رسالة دكتوراه





" استخدام المدخل الإسكندنافي في تنمية التواصل لدى الأشخاص الصم المكفوفين وعلاقته بجودة الحياة كما تدركها أمهاتهم "

د. سهير عبدالحفيظ عبدالجواد عمر



نوقشت بتربية الزقازيق يوم الخمبس الموافق 3-6-2010 رسالة الدكتوراه المقدمة من الباحثة سهير عبد الحفيظ عبد الجواد عمر تحت عنوان " استخدام المدخل الإسكندنافي في تنمية التواصل لدى الأشخاص الصم المكفوفين وعلاقته بجودة الحياة كما تدركها أمهاتهم " ، وتكونت لجنة الحكم والمناقشة من الأستاذ الدكتور عادل عبد الله محمد أستاذ ورئيس قسم الصحة النفسية بالكلية (مشرفا ورئيسا) ، والأستاذ الدكتور أشرف أحمد عبد القادر أستاذ الصحة النفسية ووكيل كلية التربية بجامعة بنها للدراسات العليا والبحوث ( مناقشا ) ، والأستاذة الدكتورة إيمان فؤاد كاشف أستاذ الصحة النفسية بالكلية مشرفا والأستاذ الدكتور محمد أحمد ابراهيم سعفان أستاذ الصحة النفسية بالكلية مناقشا .



وبعد المناقشة قررت اللجنة منح الباحثة درجة دكتوراه الفلسفة في التربية قسم الصحة النفسية مع التوصية بتبادل الرسالة بين الجامعات ومراكز البحوث .



ملخص الدراسة الذي تم عرضه :




يؤدي الفقد الجزئي أو الكلي في حاستي السمع والبصر إلى كثير من الصعوبات المتعلقة بالتواصل بين الشخص الأصم الكفيف وبين بيئته وكذلك إلى صعوبات بالغة في الوصول إلى المعلومات والتوجه والحركة ، ونتيجة لذلك تواجه أسر الأشخاص الصم المكفوفين بأعباء ومشكلات قد تؤثر على نوعية وجودة حياتهم ، و يمثل استخدام المداخل التفاعلية اعتمادا على بناء العلاقات ـ ومنها ما يعرف بالمدخل الإسكندنافي ـ أساسا هاما في تعليم وتأهيل الأشخاص الصم المكفوفين والذي تطور خلال العشرين عاما الماضية . واستهدفت الدراسة التعرف على فعالية استخدام مبادئ المدخل الإسكندنافي في تنمية التواصل لدى عينة من الأشخاص الصم المكفوفين ، والكشف عن أثر استخدام مبادئ المدخل الإسكندنافي في تنمية التواصل لدى هؤلاء الأشخاص على جودة الحياة كما تدركها أمهاتهم . وتكونت عينة الدراسة من ثلاثة أطفال ( عبد الرحمن ، ومروة ، ومحمد ) تم تشخيصهم كأطفال صم مكفوفين بعد عدد من التقييمات الطبية والوظيفية ، ويتلقون خدمات تدخل وتأهيل بجمعية نداء لمساعدة الأطفال على التواصل خلال عامي 2008 ، 2009 بالإضافة إلى أمهاتهم ، وبتطبيق أدوات الدراسة (أداة تقييم مهارات ووصف سلوكيات التواصل للأشخاص الصم المكفوفين من وضع مار وسول Mar & Sall ( 1999 ) " ترجمة وتعريب الباحثة " ، وقائمة تقييم جودة الحياة لدى أمهات الأشخاص ذي الإعاقة ، وتنفيذ الخطة الفردية للتدخل مع كل حالة ) وبعد جمع البيانات من الأمهات من خلال أسلوب " المقابلة الشخصية المقننة " . تم تحليل البيانات من خلال منهج دراسة الحالة ، و المنهج الوصفي التحليلي مع استخدام الملاحظة وتقارير الجلسات المكتوبة و استخدام تحليل التصوير المرئي كأساليب للوصف والتفسير . وأشارت نتائج الدراسة إلى ارتقاء سلوكيات ومهارات التواصل ـ كما تقيسه أداة تقييم مهارات ووصف سلوكيات التواصل ـ لدى عينة الدراسة بعد عدد من جلسات التفاعل الفردية بين أفراد العينة من الأشخاص الصم المكفوفين والباحثة ، كما أظهرت دراسة الحالة تحقيق أهداف الخطة الفردية لارتقاء التواصل لدى الحالات الثلاث . كما كشفت النتائج عن تأثير ارتقاء سلوكيات التواصل لدى الأشخاص الصم المكفوفين ـ بفعل برنامج التدخل الفردي ـ على مستوى جودة الحياة كما تدركها أمهات هؤلاء الأشخاص ، حيث ارتفع مستوى إدراك الأمهات لجودة الحياة لدى اثنتين من الحالات ، بينما انخفض مستوى هذا الإدراك لدى الحالة الثالثة وهو ما تمت مناقشته خلال تفسير ومناقشة النتائج .



