القصة تعالج قضية هامة وهي (الغربة ) وما لها من أثر على المجتمعات عامة ،والأسرة خاصة ، وقد حاول الكاتب أن يوضح أثر الغربة من خلال هذه القصة ، قصة "حوالة" والتي اختار شخصياتها من الطبقة الوسطى محدودة الدخل ،ليعمق لنا أثر هذه القضية ، كما إننا نلاحظ في هذه القصة غلبت السرد على باقي العناصر الفنية والذي اسهم في التعرف على الشخصيات والغور في بواطنها ، فنجد الكاتب يكشف لنا من خلال السرد عن المستوى المعيشي لهذه الأسرة فهما" لا يخرجان إلا مرة في كل شهر ، واستخدامهما القطار كوسيلة للنقل ، خوفهما من انقطاع الحوالة ، شرائهما حلوى رخيصة" .
ونلاحظ براعة الكاتب في رسم الشخصيات باستخدامه تقنيات فنية متقنة "كالوصف ، والحوار " بالإضافة أفعال الشخصيات التي أوضحها المؤلف من خلال السرد ؛ حيث إننا نجد أن شخصية الرجل العجوز تتصف بأنها شخصية "ضعيفة وهزيلة بالرغم من أنه ممتلئ الجسم ، نافذ الصبر ،فهو يقف متملل ينتظر زوجته بجوار باب الشقة حتى تنتهي من زينتها، قلق ونجد ذلك من خوفه من انقطاع الحوالة ، ضعيف البصر فزوجته تنظر إلى الورقة عند ساعي البريد خوفا من أن يخطئ الزوج مكان التوقيع" هذه صفات الزوج النفسية والجسمية التي صورها المؤلف ،أما الزوجة فإننا نجدها" ضئيلة الجسد، زوجة صالحة تقوم على شؤون زوجها ونجد ذلك من خلال السرد " نظفت حذائه ، وكورت بداخله الشراب ،..كنت تشتري له السجائر ،..فتجلسه على مقعد بعيدا عن الزحام "" ، وهي أم حنونة متعاطفة مع ابنها تتلتمس له الأعذار لتبرر غيابه وعدم السؤال عنهما ، وهي أيضا سيدة تهتم كثيرا بمظهرها " تلف جسدها الضئيل بروب من الستان أزرق أو احمر بورود كبيرة ، كانت تكثر من الكحل بعينيها ، وتلون شفتيها بالأحمر الداكن "، وعندا نأتي لشخصية الابن نجدها شخصية تكاد لا يكون لها وجود إلا من خلال السرد ن والحوار الذي يكشف عنها ، فهي شخصية أغرتها الحياة وأبعدتها الغربة وجذبتها بمغرياتها لدرجة أنه قطع الاتصال بوالديه ، وكانت الحوالة التي يرسلها تكفيرا عن شعوره بالذنب اتجاههما .