(البنت/ الصرخة)، حيث تتكرر الجملة (للبيت نافذتان وباب/ بيت بنافذتين وباب). أمّا المعنى شعرياً أو ما يجعل اللغة هنا شعرية لا نثرية فنجده يتفتح رويداً رويداً عند وسط القصيدة: "فنادت: أبي يا أبي! قم لنرجع، فالبحر ليس لأمثالنا!/ لم يجبها أبوها المسجّى على ظلّه في مهب الغياب/ دم في النخيل دم في السحاب".
ينكشف المشهد إذاً عن مقتل الوالد وبكاء ابنته عليه من خلال لغة شعرية قوامها تدفق المعنى من خلال جمل قصيرة بالضرورة إذ هي ترتكز على المجاز والاستعارة والكناية لئلا يكون المعنى قريب المرمى بل ليكون بالضبط بعيده.
وهو ما يتمّ من خلال الانزياح والإيحاء اللذين يرتبطان بالجمل الواردة قبل وسط القصيدة (في البحر بارجة تتسلى بصيد المشاة على شاطئ البحر) وبالجمل الواردة بعد وسطها (فتصير هي الصرخة الأبدية في خبر عاجل لم يعد خبراً عاجلاً). فلهذا البناء علاوةً على صفته الجمالية، وظيفة الكشف عن دلالية معينة، عبر تنظيم كلية النص من الناحية الجمالية أو بكلام أوضح عبر تحويل اللغة من لغة لا على التعيين إلى لغة شعرية بالضرورة