لم تعد شنطة المدرسة مجرد حقيبة لحمل الكتب، ولذلك استغل التجار تلك الرغبة في التنافس بين الطلاب والطالبات كل على حده، فارتفع ثمنها حتى بلغ ما بين 100 و200 درهم في بعض المراكز ومحال القرطاسية، وفي أسواق أخرى ما بين 60 و 70 درهماً، وفي كل عام دراسي منذ ما يزيد على خمسة عشر عاما والأسعار في ازدياد، خاصة لتلك الحقائب التي يقال إنها ماركات وهي مقلدة طبق الأصل، حتى بلغت الأسعار في بعض الأماكن مائتي درهم.
المنافسة حامية بين محال بيع القرطاسية وحتى بين المحلات التي تبيعها والتي توجد في الأسواق والمراكز التجارية والسبب إما رغبة الصغار أو لامبالاة بعض أولياء الأمور إلا بتلبية رغبة الأطفال، حتى أصبح جشع التجار ليس له حد، والنتيجة أن هناك فئات كثيرة في مجتمعنا لم تعد قادرة على شراء حقيبة لطفل واحد، لقلة الراتب في مواجهة الغلاء، وكأن الحكومة تزيد الرواتب من أجل التجار وليس من أجل خيارات أخرى كالتوفير داخل الأسرة.
الحل في تايلند
اليوم ومع بدء العام الدراسي 2010-2011 أصبحت كل أسرة لديها أبناء في المدارس جاهزة لإرسال الأبناء إلى المدارس مع الحقائب الحديثة والمودرن وبالأسعار المختلفة، وقد التقينا مع بعض أولياء الأمور للتعرف على الجديد في مايخص حقيبة المدرسة، فقال محمد الحمادي أنه بسبب حب بناته للحقائب التي تحمل صورا للشخصيات الكرتونية، خاصة تلك الشهيرة باربي وسبونج بوب والسندريلا وغيرها، كان يدفع ما بين مائة وثلاثين إلى مائة وخمسين درهماً في العام الماضي، وكان يعلم أن الأسعار تزداد كل عام، وكأن لا أحد يراقب السوق ولا أحد يتحكم في الأسعار، ولذلك استغل فترة سفره هذا الصيف إلى تايلند، فقام بشراء حقيبتين بسعر أقل من حقيبة واحدة وهي طبق الأصل على ما يقال أنه أصلي في الإمارات.أضاف الحمادي معلقا أن هذه الأسعار الجنونية في ارتفاع هنا فقط في الإمارات دون كل دول مجلس التعاون، بل إنهم كأولياء أمور يواجهون مشكلة كل عام وهي زيادة في أسعار كل متطلبات المدرسة خاصة من لديهم أبناء في المدارس الخاصة، وعقب أنه مثل أي ولي أمر لا يحب أن يرى نظرة الحرمان في عيون أطفاله عندما يرون ما لدى أقرانهم.
إن مشاهدة الفرحة على وجه الطفل هي أكثر ما يتمنى كل والد أو أم، وسوق الحقيبة المدرسية مليء بالكثير من المغريات التي تلفت نظر أولياء الأمور، والأطفال قبل الأمهات والآباء، ويخبرنا محمد أنه شعر بتلك المشاعر تجاه الحقيبة المدرسية عندما كان طفلا، والفرق هو في الأسعار والموديلات، ولكن العامل المشترك هو تلك الفرحة التي يشعر بها الطفل حين يملك تلك الحقيبة، ولذلك لا يمكن أن يحرم أطفاله تلك الفرحة، ولكن بالأسعار المناسبة، وعلى أن لا يتيح لجشع التجار استغلال تلك الفرحة.
