-
عضو جديد
في أحد ليالي المناوبات الشاقة تلقيت مخابرة تلفونية من طبيب الإسعاف قبل أذان الفجر يخبرني فيها عن حالة صحية حرجة لشاب في العشرين من عمره وأمرت بإدخاله للعناية المركزة فقد كانت حرارته مرتفعة وجسمه هزيل وعيناه غائرتان زائغتان وشكله العام يدل على أنه قد أتى من عالم آخر غير الذي نعرفه . نعم لقد أتى من عالم يرفضه كل العقلاء وكل الأصحاء وكل الأسوياء . لقد أتى من عالم المخدرات . أنه شاب قد أستدرج لهذا العالم السحيق الذي يأخذ المال والصحة ويعطي آفات قاتلة تهدي الموت .
لقد أحضر هذا الشاب بالقوة من قبل رفاقه الذين يشبهونه في الشكل والهيئة فقد كان يعاني من ارتفاع شديد في حرارة الجسم لمدة تزيد عن أسبوعين مع عدم رغبة في تناول الطعام وتدهور سريع في الصحة العامة رغم تناوله عديد من المضادات الحيوية . أحضرت له من قبل زملائه ، بعد وصوله العناية المركزة قمت بمعاينته أنا وطبيب العناية المركزة بكل دقة فقد شاهدنا اصفرار العينين وتضخم الكبد والطحال وتضخم الغدد الليمفاوية بالجسم مع وجود علامات وخز الإبر بالذراعين بالإضافة إلى إهمال المريض لنظافته ومظهره وملبسه وتدهور وضع الأسنان الصحي فكأنها لاتعنيه ناهيك عن وجود علامات صبغة النيكوتين الشديدة في الأصابع دلالة على شراهته للتدخين منذ زمن بعيد .
اتفقت الآراء على أن التشخيص المبدئ لحالته تندرج تحت إصابته بإلتهاب ميكروبي شديد بالدم وإصابة كثير من الأعضاء الحيوية نتيجة تعاطيه المخدرات بالإبر غير المعقمة والتي ساعدت على إدخال كافة أنواع الميكروبات للجسم . وفي تلك الأثناء تغير لون المريض وازرقت شفتاه وتسارع تنفسه فاضطررنا إلى تنويمه وتوصيله إلى جهاز التنفس الصناعي لمساعدته قدر المستطاع وأصبح المريض الذي يشبه الهيكل العظمي مثل الجثة الهامدة لاحراك له تحت رحمة الله . قمنا بوضع خطة لعلاج صارم عسانا نتمكن من علاجه في هذه المرحلة الحرجة مع عمل بعض الفحوصات التي ربما تساعد على كشف حقيقة المرض وتساعد في علاجه وفي الصباح قمت بعمل منظار للمرئ لفحص القلب بالموجات فوق الصوتية وقد صدق إحساسنا فوجدنا كتل ميكروبية ملتصقة بالصمام ثلاثي الشرف بالجزء الأيمن من القلب مع تدهور في وظيفة الصمام والقلب . قضى المريض اليوم الأول في العناية المركزة دون إظهار أي علامة تحسن وأثناء الزيارة تمكنا من مقابلة والده الذي لم تبدو عليه علامات التأثر فهو رجل أعمال كثير الأسفار ومتزوج من زوجة ثانية مقيمة خارج المملكة . أخبرنا الوالد أن ابنه لم يكمل دراسته الجامعية بسبب إهماله لدراسته وتعاطيه المخدرات وقد عولج أكثر من مرة في مستشفى الأمل وكل مرة يعود فيها للمجتمع تنجرف رجله لتلك الآفة القاتلة بسبب رفاق السوء والمهتمين برواج المخدرات وكانت بداياته مع مع المخدرات عندما سافر إلى دول شرق آسيا مع أصدقائه للنزهة وتغير الجو كما يقولون .
وفي صباح اليوم الثاني أتصل بي المختبر هاتفياً لأخباري أن المريض يحمل فيروس الإيدز وأنا لم أفاجأ بهذه النتيجة فشاب يدخن بشراهة لديه وازع ديني ضعيف ليس لديه رقابة عائلية يقضي إجازاته خارج المملكة برفقة قرناء سوء لديه الإستعداد للوقوع في المحظور . وما أن انتهيت من المكالمة التلفونية حتى تدهورت حالته بشكل أسرع وصار ينزف دماً من فمه وأنفه ومن كل مكان ورغم كل المحاولات الجادة لإنقاذه غادر هذه الحياة كضحية لإهمال الأسرة ووجود التفكك الأسري وانشغال الوالد عن ولده وبعده عن التعاليم الإسلامية الحنيفة مما جعله فريسة سهلة للآفات القاتلة والممارسات الخاطئة التي أودت بحياته . ولتكن هذه القصة عبرة للشباب والآباء .
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى