الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل خلقه محمد صلى الله عليه وسلم امابعد

فقد جاء في تقريري هذا عن (شاعر عمر أبو ريشة شخصية من التاريخ) ,والسبب الكامن وراء اختياري هذا الموضوع هو ما تركه شاعر عمر أبو ريشه من اشعارالتاريخ
ومن الصعوبات التي واجهتني قلة ما كتب حول شخصية شاعر عمر أبو ريشةالتاريخية وتشتت المعلومات بين لمجلات و الكتب.والانترنت .

وفي النهايةأتقدم بالشكر لكل من ساعدني في اتمام هذا البحث, وأرجو أن يكون بحثي هذا مفيدالأبناء وطني واعتذر عن كل تقصير فيه ،حاولت الوصول الى درجة الاتقان لكن الكمال للهوحده
ونسال الله التوفيق والسداد.

سيرة الشاعرعمر أبو ريشة

ولد عمر أبو ريشة في منبج بلدة أبي فراس الحمداني فيسوريا عام 1910 وتلقى تعليمه الابتدائي في حلب .أكمل دراسته الجامعية في بيروت فيالجامعة الأمريكية حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم عام 1930م ثم أكمل دراستهفي لندن في صناعة النسيج ، وهناك قام بدعوة واسعة للدين الإسلامي بلندن .
ثارعلى بعض الأوضاع السياسية في بلادة بعد الاستقلال وامن بوحدة الوطن العربي وانفعلبأحداث الأمة العربية بشدة
مناصبه :

عضو المجمع العلمي العربي دمشق
عضو الأكاديمية البرازيلية للآداب كاريوكا- ريودي جانيرو
عضو المجمعالهندي للثقافة العالمية
وزير سوريا المفوض في البرازيل 1949 م 1953 م
وزير سوريا المفوض للأرجنتين والتشيلي 1953 م 1954 م
سفير سوريا في الهند 1954 م 1958 م
سفير الجمهورية العربية المتحدة للهند 1958م 1959 م
سفيرالجمهورية المتحدة للنمسا 1959 م 1961م
سفير سوريا للولايات المتحدة 1961 م 1963م
سفير سوريا للهند 1964 م 1970 م
يحمل الوشاح البرازيلي والوشاحالأرجنتيني والوشاح النمساوي والوسام اللبناني

برتبة ضابط أكبر والوسامالسوري من الدرجة الأولى وآخر وسام ناله وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى وقد منحهإياه الرئيس اللبناني إلياس الهراوي . شردته الكلمة اثنين وعشرين عاما في مشارقالأرض ومغاربها وهذا شأن كل صاحب كلمة .
وتُوفي رحمه الله في الرياض عام 1990 م .