خاتمة و توصيات الدراسة :



من خلال ما سبق عرضه ومناقشته يمكن استنتاج ما يلي :



* يترك الفقد السمعبصري آثارا سلبية على تواصل الطفل الأصم الكفيف على الرغم من وجود بقايا بصرية وسمعية وإن تفاوتت درجتها ووظيفتها بالنسبة للحالات الثلاث ، وتستلزم حالات الصمم وكف البصر التأهيل والتعليم في جلسات فردية ليظل شريك التفاعل متاحا للطفل ، حيث يعتمد التفاعل على الحواس القريبة بالدرجة الأولى ، ويتفق ذلك مع ما أشارت إليه Miles and Riggio (1999 ) من أن الأشخاص الصم المكفوفين بحاجة إلى التعليم الفرديindividual حيث يتطلب تأسيس المعنى الاتصالي من خلال اللمس أن يكون الشخص الأصم الكفيف في وضع قريب جدا .



* اختلاف درجة ووظيفة القدرات البصرية والسمعية والمعرفية والحركية ـ بناء على مختلف التقييمات ـ لدى كل حالة مما يستلزم وجود خطة فردية لكل شخص أصم كفيف تتناسب مع ما لديه من حواس يمكن توظيفها وما يملك من قدرات يمكن استغلالها وتنميتها ، وهذه الخطة يجب أن تتسم بالمرونة فيما يتعلق بالزمان والمكان والأنشطة المقترحة ويمكن تقييمها وتعديلها بناء على خبرات العمل اليومي مع الطفل ، وهذا يتفق مع ما ذكرته Andreassen and Rodbroe (2007 ) من أن الخطة الفردية أداة tool مساعدة في دعم وتنمية تواصل المتعلم وهو أيضا وثيقة مرنة قابلة للتنفيذ كما أنها ليس صلبة rigid وليست خطة يومية أو وصف لكل شيء يتم تعليمه للطفل وليست وسيلة means لمراقبة فعالية المعلمين كما أنها ليست تقريرا تقديرياreport cord ، وفي هذا السياق يجب التأكيد على المشاركة الكاملة والتعاون التام بين الأسرة وفريق التأهيل في وضع وتنفيذ وتقييم الخطة الفردية للطفل ، وهذه المشاركة تتضمن كما أوضحت Miles and Riggio (1999 ) مشاركة المعلومات ووضع أهداف مناسبة مبنية على اهتمامات الأسرة والطفل واحتياجاتهم ورغباتهم ومشاركة تقدم الطفل ، وترى الباحثة ـ من خلال ملحوظاتها عند إجراء التدخل ـ أن وعي الأسرة بما تتضمنه الخطة المبنية على احتياجات الطفل ومشاركتهم في تحقيق إنجازته يدعم بناء وارتقاء مهارات وسلوكيات هذا الطفل .



* تطلب ارتقاء التواصل لدى عينة الدراسة من الأطفال الصم المكفوفين المشاركة الكاملة والإنهماك الجسدي والوجداني لشريك سامع مبصر مع هؤلاء الأطفال في ممارسات وخبرات وأنشطة تحمل الأمان والمتعة لهؤلاء الأطفال ، ويتفق ذلك مع ما أشارت إليه Rodbroe and Andressen (2007 ) من أنه لا يمكن التدريب على التواصل بل يمكن تنميته عندما يعايش الطفل خبرة حول شيء ما مع شخص آخر ، وعندما يشعر الطفل بالأمان secure والمتعة motivated ، مع تأكيد هاتان الباحثتان على أن المواقف التعليمية الجيدة لهذه الفئة من الأطفال تعني أن الطفل الأصم الكفيف وشريكه ينهمكان involved انفعاليا فيما يقومان به وكذلك ينهمك كل منهما في الآخر وهو ما يتفق مع نتائج الدراسة الحالية .