أسعار متفاوتة
أم حسن محمد قالت إنها كأم لا تزال إلى اليوم تشعر بفرحة عارمة عند مشاهدة مستلزمات المدرسة من قرطاسية وأقلام وحقائب، ولذلك لا يمكن إلا أن تفتش لأطفالها عن الموديلات المريحة، وفي ذات الوقت تحمل صور الشخصيات الكرتونية التي يحبها صغارها، وهي تشعر بالضغوط الناجمة عن موجة الغلاء التي تكتسح كل بيت سواء إماراتي أو المقيم من ذوي الدخل المحدود، وكل ذلك لأن التجار لاحد لجشعهم، ويمكن للأسرة أن تستغني اليوم عن كل ما كانت تقتنيه بسهولة قبل خمسة عشر عاماً أو عشرة أعوام، ولكن لا تستطيع أن تستغني عن حقيبة مدرسية جيدة، خاصة أن الرخيص الذي يباع بأسعار ما بين 60 و 70 درهماً يتلف أحيانا قبل منتصف العام الدراسي، ولكن كان يمكن للجيد من الحقائب أن لا يتجاوز السعر المذكور، وليس مائة وخمسين درهما وتزيد في بعض المراكز التجارية.
مقتضيات الجديد
أم عبيد سالم بطي قالت إن أطفالها من النوع الذي يتلف الحقائب أكثر من مرة واحدة في العام، حيث ربما طفل واحد تشتري له ثلاث حقائب في العام الواحد بسبب أن الحقيبة إما تنكسر عجلاتها، أو ينقطع حزام حمل الحقيبة، أو يتلف الجيب الخارجي، وهي كأم محبة لأطفالها تحب أن تحقق لهم رغباتهم.
لكن لأن سوق الحقائب المدرسية دائما مايطرح الجديد، فإنها تواجه مشكلة في الأسعار التي كانت تزاد عاما بعد عام، وقد كان لديها في مرحلة ما خمسة أبناء في المدارس، ولذلك كان وضع ميزانية خاصة بمستلزمات المدرسة ومن بينها الحقائب أمر صعبا، ولذلك فهي تضطر إلى شراء حقائب من الأسواق التي تبيع بأسعار رخيصة مثل الهايبر ماركت وبعض الأحيان من الجمعيات التعاونية، ولكن عندما كبير الأبناء قليلا أصبحوا يقومون بعملية اختيار المكان الذين يرغبون في شراء حقائبهم منه.
أم محمد خميس قالت إن حقيبة المدرسة مثلما هي هم على كتف الطفل من ثقل ما بها من كتب، فهي هم أيضا على قلب الأم والأب بسبب أن تعدد الخيارات المتعلقة بالموديل، خاصة أن الطفل يكبر وإن كان في السنوات الأولى يصمت بفرح وهو يمسك لأول مرة بحقيبة المدرسة، فإنه بعد عدة أعوام يجادل وينتقي، وربما يتعارك ليحصل على ما يرغب، خاصة الفتيات اللاتي ترغب كل واحدة منهن أن تحصل على حقيبة أخبرتها عنها صديقة، ولذلك في أول يوم دراسي نجد الغالبية متشابهات في موديل الحقيبة، إلا من بعض الفروق في اللون مثلا.
تكمل أم محمد خميس أنها رغم الحالة المادية الجيدة لزوجها، إلا أنها لا تشتري الحقائب الباهظة الثمن، لأنها تعلمت أن الأبناء بعد فترة قصيرة يشعرون بالملل من الحقيبة ويطلبون موديل آخر، ولذلك فإنها تشتري لهم ما يرغبون فيه، بشرط أن تختار هي المكان، ولذلك تختار المحلات التي تبيع بضائع بثمن مناسب، خاصة أنها تجد في نهاية العام مجموعة من الحقائب لن تستخدم العام المقبل، ولذلك تتبرع بها للأسر التي لا تتحمل شراء حقائب جديدة.
