بسم الله الرحمن الرحيم
اسلآم عليكم ورحمة الله وبركآته
كيفية صلاة الاستخارة
من المعلوم أن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى ،
وأن العبد لا يدري على وجه اليقين عواقب الأمور ؛
فقد يظن العبد أن ما هو مقدم عليه فيه الخير
وتأتي النتائج على خلاف ما توقع كما قد يحدث العكس.
من أجل هذا كان حريا بالعبد عند إقدامه على أمر من الأمور المباحة
أن يتفكر وأن يستخير الله تعالى ويستشير من يثق برأيه وخبرته وأمانته؛
فما خاب من استخار الخالق واستشار المخلوق،
ماهي الاستخارة ؟
الاسْتِخَارَةُ لُغَةً : طَلَبُ الْخِيَرَةِ فِي الشَّيْءِ .
يُقَالُ : اسْتَخِرْ اللَّهَ يَخِرْ لَك .
حكمها :
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الاسْتِخَارَةَ سُنَّةٌ ,
وَدَلِيلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا
مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه
( اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ ) الحديث ..
متى يحتاج العبد إلى صلاة الاستخارة ؟
فإن العبد في هذه الدنيا تعرض له أمور يتحير منها وتتشكل عليه ، فيحتاج للجوء إلى خالق السموات والأرض وخالق الناس ، يسأله رافعاً يديه داعياً مستخيراً بالدعاء ، راجياً الصواب في الطلب ، فإنه أدعى للطمأنينة وراحة البال . فعندما يقدم على عمل ما كشراء سيارة ، أو يريد الزواج أو يعمل في وظيفة معينة أو يريد سفراً فإنه يستخير له .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
ما ندم من استخار الخالق ، وشارو المخلوقين ، وثبت في أمره .
وقد قال سبحانه وتعالى :
( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )
(سورة آل عمرا ن : 159) ،
وقال قتادة :
ما تشاور قوم يبتغون وجه الله إلا هدوا إلى أرشد أمرهم.
قال النووي رحمه الله تعالى
في باب الاستخارة والمشاورة :
والاستخارة مع الله ، والمشاورة مع أهل الرأي والصلاح ، وذلك أن الإنسان عنده قصور أو تقصير ، والإنسان خلق ضعيفاً ، فقد تشكل عليه الأمور ، وقد يتردد فيها فماذا يصنع ؟
دعاء صلاة الاستخارة
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ :إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ : ( اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ , وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ , وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ , وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ , اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك ) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ , اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (هنا تسمي حاجتك ) شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ . وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ )
وَفِي رواية ( ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (1166)
كيفية صلاة الاستخارة ؟
1- تتوضأ وضوءك للصلاة .
2- النية .. لابد من النية لصلاة الاستخارة قبل الشروع فيها .
3- تصلي ركعتين .. والسنة أن تقرأ بالركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) ، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة بسورة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) .
4- وفي آخر الصلاة تسلم .
5- بعد السلام من الصلاة ترفعين يديك متضرعة إلى الله ومستحضرة عظمته وقدرته ومتدبرة بالدعاء .
6- في أول الدعاء تحمدين الله وتثنين عليه عز وجل بالدعاء .. ثم تصلين على النبي صلى الله عليه وسلم ، والأفضل الصلاة الإبراهيمية التي تقال بالتشهد . « اللّهُمَّ صَلّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحمَّدٍ كمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبراهيم وَعَلَى آلِ إبْرَاهيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحمَّدٍ وعَلَى آلِ مُحمَّدٍ كمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهيمَ في العالمينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ » أو بأي صيغة تحفظ .
7- تم تقرأين دعاء الاستخارة : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ... إلى آخر الدعاء .
8- وإذا وصلتي عند قول : (اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ (( هنا تسمي الشيء المراد له ))
مثال : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ (( سفري إلى بلد كذا أو شراء سيارة كذا أو الزواج من فلان أو غيرها من الأمور )) ثم تكملين الدعاء وتقولين : خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ .
تقولينها مرتين .. مرة بالخير ومرة بالشر
كما بالشق الثاني من الدعاء :
وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي ... إلى آخر الدعاء .
