من المهرجان المسرحي الثاني لذوي الإعاقة بالإمارات - الشارقة
مشاعر إنسانية مرهفة ونهاية محيرة في "سفر العميان"
الشارقة -محمد ولد محمد سالم
افتتحت عروض الدورة الثانية من “مهرجان الخليج المسرحي للأشخاص ذوي الإعاقة” مساء أمس الأول الجمعة الموافق 2011/11/11 على خشبة مسرح قصر الثقافة في الشارقة بالمسرحية الإماراتية “سفر العميان”، وهي من تأليف ناجي الحاي وإخراج أحمد الأنصاري وإنتاج مسرح الشباب للفنون في دبي، وينظم المهرجان تحت رعاية وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع جمعية المسرحيين الإماراتيين، وكانت العاصمة القطرية الدوحة قد احتضنت دورته الأولى عام 2008 .
يلعب الأدوار في سفر العميان الفنان إبراهيم سالم والفنانة أشواق، ومحمد طراز ومحمد الغفلي وأمل محمد وعبد العزيز نجم، تقوم عقدة المسرحية على وجود مجموعة عميان في ورطة بعد أن تركهم قائدهم البصير في صحراء خلاء واختفى، فتبدأ معاناتهم، وتنشأ الخلافات بينهم، ومن خلالها تتكشف حقائق حياة كل واحد منهم ومعاناته، فعبود “عبد العزيز نجم” يحلم بالسفر إلى الخارج لكنه لا يملك جواز سفر، وحيثما ذهب يكون مدعاة لسخرية ونكات الآخرين، وياسر (إبراهيم سالم) عاش في الخارج زمناً طويلاً حين كان بصيراً، وعندما أصيب بالعمى رجع إلى بلاده، وصار يتهم الناس ويكفرهم لأتفه الأسباب، وناصر (محمد الغفلي) يحلم بالزواج لكنه لا يجد الفتاة التي تحبه وترغب في الزواج منه لأنه أعمى ودميم الوجه، وهناد (أمل) رغم أنها ابنة لأسرة غنية إلا أنها هي الأخرى لا تجد الشخص الذي يحبها ويتزوجها، وتعيش حياة وحدة تعيسة، وهكذا تتداعى المعاناة والأشجان والخلافات التي تكشف كم من الصد يلقاه أولئك العميان من المجتمع، الذي عجز عن تقدير قدراتهم الذاتية ولم يهتم بالبحث عن مواهبهم ومشاعرهم الإنسانية المرهفة، وأنفسهم التي تتوق إلى الحب والتقدير وتحتاج إلى من يعترف بها ويضع لها اعتباراً ويشجعها على العطاء، وتجاوز محنتها .
وبعد خلافات عميقة يقرر ياسر مغادرة المكان بحثاً عن المدينة ويرافقه عبود، ويقتفيان طريق السيارة التي جاءت بهم، وأما البقية فيرفضون المغادرة وتهاجمهم الذئاب الضارية، فيقفون متراصين متحدين يدفعون عن أنفسهم بعصيهم، وتنتهي المسرحية على هذا المشهد، لكن هذه النهاية ستوقع المشاهد في حيرة، فهل أراد العرض أن يقول إن ياسر وعبود كانا على حق لأنهما لم يقبلا بالواقع ولم يجلسا مكتوفي الأيدي، وخرجا فنجواً من الذئاب التي هاجمت الآخرين رغم أننا لم نعرف ما مصيرهما، أم أن العرض يريد أن يؤكد سمة الوحدة والتكاتف كعامل من عوامل النجاة حيث رأينا في المشهد المجموعة المتبقية تتجمع وتذب عن أنفسها بعصيها، لكن حتى هذه النهاية فإنها لا تؤكد نجاة الجماعة من الذئاب لأن المشهد أغلق على تلك الوقفة وأصوات الذئاب تملأ ما بين السماء والأرض مما قد يشعر بأنهم لم ينجوا .
تلك الحيرة والتذبذب في النهاية لا شك أنه أضعف المسرحية رغم أنها وفقت في الكشف عن جانب من معاناة ذوي الإعاقة المتمثل في عجرفة الأصحاء في التعامل معهم