البحث عن الأصلي
مايد حسن إبراهيم رجل مقتدر ولديه أبناء وبنات في مدرسة خاصة بالشارقة، ولكنه يشعر بظلال الغلاء تخيم على كل مكان، ولذلك لايستغرب ارتفاع ثمن الحقائب التي تحمل صور الشخصيات الكرتونية الشهيرة أو تكون الحقيبة ماركة عالمية للفتيات في عمر المرحلة الثانوية، وهو يتساءل مستغربا إن كل شيء حول الناس غالي الثمن، فهل الحقائب المدرسية شيء شاذ أومختلف كي لا يرتفع ثمن الحقيبة المدرسية؟
يكمل أن سعر الحقائب من الماركات قد أصبح ما بين مائة وثمانين درهما و مائتي درهم في بعض الأماكن، حتى حقيبة الحاسوب المحمول «اللاب توب» المقلدة وصل سعرها إلى 700 درهم في أحد الأسواق التجارية المعروفة أنها تبيع بسعر مناسب، ورغم ذلك على المشتري أن لا يستغرب لأن كل شيء غالي ولاأحد يفعل شيء مقابل ذلك، وفي المقابل أيضا تكون المنتجات المقلدة رديئة وتتلف بعد فترة قصيرة، ولذلك فإن الكثيرين يقنعون أنفسهم بشراء حقيبة مرتفعة الثمن على أن تكون أصلية، بدل المقلد الرخيص.
يكمل مايد قائلا إن الحقيبة كانت للضرورة قديما ولم يكن أحد يهتم كيف يكون لونها أو شكلها ففي الغالب كانت سوداء أو بنية اللون، ولكن بمرور الوقت، تغير كل شيء وليس ذلك منكرا، ولكن أن تصبح مظهرا بدل أن يتم الاهتمام بكونها صحية أو غير مناسبة للأطفال، فهو الأمر المستغرب.
أعباء ثقيلة
من جانبه، يقول غانم عبيد ربما يكون سعر الحقيبة مرتفعاً وسيرتفع في كل عام، لأن التجار لا يأبهون بالتحذيرات، وهم يقولون شيئا ويفعلون شيئا مخالفا لما قالوا، وأيضا نجد أن الغلاء فقط في إمارات معينة، وربما يكون السعر مرتفعاً بعض الشيء في الفجيرة ورأس الخيمة وعجمان، ولكن في باقي الإمارات الأسعار مرتفعة أكثر. يكمل غانم أن الأهم بالنسبة للحقيبة أن تكون مناسبة للحمل وخاصة أن المناهج الدراسية في الإمارات غريبة، حيث نجد أن الطفل في الروضة يحمل كما من الكتب وزنها مثل وزن الكتب التي يحملها طفل في الثالثة والرابع الابتدائي، والأخيران يحملان كتبا وزنها يعادل وزن وعدد الطلاب في السادس والثامن.
لذلك يحتاج كل طفل إلى حقيبة عملاقة تغطي الكتف وحتى ما تحت خصر الطفل، وإن لم يستطع حملها، قام بجر الحقيبة، وهو أمر أيضا ليس هيناً أيضا على أطفال صغار، ولكن في النهاية الكل بحاجة إلى حقيبة وكل طفل يحلم بحقيبة حسب ذوقه وأحلامه الطفولية، ولكن تم استغلال هذه الحاجة، ولذلك أصبح لها أشكال وألوان مختلفة وجذابة كي تجذب الطفل والأهل مهما كان الثمن.
إحدى الأمهات تسكن في إمارة أبوظبي، ولكنها تأتي إلى الأسواق في إمارتي دبي والشارقة لشراء مستلزمات المدرسة لطفلها، وهي تقول إنها تجد الأسعار مناسبة لها من حيث مقارنتها بأسعار الحقائب في المراكز التجارية هناك، وتضيف أن ما تقوم بشرائه ليس رخيصا، ولكن في حال وفرت من كل شيء بضع دراهم، فإنها تستطيع بها شراء قطعة مثل صندوق الوجبات «لنش بوكس» أو العبوة الخاصة بحفظ الماء.
تكمل أنها من أصحاب الدخل المحدود ويقضي غلاء الأسعار في كل شيء على الراتب تماما، بحيث لم تعد توفر شيئا للزمن، ولذلك إن أرادت أن توفر متطلبات طفلها للمدرسة، إلى جانب المتطلبات الأخرى فإنها تبحث عن أماكن تبيع بأسعار رخيصة، ولكنها للأسف ليست بمنتجات ممتازة في الجودة، وحتى اللون الخارجي يبهت بعد فترة قصيرة، والذي كان يبدو جلدا طبيعيا، يظهر أنه نسيج تم طلاؤه على هيئة جلد.