب كما ذكر عدد من المخرجين عقد حلقات عمل تبصرهم بطرق التعامل الناجعة مع ذوي الإعاقة .