-
مشرفة ملتقى ذوي الإحتياجات الخاصة
عبدالسلام سليمان العامر

مدير إدارة التربية الخاصة بتعليم حائل
مسيرة من العطاء لم تنضب
تقوم مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بتنظيم مخيم الأمل سنويا وبدأ المخيم منذ عام 1987م كفكرة تجمع سنوي لأطفال الخليج حتى توسع وشمل استضافة أحد الدول العربية في كل سنة منذ سنة 2000م وهو عمل يهدف إلى شمولية الهدف بإيصال رسالة للمجتمع من خلال نشر الوعي بالإعاقة والمعاقين وتحقيق مستوى من الراحة النفسية للمعاق بإشراكه أو دمجه في مناشط الحياة الاجتماعية من خلال هذا المخيم ، وفيه أيضا تبادل الأفكار والرؤى والخبرات بين الوفود المشاركة بل ويتم فيها صياغة توصيات مستقبلية ترفع للجهات ذات العلاقة في بلدانهم لتطوير هذا الميدان ولكل ما قد يحدث تغيرا في حياة الفرد المعاق في كافة جوانب حياته وهذه واحدة من أهم مخرجاتها الإنسانية للمواطن العربي .
مخيم الأمل السنوي في إطاره العام سواء تنظيما وتنفيذا ومتابعة يقوم بتنفيذه أفراد متطوعون لهذا المخيم من دولة الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج من خلال الجهود المخلصة والأيادي المتكاتفة لإبراز هذا النشاط حتى أصبح علامة مضيئة في العمل الإنساني في العالم العربي ولم يأتي هذا من فراغ بل من خلال الرؤية العلمية المتحضرة للواقع الآني ولاستشراف المستقبل وهذا ما كنت ألاحظه سنة بعد أخرى . لم يكن هذا المخيم للظهور الإعلامي فقط بل يهدف إلى خدمة هذه الفئة وإبرازها في المجتمع من خلال الإدماج الاجتماعي في مناشط المخيم ورسم الابتسامة على شفاه الأطفال المعاقين الذين هم بأمس الحاجة لمن يقف بجانبهم ويمد لهم يد حانية وصدور تحتويهم وأفئدة كانت هي مقر لهم وبالتالي الوصول إلي تنمية جوانب مهمة في ذاته بأنه أحد أفراد المجتمع وله حق في المشاركة الاجتماعية وتقدير ذاته حتى يشعر بأنه جزء من هذا المجتمع وأنه فرد لم يغيب بإرادته أو حتى لم يُغيب قسراً وان له حقوق يجب أن تلبى له من خلال إدماجه في كافة أنشطة المجتمع وللمخيم أيضا هدف نبيل وسامِ متمثل في تأصيل العمل التطوعي في ذوات الشباب وبنائه في النشء كقيمة إنسانية نبيلة وبالتالي خلق سمة الإيثار على النفس خدمة للمجتمع وهذه الفئة لاشك أنها بحاجة للإيثار على النفس .
وهدف آخر لا يقل أهمية عن سابقه بأن يوصل هذا المخيم رسالة للمجتمع من خلال نشر الوعي الاجتماعي بهذه الفئة وتثقيفه في كيفية قبولها وكيفية التعامل معها ونشر روح المبادرة في العمل لتذليل الصعاب التي قد تواجهها بل مد يد العون لها ومساعدتها . ما كنت ألاحظه في مخيمات الأمل التي شاركت فيها هي روح التلاحم بين كافة أفراد المجموعات وفيه بذل وعطاء وإخلاص في العمل بل والأكثر إشراقا فيه هو الجانب التطوعي فالكل يسعد بوجوده بين هذه الفئة ويسعد بخدمتها وكانت هذه واحدة من أهم عوامل النجاح الذي حققه المخيم وكان يسند هذا النجاح الجانب الإعلامي في وسائله المختلفة ومجلة المنال واحدة من تلك الوسائل المهمة التي استطاعت أن تصل رسالتها بنجاح وتعتبر تلك المجلة رائدة العمل الإعلامي التخصصي في الوطن العربي بل اجزم أنها الأولى عربيا كمجلة متخصصة في التربية الخاصة وهذا يمثل بُعداً إعلاميا ومهنياً وتثقيفياً يعود بالفائدة على من يقدم المعلومة ومستقبلها أيضا تكامل جهود الأجهزة الحكومية وتذليل كل الصعوبات وهي جانب مهم في النجاح .