9- ثم تصليين على النبي صلى الله عليه وسلم .. كما فعلت بالمرة الأولى الصلاة الإبراهيمية التي تقال بالتشهد .
10- والآن انتهت صلاة الاستخارة .. تاركة أمرك إلى الله متوكلة ً عليه .. واسعي في طلبك ودعيك من الأحلام أو الضيق الذي قد يصابك .. ولا تلتفتي إلى هذه الأمور بشيء .. واسعي في أمرك إلى آخر ماتصلين إليه .
طرق الاستخارة :
الطريق الأول : استخارة رب العالمين عز وجل الذي يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون .
الطريق الثاني :استشارة أهل الرأي والصلاح والأمانة ، قال سبحانه وتعالى :{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر}
وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ،
وقال سبحانه وتعالى :
{ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ
فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }
(سورة آل عمرا ن : 159) ،
وكان النبي صلى الله عليه وسلم
هو أسدُ الناس رأياً و أصوبهم صواباً ،
يستشير أصحابه في بعض الأمور التي تشكل عليه ،
وكذلك خلفاؤه من بعده كانوا يستشيرون أهل الرأي والصلاح .
ما هو المقدم المشورة أو الاستخارة ؟
أختلف العلماء هل المقدم المشورة أو الاستخارة ؟
والصحيح ما رجحه الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله –شرح رياض الصالحين –
أن الاستخارة تقدم أولاً ،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ …إلى أخره )
ثم إذا كررتها ثلاث مرات ولم يتبين لك الأمر ، فاستشر ،
ثم ما أشير عليك به فخذ به وإنما قلنا :
إنه يستخير ثلاث مرات ،
لأنه من عادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا دعا دعا ثلاثاً ،
وقال بعض أهل العلم أنه يكرر الصلاة
حتى يتبين له للإنسان خير الأمرين .
شروط الاستشارة (الشخص الذي تستشيره) :
1- أن يكون ذا رأي وخبرة في الأمور وتأن وتجربة وعدم تسرع .
2- أن يكون صالحاً في دينه ،
لأن من ليس صالحا ً في دينه ليس بأمين
وفي الحديث ،
عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(لا إِيمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ )
لأنه إذا كان غير صالح في دينه فإنه ربما يخون والعياذ بالله ،
ويشير بما فيه الضرر ، أو يشير بما لا خير فيه ،
فيحصل بذلك من الشر ما لله به عليم .
أمور يجب مراعاتها والانتباه لها :
1- عودي نفسك الاستخارة في أي أمر مهما كان صغيراً .
2- أيقني بأن الله تعالى سيوفقك لما هو خير ،
واجمعي قلبك أثناء الدعاء وتدبره وافهمي معانيه العظيمة .
3- لا يصح أن تستخيري بعد الفريضة ،
بل لابد من ركعتين خاصة بالاستخارة .
4- إن أردت أن تستخير بعد سنة راتبة أو صلاة ضحى أو غيرها من النوافل ، فيجوز
بشرط أن تنوي الاستخارة قبل الدخول في الصلاة ،
أما إذا أحرمت بالصلاة فيها ولم تنوِ الاستخارة فلا تجزئ .
5- إذا احتجت إلى الاستخارة في وقت نهي
(أي الأوقات المنهي الصلاة فيها)،
فاصبري حتى تحلَّ الصلاة ، فإن كان الأمر الذي تستخيرين له يفوت فصلِّ في وقت النهي واستخيري .
6- إذا منعك مانع من الصلاة - كالحيض -
فانتظري حتى يزول المانع ،
فإن كان الأمر الذي تستخير له يفوت وضروري ،
فاستخري بالدعاء دون الصلاة .
7- إذا كنتي لا تحفظين دعاء الاستخارة
فاقرأيه من ورقة أو كتاب ، والأولى أن تحفظيه .
8- يجوز أن تجعلي دعاء الاستخارة قبل السلام من الصلاة -
أي بعد التشهد - كما يجوز أن تجعليه بعد السلام من الصلاة .
