خلال انطلاق الملتقى الثاني لـ"المؤسسات الخليجية".. المشاركون: تمكين الصم الكبار ودعم حقوق المرأة الصماء مسؤولية مشتركة






خليفة: قطر حققت انجازات رائدة في تعزيز حقوق ذوي الإعاقة

حصة بنت خليفة: كبار السن من ذوي الإعاقة فئة مهمشة

د. الكواري: ضرورة التكاتف بين الدولة والمجتمع المدني لحماية ذوي الإعاقة


سمية تيشة


افتتح السيد مبارك بن ناصر آل خليفة الأمين العام لوزارة الثقافة والفنون والتراث، صباح أمس الملتقى الثاني لمؤسسات الصم الخليجية تحت عنوان "تمكين الصم الكبار مسؤولية مشتركة"، ينظم الملتقى المركزُ الثقافي الاجتماعي للصم، بالتعاون مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، تحت رعاية وزير الثقافة والفنون والتراث، وبمشاركة نخبة كبيرة من المختصين والخبراء في المجال.. ويركز الملتقى على مدار يومين متتالين على واقع الصم الكبار في الوطن العربي عموماً ومنطقة الخليج على وجه الخصوص، ودعم وتأييد حقوق المرأة الصماء الأقل حظاً مقارنة بالرجل الأصم، والتعرف على واقع الخدمات المقدمة للصم من خلال تجارب الآخرين وتسليط الضوء على الاحتياجات النفسية والاجتماعية والجسمية والمعوقات التي تعترض مشاركة الصم الكبار في عجلة التنمية.. وقد شهد الملتقى في يومه الأول تدشين طابع بريدي خاص بالمركز، يحمل واقع وهوية الأصم، ويعتبر هذا الطابع ثاني طابعٍ يصدر عن الأصم في الوطن العربي، حيث تم اختيار الشعار من بين عدة تصاميم قدمت من قبل تصاميم صاغها الصم ويحمل الشعار الذي تم عليه الموافقة الأخيرة القوقعة من علم دولة قطر..


واقع الصم العربي


وألقى سعادة السيد مبارك بن ناصر آل خليفة الأمين العام للوزارة كلمة بالإنابة عن سعادة الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري — وزير الثقافة والفنون والتراث — خلال افتتاح فعاليات الملتقى، قائلا: "راهنت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ استقلالها على إعداد الإنسان، فاهتمت بإنشاء المؤسسات والهيئات الاجتماعية والتربوية والثقافية والرياضية لخدمة كافة قطاعات المجتمع، وفئات إطار التوجيهات الحكيمة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى وسمو ولي عهده الأمين (حفظهما الله ورعاهما) خطت خطوات رائدة لتعزيز العمل من حيث إنشاء ودعم المراكز المتخصصة التي تخدم قطاع ذوي الاحتياجات الخاصة باعتبارها مراكز إشعاع وتنمية للمجتمع، وذلك من خلال (تطويع) برامجها من أجل الإنسان القطري الواعي لمتطلبات التنمية التي تنشدها الدولة"، لافتاً إلى أنّ استضافة "ثقافي الصم" لهذا الملتقى بالتعاون مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تأتي تأكيداً لدوره المتعاظم والرائد الذي يقوم به لخدمة الأصم القطري والخليجي والعربي، كما تأتي تجسيداً للتعاون القائم والمستمر بين المركز واللجان والمؤسسات الاجتماعية والإنسانية والتربوية لتقديم هذه الخدمات.. وأثنى آل خليفة على فكرة الملتقى، مؤكداً أن الملتقى يعد مناسبة طيبة ومنبراً حراً لتبادل الرأي والمشورة دعماً لفئة الصم بما يعود عليهم وعلى بلدانهم بالنفع..


تمكين الصم الكبار


سعادة الشيخة حصة بنت خليفة آل ثاني — الرئيس الفخري لمركز الصم _ أشارت إلى أنّ الملتقى يسلط الضوء على مختلف قضايا الصم وواقعهم الاجتماعي والتعليمي، قائلة: "إن موضوع التمكين الذي اتخذه الملتقى هذا العام ولاسيما تمكين الكبار أمر مهم جداً، ويقتضي الإجابة عن أسئلة كثيرة، منها: معنى التمكين والفئة المستهدفة وآلية التمكين، يجب المضي قدما من أجل تحقيق التمكين من خلال السياسات المناسبة ومراجعة التشريعات والخطط والبرامج ورصد الموارد البشرية والمالية لتحقيق ذلك التمكين، ورفع وعي المجتمع وفئة ذوي الإعاقة به"، موضحة أن مسألة التمكين أمر مهم وصعب تحقيقه، لأنه سيتم التعامل مع فئة الكبار من ذوي الإعاقة لأنها فئة مهمشة وقد تم الالتفات إليها مؤخراً في الوطن العربي.. وشددت سعادتها على أهمية العمل بجهد وتعاون وتنسيق بين المؤسسات المختلفة ليس فقط المؤسسات المعنية بذوي الإعاقة بل مشاركة كل المؤسسات والوزارات في الدولة كالصحة

والتعليم والجهات الاجتماعية والثقافية لإنجاح التمكين، لافتته إلى ضرورة تأهيل ذوي الإعاقة في جو أسري، وأن يتم التعامل معهم من خلال معنيّين بالإعاقة من مدرسين واختصاصيين وأطباء ومشرفين، موضحة أن الأسرة هي الركيزة الأولى لإنجاح التأهيل والتعليم، وأنه لابد من العمل على التمكين بشكل موضوعي وعلمي عبر التنسيق والتعاون..


حقوق ذوي الإعاقة


من جانبه أوضح الدكتور محمد الكواري — عضو اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان — أن قضية الأشخاص ذوي الإعاقة من أهم القضايا لدى الدول والمنظمات الدولية المعاصرة، قائلاً: إن "الإنسان — سليم أو معاق — كان موضع اهتمام التشريعات السماوية، واهتمام كثير من رجال الفكر والفلاسفة منذ بدء الخليقة عبر العصور المختلفة، وظهرت كثير من النظريات والتصورات التي عنيت بالإنسان وحقوقه باعتبار أن حقوق الإنسان ترتبط به وجوداً وعدماً ولابد لهذه الحقوق من ضمانات وآليات تكفل من خلالها التزام الدول والجماعات والأفراد باحترام هذه الحقوق وتعزيزها والمحافظة عليها، ولابد من وضع وسائل لحمايتها من الاعتداء عليها، وتعد قضية الأشخاص ذوي الإعاقة من أهم القضايا لدى الدول والمنظمات الدولية المعاصرة، إذ إن مستوى الرعاية والتأهيل المقدم لهم يمثل أحد المعايير الأساسية التي تقاس عليها حضارة كل مجتمع من المجتمعات ومدى تطوره، ومع التأكيد على أن الاهتمام بهذه الفئة الاجتماعية يجب ألا يرتكز على فكرة الإحسان، وإنما على أساس ما يجب أن تتمتع به من حقوق تقرها الأديان السماوية، وتنص عليها الإعلانات والمواثيق الدولية"، مشيراً إلى أنّ موضوع الإعاقة في السنوات الأخيرة استقطب اهتماماً واضحاً من قبل المعنيّين بدراسة أبعاد هذه القضية، لتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.. وأضاف د. الكواري خلال كلمة ألقاها قائلاً: إن"موضوع الأشخاص ذوي الإعاقة يرتكز على عدة اعتبارات، أولها: الرعاية التي تسعى أجهزة الدولة إلى توفيرها لذوي الإعاقة في الآونة الأخيرة، خصوصاً بعدما لوحظ اتجاه أغلب دول العالم نحو تحديث تشريعاتها في هذا الإطار بما يتواكب مع المواثيق والإعلانات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، والمستجدات التي طرأت على الساحة العالمية، وثانيها: أن المؤشرات الصادرة عن الجهات الرسمية تشير إلى التزايد المضطرد في أعداد ذوي الإعاقة، لا سيما بعد انتشار ظواهر العنف والإرهاب والحوادث والكوارث الطبيعية، فضلاً عن الإهمال الطبي وما يترتب عليه من إصابات، والإفراط في الاستخدام الخاطئ للمواد الكيميائية في الزراعة وفي الصناعات المختلفة، بحيث ينتج عنها بعض التشوهات المؤدية للإعاقة"، لافتاً إلى أنّ المجتمع الدولي أدرك أن للمعاق حاجات لا بد من تلبيتها وحقوقاً لابد من مراعاتها، مما حرصت مختلف دول العالم على المعاقين من خلال الإعلانات والمواثيق الدولية..