نفسيته في شعره

الشاعر عمر أبو ريشة شاعر أصيل متمكنفي مجال الشعر له أسلوبه المميز والمنفرد ، وله طريقته في الشعر وسمته التي يتميزبها عن غيره من الشعراء فأنت تقرأ قصيدة من شعره تسير على نمط معين ولكنه يفاجئك فيأخرها ببيت يختم به قصيدته تلك ويكون هذا البيت خلاف ما تتصور فيكون بيت مفاجأة أوإثارة بالإضافة إلى أن الشاعر يحشد كما هائلا من الصور والأخيلة في قصيدته حتىلكأنك وسط معمعة من المفاجآت والخيالات والظواهر التي لا تتخيلها في الموقف فمثلافي قصيدته اقرئيها تجد :
إنها حجرتي لقد صدئ النسيان** فيها وشاخ فيهاالسكوت
ادخلي بالشموع فهي من الظلمة** وكر في صدرها منحوت
وانقلي الخطوباتئاد فقد** يجفل منك الغبار والعنكبوت
عند كأسي المكسور حزمة أوراق** وعمر فيدفتيها شتيت
**********
انظر كيف يقدم لنا الشاعر كما هائلا من الصوروالأخيلة والأشباح
صدئ النسيان ، شاخ السكوت ، وكر ، في صدرها منحوت ، يجفل ،الغبار ، العنكبوت ، كاسي المكسور ، حزمة أوراق ، دفتيها ، شتيت.... كلمات تنهالعلى الخيال فتعيش القصيدة وكأنك تدخل وكرا فيه أشباح وأشياء مرعبة ثم تجده فيمجالات أخرى يحلق بنا في الفضاء مع النجوم والشموس والكواكب وكأنما يشعرنا أنهيتطلع إلى الصعود لكن معوقات الواقع تقيده وله نظرة سامية عليايعبر عنها كثيرابالنجم والكوكب والشمس والفضاء اقرأ له في عدد من قصائده :
فكم جبل يغفو علىالنجم خده
وتهاديت كأني ساحب ** مئزري فوق جباه الأنجم
وثبت تستقرب النجممجالا
جناحه بعدما طال المطال به ** مخضب من شظايا الشهب منكسر
لأظن جناحيمحترقا ** محترقا من لمسة نجمة
وحمائم بيض في اليم ** مدت أجنحة للنجم
مابعدك يا أفقي الأعلى ** دنياي توارت في العتمة
قدم تجرح أحشاء الثرى ** وفم يلثمخد الفرقد
وتناقلت آيات رحمتها شفاه الأنجم
************
كلمات كلها تتعلقبالسماء وكأنما تعبر لنا عن نفسية الشاعر الذي عاش يبحث عن الرقي والكمال والرفعةوالعلو فهو صاحب همة عالية وارتقاء في الفكر والسلوك لا يرضى بالوضيع بل يحب انيجلس عاليا رغم كل شيء وعلى الرغم مما عاناه هذا الشاعر من معوقات ومن متاعب جنتهاعليه همته العالية إلا انه ظل كذلك إلى أن مات مرفوع الرأس اقرأ قوله:
عشت حرابلغت جنة دنياي** وجفني بنورها اكتحلا
إنها نعمة أقطع فيها ** العمر مستغفراومبتهلا
اعف عني يارب بدل همومي** فلقد عشت مرة رجلا
*********
أيضا نجدفي شعر الشاعر نبرة الفخر والاعتزاز بالنفس والثقة ولا نستغرب في رجل لم يفتأ يتجرعغصص المجد ليصل إلى مبتغاه ولو خذلته الدروب ولكنه بذل من أجلها الكثير فاستطاع أنيصل إلى الكثير مما تمناه ولو لم يستطع الإتمام إلا أنه لم يكن محابيا ولو حابىلاستطاع الوصول لكن طموحة أبى عليه وتألقه منعه من أن يصل بالتنازل عن مبادئه التييؤمن بها فرضي أن يظل حسب ما أمكنه مع الاحتفاظ بكرامته التي يراها أعز ما لديه وماأغلى الكرامة ، بل ربما يرفض المجد إن كان بطريقة غير مشروعه يقول:
ما أرخصالمجد إذا زارني ** ولم يكن لي معه موعد
وهي نظرة تخصه كما قال البارودي قبله :
أسير على نهج يرى الناس غيره ** لكل امرئ فيما يحاول مذهب
ولذا تجد تشابهابين الرجلين في نظرتهما للحياة ، ولمكاسبها ولذا كان البارودي وأبو ريشة يدفعان ثمنإبائهما غاليا لكنهما نفذا رغبتيهما بثمن باهض، وعاشا وهما يعانيان نتيجة الرفضوالإباء ولكل ثمن ، يعبر عنه امرؤ القيس عندما بكى صاحبه وهما مسافران طلبا للملك :
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ** وأيقن أنا لاحقان بقيصرا
فقلت له لا تبكعينك إنما ** نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
إذن،أشعرُ أن أبا ريشة عاش غريبا وماتغريبا حفاظا على مبدإٍ اعتقده فعبر عن ذلك في شعره:
أتكلم ما ذا أتكلم
أقلامي جف عليها الدم
ولهاتي سالت في المأتم
أتكلم ؟ هل أحمل في صدريأسرار
أخشى أن تفشى أو تكتم
إني لا احمل غير العار
في الدرب الموحشوالمبهم
إني غنيت إلى الآلام فكيف عليها أتألم
أتكلم ، أعرفني شبحا لا ظلله فوق الأرض
في الهدأة من غصص الذكرى
يتساءل بعضي عن بعض
فأغض واختصرالآلام وأمسك بالريح وأمضي
**********
وهكذا مضى عمر وهو لا يمسك بشي إلابكرامته ورفعة نفسه وإبائه وكفاه ذلك .

من اشعاره:


يا شعب
عمر أبو ريشة
يـا شـعب لا تشك iiالشقاء ولا تـطل فـيه iiنـواحك
لـو لمتكن بيديك iiمجروحا لـضـمـدنا iiجـراحـك
أنـت انتقيت رجال iiأمرك وارتـقبت بـهم iiصلاحك
فـإذا بـهم يـرخون iiفوق خـسيس دنـياهم iiوشاحك
كـم مـرة خفروا iiعهودك واسـتقوا بـرضاك iiراحك
أيسيل صدرك من جراحتهم وتـعـطـيهم iiسـلاحـك
لهفي عـلـيك iiأهـكذا تـطوي عـلى ذل iiجناحك
لـو لـم تُبح لهواك iiعلياءَ الـحـياة لـما اسـتباحك

الترف العربي
عمر أبو ريشة
صـاحيـا عبد فرف iiالطيب واستعر الكأس وضج المضجع
مـنتهى دنـياه نـهد iiشـرس وفـمسـمح وخـصر طـيع
بـدوي أورق الـصخر iiلـه وجـرى بـالسلسبيل iiالـبلقع
فـإذاالـنخوة والـكبر iiعلى تـرف الأيـام جـرح iiموجع
هـانت الـخيل على iiفرسانهاوانـطوت تلك السيوف iiالقطع
والـخيام الـشم مالت iiوهوت وعـوت فـيها الرياح iiالأربع




الخاتمة :

و الان بعد هذه الرحلة التي تناولنافيها موضوع عمر ابو ريشة و جهوده الطيبة يبدو من المهم التذكير بأهم النقاط التيأثارها هذا التقرير المتواضع و هي :سيرة الشاعر عمر أبو ريشة ،مناصبه، نفسيته فيالشعر .،من اشعاره .
وفي نهاية المطاف اتقدم بهاتة التوصية :
وهي طباعةكتيبات تعريفية دورية تعرف بشعرائنا الكبار و لاسيما عمر أبو ريشة حتى لا ننسىتاريخنا العلمي المجيد .
وفي الختام ارجو ان يكون هذا التقرير قد نجح في القاءبعض الضوء على هذا الشاعر العربي الكبير .
واخر داعوانا ان الحمد لله ربالعالمين.