9- إذا استخرتي فأقدمي على ما أردت فعله واستمري فيه ،
ولا تنتظر رؤيا في المنام أو شي من ذلك .
10- إذا لم يتبين لكي الأصلح فيجوز أن تكرري الاستخارة .
11- لا تزيدي على هذا الدعاء شيئاً ،
ولا تنقصي منه شيئاً ، وقفي عند حدود النص .
12- لا تجعلي هواك حاكماً عليك فيما تختارينه ،
فلعل الأصلح لك في مخالفة ما تهوى نفسك
(كالزواج أو شراء سيارة أو غير ذلك)
بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسا وإلا فلا يكون مستخيرا لله ، بل يكون غير صادق في طلب الخيرة
13- لا تنسي أن تستشيري أولي الحكمة والصلاح واجمعي بين الاستخارة والاستشارة .
14- لا يستخير أحد عن أحد . ولكن ممكن جدًا أن تدعو الأم لابنها أو ابنتها أن يختار الله لها الخير،في أي وقت وفي الصلاة .. في موضعين :
الأول: في السجود .
الثاني: بعد الفراغ من التشهد والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بالصيغة الإبراهيمية
15- إذا شك في أنه نوى للاستخارة وشرع في الصلاة ثم تيقن وهو في الصلاة فينويها نافلة مطلقة . ثم يأتي بصلاة جديدة للاستخارة
16- إذا تعددت الأشياء فهل تكفي فيها استخارة واحدة أو لكل واحدة استخارة ؟ ..
الجواب :
الأولى والأفضل لكل واحدة استخارة وإن جمعها فلا بأس .
17- لا استخارة في المكروهات من باب أولى المحرمات .
تكون الاستخارة بالطريقة المشروعة بالصلاة والدعاء .
فائدة :
قال عبد الله بن عمر :
( إن الرجل ليستخير الله فيختار له ، فيسخط على ربه ،
فلا يلبث أن ينظر في العاقبة فإذا هو قد خار له ).
وفي المسند من حديث سعد بن أبي وقاص
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
( من سعادة ابن آدم استخارته الله تعالى ،
ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله ،
ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله عز وجل ،
ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله )،
قال ابن القيم فالمقدور يكتنفه
أمران : الاستخارة قبله، والرضا بعده .
وقال عمر بن الخطاب :
لا أبالي أصبحت على ما أحب أو على ما أكره ،
لأني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره .
فيا أيتها الاخت المسلمة
لا تكرهي النقمات الواقعة والبلايا الحادثة ،
فلرُب أمر تكرهينه فيه نجاتك ، ولرب أمر تؤثره فيه عطبك ،
قال سبحانه وتعالى :
{ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ
وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }
(سورة البقرة : 216) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
ما ندم من استخار الخالق ، وشاور المخلوقين ، وثبت في أمره .
بعض المفاهيم الخاطئة
حول صلاة الإستخارة
إنّ من محاسن شريعتنا الغرّاء ( الشريعة الإسلامية ):
صلاة الاستخارة،
التي جعلها الله لعباده المؤمنين بديلاً عمّا كان يفعله أهل الجاهليّة
من الاستقسام بالأزلام والحجارة الصمّاء، التي لا تنفع ولا تضرّ،
وعلى الرغم من أهميّة هذه الصلاة، وعِظَم أثرها في حياة المؤمن، إلا أنّ كثيراً من الناس قد زهد فيها، إمّا جهلاً بفضلها
وأهميتها، وإمّا نتيجة لبعض المفاهيم الخاطئة التي شاعت بين
الناس ممّا لا دليل عليه من كتاب ولا سنّة،
وهذا ما أردت التنبيه إليه في هذه العجالة،
فمن هذه المفاهيم:
1 - اعتقاد بعض الناس أنّ صلاة الاستخارة إنّما تُشرع عند التردد بين أمرين،
وهذا غير صحيح،
لقوله في الحديث:
(( إذا همّ أحدكم بالأمر..)).
ولم يقل ( إذا تردد )،
والهمّ مرتبة تسبق العزم،
كما قال الناظم مبيّناً مراتب القصد:
مراتب القصد خمس:
(هاجس) ذكروا فـ (خاطر)، فـ (حديث النفس) فاستمعا
يليه ( همّ ) فـ ( عزم ) كلها،
رُفعتْ سوى الأخير ففيه الأخذ قــد وقعا
فإذا أراد المسلم أن يقوم بعمل، وليس أمامه سوى خيار واحد فقط
قد همّ بفعله، فليستخر الله على الفعل ثم ليقدم عليه، فإن كان قد همّ
بتركه فليستخر على الترك، أمّا إن كان أمامه عدّة خيارات، فعليه
أوّلاً ـ بعد أن يستشير من يثق به من أهل العلم والاختصاص ـ
أن يحدّد خياراً واحداً فقط من هذه الخيارات،
فإذا همّ بفعله، قدّم بين يدي ذلك الاستخارة.
2- اعتقاد بعض الناس أنّ الاستخارة لا تشرع إلا في أمور معيّنة، كالزواج والسفر ونحو ذلك، أو في الأمور الكبيرة ذات الشأن العظيم، وهذا اعتقاد غير صحيح، لقول الراوي في الحديث: (( كان يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلّها.. )).
ولم يقل: في بعض الأمور أو في الأمور الكبيرة،
وهذا الاعتقاد جعل كثيراً من الناس يزهدون في صلاة الاستخارة
في أمور قد يرونها صغيرة أو حقيرة أو ليست ذات بال؛
ويكون لها أثر كبير في حياتهم.
3- اعتقاد بعض الناس أنّ صلاة الاستخارة لا بدّ لها من ركعتين خاصّتين،
وهذا غير صحيح،
لقوله في الحديث: (( فليركع ركعتين من غير الفريضة.. )).
فقوله: ‘من غير الفريضة’ عامّ فيشمل تحيّة المسجد والسنن الرواتب وصلاة الضحى وسنّة الوضوء وغير ذلك من النوافل، فبالإمكان جعل إحدى هذه النوافل ـ مع بقاء نيتها ـ للاستخارة، وهذه إحدى صور تداخل العبادات، وذلك حين تكون إحدى العبادتين غير مقصودة لذاتها كصلاة الاستخارة، فتجزيء عنها غيرها من النوافل المقصودة.
4- اعتقاد بعض الناس أنّه لا بد من انشراح الصدر للفعل بعد الاستخارة،
وهذا لا دليل عليه، لأنّ حقيقة الاستخارة تفويض الأمر لله،
حتّى وإن كان العبد كارهاً لهذا الأمر،
والله عز وجل يقول:
(( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ
وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ))
(البقرة:216) ..
وهذا الاعتقاد
جعل كثيراً من الناس في حيرة وتردد حتى بعد الاستخارة،
وربّما كرّر الاستخارة مرّات فلا يزداد إلا حيرة وتردّداً،
لا سيما إذا لم يكن منشرح الصدر للفعل الذي استخار له،
والاستخارة إنّما شرعت لإزالة مثل هذا التردد والاضطراب والحيرة.
5- اعتقاد بعض
الناس أنّه لا بدّ أن يرى رؤيا بعد الاستخارة تدله على الصواب،
وربّما توقّف عن الإقدام على العمل بعد الاستخارة انتظاراً للرؤيا،
وهذا الاعتقاد لا دليل عليه،
بل الواجب على العبد بعد الاستخارة أن يبادر إلى العمل مفوّضاً الأمر إلى الله كما سبق، فإن رأى رؤيا صالحة تبيّن له الصواب، فذلك نور على نور، وإلا فلا ينبغي له انتظار ذلك.
هذه بعض المفاهيم الخاطئة حول صلاة الاستخارة،
هذا ومن أراد الاستزادة في هذا الموضوع فليراجع كتابي:
( سرّ النجاح ومفتاح الخير والبركة والفلاح )،
وهو كتيّب صغير الحجم، ففيه المزيد من المسائل المهمة،
والشواهد الواقعية الدالة على أهمية هذه الصلاة،
وفهم أسرارها ومراميها،
والله تعالى أعلم.
وفقنا الله واياكم لما فيه الخير والصلاح
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
منقووووووول....