* إن تصميم السياقات وتنظيم البيئات وإتاحة الظروف لتعويض الآثار السلبية للفقد في حاستي السمع والبصر أسهم في ارتقاء التواصل لدى هؤلاء الأطفال ؛ ويتضمن تصميم السياقات أن تكون طبيعية ، وأن تنظم البيئة لتكون مريحة وممتعة وثرية ، وأن تتضمن تحسين الظروف السمعية والبصرية واستخدام المعينات السمعية والبصرية ـ وفق قدرات الطفل ـ بما يسمح بأقصى وصول للمعلومات ، ويتضمن هذا الوصول تيسير استكشاف الطفل الأصم الكفيف لما يتاح في بيئته من مثيرات .



* من الاستراتيجيات الفعالة لتحقيق ارتقاء التواصل استخدام التواصل الكلي الذي يتيح للشريك استخدام كل طرق التواصل المتاحة مثل اللمس والحركة زفير الهواء والذبذبات إضافة إلى الأصوات ويسمح للطفل الأصم الكفيف بتوظيف أكثر من حاسـة معا ، وأشارت ( Rodbroe and Andreassen (1998 إلى أهمية استخدام الحواس المتبقية لدى الطفل بطريقة وظيفية فعالة واستخدامها مع الحواس القوية كقنوات مساندة ؛ ولقد كان هذا واضحا خلال تحليل التصوير المرئي لجلسات الأطفال حيث أن اللعب واستخدام الإشارة مع ( عبد الرحمن مثلا ) كان يتم ـ في بداية الموقف ـ ملازما للصوت والحركة ، ولاحقا أمكن لهذا الطفل التفاعل مع الصوت ـ بعد عدة تكرارات لممارسة الموقف مع بعض التنويع ـ بدون مساندة من اللمس أو الحركة .



* أظهرت دراسة الحالات احتياج الأطفال الصم المكفوفين لكثير من التكرار للمعلومة الواحدة في سياقات مختلفة ، وبطرق متنوعة ، وقد أكدت Rodbroe and Andreassen (2007) على أن التعلم من خلال الحواس الجسدية يتطلب الكثير من الوقت والطاقة مما يعني أن التكرارات repetitions جوهرية في تعليم الصم المكفوفين .



* يمكن للباحثة وصف سياقات التدخل بأنها استكشافية فالشريك السامع المبصر في حالة ملاحظة واستكشاف وتقييم مستمر لتعبيرات واهتمامات وسلوكيات الطفل في سياق الموقف التواصلي ، وقبوله لتعبيرات الطفل الطبيعية بالطريقة التي يعبر بها وإخلاصه وإنهماكه في محاولة تفسيرها يؤسس لبناء التواصل مع هؤلاء الأطفال .




* على الرغم من تأثر مستوى إدراك أمهات عينة الدراسة لجودة الحياة بالتحسن ـ في حالتين ـ بعد إجراء التدخل لدى أطفالهن ، إلا أنه يبدو أن ارتقاء التواصل ليس هو المتغير الوحيد الذي يؤثر في مستوى إدراك الأمهات لجودة الحياة ، حيث أظهر التحليل الإحصائي للفروق بين نتائج القياسين القبلي والبعدي عدم وجود فروق جوهرية للمجموعة ككل ، ولعل ذلك يعكس تعقد ظاهرة جودة الحياة وتعدد أبعادها والمتغيرات المرتبطة بها وفي ذلك مايتفق مع نتائج دراسات مثل ( Aznar & Castañón 2005 ، Poston & Turnbull ، 2004 ) ، وقد يكون لصغر حجم العينة دور في هذه النتيجة وتظل جودة الحياة داخل أسر الأشخاص ذوي الإعاقة بحاجة إلى المزيد من البحث والدراسة .