ولفت إلى أنّ القانون الدولي لحقوق الإنسان أولى اهتماماً خاصاً بالمعاقين وحقوقهم، إذ استندت هذه الحقوق بالأساس إلى المبادئ العامة لحقوق الإنسان التي تكفل المساواة وعدم التمييز بين البشر، حيث إن عدم التمييز يعد في حد ذاته بمثابة ضمانة أساسية لتمتع جميع البشر بكافة الحقوق والحريات المنصوص عليها في المواثيق والإعلانات الدولية، مبيناً أن مشكلة الإعاقة تعد مشكلة إنسانية واجتماعية في معظم المجتمعات، وتزداد أهمية هذه المشكلة في المجتمعات التي ترغب في حماية وتعزيز حقوق الإنسان كما أن رعاية المعوقين تعد أحد مظاهر أو مؤشرات التقدم الاجتماعي والإنساني والديمقراطي، وفي نفس الوقت معياراً لتقدم المجتمع ورقيه، علاوة على الأهمية الاقتصادية لتحويل المعاقين إلى طاقة منتجة فعالة تسهم في خير المجتمع ونفعه العام..


رعاية المعاقين


وقال د. الكواري: "لقد انعكست هذه الرعاية على كافة مناحي الحياة من خلال التشريعات القانونية التي تكفل هذه الحقوق كالدستور الدائم للبلاد الذي كرس مبدأ بين المواطنين بشأن كافة الحقوق والواجبات العامة، وكذلك المساواة أمام القانون لجميع الناس سواء المواطن أو المقيم، كذلك أصدر المشرع القطري القانون الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة رقم 2 لسنة 2004م وانضمام الدولة إلى الاتفاقية الدولية للمعوقين 13 مايو 2008م، فضلاً عن العديد من التشريعات الأخرى التي تكفل حقوقاً خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة كالقانون المدني وقانون الإجراءات الجنائية وقانون الضمان الاجتماعي وغيرها من التشريعات"، مشيراً إلى أنّ الدولة تولي الاهتمام بتوفير المؤسسات ذات الصلة بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة بكافة طوائفها وعلى رأس هذه المؤسسات المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، كما تولي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان نشر ثقافة حقوق الإنسان وكفالة وتعزيز كافة حقوق الأصم، ويأتي ذلك من قناعة اللجنة بالأدوار الفاعلة التي يمكن للشخص الأصم أداؤها في المجتمع، إذا ما توافرت له العوامل المساعدة، داعياً إلى ضرورة التكاتف بين الدولة والمجتمع المدني والأسرة بشأن كفالة وتعزيز حقوق هذه الفئة.

دمج الأصم

أكد السيد علي عبيد السناري — رئيس مجلس إدارة المركز القطري للصم — أن الملتقى يهدف إلى تبادل الأفكار وتحقيق الأهداف المنشودة لذوي الإعاقة السمعية، سيما أن هناك فئة كبيرة من الناس الذين ينظرون إلى الأصم على أنه إنسان غير قادر على العطاء أو الإبداع، مشدداً على أهمية تواصل وإدماج الأصم مع المجتمع من خلال لغة الإشارة لأنه شخص يستطيع أن يكون فعالاً من خلال التعليم والدعم المناسبين والتشجيع، وبين أن مثل هذه الملتقيات تسهم في تحقيق التفاعل وتبادل الخبرات واستعراض التجارب، مشدداً على ضرورة خروج الأصم من عزلته والاندماج والتفاعل مع المجتمع الذي يعيش فيه.