وبهذا النشاط نكون قد وصلنا لإستراتجيتنا المهنية التي قد أولينا إياها في خدمة هذه الفئة فليس تقديم الخدمة في مراكزها المختلفة هو عملنا فقط بل تعتبر التوعية بالمعاق والإعاقة واحدة من أهم الركائز الأساسية في التربية الخاصة حتى يتم تغيير الاتجاهات الاجتماعية نحو هذه الفئة التي ظلت لعقود ماضية تمتاز بالسلبية وهي نقطة جوهرية و مهمة في العلاج والتدريب والتأهيل فالقبول الاجتماعي هو جانب مهم وحيوي في تطوير الخدمات المقدمة لهذه الفئة بل هي عنصر أساسي في النجاح .. وإذا ما أردنا لذلك أن يتحقق فيجب أن تستمر مثل هذه المناشط وتنوعها وتكثيفها وذلك بتنظيم المؤتمرات واللقاءات العلمية والمحاضرات التوعوية والتثقيفية حتى نصل لبلوغ هدفنا. وهنا يقع على حكومات الدول مسؤولية الإسراع في المزيد من التشريعات والنظم التي تخدم هذه الفئة حتى نرتقي بالمواطن والمعاق هو واحد ممن هم بحاجة للرقي به والرفع من شأنه .. فمتى أردنا رؤية حضارة بلد ما فلننظر إلى ما يقدمه لمعاقيه من خدمات، وذلك من أجل احتوائهم.
وقد لاحظت في الأعوام التي شاركت بها منذ سنة 2000م أن هناك نقلات نوعية في الخدمات والبرامج التي تقدم لهذه الفئة وكذلك تغير نحو الأفضل ومعالجة لبعض السلبيات التي كان يتم تلاشيها سنة عن أخرى كذلك التنوع في البرامج والمناشط وكثافتها ونوعيتها وكذلك المخيم له جانب مضيء بأن غرس مفهوم "التطوع" لدى كل من يشارك في المخيم فتجد المتطوع في المرات القادمة أشد حرصا على التواجد في المخيم بصورة أكبر من المناشط الاجتماعية الأخرى.
وهناك كثير من المواقف المؤنسة والمفرحة ولكن كان آخر يوم في المخيم هو المؤلم فتجد كثير من الوجوه وقد غطتها علامات الحزن على فراق المدينة والمخيم من الكبار قبل الصغار، كما أنني أذكر ذلك الطفل السعودي المعاق اليتيم مجهول الأبوين في مركز الرعاية الاجتماعية كان يعانقني وهو يبكي في آخر أيام المخيم قال لي : لا أريد مغادرة هذا المكان وأريد أن أسكن هنا وأبقى فيه ..
ذاك أبي ويؤشر على المكان هذا بيتي ،وكان يحدثني الأخصائي الاجتماعي عنه فيقول أتدري أن هذا الطفل معزول عن الحياة الاجتماعية ولم يعرف ولم يختلط في المجتمع .. تخيلوا مقدار الألم الذي يعيشه . وماذا قدم له هذا المخيم ؟
ولا أنسى أيضا الطالبتين من دولة البحرين من ذوي الإعاقة الذهنية واللتين كانتا تعانيان من خجل شديد فحين كنا نسلم عليهما في بدء المخيم لا يبادرا في رد التحية وقال مرافقهن إن هذا هو سلوكهما .. المفاجأة أنه في آخر أيام المخيم بدأتا تضحكان وتستجيبان للمحادثة وهنا كان الدور الأكبر للمخيم في تعديل هذا السلوك .
إن لم يحقق المخيم غايته المنشودة والتي نظم من أجلها فهو إذا عمل محدد، ولكن المخيم كان له بالغ الأثر لدى المتلقي وذلك يرجع إلى الجانب الإعلامي ومدى قوته، ونذكر مثالاً لذلك وهو مخيم الأمل الخامس عشر سنة 2004 م الذي كان تحت شعار (نحو بيئة خالية من العوائق) فكان له بالغ الأثر لدى المتلقي. فأنا أعتقد أن الإعلام واستخدام وسائله المختلفة هو العنصر الأساسي في نشر التوعية بهذه الفئة وبالإعاقة من خلال هذا لنشاط السنوي المتمثل بمخيم الأمل كذلك النشاطات الأخرى خلال العام الدراسي
محمد هديان الحارثي
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى